رواية كارمن الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ملك ابراهيم
رواية كارمن الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم ملك ابراهيم
رواية كارمن البارت الثامن والعشرون
رواية كارمن الجزء الثامن والعشرون
رواية كارمن الحلقة الثامنة والعشرون
– مامتك اتوفت امبارح.. وتصريح الدفن هيكون جاهز بكره الصبح.
توقف نبض قلبها للحظات وهي تردد بداخلها ما قاله الان، رفض عقلها الاستيعاب وتحدثت بصوت متقطع:
– انت قولت ايه؟! مامت مين اللي ماتت؟ انت بتهزر معايا يا رشيد صح؟ انت عارف ماما مش بتموت.. ماما بتحب الحياة، هي اكيد زعلانه مني عشان انا اتكلمت معاها بعصبيه اخر مرة لما جات هنا صح؟ انا والله كنت بفكر ازاي هجبلها الفلوس عشان تديها لطليقها عشان يبعد عنها.. ماما بتحب الفلوس واكيد هتكون فرحانه اوي لو اخدت تمن ارضي واديتهولها..
نظر اليها بحزن ثم جذبها من يديها وعانقها بقوة، لم تتوقف عن الحديث ولم يستعب عقلها ما قاله حتى الان، عانقها بقوة شديدة حتى بكت بداخل حضنه وتحدثت بصوت باكي:
– ماما كويسه يا رشيد؟ انت بتهزر صح؟
عانقها بقوة اكبر وهمس اليها:
– ادعيلها بالرحمه يا كارمن.
صرخت بداخل حضنه وهي تبكي بانهيار، لا تصدق ان والدتها فارقة الحياة وهي غاضبة منها، كانت تنادي والدتها بصراخ وتخبرها انها ستعطيها النقود التي تريدها ولكن عليها العودة الي الحياة مرة أخرى، تعلم ان والدتها تعشق النقود كثيرا ولن تترك النقود وترحل عن الحياة.
لم يتركها تبتعد عنه وهو يحاول تهدأتها وهي تصرخ وتصرخ وتنادي والدتها بصراخ وبكاء حتى فقدت الوعي.
حملها بين يديه واخذها الي داخل الغرفة ووضعها فوق الفراش برفق وجلس بجوارها يتأملها بحزن وهو يمسد فوق شعرها ثم تحدث الي الطبيب واخبره بما حدث معها وجاء الطبيب واعطاها حقنه مهدئه لكي تستطيع النوم لوقت اطول.
ظل رشيد مستيقظا بجوارها حتى الصباح الباكر. وصل جد كارمن وعمتها وداد وفراج ابن عمها وزوجته ازهار الي منزل رشيد لحضور مراسم الدفن. اخبرهم رشيد بما حدث مع كارمن عندما اخبرها بموت والدتها واخبرهم انه لم يستطيع أخبارها ان والدتها لقت مصرعها علي يد طليقها السابق.
تفهم الحاج عبد الرازق ما فعله رشيد وطلب من وداد وازهار ان يبقوا مع كارمن بالمنزل والرجال سيذهبون لدفن جثمان سهير.
ذهب رشيد مع الحاج عبد الرازق ومعهم فراج لاستلام جثمان سهير من المشفى واكرامها بالدفن.
جلست وداد بجوار كارمن فوق الفراش حتى استيقظت كارمن وفتحت عيناها وهي تشعر بألم شديد برأسها.
مسدت وداد فوق شعرها وهي تبتسم لها بحنان قائلة:
– عامله ايه دلوقتي يا حبيبتي؟
نظرت اليها كارمن بدهشة واردفت بصوت خافت:
– انا فين؟!
اجابة عليها ازهار بابتسامه حزينه:
– انتي في بيت جوزك يا كارمن.. طمنينا عليكي عاملة ايه دلوقتي؟
اعتدلت كارمن فوق الفراش ونظرت اليهما بستغراب:
– انتوا جيتوا هنا امتى؟!
اجابة عليها عمتها بحنان:
– من شويه يا حبيبتي.. جوزك كلم جدك امبارح وقاله اللي حصل واحنا جينا علي طول عشان نكون جنبك.
نظرت كارمن امامها وتذكرت حديث رشيد معها قبل ان تفقد الوعي، انسالت دموعها على وجنتيها واصطحبها شهقات قوية وهي تتحدث ببكاء:
– رشيد بيقول ان ماما ماتت!!
نظرت الي عمتها وداد ووجدتها تخفض وجهها بحزن، سألت عمتها بصدمة وهي تبكي:
– كلام رشيد حقيقي!؟ ماما فعلا ماتت؟
تحدثت ازهار بحزن:
– ادعيلها يا كارمن بالرحمه.. هي مش محتاجة منك دلوقتي غير الدعاء.
تحدثت كارمن وهي تبكي بانهيار:
– لا هي كانت محتاجة مني فلوس وانا قولتلها لا.. هي كانت مش محتاجة مني غير الفلوس.. طب خلوها ترجع وانا هديها الفلوس اللي هي عايزاها بس ترجعلي تاني.
تحدثت وداد بحزن:
– لا حول ولا قوة الا بالله.. فلوس ايه بس يا بنتي اللي هي عايزاها دلوقتي! وهتعملها ايه الفلوس وهي عند اللي خلقها.. الفلوس مش هتنفعها دلوقتي بحاجة يا كارمن.. دعائك هو اللي هينفعها دلوقتي يا بنتي.. ادعيلها ربنا يرحمها ويسامحها.
بدأ عقل كارمن يستوعب حقيقة موت والدتها، صوت والدتها وهي تطرق على باب منزلها وتتحدث اليها وتطلب منها النقود، لا يزال الصوت يتردد بأذنيها، تشعر بالذنب اتجاه والدتها، تتمنى لو يعود الزمن لكانت اعطتها كل النقود التي تريدها حتى لا تتركها وترحل. ظلت تبكي وتهمس بكلمات غير مفهومه للجالسين بالقرب منها، كانت تردد الاعتذار لوالدتها والشعور بالندم كان يقطع نياط قلبها. عانقتها عمتها وداد بقوة وهي تربت علي ظهرها وتقرأ ما تيسر لها من أيات القرأن الكريم حتى تهدأ كارمن وترضى بقضاء الله.
*****
وقف رشيد امام القبر بعد دفن جثمان سهير وبجواره خالد وفراج ويقف في الخلف الحاج عبد الرازق بجوار اللواء نور الدين الجبالي وبجوارهما والد رشيد الذي كان يقف حزين علي موتها ويدعي لها من قلبه بالرحمة.
كان رشيد يقف امام القبر يرفع يديه ويدعي لها بالرحمة والمغفرة، يتذكر عندما قابلها اول مرة عندما ذهب اليها مع جده لانهاء زواجها من والده، ثم مقابلته معها عندما ذهب يطلب منها الزواج من ابنتها، ذكريات كثيرة جمعتهما ومواقف عديدة، يتذكر ما كانت تفعله ويدعي لها بالرحمة والمغفرة.
انتهى كل شئ وغادر الجميع وتبقى جسد سهير اسفل التراب بمفردها امام الله. ندعوا الله بالرحمة والمغفرة لكل امواتنا واموات المسلمين اجمعين.
*****
عاد رشيد الي شقته ومعه جده ووالده وجد كارمن وفراج يريدون مقابلة كارمن لتأدية واجب العزاء.
تحدثت وداد الي كارمن واخبرتها ان الجميع في الخارج ينتظرونها لتستقبل العزاء في والدتها.
ساعدتها وداد علي ارتداء ثوب اسود وخرجت كارمن من الغرفة بجوار عمتها وهي صامته ودموعها تجمدت بداخل عيناها، وقف الجميع امامها. استمعت كارمن الي صوت والدتها مرة أخرى وهي تناديها من خلف الباب، نظرت الي باب الشقه وصوت والدتها وطرقها القوي على الباب يتردد علي اذنيها وكأنها تسمعه حقا، تركت الجميع وركضت الي باب الشقه وقامت بفتحه وهي تتحدث بلهفه:
– ماما..
لم تجد شئ، وقفت تنظر يمينا ويسارا تبحث عن والدتها ثم عادت ببصرها اليهم وتحدثت بثقة:
– ماما كانت هنا بتنادي عليا دلوقتي.
استغرب الجميع وتبادلت النظرات بينهم، اقترب منها رشيد وتحدثت اليها بهدوء:
– مفيش حد بينادي عليكي يا كارمن!
امسك بيديها واخذها الي الداخل واغلق الباب، نزعت يديها من بين يديه بعنف وصرخت به بغضب:
– انت قفلت الباب ليه؟.. انت مش عايز ماما تيجي هنا صح؟.. انت اصلا مبتحبهاش..
ثم نظرت الي جدها وفراج وجد رشيد ووالده وتحدثت اليهم بنبرة غاضبه وهي تنظر اليهم بعدوانيه:
– انتم كلكم مبتحبوهاش.. جاين تمثلوا ان انتم زعلانين عليها بس الحقيقه انكم كلكم مرتاحين وفرحانين انها ماتت…
ثم اقتربت منهم بخطوات واسعه غاضبه وتوقفت امام جد رشيد وتحدثت بقسوة ونبرة عدوانيه:
– انت طبعا اكتر واحد في الدنيا بتكرها.. اه طبعاا.. ازاي سهير سالم تتجوز ابن اللوا نور الدين الجبالي!! لا ومش بس كده.. دي بنت سهير سالم كمان اتجوزت حفيدك!! لا.. لا.. سهير سالم وبنتها لازم يموتوا! يا اما يبعدوا عن البلد وكأنك انت وابنك وحفيدك اشتريتوا البلد كلها واحنا ملناش حق نرجع غير بأمر منك!! انت اكتر انسان يستاهل الموت مش هي.. علي الاقل سهير سالم كانت واضحة وصريحة لكن انت طول الوقت عايش جوه شخصية الراجل الشريف والحقيقه غير كده.. اكيد مفيش راجل شريف يروح يهدد ست وبنتها بالموت لو مبعدوش عن حفيده وسابوا بيتهم وحياتهم وسافروا لبلد تانيه.. مين اداك الحق ده؟ انت مين اصلا عشان تتحكم في حياتنا؟!
نظر اليها جد رشيد بصدمة! لم تبالي بصدمته ولا بصوت رشيد وهو يحاول منعها عن الحديث، وقفت امام والد رشيد وتحدثت:
– على فكرة ماما زي ما كانت بتدور على الفلوس كانت بتدور على راجل بجد يكون امانها وحمايتها.. بس للاسف من بعد بابا مقابلتش الراجل ده!! كلكم شايفين ان سهير سالم كانت بتتجوز الرجالة طمع في فلوسهم.. مفيش مرة سألتوا الرجالة دول كانوا بيتجوزوها طمع في ايه؟! انا بسألك دلوقتي قدام الكل.. انت اتجوزت ماما ليه؟
حدق بها والد رشيد بصدمة، ابتسمت ساخرة واضافة:
– مفيش حد فيكم احسن ولا اشرف من ماما.. اوعوا تفكروا انكم ملايكة..
ابتعدت عنهم ووقفت تتحدث بصوت مرتفع:
– ماما كانت احسن واشرف منكم كلكم 100 مرة.
اقترب منها رشيد وتحدث اليها بغضب:
– كارمن.. اسكتي.. كفايه.
ضحكت ساخرة وهي تنظر اليه وتحدثت بنبرة غاضبه:
– رشيد باشا الجبالي.. رشيد المظلوم اللي انا ضيعت مستقبله.. رشيد باشا اللي اتجوزني غصب عن ماما.. عارفين هو اتجوزني ليه؟! عشان شافني بنت ضعيفه ومليش شخصيه، لعبه بين ايديه يقدر يتحكم فيا وفي حياتي برحته. واهو بالمرة ينتقم من ماما على جوازها من باباه.. طبعا حفيد اللوا نور الدين الجبالي لازم ينتقم من الست اللي اتجوزت باباه من غير اذن الباشا الكبير حضرة اللوا.
نظر اليها رشيد بصدمة وتحدث بذهول:
– انتي اكيد اتجننتي!
صرخت بقسوة:
– انا فعلا اتجننت.. اتجننت لما ماما وقفت تصرخ علي باب بيتك هنا وانا مش قادرة اشوفها بسبب ان انت حبسني وقافل عليا.. انا مش مسجونه عندك عشان تتعامل معايا بالطريقه المهينه دي.. انا انسانه ومش من حق اي حد فيكم انه يهددني او يخوفني.. انا خلاص مبقتش اخاف من حد واقدر اواجه كل واحد فيكم بحقيقته.
تحدث اليها رشيد بغضب:
– المهم تبقي واثقه ان الحقايق اللي انتي بتوجهينا بيها دي هي دي الحقيقه مش اوهام من خيالك.
اجابة عليه بقسوة:
– لو كانت اوهام من خيالي كان زمانك طلقتني من اربع سنين.. تقدر تقولي انت ليه سبتني علي ذمتك طول السنين دي! مفكرتش لحظه ان انا كنت ممكن اتجوز غيرك وانا مسافرة وطبعا كنت فاكرة انك طلقتني زي ما جدك قالنا… ! اقولك بقا انت مطلقتنيش ليه؟ عشان عايزني طول عمري اكون عبده ليك.. عايز انت بس اللي تتحكم في حياتي وعمري ومستقبلي.
نظر اليها بصدمة ثم اجاب عليها بغضب:
– لا انا مطلقتكيش عشان حاجة تانيه خالص.. عشان حبيتك.. فاهمه يعني ايه؟!
ضحكت ساخرة وتحدثت بغضب:
– وانا مش عايزة الحب ده.. ملعون اي حب يعيشني مسجونه.. انا مش هقبل ان باب البيت ده يتقفل عليا تاني.. انا اتخلقت حره وملكـ نفسي ومش هكون ملكـ ليك او لغيرك تاني.
عقد ما بين حاجبيه قائلا:
– تقصدي ايه؟!
اجابة بقوة وثقة:
– يعني انا عايزة اطلق منك دلوقتي حالا.
شهقت ازهار بصدمة وركضت وداد اتجاه كارمن قائلة بفزع:
– انتي بتقولي ايه يا بنتي.. استهدي بالله.
تحدث الحاج عبد الرازق:
– كارمن تعبانه واكيد مش في وعيها..
ثم نظر الي اللواء نور الدين وابنه وجيه واضاف:
– متأخذوناش انتوا اكيد مقدرين اللي هي فيه دلوقتي.
تحدثت كارمن باصرار:
– لا يا جدي.. انا عارفه انا بقول ايه.. انا مش هينفع اكمل حياتي مع رشيد.. احنا لحد كده وحكايتنا انتهت والافضل ان كل واحد فينا يروح لحاله.
تحدث رشيد بعناد:
– انتي عندك حق.. فعلا احنا مبقناش ننفع لبعض وكفايه لحد كده..
تأملها بعمق واضاف:
– انتي طالق يا كارمن.
هربت دمعه من عيناها وهي تستمع لكلمة الطلاق، صرخت وداد بصدمة:
– يا حزني.. لا حول ولا قوة الا بالله.. ليه كده بس يا بني!
تحدث رشيد وهو مازال ينظر الي كارمن:
– دا الافضل لينا احنا الاتنين وان شاء الله ربنا يوفقها في حياتها..
ثم اضاف وهو ينظر الي الحاج عبد الرازق:
– انا كاتب الشقه دي بأسم كارمن من اول ما اشتريتها.. هبعت حد ياخد حاجتي وان شاء الله حقوقها كلها هتوصلها كامله.
ثم نظر الي جده ووالده واضاف:
– خلينا احنا نمشي..
ثم نظر اليها نظرة اخيرة وذهب من المنزل، لحق به جده ووالده وهما ينظران الي كارمن بصمت.
انتظر الحاج عبد الرازق حتى ذهب رشيد وجده ووالده ثم تحدث الي كارمن بحزن:
– ليه عملتي كده يا بنتي؟ جوزك كان بيحبك وباقي عليكي.. ليه تهيني اهله قدامه وتهينيه قدامنا كلنا؟!
بكت كارمن وتحدثت بحزن:
– خلاص يا جدي.. انا ورشيد مبقناش ننفع لبعض بعد كل اللي حصل.. كل ما اشوفه هفتكر ماما وهحس بالذنب.
اقتربت منها عمتها وداد وربتت فوق ظهرها ثم عانقتها، انهارت كارمن بداخل حضن عمتها.
نظر فراج الي جده بقلة حيلة، اخذتها عمتها وداد الي داخل الغرفة ودلفت ازهار معهم.
اقترب فراج من جده واردف:
– وبعدين يا جدي.. هنعمل ايه دلوقتي؟
اجاب جده:
– كارمن هترجع معانا البلد وهتعيش معانا هناك.. مش هينفع نسيبها تعيش هنا لوحدها.
*****
بعد مرور شهرين.
بداخل دوار الحاج عبد الرازق.
جلست وداد بجوار والدها وتحدثت بحزن:
– وبعدين يا ابويا.. هنسكت علي الحالة اللي كارمن فيها دي؟
تنهد الحاج عبد الرازق بحزن واجاب:
– واحنا في ايدينا ايه نعمله يا وداد.. احنا بنوديها للدكتور في مصر ومتابع معاها! مفيش في ايدينا حاجة نعملها اكتر من كده.
تحدثت وداد بعدم رضا:
– متابع معاها ايه بس يا ابويا.. دي البت مبتتكلمش مع حد فينا خالص وطول الوقت ساكته وقاعدة في الارض تتابع الفلاحين وهما بيشتغلوا وهي سرحانه وكأنها في عالم تاني!
تحدث الحاج عبد الرازق:
– واللي هي عاشته مش قليل برضه يا وداد.. سبيها لوحدها تعمل اللي هي عايزاه.. الدكتور قالنا كده.. وآكد ان محدش فينا يضغط عليها في حاجة.
تنهدت وداد بعدم رضا:
– اللي تشوفه يا ابويا.
*****
أسفل الشمس الساطعه وسط الأراضي الزراعيه الخضراء..
جلست كارمن تتابع ما يفعله الفلاحين باهتمام، كانت تنظر إلى الأرض التي تنبت الزرع ثم يقومون الفلاحين بحصد المحصول ثم بعد ايام يقومون بتجهيز الارض لاستقبال زرع جديد وكأن حياة الارض تتجدد مع كل زرع جديد ينبت بداخلها. تمنت لو تستطيع حصد ما عشته بعمرها السابق وتركه بعيدا عنها وبدأ حياتها من جديد. تمنت لو تستطيع زرع الشغف والأمل والحياة والسعادة والحب بداخلها من جديد. ومن يستطيع أن يمنعها الان! تنهدت وابتسمت وهمست الي نفسها:
– وايه يمنع ان انا انسى كل اللي فات وابدأ من جديد.. انا عايزة اعيش حياة اكون فيها مرتاحة ومبسوطة.. حياة بدون خوف، بدون هروب، بدون ناس يضغطوا عليا نفسيا، انا حره وعايزة اعيش حره.
وقفت وتحركت بخفه وكأنها فراشه تحلق بين الأزهار، تفتح ذراعيها للحياة، لا تخشى شئ بعد الان، هي تريد فقط ان تعيش وقلبها ينبض بالحياة. سقطت فجأة على الارض فاقدة الوعي، ركض الفلاحين عليها بهلع. صدح صوت احد الفلاحين يطالب احد الخفر بسرعة اخبار الحاج عبد الرازق بما حدث مع حفيدته. وقاموا بأخذها الي الوحدة الصحية بالقرية بمساعدة بعض السيدات.
*****
فتحت عينها وهي تشعر بشئ بارد يضغط علي بطنها، ابتسمت اليها الطبيب وتحدثت:
– حمدلله..
استغربت كارمن ونظرت الي يد الطبيبه وهي تكشف عليها عن طريق السونار الطبي وتنظر الي الشاشة امامها وتبتسم ثم تحدثت الطبيبه:
– الجنين وضعه تمام جدا ماشاء الله ومفيش قلق عليه.
شهقت كارمن بصدمة قائلة:
– جنين ايه؟!
نظرت اليها الطبيبه بستغراب قائلة:
– معقول انتي مش عارفه انك حامل في شهرين؟!
شهقت كارمن ونظرت الي الشاشة بجوارها وتحدثت بصدمة:
– حامل ازاي مش معقول!!.. اكيد في حاجة غلط؟!
حركت الطبيبه الجهاز واشارة بيديها علي نقطة الجنين وتحدثت بثقة:
– لا طبعا مفيش اي حاجة غلط والجنين واضح قدامي اهو.
نظرت كارمن الي النقطه التي تشير اليها الطبيبه بصدمة واسترسل لها عقلها سريعا ما حدث بينها وبين رشيد قبل طلاقهما بيوم.
اخذت الطبيبه منديلا واعطته لها لكي تجفف بطنها بعد انتهاء الكشف وعادت الطبيبه وجلست امام مكتبها لتدون لها بعض الأدوية والفيتامينات اللازمة في الشهور الأولى من الحمل.
دلفت وداد غرفة الكشف بلهفة وقلق وركضت الي كارمن تتحدث اليها بقلق:
– كارمن ايه اللي حصلك يا بنتي.. الفلاحين بيقولوا انك وقعتي في الارض فجآة..
ثم نظرت الي الطبيبه وتحدثت بلهفة:
– طمنيني يا دكتوره ايه اللي حصلها فجآة كده خلها تقع من طولها؟
انتهت الطبيبه من كتابة الدواء اللازم لها واجابة على سؤال عمة كارمن بهدوء:
– اطمني حضرتك ده بيحصل طبيعي في الشهور الأولى بس الام محتاجة تتغذى كويس جدا وتاخد الادوية دي في مواعيدها.
نظرت وداد الي كارمن بستغراب ثم نظرت الي الطبيبه مرة اخري وتحدثت بعدم فهم:
– شهور ايه اللي اولى يا دكتوره وام ايه انا مش فاهمه حاجة؟!
اجابة الطبيبه باختصار:
– بنت حضرتك حامل في شهرين.
نظرت وداد الي كارمن بابتسامة وسعادة وتحدثت بحماس:
– بجد يا كارمن.. الف مبروك يا حبيبتي.
نظرت اليها كارمن بحزن:
– مبروك على ايه يا عمتي! انا في مصيبه.
اقتربت منها عمتها وتحدثت بستغراب:
– مصيبة ايه يا حبيبتي بعد الشر عليكي.. دي بشرة خير عشان ترجعي لجوزك والمايه ترجع لمجاريها.
تحدثت كارمن باعتراض:
– لا يا عمتي انا مش عايزة ارجعله بالطريقه دي ومش عايزة ارجعله اساسا.
عقدت وداد ما بين حاجبيها بستغراب قائلة:
– يعني ايه يا كارمن الكلام ده؟!
اجابة كارمن بثقة وهي تضع يديها فوق بطنها بحماية:
– يعني انا مش هستخدم الطفل ده عشان ارجعله ومش عايزاه يعرف اصلا ان انا حامل.. الطفل ده انا هربيه لوحدي.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية كارمن)