روايات

رواية أشلاء القلوب الفصل الثاني عشر 12 بقلم ندى محمود

رواية أشلاء القلوب الفصل الثاني عشر 12 بقلم ندى محمود

رواية أشلاء القلوب البارت الثاني عشر

رواية أشلاء القلوب الجزء الثاني عشر

أشلاء القلوب
أشلاء القلوب

رواية أشلاء القلوب الحلقة الثانية عشر

رأى أُسيد يسير نحوه فأندفع نحوه كالثور الهائج ليقف أمامه ويتمتم مُبتسمًا بسخرية وتحمل عيناه وميض مخيف :
_ يعنى اللى سمعته صح ، اتجوزت ملاك !
تعجب من غضبه المبالغ فيه والمجهول سببه ليجيب بهدوء :
_ ايوة كتبنا الكتاب الصبح ، أضطريت أعمل كده مكنش فى طريقة تانى أحميها بيها من أكرم .. أنت متعصب كده ليه !؟
مسح على شعره وهو يشيح بنظره عنه ضاحكًا كالذى فقد عقله ثُم يعود بنظره إليه مجددًا فى صراخ هادر :
_ لا برافو عليك الصراحة فكرة ممتازة ، سبقتنى إزاى أنا مفكرتش فى كده من زمان ده أنا طلعت غبى أوى على كده !!
ثار عليه منفعلًا بعض الشئ فى إستياء متشدقًا :
_ فى إيه يا ريان مالك بتتكلم كده ليه ، وبتزعق ليه !!؟
ازداد صياحه أكثر صارخًا به :
_ بزعق ليه ! ، اقولك ليه اللى اتجوزتها دى سنين وأنا بحبها مستنى الوقت المناسب علشان أعرض عليها الجواز بس ماشاء الله أنت مضيعتش وقت.. اللى أنا قعدت سنين بحاول فيه أنت بكل سهولة فى شهور عملته !!
اندهش مما سمعه، بل أوشك على أن يكذب أذناه ، أحتلته الصدمة فهو لم يكن لديه علم بهذا ولم يخطر على عقله أنه يحب ” ملاك ” أو زوجته حاليًا ، سمعه يتابع وهو رافعًا سبابته فى وجهه محذرًا بنظرة ملتهبة لا تنم عن خير أبدًا أن لم ينفذ أوامره :
_ هتطلقها يا أُسيد وفى أقرب وقت ، أنا مش حابب أخسرك يا ابن العم فأنت هتجيبها من قصيرها وتطلقها بأسرع وقت ممكن
أدركت ملاك أن الخطر قد وصل إلى زروته وإن لم تحاول إنقاذ الموقف فسيقعا معًا في الخطر، هرولت راكضة إليهم فى الأسفل …..
لم يعجبه بل لم يبتعله فى حلقه مطلقًا ، أكثر ما يكره لهجة التهديد، يأمره بأن يُطلق زوجته من هو ليأمره بشئ كهذا حتى وأن كان زواجهم ليس حقيقًا وسينتهى بالفعل، ولكن وحده هو من يقرر أن كان سيستمر أم لا وأن كان سينتهى فهو وحده ايضًا سيقرر متى سينتهى.. أشتدت الحرب وأزدادت أشتعالا حتى وصلت إلى أكثر نقطة مثيرة وهو همسه الغير مبالى الذى يعبر عن نفس غاضبة :
_ مش أنت اللى هتقولى ياريان أطلق مراتى إمتى وإمتى لا، وعلشان يكون فى معلومك بقى مش هطلقها أبدًا !
نبض أشتد فى رأسه وكأنه يضع ذبذبات كهربائية، تلك ما فعلته به جملته الأخيرة التى جعلت منه وحشًا كاسرًا بالفعل، وصل به الغضب إلى زروته ولم يشعر بنفسه سوى وهو يوجه له لكمة قوية كادت تطيح به أرضًا فتشهق ” ملاك ” بفزع وتركض نحو زوجها لتسمع تهديد ” ريان ” الواضح :
_ هتطلقها.. هتطلقها ولو مش بمزاجك هيبقى غصب عنك يا أُسيد
رمقته ملاك بذهول، متى أصبح بهذه الوحشية، هل وصل حبه لها إلى هذا الحد، ليتها تكمن له فى ثنايا قلبها مشاعرًا له ولكنها لا ترى فيه سوى أخًا وسند.. همت بالركض خلفه صائحة :
_ ريان استنى .. ريااان !
يد فولاذية قبضت على رسغها تكاد تقتلع جلدها وهو يصرخ بها بوجه أن قالت أخافها فقط فستكون كاذبة، بل قذف الرعب فى قلبها كالحجارة النارية، وعيناه المتشعلة أوشكت على الأشتعال وحرقها بنيرانها:
_ أدخلى جوا
برغم رعبها همت بأن تجيب فى أعتراض متوسلة ليباغتها بصرخة أشد أنتفضت فى أرضها على أثرها :
_ قولت ادخلى جوا
أمتثلت لأمره فى نفس متضايقة فوجدته يسرع خلف ريان المندفع نحو سيارته وبراكينه جميعها تُطلق الحمم البركانية لتدمر كل شئ، غرز أصابعه فى ذراعه وجذبه معه ثُم فتح باب سيارته وقال فى غضب :
_ اركب واستنانى هروح اجيب المفاتيح وآجى
حدقه بنظرة تنم عن أعتراضه الساخط فيصرخ به فى صوت جهورى :
_ ريان قولتلك أركب متختبرش صبرى أكتر من كدا
ثُم أستدار وأسرع فى خطاه نحو غرفته ليجلب المفاتيح ويذهب دون أن يغير ملابسه حتى، شعرت فى ثنايا قلبها بالذنب.. عادت من جديد تلوم نفسها على موافقتها على هذا الزواج، هي متيقنة أنه أن كان يعرف بحب ريان لها لم يكن ليعرض ذلك الزواج عليها قط وكان سيجد حلًا آخر حتى وأن كان هذا الحل هو الزواج من ريان حتى يكون كما يقال ( ضرب عفورين بحجر واحد ) لم تتأذى وهى معه وفى ذات الوقت لن يحرق روح صديقه وابن عمه، يالها من أنانية لم تفكر قط فى ريان كيف سيكون وضعه حين يعرف، تعرف بحبه لها ومع ذلك آثرت نفسها.. آثرت من لا يحبها ولن يحبها وتركت العاشق الولهان لها، ربما الأمر كان سينجح أن أعطت فرصة لنفسها وحاولت أن تنظر إلى ريان بنظرة مختلفة عن سابقها، تتذكر جيدًا عندما آثرت أكرم وتركت من كان يريدها بحق.. أخطأت بل أرتكبت أكبر خطأ فى حياتها بآثرها لذلك الحقير، وكان سبب قرارها هذا هو شئ واحد انها رأت فيه الرجل المناسب لها وأحبته، والآن تخشى أن يتكرر هذا مُجددًا، أصبح قلبها ينزف دمًا كلما تتذكر نظرته لها للتو ، نظرة عتاب ، أعين عاشقة فقدت أشد ما تحب النظر إليه، عيناه تحدثت وكأنه يقول ” لماذا فعلتِ هذا وأنتِ تعرفين جيدًا بحبى لكِ كان بأمكانى أن اعوضك عن كل شئ وأنتِ معى ” ضاقت أنفاسها من الألم وغامت عيناها بالعبرات لتجلس على الارض وتضم قدميها إلى صدرها محتضنة إياها وتهتف باكية بحرقة :
_ سامحنى يا ريان أنا آسفة.. أنا آسفة !
أقتحمت الغُرفة أسمى التى دخلت لها وهى تصيح بها فى زمجرة :
_ يارب تكونى مبسوطة دلوقتى يا ملاك هانم باللى شوفتيه تحت ده !!
لم ترد ولم تنظر ولم تعيرها أهتمام ولكن تلك القاسية استفزتها بقولها الصارخ :
_ أُسيد وريان عمرهم ما اتخانقوا ولا وصل بيهم الوضع أن واحد فيهم يضرب التانى، دايمًا مع بعض فى كل حاجة.. والنهاردة بسببك هيخسروا بعض، ولسا ياما هنشوف منك، تعرفى أنك معندكيش دم ولا أحساس، وافقتى تتجوزى أُسيد وأنتى عارفة أن مفيش حد بيحبك ولا عايزك فى العيلة كلها.. والمشاكل ماشاء الله نازلة ترف علينا من ساعة ماشفنا وشك، أنتى عايزة إيه بظبط منينا هااا، أنتى مش ملاحظى أنك أطردتى مليون مرة من البيت وبرضوا رجعتى تانى بكل برود.. بس خلى فى معلومك مش معنى أن أنا وماما سمحنالك تدخلى البيت يبقى هتعيشى مرتاحة لا ده أنتى هتشوفى أسود أيام حياتك هنا !
خرجها صوتها الصارخ فى تشنج :
_ أطلعى برا يا أسمى .. برا
إبتسمت بغطرسة وتمتمت ساخرة :
_ طبعًا تطردينى متطردنيش ليه خلاص بيقتى ست البيت !!
ولتها ظهرها وغادرت، تلك المسكينة لن ينتهى عذابها تعرف هذا، أصبحت كالمريض الذى ينتظر لحظة وفاته ليرتاح، بالفعل مريضة وستترك نفسها بدون علاج حتى تلفظ أنفاسها وتخرج روحها إلى خالقها.. لم ترتكب ذنب لتعيش كُل هذا.. سئمت العيش وبغضت جميع الناس لا تريد أحدًا يكفيها البقاء بمفردها فى راحة بال، تلك الزهرة التى كانت متفتحة تبهر كُل من يراها، ذبلت وهلكت، لم تشرق الشمس عليها، ومنذ سنين لم ترى النور سوى أيامًا معدودة، طائر صغير فتح عيناه لم يجد حوله سوى حشائش، أسفله أرض صلبة لم يتحملها جسده الناعم الرقيق.. وأعلاه سماء التحليق بل الحرية، حاول و عافر وأصر على الطيران ولكن كيف لطائر مسلوب الجناحين الطيران، حتم عليه الأمر أمرين.. أما البقاء فى مكانه أما الصياح ليأتى أحد وينقذه وفى كلتا الحالتين فسيكون مصيره الموت على إيدى صقر أو غيره …………….
نهضت وبدلت ملابسها وجذبت حقيبتها التى كما هى منذ الصباح، لم يكن تلك المرة هروبًا من واقعها بل كان إنقاذٍا لحياتها التى أمرتها بيئتها أن تعيش نفس الظروف القاسية وتتأقلم معها.. حسمت بل قررت منذ تلك اللحظة أنها لن تسمح لأحد بأحزانها ومن سيحاول ستحرقه بل ستمزقه إلى أشلاء مثلما فعلوا بها، ستترك تلك الملاك خلفها وتصبح شيطانًا لا يهمه سوى مصالحه ونفسه، ستدعس على قلبها مثلما فعل الجميع حتى وأن كان سيؤلمهاة هذا ببداية الأمر ولكن لا يوجد شئ يؤلم إلا وكانت نتيجته النهائية الشفاء …………
سحبت حقيبتها خلفها وغادرت وعزمت على عدم دخول ذلك المنزل مُجددًا، لن تتحمل الأهانة أكثر من ذلك قضت سنين حياتها تتحملها، يكفى لقد أكتفت وشبعت منها………………
***
كان الاثنين يقفان فى مكان لا يعلمه أحد سواهم لطالما قضوا طفولتهم به، فيعيد ريان تهديده من جديد وثورته لم تهدأ بعد :
_ هتطلقها يا أُسيد
أجابه فى سخرية واضحة :
_ وبعد ما أطلقها هيحصل إيه، ملاك لو كانت عايزاك مكنتش هتوافق عليا يا ريان.. وعلى حسب ما أنا شايف إنها مش شايفة فيك غير أخ ليها
إنفعل كالمجنون يصيح :
_ وأنت كنت عارف ورغم كده عرضت عليها الجواز
ماثله الأخير فى صياحه وأنفعاله قائلًا :
_ قولتلك مكنتش أعرف حاجة عن الموضوع ده نهائى، اللى عايز أقولهولك أن حتى لو أنا وهى اتطلقنا مظنش أن ملاك هتكون ليك يا ريان ف الأحسن إنك تطلعها من راسك
تحرك خطوتين للأمام ماسحًا على شعره ووجهه، يطلب منه نسيان حب دام لسنوات، تعشش فى ثناياه كالمرض، استحوذ على تفكيره، بات يحلم باللحظة التى ستكون فى منزله وداخل أحضانه، والآن كأنه يطلب منه قتل نفسه وليس حبه.. ألتفت له وغمغم بمرارة :
_ أُسيد أنا مهما احاول أفهمك مش هتفهمني، أنت بكل سهولة بتطلب منى انساها، بقولك إيه الأحسن منتكلمش فى الموضوع ده دلوقتى أساسًا كفاية اللى حصل
أجابه مُبتسمًا فى استنكار ممزوج ببعض المرح :
_ اهاا كفاية أوى، قول الحمدلله أنى مخلتكش تقول حقى برقبتى على اللى عملته فى البيت معايا لو واحد غيرك كان زمانه فى العناية دلوقتى
أظهر أخيرًا عن إبتسامته مردفًا باعتذار صادق :
_ حقك عليا يا بن العم مكنتش شايف قدامى
استدار وسار نحو السيارة هاتفًا بجدية تامة :
_ طيب يلا أركب علشان أنا تعبان وعايز أروح أنام
***
تحاول الإتصال به منذ أيام وفى كل مرة يرفض أتصالها، هل أتخذ موقفًا قاسيًا منها إلى هذا الحد.. لم تقصد إغصابه إلى هذا الحد، كيف تُصلح ذلك الكسر ياترىَ، كيف تجعله يصدق إنها نادمة على مافعلته ولن تكرره مُجددًا، تود أن تعود علاقتهم كما كانت، يسودها الحب والتفاهم والمرح، وقليلًا من المشاكسة التى لم يخلوا منها إى حديث بينهم، ستحاول ولن تيأس حتى تصلح ما أفسدته وتعود المياه لمجاريها……………..
فتحت أشجان الباب ودخلت لتجدها جالسة على فراشها تحملق أمامها فى اللأشى بشرود، أصابها بعض من التعجب ظهر حين قالت:
_ بت يا سارة مالك إكده سرحانة فى إيه
انتفضت على صوت والدتها فاعتدلت فى جلستها فورًا مجيبة بتوتر بسيط :
_ لا عادى كنت بفكر فى حاجة كدا
وجدت ونيس تشاركه خوفها وبغضها فجلست مقابلتها واستطردت بحقد واضح :
_ شايفة أخوكى بيقولى إيه من يومين قال هتجوز ملاك وغصب عنكم
أختارت الونيس الخطأ لتشاركه بغضها فـ ذلك الونيس يكمن الحب والودٍ ” لملاك ” فى داخله فأجابتها بأعين متقدة :
_ ومالها ملاك يا أمى.. هو احنا هناخدها بذنب عمتى، هى ملهاش ذنب فى إى حاحة وأنا متأكدة إنك لو عرفتيها هتحبيها جدا بس أنتوا اللى مش عايزين تتعبوا نفسكم.. وأنا شايفة أن ريان وملاك هيكونوا ثنائى رائع وخصوصًا أن ريان بيحبها ومش بعيد تكون هى كمان كده !
استقرت نظرة ملؤها الغضب والغل منها على ابنتها وتشدقت فى شبه صيحة :
_ ثنائى رائع ده إيه، هو أنا هلاقيها منك ولا من أخوكى المجنون ده
لم تكن فى مزاج لتتجادل معها حول أمر هي مقتنعة كل الأقتناع فيه برأيها ولن تسمح لأحد أن يجعلها ترى عكس الحقيقة التى تراها وهى أن ملاك لم تكن سوى ملاك بالفعل تجسد فى هيئة إنسان، قالت بنفاذ صبر :
_ ماما أنا عارفة مهما أكلمك مش هتفهمى، الأفضل بقى أننا منتكلمش فى الموضوع ده خالص لا دلوقتى ولا بعدين
ستفعل كل ما بوسعها حتى لا تجعل تلك الفتاة تدخل منزلها وتكشف أمرها حتى وأن كلفها الأمر قتلها كما حاولت سابقًا وفشلت ستفعل مجددًا، قضت سنين تحاول أخفاء كل تلك الخفايا والآن ستأتى شمطاء صغيرة تهدم كل ماسعت فى بنائه.. بالتأكيد لن تسمح بهذا حتى وأن أضطرت أن تلحقها بنفس قدر أمها.. هبت واقفة ثائرة وهى تقول بنبرة تحمل فى طيأتها الثقة والتحدى:
_ وأنا مستحيل أسمح أن بنت فردوس دى تدخل البيت.. أنا ماصدقت ماخلصت من أمها تجيلى هيا كمان، وحتى لو دخلت هتبقى دخلت لعذابها برجليها.. الصراحة أنا كنت عايزاها تيجى بس دلوك الوضع اتغير قوى
حركت رأسها حركة نافرة بأمتعاض معبرة عن سخطها لما تتفوه به أمها والتزمت الصمت حتى خرجت وتركتها بمفردها من جديد ………………
***
قضت الطريق كله سيرًا على الاقدام ، لاول مرة لم تشعر ببرودة الجو والهواء البارد الذى يلفح صفحة وجهها البيضاء الجميلة، عيناه منطفئة ولكن بداحلها بريق مختلف بريق القوة، ولكن هيهات فصاحب القلب النقى النظيف والنفس النقية لن يتحول إلى شيطانًا وحتى أن فعل فيكون هذا قناع يحاول إقناع الناس به د، لم تطلب شئ من الله سوى العيش براحة، مطمئنة سعيدة وأدركت مؤخرًا أن السعادة ستتمثل فى الإبتعاد عن تلك العائلة التى لطالما بغضتها.. ذهبت وتركت قطعة من قلبها خلفها بل تركته كله، تسمع أنين قلبها المستمرة وهو يترجاها أن لا تفعل، يطلب منها العودة وأن تبقى بجوراه وكل شئ سيكون جيدًا، لا يجب عليها الاستسلام بسهولة وأن تتخلى عنه كما تتخلى عن كل شئ من أجل الناس.. فتجيبه قائلة لم أتخلى عنه من أجل الناس.. أتخلى من أجلى.. أتخلى من أجل سلامة من أحبهم.. لأنى متيقنة أن قربى منهم لن يجلب لهم سوى الأذى، ولأنى لا أجد طريقة أحتج بها عن العالم سوى العزلة والإبتعاد، أتخلى لإنى أحبهم !!
وحين يمرض القلب يسألون صاحبه لماذا فعلت هذا بنفسك ، لما لم تهتم بنفسك، لم يسألوا نفسهم لماذا فعلنا هذا به، لما مزقنا ذلك القلب الذى فى حجم قبضة اليد ولم نبالى لحاله بعد ذلك.. ألا يحق لذلك القلب الذى ينبض أن يحتج عنهم ويعلن هزيمته ومرضه ألا يحق له أن يتوقف عن العمل إلى الأبد، وهذا مايفعله الآن يحتج عن الجميع حتى عن نفسه.
وصلت أخيرًا إلى منزلهم فكرت فى أن تطرق على منزل زمردة وتطمئن عليها ولكنها رجحت أنها نائمة الآن، ففتحت باب منزلهم بعد وقت طويل مر ودخلت ثُم اغلقت الباب خلفها وأسندت حقيبتها بجواره، سارت إلى الداخل وتوقفت فى نصفه تحدق به بأعين دامعة تنظر فى كل جزء، كل ركن يحمل ذكرى لن تمحىَ مع والدتها، هنا فعلت ذاك، وهنا قالت هذا، وهنا ضحكت هكذا، وهنا أحبت وتمسكت بهذا الشكل.. بدأت أنفاسها تتصاعد وتعجز عن أخذ أنفاسها فجثيت على الأرض وهى تصرخ باكية بحرقة :
_ قوليلى أنا أعمل إيه من بعدك يا ماما، تعبت والله خلاص مبقيتش قادرة، كنتى دايما تطمنينى وتحضنينى وتقوليلى أن كل حاجة هتبقى كويسة أينعم مكنش بيحصل حاجة بس حضنك وكلامك كان كفاية أنه يقوينى ويدفع الأمل جوايا، دلوقتى أنا مش لاقية اللى يقوينى كدا
شعرت بيد توضع على كتفها فرفعت نظرها ودهشت إذا بها تجدها امامها بنظرته الدافئة لتضمها إلى حضنها كما كانت تفعل دومًا فتنهار بين ذراعيها باكية هاتفة بصوت متشنج :
_ حضنك وحشنى أوى يا ماما
ظلت على هذا الوضع دقائق عديدة حتى انتشلها من لحظتها تلك صوت طرق الباب فأدركت أنه لم يكن سوى خيالًا صوره عقلها الباطن لها، فنهضت وتوجهت نحو الباب بعد أن ظنت إنه زوجها، فألقت نظرة من خرم صغير فى الباب فتنصدم بأكرم.. وثب قلبها من موضعه رعبًا وترددت كثيرًا قبل أن تفتح له ولكنها قررت الدعس أيضًا على خوفها هذا، فجففت عبراتها جيدًا لتظهر بمظهر قوى وثابت ثُم فتحت له الباب هاتفة بغضب:
_ انت بأى عين جاى تانى
دفعها من أمامه بعنف ودخل ثُم أغلق الباب فصاحت به بنبرة محذرة وجسدها يكاد يرتجف من الخوف :
_ أطلع برا يا أكرم وإلا والله أصوت وإلم عليك الجيران
بإبتسامة لئيمة ونظرات شيطانية غمغم:
_ اهدى يا ملاكى صويت إيه بس، أنا جاى اتكلم معاكى فى هدوء وهمشى زى ماجيت هاا إيه رأيك
صرخت به مندفعة كالمجنونة :
_ مفيش كلام مابينا اصلًا وأطلع برا يلا
_ لا ازاى بقى ده إحنا بينا كلام كتير لازم نتكلم فيه أوله جوازك من البيه أُسيد !
أكملت صراخها بأكثر إنفعالًا :
_ وأنت مالك أنت بجوازى لتكون هتمنعنى كمان
قهقه باستمتاع قائلًا فى مكر :
_ أسمعينى بس ياحبيبتى، أنتى أكيد مش عايزى حبيب القلب يتأذى أو حبيب القلب التانى ريان ده يحصله حاجة أو زمردة مثلًا، فأحنا هنعقد إتفاق ولو نفذتيه هبعد عنك نهائى وكل واحد هيروح لحاله ومفيش حد هيتأذى كمان
نظرت له بأهتمام وكأنها تسترسله على الحديث فأكمل بنبرة أكثر خبثًا :
_ تطلقى من أُسيد وبعدها كل حاجة ترجع زى ما كانت وكأنى معرفكيش وأنتى كذلك هاا إيه رأيك ؟
بدون تفكير اجابته فهى بالفعل تنوى فعل هذا ولن تستمر علاقتها معه طويلًا :
_ ماشى يا أكرم هطلق منه بس خليك عند وعدك يعنى هتبعد عنى نهائى وعنهم تمامًا، إتفقنا
أزدادت نظراته اشتعالًا بوميض خبيث مردفًا :
_إتفقنا طبعا ياحبيبتى، يلا تكير بقى وهستنى منك خبر الطلاق علشان آجى كده وأجبلك الحلاوة معايا
ثُم غادر وتركها تفكر فى حديثه والارتيعاد بدأ يتملكها، أحست أن كلامته لم تكن بدافع رغبته فى أن تنفصل عن أُسيد فقط بل كانت تحمل فى جوفها معانٍ كثيرة، نفضت تلك الأفكار من عقلها فحتى وأن كان هناك نية سيئة يسعى لها لن تمنحه الفرصة لأنها بمجرد طلاقها ستغادر البلاد ولن تترك لها أثر سوى ذكراها، هذا إذا كان احدهم يحمل لها ذكرى أساسًا، سمعت صوت هاتفها فذهبت وأجابت على المتصل بنبرة قوية:
_ نعم يا أُسيد
قابلت صياحه الهادر ونبرة صوته المخيفة :
_ أنتى فين، وإزاى تطلعى من البيت من غير ماتقوليلى فى الوقت ده !!؟
بهدوء تام ونبرة جاهدت فى ثباتها :
_ أنا فى بيتنا يا أُسيد أنت عارفه طبعًا
ولم تمهله الفرصة ليجيب فأنهت الاتصال فورًا وذهبت إلى غرفتها وشرعت فى تبديل ملابسها، لترتدى بيجامة مجردة من أي رسومات ورفعت شعرها الحريرى لأعلى بشئ تثبته وتنتظر مجيئه لكى تواجهه بكل شئ فلن تسمح لأحد باحتقارها بعد الآن حتى وأن كان هو !! …………….
***
طرق كالرعد على الباب، طرق أرعبها ولكنه أعلمها من الطارق فتوجهت وفتحت الباب له وطالعته ببرود متصنع ثُم استدارت وقادت خطواتها عائدة إلى الداخل، فدفع الباب بعنف وأسرع خلفها ليقبض على ذراعها بيده الفولاذية ويديرها له لتقابل عيناه الملتهبة ببرود لم تعرف من أين أتت بكل هذه القوة لتواجه نقمه بهذا البرود وكأنها لا تخشاه مطلقًا وازداد نقمه حين صرخ بها:
_ أنتى متجوزة دلوقتى ومش أى وقت يحلالك تطلعى هتطلعى، أنتى عارفة الساعة كام دلوقتى ؟
بخفوت ونبرة جديدة تمامًا وهى تنزع يده عن ذراعها بهدوء وتسير نحو المطبخ قائلة :
_ عارفة يا أُسيد .. الساعة 1، بس بنسبالى مبقتش تفرق خلاص، هيحصلى إيه أكتر من اللى أنا فيه، وتقدر تطلقنى خلاص أكرم مش هيقدر يعملى حاجة وحتى لو عمل عادى برضوا
كان يسير خلفها حتى وصلا إلى المطبخ ورأها تخرج كوب وتملأه ماء، همت بوضعه داخل فمها فسحبه من يدها وألقاه على الأرض صارخًا بغضب هادر :
_ أنتى فى إيه مالك وبتتكلمى كدا ليه، مش كفاية خبيتى عنى موضوع ريان وأنتى كنتى عارفة أنه بيحبك
أطالت النظر فى وجهه وهى تقول بإبتسامة ساخرة تحاول إخفاء لمسة المرارة التى فيها :
_ والله فى الحقيقة أنا عملت فيه معروف، أنا وحدة مريضة قلب ولو متعالجتش بكتيرى كام شهر وهكون تحت التراب ومش هتعالج وعمليات مش هعمل، فعلشان كده ياريت بقى تسيبنى أعيش أخر أيامى بالطريقة اللى أنا حابة أعيشها، أعيش براحة بعيدة عن ناس مش شايفين فيا غير أنى مذنبة ومستاهلش اكون بينهم، لأنى من النهاردة مش هسمح لحد أنه يهينى ويلومنى على حاجة أنا معملتهاش حتى لو كان الشخص ده هو أنت يا أسيد، قولتلهالك قبل كده وهقولها تانى أنا مش عايزة إى حد منكم حتى ريان مش عايزاه، لو عايز تساعدنى بجد يبقى تطلقنى وتسبونى فى حالى وأنا هعيش أخر أيامى بسعادة بعيد عنكم
يرفض تصديق مايسمعه يستحيل أن تكون هذه ملاك التى كانت تضحك وتشاكسه منذ ساعات ماذا حل بها ليجعلها تصل إلى تلك الحالة، كأنه يرى شخص أخر لم يعرفه فهمس بخفوت فى حنو جميل :
_ ملاك أهدى وقوليلى حصل إيه خلاكى تقولى الكلام ده، ده أنتى كنتى بتهزرى وتضحكى معايا قبل ما ييجى ريان حصلك إيه
صرخت به فى حرقة وقد دخلت فى نوبة بكاء عنيفة، فـ أن كتمت تلك الدموع بداخلها أكثر ستقتلها بالتأكيد :
_ اديك قولت كنت، أنا تعبت خلاص بجد يا أُسيد سبونى فى حالى أبوس إيدكم، أنا متفهمة رغبتك فى مساعدتى وحبك الأخوى ده ليا، وحب ريان ليا بس كل ما احاول اندمج بطلع الخسرانة فى الآخر، ارجوكم سبونى وأبعدوا عنى أنا مش عايزة حد فى حياتى، أنا زهقت مش هفضل أجى على نفسى كده طول عمرى علشان خاطر حد، كل الناس اللى أعرفهم ومعرفهمش عايزين يأذونى وخلاص.. طاب هو أنا مليش نفس أعيش زى بقية الناس على الأقل أعيش مرتاحة، أنا زهقت والله ومليت
جثت على الارض مستمرة فى بكائها العنيف فجثى امامها ولم يكن عساه سوى شئ واحد وهو ضمها لعلها تهدأ قليلًا بين ذراعيه، فتمزق قلبه عليها جعلته يندم على كل مرة انفعل عليها دون أن يبالى لتلك المسكينة، وهى الآن ليست امرأة عادية بل زوجته أى أن من أقل واجباته أن يرعى الله بها كما كان يفعل مع زوجته ، هو من أختار وقرر الزواج بها فيجب عليه أن يرعاها ويضمها إلى جناحيه فهى فى أمس الحاجة لذلك منه.. ضمها إلى صدره وملس على شعرها وظهرها برقة محاولًا تهدئة روعها فأزدادت بكاءًا أكثر بادية الامر ثُم هدأت تدريجيًا عندما بدأت تشعر بدفء أحضانه وأنفاسه الأكثر دفء التى تبعث فى نفسها الراحة، أغمضت عيناها بتلذذ لذلك الشعور الذى ربما لن تشعره مُجددًا.. كان يرسل صوته على أذنها بكلمات جميلة ليهدأ من روعها، كان صوته كزقزقة العصافير وهى تغرد فى الصباح ……………………
***
فتحت عيناها بعد ساعات ثُم أعتدلت وجلست وهى تنقل نظرها فى الغرفة باحثة عنه فنهضت وغادرت الغُرفة لتجده يقف فى الشرفة، أقتربت منه بحرص حتى وقفت خلفه على مسافة صغيرة وهمست بنعومة:
_ أُسيد !
التفت لها وتحرك نحوها ببطء متمتمًا بترقب:
_ عاملة إيه دلوقتى ؟
أماءت بإيجاب فى رقة لتتمتم بصوت أنوثى رقيق :
_ كويسة أنت ليه واقف فى البرد كدا أدخل جوا بدل ما تتعب !
فعل ماقالته بهدوء وأغلق باب الشرفة وهو يوجه كلامه شبه الآمر قائلًا :
_ أدخلى يلا البسى هدومك علشان نروح
صمتت لبرهة صغيرة ثم أجابت بصرامة ممتزجة بالترجى:
_ مش هرجع هناك تانى يا أُسيد، أنا مش هقدر اتحمل كلمات أمك وأختك أفهمنى لو سمحت لغاية مانتطلق خلينى على راحتى.. عايز أقعد هنا وحدى مفيش مشكلة عايز تاخدنى ونروح نقعد فى شقتك مفيش مشكلة برضوا بس أنا عايزة ابقى بعيدة عنهم أرجوك متضغطش عليا
_ أسمى قالتك حاجة !؟
هتفت بحزم فى ضيق جلى:
_ قالت أو مقالتش مش هتفرق، أنا وأمك وأختك مش هننفع نقعد فى بيت واحد أنا أساسًا ندمانة إنى وافقت على الجواز دا !
رفع حاجبيه بصدمة من قولها ” ندمانة ” فيجيبها بعدم إستيعاب :
_ ندمانة ليه يا ملاك أنا مغصبتكيش قولتلك براحتك توافقى أو لا وأنتى وافقتى، إيه لزمته الكلام دا دلوقتى !!
شعرت بعبراتها إنها على وشك النزول مجددًا فهمست بصوت مبحوح :
_ هو فعلا فات الآوان على الكلام ده، أنا مش عايزاك تقول أنى ببعدك عن أهلك أو كدا أو بغصب عليك حاجة بس عايزاك تفهمنى، أنا مليت من معاملتهم ليا وأنا معملتش حاجة ليهم مش هقدر استحملها أكتر من كده
أقترب منها ومرر يده على ذراعها نزولًا من أعلى لأسفل والعكس مهمهمًا بدفء:
_ فاهمك ياملاك، وعلشان مسمعكيش بتقولى ندمانة دى تانى أو الكلام اللى قولتيه قبل ماتنامى هعمل اللى عايزاه وهنروح نقعد فى شقتى بس مش اللى كنتى قاعدة فيها، أنا متجوزكتيش علشان أهينك وأعذبك معايا أنتى أمانة مش أمانة بابا أو عمتى أو غيره لا أنتى أمانة من ربنا من ساعة ما اتجوزتك وأنتى بقيتى أمانة عندى احافظ عليكى زى عنيا واديكى واجباتك على أكمل وجه قبل حقوقى
إبتسمت له بحبٌ لكلماته الرقيقة والدافئة ثُم أردفت بلطف ونعومة بسيطة :
_ طيب بس ممكن ناخد الليلة والنهار هنا لأن البيت وحشنى أوى ونفسى أقعد فيه؟
هز رأسه بموافقة وعلى ثغره شبه إبتسامة ساحرة فتابعت ممتنة بسعادة :
_ شُكرًا بجد !
قطع حديثهم صوت أذان الفجر الذى أرتفع من المؤذنين فى الجوامع المجاورة فنظر لها وتمتم ببساطة:
_ يلا علشان نصلى الفجر
رمقته بدهشة بسيطة وهى مبتسمة :
_ انت بتصلى ؟!
بادلها الابتسامة ليجيبها مازحًا :
_ إيه مش باين عليا ولا إيه، بس شكلك كده بيقول إنك مبتصليش ياهانم ؟!
إبتسمت ببلاهة فى حياء ثُم تمتمت بضيق :
_ بصلى الصراحة بس مش هكدب عليك مش منتظمة أوى !!
طالعها بحنان دفين وفى نبرة صلبة داخلها لهجة الامر :
_ لا مفيش مش منتظمة ، أنا هشفق عليكى فى إى حاجة وهزعل لو زعلتك فيها بس عند الصلاة لا مش هتلاقى منى شفقة من النهردا هتنتظمى ولو عرفت أنك قطعتى هتزعلى منى بجد، يلا روحى اتوضى علشان اتوضى بعدك
أماءت بموافقة وأمتثال لأمره وأستدارت نحو الحمام لتتوضأ وتستعد لأداء فرضها لأول مرة لها ستقضى فرضها مع زوجها، لم يكن أكرم يصلى بل تشك فى أنه يعرف كيفية أداة الصلاة، أنخرط نحو الشهوات والخمر والسهرات حتى نسى ربه ودينه، حقًا تشفق عليه فى هذا الأمر، بالتأكيد أن كان يعرف ربه ودينه مثل أُسيد لم يكن ليفعل بها ما فعله، تنهدت الصعداء وباشرت فى الوضوء حتى تنتهى ويأتى هو ليتوضأ خلفها …….
***
مع إشراقة شمس يوم جديد يحمل المفاجأت للبعض ….
طرق الباب الهادئ جعله يترك ما بيده ويسلط نظره عليه هاتفًا بصوت قوى :
_ أدخل !
دلف بهيئته الرجولية الجذابة وهو يوجه نظراته المتسائلة نحو مراد متمتمًا :
_ خير يامراد موضوع إيه اللى مينفعش فى البيت ده وجايبنى الشركة عشانه أول ماجيت القاهرة !!
أشار له بيده أن يجلس على المقعد ونهض الأخير ليجلس على المقعد المقابل له يحاول إيجاد طريقة مناسبة يعرض عليه الأمر ويخبره به، تفكر مليًا في إيجاد شئ ملائم يبدأ به حديثه، وأخيرًا قال بحذر :
_ الموضوع اللى هكلمك فيه مش موضوع عادى علشان كدا قولتلك تعالى الشركة
بدأ يشعر بالقلق وظهرت قسمات الاستغراب على محياه ليردف بفضول :
_ موضوع إيه ده يامراد اخلص قول متوترنيش !!؟
تنفس الصعداء وزم شفنيه بإحتجاج مجيبًا بخفوت :
_ عمى عزت الله يرحمه كان متجوز على مرات عمى من زمان أوى ومعاه بنت عندها 22 سنة اسمها زمردة.. يعنى أختك يامروان !!
رأى الصدمة تحتل مركزها على وجهه، أذنيه لا تستوعب ما تسمعه، ألقى عليه الصعقات متوالية بداية بزواج أبيه السرى ومن ثُم أخته التى كان لا يعلم عنها شئ حتى هذه اللحظة ……
***
استيقظ من نومه على صوت رنين هاتفه الصاخب، فتأفف بخنق ثم ضغط على زر الأغلاق فى ضجر وأكمل نومه، ولكن المتصل كان ملحًا.. فقبض على الهاتف بقوة وأجاب بزمجرة :
_ إيه يا أشرف عايز إيه على الصبح كده !؟
توتر بشدة وتشدق بأعتذار صادق :
_ أنا أسف يا أُسيد بيه بس الموضوع يخص مرات حضرتك، علشان كدا أتصلت اقولك !
حول نظره إلى ملاك النائمة بجوراه فى ثبات عميق، نظرة شائكة، ثم نهض من الفراش وهتف بترقب :
_ موضوع إيه ده ؟!
أجابه بشئ من الجدية والرسمية فى وضوح :
_ امبارح لما مرات حضرتك سابت البيت، مشيت وراها وراقبتها زى ماحضرتك كنت قايل وبمجرد ما طلعت البيت بعدها بخمس دقايق بظبط لقيت أكرم طالع العمارة، قعدت استنيته تحت لغاية مانزل أخد حوالى عشر دقايق فوق وبعد ما نزل راقبته وعرفت قاعد فين
هتف وهو مسلطًا نظرته النارية على زوجته النائمة، أخبرها أن تخبره بكل شئ متعلق بأكرم هذا وأن حاول التحدث معها أو رؤيتها تخبره على الفور ولكن مازالت نفسها المتمردة لم ترحل، يجاهد أن يتحكم فى إنفعاله معها ولكن ماذا يفعل مع امرأة لا تعى سطوته ونقمه:
_ فين مكانه يا أشرف ؟
_ فى ( ……) ، أنا قولت أقولك مقدرتش أخبى عنك حاجة زى كدا !
_ تمام يا أشرف كويس أنك راقبته
أنهى الإتصال وجلس على أحد المقاعد محدقًا بها فى نظرات ساخطة، تذكر كلماتها بالأمس ” خلاص أكرم مش هيقدر يعملى حاجة وحتى لو عمل عادى برضوا ” تُرىَ ماذا كان يفعل معها، تأججت نيرانه وأحمرت مقلتيه حتى أصبحت أشبه بلون الدماء، وازدادت توهجًا حين تذكر رغبتها السريعة فى الطلاق بعد أن كان الأمر مستبعد بينهم.. ظل على وضعيته هكذا حتى استيقظت وفتحت عيناها وهى تتمطع بذراعيها لأعلى جاهلة ماينتظرها من طوفان عاتى ..!!

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أشلاء القلوب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *