روايات

رواية سيد القمر الأسود الفصل السادس 6 بقلم زينب مصطفى

رواية سيد القمر الأسود الفصل السادس 6 بقلم زينب مصطفى

رواية سيد القمر الأسود البارت السادس

رواية سيد القمر الأسود الجزء السادس

سيد القمر الأسود
سيد القمر الأسود

رواية سيد القمر الأسود الحلقة السادسة

جلس عمر في الغرفة الخاصة بمدير المشفى الذي قامت جدته بإجراء التحاليل والأشعة به يطمئن من الطبيب الخاص بها على حالتها الصحية.
عمر بقلق :
= أنا محتاج أطمن على جدتي الأزمة اللي جاتلها إمبارح دي ممكن تتكرر تاني لو كده أنا هاخدها على فرنسا وأدخلها مصحة علاجية هناك ، فلو إنت شايف إن في أي خطر على صحتها أنا هسافر بيها على طول.
الطبيب بإحترام وهو يشير للأشعة الخاصة بجدة عمر :
= لا مفيش أي داعي للسفر ، والأزمة اللي جاتلها إمبارح دي أزمة ربو عادية ممكن تيجي من أي تهيُّج للجهاز التنفسي ، وبمجرد ما تستخدم البخاخ الأزمة بتنهتي من غير مضاعفات والحمد لله زي ما توقعت دولت هانم حالتها مستقرة.
كل الفحوصات اللي إحنا عملناها ليها بتقول إن صحتها كويسة جداً بالنسبة لِسنها.
عمر بقلق :
= يعني حالتها كويسة ومفيش داعي أقلق!
الطبيب بإبتسامة مُطمئنة :
=متقلقش يا عمر بيه لو فيه أي خطر على صحتها أنا كنت هعرفك على طول وأهم حاجة إن مع العلاج اللي بتاخده حالة قلبها مستقرة ، وزي ما قلتلك قبل كده أهم حاجة الإنتظام في العلاج و توفير الراحة النفسية ، وعدم الإنفعال وإبعادها عن أي ضغوط أو أخبار مش كويسة ؛ فده هيخلي حالتها مستقرة ويبعدها عن أي خطر ممكن يتسبب في تدهور حالتها.
عمر بجدية وهو ينهض مغادر اً:
=شكراً يا دكتور وإن شاء الله هنفذ كل تعليماتك.
ليتابع بجدية:
= أنا مفيش حد أغلى عندي منها و هنفذ أي حاجة تحافظ عليها وعلى صحتها.
الطبيب بإحترام:
= وده إللي أنا متأكد منه يا فندم والمستشفى كلها تحت أمرك وأمر دولت هانم في أي وقت.
بعد قليل..
جلست حبيبة صامتة بغضب تنظر من نافذة السيارة ، تندب حظها على فشل خطتها بالهروب وتحاول التخطيط مجدداً لمحاولة جديدة وخصوصاً بعد الذي فعله عمر معها ، ليتملكها شعور بالعار وهي تفكر بألم ما الذي يظنه بها حتى يفعل بها ما فعله هل يظنها فتاة رخيصة سهلة تسمح لأي شخصاً كان أن يلهو بجسدها ومشاعرها.
فهي بالتأكيد بالنسبة له لعبة يلهو بها قليلاً و سيتركها عندما يمل منها ..
في حين جلس عمر بجانب جدته يمازحها بمرح وعينيه لا تفارق وجه حبيبة الغاضب.
دولت هانم برجاء
= عمر ماتودينا البلد نقضي بقية اليوم هناك نفسي أشوف زرع وخضرة وكمان أشوف ناسنا الطيبين اللي هناك دول وحشوني أوي.
رفع عمر يد جدته وقبلها بحنان وهو يقول بمرح :
=إنتي تؤمريني يا دولي هانم خلاص نروح البلد ونقعد لحد ماتزهقي كمان و أهو نغير جو.
ثم ابتسم بمرح وهو يراقب وجه حبيبة العابس:
= وأهو نغير جو ونريح أعصابنا أصل أنا حاسس إنها مشدودة على الآخر.
ثم وجَّه حديثه للسائق :
= إطلع بينا على البلد يا عم توفيق.
أطاع السائق الأمر وتوجه إلى قصر الرشيدي الريفي وهو يقول بإحترام :
= أمرك يا عمر بيه…
بعد مرور ساعة
وقفت حبيبة بداخل غرفة دولت هانم تساعدها على الإستلقاء في الفراش للحصول على قسط من الراحة بعد رحلة السفر الشاقة عليها.
دولت هانم براحة :
= بذمتك مش هنا أحسن من القصر اللي في القاهرة مليون مرة.
رسمت حبيبة على وجهها إبتسامة مجاملة وهي تحكم الغطاء جيداً على دولت هانم :
=آه فعلاً المكان هنا جميل أوي.
ربتت دولت على يد حبيبة وهي تبتسم بحنان :
= ولسه لما تتفرجي عليه كويس هتحبيه زيي وأكتر كمان ،
ثم تابعت بحنان :
= يلا يا حبيبتي روحي خليهم يحضرولك الغدا إنتي وعمر إنتوا مكلتوش حاجة من الصبح.
عقدت حبيبة حاجبيها برفض إلا أنها أجابت بهدوء :
= طيب حضرتك مش هتتغدي تحبي أجيبلك الغدا هنا.
دولت هانم برقة :
= لا أنا إتغديت في المستشفى علشان في تحاليل مكنش ينفع أعملها إلا بعد ما أكون أكلت.
ثم تابعت وهي تغلق عينيها بتعب :
= روحي إنتي إتغدي وإتفرجي على القصر و أبقي قوليلي رأيك إيه !
ابتسمت حبيبة برقة وهي تغلق ضوء الغرفو مغادرة :
= حاضر .. هسيبك أنا عشان ترتاحي.
أغلقت دولت عينيها واستسلمت للنوم
في حين خرجت حبيبة و أغلقت الباب خلفها بهدوء
ثم توجهت للأسفل وهي تشعر بالتوتر خوفاً من مقابلة عمر ، إلا أنها سرعان ما شعرت بالإرتياح عندما أدركت أنها تتواجد بمفردها في المكان.
تجولت حبيبة بداخل القصر ووقفت تتأمل بإعجاب القصر الريفي الرائع الذي يحيط به من كل إتجاه .
الأشجار والزهور رائعة الجمال والممتدة على مرمى البصر والتي أشعرتها أن لا نهاية لها خصوصاً أنها متداخلة مع حدائق الفاكهة الغنَّاء والتي تمتد لمئات من الأفدنة.
حبيبة وهي تنظر للحديقة بإنبهار :
= الله … المكان هنا مريح وجميل أوي.
ثم نظرت حولها بتردد وهي تقرر التجول في الحديقة وإستكشافها.
= أكيد عمر بيرتاح في أوضته هو كمان ودي أحسن فرصة أتفرج فيها على المكان قبل ما يصحوا من النوم.
مرت أكثر من نصف ساعة وهي تتوغل بداخل الحديقة تتأملها بإعجاب شديد حتى وصلت إلى صفوف من أشجار المانجو الشهية.
فابتسمت بمرح وهي تحاول القفز عالياً لإلتقاط ثمرة من ثمار شجرة المانجو التي تعشقها بشدة إلا أنها فشلت ، فحاولت مرة تلو الأخرى لتقف مُتنهدة بفشل:
= يووووه خلاص مش عايزة دا انتي مانجاية بايخة.
صرخت حبيبة متفاجئة بخوف وهي تشعر بذراع قوية تلتف حول خصرها وترفعها بسرعة إلى الأعلى ، لتجد نفسها فجأة تجلس فوق صهوة جواد ينطلق بسرعة شديدة وظهرها يلتصق بصدر قوي جامد كالصخر.
ليتملكها الغضب وهي تستمع لعمر الذي همس بمرح في أذنها وهو يلف يده حول خصرها يثبتها إلى جسده حتى لا تقع من فوق الجواد وبيده الأخرى يلتقط ثمرة مانجو طازجة من أحد الأشجار ويضعها بيدها :
= ولا يهمك ياستي وأدي أحلى مانجاية لأحلى بيبة المهم متبقاش زعلانة مني ولا زعلانة من المانجاية الغلبانة.
حاولت حبيبة فك يده من حول خصرها وهي تقول بغضب :
= لو سمحت شيل إيدك من عليا ووقف الحصان ونزلني .. ميصحش كده يا عمر بيه.
ابتسم عمر بخبث وهو يفك يده من حول خصرها
= بس كده حاضر .. وأدي إديا شلتها.
صرخت حبيبة بخوف بعد أن إبتعدت يده التي كانت تدعمها وتثبتها فوق الجواد الذي إنطلق بسرعة شديدة جداً ، فتمايلت بشدة وكادت أن تسقط من فوق الجواد فالتفتت إليه بسرعة وتمسكت به من خصره وهي تدفن وجهها برعب بداخل صدره وهي تصرخ بتهديد وسط ضحكات عمر المرحة
= وقف الحصان ونزلني أحسنلك..
فتفاجئت به يمرر يده حول خصرها ويعدل من جلستها ويضمها أكثر إليه وهو يهمس في أذنها برقة :
= بطلي صريخ وإتفرجي على الجمال اللي حواليكي .. إسترخي .
نظرت حبيبة حولها بدهشة شديدة فحولها وعلى الجانبين يوجد صفين وارفين ومتقابلين من أشجار ثمار الفاكهة المختلفة تتقابل أوراقهم الوارفة من الجانبين فيشكلون ممر بارد و رائع ذو حاجز طبيعي ضد الشمس وتظهر الثمار فوق الأشجار وكأنها حبات من الجواهر مختلفة الألوان والأشكال وتحيط بهم أزهار رائعة الجمال تعلوها الكثير من الفراشات الزاهية الألوان.
والأرض مكسوة بعشب أخضر زاهي ، في حين تترقرق المياة في جدول صغير يمر ما بين الأشجار.
حبيبة بدهشة وإعجاب :
= مش معقول الجمال ده .. ده حتة من الجنة.
ضم عمر ظهرها أكثر إليه وهو يريح ذقنه على كتفها ويهمس في أذنها بحنان :
= أنا مبسوط إنه عاجبك ؛ لأن ده أكتر مكان أنا برتاح فيه .. وكنت عاوزك تشوفيه معايا.
إرتجفت حبيبة بتأثر إلا أنها أجابت بصوت حاولت أن تصبغه بالغضب وهي تحاول الإبتعاد عنه فخرج صوتها مرتعشاً ومتقطعاً بالرغم عنها :
= عمر بيه .. مينفعش كده .. تصرفاتك معايا .. غلط .. أنا مش كده.
ابتسم عمر وترجل عن الجواد ثم لف يده حول خصرها و ساعدها على النزول لتتلقفها ذراعيه ويرفعها عليهم دون أن ينزلها أرضاً وهو يتجاهل صراخها إحتجاجها الغاضب.
حبيبة بغضب :
= ممكن تنزلني .. مينفعش كده .. أفرض حد شافنا هيقول عليا إيه !
عمر بمرح
= المكان ده خاص بيا ومفيش حد يقدر يقرب منه طول ما أنا هنا إلا بإذني.
تلفتت حبيبة حولها بخوف وهو ما يزال يحملها
= يا نهار أسود يعني إحنا هنا لوحدنا خالص !
عمر بجدية
= لأ طبعاً انتي اتجننتي لوحدنا إزاي يعني !!
تنهدت حبيبة بإرتياح
= آه أنا قلت كده برضه .. طيب ممكن تنزلني بقى بدل ما حد يشوفنا وإنت شايلني كده.
توجه عمر إلى إحدى الاشجار المفروش تحتها سجادة قطنية و صندوق خاص بحفظ الطعام ثم وضعها أرضاً وهو يقول بمرح :
= متخافيش يا بيبة العصافير والفراشات مبيفتنوش على حد.
عقدت حبيبة حاجبيها بعدم فهم وهي تراقبه يجلس بجانبها ويسند ظهره إلى الشجرة العملاقة التي يجلسون تحت ظلالها
= فراشات وعصافير إيه أنا مش فاهمة حاجة .
ثم شهقت وعينيها تتسع بصدمة
= إنت تقصد .. إن .. إن العصافير والفراشات هما بس اللي موجودين معانا يعني مفيش ناس موجودين معانا هنا !
ثم هبت واقفة وهي تتلفت حولها بإرتباك
= أنا .. أنا همشي من هنا.
لتشعر فجأة بيد عمر تجذبها للأسفل فتقع جالسة على ساقيه وتشعر بيديه تلتف من حولها وكأنه يكبلها وبيده الأخرى ترفع وجهها الخائف إليه وهو يهمس فوق شفتيها بحنان
=ناكل الأول ولا نعمل حاجة تانية!
ابتلعت حبيبة ريقها بخوف :
= ها … لا ناكل .. ناكل .. أنا حاسه إني جعانة أوي.
مال عمر أكثر إليها وقبلها فوق شفتيها برقة وهو يهمس فوق شفتيها و يبتسم بحنان
= كده ..طب أفتحي شفايفك الحلوة دي.
ابتلعت حبيبة ريقها بتوتر شديد وزادت قوة ضربات قلبها حتى شعرت به كأنه سيقذف خارج صدرها وهي تقول بدهشة :
= إيه!
فتفاجأت به يضع قطعة من الطعام بداخل فمها وهو يعدل من جلوسها فوق ساقيه ويقبلها بحنان من وجنتها وهو يقول بحنان :
= بقول أفتحي شفايفك الحلوة دي علشان اعرف أئكلك.
حاولت حبيبة الإبتعاد عنه وهي تقول بإرتباك وعينيها تمتلئ بالدموع :
= عمر بيه اللي بيحصل ده مينفعش إنت بتتعامل معايا كأني .. كأني ..
ثم صمتت بتعب.
رفع عمر وجهها إليه وهو يقول بجدية :
= حبيبة .. مفيش داعي لخوفك وتوترك ده أنا عمري ما هأزيكي متخافيش مني ، كل الموضوع إني حابب إنك تشاركيني مكان أنا بحبه أوي .. ويا ستي متخافيش إحنا هنتغدى وأفرجك على المكان وبعدين هنمشي على طول.
ثم أضاف بمرح. :
= يلا بقى إفردي وشك و وريني الإبتسامة الحلوة .. ولا مش عوزاني آكل معاكي!
حبيبه بإرتباك :
= طيب ممكن تخليني أقعد جنبك هنا بلاش يعني أقعد بالشكل ده.
ابتسم عمر وهو يقول بمرح :
= قصدك يعني أنزلك من حضني !
اشتعل وجه حبيبة بخجل وهي تقول بإرتباك :
= آه.
ضمها عمر أكثر إليه وهو يضع برقة قطعة طعام في فمها :
= لاء.
حبيبة بدهشة :
= إيه!!
عمر وهو يتابع إطعامها بحنان :
= اللي سمعتيه لاء .. وكلي أحسنلك .. إلا بقى لو كنتي تحبي إننا نسيب الأكل و نعمل حاجة تانية.
حبيبة بإرتباك :
= ها .. لا خلاص هاكل .. هاكل أهوه.
ابتسم عمر وهو يقبل وجنتها الساخنة بمرح:
= شاطورة يا بيبة وبتسمعي الكلام .. يلا دوقي دي كده.
ليمر الوقت عليهم ما بين تناولهم الطعام و بين حديثه الشيق معها عن بعض مغامراته وسفراته العديدة.
حبيبة بدهشة:
= ياه كل دي أماكن إنت روحتها .. أنا مش متخيلة إن في أماكن زي دي في الدنيا.
ضمها عمر بحنان أكثر إليه وهو يريح رأسها فوق صدره و يقول بجدية :
= وإنتي ..إحكيلي عنك!
ارتبكت حبيبة وحاولت الإبتعاد إلا أن يديه أشتدت حولها تثبتها أكثر إلى أحضانه .. وهي تجيب بصوت خفيض متردد
= مفيش حاجه أحكيها .. أنا حياتي أقل من عادية.
مرر عمر أصابعه بحنان بداخل خصلات شعرها الناعمة وهو يقول بإهتمام :
= بس أنا عاوز أعرف عنك كل حاجة مثلاً والدك ووالدتك فين !
إنسابت الدموع من عين حبيبة وهي تقول بألم :
= ماتوا .. ماتوا من وأنا لسه صغيرة كان عندي لسه سبع سنين.
مسح عمر دموعها بحنان وهو يشجعها على المتابعة
= ياه إنتي كنتي لسه صغيرة أوي أكيد كانت صدمة كبيرة عليكي.
ثم تابع بإهتمام :
= طيب اللي عيشتي معاهم معاملتهم معاكي كانت كويسة ..
هزت حبيبة رأسها بتعب تحاول المرواغة فهي ترفض إخباره بأنها تربت تربية قاسية بداخل أحد الملاجئ الموحشة:
= آه معاملتهم كانت كويسة أوي وزي ما إنت شايف كبرت وأتعلمت وأشتغلت وبس…
إشتدت يد عمر حولها بتملك وهو يقول بغيرة لم يستطع السيطرة عليها :
= وشريف ..أظن إنه ابن عمك مش كده !
حبيبة بتوتر :
= آه ابن عمي وكنت بعتبره زي أخويا.
ضيق عمر مابين عينيه وهو يقول بتساؤل :
=يعني إيه كنتي بتعتبريه زي أخوكي؟
حبيبة بإرتباك وقد إنتبهت لزلتها :
= أقصد يعني إنه دلوقتي طالبني للجواز ومينفعش أفضل أعتبره زي أخويا.
عمر بهدوء
=بس … أقصد .. هو ده كل اللي بيجمعك بشريف!
شحب وجه حبيبة وهي تقول بخوف
= آه .. أومال هيجمعني بيه إيه تاني!
رفعها عمر بهدوء من فوق ساقيه ووقف بجانبها وهو يلف يده حول خصرها وهو يبتسم و قد تجاهل إجابتها
= تعالي أفرجك على المكان.
لتمر عليها بضع دقائق وهي تشعر بالإرتباك الذي سرعان ما تبدد من معاملة عمر الحانية معها وهو يريها جنته الصغيرة.
إرتفعت ضحكات حبيبة بمرح وعمر يرفعها من خصرها حتى تقطف إحدى ثمار المانجو الشهية ثم أنزلها وهي تصرخ بطفولية مبهجة :
= أخيراً .. أخيراً قدرت أقطفها .
ثم مطت شفتيها وهي تتأمل ثمرة المانجو الشهية بأسف:
= بس للأسف مش هقدر أكلك.
عمر بدهشة :
= ومش هتعرفي تكليها ليه!
صطبغت وجنت حبيبة باللون الأحمر وهي تقول بإحراج :
= أصل بصراحة مفيش مرة كلت مانجة إلا ما بهدلت وشي وهدومي وكل الدنيا من حوليا.
إرتفعت ضحكات عمر وهو يقول بحنان :
= طيب تعالي..
ثم قادها إلى الجدول الصغير الذي يشق حديقته ، وجلس بجانب صخرة عالية ، ثم جذبها وأجلسها مرة أخرى فوق ساقيه وهو يقول بحنان :
= تعالي أنا هأكلك بأديا علشان متبهدليش نفسك.
حبيبة بخجل :
= لا خلاص مش مهم يعني.
رفع عمر شعرها خلف أذنها برقة :
= وده معقول برضه بيبة يبقى نفسها في حاجة ومنعملهاش !
ثم أضاف بحنان :
=إفتحي الشفايف الحلوة دي يلا ..
ثم بدأ في إطعامها من ثمار المانجو وهو يضحك على طريقتها الطفولية في تناولها.
إبتسمت حبيبة بحرج وهي تشير إلى وجهها:
=شايف حتى بعد ما أكلتني وشي برضه أتملى عصير.
مرر عمر أصابعه بإفتتان عاشق فوق شفتيها وهو يقول بحنان :
= ولا يهمك المهم تكوني مبسوطة ، وإن كان على العصير ده أنا هشيلهولك خالص.
ثم مرر شفتيه برقة على قطرات العصير الصغيرة الموجودة على وجهها كأنه يتذوقها بتلذذ شديد حتى وصل إلى شفتيها يـ*قبلهم قُــ*بل صغيرة مُتمهلة حتى إستجابت له وأنفر*جت شفتيها دون إرادتها ، ليلـ*ـتهم شفتيها بلهفة شديدة وهو يتذوق شهد شفتيها بتمهل وشغف شديد .. في قُـ*بلة عاصفة إمتدت بهم لكثير من الوقت..
بعد مرور أسبوع …
وقفت حبيبة في غرفتها تعدل من وضع حجابها وهي تتأمل وجهها الذي ينبض بالحياة بسبب معاملة عمر الأكثر من رائعة معها وهي تشجع نفسها بقلق :
= النهاردة هقوله على كل حاجة شريف واللي عمله والحادثة ودوري فيها ، والملجأ اللي إتربيت فيه مش هخبي عليه حاجة.
ثم مسحت دموعها التي تسيل بالرغم عنها :
= أنا بحبه أوي ومش هينفع أسيبه مخدوع فيا وفي اللي حواليه أكتر من كده.
ثم مسحت دموعها وهي تقول بتصميم :
= حتى لو كان التمن إنه ينتقم مني أو يسجني أو حتى يرميني برة حياته ، برضه هقوله ، ومش هستنى لما شريف ولا مي يحاولوا يأذوه من تاني لازم أحذره .
ثم وضعت يدها على قلبها الذي تتسارع دقاته بخوف وهي تقول بألم :
= يارب يكون إحساسي صح ويكون بيحبني زي ما بحبه ويقدر يسامحني .
ثم توجهت للأسفل وهي تشجع نفسها وعقلها يسترجع بأمل كل تصرفاته الحانية والرقيقة معها ومعاملته المميزة لها ؛ فهو يعاملها كالأميرات ، جعلها تعيش قصة خيالية خاصة بها ، جعلتها تذوب فيه حباً وعشقاً.
دخلت حبيبة إلى بهو القصر لتجد دولت هانم تجلس على إحدى الأرائك وهي تتحدث بغضب في الهاتف إلى إحدى صديقاتها ثم أغلقته وهي تقول بحنق أثار دهشة حبيبة :
= عمر فين!
حبيبة بإرتباك :
= مش عارفة أنا لسه نازلة من فوق ومشفتوش خالص النهاردة.
ليرتفع صوت عمر وهو يقول بمرح :
= أنا هنا أهو يا ست الكل ، كنتي عيزاني في حاجة!
الجدة وهي تغادر بغضب :
= لا مش عاوزة منك حاجة يا عريس بس ياريت متنساش تعزمني في فرحك ما أنا خلاص بقيت آخر من يعلم.
ثم غادرت المكان بغضب..
شحب وجه حبيبة بشدة وهي تقول بعدم تصديق
= فرح … فرح إيه اللي دولت هانم بتتكلم عنه !
عمر بهدوء وهو يتأمل ملامحها الشاحبة :
=قصدها خطوبتي أنا ومي ، أصل خلاص أنا حددت ميعاد خطوبتي يوم الجمعة الجاي بس مقولتش ليها وعشان كده هي زعلانة.
حبيبة بذهول:
= خطوبتك الجمعة الجاية .. طب إزاي !!
عمر ببرود :
=إزاي إيه .. مش فاهم !!
حبيبة بذهول وغضب من ردة فعله الباردة :
= أفهمك .. لما إنت ناوي تخطب بنت خالتك كنت بتتصرف معايا كده ليه وكأنك .. وكأنك..
عمر مقاطعاً بسخرية قاسية :
= وكأني إيه ! .. بحبك مثلاً آه ويمكن خيالك كمان صورلك إني ممكن أنزل من مستوايا و أتجوزك.
بهتت حبيبة وهي تستمع إليه يواصل بتكبر وقسوة شديدة :
= جرى إيه يا حبيبة فوقي .. إنتي ناسية أنا مين وإنتي بتشتغلي عندي إيه ، تفتكري واحدة زيك ممكن أفكر إني أحبها أو أتجوزها ، إيه خلاص إتجننتي !!
شعرت حبيبة بالدوار يستولي على رأسها وهي تقول بألم :
= ولما انا مش من مستواك كنت بتعمل معايا كل الي عملته ده ليه !!
عمر وهو يتأملها ببرود :
= بتسلى .. طبق تسالي رخيص قدامي نفسي راحت ليه ، فـدُقت منه حبيتين عادي يعني..
ثم تابع بقسوة وسخرية شديدة :
= إحمدي ربنا إني كنت عاقل ومكلتوش كله وإنتي طبعاً عارفة إني كنت أقدر وبسهولة كمان ..
ثم مط شفتيه وهو يتأملها من أسفل إلى أعلى بإستخفاف :
= بس للأسف الطعم معجبنيش وده بس اللي منعني أكمل للآخر.
ثم تابع وهو يشير لها إستعلاء وإهانة :
= يلا يا حبيبة روحي شوفي شغلك وبلاش أوهام فارغة ، الموضوع كله كام بو*سه على كام حـ*ضن يعني مش مستاهلة كل الدراما اللي إنتي عملاها..
ثم تابع وهو يستعد للمغادرة
= أنا طالع لجدتي وإنتي إجهزي علشان هنرجع القاهرة النهاردة.
بعد مرور يومين..
وقفت حبيبة بداخل شرفة غرفتها التي تطل على الحديقة الخلفية للقصر ، تتأمل الحفل الفخم المقام في حديقة القصر بمناسبة إعلان خطوبة عمر ومي ؛ فأغلقت عينيها بألم وهي تتراجع بوجع إلى الخلف وتنساب دموعها بصمت على وجنتيها ثم إستلقت على الفراش وهي تحتضن نفسها بألم و تنهار في نوبة بكاء قوية وقد إنهارت كل محاولتها للمقاومة ..
شعور بالغضب والإختناق يستولي عليها وكأن الهواء ينفذ من رئتيها ، وعقلها يعيد عليها كل الذكريات السيئة التي مرت عليها في سنين عمرها القليلة ، وفاة والديها .. قسوة زوجة عمها وإصرارها على طردها من منزلها وهي مازالت طفله صغيرة ، دخولها الملجأ والمعاملة القاسية التي تلقتها بهِ ، تحرشات أصحاب العمل بها ، وتحكمات مالكة المنزل الذي تقيم فيه ، وتهديدها الدائم بالطرد شعورها الدائم بالخوف و عدم الامان ،، وأخيراً ما فعله بها شريف الذي ورطها في جريمة قد تتسبب على أقل تقدير في دخولها السجن ، وبسببها دخلت عنوة إلى دائرة حياة عمر الرشيدي ، وشعورها الدائم بالخوف من معرفته حقيقة ما فعلته به .
ولكن كل ذلك كان بمقدورها التعايش معه ومقاومته ، ولكن ما فعله بها عمر من إهانة قاسية ، وسحق لقلبها ومشاعرها التي كان يلهو بها بإستخفاف وقسوة و مقاومتها الصراع المخيف الدائر بداخلها بين عقلها وقلبها ؛ فعقلها دائم التفكير بالهرب والإختفاء بحثاً عن الأمان ، وقلبها الخائن يرفض المغادرة والإبتعاد عن عمر حتى بعد تصرفاته الأخيرة معها.
لتشهق بقوة وهي تضغط وجهها بالوسادة وهي تقول بألم :
= يا ريتني ما كنت شفته ولا عرفته ، أناحاسة إن قلبي هيقف من شدة الوجع.
ثم جلست بوهن وهي تهز رأسها بحيرة ودموعها تتساقط بغزارة على وجهها :
= أنا مبقتش فاهمة حاجة .. ليه ده كله يجرالي دا أنا عمري ما أذيت حد ، ليه كل حد أحبه أو أطمنله يجرحني ويستغلني بالشكل ده ليه عمل معايا كده ، وإزاي هقدر أشوفه مع واحدة غيري.
ثم وقفت بغضب :
= وأنا إيه اللي يصبرني على كل ده ، أنا هتصل بشريف وزي ما جابني هنا .. يخرجني.
ثم تناولت هاتفها بغضب وقامت بالإتصال بشريف وهي تمسح عيونها بيديها بتحدي :
= رد ياشريف .. رد ..
أجاب شريف بمرح
= حبيبة .. بتتصل بيا بنفسها .. أنا بحلم و لا إيه!
حبيبة بغضب :
= إسمع ياشريف لو مخرجتنيش من هنا حالاً هروح أقول لعمر على كل حاجه يسجني .. يقتلني يعمل اللي هوه عايزه ، المهم أخلص من العذاب اللي أنا فيه ده.
شريف بغضب :
= جرى إيه يا حبيبة إنتي إتجننتي ولا إيه .. إهدي كده وبلاش تهدِّي كل اللي أنا عملته.
صرخت حبيبة بهسترية وصوت الموسيقى الذي يصل إليها من الحفل المقام بالحديقة يزيد من إهتياجها :
= أنا عايزة أخرج من هنا وإلا هعملك فضيحة ، أنا بتكلم بجد ، لو مجتش وخرجتني من هنا حالاً ؛ هروح أقول لعمر على كل حاجه.
شريف بتوتر وهو يستشعر جديتها :
= طيب خلاص إهدي أنا أصلاً خمس دقايق وهكون عندك في الحفلة ، وهعملك كل اللي إنتي عيزاه ، بس متتهوريش وتعملي حاجة تندمي عليها.
نهضت حبيبة عن الفراش وهي تقول بتعب :
= خلاص أنا هلم هدومي وهلبس و هستناك ، وإنت تيجي و تقولهم إننا خلاص هنتجوز ، وإنك مش عايزني أشتغل هنا تاني وتاخدني معاك.
شريف بمهادنة :
= ماتراجعي نفسك يا حبيبة وجودك في الفيلا مهم و….
إلا أنه تفاجأ بها تغلق الهاتف في وجهه دون أن تستمع إلى باقي حديثه.
لينظر شريف إلى الهاتف وهو يقول بغضب :
= البت شكلها إتجننت وهتودينا في داهية.
ثم أضاف وهو يتصل بالهاتف مرة أخرى وهو يقول بتفكير :
= بس برضه مقدرش أخرجها من هناك إلا لو الباشا وافق الأول.
إنتظر قليلاً حتى أجابه من على الطرف الآخر من الهاتف
شريف بإحترام :
= صادق باشا كان فيه حاجة لازم حضرتك تعرفها علشان تقولي أتصرف إزاي !!
صادق بجدية :
= قول ياشريف بس بسرعة.
ثم ابتسم بسخرية وهو يضيف:
= ورايا حفلة ة عايز أحضرها.
شريف بجدية
= حبيبة البنت اللي كنت حكيتلك عنها واللي أنا شغلتها عند عمر الرشيدي عايزة تسيب الشغل وبتهدد إنها لو ممشيتش هتقوله على كل حاجة.
صرخ صادق بغضب :
= إنت بتقول إيه ياغبي تصدق إنك كل يوم بتندمني أكتر إني دخلتك في العملية دي .. مش كفاية إنك بوظت كل اللي خططت له ، و عمر الرشيدي لسه عايش .. لا كمان بتبلغني بكل برود إن البت اللي إنت دخلتها في خطتي من غير ما أنا أعرف بتهددك إنها هتعرف الرشيدي على كل حاجة.
ثم أضاف بغضب شديد :
= البت دي تخرج من الفيلا النهاردة وتخلص عليها من غير ما حد يحس وتقفل قصتها خالص وإلا أنا اللي هخلص عليك وأرتاح من غبائك ..
ثم أضاف بقوة :
= دي آخر فرةه ليك حياتك قدام حياتها .. مفهوم !!
إبتلع شريف ريقه وهو يقول بخوف :
= مفهوم يا باشا مفهوم.
أغلق شريف الهاتف بتوتر بعد أن أغلق صادق الهاتف بوجهه وهو يقول بغضب :
= أنا إديتك فرصة بس إنتي اللي صممتي تكتبي نهايتك بإيدك..
ثم أضاف بتهكم :
= الله يرحمك يا حبيبة كنتي حبيبة طيبة
ثم تعالت ضحكاته وهو يتأمل السلاح الناري الخاص به….

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية سيد القمر الأسود)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *