روايات

رواية أنا جوزك الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد

رواية أنا جوزك الفصل الثالث عشر 13 بقلم شيماء سعيد

رواية أنا جوزك البارت الثالث عشر

رواية أنا جوزك الجزء الثالث عشر

أنا جوزك
أنا جوزك

رواية أنا جوزك الحلقة الثالثة عشر

مر شهر كامل عادت به الحياة إلى طبيعتها، سمارة و صافية الآن بمنزلهما القديم.. سمارة تدير محل الحلويات و صافية تعمل معها، ربما عادوا لأرض الأمان من جديد إلا أن الروح القديمة إنتهت و انتهكت من الأوجاع…
بالمحل…
أغلقت سمارة علبة الكيك ثم أعطتها للشباب قائلة بابتسامة هادئة :
_ اتفضل يا فندم كل سنة و ابن حضرتك طيب..
أخذ منها الرجل العلبة ثم رد عليها بنفس الإبتسامة :
_ و حضرتك طيبة، أنا المدام عندي صممت حاجات الحفلة تبقى كلها من عندكم.
_ شكراً لثقتها الغالية فينا…
ذهب الرجل لتجلس سمارة على المقعد بتنهيدة حارة، كم مؤلم العودة لنفس النقطة بلا أي مكسب بل أصبحت الخسائر أضعاف، لفت انتباهها صافية التي تبكي بصمت، قامت من مكانها سريعا مقتربة منها بلهفة قائلة :
_ بتعيطي ليه مالك؟!…
رفعت صافية عينيها الغارقة بالدموع لشقيقتها، ملامحها تعبر عن الكثير عما بداخلها و لسانها يعجز عن وصفه، اشتاقت لهذا الشعور الذي كانت تعيشه معه، زاد نحيبها ثم أردفت بنبرة متقطعة :
_ أنا طلعت بحبه يا سمارة…
حدقت بها الأخرى مردفة بتردد :
_ أومال كنتي بتعملي كل ده عشان يحبك ليه لما أنتِ مكنتيش بتحبيه وقتها؟!..
رفعت كفها المرتجف لتزيل بقايا دموعها ثم قالت بتعب :
_ كنت عايزة بيت و عيلة و أمان، مكنتش عايزة أبقى عمري 18 سنة و اسمي مطلقة خوفت من نظرة المجتمع و إحنا بنتين في الدنيا لوحدنا يا سمارة، بس برضو خسرت و ضعت.. المشكلة الأكبر إني حبيته حتى قلبي خسرته في الرحلة القصيرة دي…
فتحت سمارة ذراعيها لتلقي الأخرى نفسها بين أحضان شقيقتها، بكت لتخرج من قلبها هذا الوجع أما سمارة فظلت كما هي اعتادت على أن تكون الضلع الأقوى دائماً، قبلت رأس صافية عدة مرات بحنان ثم همست :
_ أنا آسفة حقك عليا…
سألتها صافية بتعجب قائلة :
_ بتعتذري ليه أنا اللي عملت في نفسي كدة..
نفت سمارة مردفة :
_ لأ أنا اللي وصلتك على بابه من غير ما أفكر ممكن يحصل ايه، حقك عليا يا صافية…
قبل أن ترد عليها صافية رأت طيفه يأتي من أمام باب المحل، فركت عينيها بعدم تصديق أهي وصلت لتلك المرحلة من الهلوسة؟!.. رنين صوته جعلها تتأكد إنه حقيقة ملموسة أمامها، دلف شعيب و معه ثلاثة من الرجال اقترب من سمارة مردفا بابتسامة جادة :
_إزيك يا سمارة أخبارك إيه مش ناوية ترجعي شغلك؟!…
حدقت به سمارة بشراسة قائلة :
_ أنت جاي تعمل إيه هنا يا شعيب…
جلس على المقعد الذي تجلس عليه صافية الشاردة يسحبها بين أحضانه و يده الأخرى تتجول على وجهها تزيل دموعها العالقة ثم قال بهدوء :
_ جاي آخد مراتي يا سمارة ما هو أكيد مش هسيبها أكتر من كدة…
ردت عليه سمارة ساخرة :
_ لسة فاكر إن ليك ست هنا… بقولك ايه أخرج على بيتك يا باشا بدل ما أنسى إننا كنا أصحاب و أمسح بوشك بلاط المحل كله…
رفع شعيب حاجبه قائلا :
_ كل ده و لسة عاملة حساب إننا أصحاب على شيل الكلفة بنا…
فاقت من دوامة أفكارها و أبعدت ذراعيه عنها بقوة قبل أن ترد عليه بقوة :
_ عايز إيه يا شعيب بيه..
اشتاق لملامحها، نبرة صوتها، نظرة عينيها، إبتسامة شفتيها، كل جزء بها اشتاق إليه و أصبح لا يتحمل أو يتقبل البعد أكثر من ذلك، أغلق عينيه مقربا وجهه من خصلاتها ليأخذ أكبر قدر من عبيرها الرائع هامسا بنبرة صوته المهلكة :
_ وحشتيني…
انسحبت سمارة من المكان بهدوء تاركة لهما بعض الخصوصية..
أما بالداخل كتمت أنفاسها مع هذه الكلمة، أرادت الهروب معه لأبعد مكان ممكن إلا أن صورة غادة عادت الي عقلها لتردف :
_ أنا مينفعش أكون رقم اتنين، الاتفاق اللي بنا خلص قولت لو عايزة اخرج من حياتك أخرج مدام و أظن كدة بح، اتفضل بقى عايزة ورقة طلاقي و أنت عيش مع الست اللي بتحبها…
تنهد بتعب من حديثها مردفا :
_ مهو أنتِ حبيبتي…
فتحت شفتيها باعتراض ليحملها على ظهره يحكم قبضته عليها، و باليد الأخرى أشار الي رجاله بفتح الباب، رأته سمارة لتبتسم لهما بسعادة مشيرة الي شقيقتها من الخلف بمعنى إلى اللقاء..
وضعها شعيب بالسيارة لتصرخ بقوة قائلة :
_ أنا مش جاية معاك نزلني…
أشار لأحد رجاله أن يقف على بابها يمنعها من الخروج ثم صعد من الجهة الأخرى بجوارها مردفا قبل أن يضع القليل من المخدر على أنفها :
_ معلش يا حبيبتي لازم تنامي الطريق طويل و أنا مش عايز فضايح.. أحلام سعيدة يا قلب شعيب…
_______ شيماء سعيد ______
بمنزل صالح الحداد على الفطار…
جلست حبيبة تنظر إلى شقيقها بتوتر بعد ذهاب أطفالها للنادي ، كان الآخر يأكل بوجهه العابس دائماً كأن عليه ثأر، أخذ قطعة من الجبن ثم رفع طرف عينه لحبيبة مردفا :
_ سامعك قولي اللي قاعدة بتترعشي عشانه…
هذه من تبقت له من رائحة والده، ابنته التي تربت على يديه منذ نعومة أظافرها و كبرت أمام عينيه يوما بعد يوم، يقرأها مثل الكتاب المفتوح، ابتلعت لعابها بخوف ثم أخذت نفس عميق تحاول به التحلي ببعض القوة قائلة :
_ أنا مش عايزة أفضل كدة يا صالح عارفة إنك بتخاف عليا بس أنا تعبت و مش قادرة أكمل بالطريقة دي..
ترك صالح الشوكة من يده ثم سألها مرة أخرى :
_ من غير مقدمات يا حبيبة قولي عايزة إيه؟!…
عضت على شفتيها لعدة ثواني تمنعها من الارتجاف ثم قالت بنبرة متقطعة :
_ أنا عايزة أنزل أشتغل مش عايزة أبقى على الهامش، أرجوك يا صالح خليني أختار صح مرة واحدة في حياتي…
توقعت ثورة من الصريخ و الرفض لذلك أغلقت عينيها بقوة قبل أن تسمع أي كلمة منه، إلا أنها تفاجأت بشفتيه على خصلاتها يقبلها بحنان و اعتذار قائلا :
_ حقك تختاري طريقك لأني لما أخترت مكانك ضيعتك…
فتحت عينيها بذهول قبل أن تتعلق بعنقه مردفة بسعادة :
_ بجد يا صالح هشتغل؟!..
قبل رأسها عدة مرات ثم أومأ إليها بهدوء و إبتسامة صافية قائلا :
_ بجد يا حبيبة، بس عشان تبقى في أمان خليني أختار مكان شغلك يا باشمهندسة…
سألته بتوتر :
_ هشتغل فين؟!..
لم يرد عليها بل رفع هاتفه متصلا برقم ما و بعد عدة ثواني أردف :
_ سند الكبير وحشني يا جدع..
رد عليه سند بوقار و إبتسامة هادئة :
_ دكتور صالح ليك وحشة يا راجل، بس أنا عارفك بتاع مصلحتك قول متصل ليه؟!
( سند الكبير بطل الرواية الجديدة بعنوان “سند الكبير”)
ضحك صالح علي لسان صديقه الذي دائماً ما ينقط من هذا العسل الأسود ثم تنحنح قائلا :
_ أنا عارف إنك مش بتشغل ستات عندك في الكفر، بس عندك مكان فاضي في المزرعة لأختي و الا لأ؟!….
مرت دقيقة كاملة حتى تحدث سند بهدوء :
_ مقدرش أقولك لأ بس أنت من امتا بتشغل الحريم مش دي مرات حسن برضو..
حك صالح مقدمة ذقنه ثم قال :
_ لأ اطلقوا، الموضوع طويل أخلص اللي ورايا و آجي أقعد مع الحجة شوية أصلها وحشاني…
ضحك سند مردفا :
_ أنت كدة كدة لازم تبقى عندي كمان يوم أصلي نويت أتجوز…
اتسعت عينا صالح بذهول :
_ للمرة المية و عشرين دي و الا إيه يا كبير..
ضحك سند قبل أن يغلق الخط بوجه صالح فهو الوحيد القادر على فعل حركة مثل تلك مع صالح الحداد، أردفت حبيبة بترقب :
_ هو أنا هسافر و أسيب عيالي هنا؟!.. مقدرش أعمل كدة يا صالح…
ربت صالح علي كتفها قائلا :
_ إحنا دلوقتي في إجازة يا حبيبة هتاخدي العيال معاكي يغيروا جو و بعدين هقولك تعملي ايه، بس وجودك في كفر الكبير أمان ليكي…
أومأت إليه ثم عادت للحديث بتوتر مردفة :
_ هي سمارة مش هترجع تاني؟!..
تجمد وجه صالح قائلا :
_ لأ اطلعي ارتاحي شوية…
علمت أنه يرفض الخوض بهذا الحديث معها لذلك فعلت ما أراد و صعدت لغرفة نومها، أما هو أخرج تنهيدة طويلة مشتاقة قطعها إتصال من أحد رجاله الذي قال :
_ صالح باشا شعيب باشا أخد مدام صافية و سافر بيها، و الهانم دلوقتي في محل الحلويات لوحدها…
حك صالح ذقنه ثم أردف بهدوء :
_ بقت لوحدها يعني..
_ أيوة يا باشا…
_ طيب نفذ اللي هقولك عليه بالحرف الواحد بس لو غلطت غلطة واحدة هيبقى آخر يوم في عمرك..
_____ شيماء سعيد _____
بعد ثلاث ساعات سفر وصل شعيب أخيراً لمحافظة الإسكندرية، حمل صافية التي مازالت غارقة بالنوم ثم دلف بها للشاليه الخاص به، صعد بها لغرفة النوم وضع جسدها الناعم على الفراش بعناية …
جلس بجوارها لا يفعل شيء سوي التأمل بها، من يصدق أنه كان يذهب يومياً بسيارة مختلفة أمام منزلها ليراها فقط و هي تذهب للمحل و تعود منه، اكتفي قلبه جداً من الفراق لا يريده بل يريدها هي، نزل لمستوى وجهها ليطبع قبلة عميقة على حبات التفاح المزينة لوجهها…
مرت نص ساعة أخرى و هو على هذا الحال، بدأت تفتح عينيها و عقلها يتذكر ما حدث رويدا رويدا، ظلت تدور بعينيها بالمكان حتى وقعت عليه يتسطح بجوارها على الفراش بكل أريحية..
جن جنونها لتقفز و تجلس على ركبتيها صارخة :
_ أنا مش عايزة أقعد معاك أنا عايزة أروح لأختي…
حرك كتفه ساخرا :
_ عيب لما تقولي لجوزك كدة يا حبيبتي أنتِ مش عيلة صغيرة عايزة ترجع لأهلها إحنا هنعيش هنا على طول…
رفعت حاجبها قائلة :
_ نقعد هنا فين و بعدين أنا سامعة صوت بحر…
أخذ خصلة منها وضعها على أنفه مرددا بنبرة لعوب :
_ إحنا في إسكندرية يا روحي شهر عسل…
هزت رأسها بجنون بكل الاتجاهات، ماذا يريد منها هذا الرجل؟!.. غير مستكفي بما فعله معها طوال فترة وجودها داخل بيته.. جزت على أسنانها ثم قالت :
_ أنت عايز تعيش شهر عسل و أنت خاطب و بعد يومين تقولي رايح أتجوز التانية أصلي واحد أصيل مقدرش اسيبها، ده عند الست أنعام أمك…
قرب أصابعه من فمها ثم قبض على شفتيها بقوة خفيفة مردفا بعتاب :
_ بنت نحترم نفسنا هي أمي دي بتلعب معاكي في الشارع، و بعدين أنا راجل متجوز و مش عايز أبقى جوز الاتنين..
رمشت بعينيها عدة مرات بحيرة واضحة، بداخلها رغبة كبيرة تطلب منها أن تصدقه و تعطي لقلبها فرصة لتعيش هذا الحب، شعر بحربها الداخلية ليربت على ظهرها، حدقت به ببراءة قائلة :
_ أومال هتعمل إيه مع غادة؟!… هي كمان مالهاش ذنب في اللي حصل…
تنهد بتعب بالفعل لا يعلم شيء، إلا أنه ابتسم إليها قائلا :
_ خليكي معايا و بس يا صافية و أنا أوعدك إني مستحيل أوجع قلبك، مش يلا نبدأ بقي شهر العسل يا جميل؟!..
عادت لتجلس على الفراش بطريقة أكثر راحة و سندت ظهرها على ظهر الفراش مردفة بحسم :
_ أنا معاك لحد ما تحل كل المشاكل اللي عندك و هصبر معاك لآخر نفس، بس موضوع شهر العسل ده يا زوجي العزيز هيتأجل هو كمان لحد ما تحل كل المشاكل اللي عندك…
يحبها نعم، لكنه يرفض تلك الطريقة من لوي الذراع، قام من على الفراش بقوته المعتادة التي بدأ يتنازل عنها من أجلها ثم أردف بقوة و هو يعطي ظهره لها :
_ طريقتك غلط في عرض طلبك يا صافية و مع ذلك هنفذ اللي أنتِ عايزاه بس مش لحد ما تقرري تحني عليا لحد ما أنا أقدر أتعامل معاكي بعد كدة من غير حواجز…
أخذت نفسها بتعب أعصاب ثم وضعت كفها على رأسها، هذه العلاقة رغم حلاوتها إلا انها مرهقة أكثر من اللازم، قامت من مكانها ثم ذهبت لتقف أمامه بشكل مباشر مردفة :
_ مهما كانت المشاعر اللي جوايا ليك بس أنا خايفة، مش بهددك و لا بحطك تحت ضغط أنا بس بحاول أدي لنفسي قوة أكمل بيها مش عايزة أخسر كل حاجة في العلاقة دي وقتها مشاعري ليك ممكن تموت مع الأيام…
زفر بضيق من نفسه هو من جعلها تصل لتلك الحالة، جذبها من خصرها لتتوسط صدره يضمها إليه بحماية قائلا :
_ و أنا كمان مش عايزك تخسري أي حاجة يا صافية، متخافيش…
_______ شيماء سعيد _____
بالقاهرة بشقة سمارة بعد منتصف الليل…
جلست تتابع إحدى المسرحيات القديمة ” العيال كبرت” و بيدها طبق متوسط الحجم من الفواكه ، شاردة تأكل بصمت لأول مرة منذ وفاة والديها تجلس بمنزلهما دون صافية نصفها الثاني، البيت أصبح خالي من الروح بلا حياة، هي الأخرى أصبحت خالية من الروح و من الحياة…
أخذت قطعة من تفاح و أكلت لتسمع أصوات غريبة تأتي من الشرفة، عقدت حاجبها بتعجب قبل أن تغلق التلفزيون و تضع ما بيدها ثم قامت و بدأت تتحرك على أطراف أصابعها حتى وصلت للشرفة لتسمع صوت رجل يقول للآخر :
_ عمها عايزها سليمة و هو هيخلص عليها بنفسه، مش عايزين فيها خدش ضربة واحدة بس على دماغها عشان مش عايزين فضايح…
لأول مرة يسقط قلبها بهذا الرعب من شدة الموقف، هي هنا بمفردها دون أحد يدافع عنها أو على الأقل يسأل عليها و يعلم ما بها…
ركضت بكل قوتها لباب المنزل لترى طيف رجل آخر يقف عليه، ذهبت بأقدام مرتعبة لغرفة نومها و لم تفكر كثيرا هي الآن تحتاج صالح بشدة ينقذها من عمها اللعين، أخذت هاتفها الذي كاد أن يسقط منها عدة مرات ثم رنت على صالح مرة و الثانية والثالثة بلا رد…
سقطت دموعها بفقدان أمل قائلة :
_ أنت فين بس يا صالح رد عليا الله يباركلك..
في المرة الرابعة سمعت صوته الناعس يقول :
_ عايزة إيه يا سمارة هو أنا مش قولت هطلقك بترني نص الليل ليه هو أنا ناقص صداع…
لم تهتم بأي كلمة خرجت منه فقط ردت عليه بنبرة مرتجفة :
_ الحقني يا صالح عمي بعت رجالة ليا عايز يموتني، أنا خايفة…
رد عليها و هو يهب من مكانه سريعاً قائلا بلهفة وصلت إليها :
_ متخافيش أنتِ مرات صالح الحداد…

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أنا جوزك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *