روايات

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الستون 60 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 الفصل الستون 60 بقلم بيسو وليد

رواية جعفر البلطجي 3 البارت الستون

رواية جعفر البلطجي 3 الجزء الستون

رواية جعفر البلطجي 3 الحلقة الستون

الهي مهما اردت الحنو،
وجدتك اشفق مني عليّ،
ومهما اردت اليك المسير،
وجدتك اقرب مني اليء،
ومهما رجونك في حاجة،
وجدت الذي ارتجيه لديّ.
_محمد البكري.
_________________
أحيانًا يظن المرء نفسُه المتـ.ـحكم في مسار اللُعبة..
خصيصًا وإن كان لها طرفٌ آخر، يظن نفسُه المسيـ.ـطر والملك الذي لا يُهز’م، ولكن لم يعلم في هذه اللحظة أن تلك اللُعبة تؤدي بهِ نحو الها’وية خصيصًا وإن كان لها طرفٌ ثانِ محترف، يظل يُكابر ويُماطل ويظن أنَّهُ الفائز حتى تأتي الضر’بة الحا’سمة الفيصلية..
هكذا كان الطرف الأنا’ني، الذي يعشق نفسُه ويرى نفسُه الأفضل بين الجميع وهو في الأصل الأسو’أ بينهم، حتى تأتي نهاية اللُعبة ويكتشف أنَّهُ كان الأحمق بينهم..
<“جاءت الضر’بة القا’تلة مِن أقرب الأقربين.”>
منذ باكورة الصباح وهو يشعُر أنَّهُ سيُصا’ب بالجنو’ن، ينظر إلى الدعوة التي لم تُفا’رق كفه ويزداد غـ.ـضبه أكثر، كيف تجر’أت وفعلت هذا بهِ بتلك الو’قاحة، كيف غد’رت بهِ وأطلـ.ـقت ضر’بتها القا’تلة بظهره دون أن يشعُر بها، كان صد’ره يعلو ويهبط بعـ.ـنفٍ والغـ.ـضب باديًا على معالم وجهه، أمسك الكوب الزجا’جي وألقاه بعنـ.ـفٍ على سطح الأرض ليصدح صوت إنكسا’ره عا’ليًا ويتنا’ثر بقاياه في المكان، ومعها خرجت صر’خته التي أعربت عن مدى غـ.ـضبه وصدمته، وخروج الو’حش مِن مخـ.ـبئه:
_أزاي تتجر’أي وتطـ.ـعنيني فضهري يا ***** بعد كُلّ دا، يا ريتني كُنت كهـ.ـربتك وخلـ.ـصت مِنك بدري بدري، يمين بالله ما هعديهالك يا “نورهـان” وهوريكي الوش التاني لـ “فتـوح”، مش طـ.ـعنتي غد’ر، يبقى متزعليش مِن الرد وأبقي أتحا’مي فأخوكي ساعتها حلو أوي وروحي أستنجـ.ـدي بـ “يوسـف”.
أخذ هاتفه مِن على سطح الطاولة يعبـ.ـث بهِ وغـ.ـضبه هو المُسيـ.ـطر عليه في هذه اللحظة، وأول مَن جال بخاطره “حديـدة” الذي دومًا يستعين بهِ في كو’ارثه الغير مسبوق حدو’ثها، ثوانٍ مِن الصمت القا’تل مرّت عليه كبطء السُلحفاة، لم يُجيبه ليُعاود الكرّة علّ الجواب يأتي ويطـ.ـفي شـ.ـرارة الثو’رة الطا’حنة التي نَشَـ.ـبَت بداخله؛ ثوانٍ قليلة، وجاء الجواب مِن “حديـدة” بصوته الناعس لياتي في المقابل صوت “فتـوح” الغا’ضب الذي قال بنبرةٍ حا’دة:
_طبعًا أنتَ نايم فالعسل ولا على بالك المصـ.ـيبة السو’دة اللي و’قعت على راسي وشوية وهكـ.ـسر الشقة.
جاء صوت “حديـدة” الذي شَعَر بالضيـ.ـق مِن صوته العا’لِ واضطـ.ـر إبعاد الهاتف قليلًا حتى ينتهي الأخر مِن صر’اخه بهِ الغير مُبرر، ثوانٍ مِن الصمت القا’تل بينهما جاء صوت “حديـدة” الذي قال:
_في إيه بس يا عمّ عالصبح يحر’ق أبو معرفتك الهبا’ب.
جاء جواب “فتـوح” الصار’م حينما قال بنبرته الحا’دة:
_سـ.ـت الحُسن اللي قعدت تبررلها يا روح أمّك وتحا’ميلها أدتني على قفايا وغد’رت بيا، الهانم ر’افعة عليا قضـ.ـية طلا’ق عشان عارفة إنها لو طلبت مِني أطلـ.ـق مش هطلـ.ـق فأختصرت الطريق وراحت ر’فعت عليا قـ.ـضية.
أنتفـ.ـض “حديـدة” مِن مكانه مجحـ.ـظ العينين وهو يستمع إلى حديث رفيقه، حاول أستيعاب ما قيل لهُ ليجد نفسه يقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_طب أهدى وأنا هجيلك ونشوف حل للحوار دا، نُصاية وهكون عندك.
أنهى مكالمته معهُ شارد الذهن يُفكر فيما قيل لهُ قبل قليل ليعلم شيئًا واحدًا في هذه اللحظة، حانت لحظته التي أنتظرها منذ زمنٍ، بينما كان “فتـوح” يشعُر أنَّهُ سيفقـ.ـد صوابه ويُصا’ب بالجنو’ن فمَن أأتمن عليها وأعطاها جميع أسراره غد’رت اليوم بهِ وأعطته ضر’بتها القا’ضية، وفي لحظة مجنو’نة لم تكُن في الحُسبان قرر “فتـوح” الذهاب إلى قريتها التي تسكُن بها فبالتأكيد لن تستقر هُنا بعد ما حد’ث وسترحل بعيدًا بصغيرها..
في نفس الوقت..
كان “رمـزي” متجهًا إلى المسجد بخطى هادئة حتى يقوم بترتيبه مثلما أعتاد للمصلين، في تلك اللحظة أقترب مِنْهُ “أسمـر” يقـ.ـطع سير خُطاه مبتسم الوجه وعيناه تلمعان ببريقٍ واضح عكسته أشعة الشمس، نظر لهُ “رمـزي” وسأله قائلًا بوجهٍ بشوش:
_شكلك عرفت حاجة بسطتك وجاي تقولهالي.
جاوبه “أسمـر” بنبرةٍ غـ.ـلبتها طابع الحما’س والبسمةُ ترتسم على ثَغْره قائلًا:
_بصراحة بقى آه، أنتَ مش واخد بالك بحاجة مختلفة النهاردة فالحارة؟.
تعجب “رمـزي” ليبدأ يلتفت برأسه حوله ينظر إلى أرجاء حارته ليجد محل “فتـوح” مُغلق، عقد حاجبيه وعاد ينظر إلى “أسمـر” الذي قال بنبرةٍ سعيدة:
_خبر بمليون جنيه، مِن شوية جه را’جل كدا وأدىٰ “فتـوح” ورقة المهم بقى فالورقة دي … مراته طلعت ر’افعة عليه قـ.ـضية طلا’ق.
تفاجئ “رمـزي” حينما تلقى هذا الخبر الذي لم يكُن يتوقع حدوثه ليقول بنبرةٍ متر’قبة:
_أنتَ متأكد مِن اللي بتقوله دا يا “أسمـر”.
_عيـ.ـب عليك يا صاحبي دا أنا شايف وسامع، زمانه دلوقتي شا’يط عشان غد’رت بيه وإن جيت للحق هو ابن حلا’ل ويستا’هل وهي جدعة عشان فكرت فيها صح.
شرد “رمـزي” قليلًا فيما أستمع إليه قبل قليل بعد أن تركه “أسمـر” وذهب ليجد الشيطا’ن بدأ يوسو’س لهُ بأشياءٍ لن يسـ.ـمح لهُ فالتفكير بها ولو للحظة بينه وبين نفسه ولذلك أخرج زفيرة هادئة واستغفر ربه ثمّ أكمل سيره حتى وصل إلى المسجد وقام بفتحه ثمّ وَلَجَ إلى الداخل مُلقيًا تحية السلام وبدأ بتجهيزه..
بعد مرور القليل مِن الوقت..
وقف “حديـدة” أمام شقة “يـوسف” وهو ينظر حوله بتر’قبٍ شـ.ـديد وبيده حقيبة جـ.ـلدية مستطيلة، وضعها على الأرض بجواره ثمّ أخرج أد’اة حد’يدية صغيرة مِن جيب بنطاله وأدخلها في مزلا’ج الباب وحرّكها برفقٍ ليسمع صوت الباب يُفتح برفقٍ حتى لا يجذ’ب إنتباه مَن حوله، حرّكها مجددًا ليجد الباب يُفتح وتظهر الشقة المظـ.ـلمة أمام عينيه..
ألتفت حوله يتأكد مِن أن لا أحد يراه ثمّ وَلَجَ إلى الداخل بخطى هادئة مغلقًا الباب خلفه برفقٍ وبيَده الحقيبة، إتجه إلى الغرفة الخاصة بـ “يـوسف” و “بيلا” التي كانت مظلـ.ـمة بالكامل وتفوحها رائحة طيبة، ضغـ.ـط على المقبـ.ـس الكهـ.ـربي ليكسـ.ـر النور حِدَّ’ة هذا الظلا’م ومعها ظهر أثاث الغرفة الذي كان راقيًا ومُرتبًا بعناية، أقترب مِن خزانة الملابس ثمّ قام بفتحها وإبعاد الثياب التي كانت مُتربة بداخلها..
قرر الإنتقا’م وإلقا’ء حبات الملح على الجر’ح الغا’ئر الذي لم يلـ.ـتئم حتى هذه اللحظة ومازال ينزُ’ف، حر’بٌ وأعلنها على الجميع إن كان للقريب أو حتى للغريب، فهكذا كانت الضبا’ع في الغابة بلا حد’ود وبلا قوا’نين، الغد’ر مِن صفاتهم، وآ’كلين لحو’م البشر، وبرغم أن تلك الحر’ب كانت يجب أن تنتهي منذ زمن، ولكن أبى هو إنهاءها وأصر على إستمرارها حتى تأتي اللحظة التي ستكون القا’ضية لهُ ولأمثاله..
وضع الحقيبة في الخزانة ووضع الثياب فوقها ثمّ أغـ.ـلق الخزانة وأعاد كُلّ شيءٍ إلى مساره الصحيح، خرج مِن البِنْاية سريعًا وهو يلتفت حوله كمَن أر’تكب الجُر’م المشهو’د ويخـ.ـشى الإمساك بهِ، رآه “يعقـوب” في هذه اللحظة ليشعُر بالتعجُب ويبدأ يتسأل بداخله عن وجوده داخل بِنْاية “يـوسف” في هذا التوقيت بالذات، ولكن برغم عدم أرتياحه لهُ ذهب إلى المسجد حتى يتحدث مع “رمـزي” كما طلب مِنْهُ..
دقائق أستغرقها “يعقـوب” للذهاب إلى المسجد وفي خلالها كان يتسأل عن وجود “حديـدة” في البِنْاية فهذه أول مرَّة يراه فيها بداخلها وهذا أثا’ر الريبة في نفسُه، وَلَجَ إلى المسجد ليرى “رمـزي” في الداخل يقوم بنثر العطر في أرجاء المسجد، أقترب مِنْهُ حتى وقف خلفه وقال بنبرةٍ هادئة أشبه بنسمات الهواء الهادئة في فصل الربيع:
_بقينا نتطلب يا عمّي وإحنا ناس وراها مشاغل مش فاضينلك.
هكذا أستمر في كسـ.ـر الحوا’جز المبنية بينهما؛ تلك هي الطريقة، وهكذا كان هو حينما قرر أن يقـ.ـتحم دائرتهم المحصـ.ـنة بجميع أسلـ.ـحته المملو’كة، فإن كانوا أُمراء فهو الملك الذي لا يعلم لليأس طريقًا معهم، ألتفت “رمـزي” لهُ لتتقابل الأعين وتنطق بما عـ. ـجز الفم عن البوح بهِ، دام الصمت بينهما هُنَيْهة ثمّ باغته “رمـزي” وقام بنثر المعطر عليه..
أغمض “يعقـوب” عينيه وأشاح برأسه إلى الجهة الأخرى وهو يقول:
_إيه يا عمّ حد قالك إني مكمكم.
جاوبه “رمـزي” مبتسم الوجه قائلًا بنبرةٍ لعو’بة:
_لا بس المعطر أحلى مِن ريحة الكلونيا اللي فيك دي.
قهقه “يعقـوب” بخفةٍ ثمّ نظر لهُ مبتسمًا وقال بنبرةٍ هادئة:
_تمام يا عمّ على التهز’يق المحترم دا، بس دي ريحة البرفان الجديد اللي لسه جايبُه وريحته حلوة خلّيتها كلونيا منين؟.
_شاممها كلونيا يا “يعقـوب”، حاببها أزاي دي؟!.
أبتسم “يعقـوب” بسمةٌ جانبية وقال بنبرةٍ ساخرة مشيرًا نحوه بعينيه:
_مش ذ’نبي إنك واخد على المسك والبخور يا شيخ.
_طب يا حلو يا بتاع الكلونيا روح ظبط الكراسي اللي هناك دي عشان الناس الكبيرة وأكد على كولديرات الميَّة عشان الأطفال اللي بتيجي تشرب.
وافق “يعقـوب” على طلبه ثمّ ذهب ليفعل ما طلبه مِنْهُ، بينما عاد “رمـزي” ينثر العطر في أرجاء المسجد حتى توقف فجأةً وكأن جسـ.ـده تصـ.ـلب في لمح البصر مِن قِبَل شخصٍ خـ.ـفي، سَمِعَ همسات متكررة بإسم “يـوسف”، عقد حاجبيه ونظر حوله دون أن يتحرك مِن مكانه يُحاول معرفة مصدر تلك الهمسات المتكررة، نظر إلى “يعقـوب” الذي كان يقوم بترتيب المقاعد البلاستيكية في الصف الأول لتعاود الهمسات مجددًا تتردد بإسمه..
لحظات فقط أستغرقها هو لمعرفة ما يحدث حوله، لحظات وجاءته رؤية لهُ، كإنذ’ارٍ لِمَ سيحدث بعد دقائق قليلة، رأى “يـوسف” يعود بعائلته في السيارة، وبدون سابق إنذ’ار لم يجد “يـوسف” الفرا’مل تعمل؛ تلك كانت الرؤية، وتلك كانت النتيجة بعدها والتي لا تمـ.ـلُك سوى نهاية واحدة، المو’ت في حا’دث مروع، اسْتَفَاق فجأةً كأنهُ كان مُـ.ـغيبًا في تلك اللحظة ليترك زجاجة المُعطر على الطاولة الخشـ.ـبية الصغيرة ثمّ أخرج هاتفه مِن جيب جلبابه السُكّري وعبـ.ـث بهِ..
وضع الهاتف على أُذُنه ثمّ تحرك منتويًا على الذهاب موجهًا حديثه إلى “يعقـوب” قائلًا بنبرةٍ عا’لية وجادة:
_أنا رايح رُبعاية وراجعلك هكلم “زاهـي” ييجي يأذن مكاني.
نظر لهُ “يعقـوب” بعد أن جذ’به نبرة صوته التي لم تخلو مِن بُحَّة التوتر ليرى الخو’ف مرتسمًا على معالم وجهه، وقبل أن يوقفه للاستفسار عمَّ حدث كان قد أختـ.ـفى مِن أمامه في لحظة، عقد “يعقـوب” حاجبيه وهو يقول بنبرةٍ مستنكرة:
_هو في إيه النهاردة كلكم مش على بعضكم كدا ليه؟!.
شرد قليلًا بينه وبين نفسُه لبُرهة ثمّ عاد يُكمل ما يفعله ولكن عقله لم يتوقف عن التفكير في الأمر مستشعرًا بقلبُه الذي أنذ’ره بما لا يُحمد عليه، دقائق قليلة ووَلَجَ “زاهـي” مُلقيًا تحية السلام ليرُد عليه ثمّ فكر قليلًا قبل أن يتخذ القرار الحاسـ.ـم، ترك ما بيده ثمّ خرج خلفه حتى يعلم ما حدث فهذا ليس طبيعيًا البتة مِن منظوره..
الدقائق تَمُر والقـ.ـلق يزداد معها، لا أحد يفهم شيءٍ، كُلّ ما يعلمونه أن ثمة شيءٌ ما غير طبيعي يحدث هم لا يستطيعون كشـ.ـفه حتى هذه اللحظة، كانوا يجتمعون في مكانهم السري ينظرون إلى “رمـزي” الذي كان يأخذ المكان ذهابًا وإيابًا وأعصا’به مشد’ودة، التو’تر كان يحتضن الغرفة والقـ.ـلق يسكُن القلو’ب فلا أحد يعلم ما يحدث حتى هذه اللحظة، نظر “لؤي” إلى “يعقـوب” في هذه اللحظة لتتلاقى الأعين بسؤالٍ صامت كانت إجابته الجهـ.ـل..
_رُد بقى مش وقتك خالص دلوقتي ..!!
أجتمع الخو’ف والغضـ.ـب في شخصٍ واحد بنفس اللحظة لأول مرَّة، فمنذ تلك الرؤية وهو يشعُر بالخو’ف الشـ.ـديد على صديقه الحبيب الذي أجاد التلا’عب بأعصا’به بشكلٍ أكثر أحترافية في التوقيت الخا’طئ، أعاد “رمـزي” الكرّة وهو يدعو هذه المرَّة أن يُجيبه رفيقه حتى يستطيع لحا’قه قبل فوات الأوان..
_”يـوسف” أنتَ مبتردش عليا ليه بقالي أكتر مِن نُصْ ساعة بحاول أوصلك مش عارف ..!!
نظروا جميعهم لهُ في هذه اللحظة بعدما جاءهم قوله الغا’ضب ينتظرون تلقي المُراد المجهو’ل، ولأول مرَّة يرون فيها “رمـزي” غا’ضبًا بتلك الطريقة المر’يبة فهم أعتادوا على هذا الهادئ حتى وإن حدثت كا’رثةٌ فـ.ـجة يكون الهدوء عنوانه، ولكن ما يرونه الآن يدُل على أن ثمة مؤ’امرة كونية نُصِـ.ـبَت لهم خصيصًا، ولذلك قرروا الاستماع إلى ما يُقال ليأتي قول “رمـزي” التحذ’يري لهُ:
_”يـوسف” أوعى تمشي ولا تاخد العربية سامعني، يا عمّ أسمع الكلام الله لا يسيئك، يعني إيه فالطريق يا “يـوسف” العربية فرا’ملها مقطو’عة ..!!
ومع نطق كلماته الأخيرة كانت تعا’لت نبرة صوته بغضـ.ـبٍ حقيقي بعد أن عَلِمَ أنَّهُ قد فات الأ’وان، تأهبت الحواس وإتجهت المُقل نحوه يُطالعونه باستنكارٍ تام ودهشة بعد أن علموا ما يجعله بتلك الحالة الغا’ضبة، تجمـ.ـدت الد’ماء داخل العرو’ق وتوقفت القلو’ب عن العمل لثوانٍ معدودة بعد أن حاولوا استيعاب ما قيل..
_يا عمّ يمين بالله ما في فر’امل، الفرا’مل مقطو’عة يا “يـوسف” ما أنتَ لو كُنت رديت عليا مِن أول مرَّة كُنت متحركتش ..!!
صر’خ بهِ منفعـ.ـلًا بعد أن حدث ما خشـ.ـى حدوثه، فقد تحرك صديقه بالفعل مِن البلدة في طريقه للعودة، ألقـ.ـى “رمـزي” الهاتف على الأريكة بغضـ.ـبٍ بعد أن فشـ.ـل في لحا’قه ليجلس على الأريكة مرفقيه مستندان إلى رُكبتيه وكفيه يستقران أعلى رأسه المتكـ.ـئة إلى الأسفل محاولًا تنظيم أنفا’سه العنيـ.ـفة والسيطـ.ـرة على نو’بة الغضـ.ـب التي إجتا’حته في هذه اللحظة..
حاول “يـوسف” أن يد’هس على إطار الفرا’مل ليجده لا يعمل والسيارة لا تتوقف ولذلك سقـ.ـط قلبُه أرضًا وأصا’بته الصدمة بلا شـ.ـك، نظرت “بيلا” لهُ وهي لا تفهم ما يحدث لتسأله بنبرةٍ هادئة:
_في إيه يا “يـوسف”، إيه اللي حصل؟.
_فرا’مل العربية مقطو’عة ..!!
هكذا جاوبها “يـوسف” مجحـ.ـظ العينين وهو ينظر لها لتجحـ.ـظ عينيها بصدمةٍ واضحة على تعبيرات وجهها ومعها “شاهـي” التي شعرت بالبرودة تسري في جسـ.ـدها بعد أن أستمعت إلى قول ولدها ليتمـ.ـلك الخو’ف والهـ.ـلع مِنهما ببراعةٍ شـ.ـديدة بعد أن أستمعا إلى تلك الكلمات التي كانت كفيلة بجعلهم يتركون عقولهم تتخيَّل كيف ستكون نها’يتهم في هذه اللحظة..
ضمت “بيلا” صغيرتها “لين” إلى دفء أحضانها بحما’ية وهي تنظر بهلـ.ـعٍ إلى زوجها الذي كان لا يعلم ماذا عليه أن يفعل في هذه اللحظة فبالتأكيد تلك هي نها’يتهم حتميًا لا مجال للهر’ب، ألتفتت برأسها تنظر إلى حماتها التي كانت تضم الصغيرة إلى دفء أحضانها تمسح بكفها على خصلاتها الناعمة وهي تدعو وتتدرع سرًا إلى رب العالمين بقلبٍ مر’تعد..
_”يـوسف” أنتَ لسه معانا ..!!
هكذا جاء صوت رفيق الدرب يكـ.ـسر حِدَّ’ة تلك الأجواء المشحو’نة يسأل عن وجوده ليُعطيه “يـوسف” جوابه وفي نفس الوقت تلقى القول مِن “سـراج” الذي قال بنبرةٍ جادة:
_متقلقـ.ـش مش هيحصل حاجة أهدى وخُد نَفَس وركزي معايا، فالعربيات الحديثة دلوقتي في فرا’مل لحالات الطو’ارئ اللي زي دي فعايزك تدَّور عندك دلوقتي على زرار مكتوب عليه EPB.
أخرج “يـوسف” زفيرة هادئة يُخرج معها مشاعره السـ.ـلبية وتوتره ثمّ بدأ يبحث عن الزر في تلك اللوحة التي تحتوي على العديد مِن الأزرار المختلفة حتى رآه ولذلك جاوبه في الحال:
_أيوه لقيته أعمل إيه دلوقتي يا “سـراج”؟.
سؤالٌ كان بهِ الاستغا’ثة مخفية، استغا’ثة مِن رفيق الدرب الذي كان يُقدم لهُ يَد المعو’نة حتى وإن كانت بينهما مسافاتٍ طويلة، فصداقتهما لم تعلم المستحـ.ـيل بعد، ولم تتوقف القلوب عن الشعور برفيقها، تلك كانت علا’قتهما سويًا، جاءه صوته مجددًا حينما قال:
_حلو أوي بما إن مفيش فر’امل خالص فالعربية هتفضل د’ايس عليه وأوعى تشيـ.ـل إيدك خليك ضا’غط عليه لحد ما هتلاقي العربية بدأت توقف لوحدها واحدة واحدة والأحسن خليك على جنب الطريق عشان متوقفش فالنُصْ.
قام “يـوسف” بتحريك مقود السيارة جهة اليمين وبصره مثبتًا على الطريق أمامه هُنَيْهة ثمّ ضغـ.ـط على هذا الزر دون أن يرفع كفه وهو يدعو أن تُجدي تلك الطريقة نفعًا، وبالفعل بعد دقائق قِلة توقفت السيارة وتبدد الخو’ف وتنفـ.ـسوا براحةٍ بعد أن تم إنقا’ذ الموقف قبل حد’وث الكا’رثة، ظلت “بيلا” تشكُر ربها بعد أن كانت تظن أنهم سيمو’تون في أيا لحظة..
ترجل “يـوسف” مِن سيارته بعد أن نز’ع حز’ام الأ’مان وأخذ يفـ.ـحص السيارة وهو يُطمئن صديقه أن الأمر نجح، صدح رنين هاتف “شاهـي” الذي كان مستقرًا بكفها لتنظر بهِ وترى أخيها المتصل، كان كفها ير’تعش بوضوح بسبب ما مرّوا بهِ قبل دقائق ثمّ جاوبته بنبرةٍ مر’تعشة ليأتي سؤاله القلـ.ـق في الحال بقوله:
_في إيه يا “شاهـي” مالك أنتم كويسين حصل حاجة؟.
_فرا’مل العربية مقطو’عة يا “رامـي”.
أجهشت في البكاء بعد أن فقـ.ـدت السيطـ.ـرة في التحـ.ـكم بنفسها ليأتي قول “رامـي” المذ’عور حينما قال:
_يعني إيه الفر’امل مقطو’عة؟ مين هيقـ.ـطعها العربية مركونة جوه ساحة البيت مين هيجيله جُر’ءة يقـ.ـطعها.
وحينما وصله صوت بكاءها وصوت أنفاسها المضطـ.ـربة تما’لَك نفسُه ثمّ حاول إخراج صوته هادئًا حتى لا يزيد الطيـ.ـن بلة وقال:
_طب طمنيني عليكم “يـوسف” عِرِف يتصرف؟.
_صاحبه أتصل بيه أيوه و “سـراج” هو اللي قاله يعمل إيه.
أخرج “رامـي” أنفاسه المحبو’سة وهو يحمد ربه بشكلٍ متكرر ثمّ قال بعدها بنبرةٍ هادئة بعد أن أطمئن أنهم بخير:
_طب أهدي الحمدلله إنُه إتصرف، أنا هفر’غ كاميرات المر’اقبة دلوقتي وأشوف الحوار دا وهرجع أكلمك تاني، أهدي يا “شاهـي” قدر الله وما شاء فعل.
_الحمدلله.
هكذا ردت هي قبل أن تُغـ.ـلق المكالمة ثمّ ظلت تُكررها سرًا وهي تنظر إلى ولدها الذي كان يتحدث مع زوج شقيقته مستندًا بكفه على السيارة يُحاول إيجاد حلًا لتلك المعـ.ـضلة، بينما كان “يـوسف” يتحدث مع “سـراج” بعد أن تأكد مِن إنقطا’عها بالفعل:
_شَيكت عليها طلعت مقطو’عة عمـ.ـدًا، مش عارف حصل أزاي لولا “رمـزي” كلمني مكونتش هعرف ولا هعرف أتصرف ساعتها لأني لسه مش فاهم فيها أوي فيها حاجات معرفش عنها حاجة زي الفرا’مل اللي قولتلي عليها دلوقتي دي.
جاءه صوت رفيق الدرب الذي قال بنبرةٍ هادئة:
_حظك إني عارف فيها بقى، العربيات الحديثة دلوقتي فيها فر’امل طوا’رئ ألكتروني زي دي كدا وفي أنواع تانية كتير بس حظك حلو إن فيها النوعية دي.
أخرج “يـوسف” زفيرة هادئة ثمّ نظر إلى السيارة هُنَيْهة وقال بنبرةٍ هادئة متسائلًا:
_طب والحل دلوقتي إيه؟ مش هفضل واقف عالطريق كدا دا أنا مكملتش نُصْ ساعة متحرك؟.
جاوبه “سـراج” بنبرةٍ جادة هذه المرَّة وقال:
_طب إسمع مِني وركز أوي فاللي هقوله عشان تعرف هتعمل إيه لحد ما ربنا يكرمك وتوصل الحارة بالسلامة، إتأكد إن عندك وسايل بديلة تساعدك تتحـ.ـكم فيها لمَ تيجي تبطئها أو توقفها يعني على سبيل المثال زرار الـ EPB إتأكد إنُه لسه شغال حتى ولو بشكل جزئي..
عاد “يـوسف” يستقر على مقعد السائق بعد أن فتح مكبر الصوت وترك هاتفه أمامه وهو ينظر إلى الزر الذي كان مازال يعمل ليجاوبه بنبرةٍ هادئة:
_شغال يا “سـراج”.
_حلو أوي عندك الهاند بريك هتساعدك تبطء العربية لو في عَوَ’ء عالطريق دي تقدر تستخدمها بحذ’ر عشان تساعدك تبطء سرعة العربية وعندك ناقل الحركة برضوا تقدر تستخدمه عشان يقلل السرعة اللي يريحك فيهم أستخدمه أمين؟.
وحينما وجد “يـوسف” البدائل الثلاث لهُ أعطاه موافقته ليتلقى تعليمات الآخر لهُ:
_عشان تدورها بقى يا معلم هتعمل الأتي بس خلّي بالك تتحرك بيها بحذ’ر مش زي الأول عشان معندكش فر’امل، العربية أوتوماتيك مش كدا؟.
سؤالٌ واحد لرُبما يكون سخيفًا في تلك اللحظة، ولكنهُ في الحقيقة بمثابة حياة فتلك اللحظات تلزم الحذ’ر والدِقة في التفاصيل الصغيرة، أعطاه “يـوسف” الجواب المُراد ليأتيه قوله بعدها:
_حلو أوي هتعمل ناقل الحركة على الحرف D أول حاجة.
ومع كُلّ خطوة يتلقاها “يـوسف” يقوم بتنفيـ.ـذها، قام بفعل الخطوة الأولى ثمّ أنتظر الخطوة التالية التي كانت:
_حلو أوي أبدأ سوق يا معلم بس على أ’قل سرعة عشان تعرف تتحـ.ـكم فيها على طول لو لقدر الله حسيت إن في حاجة وتقدر تستخدم كذا وسيلة بديلة عشان تقلل السرعة لو نسيت أو زودت السرعة مِن غير ما تاخد بالك هتلاقي عندك فرا’مل المحرك هتلاقي عندك ٣ وضعيات L أو 2 أو 1 أستخدم أي واحدة مِنهم وبعدها هتسـ.ـحب الهاند بريك واحدة واحدة مش بشكل مفا’جئ عشان متفقـ.ـدش سيطـ.ـرتك على العربية بعدها حضرتك فطريق صحراوي فعندك مساحة كافية إن لقدر الله لو حصـ.ـل حاجة وعايز تقف هتقف على جنب وحاول تتجنـ.ـب الز’حمة على قد ما تقدر وأي مطـ.ـب جا’مد..
تلك كانت الحياة كذلك، خطوات ودرجات مرنتفعة تدريجيًا، فإن أردت الشُهرة مرَّة واحدة فلن تأتي، وإن أردت أن تكون زاهِدًا فلن تأتي في ليلةٍ وضحاها، فتلك درجات يخطوها المرء تدريجيًا حتى يصل إلى الطبقة الأخيرة التي إما سيكون بها مشهورًا بالفعل، أو شخصٌ زاهِد في تلك الحياة المليئة بالفِتَـ.ـنْ، بدأ “يـوسف” يطبق تعليمات صديقه لتبدأ السيارة في التحرك مِن جديد ولكن هذه المرَّة كانت مختلفة عن سابقتها..
جاء سؤال “يـوسف” حاضرًا بعد أن عاد يقود السيارة قائلًا:
_طب أنا لو عايز أقف المفروض أعمل إيه يعني أكيد في كارتة.
_هتستخدم زرار الـ EPB برضوا وهتحرك ناقل الحركة لحرف الـ P بعد ما تقف عشان العربية تثبت مكانها متتحركش لا لورا ولا لقدام وخلّي بالك مينفعش تفضل سايق العربية لفترة طويلة مِن غير الفرا’مل اللي معاك دي أحتياطي بس يعني مش هتكمل معاك فيا إما وأنتَ عالطريق تشوف أي مركز صيانة يظبطلك الفر’امل دي يا إما تشوف و’نش لو ملقتش أي مركز صيانة حواليك.
أخرج “يـوسف” زفيرة قو’ية وقال بنبرةٍ تملؤها الضيـ.ـق:
_مش هتكمل معايا كدا لسه قدامي ساعة ورُبع عالكارتة.
_طب والحل دلوقتي هتتصرف أزاي لو وقفت مِنك مرَّة واحدة؟.
سؤالٌ عجـ.ـز عن الإجابة عنهُ فحتى الآن لا يعلم ماذا عليه أن يفعل في تلك المعـ.ـضلة التي تواجهه ولذلك ألتزم الصمت وهو يُفكر وينظر حوله فهو أصبح في الصحراء الآن ومِن الصعـ.ـب إيجاد مركز صيانة بهِ، ظل يُفكر هُنَيْهة حتى تذكّر ابن عمُّه ولذلك قال بنبرةٍ هادئة:
_طب أقفل كدا يا “سـراج” هكلم “محمـود” أشوفه قريب مِني ولا لا عشان عنده زيارة فمصنع الصُـ.ـلب اللي هنا.
_طيب شوف هتعمل إيه وطمني عشان منفضلش قلقا’نين عليك.
أنهى المكالمة معهُ ثمّ لجـ.ـأ إلى “محمـود” الذي طالَ جوابه حتى جاء:
_فينك يا “محمـود” دلوقتي؟ طب عايز مِنك خدمة ضرورية عشان أنا حقيقي فأز’مة دلوقتي ومقداميش غيرك، فرا’مل العربية مقطو’عة معرفش حصلت أزاي بس معرفتش غير وأنا عالطريق و “سـراج” فهمني أعمل إيه وعرفت إن مينفعش أفضل مكمل بيها طول الطريق لسه قدامي ساعة ورُبع على ما أوصل للكارتة ومفيش أي مراكز صيانة تركبلي الفرا’مل عالصحراوي فلو هتعرف تتصرفلي فو’نش ياخد العربية على مركز صيانة موثو’ق وتتصرفلي فعربية فهكون شاكر ليك جدًا.
وكان الجواب حاضرًا في الحال وكأنهُ جاء على بُساطٌ أحمدي لهُ حينما تلقى موافقة الآخر في الحال دون أن يمنح نفسُه فرصة للتفكير:
_يا عمّ محلولة أنا لسه هخرج مِن المصنع أهو أبعتلي اللوكيشن بتاعك وأنا هجيلك وهطلبلك و’نش بس أركن دلوقتي عشان ميحـ.ـصلش حاجة لقدر الله وأنا رُبعاية وهكون عندك المصنع قريب مِنك يعني.
_تُشكر يا ابن عمّي هبعتلك اللوكيشن عالواتساب دلوقتي.
هكذا كان الغَوث؛ وتلك كانت مهمته، فبلحظة خا’طفة حدث كُلّ شيءٍ كان بعيدًا كُلّ البُعد عن الخيال وفي لحظة أدرك العقـ.ـل ما خفى وغفـ.ـل عنهُ، أوقف “يـوسف” السيارة مثلما أخبره “سـراج” وأرسل موقعه إلى ابن عمّه الذي كان ينتظر تلقي الرسالة المُرادة للتحرك ثمّ ساد الصمت في المكان فجأةً، فما حد’ث لهم لم يكُن هينًا على المرء تخـ.ـطيه حتى إن كان قو’يًا بما يكفي.
________________________
<“هبة ليست بهينة، لا تُمنح سوىٰ للقليل.”>
رؤىٰ تظهر فجأةً أمام الأعين تُشـ.ـتت العقل..
قد’رة إلهية صعـ.ـب أن ينا’لها أيُ بشريٍ على وجه الأرض، وليست بهينة على بني البشر، فيجب أن يتم إستغلا’لها بالشكل الصحيح حتى لا تحدث أشياء لم تكُن يومًا في الحُسبان..
ولكن ليست بجديدة على هذا الشا’ب الذي كان في الآونة الأخيرة حينما يختـ.ـلي بنفسُه يسمع همسات ليست واضحة، ويحلُم بأشياءٍ لم يكُن على دراية بها ولم يكُن يتوقع أن يراها يومًا، بدأت تظهر لهُ رويدًا رويدًا، بدأ يرى فوا’جع تحدُث أمام عينيه وبعدها بدقائق قليلة تحدُث بالفعل، كان الأمر مر’يبًا في بادئ الأمر ولكن حينما جاءت تلك اللحظة كان عقلُه هو المتحـ.ـكم بهِ ومتخذ القرار..
كان يجلس أمام زوجته مرفقهِ مسنودٌ إلى رُكبته وكفه مستقرًا على شطر وجهه الأيمن شارد الذهن يُفكر فيما حدث منذ قليل، بينما كانت هي تجلس بجواره تحاوطه بذراعها الأيمن والأيسر يمسح برفقٍ على ذراعه تُفكر معهُ فيما حدث وقاله إليها، نظرت لهُ قليلًا تراه على تلك الوضعية منذ ما يُقارب العشر دقائق لتقـ.ـطع هذا الصمت بقولها الهادئ:
_مالك يا “رمـزي”، على فكرة دي حاجة حلوة أوي ربنا وهبك بيها دونًا عن أي حد المفروض تكون مبسوط بيها، بسبب الرؤية دي أنتَ لحـ.ـقت “يـوسف” وطبعًا دا في الآخر قدر بس أنتَ كُنت سبب، لو مكونتش خدت قرار أو معملتش أي حاجة زي ما معملتش المرَّة اللي فاتت كانوا ما’توا، أنا عارفة شعورك دلوقتي بس بعد كدا لمَ تشوف حاجة وفإيدك تساعد قبل حد’وثها ساعد متقعدش تتفرج سواء كان مع “يـوسف” أو غيره.
ثوانٍ مرّت عليه استغرقها في التفكير بشكلٍ جادي أكثر، حديثها صحيحٌ ولن يُنكـ.ـر ذلك ولكن في نفس الوقت الأمر كان عجيبًا فلم يشعُر بكُلّ ذلك مِن قبل باستثناء تلك الفترة العـ.ـصيبة التي يمرون بها جميعهم وكأن قـ.ـنبلةٌ مو’قوتة وسقـ.ـطت فوق رؤوسهم بلا سابق إنذ’ار، نظر لها في تلك اللحظة ليرى تلك العينين تُطَالْعَانه بنظرةٍ هو لا يقدر على تجا’هلها ويعلم ما يُخـ.ـفىٰ وراءها ولذلك سألها بنبرةٍ هادئة وقال:
_أنا عارف كويس أوي إن في حاجة مستـ.ـخبية ورا النظرة البر’يئة دي وخا’يفة تقوليهالي … عايزة تقولي إيه؟.
أصا’بها التوتر بلا شـ.ـك بعد أن سألها بشكلٍ صريح عن ما تُخـ.ـفيه عنهُ وتخـ.ـشى أن يعلم عنهُ شيئًا، تعلم أنها ستكون لحظات ما قبل العا’صفة وستتـ.ـلبسه شيا’طين الغضـ.ـب والغيرة القا’تلة التي تحفظها عن ظهر قلب، بللت شفتيها وحاولت أن تنتقي الكلمات اللطيفة حتى تبدأ في توصيل ما تريده بشكلٍ أكثر لطفًا ونعو’مة، وقد كانت لديها أسلحـ.ـتها الخاصة بها أمامه فإن غضـ.ـب وثا’ر فتستطيع إمتصا’ص هذا الغضـ.ـب في لحظات..
ابْتَلَـ.ـعَت غُصَّتها بتروٍ وحاوطته بذراعيها وارتسمت بسمةٌ نا’عمة على ثَغْرها ونظرت لهُ تلك النظرة التي تجعله ير’ضخ لها في النهاية، وهو ليس بغبيًا ففي هذه اللحظة عَلِمَ أنها ستخبره بشيءٍ لن يجعله يَمُر مرور الكرام ولذلك سارعت في أستخدام أسلحـ.ـتها باكرًا:
_هقولك على خبرية صغنونة قد كدا بس توعدني إنك مش هتضا’يق ولا تتعـ.ـصب.
_كدا يبقى خبرية هتعصـ.ـبني وهتخرج أسو’أ ما فيا.
جاوبها وهو ينظر لها يؤكد على مخا’وفها أنَّهُ في جميع الأحوال سيغـ.ـضب ويثو’ر ولن يدعها تَمُر هكذا، وبرغم توترها الذي أرتسم على معالم وجهها الرقيقة ونظرتها التي أهتـ.ـزَّت قررت إخباره بطريقةٍ ما لرُبما تؤتي بثمارها وتُعطيها مُرادها:
_بصراحة ماما كلمتني النهاردة وقالت إنها عازمانا عالغدا بُكرا.
نبرة صوتها كانت هادئة وفنفس الوقت نا’عمة، أرادت أن تَجِّـ.ـس نبضه أولًا قبل أن تُكمل بقية حديثها تُتابع بعينيها البُنية تعبيرات وجهه التي كانت تبحث حتى الآن عن ما يُثيـ.ـر غضب صاحبها، ونوعًا ما شعرت بالراحة حينما لم ترى أيُ شيءٍ قد يدُل على الغـ.ـضب أو الر’فض لتشعُر بالراحة في هذه اللحظة ولو قليلًا وبالسعادة التي بدأت تتسـ.ـلل إلى قلبها كاللِّـ.ـص..
ولكن دومًا ليس كُلّ ما يتمناه المرء ينالُه، ففي تلك اللحظات كان هو يُفكر فيما كان يُثيـ.ـر خو’فها في بادئ الأمر حتى تَوَّصل للمُراد وفي لمح البصر أثا’ر غضـ.ـبه وغيرته المجنو’نة:
_طبعًا هيكون موجود هناك؟.
في هذه اللحظة وكأن دلوًا مِن الماء البارد سقـ.ـط على رأسها أصا’ب جسـ.ـدها بالشـ.ـلل، فما كانت تخـ.ـشاه بدأ يتحقق بالفعل أمام عينيها قولًا وفعلًا، نظرت لهُ لترى الغضـ.ـب قد بدأ يتمـ.ـلَك مِنْهُ وشـ.ـرارة الغيرة تلمع في عينيه، فأبغـ.ـضهم سيكون حاضرًا بكُلّ تأكيد غدًا خصيصًا مع علمه بحضورها فلن يدع فرصةٍ كتلك تفوته، أشاح برأسه بعيدًا بعد أن تمـ.ـلَك الغضـ.ـب والضيـ.ـق مِنْه في لحظة بعد معرفته بوجود هذا الحقيـ.ـر في الغد..
حاولت هي إحتواءه وأمتصا’ص هذا الغضـ.ـب الذي إنفجـ.ـر فجأةً بداخله، نهضت وجلست على الجهة الأخرى وهي تحاوطه بذراعيها تُحاول أمتصا’ص هذا الغضـ.ـب وإطفاء نير’ان الغيرة تلك بقولها الهادئ الحنون:
_شوفت أنا خو’فت أقولك ليه، عشان عارفة إن دا هيكون ردك وهتحر’ق د’مك طول اليوم.
نظر إليها في هذه اللحظة نظرة نا’رية تحمل غضـ.ـبًا مكبو’تًا بعد أن تذكّر هذا البغـ.ـيض الذي يكر’هه بشدة ودمًا ير’مي لزوجته نظراته الو’قحة، حاولت أن تقم بتهدأته قليلًا بقولها المرح:
_بتغير مش كدا، قول متتكسفش مش هقول لحد إن الشيخ العسول البشوش بتاعي بيغير وميعرفش إن غيرته دي بتبسطني.
أتسـ.ـعت بسمتُها على ثَغْرها وهي تنظر لهُ ترى النظرة مازالت حاضرة والضـ.ـيق مازال محا’صرًا إياه لتضطـ.ـر أن تلجـ.ـأ إلى أسلـ.ـحتها الخاصة، اقتربت مِنْهُ تُلثم خَدِّه ثمّ وضعت رأسها فوق كتفه وتسـ.ـلل كفها الدافء الناعم نحو كفيه المضمو’مين تترك أناملها تغز’وهما كما يغز’و المحا’رب حصو’ن عد’وه المنيـ.ـعة يُسـ.ـقطها فوق رؤوسهم ويُعلن مِن خلالها سيطـ.ـرته عليها بالكامل..
شبكت أناملها بين أنامله وقبـ.ـضت برفقٍ على كفه وكأنها تُذكره أنها الأحق بهِ حتى لو تعددت الر’جال مِن حولها وكانوا ذو نفو’ذٍ وسُلطة ووقارٌ، سيبقى هو هذا الملتحي بطلها الوحيد في روايتها التي أُزهِرَت بقدومه وكأنه نسيمٌ غز’ى قريةٍ ميـ.ـتة كان حاكمها فا’سد نشر الفسا’د في أزقتها حتى ذ’بلت وأنطفأ نورها وبُهـ.ـتت ألوانها وتلا’شى عبقها..
_مهما يعمل هو مش فارقلي، عيوني مبتكونش شايفة غيرك وإحنا هناك، مش بقولك كدا عشان أسكتك بالعكس، دا بيكون شعوري وقتها، عيوني مبتحبش تفا’رقك لحظة، هو لو كان كويس كان عِرِف إن اللي بيبُصلها النظرات دي بنـ.ـت عمته اللي عر’ضها هو عر’ضه وشـ.ـرفها هو شـ.ـرفه، بس هو مبيفكرش زيك يا “رمـزي” ولا عُمره هيعرف يكون زيك عشان أنتَ الوحيد بعد اللي حصلي دا والتجربة الفا’شلة اللي عديت بيها قدرت تكسب قلبي وعرفت تعوضني برغم إني كر’هت وقتها الفكرة ككُلّ ور’فضت أدخل فعلا’قة تانية عشان الأولى سابتلي وقتها جر’ح كبير أوي بحُبّك وأحترامك ليا وخو’فك عليا وحنيتك قدرت تدا’وي كُلّ جرو’حي القديمة وتديني اللي غيرك معرفش يديهوني، أنتَ وبس اللي فقلبي يا حبيب عيوني ومحدش هيقد’ر مهما عمل يكسب رُبع مكانتك عندي.
لم يُخـ.ـطئ حينما قال أنها ما’كرة، تستطيع أن تغز’و قلبه وتُطفئ مشاعره السـ.ـلبية بكلماتٍ كان بالنسبةِ لهُ كالعقار النادر وجوده في السوق، إستطاعت بذكاءها أن تحتوي غـ.ـضبه وتُطفئ نير’ان غيرته المجنو’نة عليها، لم يفر’ض يومًا قيو’ده عليها ولم يُجبـ.ـرها على فعل ما يُريده هو يومًا، لم تشعُر بالتمـ.ـلُك يومًا مِنْهُ بل عشـ.ـقت غيرته تلك وأصبحت شيئًا مقدسًا بالنسبةِ لها، هكذا كانت حواء، ما’كرةٌ وهو يعشـ.ـق مكـ.ـرها..
نبرة صوتها، ولمسة يدها الحنونة، وتلك النظرة التي تُجبـ.ـره على أن يكون خا’ضعًا لها، جعلته في تلك اللحظة تحت سيطـ.ـرتها هذه المرَّة فهي تعلم أنَّهُ لا يغضـ.ـب ولا يثو’ر بسهولة إلا عندما يعلم بهذا التجمُع ووجود هذا الحقـ.ـير بينهم، أخرج زفيرة قو’ية بعد أن أعلن استسلا’مه التام أمامها وتبدد غـ.ـضبه وإنطفأت نيرا’ن الغيرة في قلبه..
_الملتحي الذي مِن النساء يستحي جاب لورا.
هكذا أعلن استسلا’مه لها بيأ’سٍ محاولًا عدم إظهار بسمتُه لها ولمعة عينيه التي لا تظهر سوىٰ لها هي فقط، ضحكت بسعادةٍ طاغية حينما جعلته ير’ضخ لها هذه المرَّة ثمّ ضمته وهي تُلثم خَدِّه الأيمن بعمـ.ـقٍ وكأنها تُخبره أنها هي المنتصـ.ـرة هذه المرَّة، وتحت ضـ.ـغطها المتواصل لم يستطع أن يُخـ.ـفي ضحكته عنها ويحر’مها مِن رؤيتها وسماع نبرته الضاحكة التي بها أعلن أنَّهُ أسيـ.ـرًا لها..
_هو دا الشيخ “رمـزي” حبيبي اللي خـ.ـطف قلبي ود’وبني فحُبّه.
لم يبخـ.ـل عليها بأن يمنحها عناقه الحنون الذي كان وطنًا بالنسبةِ إليها، فلم تَعُد تهتم بالبشر ولا بالعالم الخارجي مهما بلـ.ـغت قسو’ته فذلك العناق الدافئ المفـ.ـعم بقدرٍ هائل مِن الحُبّ والحنان يجعلها تنسىٰ كُلّ شيءٍ كُلّ ما تريده في تلك اللحظة أن تنعم بتلك اللحظة داخل موطنها الأمن الذي مِن سابع المستحيـ.ـلات أن يغز’وه الأذ’ىٰ..
_أقولك على حاجة هتشـ.ـيلِ هـ.ـمها وإحنا هناك؟.
هكذا سألها بنبرةٍ هادئة حنونة بعد أن تذكّر أول وجهٍ سيراه هُناك، رفعت رأسها عن كتفه ونظرت لهُ تسأله بعينيها بسؤالٍ صامت ليجاوبها هو بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه تاركًا أنامله تُلامس خصلاتها البُنية الناعمة:
_”فراس” اللي أول ما يشوفني قدامه هيجري عليهم جوه يقولهم مطروف العين وصل يا حارة.
ضحكت حينما رأته يقوم بتقليده بإتقانٍ شـ.ـديد كيف لا وهذا هو الحبيب الذي يراه بين الحين والآخر، جاوبته هي في هذه اللحظة وقالت ضاحكة:
_وطبعًا الباشا ما هيصدق طول القعدة.
_بصراحة بستحلاها قدام السمج دا، بحسني بنتقـ.ـم مِنُه فالخبا’ثة.
لم تبخـ.ـل عليه لسماعه صوت ضحكتها الرنانة التي كانت كمعزوفات الناي الجميلة، بينما شاركها هو الضحك بعد أن تذكّرا سويًا بعض اللحظات التي كان يستغـ.ـلها “رمـزي” لصالحه ويقوم باستفـ.ـزاز هذا السمـ.ـج كلما أُتيحت لهُ الفرصة.
_____________________
<“لحظةٌ لا تقبل القسمة على إثنين.”>
هكذا كانت المعادلة دومًا..
في بعض الأحايين المعادلة لا تقبل القسمة على إثنين، فإما هرو’ب أحد الطرفين، أو يلقـ.ـى الطرفين المو’ت بصدرٍ رحب..
كانت “نورهـان” تجلس مع أخيها في منزله بعد أن قررت العيش معهُ في قريتهما الحبيبة خو’فًا مِن أن يجدها “فتـوح” قبل المحا’كمة ويقوم بأذ’يتها، فما فعلته كان الأصلح لها ولطفلها الحبيب فمهما حدث ستفعل الأصلح لهُ وتمـ.ـنع أيادي والده الحقيـ.ـر مِن المسا’س بهِ مهما حدث، بينما كان “ناجـي” يجلس معها شارد الذهن حتى أخرجه صوت شقيقته التي قالت بنبرةٍ متوترة:
_تفتكر هيطلـ.ـق يا “ناجـي” بعد ما الدعوة وصلتله؟.
نظر لها “ناجـي” نظرةٍ مطولة قبل أن يقول بنبرةٍ و’اثقة:
_هيطلـ.ـق يا “نورهـان”، هيطلـ.ـق غـ.ـصب عنُه وعن عيلته كُلّها، دا كان القرار الصح اللي خدناه عشان اللي زي “فتـوح” مبيتعلمش غير لمَ يتعلم عليه.
ابْتَلَـ.ـعَت غُصَّتها وهي مازالت تشعُر بالقلـ.ـق يحتضن قلبها فهي تعلم “فتـوح” جيدًا لن يقبل الرضو’خ بتلك السهولة وسيفعل أيُ شيءٍ للانتقا’م مِنها، نهض “ناجـي” واقترب مِنها يجاورها في جلستها ثمّ ضمها إلى دفء أحضانه يُلثم مُقدِّمة رأسها بحنوٍ وترك كفه يمسح على خصلاتها الطويلة الناعمة صعودًا وهبوطًا قائلًا بنبرةٍ دافئة وحنونة:
_طول ما أنا جنبك يا “نورهـان” مش عايزك تخا’فِ مِن أي حد فعيلة الجز’ار مهما كان مين هو، ولو فاكر نفسُه حاجة ييجي يوريني نفسُه، بس هو مش هيقد’ر يعمل حاجة دلوقتي عشان لو حاول يئذ’يكِ هتُثـ.ـبت عليه تُهـ.ـمة وهو مش هيغا’مر دلوقتي، ولو طلـ.ـق فعلًا وجه يوريني نفسُه، لو را’جل ياخدك ويرجع القاهرة تاني.
_طب ما هو وارد يئذ’يك يا “ناجـي”، أنا مش عايزة كدا ومش عايزاه يئذ’يك بسببي مهما حصل، “فتـوح” شيطا’نه عا’ميه عن كُلّ حاجة دا و’قعني مِن عالسـ.ـلم يا “ناجـي” لولا “يـوسف” لحـ.ـقني وقتها فالوقت المناسب.
_وحتى لو أتأ’ذيت يا حبيبة قلبي فداكِ عُمـ.ـري كُلّه، هو أنا عايش عشان مين مش عشانك برضوا؟ متخا’فيش عليا أهم حاجة عندي أنتِ والباشا الصغير الباقي ملهوش أهمية عندي.
صادقٌ أنتَ يا “ناجـي” كما كان أسمك، فكُنتَ دومًا النجا’ة لها وخيرُ المُحبين إليها، فإن تلقى تهـ.ـديداتٍ عديدة بالقتـ.ـل فسيُرحب بهِ لأجلها هي فقط، ترقرق الدمع في المُقل بعد أن نظرت إليه وغلف هذا السائل الشفا’ف مُقلتيها بعد أن تأ’ثرت بحديثه ولا’مس صدقه قلبها، منحها بسمةٌ صافية وضمها مجددًا إلى دفء أحضانه دون أن يتحدث بحرفٍ آخر، بينما تركت هي نفسها تغر’ق في بحو’ره ذات الأموا’ج الهادئة علّ الراحة تسكنها.
_______________________
<“ولأنها ظنت أنها الفؤاد، كانت تلك خد’يعته.”>
إن د’ق القلب ألتـ.ـغى العقل؛ هذا هو قانون المحبين..
هكذا كان الحُبّ دومًا منذ قرون، يسر’ق القلب ويُلغـ.ـى العقل وتنسـ.ـد الأذان، هكذا كان الحبيب وتلك كانت خد’يعة المُحبّ..
منذ ثلاث ليالٍ وهي تجلس وحيدة، بين جُدران المنزل ساكنة، قلبها نا’بضًا للحبيب عشقًا لا ينتهي، وعطاءًا لا حدو’د لهُ، كانت تجلس في غرفتها شاردة الذهن تنتظر عودته، أخرجت زفيرة قو’ية ووصلها صوت الجرس مِن الخارج يُعلنها عن وصول زائرٍ لها، خرجت مِن شرودها ونهضت متجهة إلى الخارج بتلهفٍ شـ.ـديد وهي تظن أن الوافد هو زوجها..
ولكن تبدد ظنها حينما رأت أخيها هو الوافد، تفاجئت “عَـليا” بوجوده ولذلك قالت بنبرةٍ غـ.ـلبها طابع التفاجؤ:
_”يـوسف” أخويا ..!!
عقد “يـوسف” حاجبيه وهو ينظر لها ليقول بنبرةٍ هادئة:
_كُنتِ مستنية حد تاني غيري ولا إيه؟.
ابْتَـ.ـلَعَت غُصَّتها بتروٍ ورفعت كفها تُعيد خصلاتها خلف أُذُنها وابتسمت بوجهه قائلة:
_لا أنا بس أفتكرتك “زايـد”، تعالى أدخل أنتَ مش غريب.
وَلَجَ “يـوسف” بخطى هادئة وهو يجاوبها بوجهٍ مبتسم قائلًا:
_هدخل طبعًا يا سلام، دا بيتي برضوا ولا أنتِ رأيك إيه؟.
أغـ.ـلقت الباب خلفه ولَحِقَت بهِ وهي تقول بنبرةٍ هادئة مبتسمة الوجه:
_حمدلله على سلامتك، عرفت إنك راجع النهاردة.
ألتفت ينظر لها بعد أن توقف مبتسم الوجه ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_دا أنا طلعت مترا’قب بقى.
رفعت هي رأسها بزهوٍ مِن نفسها وجاوبته بنبرةٍ وقورة:
_أيوه طبعًا هو أنا قـ.ـليلة يعني، عندي عيون فكُلّ حِتة خلّي بالك يعني عارفه أنتَ فين وبتعمل إيه وبتفكر هتعمل إيه.
_لا دا إحنا كدا نخا’ف مِنك بقى يا قمر.
جاوبها وهو يغمـ.ـز لها بعينه اليُمنى لتضحك هي بخفةٍ ثمّ نظرت لهُ دون أن تتحدث، اقترب هو مِنها يُلثم جبينها بحنوٍ ثمّ نظر لها وقال بنبرةٍ فرحة مبتسمًا:
_مُبارك يا حبيبتي، فرحتلك أوي أقسم بالله لمَ عرفت الخبر الجميل دا.
منحتهُ بسمةٌ صافية حنونة وقالت بنبرةٍ غمرتها السعادة:
_الله يبارك فيك يا حبيبي، أدعيلي كتير أوي طول الوقت أنا أستنيت الخبر دا مِن زمان، كان نفسي اليوم دا ييجي ويكون عندي بيبي حلو كدا صغير ليا لوحدي، حلمت باليوم دا كتير أوي لحد ما جه أخيرًا وفاضل بس ٦ شهور، عارف أنا متحمسة أوي ونفسي ييجي بسرعة، والأهم مِن دا كُلّه إنُه هيكون أبني أنا و “زايـد”، متتصورش كان فرحان أزاي أول ما عرف مستنيين اليوم دا مِن سنين.
كان مبتسمًا طيلة الوقت وهو يستمع لها ويرى سعادتها التي كانت واضحة وضوح الشمس وكأنها أمـ.ـتلكت شيئًا نادرًا لم يمـ.ـتلكه غيرها مِن قبل، وكأنها أكتشفت سـ.ـرًا خطـ.ـيرًا كان مكتـ.ـنزٌ لها هي فقط، كانت سعيدة للغاية، غلف السائل الشفا’ف مُقلتيها بشكلٍ كثيف والبسمةُ ترتسم بإتسا’عٍ على ثَغْرها حتى أنها أر’تمت داخل أحضانه تُعانقه وهي تضع رأسها على صدره وذراعيها يحاوطنا خصره..
لأول مرَّة يرى سعادتها بهذه الطريقة، لم يكُن يعلم أن هذا الحمل سيكون سبب سعادتها الطاغية بهذه الطريقة، ولكن كُلّ ما فعله هو أنَّهُ حاوطها بذراعيه يضُمها إلى دفء أحضانه يمسح بكفه على خصلاتها صعودًا وهبوطًا وهو يقول بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه:
_ربنا يكملك باقي الشهور على خير وتفرحي بيه أو بيها، أنتِ طيبة وتستا’هلي كُلّ خير، وأنا جنبك دايمًا يا حبيبتي فأي وقت تحتاجيني فيه هتلاقيني.
_عارفة يا حبيبي، وجودك جنبي مطمني.
صادقة دومًا في مشاعرها تجاه الآخرين، وهذا ما جعله يُحبُها ويتعـ.ـلق بها أيضًا، وبعد مرور القليل مِن الوقت قضاه معها صدح رنين جرس المنزل مجددًا يقـ.ـطع حديثهما، نظرت هي تجاه الباب ولذلك نهضت وهي تقول بنبرةٍ متحمـ.ـسة:
_دا أكيد “زايـد” رجع.
تبدلت تعبيرات وجهه حينما أستمع إلى أسمه ليشعُر بالضـ.ـيق يحتضن صدره، أخرج زفيرة قو’ية واعتدل في جلسته ليسمع شقيقته وهي تُرحب بهِ بسعادةٍ واضحة، ألتفت برأسه لهما ليراها تُعانقه بحُبٌّ شـ.ـديد، نهض “يـوسف” وهندم سترته الشتوية السو’دا’ء ثمّ اقترب مِنهما وهو ينظر إلى شقيقته التي كانت سعيدة بعودته مجددًا ولذلك تسأل بداخله عن سبب هذا الشوق الجا’رف تجاه هذا الذي لم يشعُر نحوه بالراحة منذ أول مرَّة رآه بها..
وقف خلف شقيقته وهو ينظر إلى “زايـد” نظرةٍ مليـ.ـئة بالشـ.ـك وعدم الر’احة، تلاقت الأعين تنطق بما لم يبوح بهِ القلب فللمرَّة الثانية على التوالي يرى الخـ.ـبث يحتضن عينان “زايـد” ومعها معالم وجهه التي كانت تنطق بالشـ.ـر الخـ.ـفي، هكذا كان شعور “يـوسف” تجاهه ولكن ما يمنـ.ـعه مِن قول أيُ شيءٍ حتى الآن هي شقيقته التي يبدو أنها غا’رقة في بحو’ر عشـ.ـقه ولا توجد سُبُلًا للنجا’ةِ مِنْهُ..
وصلت رائحة عبق نسا’ئي إلى أنفها وهي مازالت داخل أحضانه جعلتها تتعجب بشـ.ـدة، أشـ.ـتمّت الرائحة مجددًا لتجدها رائحة عبق نسا’ئي وهذا جعلها تتأكد أكثر أنها لا تخصه، أبتعدت عنهُ وهي تُعيد خصلة شاردة خلف أُذُنها وهي تعقد حاجبيها بتعجبٍ وتنظر لهُ قائلة بنبرةٍ متسائلة:
_”زايـد”، هي إيه ريحة البرفان اللي فهدومك دي؟.
رأى “يـوسف” تعبيرات وجهه تتبدل فجأة إلى التو’تر والخو’ف وهذا جعله ينصـ.ـب بكامل تركيزه عليه متر’قبًا رده، رآه يُحاول الحفاظ على ماء وجهه وتحرُك بؤبؤ عينيه في كُلّ مكان، نظر بعدها إلى شقيقته التي نظرت لهُ متر’قبة هُنَيْهة ثمّ قالت مبتسمة الوجه بعد أن رأت خو’فه ظاهرًا أمام عينيها:
_جبتلي برفان جديد مش كدا وخو’فت أقـ.ـفشك وأبوَّ’ظ المفاجأة.
تفاجئ “يـوسف” حينما أستمع إلى حديث شقيقته التي صد’مته بلا شـ.ـك وجعلته يقف خلفها مذهولًا، بينما أبتسم “زايـد” براحةٍ واضحة وقال بنبرةٍ هادئة وهو ينظر لها:
_بصراحة أنتِ طلعتي مش سـ.ـهلة، أنا فعلًا جبتلك برفان حلو أوي وجيت عشان أشمّ ريحته قام ر’شه على هدومي.
تفاجئت “عَـليا” ولذلك أتسـ.ـعت بسمتُها أكثر ثمّ قالت:
_طب فين الإزازة بقى.
أخرج هو زجاجة العطر مِن حقيبة الهدايا أمام عينيها وعينان “يـوسف” الذي يشعُر بعدم الر’احة وبدأ الشـ.ـك يتسـ.ـلل إلى قلبه رويدًا رويدًا، ولكن برغم ذلك عَلِمَ بأفعا’ل “زايـد” كيف لا وهو ر’جلٌ مثله ويعلم ماذا يفعل، ما أثا’ر شفـ.ـقته وآ’لم قلبه في هذه اللحظة شقيقته التي كانت كالمغـ.ـيبة عن العالم بأثره تحت تأ’ثير حُبّه، تبادلا النظرات فيما بينهما دون أن يتحدث أحدٍ مِنهم..
كانت نظرات “يـوسف” مشمئـ.ـزة وغا’ضبة، لم يُخـ.ـطئ حينما شَعَر بالتقر’ف مِنْهُ، نظراتٌ محتقـ.ـرة لأمثاله كيف تؤ’ثر بهِ، بينما طَالْعَهُ “زايـد” نظرةٍ ما’كرة، كان يُظهر حُبّه لها طيلة الوقت ولكنه لم يكُن سوىٰ وجهٍ آخر مِن النِّفَا’ق، أخرج زفيرة قو’ية ثمّ قال بنبرةٍ جادة:
_طب أنا همشي بقى يا “عَـليا” وزي ما قولتلك، أخوكي موجود فأي وقت.
ألتفت لهُ “عَـليا” وتلا’شت بسمتُها قائلة بتفاجؤ:
_لا هتروح فين؟.
_رايح الجامع، “رمـزي” مستنيني دلوقتي.
هكذا جاوبها بنبرةٍ هادئة مبتسم الوجه لتسأله هي قائلة:
_طب هتيجي تقعدي معايا تاني صح؟ أغلب الوقت “زايـد” بيكون فالشغل وبيرجع وش الفجر وأنا بكون زهقانة أوي أبقى تعالى أقعد معايا.
نظر هو إلى “عابـد” الذي كان ينظر لهُ بطر’ف عينه نظرةٍ زادت مِن شـ.ـكه ولكنهُ عاد ينظر إلى شقيقته وجاوبها بنبرةٍ هادئة وقال:
_لمَ تكوني لوحدك تعالي عندي أقعدي وقت ما تحبي بيتي هو بيتك ولو عايزة تكوني مع “مـها” مفيش مشـ.ـكلة أغلب اليوم “سـراج” بيكون بره عشان بيقفل مشروعه أبقي تعالي بيتنا مفتوحلك مش شرط تستأذنيني.
أتسـ.ـعت البسمةُ على ثَغْرها بعد أن أستمعت إلى حديثه ولذلك ضمته وهي تشكره، ضمها “يـوسف” مبتسمًا ومسح على ظهرها برفقٍ دون أن يتحدث وهو ينظر إلى “زايـد” الذي كان البرود هو عنوانه في هذه اللحظة مِمَّ جعل “يـوسف” يشعُر بعدم الر’احة نحوه والبدء بمرا’قبته..
______________________
<“وقبل تلقي الضر’بة، كان الغَوث حاضرًا.”>
في المقهى المتواجدة بالحارة..
كان “رمـزي” يجلس برِفقة أصدقائه الذين يتحدثون مع بعضهم كما المعتاد ويُلاعبون “وتين” التي كانت بين أحضان “مـنصف” الذي كان ينظر لها مبتسم الوجه وهو يراها تضحك حينما يُلاعبها “لؤي”، كانوا هم بوادي، وهو بوادي آخر، تذكّر حديث زوجته الذي عاد يرن في أُذُنيه مجددًا حينما أفصح عن ما يكمُن في جبعته مِمَّ جعلهُ يُعيد التفكير مجددًا في الأمر بشكلٍ أكثر جدية..
لم يلبس كثيرًا وظهرت لهُ رؤية أخرى، أعتدلت في جلسته وهو يرى شخصٌ ما يضع حقيبة جلـ.ـدية في خزانة “يـوسف” الخاصة ويخرج، ثمّ قدوم الشـ.ـرطة للقبـ.ـض عليه، استفاق وهو ينظر حوله يبحث عنهُ بعينيه ليراه يقترب مِنهم بخطى هادئة، انْتَصَـ.ـب واقفًا ثمّ اقترب مِنْهُ بخطى وا’سعة تزامنًا مع اقتراب “يعقـوب” مِن “يـوسف” ليقطـ.ـع سيره وهو يقف أمامه قائلًا بنبرةٍ تملؤها القـ.ـلق:
_”يـوسف” أطلع فتـ.ـش تحت هدومك.
تفاجئ “يـوسف” الذي توقف فجأةً وهو ينظر لهُ مذهولًا، كان “رمـزي” متخذًا وضعية الهجو’م ضـ.ـده مِمَّ جعله ينظر لهُ لثوانٍ معدودة قبل أن يسأله قائلًا باستنكارٍ تام:
_أعمل إيه؟.
أخرج “رمـزي” زفيرة قو’ية ثمّ قال بنبرةٍ حاول جعلها هادئة قدر المستطاع:
_يا “يـوسف” الله يرضى عنك أعمل اللي بقولك عليه بسرعة مفيش وقت، يلا.
وبرغم تعجُبه الشـ.ـديد ألا أنَّهُ ر’ماه نظرةٍ ذات معنى ثمّ رحل تاركًا إياه خلفه ينتظره، نظر “يعقـوب” لهُ نظرةٍ ذات معنى ثمّ اقترب مِنْهُ وهو يقول بنبرةٍ هادئة متسائلة:
_في إيه يا “رمـزي”؟.
نظر لهُ “رمـزي” نظرةٍ هادئة ثمّ أمسك برسغه وأتجه نحو البِنْاية الساكن بها “يـوسف”، ولجا إلى الداخل ثمّ أغلق “رمـزي” الباب خلفه ونظر لهُ قائلًا بنبرةٍ هادئة:
_هتعرف كُلّ حاجة شوية.
_لا أنا مبقتش فاهمك مِن الصبح وأنتَ مش طبيعي وتصرفاتك بقت غريبة وأنا عايز أفهم إيه اللي جرالك.
هكذا رد عليه “يعقـوب” بنبرةٍ جادة وهو ينظر لهُ، أخرج “رمـزي” زفيرة قو’ية ثمّ قال بنبرةٍ هادئة:
_هتعرف دلوقتي في إيه، ممكن تهدى شوية.
مسح “يعقـوب” على وجهه صعودًا إلى خصلاته السو’دا’ء الناعمة بكفه الأيمن وهو يُحرِّك رأسه برفقٍ قائلًا:
_حاضر يا “رمـزي”، هستنى.
ابتسم لهُ “رمـزي” ولم يتحدث، بينما كان “يـوسف” واقفًا أمام خزانته وهو يتفـ.ـحص ما يقبع تحت ملابسه بالكامل حتى شَعَر بشيءٍ سـ.ـميك تحت كفه، تعجب كثيرًا ولذلك أبعد ملابسه ليرى حقيبة مستطيلة جلـ.ـدية لا يعلم مِن أين جاءت، عقد حاجبيه متعجبًا ليقوم بإخراجها واضعًا إياها أمامه على الرف يتفحـ.ـص هيئتها الخارجية وهو يشعُر أن ثمة كا’رثة تنتظره بداخلها، شَعَر بالتوتر والقلـ.ـق قليلًا قبل أن يفتحها، لحظة فا’رقة بالنسبةِ لهُ خصيصًا أن إصرا’ر “رمـزي” قد جعله يتوتر..
ولكن في النهاية فتحها وهو ينظر إلى محتواها هُنَيْهة قبل أن تجحـ.ـظ عيناه بشكلٍ مخـ.ـيف وهو يرى ما جعل الصدمة تتلـ.ـبسه بلا سابق إنذا’ر، دقائق أستغرقها فيها حاول عقلُه استيعا’ب الأمر مرارًا وتكرارًا ولكن العقل ير’فض تقبُل الأمر، جـ.ـف حلقُه وترا’خت أعصا’ب يديه بشكلٍ ملحوظ فهذه كا’رثة كبرى سقـ.ـطت فوق رأسه بكُلّ تأكيد، شَعَر فجأةً بكف يوضع فوق كتفه ينتـ.ـشله مِن تلك الحالة التي تلبـ.ـسته ليلتفت بسرعةٍ لها ليرى “بيلا” تقف خلفه وهي تنظر لهُ بتعجبٍ شـ.ـديد..
_في إيه يا “يـوسف” مالك؟.
سؤالٌ لم يجد لهُ جوابٌ مباشر ولا عنوان صريح، فتلك كا’رثةٌ فجـ.ـة بالنسبةِ لهُ، شَعَرت بتر’اخي كفيه بين قبـ.ـضتيها لتتفاجئ هي وتسأله قائلة بهـ.ـلعٍ:
_في إيه يا “يـوسف” مالك؟.
أنهت حديثها وهي تدعم ثقـ.ـل جسـ.ـده بذراعيها لتسـ.ـقط عيناها على الحقيبة لتجحـ.ـظ عينيها كذلك بصد’مةٍ واضحة وهي ترى حقيبة تحتوي على مواد مُخد’رة خطـ.ـيرة، نظرت لهُ بعد أن عَلِمَت ما أصا’به ولذلك قالت بنبرةٍ مزعو’رة خافتة:
_إيه اللي جاب شنطة المخد’رات دي هنا؟ جَت منين يا “يـوسف” الشنطة دي مش إحنا سايبين شقتنا مقفو’لة، جَت أزاي الشنطة دي يا لهوي.
تما’لَك هو نفسُه سريعًا ليبتعد عنها ملتفتًا إلى الحقيبة مغلقًا إياها بحركةٍ عنـ.ـيفة ثمّ أخذها وهو يقول بنبرةٍ قلـ.ـقة:
_الشنطة دي مش لاز’م تفضل هنا، لو فضلت أنا هروح فدا’هية وأنا معرفش عنها حاجة.
نظرت لهُ “بيلا” والخو’ف يحتضن عينيها قائلة بنبرةٍ تملؤها القلـ.ـق:
_هتعمل إيه يا “يـوسف”، هتتصرف فيها أزاي ولا هتديها لمين دي شنطة مخد’رات.
نظر لها نظرةٍ ذات معنى ثمّ قال بنبرةٍ جادة وكأن حاله تبدل في لمح البصر بين هذا الضـ.ـعيف قليل الحـ.ـيلة وبين هذا القو’ي الذي لا يأبى الاستسلا’م:
_هتصرف، خليكِ هنا ومتتحركيش.
تركها وخرج بخطى و’اسعة يخرج مِن شقته مغلقًا الباب خلفه تاركًا إياها خلفه تُطَالْع أثره بقلـ.ـقٍ شـ.ـديد عليه وهي تُفكر كيف جاءت تلك الحقيبة ومَن الذي وضعها هُنا ومَن الذي اقتحـ.ـم منزلهما، شَعَرت بالدو’ار يقتـ.ـحم رأسها ولذلك جلست على طر’ف الفراش وهي تدعو أن تَمُر على خير..
كان “رمـزي” يجول في المكان ذهابًا وعودة أسفل نظرات “يعقـوب” الذي كان يجلس فو’ق أولى درجات الدرج ويُتابعه دون أن يتحدث، لحظات وظهر “يـوسف” أمامهما وهو يحمل الحقيبة، نظرا لهُ سويًا لينهض “يعقـوب” الذي قال بنبرةٍ جادة:
_في إيه عَوَ’قت فوق كدا ليه وإيه الشنطة دي؟.
نظر “يـوسف” في هذه اللحظة إلى “رمـزي” الذي نظر لها ثمّ اقترب مِنْهُ وفتحها أسفل نظرات “يعقـوب” المتر’قبة لتجحـ.ـظ عيناهما معًا بصدمةٍ شـ.ـديدة وأكثرهم “يعقـوب” الذي فورًا تذكّر خروج “حديـدة” متخـ.ـفيًا في باكورة الصباح مِن ردهة البِنْاية ولذلك عَلِمَ كُلّ شيءٍ دون أن يخبره أحد..
_مُخد’رات، يا لطيف أُلطُف.
هكذا قال “رمـزي” بعد أن اسْتَفَاق مِن صدمته ليقول بتيـ.ـهةٍ واضحة:
_هنعمل إيه دلوقتي فيها؟ هنوديها فين ولا هنتصرف فيها أزاي.
_أنا اللي هتصرف.
هكذا رد “يعقـوب” بنبرةٍ حا’دة وهو يخـ.ـطف الحقيبة مِن قـ.ـبضة “يـوسف” الذي نظر لهُ نظرةٍ ذات معنى ومعهُ “رمـزي”:
_هتتصرف فيها أزاي يعني مش فاهم، كدا هتلبـ.ـسها أنتَ متخـ.ـلف ..!!
صا’ح بهِ “يـوسف” بغضـ.ـبٍ شـ.ـديد وهو ينظر لهُ ويقبـ.ـض على ذراعه حينما رآه يتحرك ليُبادله “يعقـوب” نظرته هُنَيْهة ثمّ غمز لهُ وقال بنبرةٍ هادئة مطمئنًا إياه:
_متخا’فش عليا أنا تمام بس مش هسيبك تلبـ.ـسها وأنا عارف مين صاحبها.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية جعفر البلطجي 3)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *