روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم ميار عبدالله
رواية أترصد عشقك البارت الحادي والثلاثون
رواية أترصد عشقك الجزء الحادي والثلاثون

رواية أترصد عشقك الحلقة  الحادية والثلاثون

باب الحب لا يطرق سوى مرة واحدة
اما ان تجيبه وتفتح بابك بهدوء أو تستعد يا عزيزى للأعصار القادم الذى سيقتلعك من جذورك ..!!
فى قصر المالكي ،،،
حماس
لهفة
ترقب
قلق يكاد يفتك بها ،ويفقد المتبقي من عقلها … تتنهد عدة مرات وهي تتأمل حالها أمام المرآة .. تغير من فستان لآخر
ومن تسريحة شعر لأخرى
الفستان الاول تجده ضيقا ، الثاني قصيرا ، الثالث مكشوفا والخ …
جميع ثيابها لا تصلح لارضاء ذوق رجلها ،زفرت بحدة ولم تسمح لليأس أن يتملك منها
ستركز فقط على أن تكون جميلة الليلة
يجب أن تكون كاملة في عيني رجلها الليلة ولياليها القادمة معه ، اخرجت ثوب ورديا من خزانة ثيابها لتضعه فوق جسدها تتخيل كيف سيبدو عليها حينما ترتديه
الفستان لم ترتديه مطلقا منذ ان جاءها هدية من جدها فى عيد مولدها السابق ،تأملت اكمامه الشفافة لتهز رأسها برضى
ستكون مع عائلتها ولن يوجد رجل غريب والفستان محتشم بالنهاية …
عدة دقائق وخرجت من الحمام الملحق بغرفتها لتتقدم نحو طاولة الزينة تهم بتصفيف شعرها الا انها شعرت انها ليست بمفردها
رفعت عيناها تلقائيا نحو جانبها الايمن من الغرفة لتجد اسيا تجلس على المقعد تحدق نحوها بابتسامة ماكرة ، رفعت اسيا اناملها بترحيب بارد لتمتم
– مش محتاجة كل اللهفة دي يا وجد  ، الرجالة فى الاخر بيبقوا حاجه زفت بعد الجواز
عبست وجد وهى تحدق فى ابنة عمها التي قررت أن تتخلى عن اعتزالها وتكون زائرتها فى ذلك الوقت ، غمغمت وجد بعدم فهم
– افندم
تشعر بالغبطة ؟
قليلا .. من ناحية غيرتها المجنونة التى تشتعل من مجرد قرب امرأة تجاه زوجها خمدت وهي تتأمل ملامح الصغيرة التى كانت ستصبح زوجته ،اللعنة على جميلة بالله كيف تجعل تلك الفتاة تتزوج من ابن عمها الذي يكبرها فوق العقد ؟!!
اشاحت افكارها الجهنمية التى تجهزها للجميلة لتستقيم من المقعد مقتربة من وجد وهى ترى لمعة الحب يكاد يفضحها لتقول بتهكم
– متتحمسيش اووى كدا ،هو مش امير بجناحات هياخدك على مملكته السعيدة
تجهمت ملامح وجد لتترك فرشاتها جانبا وتستقيم هي الأخرى من مقعدها
مدافعة عنها وعن رجلها الوحيد الذى استطاع ان يلمس شغاف قلبها
رجل قدر على بعثرتها بكل سهولة
قدر يستطيع ان يرفعها بسهولة الى اعلى مقامات العشق
رجل .. أحبت رجلا تقسم أن النساء تحسدنها عليه
أحبت بالنهاية رجل ، شقى وعنى كثيرا وليس طفل مدلل يفتخر بأعمال عائلته وهو ينفق أموال عائلته
غمغمت ببعض الحدة وهى تنظر الى ملامح آسيا الفاتنة بوحشية
– مش كل الرجالة نوع واحد
هزت اسيا رأسها بملل، التمعت عيناها الزرقاوان بخبث  لتميل راسها هامسة بصوت خفيض
– عندك حق مش كلهم نوع واحد ،بس كلهم عندهم طاقة شهوة عالية
شهقت وجد بخجل لترتد خطوة للخلف ووجها امتعق بالحمرة الشديدة لتجيبها بحدة مغمغمة ببعض الكلمات الغير مفهومة لتنفجر آسيا ضاحكة بانطلاق لأول مرة منذ وطئها لذلك القصر الملعون
لا تصدق أن الصغيرة تخجل من حديث نساء ،هل ما زال العالم هذا يوجد به نساء تخجلن من دردشة نسوية … عقدت حاجبيها متمتة
– ايه ده انتى وشك جاب الوان من دلوقتي
زفرت وجد بحدة وهى ترغي وتزبد ،لاتصدق وقاحة هذه المرأة لتعود تجلس على المقعد مرة اخرى تمشط شعرها ببعض العصبية ادت إلى شعورها بألم في رأسها ،إلا أن من فرط عصبيتها تحملت وهى تحدق نحو المرآة متجاهلة آسيا التى اقتربت ببرود جالسة على طرف طاولة زينتها قائلة بجدية
– خدى نصيحة للزمن ،معادن الناس مش هتبان غير فى الازمات ،يعني مش هتعرفي معد الشخص اللي اتقدملك غير لما الحياة تختبره وهل فعلا رغم الظروف هيفضل متمسك بيكي ولا لأ
توقفت وجد عن تمشيط شعرها وهي متعجبة من سماعها لنصيحة امرأة أقل ما يقال عنها انها تتمنى لو يموتوا جميعا أو يحترقوا … تصرف عجيب جعلها تنظر إليها بتدقيق محاولة أن تستشف شخصية تلك المرأة أمامها وهي تسترسل في الحديث قائلة
– وياريت متجبيش راجل دلدول امه ، مش كده بتقولوها
تلك المرة لم تحاول منع لسانها قائلة
– غريبة
هزت آسيا رأسها قائلة
– اي اللي غريبة ؟
استدارت وجد إليها وهي ترمقها ببعض الحذر ،تحاول الوصول إلى عمق صاحبة العينان الزرقاوان لكن دون أدنى فائدة .. امواج عينيها هادرة تكاد تقتلها وتودى بحياتها للتهلكة .. غمغمت بصراحة معتادة عليها
– انك تنصحيني ،يعنى انتى اكتر واحدة مش عايزة تختلطي بحد ولا نفسك تتفاعلي معانا ،اشمعنا دلوقتي جاية تنصحيني
ابتسمت آسيا بغموض لتقترب منها هامسة بصوت خفيض ، كأنه سر حربي تخشى أن يفتضح
-يمكن عشان متغلطيش نفس غلطتي !!
لم تصدقها مطلقا … هزت وجد راسها بدون معنى لتستقيم من مجلسها وهي تطالعها قائلة بهدوء
– لؤي كبير العيلة بعد جدو غالب ،يمكن اللى محتاجه انه يلاقي الراحة فعلا فى بيته مش مشاكل تكبله وتزيد همه فوق مشاكل الشغل
اتسعت عينا آسيا لبرهة من الوقت ،حسنا لم تتوقع ان تجلس مع فتاة بتلك الخبرة وان لم تظهرها
توقعتها مغفلة ،حمقاء ،مهتمة بالموضة فقط وهذا ما رأته من رؤيتها لماكينة الخياطة فى غرفتها والفساتين المتناثرة فى عدة اماكن متفرقة فى غرفتها الشاسعة
فتاة حمقاء … وليست فتاة واعية مدركة بجميع ما يحدث من حولها ،بالطبع غالب المالكي لن يجعل الحفيدة الصغيرة المحببة غبية
ولكون الفتاة صريحة معها فى بداية حديثهم ،صرحت هي الأخرى وزرقاوتها تلمع بوميض اعجاب لم تقدر على اخفاءه
– كنتى فاكراكي حاجه تانية ،بس واضح ان احنا هنفيد بعض كتير
لاحت على شفتيه شبح ابتسامة ماكرة ليجعل ملامحها اكثر شيطانية ،لا تعلم لما انقبض قلب وجد وهى تحدق الى مظهرها الخارجي المتوحش .. المثقل بالاغراء الأنثوي الطبيعي دون الحاجة للاصطناع
تنهدت وجد بيأس وهى تجلس على مقعدها قائلة بدردشة وهى تحاول اكتساب تلك النائية بعيدة عنهم
– انا للاسف كبرت وانا بنت وحيدة وسط ولاد عمام ،كل واحد فينا عايش فى ملكوت لوحده ..بس اتمنى فعلا نبقى مقربين وننسى خلافاتنا
زفرت آسيا بيأس وهي تتطلع الى عيناها الداكنتين ،تحاول تستشف مدى صدقها من كذبها
ولان روحها شفافة
استطاعت أن تقرأ روحها ،الفتاة طبية لحد اشعرها انها فى الحقيقة الشيطانة هنا !!
لن تنكر انها جاءت لافساد ذلك العريس المرتقب ،لكن من رؤيتها عن كثب لمدى لهفتها وعينيها تومضان بعشق لم تستطع أن تعكر يومها ،خصوصا انها تدرك مدى أهمية هذا اليوم كيوم الزفاف
مررت أناملها في خصلات شعرها قائلة بصراحة
– حربي مش معاكى ،انتى فى النهاية زيي ،انا عارفة اعدائي كويس
عبست ملامح وجد وهى ترى بريق العزم فى عينيها لتقول لها بنبرة جادة
– متخسريش حب حياتك عشان مشاكل عدت عليها سنين ، مدمريش سعادة انتى عايشاها وبعدين تندمي لما الشخص يبعد عنك
ضيقت آسيا عيناها وكلماتها كانت فى مرمى الهدف
هل حقا استهانت بتلك الفتاة ؟
ام انها تخفي امرأة اخرى خلف تلك الملامح الناعمة الاشبه بالطفولية ،لم تحاول ان تسمح ان يظهر ضعف على ملامح وجهها … تمسكت بالصلابة ورباطة جأشها لتقول ببعض السخرية
– كلامك ده يدل انك خايفة عليا
هزت وجد رأسها بيأس لتعود اخذه فرشاتها تمشط شعرها قائلة بمرارة
– انتى اكتر واحدة جربت طعم الحرمان ، انا كمان جربته … بس لما تجيلك فرصة تعيشي مع الشخص اللي يقدر يعوضك عن كل اللى فات ليه تبعدي .. ليه انتى تقطعى الحبل اللى هو بيحاول يشدك ليه
اختفي العبث ، والوجه الماكر سقط لتحدق آسيا بذهول الى الفتاة
ربااااه .. من يصدق أن تلك الفتاة التي شعرت أنها نائية عن الجميع تعلم ادق تفاصيلها ،وكأنها تعيش معها !!!
هل لتلك الدرجة مفضوحة ؟! … يائسة من زوجها ؟!!
هى المذنبة وهو الملاك الوحيد ، خرست اصوات عقلها ليتدخل القلب معاتبا إياها
محدثا ان كلام الفتاة صحيح وانها من تقطع حبلها بـ لؤي .. والرجل قالها مرارا وحذرها من الا ترتكب جريمة أو فضيحة !! لكن ماذا تفعل
ليس بيديها
تحاول ولكنها لا تستطيع
مرض الثأر مرض مميت لا تستطيع التخلص منه مهما حاولت ، مهما قالت انها ستتوقف تعود بعد خمس دقائق تفكر فى كيفية إذلالهم
خططها كثيرة وجحيمية لكنها تتوقف عن التنفيذ بسببه
ليس بسبب خوفها منه
لكن خوفها ان يتركها او يطلقها ويختار زوجة أخرى
خائفة من ألا تسكن ذراعيه الحانيتين في أشد حالاتها انهيارا
تخشى أن يبتعد هذا الملجأ الآمن ،وتقوم بتهديده عبثا
تنهدت اسيا بحدة وهى ترفع عيناها محدقة نحو ساعة الحائط لتمتم بصوت هادئ
– متتأخريش على النزول ،قربوا يوصلوا
استدارت خارجة من غرفتها وهي تلعن الأحمق قلبها
وتلعن لؤي وتعلن حبها المتملك له وضعفها وحاجتها المستميته له
تفاجئت حينما احست باصابع شخص غريب تمسك زندها وتوقفها عن السير، استدارت تطالع وجد التى تبتسم أمامها باشراق وحلاوة فتاة صغيرة تذكرها بصغيرتها شمس التى راعتها بمفردها ، قالت وجد بصوت به توسل
– اتمنى فعلا نبقي امنيتي تحقق ،واقدر الاقى شخص احكيله مشاكلى بعيدا عن جدو
لم تستطع اسيا سوي انها تهز رأسها قبل أن تفر بعيدة عنها ،هاربة منها
تنأي بنفسها بين جدران غرفتها !!
……
فى المساء ،،
بدا عاصي عينيه تلمعان بشغف و أمنيته وحلمه بأميرته أوشك على التحقيق ، هو جالس فى صالون منزلها وبجواره تحية التى تربت على ساقيه مرارا ، تبتسم بابتهاج عينيها لا تكفان على التحدق بأفراد عائلتها التي لم تتشرف وتتعرف عليها .. ازدادت ابتسامتها اتساعا فور جملة غالب الذي استقبلهم قائلا
– نورتنا يا دكتور عاصي وتحية هانم
هزت تحية رأسها وهى تجيبه بنبرة هادئة
– منور بحضرتك واهل البيت يا استاذ غالب
رحبت بعينها نحو الشابين الواقفين خلف غالب ليومأ الاشقر برأسه وابتسامته تتسع والضخم اكتفي بابتسامة مقتضبة لتهز رأسها صامتة مبتلعة لسانها وهى تحدق الي ملامح امرأة خمسينية تنظر بترفع إليها ،عقدت حاجبيها بحدة وقررت الصمت لتستمع الى صوت غالب وهو معرفا عن الشابين
-اعرفك بـ لؤي المالكي ، ووسيم المالكي ولاد عم وجد واخواتها
هزت تحية رأسها متمتمة
– ماشاء الله ربنا يباركلك فيهم
اتسعت ابتسامة وسيم وهو يرحب بها يهز برأسه ليتمتم
-اهلا بيكي
ثم التفت نحو المرأة الخمسينية المتجهمة الوجه قائلا
– ودى جميلة هانم عمتهم
اكفهرت ملامح جميلة وهي تحدق إلى العباءة التي ترتديها المرأة العجوز ،حاولت أن تخفي امتعاضها وتقززها لكنها لم تستطيع ابدا حينما رفعت العجوز يديها بتحدي لتمد اطراف اصابعها وقد ظهر النفور على محيا وجهها مما جعل تحية تستشيط غضبا لتقول جميلة ببعض الترفع والانفة بعدما سلمت عليها واتخذت مقعدا جالسة عليه بوقاحة قبل جلوس الضيوف
– تقدرى تعتبري وجد دى بنتى مش مجرد عمة ، خلونا نتعرف بيكم حضراتكم تبع عيلة مين وشغل حضراتكم ايه ، ومشتركين فى نادى ايه
القت تحية سبة سريعة بين اسنانها ،لتشعر بيد عاصي وهو ينظر اليها طالبا منها الصبر ،زفرت بحنق وهى تجلس على مقعدها وبجوارها عاصي يبتسم بحرج
الجو تكهرب قليلا
والجميع لن ينكر هذا .. بداية من ملامح وسيم القلقة من ردة فعل عمته ،ونظرات جده النارية لها الا جراء حديثها ، صاحت تحية بتهكم مشوبة بنبرة ناعمة
– وهو لما نيجي نسأل على راجل نسأل هو مشترك فى نادى ايه ويقبض كام برضو يا جميلة هانم
اكتفت جميلة بان ترمقها من رأسها الى اخمص قدميها بدونية مما اشتعل فتيل الغضب في عيني تحية ، صاحت جميلة ببعض الترفع فى صوتها
– اعذريني يا تحية … (صمتت قليلا وهى تبصق اللقب من شفتيها قائلة ) هانم ، انا بدور على عريس يقدر يعيش بنتي نفس المستوى اللي هي عايشاه مش أقل
لعنتها تحية بين اسنانها ولولا فقط مراعاة لحفيدها وتعلقه بالفتاة لجذبت شعر تلك الوقاحة ،والله لجذبتها ومسحت بها أرضية منزلهم ولن يردعها رادع … كادت تهب من مجلسها الا انها شعرت بذراع عاصي تتمسك بها من خلف ظهرها قائلا
– توحة
التفت نحوه مزمجرة بحدة
– انت مش شايف بتعمل ايه
توسلها قائلا بعينيه
– ارجوكي
زمت شفتيها وهى تشيح وجهها للجهة الأخرى ليلتفت عاصي نحو جميلة قائلا بابتسامة مقتضبة
– خليني اعرفك عن نفسي يا هانم ، انا عاصي نور الدين .. دكتور نفسي خريج جامعة *****
ما إن ذكر اسم الجامعة الاجنبية حتى اتسعت عينا جميلة دهشة قائلة
– دى نفس جامعة وجد
اخرجت تحية سبة من شفتيها استمعها وسيم ليعض شفتيه كاتما ضحكته وهو يمرق السيدة العجوز التى ترغي وتزبد من تصرفات عمته ، تأمل وسيم جده ليجده مكفهر الوجه متطلعا نحو عمته بغضب
يبدو أن الغضب سيصب جام غضبه على عمته تلك الليلة !!
انتبه الى صوت عريس وجد متأملا اياه عن كثب ،ليس مدلل كالعرسان السابقين
معتز بنفسه وملابسه أنيقة بعيد عن ذراعه الملفوفة بضماد فهذا بنظره لم ينقص من هيبته وقد سبق غالب شارحا عن اصابته الطفيفة .. لا يعلم لما لم يثر إعجاب عمته
– وبشتغل فى مؤسسة خيرية لمساعدة الاطفال وده بالمجان ، اما شغلي تقدري تقولي مسبتش شغلانة الا لما اشتغلتها بداية من صبي شاي لحد بودي جارد ، ودي حاجه فادتني جدا واضافت من خبراتى وعلاقاتي مع الناس
عقدت جميلة حاجبيها الانيقين بريبة قائلة
– بس انا مش فاهمة انت بتشتغل ايه من كل ده
ابتسم عاصي بتكلف وهو يجيبها برحابة صدر
– حاليا بشتغل دكتور نفسي للمؤسسة
ضاقت عينا جميلة وهى تتفحص ثيابه المنمقة وحديثه اللبق معها ، ملامحه رجولية محببة لن تنكر كل هذا
لكن شئ واحد ينغص كل هذا
الا وهى جدته التي ترتدي عباءة مظهرة أصله المتواضع ، تفكر فى نساء النادي الذي تترأسه حينما يسألنها عن اصل عائلة الشاب المتواضع !!
صاحت قائلة بفظاظة شديدة
– ودى بتقبض فيها كام
شهقت تحية بحدة وقد بلغ منها الصبر منتهاه ، ليمل وسيم نحو ابن عمه قائلا بابتسامة مقتضبة
– واضح انها هتخرب الجوازة من اولها
التفت لؤي نحو وسيم قائلا بتهكم
– دي لو هى مش قاصدة انها تخربها
صدر صوت الجد معلنا أخيرا عن تواجده واكتفائه من وقاحتها لذلك الحد من اليوم
– جميلة
جزت على أسنانها مجيبة بدفاع
– مش لازم اعرف هى هتعيش ازاي يا بابا
هم غالب بزجرها وإخراجها من الجلسة إلا أن تحية تنحنحت بصوت حاد قائلة
– استاذ غالب سبني لو سمحت
نظر غالب نحو تحية باعتذار عما اقترفته ابنته لتهز تحية رأسها مجيبة بحدة
– بصى يا هانم ،طول عمرى والبنات بتترمي على عاصي وربنا يشهد اخلاقه وتعامله مع الناس ازاي … وانا اللي برفض لانى كنت عارفة مفيش حد من البنات تقدر تستاهله ، وان كان على الفلوس يا ستي فهي الحمدلله مستورة
انتفخت أوداج جميلة سخطا من حديثها الحاد لتستمع الي حديث المرأة العجوز قائلة ببعض التهكم
– حفيدي مش هينيم بنتك جعانة ،ولا هتلبس هدوم مقطعة من قلة الفلوس ،ولا هيخلي بنت تقعد فى بيت فيه اوضة فوق السطوح
وأسوأ احلامها وقعت أمام عينيها ،اتسعت عينا جميلة بجحوظ وهي تلتفت إلى جدها الذي زجرها تماما عن التحدث لتستمع إلى غالب الذي التفت متحدثا بحرج
– يا تحية هانم
رفعت يدها مقاطعة مجيبة اياه بوقاحة تلزم تلك المتحزلقة مكانها
– حفيدي ربيته وعلمته وهو ماشاء الله عليه لما كبر ممدش ايده وقالي هاتي المصروف ، نزل على طول الشغل ويا ما حاولت امنعه عشان ميأثرش علي دراسته ومذاكرته بس كان دايما بيقولى انى عايز اشيل الحمل من عليكي
تملل وسيم فى جلسته وقرر هو كحال ابن عمه عدم التدخل لطالما كبير العائلة موجود ، احتقنت اذني عاصي وهو يلتزم الصمت
لا ينكر مدى سعادته لان توحة استطاعت ان تكبح لجام عمة اميرته ،لكنه يجب عليه التعامل مع تلك المرأة وخصوصا انها التي ربتها منذ صغرها
ابتسم غالب وهو ينظر الى عاصي قائلا بنبرة فخر
– ونعم الراجل اللى ربيته يا تحية هانم ،وصدقيني ده اللى خلانى اوافق انى اديكم حفيدتى ،لانى عارف ان عاصي  بقى عملة نادرة جدا ومتأكد انه هيحافظ عليها فى عينيه ،مش كدا يا ابني
احتقنت اذني عاصي حينما شعر كل العيون عليه ،ليجيبه بنبرة اجشة تعبر عما يجيش بصدره
– وجد اميرة وتستحق انها تعيش اميرة طول حياتها
اتسعت ابتسامة توحة وهى ترمق حفيدها الذي أصبح يعرب عن حبه أمام الجميع ،ليهمس غالب قائلا بصوت أجش
– نجيب عروستنا بقى عشان نسمع رأيها
هز الجميع رأسه موافقا الا ان جميلة جزت على أسنانها حانقة ، ابتسامة المراة العجوز الظافرة استفزتها لتستقيم من جلستها قائلة باعتراض صريح
– لا يمكن الجوازة دي تتم
استقام غالب من مجلسه هو الآخر وهو ويهدر فى وجهها صائحا بحدة
– جميلة
التفت جميلة الى غالب بشراسة قائلة
– انا يستحيل اوافق على الجوازة دى
اسودت ملامح تحية لتستقيم من مجلسها هي الأخرى قائلة بتهكم نحو غالب
– واضح يا أستاذ غالب انك جايبنا هنا عشان نتهان
ألقى غالب نظرة زاجرة نحو جميلة التي اشاحت بوجهها للجهة الاخرى ، وحاول ان يهدأ الامر قائلا
– يا تحية هانم ارجوكي
هزت جميلة رأسها نافية متمتمة بحدة وهى تنظر بدونية نحو الضيفان
– انا قولت كلمتي يستحيل يعني يستحيل
زمجرت تحية بعصبية لتصيح بحدة
– يلا يا عاصي
استقام عاصي هو الآخر منتفخ الوجه ، عازما هو الآخر للمغادرة ، إلا أن صوت الاميرة اوقفه
– مماة
كانت تطل عليه ببهائها واقفة عند مدخل الصالون تحدق نحو الجميع بألم وبالأخص نحو جميلة لتتجمع الدموع في مقلتيها وتستدير مغادرة نحو الأعلى باكية بانهيار !!
يبدو أن الأميرة مازالت نجمة بعيدة عنه
لن يستطيع أن يصلها ابدا !!
لم تستطيع المواجهة
لم تقدر والكفتين من الصعب اختيارهم ، تأمل عاصي هروبها ليضم قبضة يده بعنف محاولا السيطرة على أعصابه كى لا يفقد زمام سيطرته فى المرأة التى لم يراها سوى مرة واحدة وتتخذه الآن عدوا
تبا لكبريائه الذي تمرغ ،وتبا لكرامته التي شوهت
الان اميرته حزينة ، تبكي انه لم يستطيع ان يفي بوعده لها
لن يجتمعا معا داخل عش صغير لهما
سحبت تحية حقيبتها وهى تنظر بعدائية شرسة نحو جميلة ارعبتها وجعلتها تكاد ترتجف خوفا من أن تنقض عليها  ،لتلتفت تحية موجهة حديثها نحو غالب قائلة
– واضح ان احنا جينا ضيعنا وقت ،يلا يا عاصي أنا يستحيل اقعد ثانية وكرامتى تتبهدل من اللي يسوى وميسواش
شهقت جميلة بذهول وهي تسمع الى حديث المرأة الوقح مشيرة إليها بحديثها لتنفجر قائلة بحدة
– انتى قصدك ايه بالكلام ده
طرق غالب عصاه بقوة على الأرض المصقولة مخرسا الجميع قائلا بهدر
– جميلاااااا
التفت جميلة وهى تحتقن غضبا لترى علامات الغضب مرتسمة على غالب الذي صاح بحدة
– برااااا  ،وحالاااااااا
شهقت جميلة بصدمة وهى تنظر اليه بعدم تصديق ، لا تصدق انه يطردها من أجل بعض الحثالة الذين استطاعوا خداعه لتهمس
– بابا
زجرها بحدة لتبتلع لسانها وهى تسمع إلى أوامره الخشنة وهو يلتفت إلى وسيم قائلا
-وسيم خد عمتك واضح انها تعبانة ومش واعية للي بتقوله
هز وسيم رأسه وهو يقترب متمسكا ذراع عمته التي ترمق المراة العجوز شرزا وهى خارجة من الصالون ، تنهد غالب وهو يغمغم باعتذار
– تحية هانم ارجوكي اسمحيلى اعتذر عن اللي حصل ،لكن صدقيني
قاطعته تحية بكبرياء وشموخ
-اسمع يا أستاذ غالب ،أنا يستحيل أقف ثانية و كرامتي وكرامة حفيدي اتمست بسبب بنتك ،انا مش عايزة افقد اعصابي واقول كلام ميصحش اقوله
كما يعلمها ، تحية كما هي حتى بعد شيبها ، غمغم بلين فى حديثه قائلا
– انتى عارفة الامهات يا تحية هانم ،لكن ارجوكى … متكسريش فرحة العيال بسبب مشكلة صغيرة نقدر نحلها بهدوء
ثار الجنون فى عينيها وهي تجيبه بعدم تصديق قائلة
– مشكلة صغيرة !! مشكلة صغيرة ،تقدر تقعد في بيت كرامتك اتهانت فيه ، وهى …. ( كتمت سبة كادت تغفر من شفيتها لتحوقل قائلة ) استغفر الله العظيم … يلا بينا يا ابني
هز عاصى رأسه وهو يستأذن الجميع مغادرا وعيناه معلقة على الدرج حيث اختفت الاميرة عن ناظريه ، قبل مغادرته من الصالون تمسك غالب بساعده قائلا بأسف
– عاصي يا ابني ارجوك هدى تحية هانم ،وانا اسف جدا على اللى حصل
اكتفى عاصي بهزة من رأسه وهو يلحق تحية التي نادت عليه بنفاذ صبر ، تأبطت تحية ذراعه وهي خارجه من القصر مرفوعة الرأس رغم حنقها انها لم تستطيع ان تشفي غليلها وتعلم تلك الحمقاء وتربيها كيف تتحدث مع توحة الذى لم يقدر بشرا على الاقتراب من كرامتها وكبريائها !!!
********
فى حي عاصي ،،
تنهد عاصي زافرا بغيظ وهو يستمع الى تمتمات جدته الحانقة ، هز رأسه بياس شديد وهو يستمع إلى ألفاظه النابية التي التقطتها من الشارع مؤخرا
-بنت ال**** ، شايفها عمالة تتمنظر علينا واشي شغال ايه وفى نادي ايه ، دي لو هطلع بطاقة شخصية مش هتعمل كدا
صاحت بها توحة بغيظ وهى تلكم الوسادة بكل ما أوتيت من قوة ،لما لم تنتف شعر تلك المتحذلقة أو حتى قامت بقتلها حتى تريح الجميع من خبثها وتملقها المصطنع ،احست بذراعي عاصي وهو يتمسك بذراعيها قائلا
– يا توحة انتى عارفة العالم ده بيفكر ازاى وانتى اكتر واحدة عيشتي وسطهم وعرفاهم
زمت توحة شفتيها بحنق لتسب قائلة بغضب
– عالم *****
تجهمت ملامح عاصي وهو يحدق فى جدته قائلا بنبرة خشنة
– توحة قولنا ايه الالفاظ
اتسعت عينا توحة وهو تري حفيدها الشبل الصغير اصبح اسدا يرغب فى فرض سيطرته فى مملكتها ، ضربته بغيظ على ذراعيه قائلة بحدة
-ولد انت كمان هتعلمني اقول ايه ومقولش ايه
احتقنت وجنتي عاصي وهو يحاول ان يهدأ ثورة جدته محتضنا اياها لتستكين تحية بتعب وهي تغمغم بحزن
– بس قطعت قلبي وجد ،شوفت شكلها كان عامل ازاي ، حبيبة ماما … مش ماما دي امها حرباية
مال مقبلا رأسها ليزفر بحرارة مصححا
– عمتها في مقام أمها يا توحة
انتفخت أوداج توحة سخطا وهي تمتم حانقة
– حرباية ،الحمدلله انها مطلعتش زيها
مرر أنامله على ذراعيها قائلا بهدوء
– اهدى انتى وكل حاجه هتتحل
هزت رأسها نافية بثورة قائلة
– مش ههدى غير لما تيجي الحرباية تعتذر ،طب ايه رأيك لاجوزهالك وأعلى ما في خيلها تركبه .. كلم غالب وقوله شوف ميعاد لكتب الكتاب مش هستني نعمل خطوبات وفرح .. كتب كتاب وبعدها بشهر لما تجهز شقتك اللى فى الزمالك تتجوزوا
اتسعت عينا عاصي وهو لا يصدق أن جدته تفكر بتزويجه رغما عن عمتها التى ربتها ،هو حتى لم يهاتفها ويطمئن عليها متشاغلا بتهدئة جدته كي لا تقوم بعمل فضائح غدا
والله لن يتعجب غدا ان تذهب لمنزلهم غدا وتشد خصلات شعر عمة اميرته وتثير فضائح هو فى غنى عنها ، غمغم عاصي محاولا امتصاص غضبها
– يا توحة ،المشاكل مش بتتحل بالطريقة دي
هزت رأسها نافية وهي تصر قائلة
– هتتحل ،اصلا هي فتحت عداوة … سبني انا اربي الحرباية دي واوريها النجوم فى عز الضهر .. مش شايفانا اقل منها ، خلينا اوريها بقى شغل الحواري
مرر عاصي كفه على وجهه وهو يحدق نحو جدته بيأس ليغمغم
– مفيش فايدة منك صح
تأملت توحة قسمات وجهه حفيدها المتألمة ،وكل ذلك يعود لتلك الحرباية .. والله لن تكون توحة الا وزوجت العاشقان معا ولتحترق المرأة بغيظها وغضبها ،مررت أناملها على قسمات وجهه المجهدة هامسة بصوت حاني
– انسي ، توحة لما تحط حاجه فى دماغها مش هتهدي غير لما تعملها ،روح شوف شغلك إنت واطفي النور
هز رأسه موافقا وهو يميل مقبلا رأسها ليغلق مصباح الانارة متمنيا لها نوما سعيدا ،أغلق الباب خلفه وهو يسير بقدمين متهالكتين
خسر حربه دون حتى أن يرفع سيفه
توجه نحو غرفته وتنهد بحنق وهو يفك ازرار قميصه ويخلع حذائه ليفكر قليلا بها ، هل ما زالت تبكي ؟!
دفعه الشوق والقلق لأن ينسل الهاتف من جيب بنطاله ويهاتفها فى ذلك الوقت الذى تعدى منتصف الليل ، يستمع الى صوت رنين الهاتف المستفز لأعصابه وعدم ردها اقلقه
يكاد يضع يده على قلبه مستشعرا الاختناق الذى ألم به ،الا ان صوتها المتحشرج سمعه وهي تنادي اسمه
– عاصي
اغمض عاصي جفنيه بقوة وهو يكاد يفقد اعصابه وهو يستمع الى نداءها المتوسل إليه ، ضم قبضة يده بعنف حتى ابيضت سلمياته ليهمس بصوت أجش
– بتبكي ليه يا وجد
استمع الى نهنهات صغيرة  عبر الأثير وبكاءها الناعم لتهمس ببكاء
-انا اسفه يا عاصي بجد اللى حصل ،انا .. انا حاسة انى السبب فى اللى حصلك لانى معرفتش مماه عنك بالتفصيل افتكرت جدو قالها
لعن الجميع بلا استثناء ليستقيم بحدة قائلا بصوت حاني
– ممكن تبطلى عياط ارجوكي
انهارت فى البكاء وهى تستشعر حنيته المفرطة تجاهها ،لاتصدق انه يهاتفها رغم ما حدث
توقعت ان كرامته ستمنعه ،وربما حينما تهاتفه لن يجيبها
أسوأ كوابيسها نخرت عظامها حتى طار النوم من عينيها وهى تحدق فى الهاتف مترددة بين اتصاله وعدمه ، وحينما هاتفها لم تتوقع أن يكون هو المتصل
توقعت انها مجرد اضغاث احلام وستفيق على فقدان امل … عضت على طرف شفتها السفلى مغمغة بصوت متحشرج
– هتمشي من حياتي يا عاصي ،انت وعدتني انك مش هتسيبني
ارهفت أذناها السمع ليرتجف جسدها حينما استمعت الى صوت تحطيم شئ ،همت بندائه قلقة ان كان ليس بخير لتستمع إلى صوته الأجش يتخللها تملك لم تسمعها مطلقا منه
– مش هسيبك يا وجد ، مش هسيبك اهدى يا حبيبتي ارجوكي
فغرت شفتها بصدمة هل قال حبيبتي ؟ اما انها ما زالت فى ذلك الحلم الناعم !!! حاولت أن تتغلب على فقدان زمام امورها كى لا تبكى لكنها لم تستطيع ،لأول مرة تنفجر فى البكاء واناملها تتشبث بقوة على هاتفها متمنية ان يكون هنا حقيقة امامها الان لترتمي بين ذراعيه لتصدق انه حقيقة امامها ،لن يغادر ولن تسمح له بالرحيل مطلقا ،توجهت نحو مرآتها تمسح الكحل الذى سال على وجهها لتسمع همسه الخشن مسببا قشعريرة لذيذة لجسدها
– وجد ،بتعيطي ليه دلوقتي
تلعثمت هامسة بنبرة متحشرجة
– عشان قولت كلمة حبيبتي ،وانا اول مرة اسمعها منك
رفع عاصي رأسه محدقا فى سقف غرفته ليضغط على نواجذه محاولا تهدئة تلك الوحوش المعربدة بداخله ،اللعنة لم يكن يتخيل أن تأتي اميرة ناعمة تستطيع ان تخرج اشياء بدائية من مكمنها
لم يكن يتخيل وهى بكل ذلك الدلال والاغراء المثقل بصوتها ليصيح بخشونة
– وجد
مسحت دموعها على الفور وهي تزيل زينة وجهها التى تدمرت هامسة بطاعة
– نعم
تمسك بقبضة يده بخشونة وهو يتمتم قائلا بنبرة متملكة
– انتى عارفة انى مش هسيبك
هزت رأسها موافقة وكانه يراها لتجيبه بهمس خافت
– عارفة
اختنقت أنفاسها وهي تترقب لما سيقوله ، لم يتأخر عليها ليدافع بتملك منه
– وهحارب الدنيا عشان تبقي ليا حبيبتي ومراتي
فغرت وجد شفتيها بصدمة ليسقط الهاتف منها فى لحظة ذهولها الا انها استفاقت سريعا لتلتقط هاتفها من الارض لتضعه على اذنها
كلماتها تبعثرت تماما
وانفاسها لم تعد تستطيع السيطرة عليها
عضت على طرف شفتها ولم تستطيع سوى نداء اسمه قائلة بصدمة
– عاصي
تطلعت إلى حالها في المرآة لتجد عيناها تغيم بعشق لذلك الأسمر الذى استطاع ان يخطف لبها بأفعاله ونبرات صوته وغيرته المجنونة لتسمعه يغمغم بصوت أجش
– ده وعدى ليكى يا وجد ، ووعد الحر دين عليه
لن تخبره كيف لنبرة صوته تقوم الأفاعيل الشديدة لها ولعاطفتها الأنثوية
لن تخبره أنها سترضخ لاى طلب لاجله بعينيه الخضراوين ونبرة صوته لتسمعه يغمغم بهدوء
– ارتاحي دلوقتي ومتبكيش
همت تصرح بعشقها له ،صاحت بتسرع قائلة
– عاصي انا
قاطعها بخشونة
– اياكي تقوليها
عضت باطن خدها وازداد وجنتيها حمرة وهمت لاخباره بكيفية علمه انها ستخبره بحبها له ، لتهمس بيأس قائلة
– ليه ؟ مقولش
زفر عاصي بحدة وهو يلكم الحائط بجواره قائلا
– لانى مش هضمن ممكن اعمل ايه وانتي بعيدة عني ،الا لو انتى عايزاني افقد اعصابي وتشوفي عاصي مختلف عن اللي تعرفيه
انفجرت ضاحكة وهي تمسح الدموع العالقة بأهدابها لتهمس بنبرة ناعمة
– صدقني هحب كل شخصياتك وتقلباتك ، متقلقش عليا
تفاجئت حينما صاح بنبرة غليظة
– تصبحي علي خير
اتسعت ابتسامتها متمتة بنبرة مثقلة الإغراء الأنثوي
– وانت من اهله يا عاصي
رمي عاصي الهاتف بعنف وهو يلكم الحائط بجواره
تلك المرأة كيف سيتحملها ؟!
ربااااه كيف سيتحمل دلالها ونبرات صوتها المثقلة بالاغراء دون ان يقترب منها ،يلمسها كما يرغب .. لن يخشي ان يتهور معها لانها ستصبح حلاله له بمفرده
اصدر صوت حانق من حلقه وهو يعيد لكم الحائط مرة اخرى ،يفرغ طاقته المكبوتة ليسارع بمغاردة غرفته متوجها نحو الحمام يهدأ من اشتعال تلك النيران التى سببتها اميرته
انفجرت توحة ضاحكة وقد خرجت من مخبأها على حال حفيدها اليائس لتهمس
– اميرة .. والله قولت اميرة ، والله جيه اليوم يا ابن توحة بتفقد أعصابك ، ربنا يتمم فرحتهم على خير يا رب
رفعت كلتا يديها متمتة بالدعاء للحفاظ على سعادة حفيدها الصغير وشبلها الذى يستحق سعادته ،تنهدت وهى تحاول التفكير بأى طريقة جعل صغيرها يتزوج من اميرته باقرب وقت … لمعت عيناها بمكر وقد اهتدت خطتها التالية
ستريها تلك الحقيرة
ستريها من ستفوز بمعركتها
والله لن تكون توحة ان لم تجعل حفيدها يتزوج بالأمير فى اقل من شهر !!!!
**********
فى قصر السويسري ،،
تمددت شادية على الفراش تأن بصوت خفيض وهي تغمض جفنيها بأرهاق
ما حدث منذ يومين كاد أن يودي بحياتها للتهلكة
بل هى من سارت بطريقها نحو الهاوية دون أن تعتري بآراء الآخرين
تقلبت مرارا على فراشها وخوفها يكاد يفتك بها
سحبت الوسادة من رأسها لتحتضنها بقوة مستمدة منها آمان تحتاجه ويبخل الجميع بأعطاءه لها
دفنت رأسها في وسادتها وهي تبكي بصمت
تخشى على حالها
وتخشي على سرمد ،تخشي أن تسبب فى خسارنه حياته
الطبيب قال انه سيوضع داخل العناية المركزة لحين استيقاظه ، ويومين مرا وهو لم يستيقظ
اندست اكثر وهي تحاول اقتباس بعض من القوة من وسادتها
ماذا سيحدث إن كانت والدتها هنا ؟
على الاقل هى الوحيدة التى لن تستطيع ايلامها ،والوحيدة التي ستحتضنها وهي في أمس الحاجة لعناق
غرزت بأسنانها على شفتها السفلى بقوة لتنتحب بصمت وهي تتمنى ذهابها للمشفى
لكن ابيها اصدر فرمان بعدم خروجها من المنزل
وهى ارتضت فقط خشية أن يمرض وان لا تزيد من مقدار رصيدها فى معاقبته
معاذ فار الآن ، ولا تعلم كيف سيقبضون عليه
وابيه يحميه ،ووسائل الأعمال اتخذتها هى واختها لقمة سائغة حتى انها لم تعبأ بعملها ومقدار الكوارث التي أخلفت بعد فضائحهم المستمرة في كافة وسائل التواصل الاجتماعي !!
فريال تهاتفهم كل يوم  وبسبب حملها لا تستطيع المجيء وخصوصا  اقتراب ولادتها ،ماهر يأتي كل ليلة ليطمئن عليها وهى تدعى الموت
وهي تكاد تموت قلقا عليه هو
زفرت بيأس وهى لا تصدق عمق خوفها لذلك الرجل
الرجل الذى حاولت نبذه عن حياتها بسبب أخلاقه المتدنية وأفعاله الوقحة
لكن هو الوحيد الذي دافع عنها بحياتها رغم عبثه الظاهر ،زفرت بيأس وتفكيرها المحصور عليه  لا ينفك ابدا !!
هى تحبه !!
حسنا تعترف ،تحبه لحد اليأس وهو عابث ماجن انقذ حياتها ،يغار لحد الجحيم من شقيقها وأبيها ومن كل رجل .. وخصاله سيئة ..بل سيئة للغاية
لكنه قعيد الفراش بين الحياة والموت ،دمرته حرفيا بسبب حياتها المعقدة ، ادارت وجهها للجهة الاخرى غير متخلية عن وسادتها معانقة إياها بقوة لتتذكر ليلة خروج الطبيب من العناية المركزة !!
عيناها جاحظتان والقلق يوترها لتحاول الاستقامة من مقعدها لكنها لم تستطع خاصة ان الرجال تجمعوا حول الطبيب ،صاح ماهر ببعض التوتر المشبوب بالقلق وهو يحدق نحو شقيقته ووالده الواقف بترقب
– طمنا يا دكتور
تنهد الطبيب زافرا بحرارة وهو يبتسم قائلا
– مش هخبي عليك يا ماهر المريض فقد دم كتير ، وزي ما قولتلكم قبل ما ندخله العمليات الدم بس الجمجمة سليمة الحمدلله ومحصلش نزيف فى المخ ، وقدرنا نخيط الجرح اللى فى راسه .. الايام الجاية مش هتكون سهلة ، احنا حطيناه داخل العناية المركزة عشان يكون تحت عنينا أول بأول
تنهد الجميع زافرين بحرارة لتسقط شادية أرضا والدموع تسقط منها رغما عنها متمتة بالشكر ..
عانق غسان الطبيب من فرط سعادته ليبتسم الطبيب بتفهم وهو يتطلع نحو ماهر الذى تمتم قائلا
– الحمدلله ، مش عارف اشكرك يا دكتور مصطفي ازاي
اتسعت ابتسامة مصطفى وهو يتنحنح بحرج قائلا
-متقولش كده يا كابتن ، بس بمناسبة لموضوع البوليس .. انت عارف معزتك عندي قد ايه يا ماهر ، بس المريض اجنبي ولو خبينا لاكتر من كده ده هيضر اسم المستشفى وهيضرني انا شخصيا
القى ماهر نظرته نحو والده الذى هز رأسه ليعود النظر نحو الطبيب مصافحا
– فاهم .. فاهم ومتشكر جدا للي عملته
صافحه مصطفى قائلا بابتسامة دبلوماسية
– ده شغلي يا ماهر ،ان شاء الله يقوم بالسلامة
ركع غسان أرضا متمتما بالشكر لربه لتسيل الدموع من شادية التى تمتمت بالشكر .. توجه معتصم نحو غسان الذي استقام قائلا
– تقدر تبلغ أهله
مرر غسان أنامله فى خصلات شعره ليقول بقلق
– لك مابقدر مابقدر …..امو اذا عرفت رح تروح فيا
هز معتصم رأسه بتفهم ليهمس
– طيب بلغ ابوه اخوه اي حد من عيلته بعيد عن والدته يا غسان
عائلته مجنونه ،يقسم أن أخبر شقيقه او والده سيأتي الجميع فى الطائرة وستقيم جريمة هنا !!
ابتسم بحرج وهو يفكر فى كيفية مكالمة شقيقه محاولا ان يفكر فى عذر عادى لا يستدعى الشك ابدا له
– تمام
اقترب ماهر وهو يغمغم قائلا
– حمدلله علي سلامته
رفع غسان رأسه ورقت تعبيرات وجهه وهو يرى شادية فى حالة يرثى لها وهى جالسة بانهيار على الارض ،الفتاة تعشقه لذلك الجلف
لا  يعلم كيف فعلها ،لكنه لم يكن يتصور أبدا خلف الوجه العملي امرأة تكاد تموت قلقا من حدوث شئ لصديقه
اللعين هذا يعرف حتما كيفية اللعب بمشاعر النساء ، الأحمق المحظوظ
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيه سرعان ما تجهمت ملامحه وهو يتذكر ذلك القذر الذي حاول اختطافها ليصيح بغلظة
– وهالوسخ هاد شو رح نعمل فيه خبروووني
ربت ماهر بامتنان قائلا مربتا على كفيه
– هعرف اتصرف ، انت وصاحبك عملتوا اللي عليكم وحقيقي اللي عملتوه ده عمري ما هنساه
اتسعت عينا غسان وهو يجيبه
– ولك عيب تحكي هالحكي شادية متلها متل اختي ولو شفت وحدة تعرضت لهيك موقف مارح اقعد واتفرج عليها اكيد رح ساعدها
اقترب ماهر من شقيقته ليهبط على ركبتيه هامسا
– شادية
تشبثت شادية بيدي ماهر متمتمة
– طلع كويس يا ماهر مش كدا
لم يستطيع ماهر إخفاء غيرته من ذلك الرجل ، رجل استطاعت شقيقته بكل سهولة ان تظهر مدى عشقها وحبها لذلك الرجل دون خوف او خجل !!
مد ذراعيه لتضع شادية يدها بضعف علي كفيه مستندة عليه وطاقتها انهارت واستنزفت تماما لتستمع الى صوت ماهر شقيقها وهو يهمس
-هيكون كويس ،لازم نمشي ونروح البيت عشان انتي تعبتي
اتسعت عينا شادية ، ألن تطمئن عليه وتراه ؟!! هزت رأسها نافية لتصيح بصرامة
– لا .. مش عايزة ارجع ، خلوني هنا
احتدت عينا ماهر بالغضب وازداد غضبا وغيرة من ذلك الرجل ليصيح اسمها بصرامة
– شادية
عضت شادية على باطن وهى ترة نظرة ماهر المحذرة مشيرا برأسه تجاه والده
توردت وجنتيها حرجا وهى لا تصدق انها صرخت أمام شقيقها ووالدها مدافعة عن حقها لرؤيته قبل مغادرتها
وما زاد من حمرة وجنتيها هو نظرة والدها الساخطة لتستدير نحو شقيقها هامسة بتوسل
– مش همشى غير لما اطمن عليه يا ماهر ،انا كنت السبب فى اللي كان فيه
زمجر ماهر بغضب حاول أن يهدئه قائلا
– مش عايزين نعصب بابا ، ارجوكي طاوعيني
رفعت عينيها المجهدتين لتهمس بضعف
– طب وهطمن عليه ازاي
ضغط ببعض القوة على ساعدها لتأن بألم خفيض وهي تسمعه يزفر بحنق قائلا
– هكون موجود وهطمنك عليه ،ممكن يا حبيبتي نمشي وكفاية لحد كده
هزت رأسها موافقة وهى تستند على صدره داعما إياها لتستطيع السير دون أن تفقد توازنها .
انتفضت شادية من شرودها على خبطة عنيفة من وسادة وصوت جيهان يعلو بحدة
– يا حلوة انتي بتسرحي فين
تطلعت إليها شادية بشراسة لتزفر بحدة وهي ترمي الوسادة أرضا ، تمسكت بوسادتها وهي تدير وجهها للجهة الاخرى دون أن تتعب نفسها للرد عليها..
ابتسمت جيهان بمكر شديد وهى تندس بين ذراعيها رامية تلك الوسادة الغبية لتحتضن شقيقتها بقوة وهى تقبل رأسها مما جعل شادية تزفر بحرارة وهى تعانق شقيقتها بقوة … اتسعت ابتسامة جيهان وهى تداعب خصلات شعر شقيقتها لتهمس بصوت خافت
– لسه بتفكري فيه
رفعت شادية رأسها تنظر اليها بعينين ذابلتين لتتسع أعين جيهان وهي تسمع شادية تهمس بضعف
– مبعرفش انام يا جيجي ، حاسة انى مخنوقة
أجلت جيهان حلقها بصعوبة وهى أكثر من عانت من ألم الخوف والغيرة معا بسبب ذلك الاحمق البارد صاحب العينين الباردتين
بفضله اصبحت مهووسة به لدرجة ترثي بها حالها ،حاولت نفض الجو الكئيب المخيم فى منزلهم لتشاكسها قائلة
-عشان مش قادرة تشوفي حبيب القلب
وشادية شاردة عنها ،لكم حاولت طيلة اليومين التحدث والاقتراب من والدها ،لكن الأب لم يعطيها فرصة لتعبر عن أسفها مرة واحدة
والمرة الوحيدة التى حدثها فيها هو قراره الصارم بعد خروجها من المنزل لحين اشعار اخر ،وهي رضيت وهمت بارضاءه واحتضانه لكنه بخل عليها كثيرا
بخل حتى بضربها أو احتضانها
بخل بكل شئ ، رفع شعار الصمت واللامباة ليزيد من جرحها ،اختنقت انفاسها وعينيها تدمع هامسة
– كسرت بابا يا جيهان ، كسرته المرة دى جامد
ترقرقت الدموع من عيني جيهان التى صاحت بصلابة متمسكة بساعدها
– اوعى تسمحى للكلب النجس ده يدمر حياتك من تاني
فغرت شادية شفتيها لتنفجر في البكاء وهي تتلعثم قائلة
– حياة !! ، انا مش عارفة اعيش يا جيهان ، انا مش عارفة كنت غبية ازاى ومعمية عن شره
احتضنتها جيهان وكلتا الشقيقتان تبكيان على حالتهما .. ربتت جيهان على ظهر شقيقتها هامسة باطمئنان
– الحمدلله راح ، وغار فى داهية
ارتجف بدن شادية بخوف وهي تتذكر ملامسات ذلك الحقير لجسدها هو ومساعده لتندس بين ذراعي جيهان متمتمة
– راح فين بس وهو لسه قاعد هنا وممكن يأذيني
لمعت عينا جيهان بالثأر لتمتم
– محدش هيقرب منك والله لاقطعه النجس ده ، انتي بس سبيني عليه هو والقذر نضال والله اقتلهم
تلون وجنتي شادية بالحرج متذكرة ما قامت به فى المشفى نتيجة قلقها على سرمد ،لاتصدق وقاحتها لرفضها للذهاب دون الاطمئنان عليه .. تلعثمت قليلا هامسة
– وصلوا لايه فى التحريات
زفرت جيهان بيأس وهي تجيبها بصراحة
– لسه مش لاقين النجس وابوه قال انه مشفهوش من أسبوع قبل يوم الحادثة يعني ، ومكملين البحث .. بابا بيحاول على قد ما يقدر ميدخلش اسمك فى الموضوع وان شاء يتقبض عليه
عضت باطن خدها والقلق يفتك بها ، اصبح كمرض عضال يصعب التخلص منه ،همست بتألم
– حاسة انى لعنة على حياة اللى حواليا ، لا ميكفيش انى اكون تعيسة لأ واتعس اللى حواليا
اتسعت عينا جيهان بجنون سرعان من ضربتها على ذراعها قائلة بحدة
– بتقولى ايه يا مجنونة انتى بطلي هبل ، لولا اللى حصل عمر ما كان الايطالي بتاعك هياخد الرضا من معتصم باشا
شهقت شادية من الخجل لتتلون وجنتيها من الحمرة وهى تزجرها قائلة
– انتي بتحكي في ايه دلوقتي
زفرت جيهان براحة حينما رأت بعض الحمرة تزحف الى وجنتيها الشاحبتين لتمتم جيهان وهي تقف على فراشها مستعرضة ذراعها قائلة
– سرمد ماشاء الله اسد اسد يعني ، جبل هيقوم منها وبعدها نخلص منك وتتجوزي وسافري ومنشوفش وشك الا فى الاعياد
شهقت شادية بصدمة والخجل ألجم لسانها لترفع وسادتها ضاربة إياها بقوة لتصيح بحدة قائلة
– شوف الحيوانة اللي بتبيع اختها
انهارت جيهان ساقطة علي فراش شقيقتها ضاحكة وهى تقذفها بالوسائد لتتأوه بعض الألم وهي تجيبها بنبرة ضاحكة
– لا لا لا يا شادية بتشتم مش ممكن، اخلاقك باظت يا بنتي مش ممكن ، ايعقل الايطالي السبب ؟!
احتدت عينا شادية التى عضت على باطن خدها بقوة المتها ،رفعت وسادتها وهمت بضربها لتذعر الفتاتين حينما صاح صوت أجش
– جيهاااان
رفعت كلتا الشقيقتان أعينهما نحو ماهر الذى يكاد يحترق غضبا ،لترمي شادية وسادتها جانبا وهى تسمعه يتمتم بهدوء
– ممكن ادخل
هزت شادية رأسها موافقة لتهمس
– تعالا يا ماهر
اقترب ماهر وهو يتأمل شقيقته وكلا من الضيق والحرج يتملك منه
حرج كونه لم يستطيع المحافظة على صغيرتيه ،وضيق انه لم يكن الأخ الذي يستطيع أن يكون عونا لهم
لمس وجنتي شادية التى اسبلت اهدابها بحرج ، لم تستطع أن تواجهه بعد ذلك اليوم في المشفى
رفعت رأسها حينما غمغم ماهر بنبرة خشنة
– مش عارف اودي وشي فين  ، وانا حاسس انى السبب فى اللى حصل
هزت شادية رأسها نافية وهى تبتسم بضعف هامسة
– ملكش ذنب
اصر قائلا بحدة وعينيه تتطلعان نحو جيهان التي تتابع حديثهم بصمت غير معتاد عليه
– لا ليا ، سبت بابا يتولى مسؤوليتكم وجريت انا ورا اهتماماتي بانانية شديدة
انفجرت جيهان ضاحكة بسخرية
– ايه يا ماهي
لكزها بحدة على ذراعها قائلا بصرامة
– بت عدلي لسانك لاحسن مقطعهوش
اخرجت طرف لسانها وهي تجيبه بمشاكسة
– اهو حاول تقطعهولي
زفر ماهر بسخط لتهمس شادية بتوسل
– جيهان مش وقته دلوقتي من فضلك
وضعت جيهان يدها على كفها قائلة
– سكت اهو
امسك كلتا يدي شقيقته وهو ينظر الي كليهما قائلا
– انا اسف لاني مكنتش الاخ اللى تقدروا تستندوا عليه لما الدنيا كلها تدير ضهرها ليكم ، واسف لاني منفذتش وصية امى انى احميكم بحياتي
رقت عينا شادية وهى تمر اناملها بحنية على ذراعه وجيهان التي بقت صامتة تنتظر انتهاء حديثه ليزفر قائلا بأسف
– واسف لأني خيبت املكم فيا اللى خلاكم تدورا على دعم عاطفي من برا العيلة
ليرفع عيناه ناظرا نحو جيهان التى تضيق عيناها وكأنها تختبر صدق حديثه من كذبه !!
– بس كل ده هيتغير ، اه هاخد وقت لحد لما اقدر اكتسب ثقتكم
صمت غلف الجميع والشقيقتان تتطلعان نحو شقيقهما ، تخلت شادية عن صمتها وهى تقترب من شقيقها هامسة
– ماهر
انتبه على ندائها لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتيها متمتمة
– انت مش محتاج تكسب ثقة ، انت بس تسحبني لحضنك وهتلاقيني بقولك كل حاجه
اتسعت ابتسامة ماهر وهو يسحب جسد شادية معانقا اياها بدفء قائلا
– تعالي
زمت جيهان شفتيها وهى تتطلع الى العناق بعبوس ،صاحت بحدة قائلا وهى تقفز نحو معانقة كلتاهما قائلة
– وانا عايزة انا كمان
تفاجأ ماهر حينما قفزت جيهان بجسدها عليهما ، اختل توازنهم و كادوا أن يسقطوا ارضا إلا أنه تدارك الأمر وهو يشعر بقبلة جيهان على وجنته قائلة بمشاكسة
– بحبك يا ماهي
ضربها على كتفها بحدة قائلا بحدة مزمجرا
– اخرسي
انفجرت شادية بالضحك وهى ترى جيهان تخرج لسانها أمامه بطفولية قائلة بنفى
– ابدا
مسحت شادية دموعها التى ترقرقت من عينيها وهى تسمع إلى ماهر الذي استقام من مجلسه كثور مستعد على الفتك بالرقعة الحمراء قائلا
– ده اخر كلام
استعدت جيهان لمعركتها القادمة وهى تنظر الى عيني ماهر بمكر الا ان نظرة من عينيها ناحية شادية التى انفجرت تبكي بصمت جعلها تتنهد بيأس وهي تعلم بما تشعر به شقيقتها
سحبت وسادة من فراشها لتقفزها على رأسها قائلة بحدة مصطنعة
– انتي بتعيطي ليه يا نكدية
تأوهت شادية بوجع وهى تنظر نحو ماهر قائلة بلهفة
– ماهر تقدر تقولي هو عامل ايه دلوقتي
ارتسمت ابتسامة مقتضبة على شفتي ماهر ، ليربت على كتفها قائلا
– مستنين يفوق ، دعواتك يا حبيبتي
عقد جبينه وهو ينظر اليها متفحصا اياها قائلا بفضول وغيرة شقيق
– ثم تعالي هنا ، ممكن افهم ايه القصة من أولها وايه اللي جمعك بواحد اجنبي
صاحت جيهان التى اندفعت تجيبه قائلة
– انا هحكيلك كل حاجه
عقد ماهر ذراعيه على صدره وهو ينظر إلى جيهان ليقول بغموض
– قبل ما تقوليلي الحكاية ،هتقوليلي انتى اجابة أهم سؤال انا متأكد انك عارفاه
عقدت جيهان جبينها عبوس متسائلة
– سؤال ايه ؟
نظر ماهر الى شقيقته ثم الى جيهان ليقول بحدة
– مين اللي ورا الصور دي ؟
*******
انهى نضال مكالمته مع الرجل الذى كلفه بالتقصي بإخبار زوجته فرح
تلك القطة الشقية التى اصدرت له مخالبها فى آخر لقاء لهم ،لم يكن يعلم أن القطة التي أدخلها فى منزله ورعاها أصبحت تخدشه باظافرها بشكوى ودلال
القطة مختبئة في قصر العائلة الذى اصبح محرم عليه مؤقتا زيارته بسبب تلك القطة التي أخذت عائلته حلفائها وتركوه هو بمفرده
الماكرة ، الخبيثة … بملامحها الطفولية والبراءة استطاعت ربط عائلته ببراءتها المخادعة
ابتسامة تزين ثغره وهو يهز رأسه بيأس ،لا يصدق قطته اصبحت تتحداه وتريه الى كيف تستطيع خداع الجميع حتى هو !!
تلميذته النجيبة أصبحت تتحدى استاذها ،اكمل سيره وهو يتوجه نحو غرفة مكتبه فى الفندق الخاص بالعائلة ليهز رأسه وملامحه المتسلية لاحت على محياه .. انغلقت تعابير وجهه فور رؤيته لخطيب اخته الصغيرة
لم يخفي نضال كرهه تجاه نزار الذى كان يجلس على مقعد الانتظار ،ارتسمت ابتسامة جامدة على نزار ليشيح نضال برأسه موجها حديثه نحو السكرتيرة المائعة خاصته التي سيرسلها قريبا الى بيتها مقررا الاستعانة المرة القادمة برجل كى تتوقف الحمقاوات عن التفكر بخداعه واسقاطه في حبائلهن
يكفى ما لديه من قطة متمردة يرغب فى اعادة تربيتها كى لا تحاول الخروج عن طوعه مرة اخرى ،ثم لا يعلم لما يشعر انه عينيه امتلأت فجأة ونفسه عافت عن النساء تماما وان كان على سبيل التسلية
لن يحاول تفسير هذا الشعور ،ولن يقوم بتفسيره
سيرجح الأمر أن اكتفى من النساء ،ولديه الآن طفلة صغيرة شقية يرغب فى تربيتها وإمضاء اكثر وقت معها ،لكن وقته الضيق لا يسمح له بذلك
والصغيرة تشتكي وتبكي وتثور ،مطالبة بوجود والدتها او فرح
وهو لا يستطيع ان يجلب لها الاثنتين ، اصبحت أفعال الصغيرة عنيفة قليلة
تتدلل عليه ،ثم تمتنع بالحديث معه والخصام بينهما يصل فوق عشر دقائق ليرضخ هو ويقوم بمصالحتها وهى بدلالها الزائد ترفض الاستجابة له
ثم بالنهاية ترضخ لدغدغاته وتنفجر ضاحكة متمتة باسمه …
صاح بغلظة موجها حديثه نحو سكرتيرته
-بيعمل ايه هنا ده
استقامت السكرتيرة قائمة من مقعدها وهي تجيبه بتوتر
– صمم يقابل حضرتك يا مستر نضال
القى نظرة حادة نحوه ليغمغم بحدة
– يعني لا اقدر اخلص منه فى البيت ولا فى الشغل ، اهلا يا ابو نسب
علا صوته فى آخر كلمتين يقترب من نزار مرحبا به ببرود مرشدا اياه نحو مكتبه ، هز نزار رأسه وهو يغمغم بجفاء
– مارح اخد من وئتك كتير
لوى نضال شفتيه ساخرا ليغلق باب مكتبه متوجها نحو مقعده ليجلس عليه بتفاخر رافعا كلتا ساقيه بوقاحة على مكتبه ، استشاط نزار غضبا لكنه أدار بوجهه للجهة الاخرى محوقلا قبل ان يلتفت اليه قائلا
– فهمني ليش عم تعمل هيك
عقد نضال ذراعيه متمتما ببرود
– بعمل ايه ؟
زفر نزار بسخط وهو يضم قبضة يده كي لا يقتل ذلك المزهو بنفسه قائلا بحنق
– عم تستعرضلي عضلاتك و بتعرض حياة الناس يلي حواليك بخطر
هم نضال بالرج عليه الا ان رنين هاتفه قاطع حديثهم ،انسل الهاتف من جيب سترته ليتطلع نحو اسم المتصل بمكر قائلا لمحدثه
– ثانية
هز نزار رأسه بيأس ليرد نضال على الاتصال قائلا
– الهدية وصلتلك
وصله صوت رهف الحانق
– نضال .. علفكرا مش معنى انك تبعتلي ورد كل يوم ده يخليني اسامحك
لاحت ابتسامة هادئة على شفتيه وعيناه تغيم سعادة ليقول بصوت مسترخي
-والهانم عايزة ايه
زمت رهف شفتيها وهى تفكر فى طلبها الثاني لتجيبه
-تجيلي كل يوم يا نضال باشا
ليقتله وقاص وقتها ،إلا أن التحدي لرؤية شقيقته وقطته محفز جدا للشجار مع اخيه ، تمتم بمكر وهو يتطلع نحو نزار
– اجيلك يا رهف هانم ،انا اقدر على زعلك
زفر نزار بحدة لتتسع ابتسامة نضال الماكرة وهو يغمغم بنبرة هادئة
-معلش يا روحى ورايا شغل ،اديني وقت لحد لما اجيلك
تنهدت رهف بحنق لتجيبه بلهفة
– حاضر ،خلي بالك من نفسك
لم يجيبها بل ابتسم وهو يغلق مكالمتهم ،وسؤالها الدائم عن حاله واهتمامها به ربما هو ما يصبره كي لا يجن امام عائلته حين تراجعت اسرار تلك المرة عن دعمه !!!
رفع رأسه مستيقظا من شروده من صوت نزار الحانق
– تقدر تجاوبني دلوقتي
زفر نضال بملل وهو يجيبه ببرود
– اسمع يا شيف انت ،انت عارف اني مش طايقك صح ،ومش هخبي ده قدامك لاني عايزك تعرف انك مهما عملت عمري ما هتقبلك
اتسعت عينا نزار من وقاحة الرجل الذي أمامه ،ليجز على اسنانه محاولا عدم مد يديه لقتله فقط لاجل خاطر شقيقته ليقول
– صدقني الغاية الوحيدة اللي بسعي ليها هى رهف وبس
اشتدت خضراوة عينيه ليقول بنبرة حادة
– هلا بدك تجاوبني
لم يعبأ نضال لتهديدات الشيف الجوفاء وخصوصا أنه من أتى إلى ساحة أرضه ومعركته ،ليشيح نضال يديه بلا مبالاة قائلا
– اسمع يا شيف انت ،انت عارف اني مش طايقك صح ،ومش هخبي ده قدامك لاني عايزك تعرف انك مهما عملت عمري ما هتقبلك
لاحت على شفتي نزار ابتسامة متهكمة ليجيبه قائلا
– ليك ماحدا بهمني غير رهف فهمان
ثم خبط بعنف على طاولة المكتب قائلا
-فهمني ليش كزبت عليي
ألهذا جاء لمقابلته ؟ ،ليتاكد من عذرية رهف المشكوك بها سابقا وحينما تأكد واطمأن يأتيه الان ثائرا !!
احمق حقا ،ولما اتعب هو نفسه وخاطر بعلاقته مع شقيقته ، اليس للاطمئنان ان الرجل الذي معها هو جدير بها !!! حتى وان كان يكرهه لكنه بالنهاية اظهر انه رجل وليس طفل غر يسهل اللعب به ، رفع نضال حاجبيه وهو يغمغم بمكر
-ومين قالك انى كدبت عليك
استقام نزار من مجلسه بحدة وبدا يفقد زمام سيطرته ليصيح بحدة قائلا بجنون
– لك انت تطلعني عن طوري وعصب عليك
تطلع إليه نضال بلا مبالاة لتتسع ابتسامته الباردة قائلا
– وماله ، يبقى نشوف وش تاني غير وش البارد بتاعك ده
هاجت شياطين نزار ليضم أنامل يديه مستعدا للكم ذلك الاحمق ، الا انه فى اخر لحظة خبط بها على طاولة مكتبه صارخا في وجهه
– لك مفكر حياة الناس لعبة انت من انو طينة مصنوع اه
هز نضال رأسه وهو يجيبه ببرودة اعصاب
-والله دي حاجة متخصكش
شمله نزار متأملا المتبجح امامه بنظرات غامضة ليهدر في وجهه حانقا
– بتعرف الحكي معك خسارة، وبتعرف عنجد انت يلي رح تطلع خسران ورح تندم
ضغط نزار قبضة يده بعنف على طاولة مكتب نضال ليلتفت مغادرا لاعنا هذا الاحمق ، ولاعنا نفسه لأنه حاول التحدث معه .. ليسمع الى صوت نضال المستفز
– طريق السلامة
أغلق باب المكتب خلفه بحدة ادى الى انفجار نضال ضاحكا وهو لا يصدق أن ذلك الشامي اتى اليه ليعمله
حقا يمزج هذا الرجل …. من بين الجميع يأتيه ذلك الاحمق الشامي بنبرات صوته التى يعلم كيف تؤثر على النساء ليحاول استمالته
والله يقتل نفسه ولا يقضي وقتا مع صحبته بلسانه الأعوج هذا !!
*****
فى قصر الغانم ،،
الحال عندها لم يكن مملا وهى تستأنس وجود فريال ووجود أسرار الدائم ألفته بطريقة مؤلمة
تخشى أن تحرم من ذلك الدفء مرة اخرى و ينتزعها منه ،شردت فرح وهي تحاول ان تحدد خطوات حياتها القادمة الخالية من وجود رجل
ستكون حياتها فقط خاصة بها ،دون الحاجة لرجل ولا اعتماد لرجل
رغم علم الجميع لما ستقوم بفعله لنضال ،الكل أيدها حتى شقيقته الصغيرة لم تصدر اعتراضا ولا رفضا
لا تعرف حقا كيف تلك العائلة المجنونة تفكر ؟
كيف يحبونه وهو يعلمون أن ما سيفعلونه لن يكون فى صالحه
بل ربما ستتوتر علاقتهم ،لكن الجميع غير مكترث .. يهتمون بها ولراحتها
تحشرج صوتها وحاولت ان تفكر بايجابية ،متناسية ردة فعل عائلتها التي لم تحاول رفع هاتفهم للاتصال بها
ولما سيتصلون وهم يتكفل بدفع مصاريفهم الشهرية ، ربما الأشهر المقبلة سيتصلون بها وستخبرهم هي ببساطة انها لن تدفع قرشا عليهم ، ما يأتيها سيكون لها فقط وبالكاد سيكفيها وان ثاروا فليلقوا بأنفسهم فى أقرب نهر
هى لن تتدخل مرة أخرى ،اكتفت من الاهتمام بالاخرين .. ستسعي للاهتمام بنفسها
انتبهت على صوت فريال وهى تقول بنبرة مشاكسة
-صباح الخير يا حلوة
تنحنحت فرح وهى تجيبها متمتمة وهى تتطلع نحو اسرار التى جاءت فى زيارتها الصباحية المعتادة بعد اخذها لاجازة حتى وضع حملها
-صباح الخير يا فريال
حاولت ان تبتسم وهى تتأمل المرأتين عيونهم تلمع بسعادة ووجوههم ناضرة بسبب الحمل ،لتلمس موضع بطنها الفارغة ومشاعر امومية تستفزها رغما عنها
لطالما رغبت هي في تأسيس عائلة مع نضال ،حب حياتها الاول
او لعنتها الوحيدة والاخيرة ،الا انه اكتفى بابنته
ظنته سيلين ،لكنه فاجئها برفضه الصارم بوجود طفل فى ذلك الوقت معللا أن شمس تحتاج لرعاية
وهى من شدة غبائها ولهفتها وحبها رضخت ، هل كانت لتلك الدرجة معمية عن كرهه لها !!
انتبهت على صوت فريال وهى تسالها
-مالك مكشرة كدا ليه
تطلعت نحو المرأتين لتهز رأسها نافية لتسألها وهى تتأمل بطنها المنتفخة
-امتى ميعاد الولادة
تنهدت فريال بألم مغمغة
-هانت خلال الاسابيع الجاية  .. حاسة ان شكلى مش انا وجسمي ورم  فى كل حتة شبة البالونة اللى قربت تتفرقع
ربتت فرح على ساقيها قائلة
-ان شاء الله تقومي بالسلامة وتكون ساعة سهلة
اتسعت ابتسامة فريال باشراق قائلة
– يارب ،عارفة يا فرح .. كنت طلعت من علاقة مش هقولك فاشلة .. كنت مدمرة ،بس مخلتش اليأس يتملك مني .. اشتغلت على نفسي وكان بس الانتقام دي الحاجة الوحيدة اللي هتشفي غليلي منه
انتبهت اسرار لحديثهم بعد أن أنهت محادثتها من رجل كهفها وتعليماته التي يرددها كل يوم حينما تخرج من المنزل لتستمع إلى فريال التي استرسلت قائلة
– بس فى ذورة انتقامي جيه وقاص ،مش هقولك وقعت فى حبه اول ما شوفته ..بس حبه بدأ يملأ قلبي واتملكني
تنهدت فريال وهى تغمغم
– الملخص من اللي بقوله .. لما تطلعي من العلاقة دي تستجمعي نفسك وتنتبهي لحياتك انتى .. مين عارف ممكن يجي حد ويعوضك عن اللي حصلك ويوضحلك ان الحب ده كان مجرد هوس وخلصتي منه
هزت فرح رأسها وهى توجه حديثها نحو اسرار قائلة
– تفتكري
التفت فريال نحو اسرار لتسألها
– انتى ايه رأيك يا اسرار
فكرت قليلا ثم إجابتهم بصراحة
– اوعك تسمحي لليأس يتملك منك
لوت فرح شفتيها ساخرة لتهمس
– بس ده صعب
ابتسمت اسرار بتشجيع قائلة
– صدقيني الحاجة الوحيدة اللي هتقدر تنهيكي هي سلاح اليأس ،عموما انتى حلوة وصغيرة واكيد كتير هيحاولوا يقربوا منك واللى هيفوز هو اللي هيقدر يزرع حبه في قلبك غصب عنك
التفت فريال نحو اسرار وهى تغمز لها بمشاكسة
– بقيتي رومانسية يا مدام اسرار
غمغمت اسرار بصراحة شديدة
– أنا رومانسية بطبعي على فكرة ،كل ست رومانسية بطبعها .. غصب عنها ومش بارادتها بس الشطارة اذا هتعرف تخبيه ولا لأ
صفرت فريال باعجاب ، لتتنهد بحزن على ما آلت اليه احوال ابنتي خالها  مغمغمة
-القعدة دي محتاجة شادية وجيهان حقيقي ،بس للاسف فيه بعض المشاكل اللي مخلياهم ميقدروش يجوا زي زمان
التفتت فريال نحو اسرار وفرح لتسترسل بابتسامة حزينة
– جيهان دي مجنونة جدا وجريئة جدا ،حقيقي الضربة اللي اخدتها دي اتمني انها تعقلها
اعترضت فرح قائلة بصوت متهكم
– المجنون هيفضل طول عمره مجنون ،مفيش حاجه هتغيره
عقدت فريال حاجبيها بعدم فهم ،لتتسع ابتسامة اسرار بمكر وهي تهمس بخبث
– واضح ان احنا بنتكلم عن ناس بعيدة عن جيهان
اكتفت فرح بارتسام ابتسامة لطيفة على شفتيها وهى تغير مجرى الحديث قائلة
– ممتنة لوجودكم جنبي
ضربتها فريال بخفة على ذراعها قائلة
– عيب تقولي الكلام ده ،انتي واحدة من العيلة ،واللي يبقى من العيلة عمره نتخلي عنه
دققت فرح نحو اسرار لتغمغم بجمود
– بس انا مش هبقي منها بعد كدا ،نضال هو اللي من العيلة
هزت اسرار رأسها بيأس من المرأة التى امامها لتغمغم ببرود
– نضال دلوقتي بيحاول يبعد من العيلة ،وصدقيني ده قراره وهو حر
عقدت فرح حاجبيها بريبة قائلة
-غريب انك تحكي عنه كدا
تجهمت ملامح اسرار للجمود لتغمغم
– نضال اخويا قبل كل حاجه ،وهفضل ادعمه فى الصح ونعلمه الغلط ويصححه
تلألأت حدقتي اسرار وزرقة عينيها تموج بخطر لتهمس بخبث
-خلونا نشوف هيكون رده فعله ايه بعد اللى ما يعرف خطوتنا الجايه
****
فى شقة نضال ،،
رنين جرس الباب المتواصل جعل نضال يلعن الجرس والزائر الذى لم يرفع اصبعه عن جرس باب المنزل ، أطلق نضال عدة سبات ولعنات بذيئة وهو يفتح باب الشقة ليتفاجأ بلكمة عنيفة جاءته على حين غرة وماهر يتقدم نحوه بوحشية ممسكا بتلابيب قميصا ليصرخ ماهر بوحشية
-موتك على إيدي يا و***
لكمة وثانية وثالثة سددها ماهر فى وجهه وجسده ليحاول نضال استعادة سيطرته لجسده محاولا أن يواجه ذلك الثور الهائج ، ليدفعه بقوة عنه قائلا بصوت ساخر ماسحا الدم الذى انبثق من فمه
-الله الله ، ما احنا كنا كويسين دلوقتي
الشياطين تتراقص بجنون امام ماهر  ، انفاسه تتصاعد وتهبط بجنون ليضم قبضة يده محاولا تحطيم فكه صائحا بجنون
– ورحمة امى ما هسيبك يا ابن*****
تمسك نضال بقبضة يده بعنف ضاغطا بعنف على قبضة يده وهو يجز على اسنانه بغيظ قائلا
-ده احنا اتطورنا و بقينا نشتم بالاب كمان
بيده الاخرى سدد لكمة فى بطنه ليضع نضال يده على بطنه محاولا أن يتحامل على تلك الضربة ليبصق ماهر فى وجهه قائلا بحدة
-فاكر ان اللى عملته ده هيخليني اسيبك ،ورحمة امى ما هسيبك يا نضال الكلب
ابتسم نضال بتهكم قائلا
-ده انت ناوى على خناقة بقي
مد ماهر ليركله قائلا بحدة
-على موتك يا قذر
امسك نضال ساقه بحدة ليختل توازن ماهر ساقطا أرضا لينهض نضال وهو يحدق بعينين ثائرتين ، غير راغبا في الشجار
بل تاركا الشقيق يخرج طاقته السلبية امامه
كان متوقع ذلك فى يوم ،من شقيقته بالتحديد .. الامر كان لن يتعدى سوى صفعة أو اثنين او والدها
لكن لم يكن يتوقع شقيقها أن يكون هو فى المقدمة !!
استقام ماهر وهو يعيد لكم وجهه صارخا
-مش هسيبك الا لما تموت على أيدي
امسكه من ياقتي قميصه ليلكمه بحدة وزاده الامر ثورة ان الخصم لم يحاول رفع يديه للدفاع عن نفسه
بل مستسلم له بطريقة احرقت اعصابه ،ضربه بغل في بطنه ليصيح
-الا عيلتي يا **** ، خط احمر دول
انفجر نضال ضاحكا وهو يبعده بقوة عنه محاولا إعادة ترتيب قميصه ليقول
-انا مالى بعيلتك انت جاى تتبل عليا
ظهرت شبح ابتسامة قاسية على شفتي ماهر وهو يضم قبضة يده مستعدا للنزال الثاني قائلا بحرقة اخ محاولا جلب ثأر شقيقته
-انت فاكر انى هتستغفلني ،لا فوق انت عارف انت عملت ايه كويس
ليقترب منه وهو يرفع قبضة يده مستعدا للكمته قائلا
-ولو معتصم السويسري هيمشيها سياسية انا باخدها بالدراع
قاطع النزال رنين جرس منزله ،ليرفع نضال عينيه نحو رجل غريب ممسكا بدفتر كبير .. ازدرد الرجل لعابه وهو يغمغم
-دى شقة الاستاذ نضال الغانم
عدل نضال ياقة قميصه ليرى ماهر الذى اخفض قبضة يديه وعينيه متوحشتين ارعبت الرجل ،ليقترب من الرجل قائلا بتهكم
– والله على حسب الحالة
ازدرد لعاب الرجل وهو يضع نظارته على عينيه قائلا بصوت مرتعش
-فيه دعوة اترفعت على الاستاذ فى المحكمة
ارتفع حاجبي نضال بريبة قائلا
– دعوة ايه دى كمان
تنقل الرجل بنظراته نحو الرجلين ،ليعدل نظارته وهو يجيب بتوتر
-دعوة طلاق

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *