رواية أولاد الجبالي 3 الفصل الخامس عشر 15 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي 3 الفصل الخامس عشر 15 بقلم شيماء سعيد
رواية أولاد الجبالي 3 البارت الخامس عشر
رواية أولاد الجبالي 3 الجزء الخامس عشر
رواية أولاد الجبالي 3 الحلقة الخامسة عشر
جـﻤﻴﻞ
ﺃﻥ ﻧﺒﺤـﺚ ﻋﻦ قـﻠﺐ ﻳﺤـﺘﻮﻳﻨﺎ
ﻭﺍﻷﺟـﻤﻞ ﺃﻥ ﻧﺠﺪ ﺍلأﻣـﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻣﻊ ﻫﺬ ﺍﻟﻘـﻠﺐ
ﻳﺒﺎﺩﻟﻨﺎ ﺍﻟﺤـﺐ ﻭﺍﻟـﻮﺩ ﻭﻳﻔﻰ ﺑﺎﻟﻌﻬﺪ ﺇﻟﻰ أﺑﻌﺪ ﺣﺪ بدون شك
ﻳﺸـﺘﺎﻕ ﻟﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻧﺸﺘﺎﻕ ﺍليه.
……..
غضب براء بعد أن يئس من إستيقاظ زاد ، بعد أن افتعل كثير من الأصوات المزعجة لكى تستيقظ .
وفى النهاية أستسلم وذهب ليأخذ حمامه ، ليخلد للنوم بعده .
وأثناء تواجد براء فى الحمام ، ابتسمت زاد بمكر مردفة : هتخرج عتلاجى أحلى مفاچاة يا بتاع النسوان .
فقامت ولطخت وجهها بمسك الفحم الأسود ، ونظرت لهيئتها فى المرأة فضحكت مرددة : يلا عشان بس تعرف إنى عهتم بنفسى وببشرتى عشان خوطرك يا جلبى .
ثم عندما سمعت صوت الماء الخارج من الحمام قد توقف ، فأسرعت للفراش مجددا واصطنعت النوم .
خرج براء من المرحاض ، فوجدها مازالت نائمة وتولى ظهرها له ، فحرك رأسه بإستياء مردفا : نامى نامت عليكِ حيطة .
ثم ألقى المنشفة بغضب على الأرض ، ليفترش السرير محاولا النوم .
ولكنه أخذ يتقلب كأنه ينام على جمرة من النار ، وأعاد على ذاكرته لياليهم السعيدة معا ، فأخذته اللهفة والشوق لها .
لذا استدار قبالتها وأخذ يلاعب خصلات شعرها وانحنى برأسه على أذنها هامسا بحب : ما تقومى بقا يا زاد ، عشان أتوحشتك جوى يا جلبى .
فأصدرت زاد شخيرا مصطنعا ، فشهق براء مرددا : يخربيت نهيق الحمار بتاعك ده كمان .
_ بس على مين ، انا طلبت معايا أصحيكِ يعنى هصحيكِ ، فأمسك بذراعها وحاول أن يجعلها تلتفت له .
فحدثت زاد نفسها : انت أكده اللى جنيت على نفسك عاد .
لتلتفت له زاد مع حركة يده ، ليصعق براء من وجهها الأسود ويفزع وينتفض من على التخت صائحا : عفريت ، عفريت يا ابوى .
إلحجونى يا ناااااس ، عفريت .
فاعتدلت زاد وكأنها لم تفعل شيئا وهى تتثاؤب وتدعك عينيها ثم طالعته بإندهاش مردفة : براء ، انت چيت يا حبيبى ؟
_ ومالك أكده وشك مخطوف ، أنت تعبان ولا حاچة ؟
فصرخ براء : اه تعبان ، تعبان جوى .
وعشان أكده عروح أنام فى اوضة تانية ، عشان إهنه مش متحمل أخد نفسى ، چبتيلى المرض منك لله .
ثم اتجه نحو الباب وخرج وأغلقه بقوة فأصدر صوتا عاليا أفزع زاد ووضعت يدها على أذنيها ثم قالت : تستاهل يا براء ، ولسه ياما تشوف منى ،طول ما انت لسه عتبصص النسوان وشايفنى فى عينيك قردة .
ومتلومش إلا نفسك ، أنا كنت عحبك أكتر من نفسى وتتمنى لك الرضا ترضى .
_ بس حسيت إنى قليلة فى نظرك ، ومش شايفنى حلوة فى عينيك وعتبص للحلوين .
وزمانك عتجول فى نفسيك: أنا ايه اللى بلانى بيها دى .
عشان أكده عتطلعهم على جاتك وأنتقـ…م لنفسى منيك .
_ بس رغم ده كله ، عحبك وعتصعب عليه .
_فـ لاشي يُعادل قربك بجانبّي ، كل الأشياء التي أُود أن تستمر هي أنت.
_ يا أحسَنَ النَّاسِ في عينِي، وأعذَبَهُمْ
قد كنتَ نهرًا جرىٰ بالحُبِّ يغمُرُني”♥️
*******
عندما أطال جابر جلوسه مع جاد ، انتظرته بانة على مضض وأخذت تدور الغرفة ذهابا وإيابا تلعن نفسها بسبب ذلك الكلام الذى يخرج منها دون وعى .
ثم لعنت جاد بقولها : كان وقتك دى دلوك يا ابن حمدان ، هلاقيها منيك ولا من أخوك اللى ما بيصدق يزربن بسرعة ويزعل منى .
_ وأنا كمان مش جادرة أحط لسانى جوه خشمى وأسكت .
يا خوفى لتضيع منى تانى يا چابر ، ويبجا منظرى عفش جدامهم ويتلسنوا عليه ويجولوا طفشتيه من لسانك اللى مبيهمدش ده .
_ لا بس انا أول ما يطلع هبوس على يده واستسمحه عشان ميزعلش منى ، وهو أنا خابرة أنه طيب وعيسامحنى .
_بس هو طول ليه أكده مع الشيطان الصغير ده ؟
ثم سمعت صوت صرير الباب وهو يفتح ، فأسرعت إليه ووقفت قبالته وحاولت عناقه مردفة : حبيبى أتوحشتك جوى ، ليه عوقت تحت أكده ؟
_ وأخوك مشى خلاص ، كان عايز منيك حاچة ؟
فأبعدها جابر عنه برفق ، ثم توجه لخزينة ملابسه وأخرج حقيبة صغيرة ووضعها على السرير ثم بدء يخرج بعضا من ملابسه ويضعها فى الحقيبة .
فارتجفت بانة وسددت له النظر بفزع وحاولت إخراج صوتها الذى علق فى عنقها من الخوف من مرارة الفقد مرة أخرى ، فخرج صوتها مهزوز : چاااااابر ، أنت هتعمل ايه ؟
_ إياك تجول انك هتهملنى مرة تانية ، لا يا جابر ، أرجوك .
_صدجنى جلبى مش هيتحملها المرة دى .
فالتفتت لها جابر وطالعها بنظرة قهر حزينة ثم أردف : بانة معدتش ليه لزمة الكلام يا بت الناس .
_ أنا دلوك فى رقبتى أخوى الصغير ، بعد ما طرده الله يصلح حاله جاسر .
_ وچه عشان يجعد معايا إهنه، عشان دلوك ملهوش حد غيرى .
فتشنجت ملامح بانة مردفة بما قطع أخر خيط وصل بينها وبين جابر بحماقة شديدة : يجعد فين إبن حمدان ، هو فاكرها تكية ولا ايه ؟
_ ولا إحنا فاتحينها ملجأ !!
وكل من هب ودب عايز يجعد فيها !!
فأغمض جابر عينيه متألما ، مع أنه كان يتوقع ردة فعلها تلك ولكن شعر بـ كلماتها تلك فى قلبه كأنها طعنـ..ته بـ سكـ…ين حاد ،نز..ف قلبه على إثرها ، ومااااات فى الحال .
فأومأ جابر رأسه بخزى مردفا :ااااه عنديكِ حق ، وعشان أكده ، هاخده وامشى وهنخرج من الچنة بتاعتك دى واجعدى فيها لحالك يا بانة ، عشان ترتاحى وتاخدى راحتك عاد ، كيف ما أنتِ عايزة .
إتسعت عين بانة عن آخرهما ورفعت إحدى يديها مشيرة إليه بإستنكار : أنت إتچننت يا چابر ، عتهمل مرتك وابنك عشان أخوك الصغير ده .
_ للدرچاتى إحنا طلعنا هينين عنديك ، وبعتنا أكده بسرعة !!
طالعها جابر بذهول من منطقها الغريب الذى تتحدث بها ولم يستطع الرد عليها سوى بآيات من الذكر الحكيم قائلا : أنتِ خابرة يا بانة كلامك وقلب الحقيقة عيفكرنى بأيه ؟
بانة بحدة : بإيه يعنى ؟
جابر : بقوله تعالى( ﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾.
بانة ببلاهة : مش فاهمة يعنى ايه ؟
جابر بمرارة : ولا عمرك هتفهمى .
ثم تحرك نحو سرير إبنه النائم ، فقبله بعين تلمع من الدموع وحدث نفسه : آسف يا ولدى ، أسف بچد انى اخترت أم على هواى مش على هوى رب العالمين ووصية رسول الله ( إظفر بذات الدين تربت يداك ) .
ثم عاد فأمسك بحقيبته وطالعها بإنكسار نظرة أخيرة مردفا : يا خسارة يا بانة .
ثم إستدار وغادر ، ليسمع صراخها : مچنون ، أكيد مچنون ، كيف أمه صوح !
_ أنا غلطانة إنى إتكلمت واستسمحتك يا جابر ، لكن خلاص بدال أنت أخترت تبعد ، فابعد براحتك وأنا مش هدور عليك تانى لأخر العمر .
ثم ألقت بنفسها على السرير تبكى بمرارة بقولها : مش خابرة ايه حظى العفش فى الدنيا ده مع كل الناس ، مع أن جلبى أبيض .
نزل جابر للأسفل وتقدم من أخيه وحاوطه بذراعيه قائلا : يلا أخوى بينا من إهنه ، أنا أصلا عمرى ما حبيت الصريات دى ،بس كنت مضطر بس دلوك خلاص أخدت حريتى من چديد .
ويستحيل بعد أكده أحكم جلبى قبل عقلى ، خدها منى نصيحة يا اخوى ، أختار ديما اللى بيجوله عقلك ، لأن أختيار الجلب عيجيبك الأرض وعتندم .
طالعه جاد بعدم فهم ولكنه لم يجد سوى أن يؤمى له برأسه موافقا على كلماته التى لم يفهمها .
وصدق قوله تعالى ( سنشد عضدك بأخيك ) .
فالأخ لا يعوض بأحد .
فقد خير الحجاج إمراة أن تختار ما بين زوجها وولدها وأخيها من منهم سينجو من براثنه .
فأختارت المرأة الأخ لأن الزوج والولد قد يأتى غيرهم أما الأخ فلن يأتى غيره .
فأفرج عنهم الثلاثة الحجاج لفصاحتها ومعرفة قدر أخيها .
******
أسرع مسالم بقلب فزع على حبيبته قمر بعد أن إستمع لصراخها المفاجىء ،
وخشى أن يكون حمدى قد ولج بغتة عليها دون أن يشعر به .
فركض سريعا إليها وعندما وصل لديها أخذ صدره يعلو ويهبط وحاول إلتقاط أنفاسه التى كادت تنقطع من الخوف والذعر .
فوجدها على فراشها تبكى ولم يجد أحدا ، فوقف يلتقط أنفاسه بصعوبة ثم توجه نحوها وأحاطها بذراعيه لتهدئتها قائلا : قمر ، مالك حبيبتى ، فيك ايه يا جلبى ، مالك ، تعبانة؟
_ أشيع أجبلك الدكتورة ؟
فطالعته قمر بعين خائفة شاخصة ، وجسد مرتجف تحول لونه للزرقة كأنها على مشارف الموت وجاهدت لتخرج ذلك الإسم الذى تخشاه وتكرهه من جوفها ،فخرج إسمه مهزوزا : حممممممدددى ، عيكتلنى .
ثم وضعت يدها على بطنها وانهمرت الدموع من عينيها وحاولت إبتلاع تلك الغصة المريرة التى إجتاحتها مستطرة : كان نفسى أشوف بتى وأحملها على يدى .
طالعها مسالم بإنكسار وقهر على حالها الذى عصف بقلبه ومد يده ليزيل عنها دموعها وحاول الثبات ليبث فى قلبها الطمأنينة التى افتقدها هو منذ أن علم بهروب حمدى .
_ بس يا قمر ، أهدى شوية ، ومتخافيش طول ما أنا چانبك محدش عيقدر يمس منيكِ شعرة واحدة إلا بموتى .
فتعلقت قمر به وألقت برأسها على صدره ، وقالت من بين شهقاتها : عتصدجنى لو جولتلك انا كمان خايفة عليك يا مسالم ، يمكن اكتر من نفسى .
لأن نفسى ، ملهاش قيمة من غيرك .
_ انت حياتى ودنيتى كلها ، أنت اللى خليت قمر إنسانة لها بيت وعتكون أم .
_ نعم كتير ربنا أنعم عليه بيها بعد معرفتك ، عشان أكده خايفة جوى ،كل ده يروح منى فى غمضة عين .
خرجت تنهيدة حارقة من جوف مسالم مستطردا بقوله : جولتلك متخافيش يا جلبى ، وربنا عيدوم النعمة بالشكر صدجينى .
عشان هو عيقول فى كتابه العزيز : ( ولئن شكرتم لأزيدنكم ) .
فهمست قمر من بين دموعها : ألف حمد وشكر ليك يارب .
مسالم بطمأنينة زائفة : عايزك بس تهدى وتسلمى أمرك لله ، ومتخافيش مش عيقدر يهوب إهنه ، أنا معاكِ وكمان فيه ناس تحت تبعى من الشرطة محاوطين المكان وعيراقبوا ، يعنى لو ظهر اى لحظة فى المنطقة مش عيعرف يفلت من إيديهم .
_ ده غير أن عيمشطوا الكفر كلاته عليه ، وان شاء الله يچبوه ولو حتى تحت سابع أرض .
شعرت قمر بشىء من الطمأنينة من حديث مسالم ولكن مازلت شىء فى قلبها يحدثها أن شىء ما سيحدث ولن يمر هذا الأمر بسلام .
فاوجست خيفة وأخذت تردد : يارب سلم .
يارب سلم .
***********
تحولت غيرة جاسر وبغضه لهذا الدخيل الذى يطالع إمرأته بنظرات راغبة إلى طمع فى إمداده بالمال اللازم من أجل التجارة بالمخدرات ، ومن ثم يحقق رغبته فى الإطاحة بأخيه من خلال الإبلاغ عنه ، وهو الذى لم يجد منه غير كل خير ولكن تبقى النفوس الخبيثة خبيثه ، ولو أعطيتهم من الود أطناناً وتظل النفوس النقيه نقيه ولو أعطيتهم من الكره قنطاراً.
لذا أبتسم جاسر قائلا : تسلم يا معلم حمدى ، ده عشمنا فيك بردك .
وان شاء الله تكون فاتحة خير علينا كلاتنا .
بادله حمدى الابتسامة بمكر واومأ برأسه : اه طبعا ، كل خير .
ومن بكرة تروح تعمل بلاغ فى چابر عشان تخلص منيه ويتشمع مصنعه اللى شايف نفسه فيه ده عاد .
وبعدين أچى نحتفل سوى بالمناسبة الحلوة دى وترقصلنا ست حسنية على الطبلة ، ما أنت متعرفش أصل أنى فى الأول قبل ما أشتغل مع حمدان الچبالى كنت طبال فى الموالد بتاعة النچوع اللى حوالينا .
_ فخلينا أسترجع ليالى الملاح دى عنديكم ، ثم ضحك ضحكة شيطانية أدخلت الرعب فى قلب جاسر .
ليشير زرارة بعد ذلك إلى حمدى بقوله : مش نقوم بجا يا سيد الناس ، الفچر قرب يأذن وعايزين نلحق نرچع قبل ما العيون تتطلعلنا .
فقام حمدى قائلا : صوح عنديك حق ، ثم عقد اللثام على وجهه وأسرع بالمغادرة مع زرارة من حيث أتوا .
ولكنه فى تلك الليلة لم يغمض له جفن من كثرة الشرود فى تلك التى ذهبت بعقله حسنية ، وكذلك هى ظلت شاردة به .
وحدثت نفسها : يا ترى ميتى أشوفك تانى يا حمدى .
فمتى إذا سيجتمع الشياطين مرة أخرى ؟؟
******
سمح الطبيب إلى باسم زيارة عزة ، فولج إليها بخطوات متثاقلة ، كأنه يحمل فوق رأسه هموم كالجبال .
حتى وصل إليها وعندما رأها على هذا الضعف من وجه ذابل ، وجسد ممد كالجثة أمامه لا تشعر بشىء ولا يسمع غير صوت تلك الأجهزة التى تحيط بها .
فأغمض عينيه متألما لحالها وتمتم : لا حول ولا قوة الا بالله ، طول عمرك يا عزة تعبانة فى حياتك .
_ بس إن شاءالله عتجومى بالسلامة ، عشان حتى بتك *ريحانة * وهى على فكرة فيها شبه منيكِ اكتر منى عاد .
_جومى يا عزة ، متحسسنيش بالذنب إنى أهملت فيكِ لغاية ما عتروحى منى .
_ جومى يا عزة وسامحينى ، مش بيدى والله .
الهوى ليه سلطان و جلبى مال لملك وبس .
*****
إنتبهت زهيرة أثناء مرورها فى الردهة إلى صوت الصغير “غيث” فأوجعها قلبه من أجله ، ولاحظت أن الباب مفتوحا .
فتوجهت نحو وولجت للداخل لتجد بانة تفترش الأرض تبكى ، وصغيرها فى فراشه يبكى جوعا .
_ فأسرعت إليه تحمله وتهدهده مردفة : جلبى ستك يا ولدى ، بس بس .
ثم حدقت بانة بإندهاش مردفة : عتبكى ليه يا حزينة !
مش بعادة يعنى ، هو أنتِ عتحسى زيينا .
فرمقتها بانة بغضب وصرخت : حتى أنتِ ياما قاسية عليه ، أنا مش عارفة عملت ايه ليكم .
_ ليه أكده محدش عيحبنى فيكم ، وليه عتعاملونى أكده ؟
_ حتى اللى كان ميستحملش دمعة من عينى ، وكان عيتغزل فيه طول الليل ، وكان يجولى مش مصدق إنك مرتى .
_ طلع كل ده كلام ، وهملنى تانى ، لكن خلاص فى داهية ابن المچنونة ده .
فضربت زهيرة على صدرها مردفة : طفشتيه تانى يا حزينة .
_ منك لله يا شيخة ، بس يكون فى علمك أنا خلاص زهجت وعسيبك المرة دى ومش عدخل تانى .
_ عشان أن تستاهلى الكل يبعد عنيكِ بلسانك العفش اللى رايح چى يكسر فى جلوب الناس وأنتِ زى البهيمة مهتحسيش وكمان عتسئلى ليه محدش عيحبك .
_ عشان أنتِ مش عتحبى غير نفسك وبس .
_ ولولا انى أمك كنت دعيت عليكِ بس جلبى ميجدرش عشان بتى ومش عقول غير ربنا يهديلك نفسك .
_ ودلوك عاخد *غيث * يبيت معايا عشان أراعيه ووكله بيدى ، بدل ما يموت منيكِ يا حزينة .
ثم توجهت به للخارج وتركت بانة تواجه نفسها وتبكى ندما لما أقترفته فى حق نفسها المتكبرة.
*****
انطوى الليل بهمومه وأحزانه على قلوب كثير من أبطال رواية أولاد الجبالى ليأتى نهار جديد ريما يحمل فى طياته فرج أو يتبعه ليل قاسى مجددا .
إستيقظ براء مبكرا للحاق بمديرية الأمن ، من أجل إعداد سلسلة حملات تمشيط فى المنطقة للبحث عن المجرم الهارب *حمدى* .
ليتذكر ما حدث بالأمس مع زاد فحدث نفسه : مش خابر أخر اللى عتعمليه معايا ده ايه يا زاد ؟
_إحنا أكده بنبعد عن بعض اكتر يوم عن يوم .
_ وانا خابر اه إنى ساعات عزودها معاكِ لكن أنا بهزر وجلبى معيشوفش غيرك وصدجينى أنا شايفك ست الستات فى عيونى يا جلب براء .
_ لكن أنتِ بجيتى عنيدة جوى غير الأول خالص .
ومبجتش خابر أتصرف معاكِ كيف ؟
ثم زفر بضيق واستطرد : مش خابر كمان ألاقيها منين ولا منين ؟
منيكِ واللى عتعمليه فيه ولا من جرف الشغل والمصيبة قمر دى كمان .
_ يلا لما أتزفت أروح عاد أشوف الحال .
وعندما وصل براء إلى مديرية الأمن أخبره محمود بإنه
تم تعيين بعض من أمناء الشرطة فى زى مدنى لمحاوطة بيت قمر لحمايتها من أى هجوم غير متوقع من حمدى لها .
براء بتهكم : كل ده عشان ست قمر ، بجا ليها قيمة دلوك .
سبحان مغير الأحوال .
فأجابه محمود بإستياء : وبعدين معاك يا براء ، ده واجب علينا حماية المدنيين سواء يستاهلوا أو لأ .
_ ودلوقتى اتفضل قدامى عشان الإجتماع ، وبالفعل دلفا سويا .
وجلس براء بجانب محمود ، متأففا من تلك العملية الثقيلة على نفسه وحدث نفسه : ما يتحر*قوا بچ”از .
_ وصراحة انا نفسى يوصل حمدى لـ قمر ويخلص عليها ، وبعدين أنا أخلص عليه واكده أكون إرتحت منيهم الخونة .
لاحظ اللواء محمد شرود براء وجنود ملامحه ، فتيقن اللواء محمد أن الموضوع يسبب له حساسية .
فأدرك حينها إنه غير مؤهل لتلك العملية وعليه إستبعاده .
كما لاحظ محمود أيضا ، فلكزه مردفا : براء مالك شارد كده ؟
_ خلى بالك اللواء محمد واخد باله منك وأكيد بعد ما يخلص هيتناقش معانا فى اللى قاله وسعتها هيكون منظرك وحش لإنك مش مركز .
فزفر براء بضيق وتمتم : وهو أنا أصلا أكده مش شكلى وحش من غير حاجة !!
بص حواليك شوف عيون السادة الضباط لغاية أخر عسكرى عمالين يبصوا ليه إزاى !
عشان خابرين أن الست اللى عايزين تحموها دى كانت مرتى واللى عايزين تقبضوا عليه كان عشقها وانا كنت كوز درة ، وبدل ما أكتلها وأغسل عارى ،جال ايه أحميها .شوفت خيبة اكتر من أكده !
فتنهد محمود بحيرة مردفا : وبعدين معاك متغلبنيش وإنسى اللى فات وخلينا فى شغلنا وواجبنا بدون ما ندخل حياتنا الخاصة فى الشغل .
ثم استأذن المقدم حسام للدخول عليهم ، فأذن له اللواء محمد .
فدخل وألقى التحية ، ثم وضع مذكرة أمام اللواء محمد .
فطالعها اللواء بعين ثاقبة ثم عقد حاچبيه بغضب مردفا : إزاى ده ، معقول !!
فتسلطت أعين الحضور على اللواء محمد متسائلين : ما الأمر يا ترى ؟
ليقف اللواء محمد ويطالع براء بنظرة ذات مغزى ، ثم يطلب من الحضور الإنصراف الا من براء ومحمود .
فوقف الجميع تلبية لرغبته وأدوا التحية وسارعوا فى المغادرة وبقى محمود وبراء ، ينظرون لبعضهم البعض بإندهاش .
ثم وقف اللواء محمد وتقدم منهم قائلا : عارفين المذكرة اللى قدامى دى فيها ايه ؟
براء : خير يا فندم .
اللواء محمد : مش خير ابدا .
_ فيها بلاغ ضد جابر جوز أختك يا براء ، أنه بيتاجر فى المخدرات وبيخفيها فى المخازن بتاعته .
فوقف براء مذهولا وردد بعين زائغة : لا ده أكيد بلاغ كيدى .
_ جابر عمره ما يعمل أكده .
_ ده إنسان بيعرف ربنا كويس ويستحيل يعمل حاجة زى أكده .
_ يستحيل ، انا خابره اكتر من نفسى وياما كان هيوقف جصاد أبوه عشان عيتاجر فى المخدرات ويقوله حرام .
_ يقوم هو يعملها ، لا لا مصدجش .
فوضع محمود يده على كتف براء قائلا : أهدى شوية يا براء.
_ واكيد بلاغ كيدى ، لأن فعلا جابر إنسان كويس أوى ومشوفتش منه غير كل خير .
اللواء محمد : على العموم ، إحنا لازم طبعا نقوم بشغلنا ونتأكد بنفسنا أنه بلاغ كيدى ، مش بالكلام وبس .
وبأمل فعلا أنه يكون كده .
_ ودلوقتى اتفضلوا حضراتكوا خدوا قوة مع إذن النيابة على مصنع جابر وفتشوا وشوفوا بنفسكم وبلغونى باخر الأخبار .
فوقف براء للحظات متجمدا خشية أن يكون هذا البلاغ حقيقى .
ثم تنبه لصوت محمود : يلا بينا يا براء.
فأدوا التحية واستعدوا للمغادرة ، ولكن اللواء محمد أستوقف براء بقوله : استنى يا براء .
فتوقف براء والتفت إليه بعين شاخصة تائهة بعد أن شعر أن كل الامور تقف ضده .
اقترب منه اللواء محمد ووضع يده على كتفه وطالعه بحنو قائلا : شوف مأمورية مصنع جابر دلوقتى ، وبعدين تقدر ترجع شغلك فى القاهرة .
وسيب موضوع حمدان وقمر للمقدم محمود وحسام .
_ لإنى مقدر حساسية الأمر ليك ،مع أن المفروض ده شغل ومفروض ملوش دعوة بحجات شخصية .
_بس خلاص عشان متقعش فى حرج أكتر من كده .
فطالعه براء بإمتنان مردفا : بشكرك جدا لتفهمك حساسية موقفى.
ثم أدى التحية وخرج مسرعا مع محمود نحو المصنع ؟؟
يا ترى هيحصل إيه تانى للغلبان جابر ؟
وفعلا بانة تستاهل اللى حصل ؟
وحمدى هيعرف فعلا يوصل لقمر ولا مش هيقدر عشان الحماية ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أولاد الجبالي 3)