روايات

رواية ضبط وإحضار الفصل الرابع 4 بقلم منال سالم

رواية ضبط وإحضار الفصل الرابع 4 بقلم منال سالم

رواية ضبط وإحضار البارت الرابع

رواية ضبط وإحضار الجزء الرابع

ضبط وإحضار
ضبط وإحضار

رواية ضبط وإحضار الحلقة الرابعة

تأرجحت مشاعرها ما بين الضيق والندم، فأمضت ليلتها ساهدة، فاقدة للرغبة في النوم، تفكر بعمقٍ فيما ارتكبته من أخطاء جراء اندفاعها غير المدروس للانتقام من أحدهم بعدما تم شحنها ضده، لتصدمها حقيقة قاسية، أن الأمر في النهاية يعود للتسلية البحتة، لا لتبادل المشاعر الصادقة.
لم تدع التردد يسيطر عليها، وحسمت أمرها بإبداء اعتذارها عن تصرفها الخاطئ مع “عمر”، فهي من تعاملت معه بجهلٍ ورعونة، ووضعته في موقف حرج، تعرض فيه للسخرية والازدراء من الآخرين،
بالطبع عجزت مساحيق التجميل عن إخفاء آثار قلة النوم الظاهرة عليها، فاختبأت خلف نظارتها الشمسية، على أمل ألا يلاحظ ضيف ليلتها السابقة ما حل بها. التقت بها “بسنت” عند مدخل عمارتها على حسب الميعاد المتفق عليه بينهما، تأملتها بإمعانٍ بعدما جلست مجاورة لها في السيارة بثيابها الرسمية، وسألتها في تطفلٍ ماكر، وهذه الابتسامة العابثة تحتل شفتيها:
-مالك يا “بيبو”؟ شكلك مانمتيش خالص، إيه كنتِ بتفكري فيه؟
في شيءٍ من التوتر اشتدت قسماتها، وأجابت على سؤالها بسؤالٍ آخر:
-قصدك مين؟
غمزت لها باسمة:
-الظابط إياه، اللي علمتي عليه.
أطرقت “بهاء” رأسها في تحرجٍ، لتخبرها بعدئذ وهي تشد طرفي سترتها للأسفل لتفرد قماشتها:
-بس ما تفكرنيش، ده أنا أصلًا مكسوفة من نفسي، والمفروض أعتذرله عن غلطي.
استطردت معقبة عليها:
-معاكي حق، حتى علشان تسلمي من أذاه.
دون تفكيرٍ أعلمتها بما انتوت عليه:
-أيوه، بفكر أعمل كده، وأوضحله سوء التفاهم ده، وأقوله إني مش هعمل شكوى من الأساس، يعني أريح دماغي من المشاكل اللي مالهاش لازمة.
أثنت على قرارها الصائب مرددة في نبرة متحمسة:
-برافو عليكي، أنا مبسوطة منك يا “بيبو”.
ابتسمت قليلًا لتبدد ذلك الوجوم الذي يشيع في ملامحها قبل أن تقول:
-صاحبتك جدعة، في الحق حق، ولما بغلط باعترف بده.
أبدت إعجابها الشديد بشخصيتها المتسامحة، وهتفت تمتدحها:
-أومال أنا بحبك أوي ليه!
انتقلت الاثنتان بعدئذ للحديث عن مواضيع شتى متنوعة، لم تخلُ بالطبع من التطرق في معظم الأحيان إلى ما قامت به “ميرا” مؤخرًا من تصرفات مزعجة لكليهما ريثما تصلا إلى الأكاديمية.
…………………………….
طنَّ رأسها بهذا الصداع الفتاك، فبحثت عن شيء ما يسكن ذلك الوجع الذي لا يشعر به غيرها، بالطبع كان الخيار المناسب هو الذهاب إلى الكافيتريا الملحقة بالأكاديمية، فاتجهت مع رفيقتها إلى هناك، وقرأت اللوحة المعلقة على الحائط لتعرف المتاح الذي يمكنها ابتياعه، اشترت “بهاء” كوبًا من القهوة لنفسها، ومشروبًا باردًا لصديقتها، وسارت الاثنتان معًا تتحدثان في أمورٍ عامة، كانت مستغرقة في كلامها، ولم تنتبه لقدم أحدهم الممتدة لعرقلتها عن قصدٍ.
تعثرت “بهاء” في مشيتها، وكردة فعلٍ تلقائية دفعت كوب قهوتها للأعلى، فانفلت من قبضة يدها، وانزلق على ثيابها الكلاسيكية مُلطخًا قميصها الأبيض ببقعٍ بُنية، وكذلك سروالها القماشي قبل أن يسقط أرضًا وتتناثر بقاياه في محيط المكان. انتفضت من سخونة القهوة التي لامست جسدها، ناهيك عن فزعها من سوء مظهرها، وهتفت مستنكرة الأمر برمته:
-مش معقول كده!!
نهض المتسبب في هذه الكارثة من مقعده ناظرًا إليها باستخفافٍ، وعلق:
-هي جت فيكي؟ لا مؤاخذة، مخدتش بالي.
تطلعت إليه متأملة هيئته الممازحة رغم ارتدائه لثيابٍ عسكرية من المفترض أن تضعه في موقف الالتزام والمسئولية؛ لكنه كان على العكس تمامًا، فاحتقن وجهها، ولامته في حدةٍ وهي تبعد القماش الملطخ عن جسدها لئلا يلتصق بجلدها فيلهبه أكثر:
-حضرتك مش لازم تمد رجلك 7 متر قدام علشان ترتاح في أعدتك!
تفاجأت به يهاجمها لفظيًا:
-وليه ما تقوليش إنك ماشية مش باصة قدامك؟
وقفت “بسنت” بينهما كالمشاهد الصامت، تتابع ما يدور بينهما من شد وجذب في ترقبٍ قلق، في حين قطبت “بهاء” جبينها هاتفة بصوتٍ مال للغضب:
-أفندم؟ يعني بدل ما تعتذر؟!
جاء رد ذلك الغريب صادمًا للغاية:
-الرك على اللي بدأ الأول.
شعرت من عبارته الموحية بأنه يشير إلى شيءٍ معين، مشابه لنفس التجربة التي قامت بها قبل سابق مع “عمر” لإهانته، فاستطردت تخاطبه، لتتأكد من هذا الهاجس الذي ناوشها:
-مش فاهمة!
نظر في عينيها وهو يخاطبها بغموضٍ ممزوج بالسخرية:
-وبيقولوا عليكي ناصحة، الظاهر إنك طلعتي أي كلام.
ثم أشار لها بيده لتتحرك جانبًا قبل أن يأمرها:
-شوية كده علشان مش فاضي.
فرغت فاهها مذهولة من الموقف برمته، وتبادلت مع رفيقتها الصامتة نظرات مشدوهة، أتبعها قولها المستهجن:
-هو ده طبيعي؟
خفضت “بسنت” من عينيها لتمسك بحقيبتها وهي ترد:
-مش عارفة..
حركت السحاب، وأضافت وهي تفتش بتعجلٍ بداخل الحقيبة عن شيءٍ بعينه:
-ثواني، أنا معايا مناديل wipes وآ…
صوت هذا الغريب المرتفع أجبر كلتيهما على الالتفاف نحوه لتحل عليهما صدمة أخرى أكبر وقد أبصرتا “أنس” يضحك باستمتاعٍ:
-باشا، أي خدمة.
سرعان ما توهجت بشرة وجه “بهاء” بحمرتها الغاضبة، سددت له نظرة نارية، وصاحت في زفيرٍ محموم:
-هي بقت كده؟!!
لوح لها “أنس” بيده من موضع وقوفه ليستفزها أكثر، ثم غادر مع ذلك الغريب، لتثور دمائها أكثر، أمسكت بها “بسنت” من ذراعها لتثبتها في مكانها، ورجتها بتوسلٍ مرتاع:
-علشان خاطري بلاش مشاكل.
نفضت ذراعها عنها، وهتفت في صوتٍ شبه مختنق جراء انفعالها المبرر:
-وأل إيه أنا كنت جاية أعتذر وهما مخططين ومرتبين الحكاية سوا.
استمرت في التوسل إليها حتى لا ترتكب أي حماقةٍ:
-ما تزعليش نفسك يا “بيبو”.
أطبقت على شفتيها لتمنع نفسها من السب واللعن، وتناولت من رفيقتها المناديل الورقية المبللة لتجفف قميصها، ثم اندفعت نحو الأمام، فانطلقت “بسنت” في إثرها تسألها:
-إنتي رايحة فين بس؟
أتى جوابها منطقيًا:
-أكيد مش هفضل بلبسي ده، ده غير أني اتسلخت من جوا.
هزت رأسها في تفهمٍ، وقالت:
-معاكي حق، طيب هطلبلك مواصلة؟
ردت باقتضابٍ متحفز وهي لا تزال تمسح على قميصها بالمنديل المبلل:
-ماشي.
……………………………………..
وقفت لمدة طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، وأصابع يدها تعبث في هاتفها المحمول، حيث تعذر عليها العثور على سيارة مستأجرة مسبقًا باستخدام تطبيق السيارات الشهير، فأخذت تزوم وتنفخ في استياء محبط. لمحها “عمر” أثناء صفه لسيارته بمحاذاة الرصيف، لفت نظره أن قميصها كان ملطخًا ببقع غريبة، سرعان ما خمن أنها ربما تعرضت لشيء تسبب في إفساد مظهرها الأنيق، لم يترك الأمر يحيره كثيرًا، وترجل متجهًا إليها في خطوات ثابتة حتى يتمكن من الحديث معها.
رأته “بهاء” مقبلًا عليها، فانقلبت سحنتها أكثر، وبدت مزعوجة للغاية من وجوده، أدارت وجهها للجانب لتتجنبه؛ لكنه وقف قبالتها، رغمًا عنه استطاع تبين ما ترتديه من أسفل قميصها الأبيض بسبب رطوبته، ناهيك عن بروز استدارة مفاتنها بشكلٍ أكثر وضوحًا، تحرج من نفسه لتجرؤه على رؤية ذلك، ورفع بصره للأعلى متكلمًا كنوعٍ من التمهيد للحوار بينهما:
-أخبارك إيه؟
لم تنظر نحوه، وزفرت بصوت مسموع لتشعره بعدم رغبتها في الحديث، ومع ذلك واصل سؤالها بتهذيبٍ:
-إنتي واقفة هنا ليه؟
رمقته بنظرة نارية، لترد بعدها بصوتٍ محموم مغلف بالغموض:
-اسأل صاحبك.
أحس شيئًا في لهجتها، فتساءل بفضولٍ:
-وأسأله ليه؟ ما إنتي موجودة تجاوبيني على طول.
التوى ثغرها بتهكمٍ قبل أن تندفع في عاصفة هجومية منفعلة:
-شوف حضرتك أنا أه غلطت لما خدت موقف ضدك من غير ما أتأكد إن كنت الشخص المقصود منه ولا لأ، بس ما توصلش الأمور إن كل مرة أكون فيها هنا أتهزق، وفي الآخر اتشوى بالقهوة وهي لسه سخنة علشان تتضحكوا عليا وتتسلوا، دي مش أخلاق رجالة محترمة.
رغم أن كلامها كان لاذعًا كالسوط، إلا أنها كانت محقة في تعنيفه، خاصة مع عدم إدراكها لما يبدو ظاهرًا من جسدها رغم محاولتها جذب طرفي سترتها للتغطية على آثار القهوة. انزعج لمجرد التفكير في احتمالية رؤية أحدهم لما رآه، وشعر بتأنيب الضمير. نظر إليها كالمعتذر، وخاطبها في أسلوب ودي مستخدمًا يده في الإشارة:
-مش هينفع تقفي كده قصاد اللي داخل واللي خارج، من فضلك خليني أوصلك.
تراجعت خطوة للخلف، ورفضت بشدة رافعة كف يدها في وجهه:
-شكرًا، كفاية عليا بهدلة النهاردة.
ثم اشرأبت بعنقها قليلًا حين لمحت إحدى سيارات الأجرة العادية تتحرك في محيط المكان، فرفعت من نبرتها مع ذراعها للأعلى لتنادي:
-تاكسي.
تنحى للجانب ليسمح لها بتجاوزه، ورغم هذا بقيت أنظاره الفضولية الحائرة عليها إلى أن غادرت، ليتساءل مع نفسه بضيقٍ:
-إنت عملت إيه بالظبط يا “أنس”؟!
…………………………………..
أجبره على عدم إكمال محاضرته التي من المفترض أن يُلقيها على الدارسين، واستدعاه إلى مكتبه، ليقوم بالاستفسار منه عما حدث، فكانت المفاجأة عندما علم بما حاكاه في الخفاء –ودون علمه- للإساءة إلى “بهاء” والانتقام منها بدافعٍ غير مقنع له، وكأنه من تعرض لمكيدتها وليس هو. استنكر “عمر” طيش رفيقه الأعمى، وتشاجر معه هاتفًا بصوته المرتفع وهو يضرب بيده المتكورة على سطح المكتب:
-أنا مقولتلكش تعمل كده، ولا طلبت منك تتدخل.
على النقيض تعجب “أنس” من تبدل موقفه العدائي لتلك الشابة السمجة فجأة، وقال ساخرًا بعدما جلس في استرخاء على المقعد:
-ما يبقاش قلبك رهيف…
صمت للحظة ليضيف بعدها بما استفزه:
-احنا بنتسلى شوية، وإنت بنفسك مستقصدها.
هاج أكثر وانفعل عليه هادرًا، محاولًا إجبار عقله على عدم استعادة مشهد رؤية مقوماتها الأنثوية بارزة من أسفل قميصها الرطب:
-نتسلى؟ ترضى يتعمل كده في أختك ولا أهل بيتك؟
عبست ملامحه قليلًا، وأجابه:
-لأ طبعًا.
جاء سؤاله لائمًا:
-أومال تقبلها ليه على بنات الناس؟!
تقوس فمه عن تعبير غير راضٍ، واستطرد:
-ما تكبرش الحكاية.
سحب “عمر” نفسًا عميقًا يثبط به موجة الانفعال التي تجتاحه الآن، ليطرد الهواء من رئتيه على مهلٍ قبل أن يتكلم في لهجة مليئة بالتحذير:
-شوف يا “أنس”، أنا حذرتك قبل كده، ولتاني مرة بحذرك، لو حصل إنك مسيت “بهاء”، أو غيرها بأي أذى، فأنا مش هسكت، وهقفلك، وساعتها هتعرف إن زعلي وحش.
بنفس البرود تعامل رفيقه مع الأمر، فأخبره:
-يا باشا ما تخدش الحكاية على صدرك أوي كده، ده كان هزار وخلص.
لم يبدُ متساهلًا مُطلقًا وهو يشدد عليه موجهًا سبابته تجاهه:
-افتكر اللي قولته كويس!
أدرك من طريقته الصارمة أنه لن يمرر الأمر على خير، فقال مُلطفًا لينجو من غضبته الوشيكة
-طيب خلاص، حقك عليا.
أعطاه نظرة حادة قبل أن يصحح له:
-مش أنا اللي المفروض تعتذرله.
برطم بصوتٍ خفيض يعبر عن سخطه:
-ده اللي ناقص كمان.
كتف “عمر” ساعديه أمام صدره، وصاح به بجديةٍ تامة:
-مش سامعك!
تصنع الابتسام قائلًا بلزاجة:
-ماشي يا باشا، اللي تشوفه.
أراد فقط إرضائه ظاهريًا؛ لكن في داخله لم يكن مقتنعًا أبدًا بأنها تستحق الاعتذار، فمثلها يجب أن تنال التوبيخ والتقريع لتعرف قدرها جيدًا.
…………………………………….
كان أول ما قامت به فور عودتها إلى منزلها هو الكشف عن جسدها للتأكد من مدى الضرر الذي لحق بجلدها الحساس، لم يكن الأمر مبشرًا، خاصة مع تهيج واحمرار منطقة الصدر. استعانت “بهاء” بأحد المرطبات الطبية لتضعه بحرصٍ وحذر على ذلك الالتهاب وهي تدمدم في غيظٍ:
-الله ينتقم منك، هيفضل جلدي ملتهب لفترة، واحتمال يسيب أثر.
لم تجازف كثيرًا، وخاطبت نفسها في نبرة عازمة:
-لازم أروح لدكتور يكتبلي على حاجة مناسبة.
وضعت الملابس القطنية على جسدها، وجمعت ثيابها غير النظيفة في كومة واحدة تمهيدًا لغسلها، جلست على طرف الفراش وهي تتمط بذراعيها لتستمر في معاتبة نفسها:
-أنا اللي غلطانة دخلت نفسي في حوارات ماليش فيها، ودي النتيجة.
تنبهت للصوت المميز الذي يعلن عن وصول رسالة إلكترونية جديدة، مدت ذراعها لتلتقط هاتفها من على الكومود، كان لا يزال متصلًا بالشاحن الكهربي، فتحركت قليلًا على الفراش لتتمكن من نزعه عن القابس، ثم تفقدت ما وصل إليها، ما لبث أن احتل وجهها هذا التعبير المدهوش عندما فتحت بريدها لتقرأ اسمه المصحوب بصورة وجهه ضمن الرسائل المرسلة. انتصبت في جلستها، ورمشت بعينيها لثوانٍ قبل أن تهتف في صوتٍ ذاهل:
-معقولة! هو باعتلي رسالة!
فركت جبينها، وخللت أصابعها في خصلات شعرها المحلول لتتساءل في قدرٍ من التحير:
-طب جاب حسابي منين؟
جاءها الجواب لحظتها، فتحدثت بشيء من المنطقية:
-هو هيستعصى عليه حاجة!
استحثها فضولها على قراءة ما أرسله لها، فقرأت بعينيها دون صوتٍ:
((مساء الخير عليكي، أنا “عمر الناغي”، كنت حابب أطمن عليكي بعد الموقف البايخ اللي حصل من صاحبي، وفي نفس الوقت بعتذرلك عن تصرفه ده، وأوعدك إنه مش هيتكرر تاني))
ظلت على حالتها المندهشة لعدة دقائق، وراحت تعيد قراءة الرسالة عدة مرات، لتتساءل في تخبطٍ قد استحوذ عليها:
-أرد ولا أطنش؟
تنهدت بعمقٍ، وحسمت أمرها قائلة:
-ما يستاهلش أعبره، بدل ما يفكر إني مصدقت.
تجاهلته، وأعادت وصل هاتفها بالشاحن، لتتعلق نظراتها بهذا الإطار الخشبي الذي يحوي صورة لها مع أبويها وهي في عُمر أصغر، أمسكت بها بعنايةٍ، وتأملتها بعينين راحتا تلمعان بقوةٍ، أحست بغصةٍ تخنق صدرها، وبتأثيرها القوي على صوتها عندما هسهست بحزنٍ:
-وحشتوني أوي، يا ريتكم كنتم موجودين في حياتي، كنت خدت بمشورتكم في حاجات كتير، بدل ما أنا عمالة أخبط مع نفسي، والغريب بيبهدل فيا!
احتضنت الإطار وضمته بقوةٍ بعدما أطبقت على جفنيها لتترك العنان لدموعها الصامتة تنساب على خديها، تكلم قلبها قبل لسانها بتضرعٍ:
-الله يرحمكم يا رب، ويجمعني بيكم على خير.
………………………………………………
بناءً على توصيات الطبيب المتخصص، مكثت “بهاء” في المنزل للراحة، وتغيبت عن حضور تدريبها، لتتجنب حدوث أي مضاعفات لجلدها الملتهب جراء احتكاكه بالأقمشة الصناعية أو غيرها من الملابس غير المريحة. اكتفت فقط بإعلام صديقتها بذلك، وطلبت منها ألا تبلغ أي شخص بسبب غيابها المرضي، وإن تم تفسير الأمر بصورة غير صحيحة بأنها تفتقر للالتزام وغير منضبطة.
تحركت تجاه باب المنزل عندما سمعت قرع الجرس، احتل وجهها ابتسامة بشوشة عندما رأت عمها واقفًا أمام عتبته وهو يحمل في يده الكثير من الأكياس البلاستيكية. سعدت لرؤيته وتنحت جانبًا لتجعله يمرق للداخل وهي ترحب به:
-ليه التعب ده يا عمي؟
قال “سليمان” وهو يتجه إلى مكان المطبخ الذي يعرفه عن ظهر قلبٍ ليضع فيه ما اشتراه لها:
-هو أنا عندي أغلى منك أجيبله الحلو كله.
ثم استدار ينظر إليها بشيءٍ من العتاب قبل أن يخاطبها:
-إنتي بس لو تسمعي الكلام وتيجي تقعدي معايا أنا ومرات عمك، والله هنفرح أوي.
أخبرته بعدما وضعت ابتسامة مهذبة على شفتيها:
-مقدرش أسيب بيت بابا، وبعدين ده احنا ساكنين قصاد بعض، الشقة في وش الشقة، يعني مش آخر الدنيا يا عمي.
نظر إليها بغير رضا وهو يرد:
-برضوه، أغلب الوقت أعدة لواحدك، وده مضايقني، ومحسسني بالذنب وإني مقصر في حقك .. ده إنتي أمانة أبوكي عندي.
حافظت على بسمتها الرقيقة هاتفة:
-يا عمي ماتشلش همي، أنا بخير والله.
بعد ذلك تحركت تجاه أحد دواليب المطبخ المعدنية لتقوم بفتحها، أخرجت منه كأسًا نظيفًا، وأسندته على الطاولة الرخامية متسائلة باهتمامٍ:
-تحب تشرب إيه؟
رفع ساعده لينظر إلى ساعة يده معتذرًا:
-مرة تانية يا حبيبتي، أنا يدوب قولت أطل عليكي قبل ما أروح مشواري.
تبعته “بهاء” وهو يلج خارج المطبخ بخطوات تسير على سرعة خطاه، واستمعت إليه وهو لا يزال يوصيها:
-لو عوزتي حاجة خبطي على مرات عمك “فادية”، ما تتكسفيش، هي في مقام أمك، وإنتي عارفاها غلاوتك في غلاوة البنات.
ردت من ورائه:
-حاضر.
توقف عند باب المنزل ليستدير ناحيتها متابعًا إلقاء تعليماته:
-واقفلي الباب بالترباس بعد ما أخرج، وشغلي الكاميرا وآ…
قاطعته هذه المرة مكملة أوامره بدلًا منه:
-وهبص من العين السحرية لو حد خبط، اطمن أنا حافظة التعليمات كلها.
ربت على كتفها في حنو أبوي، ليضيف بعدها:
-أنا متفق على باب حديد أركبهولك من برا.
قطبت جبينها معترضة:
-برضوه؟ ما أنا عاملة واحد متين، مالوش لازمة، أنا مش في سجن يا عمي.
أصر على رأيه قائلًا:
-زيادة أمان ليكي، ويخلي بالي مرتاح شوية، طالما إنتي راكبة دماغك ومصممة تفضلي لواحدك.
ابتسمت في ودية قائلة باستسلام:
-اللي تشوفه يا عمي.
ودعته بلطافةٍ، وأغلقت الباب من خلفه، لتشرد نظرتها الحزينة في الهواء متحدثة إلى نفسها:
-والله ما عارفة كنت من غيركم هعمل إيه.
………………………………………
حرص على نقل كافة خبراته ومعلوماته إلى الدارسين، ليتمكنوا من الاستفادة مما يُلقى على مسامعهم، وليس لمجرد حشو عقولهم بكلامٍ نظري لا يسمن ولا يغني من جوع. شعر “عمر” بنوعٍ من الفراغ، وقدرٍ من الإحباط المريب، لعدم تواجد “بهاء” ضمن الحاضرين، تردد بعض الشيء في سؤال صديقتها المقربة عن سبب غيابها، كان يخشى أن تسيء ظن سؤاله، وتأخذها الأفكار إلى تفسيرات قد تؤدي إلى فهم الأمور بشكلٍ خاطئ تمامًا. أكثر ما أصابه بالحيرة هو تجاهلها لرسالة اعتذاره، ولم يحبذ مراسلتها مرة ثانية.
انتهى من محاضرته النظرية مبكرًا، وشدد على ضرورة الاستعداد للجانب العملي من التدريب، والذي سيتواكب مع الجزء النظري عن طريق تطبيقه على أرض الواقع. انطلق “عمر” للخارج وهو مثقلٌ بجبلٍ من الهموم، التقاه “أنس” في طريق مغادرته، فتفرس في تعابيره الغائمة متسائلًا:
-إنت مش شايفني ولا إيه؟ ده أنا عمال أنده عليك وإنت ولا سامعني!
قوس كتفيه قائلًا:
-معلش أنا مش مركز.
حاول استكشاف ما يشغل تفكيره، فسأله بلؤمٍ:
-مين واخدك مننا؟
تهرب من جوابه بترديده الموحي:
-أنا مش زيك، معنديش حوارات، دماغي كلها في المحاضرات والتدريبات وبس.
فجأة تألقت عينا “أنس” بوميضٍ متفاخر وقد شعر باهتزازة ساعة يده الإلكترونية الحديثة، ابتسم في نشوة وقد قرأ اسم المتصلة، فقال في غرور:
-أوبــا، دي المُزة الجديدة!
رفع “عمر” حاجبه للأعلى ليسأله:
-إنت مش توبت يا ابني؟
في مزيد من الزهو أخبره وهو يسرع في خطاه ليبتعد عنه:
-ما دي اللي هتقوم بالمهمة، وتمشيني على الصراط المستقيم، سلام يا باشا.
كدأبه رحل “أنس” ليمارس ألاعيب الحب مع شابة جديدة، فتابعه “عمر” وهو يختفي عن أنظاره مرددًا بإنكارٍ:
-عمرك ما هتتعدل إلا لما تيجي واحدة تجيبك على جدور رقبتك.
………………………………………
ظل يقلب هاتفه بين أصابعه وهو شاردٌ في بوتقة أفكاره التحليلية عن طبيعة شخصيتها الغريبة، لماذا يجد صعوبة كبيرة في التواصل معها بشكلٍ مباشر دون جدال أو سوء فهم؟ نحى ما يشغله جانبًا عندما نادته والدته –السيدة “نهيرة”- من خارج غرفته:
-يا “عمر” تعالى أخوك الكبير جه.
نهض من على فراشه، وألقى نظرة خاطفة على هندامه في المرآة، ليخرج من غرفته واضعًا على شفتيه ابتسامة صغيرة أنيقة، سرعان ما تحولت لضحكة مرحة عندما قفزت التوأم “لين” و”لانا” تجاهه لتقوما باحتضانه، حمل كل واحدة بذراعٍ، وانهال عليهما بالقبلات هاتفًا:
-العفاريت جوم.
سألته الصغيرة “لين” وهي تمسد على شعره القصير:
-إنت حلقت شعرك؟
لم يجبها لكون التوأم “لانا” قد تولت الإجابة عنه:
-علشان تبقى حلو، صح يا عمو؟
أومأ برأسه قائلًا:
-أيوه.
اعترض عليه شقيقه الأكبر في تذمرٍ:
-مش أحلى مني.
حينئذ نظر تجاهه، وأنزل الصغيرتين ليقترب منه، ويحتضنه، فاستمر “عامر” في تقريعه:
-يعني لو مكونتش أجي لحد عندك ما تسألش عني؟!
تراجع عنه متعللًا بابتسامة صغيرة:
-مشاغل، ما إنت عارف.
بأسلوبٍ شبه متحيز خاطبه شقيقه الأكبر:
-أنا مش فاهم عاجبك إيه في شغل التدريس ونهي القلب ده، ما كنت تبقى معايا، وتوريهم ذكاءك وتخطيطك في المعارك اللي بجد، مش شغل كتب ونظريات افتراضية.
خفت ابتسامته قليلًا، وعقب في صوتٍ هادئ:
-أنا حابب يكون ليا لي دور مؤثر في غيري.
تدخلت زوجة شقيقه “سلمى” في الحوار قائلة بلهجةٍ جادة:
-سيبه على راحته يا “عامر”، بلاش تضايقه، كفاية واحد يكون في الصاعقة، مش لازم العيلة كلها.
لحظتها استدار زوجها برأسه ناحيتها ليرد:
-ده أنا مستني لما البنات تكبر وأدخلهم حاجة عسكرية.
رمقته بهذه النظرة المحتجة هاتفة:
-كمان؟ إنتو هتحتلوا الجيش بقى!
أخرج تنهيدة طويلة مهللًا:
-يا سلام لو يجي اليوم ده، نعمل كتيبة للعيلة.
اغتاظت منه “سلمى”، وراحت تكلم “عمر” في لهجةٍ محذرة:
-أوعى تعمل كده في عيالك، سيبهم يختاروا اللي عايزينه.
جاء رد زوجها مستخفًا بقرارات شقيقه:
-مش لما يتجوز الأول، بدل ما هو مقاطع كل حاجة مؤنثة.
واجه سخريته بلباقةٍ وحذر:
-أنا مش في دماغي المواضيع دي، ورايا حاجات أهم.
في طريقة ساخرة استأنف “عامر” التعليق عليه وهو يسحب مقعده على مائدة الطعام للخلف تمهيدًا للجلوس عليه:
-يا ابني الجواز شر لابد منه.
هنا غابت الابتسامة عن وجه “سلمى” لتبدو متحفزة للغاية وهي توجه عاصفة من اللوم إلى زوجها:
-قصدك إني شر يا “عامر”؟!!
في التو صحح خطأه اتقاءً لعصبيتها الوشيكة:
-يا باشا إنت فوق الراس، حد يقدر يغلط في الحكومة، ده فيها محاكمة عاجلة!
زمت شفتيها مغمغمة:
-بحسب!
رددت السيدة “نهيرة” في صوتٍ شبه صارم بعدما ساعدت التوأم على الجلوس في مقعديهما:
-خليكوا كده ناقر ونقير وسيبوا الأكل يبرد.
أشار “عامر” بيده في الهواء هاتفًا بعزمٍ وحماس:
-ده أنا واقع من الجوع، وهقوملك بالسفرة دي كلها.
ضحكوا جميعًا على طريقته المرحة، فربتت السيدة “نهيرة” على كتفه قائلة بمحبةٍ أمومية:
-ألف هنا على قلبك.
……………………………………………
حلت الذكرى السنوية لوفاة أبويها، فتأهبت لزيارتهما في منطقة المقابر مع عمها الذي تفرغ هو الآخر لإحياء ذكراهما. اتشحت “بهاء” بالسواد من رأسها لأخمص قدميها، حتى نظارتها كانت مطابقة لنفس اللون. تفاجأت أثناء خروجها من باب العمارة بوجود رفيقتها “بسنت” أمام المدخل، فتحركت صوبها تتحدث إليها في استغرابٍ:
-ما تصلتيش ليه قبل ما تيجي؟ كان ممكن متلاقنيش فوق؟
ابتسمت في وديةٍ، وأخبرتها:
-وأسيبك في يوم صعب زي ده؟!
كانت ممتنة حقًا لوجود رفيقة مثلها مخلصة في مشاعرها، وصداقتها، لمعت عيناها بتأثرٍ، فاستطردت صديقتها مرة أخرى مرددة بنفس الصوت الرقيق المتعاطف:
-تعيشي وتفتكري يا حبيبتي، هما في مكان أحسن دلوقت.
اكتفت بهز رأسها، فالصمت أحيانًا أبلغ من الكلام، استعدت لتتجه نحو سيارة عمها؛ لكن “بسنت” استوقفتها بنبرة تحولت للجدية:
-خدي دول قبل ما أمشي.
نظرت إلى ما تحمل في يدها من كيس بلاستيكي، وسألتها مستفهمة:
-ده إيه ده؟
أجابتها موضحة:
-هما سلمونا الزي الرياضي ده في الأكاديمية علشان التدريب العملي، وأنا خدت بتاعك.
اندهشت للغاية من هذا الأمر، واستخبرت أكثر منها:
-طب واشمعنى يجبولنا هما؟ ما نلبس من عندنا.
هزت كتفيها معقبة:
-معرفش، هو أصلًا مجاني، يعني ماتكلفناش حاجة، وأنا هبعتلك على الميل مواعيد العملي علشان لازم تحضري.
حررت زفرة سريعة من رئتيها لترد باقتضابٍ:
-طيب.
لاحقًا انضم إليهما عمها، وألقى التحية على “بسنت” قبل أن يطلب منهما ركوب السيارة، لينطلق بهما نحو مقابر العائلة وقد راح يسرد ذكرياته السعيدة مع الراحلين.
………………………………………
بعد البقاء لوقتٍ لا بأس به تضمن قراءة سورة الفاتحة، وقصار السور القرآنية، وكذلك بعض الأدعية للمتوفي، مسحت “بهاء” بيديها على وجهها الرطب، والذي تبلل بدموعها الغالية، لتظل متعلقة ببصرها على شاهدي قبري والديها وهي تبدي لوعتها لفراقهما العزيز. مدت “بسنت” ذراعها لتحاوطها من كتفيها لتضمها إليها، وحاولت مواساتها بكلماتها البسيطة لعل جراح قلبها تهدأ؛ ولكن كيف يسكن القلب وهو يتحَرَّق شوقًا وألمًا لمن غاب عن الحياة. تنحنح “سليمان” متحدثًا بصوتٍ مهموم:
-خلونا نمشي يا بنات.
ردت عليه “بسنت” من تلقاء نفسها:
-ماشي يا عمو.
حين خرج ثلاثتهم من الداخل تفاجئوا بأن سيارتهم محاصرة من الثلاث جهات بسياراتٍ أخرى تسد عليهم الطريق. تقدم “سليمان” في خطواته ليلقي نظرة فاحصة عن كثب وهو يهتف متعجبًا:
-جوم امتى دول؟
افترضت “بسنت” مجازًا:
-جايز في جنازة دلوقت.
قال “سليمان” بعد هزة سريعة من رأسه:
-الظاهر كده، لأن الزحمة مش طبيعية.
حاول نظريًا تقدير إمكانية تحريك السيارة وإخراجها من المسافة البسيطة المتروكة، بحسبة عقلية سريعة؛ دون أن يحتك بأي من السيارتين اللاتين تحاصران خاصته من المقدمة، بدا ذلك عسيرًا عليه، فالضرر حتمًا سيقع، وإذ ربما قد ينبعج الصاج المعدني. زفر في يأس، ثم أشار بيده لكلتيهما آمرًا:
-خليكوا أعدين في العربية بدل ما تفضلوا واقفين في الشمس.
استجابت الاثنتان له، وبقيتا بداخل السيارة لوقتٍ ظل ممتدًا لما يقرب من النصف ساعة. على ما يبدو ضجر “سليمان” من الانتظار السخيف، فسار نحو الأمام دون أن يخبرهما أي شيء، لهذا تساءلت “بسنت” مستوضحة من رفيقتها:
-هو عمك رايح فين كده؟
أجابتها “بهاء” بغير اهتمامٍ، وهي تغوص أكثر في مقعدها لتغفو:
-مش عارفة، جايز شاف حد يعرفه.
……………………………………
عندما ابتعد قليلًا عن ابنة شقيقه وصديقتها، تمكن من رؤية الحشد الغفير المرابط حول بوابة إحدى المقابر العائلية، بالصدفة تقابل مع من كانوا رفاقه قديمًا، فتبادل معهم التحية بوقارٍ، ليجمعه القدر بعدئذ بابن صديقه الراحل، سحبه بعيدًا عن الزحام ليتمكن من الحديث إليه في محبة وألفة. استمر “سليمان” في مصافحة ذلك الشاب الفَتي بحرارةٍ وهو يتحدث إليه بأسلوبٍ لطيف:
-ولو إن الظرف مش مناسب، بس أنا مبسوط إني قابلتك يا “عامر”، ده إنت الغالي ابن الغالي.
كان الأخير على نفس الدرجة من السرور لرؤيته، وعبر عن ذلك حين أخبره بصدقٍ:
-ده الشرف ليا يا عم “سليمان”، ده أنا كأني شوفت أبويا الله يرحمه.
ثم أشار بيده الأخرى نحو شقيقه الأصغر معرفًا به:
-فاكر “عمر” أخويا؟ أكيد شكله اتغير عن زمان.
نظر “سليمان” ناحيته في إعجابٍ قبل أن يقول وهو يمرر يده لمصافحته:
-ما شاء الله كبر، آخر مرة قابلته كان تقريبًا لسه في الكلية.
ابتسم “عمر” في تهذيبٍ، وخاطبه:
-أنا خلصتها من زمان، وشغال دلوقتي.
……………………………
لتقضي على شعورها بالملل الذي راح يستحوذ عليها من الانتظار غير المجدي، كانت “بسنت” تعبث بهاتفها المحمول لبعض الوقت، تتابع ما ينشره الآخرين من أخبار ما بين جادة ومازحة، ومن ثم أغلقته، ووضعته بحقيبتها لتطوف بحدقتيها على ما حولها؛ لكن ما لبث أن غطى وجهها نظرة عظيمة مصدومة حينما أبصرت –مصادفةً- عم رفيقتها يتحدث إلى ذلك الشاب الذي تعرفه جيدًا، رمشت بعينيها لتتأكد أنها لا تتوهم ما تراه، تدلى فكها للأسفل، وراحت تهز رفيقتها الغافلة لتخبرها بصوتٍ خفيض مضطرب:
-إلحقي يا “بيبو”، مش هتصدقي مين واقف مع عمك.
بدا صوت “بهاء” ناعسًا إلى حدٍ ما وهي تسألها:
-في إيه؟
تعلقت بذراعها، وأخذت تهزها بقوة وهي تهتف في صوتٍ ذاهل:
-ده الظابط إياه، “عمر الناغي”!
بمجرد أن سمعتها تتلفظ باسمه انتفضت قائمة، كأن أحدهم صعقها بتيارٍ كهربي، حملقت نجو الجانب بعينين متسعتين، وهتفت في صدمة كبيرة:
-بتقولي مين …………………………………….. ؟!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ضبط وإحضار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *