روايات

رواية حب بين نارين الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم نورهان ناصر

رواية حب بين نارين البارت الرابع والعشرون

رواية حب بين نارين الجزء الرابع والعشرون

حب بين نارين
حب بين نارين

رواية حب بين نارين الحلقة الرابعة والعشرون

كانت تنظر له بشفاهٍ مُـنفرجة وهي تحدق به في ذهولٍ تام ، لم يستوعب عقلها ما تفوه به وادعت أذنيها عدم السمع ، إزدرقت ريقها بتوتر ملحوظ وأردفت بدموع وهي تعيد ما ظنت أنها قد فهمته من حديثه :
_ عايزني أعمل إيه؟ أتبرى من عيلتي !
جلس مراد مقابلها على الفراش واعتدل في جلسته وأمسك بوجهها بحنان وتحدث بهدوءٍ شديد وكأن ما طلبه منها هو أمرٌ اعتيادي :
_ أيوة، هتقدري تعملي ده علشاني !
تحدثت لميس بتقطع وهي تمسك بوجهه بين يديها :
_ إنت فاجأتني ، أنا عارفه هو عمل فيك إيه وإنه صعب و ..
قاطعها مراد بهدوء وهو ينظر لعينيها بعمق:
_ أنا عارف كل ده، أنا سؤالي واضح أنتِ مستعده تضحي بإيه علشاني ؟!
شعرت لميس بالضياع بأن عقلها قد فرّ منها وتركها بمفردها تواجهه ،كما أن قلبها لم يسعفها هو الآخر هذا طلب كبير .
تنفست الصعداء وقالت بما جال في خاطرها:
_ أنا هقولك حاجه ..لو غيرت اسمي واتبريت فعلاً من عيلتي ،ده هيغير من حقيقة أنا بنت مين ؟ هيخف وجع ده .
أنزلت يدها من على وجهه وأشارت إلى قلبه ثم تابعت بحزن شديد:
_جاوبني يا مراد ..هيغير من الأمر شيء!
تمتم مراد بضيق وهو ينظر لها بحاجبين معقودين:
_لميس سؤالي واضح!!
_ مراد .. إسمعني ..
نهض مراد فجأةً وأولاها ظهره ثم قال بحزن :
_ وصلني جوابك !
أنهى حديثه ثم ترك الغرفة وخرج ، انهارت لميس وسمحت لعبراتها بالانهمار ، وتمتمت بمرارةٍ استطعمتها في فمها و بحزن شديد:
_ علشانك أعمل أي حاجه مش أتخلى عن كياني وبس لأ أنا أصلا مش معتبراه أب ، بس عيلتي كلها ، مقدرش ، أخويا ملهوش ذنب أمي لأ بتصعبها عليا يا مراد آه يا قلبي !
____________________
كان يسير في الممر بعد أن خرج من غُـرفتها ، وعقله شارد تمامًا حتى أنه لم ينتبه أنه قد اصطدم بأحدهم وكاد يوقعه .
_ أنا آسف لم أقصد !
تمتمت بهدوء وهي تعدل ثيابها التي قد سكب عليها العصير
_ لا عليك كنت شاردة أيضًا ولم أنتبه !
ابتسم في وجهها بخفوت ، سألته هازان بابتسامة:
_كيف حالها الآن؟
_إنها بخير ..سنغادر بعد قليل ، أشكرك على اهتمامك عن إذنك !
أومأت برأسها بابتسامة وتنحت له لكي يعبر ، خرج خارج المشفى وجلس على إحدى مقاعد الاستراحة في الحديقه وهو يفكر فيما أخبرها به منذ قليل
_ طلب زي ده مش عارفه تديني فيه جواب .. إيه مش بتحبني يعني ؟
رد العقل صاحب المنطق ولأول مرة يقف مع لميس أو يتعاطف مع القلب ، فأخذ يوجهه وينصحه اسمعني عزيزي تغييرك لٕاسمها وكنيتها لن يغير من الأمر شيء فلا الإسم الجديد ولا العائلة الأخرى ستغير حقيقة من تكون وإلما تنتمي ؟.
فكر معي الطفل اليتيم الذي يكون في ملجأ ، العائلة الأخرى التي تتبناه تعطي له إسمًا جديدًا وعائلة أخرى ، ولكنها لن تغير من حقيقه أنه يتيم وأن عائلته ليست هذه وأن له أب وأم حتى وإن تخلوا عنه وأنه لا ينتمي لتلك الأسرة وأنه ليس فرد من أفرادها
رغم أنه يحمل كنيتهم ويعيش معهم ، وأنت عندما أحببت تلك الفتاة كنت تعلم جيدًا ابنت من تكون ؟
فلا تتظاهر بالصدمة الآن ،كنت تحاول أن تُبعدها عنك ؛لأنك تخشى من تعلق قلبك بها ، قلبك الذي عاندك وأرغمك على حب ابنت ألد أعدائك .
ولا تنسى أنك فيما مضى وافقت على تلك الزيجة ، وارتبطت بها وتعلم جيدًا من يكون والدها وحميتها وليس هذا فقط بل أحببتها أيضًا ،وأيقنت من داخلك أنها لا تشبه ذاك الرجل هي نقية متدينه ومثقفة وصالحة هي ملاك ،وذاك شيطان منذ متى نأخذ الملائكة بذنب اقترفه غيرهم .
ألم تكن الجنة فيما ما مضى مكانا للملائكة والشياطين ها؟ ألم يتغير الوضع عندما عصى الشيطان ربه ،ورفض الإذعان لأمره هل حاسب الله الملائكة وحرمهم من الجنه ، أم أنه حاسب المخطئ وحسب لو أن كل إنسان أخذ الجيد مع السيء بذنبه ومن أذنب كمن لم يذنب ، فلن يكون هناك تميير أو عدل ، كما أن الله جعل الحسنات تذهبن السيئات ولم يجعل العكس .
لو كانت الآية معكوسة فلن يكون هناك حسنة واحدة تشفع لصاحبها مادام السيئة قد أخذت الحسنات كلها في طريقها بمعصية أو من دونها ، هل تفهمني ؟
والله سبحانه عادل ومن أسمائه العدل لذلك جعل لنا الحسنات هي التي تذهب السيئات من رحمته ، وهو في ذلك ينبهنا لأمرٍ وهو أن لا نأخذ الصالح بالطالح وهو لا ذنب له ،والله عادلٌ لا يعاقب إلا من أذنب وأخطئ ويوم القيامة كلٌّ سيعاقب بمفرده .
هل لو كان الأمر غير ذلك كان سيبقى هناك عدل؟ دعني أمثل لك لو أن الحساب يشمل كل أسرة على شاكلتها أي تلك أسرة تحاسب على ذنب أحدهم فيها سواء كان الأب أو الإبن أو الابنة أو حتى الزوجه وأخرى هكذا ، فكر معي لو أن والد لميس هو ذاك الفاسد في العائلة ، ولو أخذ الله باقي أسرته في عذابه لوالدهم لكان هذا ظُلمًا أليس كذلك لمَا يحاسبهم على ما اقترفه والدهم ويأخذهم بذنبه؟ ولكن الله عادل رحيم لا يحاسب المرء ولا يأخذه بذنب غيره .
ثم إنها الآن تنتمتي لعائلتك أنت وليس لوالدها ، هي الآن مُشتته ضائعة لا تحسن التفكير جيدًا هل بين يومًا وليلةّ يتخلى المرء عن أسرته عن أهله أهذا كلام معقول ؟ نعم يوم القيامة الأمر مختلف أتفق معك ولكن نحن الآن في الدنيا .
وسَنُوسئل عنهم يوم القيامة ، وهي لم تعش مع ذاك الرجل ما يجعله والدها ، كانت تأتي فقط للدراسه وهذا لا يجعله والدها لأنه فقط أنجبها لهذا العالم الوالد مربي صحيح ، وهو لم يفعل ما يفعله الوالد كما أنها أخبرتك بأنه لم يشعرها يومًا بحبه لها كأي رجلاً وابنته ، ولا تنسى رهانه على حياتها .
فكر جيدًا وراجع قراراتك هي تحتاجك مثلما أنت تحتاجها ألم يقل المؤمنون لربهم “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ” فكر جيدًا كل نبي من الأنبياء كان يوجد في قومه الصالح والطالح هل أخذ الله من لم يذنب بذنب من أذنب ؟ هل تتذكر قصة الطوفان آلم ينجي الله من آمن من قوم نوح معه وترك الطوفان للكافرين ، الله العدل والحق ولله المثل الأعلى من أنت حتى تأخذ المذنب بغير المذنب !
أغمض مراد عينيه ووضع رأسه بين كفتيه وهو يفكر في كلام عقله معه حق تمامًا هي لاذنب لها في أن هذا هو والدها لايربطها به سوى رابط الدم فقط ، لم يفق من شروده إلا على صوتها الرقيق المتعب وهي تضع يدها حول كتفه تضمه لها وهمست بنحيب
_مراد … أنا مش عايزه أسيبك والله بس …
وضع يده على يدها التي تضعها على كتفه والتفت لها بهدوء وهو ينظر نحوها ثم قال بابتسامة:
_ إيه إللي طلعك بس وطلعتي إزاي؟
نظرت له لميس بدموع وهي تقول :
_مش مهم طلعت إزاي بس مش عايزاك تزعل مني بس لو يرضيك هعملها ..
قاطعها مراد وهو يمد يده يمسح عبراتها بحنان ثم قال وهو يجذبها نحوه :
_مفيش داعي أنسي إللي قولتلهولك كله !
_ مراد أنا حاسه بوجعك مش هضغط عليك خلينا ننهي كل ده أنا مقدرش أشوفك متعذب وأنا السبب ..
نبس مراد بضيق شديد وهو يمسح على خديها:
_مقدرش افهمي حتى لو عايز .
صمت وأخذ يشير إلى قلبه بحزن :
_بس ده مش عايز ده عايزك أنتِ ، مش عايز يبعد أنا مقدرش يا لميس افهمي أنا عايزك جنبي دايما ..
_خلاص يبقى نحاول وأنا معاك اعرف ده كويس مش هتخلى عنك يكفيني إنك معايا !
ضمها إلى صدره ووضع يده حول كتفها وقال بهدوء:
_وهو ده إللي أنا عايزه وجودك جنبي مهما حصل !
____________________
كانت تنظر له بتوتر شديد وهي تفرك في كلتا يديها بينما خرج من مقر ذاك البغيض الذي تُـطيق العمى ولا تطيقه .
ناداها مروان بخبث :
_سمر !
رفعت إحدى حاجبيها باستفهام بدون أن تتحدث فاقترب الآخر منها حتى وقف مقابلها وأخذ يهتف بما عنده :
_ مالك ؟ مش على بعضك ليه كده ؟
رمقته سمر بتهكم ثم قالت بانزعاج:
_ حاجه ملكش فيها واظن الزعيم قالك ملكش دعوه بيا ها !
أنهت حديثها ثم عبرت من أمامه فاستوقفها مروان بفعلته التي لا تغتفر عند سمر ، وقفت مكانها بُرهة تستوعب ما فعله ، وهل أمسك بيدها أم أنها تتخيل ذلك ؟
وبدون أدنى تفكير التفتت له وانتشلت يدها من يده وقامت بركـله بقوة ، ترنح مروان على أثرها من شدة الدفع ، ثم تأوه بألم وهو يرمقها بنظرة حادة:
_عيني عليكِ دايما ومستنيلك غلطة واعملي حسابك قوتك دي وتكبرك هيكونوا تحت رجلي !
ضحكت سمر باستخفاف ثم أولته ظهرها وتابعت طريقها نحو الداخل بدون أن تحفل بكلامه .
كان الزعيم على آخره من شدة الغضب ، وفور دخول سمر للغرفة تفاجأت بحالة الفوضى التي تعم الغرفة وأيضًا انتبهت على تحطيم هاتفه ، فهتفت بتوتر وهي تخفض رأسها للأرض:
_ حصل إيه يا زعيم ؟
رفع رأسه ونظر إليها وطال صمته وكانت نظرته مشتعلة تعبر عن غضب حجيمي ،للأمانة ارتعدت أوصالها بزعر من هيئته أول مرة تراه على تلك الحالة من الغضب جال في خاطرها أن يكون ذاك الأحمق “مروان” قد أخبره شيئًا عنها أو علْمَ شيء فازدرقت ريقها بتوتر وهتفت بتلعثم:
_حصل حاجه يا زعيم مالك إنت تعبان؟
_ عز الكـ……بيستغفلني أنا !
فتحت سمر عينيها بصدمة :
_ إيه إزاي؟
________________________
على صعيد آخر كان سيف يهاتف صديقه حسام وهو يمزح بمرح :
_ مالك يا حسام ؟البت تبعي وخوفت لما سألتني عليها !
وصله صوت حسام المتهكم:
_ آه شغاله في المافيا وبتتستر عليها مش كده ؟
زفر سيف بضيق:
_ لأ مسمحلكش هي شغاله معايا أنا إنت عارف أنا بقالي قد إيه في العالم ده من قبلها ، وياما شوفت فيه ناس كانوا ضحايا زيها كده بالظبط ، وبعدين متنساش إني أنا إللي دخلتها بأيدي للعالم ده وأنا إن شاء الله هكون خارج ومخرجها معايا وبعدين هي زي ما حكتلك يا حسام نقية !
تمتم حسام بمشاكسه:
_ده إنت غرقان لشوشتك مش بس واقع !
حك سيف ذقنه بإحراج:
_يا عم اتنيل ويا ريتها حاسه بده سمر قوية وصعبة ومش بسهولة تفهم شخصيتها عنيدة قوية وكل ما تحس إنك فهمتها تكتشف إنك لسه على البر ومتعمقتش أوي !
قال حسام وهو يضحك :
_طب يا سيدي يا بتاع سمر كفايه بقى وراعي إن اخوك لسه سنجل بائس .
_ ما أنت إللي دافن نفسك في الكمبيوتر أبقى اتجوزه بقى !
_ طيب بقولك سلام دلوقت العقيد بيتصل عليا هقوله يلا سلام !
تنهد سيف بهدوء:
_ماشي وأبقى قولي على الوقت علشان نعرف نخرج ، أنت عارف العملية إللي مستنيينها من زمان على آخر الشهر ده وهو أهو مفاضلش غير أسبوع واحد بس !
_ ماشي حاضر !
أغلق حسام معه وشرع يرد على العم أحمد الذي هتف بدوره بقلق:
_ ها يا حسام اتمنى تكون وصلت لحاجه ؟
أجابه حسام بهدوء:
_اطمن ياباشا بس مش أنا إللي وصلتلها ده الظابط سيف عماد من شرطة المهمات الخاصة البنت شغاله في المافيا .
قال العم أحمد بصدمة :
_إيه؟ يا دي المصيبة ؟
طمئنه حسام بهدوء:
_ يا باشا إسمعني هي شغاله مع سيف في المهمه بتاعته مش تبعهم يعني اطمن !
_ سيف مفيش غيره صح بتاع التدريب !
قال حسام مؤكدًا وهو يضحك :
_أيوة هو ده إنت كنت بتطلع عينه في التدريبات !
_علشان ينشف كده المهم كمل .
____________________
كانت تنظر نحوهم بغضب شديد تقبض بيديها على تلك الملاءة الخفيفة لعلها تهدأ قليلًا من غضبها بينما تتابع بحنق ذاك الحوار الدائر أمامها .
تمتمت الطبيبة هازان بابتسامة لطيفة وهي تقول :
_أرى أنك لا تعتني بها جيدًا قدماها الاثنتان معقول ..
ابتسم مراد بهدوء:
_ إنها فقط تتدلل.
أنهى حديثه ثم غمز للميس التي اشتعلت خجلاً سرعان ما تبدد ورمقته بنظرة حادة حين تذكرت غضبها منه ، في حين تابع مراد وهو يبتسم بسمة واسعه وعينيه تنظران لها بحب :
_إنها تحب أن أحملها دومًا لذلك ليست مُستاءة بما حصل معها !
تمتمت هازان بابتسامة وجراءة:
_ أها معها حق زوج مثلك لا ألومها في أن تود أن تكون بقربها دومًا .
عند هذا الحد وانفجرت لميس بعد أن طفح الكيل بها ، ولم تعد تتحمل هل تتغزل تلك الطبيبة بزوجها الآن ؟ وما شأنها هي إذا عاملني جيدًا أم لا ما دخلُـها بالأمر ؟ لمَ تحشرْ أنفها؟
_ مراد حبيبي ممكن تيجي بقى مش قادره على بُعدك ها ؟ واتشكرلي الدكتورة على اهتمامها .
تعجب مراد وكتم ضحكته من شكل لميس الذي يتنافى مع تلك الكلمات التي هتفت بها والتي تدل على الرقة والحب ، فمن يراها الآن يجزم أنها لا تريد قربه بل خنقه بيدها على وقوفه مع تلك المتعجرفة
تمتمت هازان بعدم فهم:
_Ne?
_ إنها تتشكرك والآن بعد إذنك سأذهب إليها فهي كما قلتي لا تحبذ الإبتعاد عني !
إبتسمت هازان بتكلف ورمقت لميس بضيق ثم خرجت من الغرفة ،أغلق مراد الباب خلفها ، واستدار لها وهو ينظر إليها بخبث شديد وأخذ يردد ما قالته قبل قليل بنبرة بدت عابثه :
_مراد حبيبي ممكن تيجي بقى مش قادره على بُعدك امممم وإيه كمان ؟
احمرت لميس خجلًا وهي تفرك في أصابع يديها :
_إنت مُستفز على فكرة !
اقترب مراد منها وهتف بمرح :
_ ادخري شوي يا ماما يالا !
ضيقت لميس عينيها باستغراب:
_ إنت بتعمل إيه؟
أجابها مراد وهو يصعد بجوارها ثم استلقى على الفراش وأغمض عينيه بهدوء ، في حين ظلت لميس منتصبة في جلستها وهي ترمقه باستغراب ، فتحت فمها وكادت تتحدث ولكن فوجئت به يسحبها حتى تستلقي بجواره ، شهقت لميس بخجل فتحدث مراد وهو يجذبها نحوه :
_نامي يا لميس مش هاكلك يا ماما متخافيش ، ده أنا زي جوزك يعني !
أردفت لميس بتوتر :
_ مراد حد يدخل على فكرة انت بتحرجني كده !
دنى مراد منها وقال باستنكار :
_بحرجك إزاي؟
_ مراد !
داعب خدها بإصبعه بلطف وهو يضحك :
_عارف إن اسمي مراد ها وبعدين بقى !
_ يا مراد طب إحنا قاعدين هنا ليه يالا نمشي على شقتك !
_ أصل المكان هنا عاجبني .
ثم غمز لها فهمت لميس قصده لتعض على شفتها بغيظ ثم لكزت كتفه وهي تقول بغضب:
_واللهِ طب قوم روحلها هي بقى أصلا دكتورة مستفزة !
_ هتشيلي ذنب إنك اتكلمتي عليها واغتبتيها !
رمقته لميس بتهكم ثم قالت:
_والله مهي فعلا كده أنا مكذبتش وبعدين هي مالها تعاملني حلو ولا لأ !
جذبها مراد نحو صدره وقال بهدوء :
_عيني مش شايفه غيرك إهدي بقى ممكن أنا عايز أنام ساعتين بس !
بقلة حيلة اذعنت له وحاولت النوم بصعوبة ، وأخذت تفرك في كلتا يديها بتوتر شديد ، وهي تكاد تموت خجلًا ، الأمر الذي جعل مراد يحرك جفونه بإنزعاج:
_لميس نامي بقى !
همست لميس بتوتر وقد أدمعت عيناها:
_ مش عارفه أنام أنا أسفه !
نهض مراد فجأةً واعتدل في جلسته فوجدها تغمض عينيها بتوتر ملحوظ ،تنفس الصعداء ثم أمسك بيدها وجعلها تجلس وتحدث بهدوءٍ وهو يضع وجهها بين كفتيه :
_ أنا عارفه إنك متوتره ومش واخده عليا وفي ذكرى وحشه في دماغك عني ويمكن أول انطباع اخدتيه عني ..
قاطعته لميس بدموع وهي تمسك بوجهه بين يديها وتحدثت بصدق:
_ لأ كنت الأول كده لكن لأ صدقني أنا ولا مرة فكرت فيك بطريقة وحشه كنت دايما بحطلك عزر ، وأنا نفسي مش عارفه ليه؟ وعلى موضوع أخُد عليك ، لو مكنتش أخدت عليك مكنتش وقت انهياري اترميت في ده .
ثم أشارت إلى صدره وإرتسمت على ثغرها ابتسامة لطيفة :
_ أنا بطمن بوجودك معايا فاكر قولتهالك لما نزلت البحر وخوفتني ، أنا بثق فيك يا مراد بس هو يعني زي ما قولت علاقتنا فيها شوية توترات كده ، بس وده طبيعي يعني إنت فاهمني صح ؟ يعني أنا آه بحب حضنك ليا وحنيتك بس عايزة شوية وقت بس .
أنزل مراد يده وأمسك بيدها وقربها إلى فمه بهدوء وأخذ يُـقبَّلها بحنان ، بينما هي أخفضت بصرها للأرض بخجل وتمتم هو بنبرة عذبه أثناء ضمها إلى صدره :
_ فاهم كل ده !
قطعت تلك اللحظات الرومانسية الطبيبة هازان وهي تقتحم الغرفة ، إرتبكت لميس وانزلت يدها وأخذت تفرك فيهما ، بينما جز مراد على أسنانه بغضب شديد ،في حين كانت الطبيبة هازان تبتلع ريقها بتوتر ثم اعتذرت على دخولها الغرفة بهذه الطريقة معللتًا بأنها لم تكن تعلم أنهم مازالوا هُـنا .
أومأ مراد بإقتضاب ثم وجه نظره إلى لميس التي تداري ارتباكها وخجلها ، وكأنها قد فعلت شيئًا خاطئ ولم تكن مع زوجها ، ثم وبلا أي مُـقدمات انحنى مراد وحملها بين يديه برفق بعد أن عدل خمارها ، الذي بات يعشقه ؛ لأنه يحفظ له هذا الجوهر الثمين عن أعين البشر كما زادها عفافًا بحيث لا يطمع فيها أحد ولا ينظر لها أحد نظرة دنيئـة !
بعد وقت كان قد وصل إلى شقته وكانت جنار في استقبالهم كما اتفقت مع مراد :
_أحسن دلوقت يا لميس !
أومأت لميس برأسها ثم أتجه مراد بها نحو غرفتها ، سطحها على الفراش برفق ، ثم قال ببسمة لطيفة:
_حاولي ترتاحي أنا نازل الأسبوع ده مصر ..
نهضت لميس سريعًا وضغطت على قدمها فتألمت وكادت تقع ، فأمسكها مراد سريعًا وتحدث بقلق:
_ لميس أهدي مالك في حاجه تعباكِ؟
هتفت لميس بدموع لم تستطع حبسها وهي تتمسك بذراعيه:
_ مراد إنت هتنزل مصر ليه ؟ هتسيبني؟
نفى مراد برأسه بهدوء وهو يقول :
_ لازم أنزل يا لميس لازم أخلص من الحِـمل إللي على صدري ، ولازم أخلصك من القيود دي يا لميس !
تعلقت لميس بذراعيه أكثر وهي تقول بخوف:
_ خايفه ماتسبنيش !
_ لميس ماتصعبيش الموضوع اكتر أرجوكِ جنار هانم هتكون معاكِ لكن أنا لازم أمشي ، الموضوع ده حياة أو موت بالنسبة ليا !
أردفت لميس بدموع وهي تمسك بوجهه :
_ أنا عارفه كل ده وأنا مش ضدك لأ بالعكس عايزاك تجيب حقك وحق عيلتك كلها ..وترجعلي ..بس ليا طلب واحد بس !
_ إيه هو ؟
تمتمت لميس بقهر ودموع أغرقت وجهها وتساقطت عبراتها على خمارها :
_متلوثش إيدك فيه وديه بإيدك للعدل .
صمتت قليلًا ثم أردفت بدموع :
_ماتقتـ ـلوش مش علشان خايفه عليه لأ ، أنا خايفه عليك إنت ، ارجعلي يا مراد وماتسبنيش أبدًا !
أمسك مراد بوجهها بحنان وقال:
_حاضر يالا أشوفك على خير متخرجيش من هنا مهما حصل فهماني !
هزت رأسها بإيجاب ثم ارتمت باحضانه وبكت بشدة وهي تتشبث بثيابهِ ، لف مراد يديه حولها ثم قَـبَّل أعلى رأسها بحنان ، ثم خرج من الغرفة فتهاوت لميس على الفراش بتعب .
بينما في الخارج كانت جنار تنظر له بابتسامة مُشجعة ، وهو يقف يلقي على مسامعها حديثه :
_خليك معاها متسيبهاش ماشي وأنا كل يوم هحاول أتصل عليكم !
_مش هتوصيني على حفيدتي اطمن ومتقلقش وربنا معاك يابني وينصرك !
أومأ مراد بهدوء:
_ آمين ، سلام عليكم رامي مستنيني تحت !
_ربنا معاكم إن شاء الله تبشرني أخبار حلوه!
_إن شاء الله !
غادر مراد الشقة وكان صديقه رامي ينتظره قُـرب السيارة لكي يسافران معًا
هتف رامي باشتياق فور أن وقعت عيناه على مراد :
_والله وليك وحشه !
إبتسم مراد بهدوء واتجه إليه ،عانقَا بعضهما ثم صعد مراد السيارة بينما اتجه رامي إلى مقعد السائق وانطلق يشق طريقه نحو المطار … وأثناء ذلك دار بينهم الحديث التالي
_ ها أخبارك إيه؟
أجابه مراد بتنهيدة :
_ أخلص عليهم ووقتها تبقى تسألني السؤال ده !
نظر له رامي بهدوء:
_إنت مُصر بردو على إللي في بالك ؟
رد مراد وهو يغمض عينيه:
أيوة ..مكلمكش؟.
_ قصدك ..آه مفيش غير إن العملية على الأسبوع إللي جي !
تنهد مراد بضيق:
_تمام ! والمخفي لسه في المستشفى؟
_سمعت إنه كان هيخرج تقريبًا بعد يومين على ما أعتقد كده شكله مش هيشارك في العملية دي !
_ المهم جهزت إللي قولتلك عليه كله !
أومأ رامي بهدوء:
_أيوة كله تمام والنهاردة بالليل لو تحب كمان !
_تمام خلينا نخلص !
قال رامي بابتسامة :
_إن شاء الله وحقك هيرجعلك متقلقش !
_____________________
على صعيد آخر كان يستعد للخروج وهو يقف يرتدي سترته على عجلة ، هتف مروان إبنه بتوتر
_مقولتليش طيب رايح فين؟
أزاحه من طريقه بضيق شديد وهو يرمقه بنظرة مُستنكرة ثم قال بحدة :
_ملكش فيه ! إنت تترزع هنا مكاني وتستقبل العرايس الجديدة مفهوم ، آه وياريت ملكش دعوه بسمر !
هتف مروان بإنزعاج:
_يا بابا الوضع ده غلط أنا إبنك المفروض أنا دراعك اليمين إنت بتأمن لسمر أكتر مني وهي شايفه نفسها عليا !
هتف والده بفظاظه وهو يحرجه بكلماته :
_ لأني شايفها راجل مع إنها واحدة ست بس قوية مش خرعه زيك إنت اخرك تسهر تعدل مزاجك لكن شغل وكده لأ ملكش فيه ! غور من وشي يالا !
كور مروان قبضة يده بقوة وتوعد لتلك الفتاة ، ثم هتف بغضب شديد فقد جرحه بكلماته وطعنه في رجولته :
_ لأ ليا فيه وسمر بتاعتك دي نهايتها على أيدي أنا ، أنا المفروض إللي اكون مكانها ، رجالتك بتضحك عليا إن واحدة ست هي إللي بتمشي كلامها عليا ! وأنا طرطور تحت إيدها الوضع ده هيتغير سامعني !!
_آه
صرخ مروان بألـم ثم جثى على الأرض إثر رصاصـة من مسـدس والده ، نفث الآخر دُخان سلاحـه ورمقه باشمئزاز ثم هتف وهو يغادر :
_ده بس لأنك عليت صوتك عليا واتكلمت على سمر !
أنهى حديثه ثم تركه وغادر ، بينما كان مروان يتألم بخفوت ، وهو يأن فقد أصاب قدمه قرب العظام ، دلفت في تلك الأثناء سمر وعندما رأته على حاله هتفت ببسمة شامتة فكثيرًا ما كان يزعجها ذاك المعتوه كما تُـسميه :
_ إيتا إيتا ننوسه أنتِ إتعورتي يا حبيبتي مش قولنا بلاش نلعب بالنار تؤتؤ !
بصق مروان على وجهها بغضب شديد فابتعدت هي للخلف ثم تقدمت منه وقامت بالضغط على مكان إصابـته بضيق شديد:
_ اتجرأ واعملها تاني بقى سلام يا قطه !
_يا بنت الـ …
خرجت من عنده والإبتسامة لا تفارق شفتاها ، ومرت عبر الرجال بقوة والتقطت أذنيـها بعض الهمسات من الرجال المكلفين بحراسة المكان :
_ إيه ده دي بتضحك زي البنات أهي؟
رد الآخر بسخرية:
_ وهي بنت أوي شوف شكلها فاضلها شنب وتبقى راجل !
كورت قبضة يدها بقوة وضغطت على أسنانها بغضب شديد ثم قالت بصوت مُرتفع
_ سامر وعربي !
إتسعت أعينهم بصدمة فهتف الآخر بضجر:
_يخربيتها عايزة إيه؟
رد صديقه عليه:
_ تعالى يا عم نشوف عايزة إيه؟
وقف سامر أمامها وقال وهو يخفض رأسه أرضًا بهدوء:
_ نعم يا سمر هانم !
_ عايزاك حالا تعمل 500 ضغطة ولو وقفت عقابك هيكون شديد ! .
ثم وجهت حديثها إلى الآخر الذي يفغر فاه بذهول وقالت :
_ وإنت يا عم عربي تروح كده زي الشاطر تلم هدوم الرجاله كلها وتغسلها .
_ بس يا س….
رمته سمر بنظرة متهكمه وهي تقول بضيق:
_ إنت كمان بتقاطعني !
_ العفو مقصدش كملي !
_وتغسل المواعين كمان وكلمة زيادة هخليك تعمل اكتر من كده !
تمتم عربي وهو يكتم غيظه:
_ أوامرك !
رمقتهم بتهكم ثم أشارت لباقي الرجال أن يتولوا حراسة المكان ، وتابعت طريقها نحو الوادي .
وعندما وصلت إلى المكان الذي تلتقي فيه مع سيف فغرت فمها بصدمه ، فقد كان الآخر يضحك بهيسترية واغرورقت عينيه بالدموع من شدة الضحك ، ركلته سمر في قدمه بضيق وهي تقول:
_ لا والله عال يا عم سيف قاعد هنا ولا على بالك ومقضيها ضحك !
هتف سيف بإنزعاج:
_ يا ستير عليكِ في إيه يا سمر؟
_يا سيف ركز معايا إنت بتهزر وقاعد تضحك هنا ، وإحنا خلاص اللعب ابتدى إحنا دلوقت داخلين مع الروس في أكبر عملية ، إنت عارف الروس كويس مفيش رحمه وغَدارين ، أنا طول السنيين دول إللي دخلت فيهم العالم ده شوفت حاجات كتير بس ما اتهزتش ولا خوفت ، إلا من ويليام ده هو ورجالته دول أسوأ من الشياطين نفسها ياسيف !
زفر سيف الهواء وقد تحولت ملامحه للجدية :
_مدرك يا سمر والله وأنا كلمت رؤسائي وهما علي إستعداد ومستنيين مني تقرير مفصل عن مكان العملية والتسليم .
صمت قليلاً ثم أردف بضيق:
_ سمر أنا لما بهزر والله بعمل بس كدة عشان أهونها علي نفسي شوي ، أنا في العالم ده من قبلك بكتير وشوفت حاجات صعبة جدا ، تخيلي البنات بتوعهم لو واحدة منهم حِملت كانوا بيسقطوها قُدام عيني وإللي تمــوت منهم كانوا بيولعـ”ـوا في جثـ”ـثهم دول مفيش رحمه ولا إنسانيه عندهم ياما ضيعوا بنات وشباب يا سمر ده في مرة الزعيم أخدني معاه في مهمه ….
عودة إلى الوراء
نظر سيف باستغراب للمكان الذي هم فيه :
_ إيه المكان ده يا زعيم ؟
رد عليه الزعيم بهدوء:
_هنا كنزي يا سيف !
تحدث سيف باستفهام وهو ينظر للمكان حوله بدهشه:
_المقبرة دي كنزك إزاي بس يا زعيم ده المكان هنا لا يطاق !
_ إنت لسه جديد يا سيف متعرفش حاجه المقبرة دي أنا بجيب فيها التلاجات إللي بتولد دهب يا بني !
_ تلاجات إيه ودهب إيه أنا مش فاهم حاجه؟
ابتسم الزعيم بخبث :
_ التلاجات إللي في المشـ”ـارح بتاع المستشفيات وأي حد يموت بنجيبه هنا في المقبرة إللي تحت الأرض ، عشان نعرف نعمل العمليات بتاعتنا بعيد عن العيون والشوشرة بتاع البوليس ، مهي مش مقبرة بس دي أوضة متكاملة بكل الأجهزة وبأعلى مستوى هي شكليا مقبرة بس ماخفيه فيها كان أعظم زي ما المثل بيقول !
أنهى حديثه ثم ضغط على صخرة في الجدار الداخلي للمقبرة فظهر منه ما يشبه الباب عبر منه الزعيم أولا ، ثم جذب سيف الذي تعتلي ملامحه علامات الإمتعاض والضيق الشديد ، وهبطا للأسفل وأغلق الباب خلفه أو ذلك الجدار لنكون دقيقين في الوصف .
كان سيف ينظر للمكان من حوله وارتعدت أوصاله بزعر ، عندما وقعت عينه على بعض بقايا الجثـ”ـث المتهشمة ، كما رأى أجساد لنساء وأطفال مفتوحي البطـ”ـون في منظرٍ يبعث على الاشمئزاز ويدل على عدم الرحمة أي رحمة تلك حسبي الله ونعم الوكيل قالها سيف بداخله !
آفاق من ذهوله عندما ضغط ذاك العجوز على صخرة أخرى فانفتح منها ممر آخر يشبه السرداب ضيق بعض الشيء
_ تعالى يا سيف هنا بقى بنعمل العمليات بتاعتنا أما الأوضة إللي شوفتها دي فوق ، كانت المخزن وهنا بقى بنجري كل عملياتنا ومعانا دكاترة على أعلى مستوى ومنهم من برى مصر ، وإللي بيموت من رجالتنا بردو بنجيبه هنا ناخد منه إللي إحنا عايزينه ببساطه بنستفاد منه سواء كان عايش أو ميت وهو عايش ولائه وحياته لينا وهو ميت جسمه بأعضائه ملك لينا بردو !
كان سيف ينظر بقرف واحتقار لذاك العجوز يود لو يخنقه حتى تُزهق روحه في يده أو يفصل رأسه القذر هذا عن جسمه ، فجأة شعر بالدوار ورغبة مُلحة في التقيئ …
_ إجمد يا سيف كده أنا اخترتك إنت عشان إنت أحسن واحد عندي وبثق فيك ولازم أفتح عينك وأفهمك كل حاجه عن شغلنا .
صمت قليلًا ثم أردف بقرف :
_ابني مروان ده ملوش في الشغل هو عايز بس عاهـ … ،كل يوم ده موت لي أغلب البنات إللي عندي مفهوش فايدة خالص !!
أخذ سيف يستفرغ كل ما في معدته لم يعد قادر على تحمل هذا المكان أكثر ولا تلك الرائحة الكريهة المنبعثة من تلك الجـثـ”ـث حوله والأعضاء
عودة إلى الواقع
_دول مش بشر وأنا إللي شوفتهم بيعتـ”ـدوا بوحـ”ـشيه علي بنت قُـدامي لما هربت كنت بقول دي أبشع حاجه شوفتها لكن إنت صعب أوي إللي شوفته !
تنهد سيف بحزن:
_ العالم ده صعب ووحش جدا يا سمر أنا بابا مات في عملية زي دي وأنا صممت أدخل شرطه مهمات خاصة عشان كده أكمل مسيرته يا سمر وأقبض عليهم .
أكمل بحزن وعينيه غامت بالدموع :
_الإنسانة إللي ارتبطت بيها وحبيتها قتـ”ـلوها كانت راجعه من شغلها وخطفوها وعرفت بعدين أنها ماتـ”ـت
_ قربنا نخلص البلد من شرهم يا سيف أنا بردو عايزة أخلص البنات إللي جيين دول 500 بنت حياتها مسؤوليتي يا سيف وهننجح فيها بإذن الله وربنا معانا وهينصرنا عليهم أكيد !
قال سيف وهو يمسك بيدها يضغط عليها:
_إن شاء الله
رفعت سمر حاجبها بمرح :
_إبعد كده يالا إنت إستحليت الموضوع ولا إيه …سيب إيدي بدل ما أعمل منك شاورما !
_ يخربيتك فصيلة !
_طب يلا إتأخرنا أوي زمان الزعيم قالب علينا الدنيا يلا في إجتماع للأعضاء النهاردة
وافق سيف بهدوء:
_يالا بينا بس أنتِ كنتي جايه ليه كنتي هتقولي حاجه ؟
_مفيش الزعيم كان قالب خالص من انبارح ومش عارفه ليه وسألته وقالي كلام مفهمتوش عز بيستغفلني وبعدها سكت والنهارده مش عارفه كان ماله ده حتى لقيته ضـ”ـرب مروان في رجله هو يستاهل بس الزعيم على آخره ربنا يستر !
_خلاص نهايته قربت !
أنهى حديثه وخرجا ووقعت عين سمر على ورقة مطوية وموضوع عليها حجر ، نظر كلاهما لبعض بصدمة كبيرة وتوتر :
_ روحنا في داهية !
نظر لها سيف بضيق:
_أهدي تفتكري كان فيه حد ؟
بادلته سمر النظرات بأخرى حانقه وهي تردف مؤكدة بضيق:
_أمال إيه دي ؟
ثم انحنت وأمسكت بالورقة وفتحتها بتوتر شديد نظر كلاهما لما دوّن فيها وقالا معًا بصوت واحد
_مستحيل !
________________________
كان يجلس على مقدمة سيارته قرب البحر يزفر بحنق وهو ينظر لساعة يده بضيق شديد ثم أغمض عينيه وهو يتذكر تلك الرسالة التي جائت له مساء أمس
عودة إلى الوراء
نظر أمجد بدهشة لتلك الرسالة التي كان مفادها “لو عايز تعرف مكان أختك تعالى على العنوان ده( ……) بكره على الساعة 9وتكون لوحدك مفهوم ”
_ إيه ده بقى إن شاء الله؟ حد بيستظرف؟
صمت قليلًا يفكر ثم حاول الإتصال بالرقم ولكن الخط غير موجود بالخدمة زفر بغضب وهو يضرب على مقود السيارة بإنفعال شديد:
_ بتلاعبوني يعني كل واحد هيتسلى بيا شوي إنتي فين يا لميس بس !
وضع رأسه على مسند القيادة وأغمض عينيه ثم هدأ قليلاً وعزم على الذهاب للموعد لن يخسر شيئًا إن ذهب …
عودة إلى الواقع
نظر أمجد بتوتر إلى ساعة يده :
_ أتأخر ليه بقى هو كمان ؟
_ أنا هنا يا زميل !
ألتفت أمجد ونظر نحوه بصدمة كبيرة ثم هبط عن سيارته ووقف ينظر إليه بدهشة سُرعان ما تحولت لغضبٍ مكتوم :
_ وأخيرًا شوفتك تاني يا مراد كنت حاسس بردو إنه إنت!
ابتسم مراد بتهكم شديد ثم ضحك بخفه ، بينما الآخر شرد وهو يتذكر أين رآه أول مرة
هتف أمجد بغضب شديد وهو يراه يضحك باستفزاز:
_مش هرحمك علي إللي عيشتني فيه بقالي أربع سنين في توتر وقلق من مجهول !
عودة إلى الوراء
كان عائدًا من شركات وقبل صعوده سيارته لفت نظره وجود ورقه مطويه على زجاج سيارته من الأمام وكتب به بالعربي ولغة تهديد صريحة “استعد أقرب شخص ليك نهايته قربت”
عاد أمجد إلى منزله سريعًا وأخرج صندوق كبير كان قد جمع فيه تلك الرسائل التي أتته على مدار الأربع سنوات الماضيه بعد وقبل تخرجه من الجامعه وأخرج الرسائل وحاول ترتيب الأحداث حتى يستوعب من يقصد برسائله
_الوضع مبقاش يطاق ده بجد ، بس مين ده وعايز مني إيه؟ والأهم من ده كله يقصد إيه بالرسايل دي ؟
صمت قليلًا يفكر ثم تذكر أول مرة عثر بها على رسالة التهديد الأولى كانت بعد أن خرج من جامعته واصطدم بذاك الغريب الذي ظهر له من العدم ، وبعد ذهابه إلى المنزل فوجئ بوجود ذلك الظرف في سترته لابد أنه هو من وضعه به عندما كان قريب منه ..
تمتم أمجد بتوتر:
_ملامحه غريبه شكله مش أمريكي ملامحه كانت شرقية ده أكيد من مصر معقول !
ومع آخر رسالة وصلت إليه والتي كان قد كتب فيها كلمتين إثنين مفادهم أن تهديده قد حصل قرر العودة فورًا
عودة إلى الواقع
_انطق أختي فين ؟ وإوعى تفكر إني هصدق المسرحية الكدابه إللي عملتها قُدام أبويا دي !!
رمقه مراد بضيق:
_تصدق أو ماتصدقش متفرقش معايا وابوك الـ…..
صاح أمجد بغضب شديد وهو يتجه نحوه امسكه من ياقة قميصه :
_ أخرس قطع لسانك أبويا أنضف منك ومن إللي …
ما كاد يكمل حتى تلقى لكمة قوية أطاحت به أرضًا فصرخ مراد بحدة :
_بقولك إيه كلمة زيادة وهنسى إنك أخوها فاهم وقبل ما تلبخ في الكلام قوي ، أنا مستعد أثبتلك صدق كلامي وده مش علشان إنت يهمني أمرك لا علشان افوقك من دور الوهم إللي إنت عايش فيه .. إنت بتسمي نفسك أخ إنت ها؟ لما جي دلوقت تدور على أختك تعرف إيه إنت عنها علشان تقول أختي تعرف إيه ؟ سكت ليه ؟.
وضع مراد إصبعه في منتصف صدره وهو يشير إلى نفسه :
_أقولك أنا ولا حاجه لميس كانت بتعتبرني أنا أخوها وصديقها أنا عارف هي بتحب إيه وبتكره إيه وإيه إللي بيضحكها وايه إللي بيحزنها ؟ أنا عارفها أكتر منك ، إنت كأخوها عملت ليها إيه جيت مره شوفتها سألت عنها حتى ده أنا أشك لو إنك عارف بيت جدتك فين في تركيا ؟.
شعر أمجد بالحزن الشديد هو محق كلامه صحيح هو لم يكن يومًا أخ للميس ولكنه مع ذلك تجاهل حديثه ونهض عن الأرض ووقف مقابله وصرخ بشدة :
_ وإنت مالك إنت؟ جي تعرفني إنك عارف أختي أكتر مني ملكش فيه هي فين بقى و أوعى تصدق إني هصدق كلامك الفارغ ده أختي أصلا تعرفك منين ؟علشان تعتبرك صديقها ؟
ضحك مراد بشدة وقال :
_وإنت هتعرف منين يعني من على ضهر إيدك مثلا إنت اخوها بالدم غير كده متعرفش عنها أي حاجه وده مش موضوعنا دلوقت ابوك ….
_ متغلطش في أبويا قولتلك !
قال مراد بضيق:
_ لأ اغلط وبراحتي كمان لأن أبوك ابن …… اعتـ”ـدى على اختي إللي زي بنته ! ومش بس كده ده نصب على أبويا ودخله الشحن ظُلم ودمر عيلتي كلها يبقى إبن كـ…ـلب ولا ……
_ مستحيل أصدق مش ممكن !
مراد بحزن عميق:
_لأ صدق أبوك دمرني وقـ”ـتل أختي ومش أختي أنا بس لا ده دمر حياة ناس كتير من شغله الوسـ …في المافيا.
جثى أمجد على ركبتيه وانهمرت الدموع من عينيه نعم لم يشعر يوما بمحبته له ، لذلك رماه في ذلك المنفى بمفرده حرمه من حنان والدته وأخبره أنها هي لا تريده ، ولم يأتي لزيارته ولكنه مع ذلك كان يحبه بشدة فهو أباه كان يستمع لأخباره دوما وعن مشاريعه الناجحه ، وأنه بات رجل أعمال كبير له وزنه وسمعته ، كان يلتمس له العذر ، ويخبر نفسه بحزن شديد
_هو بيعمل ده كله علشاني أنا وأختي بيمعلنا إسم وفلوس تكون لينا ومستقبل علشان كده انشغل عنا …
التمعت الدموع في عينيّ مراد ونظر للسماء بحزن شديد ، فرفع أمجد رأسه بدموع :
_ عمي أحمد بيقول إنه معاه دليل حساس جدًا وهو إللي هيثبت كلامك ده دلوقت بس مرضيش يوريهولي ، إنتوا بتلاعبوني ، و أنا مش قادر أصدق إن أبويا يعمل كل ده كأنكم بتحكولي عن إنسان غريب أنا معرفوش .
صمت قليلاً ثم تابع بسخرية وصوت خافت :
_وأنا يظهر فعلاً إني معرفوش !!
طالعه مراد باستغراب :
_ دليل إيه ده؟

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية حب بين نارين)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *