روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الحادي و العشرون 21 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الحادي و العشرون 21 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الحادي و العشرون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الحادي و العشرون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الحادية و العشرون

~…رجل وامرأتان…~
شعورًا ما …لا يتقن فن الأختباء كثيرًا …. ينتفض ويتمرد عند حد معين ….. عندما ننسى أن نخبئه ونسقط في مشقة اللهفة ….شعور الحب أقصد ….
سأل آسر الصبي عنها بصوتِ عالِ …. ما كان عليه بهذه النفضة والعصبية لو كان الأمر يقف عند واجبه گ طبيب !
الأمر يكمن بداخله …. حتى أن الشباب الثلاثة نظروا إليه بنظرات شك ! ….. منذ متى وهو هلوع على مرضاه بهذه الطريقة ؟!
أم أن الأمر أكثر من واجب ….وأكثر من رد المعروف ….. وأكثر من إدراكه على الأكتشاف ….
رد الصبي الذي من موجات الخوف أمام عينيه لم ينتبه للهفة آسر بنظرة رجل لرجل وأجاب :
_ كانت قايدة ولعة المنقد ونامت على الأرض من غير غطاء ، حميدة دخلت تشوفها في أوضة عمتي لقيتها بتتنفض وبتترعش ….. وهي أصلًا بتتعب من أقل حاجة ….
صرّ آسر على أسنانه وهو يضرب قبضتيه ببعضهما في عصبية ، ركض عائدًا للغرفة وهو يتمتم بأنفعال وبذات الوقت خائف بدرجة أخافته عليها …..أخذ حقيبته الطبية وقال للصبي بضيق :
_ يلا هاجي معاك ….
قال يوسف بطرح مساعدة رغم أن تخصصه ليس له علاقة بالأمر فرد عليه آسر وهو يسرع للخارج مع الصبي :
_ لأ خليك أنت يا يوسف ….
ضم يوسف شفتيه ببعض الضيق ، لم يكن بوسعه المساعدة ولكن انتابه القلق على هذه الفتاة التي رآها منذ ساعات بخير وبصحة لا تقل أنها ستمرض هكذا !!
خرجا آسر ومعه الصبي في خطوات شِبه راكضة ، بينما أغلق يوسف الباب ببطء وهو يحوقل ….
عاد جاسر لسريره بنظرات بها شك يلتمع بينما نظر له رعد وعاد هو الآخر لمكان نومه منذ قليل ……
جلس يوسف على طرف الفراش وقال بقلق :
_ البنت لسه شايفنها وكانت كويسة جدًا ! ……يمكن خدت برد من الهوا …..
جعد جاسر حاجبيه بتعجب وسأل :
_ شايفنها ؟! ….تقصد أنت وميــن ؟!
رد يوسف بتلقائية ولم يصل لما خلف سؤال جاسر :
_ أنا وآسر …..كنا فوق السطح من شوية وهي كانت فوق برضو……
قال رعد بنظرة ماكرة باتجاه آخر مضاد لاتجاه الشباب:
_ شوفتوا اتخض أزاي ؟! …… آسر ده أكتر انسان بيحيرني !
تحسوا أنه كل حاجة وعكسها ! ……
نظر لهما يوسف بغيظ وقال :
_ سيبوه في حاله ، موقف عادي يعني ما يستدعيش تفسيراتكم واستغرابكم ده !!
تنفس جاسر بنظرة ضيقة ثم قال بغموض :
_ لو اللي في دماغي صح ….. يبقى آسر هيدخل في منعطف تاريخي …… الواد ده مش حمل البنات وعمايلهم ….ده مؤدب ومتربي ومن المستشفى للبيت ….. البنات دي كائنات عايزة الشرس اللي زيي كده ….
نظر له يوسف بنظرة سخرية وقال :
_ شرس إيه بقى خلي الطابق مستور ….. ده أنت خدت جرعة تهزيق متكثفة تكفي معاك جيل جاي ….. أما البنت دي لو كانت من نصيبك يبقا ….
اعتدل جاسر من فراشه وقال باستهزاء مقاطعًا حديثه :
_ أنت مجنون ! …..نصيب مين ياعم أنت ؟!.. أنت خيالك شطح لبعيد كده ليه ؟! …هي آه شغلاني وداخلة دماغي بس مش لدرجة اللي بتفكر فيه !……
عبست تعابير وجهه وقال بإعتراف :
_ أنا ما اتعودتش أن بنت تقف في وشي بالشكل ده …… ودي مش واقفة وبس دي ناقص تديني بالبوكس في وشي …. هو ده ببساطة اللي مخليني بفكر فيها كتير وبيستفزني …أنما حب والكلام ده مستحيل طبعا!!
وضع رعد يديه أسفل رأسه بإرياحية وقال ناظرًا له بنصف التفاته من عينيه :
_ طب خلي بالك بقا …..
التفت جاسر له وقال بتساؤل حقيقي :

 

 

_ من إيــه ؟
نظر رعد أمامه مرةً أخرى بابتسامة ماكرة وقال وكأنه اكتشف شيء :
_ من قلبــك يا بطل …… ممكن جدًا تصبح الصبح تلاقي نفسك بتحبها …..طالما الموضوع كده ….. كون أنك تحس أنها مميزة عن الجميع فده أشارة لحاجات كتير …..
رماه جاسر بنظرات سخرية وهو يتمدد على فراشه كأنه بتلك النظرات يستهزأ مما يقوله رعد ولا يكترث به …بينما الأمر كان يسبب ارتباك حقيقي بداخله ….ولا زال شعور الحب كالمطر الذي لم يزور أرض قلبه ….ربما غدت الرياح قريبة دون أن يشعر …ربما !
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
تصببت حبيبات العرق من جبينها الملتمع ،ووجهها يلتف حوله حجاب قطني من اللون الأزرق….وبدأت تتمتم بأستغاثة وبصوتٍ ضعيف وهي تتو على فترات وتعود وتفتح عينيها مدركة لما حولها ……
دثرتها جميلة بغطاء آخر ثقيل وهي تبكي من القلق عليها …..قالت بعتاب لها :
_ ياريتك ما كنتي طلعتي في الهواء وبردتي كده ! ….. أنا مش عارفة اللي بقى يجرالك يا سمكة !
أتت حميدة بكوب ماء كبير ووضعته على منضدة بجانب الفراش الممددة عليه سما وقالت :
_ خالي دخلها يطمن عليها وسألها قبل ما يروح السوق وطمنته عليها ….يدوب مشي من هنا وهي تعبت أكتر …..
رتبت رضور الغرفة وهي تبتلع ريقها من الخوف حتى استقبلت زوجة خالهم آسر بالخارج الذي آتى لاهثا مع الصبي …..
دلفت معه للغرفة بوجود الصبي الذي شحب وجهه من الخوف وهو يقول :
_ بتفضل ساكته ومش بتتعب غير بليل ونحتاس ومانبقاش عارفين نعمل إيه ولا نجيب مين يداويها ! ……
تقدم آسر خطوات سريعة إليها بنظرات ملتهفة …..فتح حقيبته الطبية ونظرته عليها في خوف ويبدو من حالتها أنها تمر بحالة أقرب للحمى …..
أقترب إليها حتى يدث مقياس الحرارة بفمها ويهمس قائلًا كأنه يطمئن نفسه قبل الجميع :
_ هتبقى بخير ….. بأذن الله ….
آمنت زوجة الخال وهي تقف خلف الفتيات الثلاثة حتى أراد آسر في ارتباك خفي بداخله أن يضع السماعة الطبية على صدرها ……علق السماعة حول رقبته مدادًا لأذنه …والطرف الآخر منها ظل بقبضته بتوتر …..
انتبهت حميدة لذلك فقالت للصبي أن يخرج من الغرفة لبعض الوقت وخرج الصبي نعناعة بالفعل …..أبعد آسر عينيه عنها والفتيات يساعدون في رفع ملابسها أسفل الغطاء …..اعترضت سما بجسدها الثقيل ووعيها الشبه ضائع ….ولكن همس الأصوات حولها أخترق خاطرها ……وبدأت تعي أنه هنا ….!
وأنه بالقرب الذي سيجعله بالتأكيد يباشر عمله كطبيب !
والشيء الذي جعلها تفتح عينيها الحمراء هو عندما شعرت بلمسة أنامله على جسدها …..يا الهي !
حتى لو كان الأمر كشف طبي …ليس عليه أن يفعل ذلك … هكذا صاح صوت ضعيف بداخلها …..
كان ينظر لعينيها بقلق وهو يتسمّع صوت نبض القلب والرئتين من خلال سماعته الطبية من خلف دثارها دون أن يرى من جسدها أنشاً واحد….
انتفض جسدها برجفة شديدة وابعدت يديه بعصبية عنها وكأنها كرهت أن يقترب هكذا ! …..
لم يلومها بذلك فهو نفسه انتابه التوتر ورجفة القلب الذي أخفاهما ……رغم أن واجبه كطبيب كان الأهم والأول أمام عينيه ولا يقصد أبدًا لمسها …..
لم يكرر الأمر وأخذ فقط مقياس حرارتها كالمرة الماضية …… كان درجة حرارتها الثامنة والثلاثون …..عالية لدرجة مقلقة ….
لم يكتفي هذه المرة بمجرد أدوية تجعلها أفضل لقترة مؤقته …بل أخبرهم بضرورة إجراء أشعة على المعدة لكشف السبب خلف حالة الحرارة المستمرة هذه …..ويبدو أن الأعراض تشير لقرحة …..
أعطى ورقة الأدوية لأحدى الفتيات ثم أخرج علبة دواء من حقيبته قد بحث عنها خصيصا منذ أن مرضت سابقا ….قال لحميدة :
_ الدوا ده هتاخد منه ٣مرات في اليوم غير الدوا اللي كتبته ….والأشعة ضروري تتعمل في أقرب وقت ….
أخذت حميدة العلبة منه ونظرت لها بتساؤل :
_ هو الدوا ده ينفع لحالتها يا دكتور ؟ ……ولا مؤقتا بس ؟!
اغتاظ آسر من هذا السؤال الغبي وقال بعصبية :
_ يعني هديلها علاج غلط مثلًا ؟! …أنا جايبهولها مخصوص !
ادرك ما قاله وانفرط من فمه دون أن يلجمه ويخفيه !! ….تسحبت نظرة سما إليه ببطء رغم حالة الإعياء الملمة بها! …..
نظر إليه الفتيات ببعض التعجب ….بينما ظهر على وجه آسر التلعثم والارتباك ….ذهبت نظرته بتردد لعينيها حتى وجدها تنظر له بنظرات تساؤل وكأنها تريد أن تتأكد من شيء ……
استأذن آسر وذهب من أمامهن وتظاهر بالجدية الزائدة التي ظهرت على وجهه ……
وهذه المرة لم تشق الابتسامة وجهه ….بل الحيرة والغرابة من أمره ….
كيف يقع المرء بين كلمتي التضاد هكذا ؟!
يريد…ولا يريد …؟!
وكيف ينخرط في شتان المشاعر هكذا ؟!
أشعر بلهفة القرب منها …….وأشعر بلهفة للأبتعاد ولأبعد مكان عنها ؟!
وجميع النواقص والتناقض بينهما تمر أمام عينيه كطيف ….. هو جرب الحب سابقا …..لم يكن الأمر بهذا التعقيد …وبهذه الحيرة ….!
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
كانت الصغيرة تلتصق بالحائط وتبك في صمت من تعنيف أمها لها ….كانت ترتجف وتخاف من الصوت العالي …وما أن يهتف احدًا أمامها تلحقها نوبة من البكاء وأحيانًا الصراخ …..
وبنفس الغرفة ظلت ليلى جالسة على أحد المقاعد تبكي بحرقة …. ليس الأمر أن زوجته بين ذراعيه ولكن لأن ما رآته كان مشهد وقح أكثر منه حميمي وخاص ….كيف يفعل هذا بشرفة وبغرفة فندق حوله من المباني والمساكن الكثير ، مما لابد أن يجعله من المفترض أكثر حفاظا على خصوصيته أكثر من ذلك ؟!
لابد أنه كان محط نظرات المتلصصين والفضوليين …. كانت تقنع نفسها بهذا كي تهدأ نيران قلبها ….ثم تعود وتعترف أنها كرهت أن ترى امرأة أخرى بين ذراعيه …..وبهذا القرب …حتى لو كانت زوجته !!…أنانية الأنثى تثور بداخلها رغما عنها …. ولا تقبل القسمة على أثنين مهما كان الأمر يبدو أنانية !
قالت الصغيرة بصوتٍ متهدج من البكاء وهي تكور قبضتها داخل عينيها لتمسح دموعها :
_ عايزة اكلم بابا وجيه …..
تطلعت ببراءة أن أمها ستلبي النداء ….ولا تعي تأخر الوقت ولا شيء بهذا العالم …..كل ما تعرفه ببراءة عمرها أنها تريد شيء وتطلبه من أمها …..
كانت ليلى قضت وقتٍ كبير وهي على جلستها هذه وكأنها تيبست بمقعدها وأصبحا واحدًا …..!
كررت الصغيرة طلبها بدموع حتى صرخت ليلى التي كانت أكثر تمرد من تمرد الأطفال :
_ قولت ما تجبيش اسمه قدامي تاني أنتِ فاهمــــة ؟!
عادت لتبكِ بحالة الألم والنيران بداخلها وهي تتخيل أي حال عليه هو الآن …..
ارتجفت الصغيرة مع صراخ أمها وبكت وبدأ يرتفع صوتها بالصراخ الباكي ……
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بعدما أغتسل بالحمام الملحق بالغرفة وعاد نائمًا بالفراش تذكرت جيهان اللحظات الماضية منذ وقت قريب جدًا ….
بعدما كاد أن يغادر الغرفة وعاتبها على ما فعلته وفعل شيء كان أوجب أن يكون خاص بينهما متى أرادته ولا أن يكن محط أنظار الجيران هكذا والطريق أسفل الفندق ……
القت جيهان أسهم أنوثتها عليه كي يفهم ما تريده ….. ونظرات عينيها كانت شبه أن تتوسل كي يبقى بقربها …..
وطلبت شيء من حقها فكان لها دون قلب ينبض محبة …..
دون أن يقول كلمة حب واحدة ….. وتعجب من ضحكاتها المتتالية بصوتِ عالي وكأنها تجرعت أحد الجرعات المخدرة !
ولكن صحوتها ووعيها المتقد لم يشير لذلك بل وكأنها تتعمد ذلك !
تظاهر بالنوم وهو بالفراش …..وأغمض عينيه قاطعا أي حديث بينهما …. وكم يكره فرض شيء عليه ولكن لا يعقل أن ينبذها

 

 

!!
نظرت له جيهان بابتسامة منتصرة ورأسها بجانبه على الوسادة …..وران في عقلها خطة محكمة …..نسيج تحيكه بكيدها ……
أن كان عليه أن يتزوج فستوافق …..ولكن أن ظنت ليلى أنها ستسعد معه يوما واحدًا ستكون غبية …..
وأشتعل بعقلها التحدي ….هي تريده …حتى لو لم يريدها ….
كانت متأكدة أيضا أنه ليس بنائم …..وأنه كالذي أدى واجب عليه ليس أكثر …مهلًا …..لا تستعجل محبته ….
بدأ صوت الصغيرة وهي تصرخ يصل للأبواب المغلقة للنوافذ …..انكمشت جفون وجيه حتى فتح عينيه يحاول أن يؤكد أنه ليس إلا وهم …..ولكنه انتفض عندما سمع اسمه ينطق من بين شفتي الصغيرة والأكثر من ذلك عندما صرخ صوت ليلى يعنفها ….
انتفض بفراشه وارتدي قميصه سريعا على البنطال الأسود ومن لهفته لم يطيق الانتظار ختى غلق أزرار القميص الأبيض ….
خرج للشرفة يستمع للصوت أكثر وتجمد عندما صوت ليلى أكثر والصغيرة ……كيف ؟!
إذن هذا الفندق التي تقيم فيه ؟!
فخ ….؟!
اضيقت عينيه في غضب حتى أتت جيهان خلفه وقد ارتدت روب مخملي أخفى معالم جسدها …… قالت بتوتر ولم تحسب لهذه الثورة من الصغيرة حسبان :
_ وجيه …أنا
جرها للداخل بضغطة عنيفة بقبضته بجلد ذراعها :
_ أنتِ ؟! …..أنتِ عملتيلي فخ عشان …..
تجمد مكانه للحظات حتى بدأ يستوعب ما قد فهمته ليلى وربما شاهدته أيضا دون أن يشعر …..
قالت جيهان مدافعة :
_ أنا مكنتش أعرف أنها لسه هنا !! ….المفروض أن كنت متفقة أن عمي عاصم هيجبلها شقة تبع الشركة بس صدقني معرفش أنها لسه هنا واتفاجئت زيك بالضبط ….
دفع جيهان بعيدًا عنه وغلفت غشاوة سوداء عقله للحظات ولم يعرف كيف يتصرف !!
أغلق أزرار قميصه وأخذ المعطف وهم خارجا من الغرفة تحت نظراتها المشتعلة بخوف وغضب ……
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
حاولت ليلى إرضاء أبنتها وقد شعرت بالندم على تعنيفها وتسبب حالة الصراخ هذه ……قبلت رأسها وضمتها بحنان حتى تهدأ ….فقالت الصغيرة ببكاء شديد وتصميم :
_ مش بحبك ….بحب بابا وجيه ….
انتفض قلب ليلى من هذه الكلمة ……كأن أحد قبض على قلبها واعتصره ….نظرت لأبنتها باكية بحرقة كأنها طفلة مذنبة حتى سمعت دق على باب غرفتها …..بدأ الدق يزيد حتى هتفت بعصبية :
_ ميـــــن ….؟!
لم يكن شك ولو بنسبة بسيطة أنها ليست ليلى ….قال وجيه بقلق عليها وعلى الصغيرة وصراخها هذا :
_ أنا وجيه يا ليلى ….لو سمحتي أفتحي الباب …
أسودت عينيها من الغضب بمجرد سماع صوته …إذن كان يعرف أنها هنا ؟!
ما هذا الرجل وفيما يفكر ؟!
هتفت الصغيرة وتمردت أكثر بمجرد سماع صوته وكأنه ملاكها المنقذ …..
احكمت ليلى حجابها رغم أنها لم تنوي أن تفتح الباب لاسيما بهذا الوقت المتأخر من الليل …..وقفت خلف الباب وقالت بأنتفاضة ورفض :
_ مش فاتحة وسيبني في حالي وروح لمراتك تاني ….. مش عايزة أشوف وشك …..
تأكد وجيه أنها رأت ذلك المشهد الكاذب الذي اختلقته جيهان …..قال وقد تجنب الغضب من قولها الأخير :
_ لازم نتكلم يا ليلى ماينفعش نتفاهم بالشكل ده …..!!
دبت ليلة قدميها بالأرض كالأطفال وقالت برفض مع صراخ طفلتها :
_ مش هفتح ومش عايزة أشوفك ومش هصدقك تاني……روح لمراتك حبيبتك ….هي أولى بيك…..
أنفعل أكثر وقال بتحذير اتضح بصوته :
_ أفتحي الباب وخليني أشوف البنت …حرام عليكي أنتي هتسبيها بتصرخ كده ؟!
قالت باعتراض وهي تصيح باكية وتضرب بقبضتها الباب حتى فتحته ……وقفت أمامه تنظر له بشرر غاضب وبعينان حمراء من البكاء وهتفت بوجهه :
_ قليل الأدب وكداب وعمري ما هصدقك تاني…..
أخذ نفس عميق من رئتيه كي لا يغضب ويستطع التحكم بأعصابه ثم قال بحدة :
_ ماتبقيش غبية يا ليلى ….دي مراتي !
صاحت الصغيرة من الداخل وهي تنزلق من فراشها عندما حاولت أن تلتجئ إليه بعدما شعرت بصوته القريب :
_ بابا وجيه ….تعالى خدني …. آآآآآه
صرخت الصغيرة عندما وقعت على الأرض ويبدو أن رأسها خبط بقسوة …..

 

كانت كلمة واحدة كفيلة أن ترجف قلب ليلى على صغيرتها التي تصرخ بعدما سقطت من الفراش ….
ضاعت الصغيرة بعد عدة صراخات في حالة من الفزع إثر السقطة وتاهت بحالة إغماء …. ورافق ذلك خدش صغير بجبينها …..
ركض كلًا من وجيه وليلى إليها في فزع، حتى حاول وجيه أن يساعد الطفلة على الإفاقة ….كتمت ليلى صرختها بيدها وهي تبكِ بقوة وكانت دموعها حاضرة قبلًا …..
حمل وجيه الصغيرة وهتف بليلى في عصبية :
_ هنروح المستشفى نشوف البنت مالها ….
خرج من الغرفة وهو يحمل الطفلة بين يديه وليلى تغلق الغرفة، ومضت خلفه راكضة بنظرات هلع …..
كانت أزواج من العيون تراقب خطوات الراكضان بالممر في سرعة …..
دخلت جيهان غرفتها وهي تصرّ على أسنانها بغضب تكتمه بداخلها …..كلما حاولت كسب جولة تهزمها جميع الظروف …..!
كان من المفترض أن يبقى معها الليلة، وكانت ستفعل غدًا ما فعلته اليوم وتكسب عدة أيام أخر !
تقدمت اتجاه المرآة بروبها الطويل ووقفت تنظر لعينيها …..أو أدق تفسيرًا كانت تنظر لروحها …..لكل ما بداخلها وتخفيه …..وسألت نفسها في صمتٍ …
هل ما تفعله الصواب أو الاصح أن تنسحب ؟!
هل تبقى وتحارب بأمل أنه ربما يحبها …..أم تبتعد وتلملم المتبقي من نفسها المشتتة ….؟!
التمعت عينيها بالدموع ضعفًا وأنهزام …..وعادت للفراش التي تشاركته معه منذ ساعاتٍ قليلة مضت ….. كان معها كأنه مرغم على ذلك ….ليس هذا القرب التي تتمناه أي امرأة !
جلست جيهان على الفراش وبدأت تبكِ في وحدة وكسرة ….وحدة حقيقية آتيه من داخلها ….. وكسرة لضعف الرابط الواصل بينهما ….
وتحدثت نفسها بحسرة….
أنا امرأة ليست سيئة ….. كلما أصبحت وأمسيت اسأل نفسي من أنا ؟ …..من أكون بالنسبة للجميع ؟
من يحبني حقا ؟! …..ومن يتحمل ليبقى لآخر الطريق معي ؟!
اتشبث بهذا الخيط الضعيف لأحتياجي للأمان ….. لخوفي من العودة لجحر الوحدة من جديد …..
لخوفي أن أبقى بمفردي مرةً أخرى ….. وأغفو كل ليلة ويكسو وجهي دموع تجف مع نسمات الليل الباردة …
وحتى يدي تكن ثقيلة أحيانا لتمسح دموعي !
اقلًا أنا مع رجل يعطني ولو شيء بسيط من الحب، وأحتفي بالقليل وأقنع نفسي أنه بوادر من محبة تلوح من بعيد …. التجئ بحائط ظله من الجميع ….. ويحجب عني عيون الغدر والطمع والألسنة المرجفة بالأقاويل….
ولكن أن ابتعدت سأعاني …وأن بقيت سأتألم من ميل قلبه لأخرى …. ما تبقى لي سوى أن احارب لأربح قلب من المفترض أنه رزقي وسكني ….. وربما لست قوية حتى استطع الابتعاد ….
أحيانا تسير أقدامنا بطرق كانت بعيدة عن خاطرنا ….. لست أنا من تسير ….أنها نبضات الخوف التي احتمت خلف ظل لقلب رجل لا ينبض سوى لأمرأة واحدة …. ومع الأسف …ليست أنا ….
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
ضمت ليلى صغيرتها وهي جالسة بداخل سيارة وجيه ….والسيارة كانت تنهب الطريق سيرًا سريعا للوصول للمشفى …..
ربتت ليلى على رأس ابنتها وهمست لها بإعتذار كررته للمرة المائة منذ أن جلست بالسيارة ……اختلس وجيه نظرة سريعة جانبية وعطف على خوفها وارتياع نظرات عينيها من الخوف ……
كانت الصغيرة بدأت تستفيق من حالة الأغماء ….تمتمت بصوتٍ ضعيف :
_ ما..ما ….
انتبهت ليلى لصوتها بجميع حواسها فنظرت لأبنتها جليًا وقالت بلهفة وتوقفت عن البكاء :
_ حبيبتي يابنتي …..حصلك إيه يا عمري ؟!
وضعت ريميه يدها ببطء على خدش جبينها وتألمت ……رفعت ليلى خصلات شعر الصغيرة عن جبينها ونظرت للخدش بقلق وقالت :
_ ماتخافيش يا حبيبتي ….جرح بسيط وهيخف مش هيوجع …..
تنهد وجيه ببعض الراحة من افاقة الصغيرة ونظر لها بمحبة وحنان ثم وقف بسيارته أمام المشفى ……نظر للصغيرة وقال برفق :
_ الحمد لله أنك بخير بس برضو لازم الدكتور يشوفك ….
سمعت الصغيرة صوت وجيه وتذكرت ما حدث قبل أن تسقط ….بدأت تجهش بالبكاء فضمتها ليلى وهي تبكي وتعتذر قائلة :
_ والله أسفة مش أقصد ازعقلك ….حقك عليا …. ما تعيطيش عشان خاطري ….
ظلت الصغيرة بين ذراعي أمها وهنا يبكيان سويًا، حتى هدأ بعد قليل والقت ليلى وابل من القبلات على رأس ووجه أبنتها وهي تعتذر وتتأسف ….
مسحت الصغيرة عينيها وقالت برقة :
_ خلاص مش زعلانة …..مش بابا وجيه هيفضل معانا ؟ ….مش زعلانة …..
ابتسم وجيه لهما بمحبة بعدما كانت نظرته حنونة، وتمنى لو يستطع أن يأخذهما سويًا بين ذراعيه ليحميهما حتى من نسمات الهواء ……ربما يحدث هذا ذات يوم ….لعله قريب …
قال وجيه بصوت به موجات من الحنان :
_ آه يا حبيبتي هفضل معاكم ….. معاكم على طول …..
شاكس الصغيرة برقة على رأسها وحذر من أن يؤلم جرحها …..ترجل من سيارته وخرجت ليلى من السيارة أيضاً وهي تحمل صغيرتها…..
استأذن وجيه منها وقال :
_ هاتيها اشيلها …
كانت ستعترض ليلى ولكن الصغيرة فردت ذراعيها باتجاه صوته كي يحملها …..أخذها بحركة سريعة فضحكت الصغيرة بصوت خافت وقالت :
_ هتحكيلي حدوته بقى ….أنا زعلانة لسه وراسي فيها أوفة….
ابتسم وجيه لها ابتسامة صادقة وقال بمشاكسة لمكرها الطفولي وبراءتها :
_ عشان كده عايزاني أشيلك !! ….. نشوف الأول الجرح ده وبعد كده هحكيلك حواديت كتير ….
أطرفت الصغيرة عينيها بحماس وكأنها غفيت عن ذلك الجرح بجبينها …….
راقبت ليلى حديثهما الهامس بابتسامة وتجنبت التفكير بما حدث بالاساس ولو لبعض الوقت ……ولا يعكر تلك اللحظات الجميلة ظلال مؤلمة على نفسها كامرأة ….

 

بمكتب وجيــــــه…..
بعد دقائق كثيرة وبعدما تم تطهير الجرح البسيط بجبين الصغيرة، قال الطبيب لوجيه بمكتبه :
_ جرح بسيط جدًا ما تقلقش يا .كتور ….هي بس تلاقيها اتخضت من الواقعة واغمى عليها خصوصا أنها ….
صمت الطبيب كي لا يقول شيء يزيد من ألم الصغيرة أو الأم ….وفهمت ليلى أنه يشير لحالة عينيها ….وأن عدم رؤيتها سبب هلع عند سقوطها لأنها بالأساس لا ترى المسافة البسيطة التي سقطت منها …ويبدو أن هذا ما سبب ذعر للصغيرة ….
ابتلعت ليلى غصة بحلقها وتحكمت بدموعها حتى غادر الطبيب مكتب وجيه …… حمل وجيه الصغيرة حتى الفراش الطبي بمكتبه وربت على رأسها بحنان حتى بدأت تخلد للنوم بهدوء ….. قالت وهي تتيه بالنوم :
_ لما اصحى قولي الحدوته بقا ……
ابتسم وجيه بمحبة غريبة لهذا الصغيرة …التي تتسلل للقلب دون مجهود …وهمس لها بتأكيد ورقة :
_ حاضر ….. هستنى الأميرة الجميلة تصحى ……
ظل هكذا حتى تأكد أنها ذهبت في سباتٍ عميق …..وتغفو كأنها هرة صغيرة ترقد بدفء جانب أمها !
وضع على جسدها الغطاء الملحق بالفراش، ثم استدار إلى الواقفة والمستندة بجانب جسدها على الحائط، وتنظر للنافذة بدموع متساقطة وبصمت تام !
نظر لساعة الحائط فوجد الساعة هي آوائل ساعات الصبح ….. مضى إليها في ثبات …..
سيحاول أن يفتح معها الحديث ولكن كيف يقنعها بمدى حساسية موقفه ……
كاد أن يتفوه فقالت ليلى وقد عاد إليها حزنها من ما حدث :
_ ما تقولش حاجة ……
تنهد بقوة وكبت موجة من العصبية كي يحاول أن يفسر لها الأمر فقال :
_ لأ لازم أقول …… أنا عارف أن جيهان خططت للي حصل ….من غير دخول في تفاصيل خاصة يا ليلى ….. أنا علاقتي بجيهان مش زي ما أنتِ فاكرة ….. أنا مش عارف أيه اللي وصلك بالضبط بس صدقيني ….قلبي محبش غير واحدة …وأنتِ عارفاها كويس ……
سخرت تعابير وجهها ولأول مرة تحاول أن تصدقه ! …..لم تتذكر أنها كذبت حديثه من قبل ولكن ما رآته شوش على ثقتها به …قالت بسخرية بها مرارة اسقطت دمعة من عينيها وهي تتحدث :
_ مجرد أني اتناقش معاك في اللي شوفته يعتبر شيء سخيف ومايصحش اتكلم معاك فيه ، بس كفاية أني أقولك أني لأول مرة احس أن ممكن اي واحدة تاخد مكاني جواك وبسهولة كمان ! ….
هز وجيه رأسه بنظرة ضيقة غاضبة وقال :
_ آه …يبقى تقصدي اللي حصل في البلكونة ! …..مشهد مفتعل ومش زي ما أنتِ شوفتيه ومع ذلك أنا مش مضطر أوضحلك ده ، خليكِ فاكرة شيء بتنسيه كتير يا ليلى ….جيهان مراتي ….يعني ليها حقوق عندي ….. ويبقى من الظلم أني اعاملها بأسلوب وحش أو ابعدها عني وهي ماعملتش حاجة !
نظرت له ليلى بعصبية ففهم ما تود قوله وبترته من التفوه والأفصاح……فقال ليؤكد لها محبته :
_ أنا مابحبش الظلم يا ليلى ، واللي عملته جيهان معاكِ مايرضنيش ولكن اقدر أفهم موقفها وأعذرها ….. كفاية أنها متأكدة أن مافيش غيرك جوايا ، كفاية أنها بتشوف في عنيا كل لحظة مشاعري وحبي ليكِ ، أنا عايزها لو قررت الطلاق ماتحسش أني ظلمتها أو اجبرتها على شيء غصب عنها ….لأني مكدبتش عليها من البداية ….. ارجوك أفهميني ….
ابتلعت ليلى غصة مريرة بحلقها ، ربما استطاعت كلماته أن تسد شقوق ثقبت مما رأته …..فتابع وجيه بثقة وصدق :
_ قسما بالله ما في كلمة كدب من اللي قولتهالك ، لو وافقت جيهان تبقى على ذمتي لما اتجوزك هتكون عارفة أني مش هظلمها ، ولو قررت تطلق يبقى هنفترق بالمعروف وكل واحد يشوف حياته من غير ما احس أني ظلمتها في المعاملة …..
هي وجودها أو بعادها قرارها لوحدها ….أنما وجودك أنتِ حياة أو موت بالنسبالي …..
مسحت ليلى عينيها ببسمة أخفتها وللحظة شعرت بأنها بدأت تفكر بأنانية ….وقالت بثبات :

 

_ وأنت قولتلها كده ؟
رد وجيه عليها بنظرة ضيقة وقال :
_ لو أنتِ مكانها ….هتحبي تسمعي الكلام ده على واحدة تانية ؟! ….. جاوبي بصدق ….
اومأت ليلى رأسها بالرفض وقالت :
_ بصراحة لأ ….
ابتسم وتنفس الصعداء لتفهمها للأمر، ثم قال وهو ينظر للنافذة :
_ مش لازم أقوله كده لأنها بالفعل عارفة كل حاجة ، مش لازم أعذبها ، بعاملها بالمعروف وبرحمة لأني هتحاسب عليها يا ليلى …. وللأسف الظروف خليتنا احنا التلاته في موقف لا نحسد عليه ، كلنا غلطانين بدون أستثناء ، يبقى أفضل حل أننا نحاول نتفاهم مع بعض …..
قالت ليلى ببعض الشرود :
_ مافيش واحدة بتحب ضرتها ؟! ….أنت بتحاول تحقق المستحيل !
رمقها ببسمة هادئة ثم قال بلطف :
_ مش لازم تحبيها ….ولا هي لازم تحبك ….بس لازم يكون بينكم احترام وحدود ….أنا عارف أني داخل على مستشفى المجانين ….
امتزج بحديثه بعض المرح فرمقته ليلى بنظرة غاضبة وقالت :
_ ده إذا وافقت ….. ما تتعشمش أوي كده !
لم يغضبه قولها فقد رد عليها بمنتهى الثقة قائلًا :
_ نبقى نشوف الموضوع ده مع جدك ، أحنا اتفاقنا نتقابل تاني وتالت ورابع لحد ما يتم الموضوع على خير …. احنا الاتنين مصممين ….
استدارت ليلى وقد تجنبت الحديث معه أكثر من ذلك ، تريد أن تقول الكثير والكثير، وأن تعاتبه على الأكثر …ولكن لا تستطع التحدث بتلك الأمور وهو ما زال غريب عنها ….لا يصح ذلك مطلقا ….
توجهت للفراش حيث صغيرتها ….قال وجيه بنبرة فيها حنان وهو يتتبع اتجاه خطواتها :
_ خليكم هنا يا ليلى ، هنا أكتر مكان أمان ، موقتا لحد ما تبقي في بيتي ، وساعتها الهوا نفسه مش هسمحله يجرح عينيكي ….
ارتبكت ليلى مما قاله وحاولت جاهدة أن لا تظهر ابتسامتها ….قالت بجدية وهي تحمل صغيرتها :
_ لأ …أنا راجعة الفندق أنا وبنتي ، قول لجيهان أني خليت جدي يدفع حساب الفندق ، مش قاعدة على حسابها أو حساب الشركة ….
انعقد حاجبيه وقال بأمر لا يقبل النقاش :
_ مافيش شغل ، وأن كنت هسيبك تقعدي في الفندق فده عشان عارف أن كلها أيام وهيتحسم الأمر …أنما شغل لأ …..أنا مش عايز مراتي تشتغل ….
رفعت ليلى حاجبيها بدهشة وقالت :
_ مراتك ؟! …..هو أنا بقيت مراتك عشان تتحكم فيا ؟!
وبعدين ما جيهان بتشتغل ؟! اشمعنى أنا ؟!
زفر بغيظ منها فقال بعصبية :
_ جيهان بتشتغل من قبل ما اتجوزها وما تنسيش أن نص المستشفى دي ملكها وهي بتدير شغلها وطول عمرها بتشغل …..أنما أنتِ نفسي أقنعك أنك حاجة تانية ….. مش حابب أنك تشتغلي وتتعبي ومش هتكوني محتاجة للشغل اصلًا !
راقها عصبيته التي توضح أن بالأمر غيرة عليها …..قالت بتأكيد لتسفزه وهي تضم أبنتها بقوة :
_ لما أوافق على الجواز نبقى نتكلم وتأمر وتتحكم …أنما دلوقتي أنا راجعة الفندق…..
مرت من أمامه فأوقفها قائلًا بعصبية واضحة بكامل ملامحه وحتى بصوته :

 

_ أنتِ بتشتغلي إيه بالضبط في الشركة ؟
اخفت ابتسامتها ثم اجابت بثبات كي لا يصله مكرها :
_ في الأستقبال …… في وش أي حد داخل الشركة كده…
اشتاقت أن ترى ردة فعله ….ولكن ظهر غضبه من صوت أنفاس صدره المتسارعة ……. فقال بعصبية :
_ هخلي جدك يمنعك من الشغل ، حسابك بيتقل معايا يا ليلى ….مش هعديلك العند ده على فكرة بالساهل كده ….
استدارت الآن وقالت بتصميم وتحدِ :
_ جدي مش هيحب يزعلني ودلوقتي بالذات ….
زم شفتيه بعصبية ونظرات عينيه تشتعل غضب وغيرة تتوهج كلما تخيل أن الرجال يتحدثون معها …… وينظرون إليها وربما يتغزلون بها …..قال بصوتٍ عالي من العصبية :
_ خلي الموضوع ده لبعدين ……هوصلك للفندق……
رفضت ليلى بحسم وبنبرة حادة :
_ لأ …..أنا وافقت واحنا جايين عشان حالة بنتي أنما ما تنساش أنك غريب عني ….. لا تحاول تكلمني ولا تشوفني بعد اذنك …..وريميه هخليها تكلمك وقت ما تحب ….
قال بسخرية وهو يضع يديه بجيوب بنطال :
_ هطق من كرمك الحقيقة …..تبذير أوفر في العطاء …
استدارت وهي تجاهد كي تكبت ضحكتها من سخريته المازحة… وبعد أن اختفت وابتعدت …..ابتسم على ما تفعله به ورغم ذلك يحبها …يعشقها حتى الجنون …..
كل شيء منها يبدو كقطعة من السكر …..حتى وأن كان علكة بنكهة الصبار…!

 

➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
منذ أن عاد آسر ولم تغفو عينيه ولو دقيقة …..حتى أتى الصباح بعد ساعاتٍ قليلة ….استعد الشباب الثلاثة للذهاب لمقر القافلة وتفاجئوا أن آسر يعتذر للذهاب !!
تظاهر بالسعال والكسل ….قال يوسف بقلق :
_ أنت شكلك اتعديت منها ولا إيه ؟!
رد آسر عليه بنفي وهو يضع ذراعه على عينيه متظاهرًا بالنوم :
_ لأ ….أنا حاسس أني مش تمام من بدري بس كنت بقاوم ، هاخد مسكن وساعتين وهحصلكم …..
دلف الصبي نعناعه بطاع الفطور حتى قال له يوسف :
_ طب كويس أنك جيت يا نعناعه ، خليك مع آسر شوية لحد ما نيجي ، هو شكله جاله برد هو كمان …..
نظر الصبي لآسر وللفوضى المنتشرة بالغرفة وقال :
_ ماشي …وبالمرة أرتب المندرة بدل ما هي مكركبة كده …..
شكره الشباب بأمتنان وخطف يوسف شيء من الطعام ودفعه بداخل فمه بشهية فجذبه جاسر من معطفه وقال بضحكة :
_ أنت لسه فاطر يا مفجوع ….
ابتلع يوسف ما بفمه بضحكة وخرج معهم …..وضع الصبي الفطور أمام آسر الذي ود لو يسأله عنها، ولكنه لم يعرف طرفا للحديث وكيف يتحدث عنها دونما أن يشعل شكوك الصبي ….. فهو الغريب وهي ك بستان الزهور المحرم الأقتراب منه …..
همّ الصبي بتنظيف الفوضى وهو يتمتم قائلًا بتعجب :
_ كل دي علب عصير وبيبس وشيبسي مرمية!! ….صحيح على راي المثل …مايكركبش الزريبة غير البهيمة الغريبة !
رفع آسر ذراعه وقد سمع شيء فتسأل :
_ بتقول إيه ؟!
ابتسم الصبي له وقال :
_ منورينا يا دكتور ….. اعملك شاي ؟

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *