روايات

رواية أولاد الجبالي 3 الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء سعيد

رواية أولاد الجبالي 3 الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيماء سعيد

رواية أولاد الجبالي 3 البارت الرابع عشر

رواية أولاد الجبالي 3 الجزء الرابع عشر

أولاد الجبالي 3
أولاد الجبالي 3

رواية أولاد الجبالي 3 الحلقة الرابعة عشر

هناك أشياء ليست للتجارب ….كبرياء الإنسان …كرامته ….عزة نفسه …كل من يحاول العبث بها سيأتيه رد لا يتمناه ….إحفظوا للناس كبرياء نفوسهم و لا تتلعبوا بمشاعرهم ، فلكل إنسان قيمة في هذه الحياة ….لا يريد لأي أحد أن ينتقص منها ….
………
ظن جاسر وحسنية أن الطارق الذى أتى إليهم هو أخيه الصغير جاد ، فاستشاط غضبا .
ثم أتجه لفتح الباب وهو يضرب بقدميه فى الأرض من الغضب ، وأدار مقبض الباب بيد مرتجفة من شدة الإنفعال ليهدر : أنت چيت تانى ليه يااااا ولكنه لم يكمل كلمته لإنه رأى ….؟
أمامه رجل ملثم ، فضيق عينيه جاسر مدهشا مردفا : أنت مين يا جدع أنت ؟
ليظهر من ورائه زرارة الذى يعلمه جيدا جاسر فقال بإندهاش : زرارة ، أنت تعرف الراجل ده ؟
زرارة بمكر : ايوه وأنت كمان تعرفه زين وهتعرف لما بس ندخل چوه ، بسرعة بس وسعلنا أكده وأجفل الباب ورانا .
تعجب جاسر ثم ألتفت الى حسنية مشيرا لها ، خشى چوه يا بت دلوك .
طالعت حسنية بطرف عينيها ذلك الملثم بإندهاش مردفة : يا ترى مين ده ؟
وعندما حدقها جاسر بغضب لوقوفها مكانها ، أسرعت للدخول .
ثم لم يجد جاسر سوى أن يفسح لهم المكان للدخول ، فولج الرجل الملثم الذى وزع نظراته فى كل أركان المنزل بحثا عن التى شغلت قلبه دون أن يراها .
ثم أتبعه زرارة ، حتى جلسا فى مندرة الضيوف .
دب القلق والتوتر فى قلب جاسر وهو ينظر إلى نظرة عين ذلك الملثم الحادة ، فحاول الإبتسام رغما عنه مردفا : مش بجينا لحالنا اهو ، تقدر تشيل الشال ده وتعرفنى أنت مين ؟
فأزال حمدى اللثام الذى على وجهه مبتسما بشر مرددا بصوت يشبه فحيح الأفعى : كيفك يا جاسر يا ابن الغالى حمدان الجبالى ؟
اتسعت عين جاسر من الصدمة ووقف مذهولا مرددا : حمدى !!
_ كيف ده ، أنت خرجت إزاى ، ولا تكونش ….
ليقاطعه حمدى بثبات مكملا كلمته : ايوه هى دى ، هربت .
واجعد إكده واهدى ومتخافش ، عشان نعرف تكلم عاد فى المفيد .
فجلس جاسر وصدره يعلو ويهبط من القلق ، ليتحدث زرارة :
_ إيه يا راچل معتزمش علينا حتى بكوباية شاى ، ده انت أبوك ابو الكرم .
جاسر بحرج : اه طبعا ، لا مؤاخذة يعنى ، المفاجأة خلتنى مش دارى بحالى .
وطبعا هنضيفكم واحنا فى الساعة لما يچلنا الريس حمدى بحاله .
ليقوم بالنداء على حسنية بعد ذلك : أنتِ يا بت ، الشاى للمعلمين بسرعة .
إستمعت حسنية لقوله فأجابت بصوت رخيم داعب قلب حمدى : من عينيه التنين ، حالا عيكون عنديكم .
فهمس حمدى لذاته : يا عينى على ده صوت ، يشبه صوت الكروان أكده .
ودخل جلبى كأنها عتجولى عحبك يا حمدى .
أمال شكلها إيه عاد المهلبية دى !!
ليرحب جاسر رغما عنه خوفا منه : يا مرحب يا معلم جاسر ، نورت الدار .
حمدى بمكر : نور بأهلها يا جاسر .
وطبعا زمانك عتسئل نفسيك أنا چى ليه ؟
أبتلع جاسر غصة فى حلقه مردفا : مچيتك على راسى يا معلم حمدى ، بس أكيد عايز أعرف ليه ؟
فتدخل زرارة والإبتسامة تعلو وجهه : عشان الشغل طبعا يا جاسر ، آمال عشان إيه !!
_ سيد الكل حمدى واد عمى ، عايز يعيد أمجاد منصور وحمدان الچبالى من جديد وعشان إكده چينا ، عشان نحط إيدينا فى إيد بعض ونكون إيد واحدة ونبتدى الشغل التجيل على مية بيضة .
_ ها إيه جولك يا چاسر ، ولا عچبك الشغل الجطاعى اللى أنت فيه ده
_ ولى چى منيه يدوبك ميساويش تعبك فيه .
فتراجع جاسر للوراء وأستند بظهره على مقعده ومسح بيده على شعره وأخذ يقلب حديث زرارة فى عقله ولكنه شعر بغصة تجتاح قلبه فغلب عليه التردد وظهر ذلك فى قوله : بس يا زرارة !!
ليجتاح الغضب وجهه حمدى ووقف منفعلا وصاح بقوله : بس أيه يا واد يا چاسر ، هو أنت ليك رأى جصادى ومش عايز تشتغل معايا ولا ايه ؟
وكانت حسنية من وراء الستار تستمع إلى كل كلمة كانت بينهم وتختلس النظر إليهم وخصوصا حمدى فحدثت ذاتها : الراچل ده شكله هيبة جوى ومالى مركزه وكلمته موزونة ، وواثق من نفسه عشان أكيد عنده خبرة وعينفعنا أكيد فى اللى چى .
_ ده غير شكله حليوة جوى ، وطول بعرض أكده ، ده جاسر جمبه مش باين ويا بختها مرته بيه.
أدى الرجالة ولا بلاش !
اللى تملى العين والجلب ، والست معاه تتهنى وتحس إنها ملكت الدنيا معاه .
_ ولما أدخل أجول كلمتى وأراضيه فى اللى عايزه ، عشان جاسر شكله عيطينها ومش فاهم مصلحته وعقله على قده ..
فحملت حسنية الشاى ودلفت للداخل ، تتغنج فى مشيتها ، تحدق بعينيها حمدى بنظرة إعجاب ،مرددة بإبتسامة هادئة: العوافى عليكم .
_ أهلا وسهلا نورتونا والله .
فسحب حمدى نفسا مطولا وهو يطالعها عن كثب من مخمص قدميها إلى رأسها ثم وجهها ذو البشرة البيضاء الفاتنة وعينيها شديدة السواد الواسعة ذات الاهداب الطويلة .
فاتسعت عينيه وفتح فمه ببلاهة ، ولاحظت حسنية نظراته إليها ، فزدادت من ميوعتها وتقدمت منه وانحنت بعض الشىء لتعطيه كوبه من الشاى وهى تنظر إلى عينيه مباشرةً مردفة : إتفضل يا سيد الناس ؟
طالعها حمدى بشغف ودقق النظر فى ملامحها لكى يحفرها فى ذاكرته جيدا ليتخيلها بعد ذلك وحدث نفسه : يا لوز أنتِ يا لوز .
_ غزال يا اخواتى ، لهطة جشطة ، عسل نحل حاچة أكده
_ وخسارة فعلا فى اللطع اللى اسمه جاسر ده .
وانا أحق بيها منيه .
ثم مد يده المرتجفة من إطالة النظر إليها ، فكاد الكوب أن يسقط منه ، فغمزته حسنية مستطردة بدلال : خلى بالك يا سيد الناس عشان الشاى سخن .
فتنهد حمدى بحرارة : مش قدى يا بت يا حسنية أنتِ .
‌‏لا أستطيع أن أصف ما أشعر به معك ، كل ما أستطيع قوله أنني أشعر بك هنا في رُوحي.
لاحظ جاسر نظرات حمدى لها ، فاندلعت الغيرة فى قلبه ووقف هادرا بقوله : ما تخلصى يا بت وتخشى چوه ، خلينى أعرف اتكلم مع الرچالة .
فاعتدلت حسنية واقفة ، وحدقت جاسر بغضب مردفة : حاضر يا جاسر ، بس كنت عايزة أجول حاچة.
_ سى حمدى راچل تمام وعنديه خبرة فى شغلنا ، وده يخلينا نعلى ونعلى وعشان إكده انا موافقة إننا نشتغل معاه وأظن أنت كمان معندكش مانع .
فابتسم حمدى بغرور وغمزها وهمس : عفارم عليكِ يا بت شكلك عتفهمى عن الطور اللى مچوزاه ده .
_ فصك جاسر على أسنانه بغيظ وقبض على يده بقوة ، لينفث غضبه مردفا : انا مش جولتلك خشى چوه يا بت وسبينا أنا اتكلم مع الرچالة وتوفقى ولا متوفقيش ده شىء ميخصكيش .
فحدقته بغضب مرددة بإنفعال : كيف ده !
_ مش مالنا كلنا وليه حق أتكلم فيه واتكلم ونص كمان .
فتقدم منها جاسر بعد أن شعر بغليان الدماء فى عروقه ورفع يده ليصفعها ، فوضعت حسنية يدها على وجهها بذعر ، وعندما هوى بيده ليصفعها وجد يد حمدى تمسكها بقوة .
فتألم جاسر وطالعه بغضب ، فحدقه حمدى بنظرة نارية وبصوت يشبه فحيح الأفعى قال : إياك تمد يدك عليها أنت فاهم .
_ وإلا عتشوف منى وش تانى خالص يا ابن حمدان .
_ وجول على نفسك يا رحمن يا رحيم .
فارتجفت جاسر وامتلكه الرعب من حمدى ، فتراجع ولاذ بالصمت .
فنظرت حسنية إلى حمدى بإمتنان ، ثم أشار حمدى إلى جاسر قائلا : ودلوك نقرء الفاتحة على شغلنا مع بعض يا جاسر .
_ الفاتحة عشان محدش منينا يخون التانى وتكون كلمتنا دلوك كلمة راچل واحد متتغيرش .
ففتح جاسر فمه ببلاهة ، فلكزته حسنية مردفة : ما تقرء يا جاسر .
والفاتحة حديث حق ، أرادوا بيه الباطل للأسف .
وعندما انتهوا باغته جاسر بقوله : بس دلوك فيه مشكلة عندى يا معلم حمدى ، قبل ما نتكلم فى الشغل .
طالعه حمدى بإنتباه مردفا : وهى إيه المشكلة دى ؟
_ بس بعون الله مفيش مشكلة عندى ملهاش حل .
فحدقته حسنية بإعجاب وبادلها النظرة محدثا نفسه : وأنتِ أطعم وأحلى مشكلة قابلتها فى حياتى وعتتحل قريب جوى .
زفر جاسر بضيق وقال : البضاعة اللى عندى مش عارف أصرفها دلوك ، عشان أنا كنت دسسها فى مخازن أخوى جابر لما كنت اشتغل معاه من غير ما يدرى ، لكن دلوك هو طردنى ومش خابر هعتب كيف هناك بعد اللى عمله .
_ وإكده شغلى هيوقف عقبال ما فكر كيف هطلع البضاعة من إهناك .
فضيق حمدان عينيه بتفكير ، ثم لاحت أمام عينيه فكرة تطيحه من أمامه بسهولة لينفرد بتلك الحسناء الذى أذهبت بعقله من أول نظرة .
فرفع حمدى كوب الشاى إلى فمه وأرتشف منه بتلذذ وأشار الى حسنية : الله على دى كوباية شاى ، تسلم الأيادي.
حسنية بدلال : تسلم يا سيد الرچالة .
فتلون وجه جاسر ولم يستطع تحمل نظرات حمدى وكلامه الى حسنية فهب واقفا مجددا ، وأمسك بذراع حسنية ودفعه بقوله : مالك أكده واقفة زى خيال المآتة عاد ، خشى إترزعى چوه .
طالعته حسنية بغضب : ما براحة عاد يا جاسر ، وماشى عتنيل أخش چوه ، وورينى عتصرف كيف مع الرچالة بمخك الضلم ده .
ثم خطت خطواتها للداخل ، وتبعها حمدى بنظراته ثم نظر إلى جاسر بسخط واستطرد : بص يا واد حمدان الجبالى .
_ إستعوض ربنا فى البضاعة دى ، وبلغ عن أخوك اللى عامل نفسه مستشيخ ده واكده تكون خدت بتارك منيه .
جاسر بغضب : واشتغل كيف تانى وانا معنديش سيولة تكفى وكنت منتظر أبيع البضاعة دى .
حمدى مشيرا إلى رقبته : أنا رقبتى سدادة ، متشلش هم عاد .
ده أنت ولد الغالى حمدان .
وحينها ابتسم جاسر وهدئت نفسه بعد أن غزى الطمع كيانه وأنساه أخيه الذى لم يرى منه غير كل خير .
ولم يفكر سوى فى نفسه وما سيعود عليه من مشاركة ذلك الشيطان حمدى .
********
تحدث جابر وبانة كثيرا واطمئنت بانة لوجوده بجانبها وطالعته بصمت وهو يرويها من لسانه العذب بكل كلمات الحب .
أحبك قالها حرفي
‏وردد قولها طرفي
‏وكم حاولت مجتهدا
‏أواري الشوق في جوفي
‏فتفضح أعيني حبي
‏وتبدي كل ما أخفي
‏أحبك قلتها ألفاً
‏وزاد القلب عن ألفي
‏ألم تسمع نداءاتي؟
‏ألا تحنو أيا لهفي!
‏ألا تغزوك أشواقي!
‏وقلبك يرتجي طيفي!
‏فهل تهدي فؤادك لي
‏لأسكنه بلا خوف؟💙
فحدثت نفسها بانة : ياااه يا چابر ، أنت لحالك أكده إتجمعت كل نعم ربنا فيك ،مش خابرة من غيرك كنت عملت إيه لحالى .
ومحدش عيتحملنى زييك ، حتى أمى عتغضب منى ،مش خابرة ليه !
_ عشان يعنى مش منافقة وأجول الحق وميهمنيش حد عاد .
لاحظ جابر نظراتها إليه المطولة ، التى تخرج قلوبا امتلئت بها الحجرة ، فأمسك يديها بلطف قائلا : ها يا جلبى ، مش عتجوليلى عاد مين عيضايقك وليه ؟
_ وأنتِ عملتى ايه عاد عشان يعملوا أكده ؟
اصطنعت بانة الحزن واستكانت قائلة : هو انا بردك أقدر اعمل حاچة تزعل حد منى ،ده انا مش بعرف أطلع من بوجى غير الكلمة الطيبة ، بس أجول ايه !
_ معيطمرش فى حد ابدا .
فوضع جابر يده على فمه ليخفى ضحكته حتى لا تغضب وهمس : أيون ،انتِ عتجوليلى ،ما أنا مچرب .
لاحظت بانة إبتسامته فصكت على أسنانها غيظا لتقوم غاضبة مردفة : أنت كمان زييهم عتضحك عليه وأنا اللى جولت أنت غير .
_ ماشى يا جابر ، خليك بجا لحالك وانا عنام عشان إبنك عيسهرنى طول الليل .
فأمسك جابر بيدها ورفعها لفمه لي..قبلها بحنو قائلا : لا أنا مجدرش على زعل الجميل عاد .
ثم جذب يدها وأجلسها على فخذه ، ثم قبل جبينها بحنو : مالك بس يا جلبى ، جوليلى إيه مزعلك طيب منيهم ؟
ذابت كل حصون بانة جراء معاملة جابر لها الحنونة ، فلم تستطع الصمود فطوقت عنقه واحض…نته هامسة : مفيش زعل طول ما أنا فى حاسه إنى فى جلبك وچمبك وروحى هى روحك يا حبيبى .
_ وعتنسينى العالم كله ، ومبجاش عايزة من الدنيا دى غيرك .
_ فابتسم باسم و عنا….قها بحب وإسترسل بعشق جارف : ياااه يا جلب جابر .
_ مجدرش أنا اتحمل الكلام الحلو ده كلاته .
_ أنا بحبك جوى يا عيون جابر .
ليحملها بعد ذلك بهدوء ، فضحكت بانة ودفنت رأسها فى ع نقه ثم وضعها برفق على الفراش .
وما كاد يجلس بجانبها حتى استمع الى طرق على الباب ، فعبس بوجهه قائلا بنفور : هو ده وجته بردك .
فأشاحت بانة بيدها مردفة : سيبك من اللى عيخبط كانك مش سمعه وتعالى ريح ، أنت تعبان .
فغمزها جابر هامسا بحب وهو يفترش التخت : على جوالك خلى اللى يخلط يهبط .
ولكنه اعتدل فجأة مرة أخرى عندما سمع صوت جليلة من الخارج : يا چابر بيه ، يا چابر بيه .
_ أخوك جاد تحت عايزك وعيبكى معرفش ليه
_ جطع جلبى والله يا كبدى .
فهمس جابر بفزع : اخوى جاد ، ثم صاح بقوله : انا چى حالا يا خالة ، إسبقينى أنتِ.
جليلة : حاضر يا بيه ، متعوجش بس عشان عيبكى يا حبة عينى .
جابر : لا جوليله انا نازل ، عحط بس الچلبية عليه .
فقام جابر ، ليرتدى جلبابه الصعيدى ، فتلوت بانة فى الفراش وضغطت على شفتيها بغيظ ثم اعتدلت وجلست بإنفعال مردفة من بين أسنانها : هو ده وقت أخوك يچى فيه أكده يا جابر !
_ وكمان من غير ما يكلمك الأول على التلفون .
_ ابجا علمه أصول الزيارة لما تنزل .
أوجعته جابر كلمات بانة وشعر بإنخفاض أنفاسه وسكون الدم فى أوردته وكأنه على مشارف الموت ، ثم التفت اليها وحدقها بحزن : ماشى يا بت الأصول ، معلش مهو جاد لساه عيل ، وكمان محلتهوش ولا أبو ولا أم تعلمه الأصول ، فمعلش المرة دى .
إرتبكبت بانة من نظرته تلك ووضعت يدها على فمها بندم. ، فها هى تخطىء مرة أخرى فى أحب الناس إليها .
لتحاول بعد ذلك الوقوف والسير إليه وهو يعدل من وضع جلبابه الذى إرتداه على نحو خاطىء من فزعه على أخيه الصغير .
اقتربت منه بانة وعندما حاولت لمس كتفه ، ابتعد جابر وكان لدغته عقربة .
فارتجفت بانة وضمت يدها مرة أخرى مردفة: جابر انا مش جصدى حاچة ، أنا بس عشان زعلت لما جومت من چمبى .
حرك جابر رأسه بإستياء ثم قال : ولا جصدك مفرجتش يا بت الناس .
_ انا نازل لأخوى أشوفه ماله وانعسى أنتِ براحتك ، متنظرنيش ، عشان لو طولت معاه .
فصكت بانة على أسنانها بغيظ ، ودعست بقدميها الأرض ، فلم يعيرها جابر إهتمام وخرج مسرعا لملاقاة جاد .
ثم نزل السلم سريعا وراه من بعيد قد أحمر وجهه من كثرة البكاء وأستمع إلى شهقاته التى فزعت قلبه ، فاقترب منه مردفا : جااااااد مالك يا حبيب اخوك , ليه عتبكى ؟
_ حوصل ايه ؟
فألقى جاد نفسه فى حضن أخيه ، فشدد جابر من احتضانه حتى يهدىء مردفا : بس إهدى يا حبيبي ، انت دلوك فى حضن اخوك ، ميجدرش حد يأذيك .
فهدىء جاد قليلا وابتعد عنه قائلا : أنا مش رايد أعيش تانى مع الحية حسنية وجاسر اخوى .
_ده غير إنه طردنى ، تصور يا اخوى طردنى من بيت ابوى وعشان مين مرته العقربة حسنية اللى ماشية على حل شعرها .
فوضع جابر يده على وجهه واستغفر : استغفر الله العظيم.
ولا حول ولا قوة الا بالله.
_ الله يهديك يا جاسر ، وياريته كان عمل بنصحتى لما جولتله بلاش البت دى ، واهو اللى كنت خايف منيه حوصل وكمان مش راچل وبدل ما يطلجها هيطردك .
فبكى جاد : ما هو مش خابر اللى هتعمله ، دى كمان أتبلت عليه ظلم إنى هتجسس عليها وهى عتغير خلجاتها ، وعشان كده ضربنى وطردنى .
_ واحلفلك بإيه يا خويا ،انى معلتش أكده ، ده انا تربيتك وبتحفظنى كتاب الله وعصلى معاك صلاة الجماعة .
فاحتضنه جابر مرة أخرى وتمتم بحزن : بس يا اخوى أهدى ومتحلفش ، انا مصدجك ، وليه كلام مع جاسر تانى .
جاد بفزع : عتجوله يرجعنى ، لا يا اخوى معيزش أرجع أرجوك وأشوف وش العقربة دى تانى .
_ ولو انت كمان مش عايزنى ، أنا عندى أبات فى الشارع ولا أرجع ليهم ..
فضم جابر وجنتى جابر بيده مردفا بحنو : عتجول ايه يا واد يا عبيط انت !
_ أنت اخوى ويساعك جلبى قبل بيتى ، بس للأسف دى مش بيتى عشان أستضيفك فيه .
جاد بصدمة :يعنى ايه !
عبيت فى الشارع .
جابر : لا يا حبيب أخوك ، انا عطلع أجيب خلجاتى وهنروح أنت وانت المصنع نبيت فيه .
لغاية ما نشوف شوجة صغيرة أكده على جدنا أنا وأنت نعيش فيها سوا .
فتهلل وجه جاد بقوله : ياريت يا اخوى ، وياريت تچيب غيث الصغير يعيش معانا ، عشان أنا عحبه جوى جوى .
فابتسم جابر بمرارة: وهو عيحبك جوى كمان يا جاد .
_ بس انت عارف إنه لساه صغير وعيحتاچ أمه ، لما يكبر شوى ناخده .
فتسائل جاد : هى أبلة بانة مش عتعيش معانا فى الشوجة دى ؟
فحرك جابر رأسه بقهر مردفا : بردك بانة هانم عترضى تسيب الجصر وتيچى تعيش فى شوجة .
_ على الله حكايتك يا جاد ، إحنا هنعيش لحالنا .
فابتسم جاد مردفا بخجل : متأخذنيش يا اخوى ، أكده صوح لحالنا أحسن ، عشان أبلة بانة دى ، دمها تجيل جوى وعتكلم من طرف مناخيرها .
_ وصراحة كان نفسى تچوز واحدة طيبة أكده ، كيف أمك أنت الله يرحمها .
فدمعت عين جابر حين تذكر والدته وحنوها عليه قبل أن يذهب بعقلها المرض .
ليستطرد بقوله : النصيب يا جاد ، مفيش منه مهروب .
ودلوك عسيبك ، هروح أجيب خلجاتى .
وأجعد إهنه بأدب عقبال ما أرچع .
جاد بابتسامة بريئة : حاضر يا اخوى .
******
عاد براء إلى القصر وحديث والدته يدور فى ذهنه عن إظهار اهتمامه بزاد حتى لا يفقدها من بين يديه .
فعزم الأمر تلك الليلة أن تكون ليلة مميزة يستعيد بها لحظاتهم السعيدة التى افتقدوها تلك الأيام نتيجة عنادها وتجاهلها هو .
فولج للقصر ، فوجد جاد الصغير فرحب به قائلا : اهلا يا ابو الشباب الصغير .
فضحك جاد : أهلا بحضرتك يا عمو .
براء : ربنا يحفظك يا حبيبى ، تأمر بأى حاچة قبل ما أطلع .
جاد بخجل : ربى يخليك ، أنا مستنى جابر إخوى .
براء : تمام يا حبيبى ، بعد إذنك .
ثم توجه للأعلى حيث غرفته مع زاد .
فأدار المقبض ، فشعرت زاد به ، فأدرات وجهها للجهة الأخرى على الفراش واصطنعت النوم .
وعندما رأها براء نائمة فزفر بضيق قائلا : يادى الليلة اللى مش فى بالى .
_ أعمل ايه دلوك ، أصحيها عشان نعيش شوية ، ولا أسبها وخلاص ونعمل بالمثل اللى بيجول نوم الظالم عبادة .
استمعت زاد لكلماته تلك فشعرت بغصة فى قلبها وحدثت نفسها بحزن : أنا ظالمة يا براء ، أكده ماشى وربى لأوريك .
استطرد براء : طيب عشوف أكده يمكن تحس على نفسها البعيدة بيه وتقوم لحالها ، لما تسمع صوت الجلبان اللى هعمله فى الأوضة دلوك .
ليتحرك نحو خزينة الملابس ، فيفتحها ويخرج منامته ثم أغلقها بقوة فأصدر صوتا عاليا .
فتجهم وجه زاد محدثة نفسها : يفجعك عفريت أحول يا بعيد .
ثم أخذ براء يدندن ويغنى بصوت عالى :
غلطة ندمان عليها و بقلك و اسمعيها قلبي مش ملك ايدك او لعبة بتلعبيها حسستك بالامان و اديتك الحنان و حجات كتير زمان مقدرتيش تفهميها قلبي.
فصكت زاد على أسنانها بغيظ محدثة نفسها : هو فين الحنان يا بتاع النسوان ، ده مشوفتش بربع جنيه حنان منيك .
اه لو تديني يا براء حبة دلع في رغيف ، كنت وكلتك الهنا كله .
بس متستهلهش عاد .
ليطالعها براء بطرف عينيه لعله يجدها إستيقظت على أثر صوته ، ولكنه وجدها مازالت نائمة ، فانفعل ودبدب بقدميه كالأطفال مردفا : نومها تقيل زى دمها .
_ خلاص أكده شكل الليلة ضاعت فشوش ، لما أدخل أبرد جتتى اللى جايدة نـ.ار دى وأتسبح .
ثم ولج المرحاض غاضبا .
لتعتدل زاد فور دخوله للمرحاض وعلى وجهها ابتسامة ماكرة مردفة : لما تخرچ بس يا براء عتلاقى أحلى مفاچاة تستاهلك يا بتاع النسوان.
يا ترى إيه المفاجأة اللى هتعملها زاد ؟
ويا ترى بانة هتخلى جابر يمشى بسهولة كده من القصر ؟

يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أولاد الجبالي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *