روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الثاني والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني والعشرون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثانية والعشرون

لتقف على أرض صلبة يتمكن شجاعة .. شجاعة قوية تخرج من عروقك

وليست شجاعة مزعومة

الجميع يعلم أن ما من خير دائم … بل الحياة أصبحت سباق شرس

عدواني

كمرض عضال يركض خلفك حتى يباغتك في أحلامك .

هزت شادية رأسها وهي تشعر بامتنان شديد لكل ما تفعله شقيقتها ، ثم والدها أو صخرتها التي تستطيع أن تستند عليها في وقت ضعفها .. تستمد منه قوة .. قوة لا تستطيع أن تمنحه لروحها الذي يلفظه بكل خشونة … كأجسام مضادة تسارع بهجوم علي عضو غريب ..

هزت رأسها ساخرة وهي ترتدي كعبي حذائها بعد أن وجدت مقعدا تستطيع أن تجلس عليه بدلا من أن تقدم عرضا رائعا .. كجيهان الحريصة كل الحرص أن تكون نجمة الحفل

اهتمام لا تكترث له .. لكنها ببساطة تنجذب كالفراشة التي تبهرها رؤية النيران .. راغبة في الاقتراب منها ، استقامت من مجلسها وعينيها رغما عنها تبحث عنه

ذلك الكائن المتصابي المسبب الازعاج لعقلها وجزء خافت صادر من أعماق انوثتها المتعطشة لندائه

ارتعشت شفتيها ، ماذا شادية … هل تودين اعادة التجربة مرة أخرى ؟ لماذا الآن تودين الانهيار بعد سنين تعلمت أن تكبحي جماح عطشك للارتواء من الحب الذي سمعتي عنه

سمعت عنه دون ان تحظي به

الا انه هو … سرمد بعيد كل البعد عن خيالاتها .. كان صورة مختلفة عكس ما أرادته ، كل ما  هو عكس ما ارادته يتمثل به

من عجرفته وثقته التي لا تعلم من اين يمتلكها بأنها ستسقط

ستسقط في حباله

سارت رعشة على طول عمودها الفقري .. تلك النظرة في عينيه ابدا .. ابدا لن تنساها

رجل اعتاد الحصول على ما يريد .. وحتما هي .. هي بكل شراستها الظاهرة لن تصمد طويلا !!!

ارتجف بدنها حين شعرت باهتزاز الهاتف من خلال حقيبتها التي المثبتة حول خصرها ، رغم انها حقيبة عمل وأفسدت فستانها الا انه افضل من أي حقيبة بحوزتها  في خزانتها

اخرجت الهاتف لتنظر الى صاحب الاتصال بأيدي مرتعشة

هل يجب عليها أن تذكره الآن في عقلها ليتجسد بواقع مخيف ، لأول مرة يهاتفها … هل ورد عليه عمل ويرغب بالاعتذار … طافت بعينها تبحث عن شئ خاص به .. لم تظن خلال بحثها الغير مجدي عنه أن الاهتزاز بين يدها توقف … زفرت بيأس وحينما همت بإدخال الهاتف في حقيبتها عاد الاتصال مجددا … ربما شئ هام وإلا لما تجرأ على مهاتفتها وهو يملك رقم هاتفها بعد زيارته النارية لمكتبها .. لم تصدق جرأته ليأخذ هاتفها ويسجل رقمه به … رفعت الهاتف والضجيج في صدرها أكثر صخبا من أصوات الاحتفال

– الو

صمت .. صمت هو كل ما تلقته ، السكون والترقب هو كل ما يحفزها ، لم تتوقع بحياتها أن تستمع إلى أصوات انفاسه عبر الأثير .. يصلها اجشا خشنا كمثله ومثل لحيته الكثيفة .. لانت ساقيها تماما حينما استمعت إلى صوته الغاضب .. مشحون بطاقة غاضبة لا تعلم مصدرها

– اريد مقابلتك الآن شاديااه .. الآن

عضت على شفتها السفلى وهي تراقب بعينها عنه ، بالطبع هو هنا إن لم يكن يهاتفها … اذا لما لا يأتي ويتحدثا؟!! .. تنحنحت بحرج قبل أن تهمس ببعض التوتر

– لكن ألست هنا ؟

قفز قلبها هلعا وهي تسمع تهديده الصريح ، نبرات صوته كانت تعبيرا عنه

بثقته المفرطة بنفسه ، بوقاحته .. ثم شئ .. ِشئ يجعلها تلين له وتستسلم صاغرة

– اهبطي تلك السلالم اللعينة شاديااه وقابليني بالاسفل .. دقيقة اجدك عندها وإلا ….

انحبس مصدر الهواء من رئتيها وهي تسمع نبرة التهديد في صوته ،لم يكن يهدد عبثا .. تعلم أنه يحافظ بشق الأنفس كي يظهر بدائيته أمامها ، رأتها كثيرا في عينه .. وحتما ستكون غبية ان اخرجتها ..

تخطت المدعوين بابتسامة حذرة .. شفتيها ترتجف بخوف وهلع وهي تهبط السلالم .. مبتعدة عن الصخب بالاعلي لتهبط إلى الطابق الهادئ .. الخالي تقريبا الا منها هي ثم …..

– ااااه

شهقت بفزع مجفلة حينما شعرت بيدين قاسيتين تمسكانها مرفقيها ليدفعها ذلك الجسد الذي عرفته ، علمت رائحته الخشنة الممتزجة بقسوة مع رائحته الخاصة ورشة قرفة تعلم عشقه لمشروبه .. قلبها يضخ بعنف وبصورة غير طبيعية تلك المرة

سوى أنها تواجه أكبر كوابيسها

نفس المشهد وهي تجر بلا حول ولا قوة تحت تأثير جسد أكثر منها قوة وصلابة

ثم دفعة عنيفة لجدار قاسي صلب بارد .. اقشعر بدنها و نسيج قماش فستانها لم يساعدها اطلاقا ليتلقي صدمة البرودة بدلا من جسدها الذي نخر فيه البرودة لحد أوصالها

إلا أن التحفز والترقب هو ما استجد بها ، تحاول ان تجعل عقلها يعمل بكفاءة وهي تواجهه .. رجلا الذي يهدد سلاما لحياة تناشدها

رغم شحة الضوء إلا أنها سمحت لعينيها النظر إليه والتشرب من تفاصيل الهمجية ، شعر مبعثر علي جبينه وفتحة قميصه واسعة  أكثر من اللازم للحد رأت سلساله الجلدي .. رغم خجلها الشديد لرؤية تفاصيل رجل خاصة كصدره الرجولي .. الا ان الفضول يدفعها لمعرفة كنهه السلسال

فغرت فاها حينما رفعت عيناها بعدم تصديق لما رأته … هل ما رأته لتوها صحيح ؟!! عيناها لا تصدق ما رأته … لا تصدق .. ذلك الماجن .. كيف يرتدي شئ مقدس كهذا

اختنقت انفاسها برعب وهي ترى نظرات جحيمية في عيني الرجل امامها ، اجفلت مبتعدة الا ان الحائط البارد عاد يلسعها مجددا مخبرا اياها انها سقطت في مصيدته !!!

ابتسم بشرر وصدره يعلو ويهبط .. يموج بانفعالات غير محمودة لصالحها هي على الأقل ، لا تعلم ماذا فعل كل تلك الدقائق السابقة وهو يختلي بنفسه .. كيف تسمح لشخص غريب أن يلمسها بينهما هي تمنعه .. باصرار مخبرة إياه أنها ( تلوثه ) ، بحياته لم يقابل شخصا جريئا مثلها .. متناقض مثلها .. تحرم ما هو له بينما تستبيحه لغيره ، غمغم بنبرة ساخرة

– مرحبا بفاتنة الحفل

زفرت شادية بتوتر وهي تلاحظ نظرة الغضب التي ما زالت متلألئة في سماءه تلك البدائية المندلعة بشرر جعلها تحاول المحافظة على رباطة جأشها لتصيح بحنق

– سرمد ، اخبرتك لا احب تلك التصرفات

مال برأسه وهو يتمسك بقوة المتها .. صدر انين خافت من شفتيها المغريتين له في لحظة غضب عمياء وغيرة تحرقه ، اللعنة عليه هل وجب علي كلا عرقيه الايطالي وشرقية تنطلق لأول مرة الى امرأة خارج نطاق عائلته … اقترب منها للحد ان سمح لانفه ان يشتم رائحة خفيفة .. مسكرة .. حلوة للغاية وهو يزفر بحرارة في التجويف الخاص بعنقها .. لتسمح عيناه النظر إلى فتحة صدرها المحتشمة بخلاعة ، مظهرا تكور حجم صدرها بكل احتشام خادع .. عيناه اندلعت بقسوة ورغبة لرؤية صعود وهبوط صدرها دلالة على تأثرها به .. همس بجوار اذنها بخشونة

– جانب ضعيف منك تجعلك تعشقين تلك الوقاحة مني ، والا لما جئت صحيح

أغمضت جفنيها وهي تسند كلتا يديها على الجدار البارد ، تستمد برودة من اثر اشتعال جسدها من انفاسه التي تلسعها دون هوادة .. ارتعشت شفتيها وهي تتحاشى النظر اليه لتجيبه

– ليس .. ليس الأمر كذلك .. انا قلقت فقط

قاطعها بقسوة شديدة وانامله ما زالت تغرس في ذراعها ليهسهس بغضب

– ان افعل فضيحة لك .. اووه نعم سأفعل بالطبع

عيناه تهبط صعودا وهبوطا محددا آثار ذلك الغريب علي جسدها ، يرغب بازالة اي اثر من ذلك اللعين ويطبع اثاره الخاصة حتى لا تستطيع أن تجعل رجل يقترب منها .. غمغم بنبرة فاقدة للسيطرة ويبدو أن كل تدريبه للحفاظ على النفس تطايرت في أدراج الرياح

– هل تعرفين ماذا كنت بفاعله ان لم تأتي إلي

رفعت رأسها حينما استشفت الخطر لتهمس باعتراض

– سرمد لا تتعدي

لكن اعتراضها ضعيف ككل ما بها ، جعله يتمادى بجرأة ساحبا ذراعها لتقترب منه

– كنت جذبت ذراعك الجميلة تلك … ثم اسحب خصرك الهش وجسدك اللين يرتطم بجسدي

ارتطم جسدها اللين كلين عظامها بمكامنها الخاصة لصدره الصلب القاسي ، كأنها اصطدمت بجدار لكن مشتعل كحد الجحيم بعيد كل البعد عن الجدار البارد .. فغرت فاها بصدمة وشهقة صدرت مصدومة حينما شعرت بيده الأخرى التي تركت ذراعها الأخرى لتلتف حول خصرها ببعض التملك

– سرمد

لم يتوقف عن جموحه بل تمادي وهو يمر أنامله بيده الأخرى غير تلك التي وجدت طريقها لخصرها ليمر بها علي صفحة وجهها .. غير مكترثا لانتفاضات جسدها وارتعاشها اللذيذ الذي تأجج بفورة حينما شعر بجسدها بين ذراعيه لأول مرة

هبط بشفتيه يهمس بالقرب من شفتيها

– ثم اقبلك يا وقحة

اتساع وجحوظ عينيها هو الرد الذي تلقاه … ثم تلك الرجفة الثانية بجسدها وصلته وانتقلت اليه متسببة إليه بأشياء .. جامحة ، عاصفة .. تجعله يود الان سحبها الي غرفة ليعلم جسدها المشتعل لقربه انه الوحيد القادر علي اشباعه فقط .

عاد يهمس بخشونة وعيناه تهيم برغبة متوحشة في عينيه

– أقبلك حتى تزهق انفاسك

هبطت دمعة من عينيها المغويتين إلا أن هذا لم يمنعه أن يشعر سوي بالتملك .. بالدفاع عن امرأة تخصه .. كل ما بها … بجسدها وروحها وعقلها وقلبه بات ملكه ، لما لم تفهم منذ أخبرها حينما يلمس موض نبض رسغها أنها ستكون له شائت ام ابت شاديااااه

انفرجت عن شفتيه ابتسامة قاسية ليتابع مرددا بقسوة

– وأمام الجميع ولن يردعني شخص .. حتي انت شاديااه

ازداد ارتجافها منه نفورا .. صارت حبيسة كعصفور بين يدي طائر جارح ، لم تظنه مثله … سخر عقلها .. كل الرجال شخص واحد حتي لو تعددت اقنعتهم .. جميعهم باحثون عما يشبع رغباتهم القذرة التي لا تشبع ، دائما جائعون وشرهون ولا يكتفون ابدا … لم تتحمل سماع كلمة منه وجسدها يتعامل بدفاع وحالة نفور ورغم انينها لأنامله الوقحة المتجرأة لخصرها ليضغط عليه أنامله بعنف دون الاكتراث بها او بجسدها الضعيف مقارنة به

– ثم

زمجرت بغضب وهي تتلوى بين ذراعيه

– توقف

الدموع في عينيها تتساقط بحرية ، توقفي يا غبية .. لا تجعليه يستغل ضعفك لافعاله الدنيئة .. دافعي بجسارة .. اجعليه نكرة .. لا تظهري ضعف فيستغلك لغرضه الدنئ حتى آخر رمق وعلي شفتيه ترتسم انتصار كالاخر

هسهست بحدة الا انها لم تنسى أنامله الغليظة في خصرها ليصدر أنينا خافتا لكن مسموع لمن أمامها

– ليس .. ليس من حقك قول تلك الأشياء القذرة لي

ثم غلبتها الدموع مرة أخرى … مشيحة بوجهها تهمس ببعض الندم المتجلي في حلقها

– توقعتك انك هذبت تصرفاتك وانك تحترمني

ارتجف جسدها وذعرت حينما وجدت نفسها انتزعت من ذلك الحائط الناري بصدرها لترتطم بظهرها بحائط بارد ، انت بضعف .. الغبي لا يرحم جسدها ولو لمرة واحدة

استمعت الي صوته الأجش يأمرها ببعض الحنق

– لا تبكي امامي

أخر ما يوده هو بكائها الذي … اللعنة يحفز خصاله الشرقية لجذبها مرة أخرى بين ذراعيه لكن تلك المرة ليس رغبة مشتعلة في جوفه

بل تهدئة تلك المذعورة … لكن هذا لا يمنع ان كان السبيل الوحيد لتقبيلها يمنعها من البكاء.. سيفعلها دون أدنى تردد

الرغبة تصاعدت مرة أخرى ليزمجر بغضب

– اللعنة قلت لا تبكي

ارتفعت وتيرة بكائها والدموع تتقافز من بؤبؤ عينيها الكهرمانية ، لعن سرمد بالايطالية والمحيط الذي كان بينهما إزالة … رغما عنه

رغما عنه وعن رغبته وهو قادر على تلبيته إلا أنه ابتعد … ضم قبضة يده بعنف والعروق البارزة كانت تعبر عن أي مدى هو على حافة فقدان السيطرة

الجنون

خبط بعنف بقبضته على الحائط بجوارها لترتعد هي كفراشة علقت بين شباك العنكبوت

– لا تبكي .. كيف تفعلين هذا بي .. تجعليني الجاني من نفسك الضحية في حين الواقع انتي هي الجانية

اغمضت شادية جفنيها ، وبدي للحظة مجيئها لهنا خطأ

بل كل ما يتعلق به خاطئ

كل فرائصها ترتعد وانفاسه الملتهبة تلفح وجهها … نبضات قلبها تتقافز بعنف ، همست برعب

– سرمد لا تقترب مني

زادت زمجرته الخشنة ، وهو يخبط بعنف بكل ما أوتي من قوة على الحائط

– اللعنة على تلك القيود التي تشيدها لي  كل يوم ، وذلك الرجل له الحق بمعانقتك

تأوهت بألم حينما قبض على ذراعها لتطلق صرخة وهي تهمس بذعر

– اااه سرمد

زاد انينها ، وكل ما يفعله اللعنة … صحيح … هو يعاقب امرأته على الأ تتواقح وتتمايل بجسدها وتعانق غيره

امرأته … الكلمة أصبحت كصدي صوت يتردد في الفراغ من حوله ، الا ان العقاب هين مما تستحقه … هي تستحق ما هو أكبر

لكنه يعلم عقابه لن يمت بصلة لأي عقاب !!!!

اقترب بجنون … يحاول التعرف تلك المرة على رائحتها الخاصة ، رغم تعجبه من عدم نثر أي عطر نسائي يعلمه ، وهو الرجل الذي قضى سنوات عمره منذ أن أدرك أنه رجلا جميع عطور النساء… لكن عطرها هو

خاص جدا … رائحة مسكرة … حلوي !!!

الصق أنفه عند عنقها يشم بهوس شديد … كمدمن وجد مادة السعادة ، لكن هذا ليس عطرا … هو كالحلوى … قريب من الجوز الهند وبعيد كل البعد عن الكاكاو .. شئ بينهما تقريبا !!

استمع الي تأوهاتها المؤلمة وبدي يدرك الي مدي يضغط على ذراعها ليرفع رأسه هامسا بجوار اذنها

– لا تنطقي اسمي ابدا شاديااه .. احذري ما انتي فاعلة .. انتي تضعين قدميك في حقل ألغام

اصوات بكائها ، يزيد من سخطه بل وتمرده … انفجر صارخا بحدة

– لا تبكي

ثم ببعض اللين جذب انتباهها

– ولا تخشى مني

حينما بدأت تهدأ من بكائها الهستيري ، زفر براحة لكن غضبه منها … مستحيل ان يخمد الا أن يأخذ حقه كاملا

– توجد لدي طاقة وحشية .. طاقة مكبوتة لاعاقبك واعاقب ذلك الرجل .. هل هو حبيبك ؟

ضيقت شادية عيناها بعدم فهم وبدت للوهلة تظنه مخبول ، هي لم تراقص سوي والدها … ثم اخيها ، أي حبيب وضع في المعادلة

– عن من تتحدث ؟

همست بصوت اجش ، بها نشيج بكائها ليزمجر بهدر في وجهها

– ذلك اللعين الذي عانقتيه وسمحتي لي ان يلمس ما هو لي

اتسعت عيناها بجحوظ … تتلمس ذلك الغضب والحدة والانفجار والتملك ، كل موجهه لها … هبطت عيناها سريعا إلى صدره العريض وهي ترى سلساله لتعود النظر إلى عينيه بمواجهة ، كل شئ جديد عليها

هي حتى بحياتها الحافلة بالرجال لم تري شخص يغار .. يغار حتي من شقيقها ، بهجة خفية انتشرت بين جدران انوثتها الراغبة أن تقترب من هذا الرجل الذي كل يوم تكتشف شئ جديد ، لم تكن تتصور أن يرتدي سلسال كهذا ، هبطت عيناها لتصدق ما تراه بعينها … غير معقول .. غير معقول ، سرمد بنفسه لن يكون مصدقا ان درع الحماية الاولي سقط بسبب سلساله فقط وليس تهجمه البربري واعلان أحقية … أحقية حتما ليست من ملكيته ، ارتفعت عيناها بمزيج من الحدة لتهمس بارتعاش

– لك !!! .. أنا لست لأحد

ارتسمت ابتسامة قاسية علي شفتيه ، وهي تسمح لنفسها .. أن تري تفاصيل ذلك الرجل بوضوح .. دون اختبائها ، ألم يكن يتفحصها ويدقق بها .. تلك مرتها الاولى وحتما لن تكون الأخيرة .. اقترب منها وهو يسرق انفاسها في المساحة الضيقة التي سمح لها به .. الا انه قضي علي المسافة الضيقة بكل تبجح متوقع منه

– انت تعلمين هذا شادياااه .. ركن صغير داخلك يستسلم لي بل ويحفز الاركان المجاورة للخضوع لسلطتي

اجزائها الداخلية بدأت تستسلم … لكن عقلها … يزجرها ، ما سرمد سوي معاذ

كلاهما يبغيان شئ واحد منك فقط .. وحتما لن تسقط كغبية لفخ محكم من ذلك الإيطالي

– لا

القسوة في نفيها جعله يرفع حاجبيه المعقودين ليزم شفتيه وهو يرى شفتيها تتحركان برتم سريع

– لن اخضع لرجل مرة اخرى .. ابدا … واياك واياك ان تتحدث بتلك القذارة مرة اخرى

قاطعها بابتسامة ماكرة والرغبة لتقبيلها كانت جلية حتى لها ، وهو يراها تزدرد حلقها ونبضات قلبها يكاد يسمعه

– وإلا ماذا….؟؟

اجفلها .. اجفلها بسؤاله ، ليميل مقتربا منها

– ماذا أنت فاعلة؟

التوسل في عينيها بعدم الاقتراب أعلنته ، رغم جسدها الذي بدأ بالتراخي لكن التصميم في عينيها أبهره .. بشكل مذهل أصبحت تخطف انفاسه

– سأحرص على جعل ايامك هنا بائسة

قالتها بنبرة باردة والتوسل الممزوج بالتحذير عما ينتويه جعلت ابتسامة هادئة تتزين شفتيه وهو يهمس بدفء

– وجودك بجواري .. بعيدة كل البعد عن البؤس

رفعت شادية رأسها .. وبدت مساحة الاوكسجين تقل تدريجا .. بدأت تلتقط انفاسه .. القرفة .. تعلمها بالطبع منه ، همست بحدة وهي تدفع جسده بعيدة عنه

– هل انتهيت الآن

لمستها بأناملها المرتجفة لصدره الملتهب كان خطأ .. خطأ كبير … امسك بكفها الصغير مقارنة بيده ليضعه على صدره العاري .. يجبرها اجبارا للمسه .. اتسعت عيناها بهلع وهي تنزع يدها منه بيأس وهو يتمتم بتصميم

– لا

حرارة جسده بدأت تستمدها منه وهي تهز رأسها يائسة … ذلك الرجل مخبول … حاولت مرارا وتكرارا نزع يده من لمس جسده إلا أنه بسط كفها بقسوة لتشعر بجسده ، همست بارتجاف

– اريد .. اريد الرحيل من هنا

– لذلك اللعين .. قطعا لا

كانت نبرته قاسية جعلها تجهش بالبكاء وهي تنفجر في وجهه

– لا تقول ذلك اللفظ البذيء امامي .. لا تسبه

لوى ذراعها بعدما تخلصت من تلك الحرارة … ذلك الرجل سيكون سببا بفقدان ذراعها

– يهمك لتلك الدرجة

بدل من محاولة ان تأمن شره الا انها بصراحة أحبت تلك اللعبة ، الوضع غريب بل ومشتعل به لكن هي ارادت إلى أين سيظل محتفظا بمروءته وعهده بعدم الاقتراب

تعلم إنها تراهن بحياتها … لكن اختبارا له

أن تهور وفعلها … حتما ستغلق صفحته للابد ، وان نجح .. لا تعلم ماذا ستفعله .. لكن هي متأكدة من خسارته

زفرت بحدة وهي تجيب ببعض التحفظ والترقب

– بالطبع يهمني .. هو ثاني أقرب شخص لي بعد بابا

عادت المفرقعات في عينيه باللعب .. لقد نجحت وشدت ذيل الاسد من مخدعه ،  آنت وهي تحاول الحفاظ علي ثباتها وهي تشعر بيده الاخري تتسل لخصرها ليعيد أنامله القاسية لخصرها … يمارس عقاب جسدي بارع للغاية … لكنها ستتحمل

– وإذا كان هو قريب منك لتلك الدرجة .. لماذا ظهر الآن؟

هزت رأسها وانين المها يخرج من شفتيها المهلكتين

– انه يعمل في الخارج

شادية السويسري مليئة بالمفاجآت … كم رجلا في حياتها بعد ؟!! .. بداية من خطيبها السابق وذلك الجرذ السائق .. ودلالها الذي يتوقه له بشدة لوالدها … ثم هذا الغريب

ان ظن انه سيعلم تلك المرأة فهو كاذب … فهو كل يوم يكتشف بها شيء يجذبه نحوها

-لا تتغابي امامي  ، اللعنة

زجرته بعنف وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة

– توقف عن الشتم سرمد

انغلقت معالم وجهه وهو يترك خصرها الهش كما اختبره .. ان لم يترك آثارا بشفتيه على جسدها لتتحمل أصابعه الذي هو متأكد من أنها ستترك آثارا لأيام كفيلة بجعلها ان تفهم انه لا يمكن العبث به

– لا يحق لك أمري … لا تمتلكين السلطة علي

تأوهت بألم وبدأت تشعر بالخدر يصيب ذراعها … لتقول بحدة

– وانت ايضا لا تملك سلطة علي

ترك أنامله وحررها أخيرا ولم يمنع يده للمس من طول ذراعها ،مغري ..مغري جدا للمس ليصل إلى نبضات رسغها هامسا

– أتتذكرين .. المس يدك ثلاث مرات ثم تصبحين لي

تمللت بضيق وهي تسحب ذراعها خلف ظهرها كالآخرين لتقول

– هل هذا ما تفعله لكل فتاة مستعصية عليك سرمد في كل بلدة ، تمارس أساليبك تلك

عقد حاجبيه ، هي الوحيدة المستعصية عليه وحتما لم يمارس أي اساليب أغواء أو عقاب تافه كهذا ابدا على امرأة ،همس بعدم فهم

– ماذا تقصدين؟

ازاحت جسده بذراعها السليم وهي تتخطاه قائلة ببعض النزق

– يجب ان اذهب

وياليتها لم تلمسه …امسك رسغها السليم وهو يدفع جسدها أن تكون بالقرب منه ليقول

– أنا غاضب لحد اللعنة .. انت لا تساعديني للتخلص علي رغبة في عقابك وقتله

رفعت حاجبها وبعض التسلية لم تغادر حدقتيها لتهمس

– ربما لأنني أريدك أن تتعذب مثلا

تحب اللعب معه … انحبست انفاسها وهي تراه يدفع جسده لتسقط بين ذراعيه للمرة الثانية .. تعترف تلك المرة بسبب غبائها ، نبضات قلبها تتسارع بجنون مع نبضات قلبه التي لم تهدأ ولو لثانية … مال شفتيه ببسمة ساخرة

– احذري اللعب بالنيران يا شاديااه

نظر الى عينيها التي تنظران إليه برهبة ليهمس بصوت أجش

– انا رجل غيور لعائلتي شاديااه … غيور لحد الجحيم .. اجمع عرق ايطالي لعين و عرق شرقي ناري ، حتما انت تودين الاحتفاظ بلسانك الجميل هذا كي لا يعاقب

شهقت بذهول وعينيها متسعتان بشكل سمح له التحديق بعينيها الكهرمانتين ، التي تنظر اليه بنظرة مختلفة كليا عن المرات السابقة .. كأنها تتعرف عليه

تتعرف علي سرمد النجم بكل ما به ، صرخت بألم خفيض حينما ضغط بأنامله على خصرها بقوة ليميل هامسا بجور اذنها

– اياك ولمسه … لمسة عارضة شاديااه وستكونين في عداد الموتى .. حافظي على مسافة بينكما ثم حسابي سيكون مع هذا الرجل

افلتها لتتراجع بعض الخطوات … ساقيها اللينة كالمكرونة جعلها تستند على الجدار البارد ، عينيها تحدقان باهتزاز واضطراب وهي تري رحيله بعينين مهتزة ، اختنقت انفاسها … زفرت بحدة وهي تحاول بألم ان تتنفس  … ما قاله … ما قاله كان غير طبيعي وسلساله … شهقت وهي تكتم صرخة بكف يدها لتسمح نفسها بالانزلاق مغلقة جفنيها تهمس

– ايه اللي عملته ده

يغار … يغار وبجنون ، اليس ذلك احدي امنياتها التي فقدتها تماما حينما تعرفت بمعاذ … الذي كان لا بأس بأن يجعل عيون الرجال تلتهمها ، وهو يغار … يغار من هو من دمها .. ماذا ان علم ان كل تلك الغيرة واللقاء الخفي والمشتعل لم يكن له داع

طرفت الدموع من عينيها وهي تهمس

– ده طلع مجنون .. بيغير من اخويا

******

كانت عينا نضال قاسية … شرسة وهو يرمق من منابت خصلات مارية الشقراء حتى كعب حذاء قدميها ، ملابسها التي تغيرت لمحتشمة انيقة .. جعلت شفتيه ترتسم بسخرية شديدة … والخطر أصبح أقرب من أنفاسه

وتلك الحالة لا يتطلب سوي شجاعة قوية .. للتمسك بما هو ملكه حتى آخر رمق في انفاسه

انفجرت ضحكاته تزلزل الارجاء الساكنة الخاوية من قطته الناعمة ، كل شئ فقد طعمه بمغادرتها ، ربما لن يعترف بها بلسانه الا أنه يعترف بها داخليا

ماالفرق ان اعترف بها علنا او سرا

فالنتيجة النهائية هو أنه اعترف

تريده أن يفقد اعصابه وقوته وتزعزع ثقته .. هي حققت ذلك بالفعل .. لكن حينما تصبح في قبضته سيكون شديد الحرص بتعليمها أن أعيبها السخيفة ستعاقب عليها وبقسوة شديدة

تذبذبت مارية وهي تري نضال الواقف امامها لم يفقد أنش واحد من هيبته وغموضه … الا ان ضحكاته الساخرة تخبئ شيئا بداخله .. هل نجحت فرح أن تنتزع قسوته .. قدرت أن تنزع ما فشلت هي ومثيلاتها اللاتي انتهي حياتهم بالبؤس ولولا ماهر حبيبها الذي أخرجها من أنقاضها ربما لانتحرت او مضرجة بدمائها في إحدى الضواحي القذرة  بأمريكا !!

ارتعشت مارية من رأسها لأخمص قدميها وهي ما تزال ترى تلك النظرة الشرسة في عينيه الذهبية ، جعلها تتوجس خيفة .. ربما فرح أخرجت الأوحش ما بداخله .. بالكاد همست ولسانها يرتعش أن علم ماهر بمجيئها هنا بمفردها سيقتلها

– بتضحك علي ايه

مال مقبلا شمس التي اندست في عناقه … بلافتة قاسية لمارية والدتها انها غير مرحب به

طعنة … طعنة قوية دكت دكا في قلبها ، والدموع تتقافز في عينيها وهي ترى صغيرتها بكلماتها التي تخرج من لسانها عن والدها ، منبوذة بقسوة عنها … لمعت التسلية في عينيه ليقول بابتسامة ساخرة

 -للاسف كان نفسي استقبلك في البيت .. بس زي ما انتي شايفة انا لوحدي هنا واخاف على نفسي من الإغراء

شهقت مارية متراجعة خطوتين للخلف .. ازدردت ريقها لتهمس باضطراب

– انت بتهزر يا نضال

لمعت عينيه بقسوة شديدة جعل اطرافها ترتجف بجنون ، وهو يسأل بوحشية

– فين جوزك يا مدام

أدركت مدى غبائها وهي تترك الفندق مندفعة بشوق لرؤية صغيرتها بدلا من الانتظار في الصباح ، الدافع الأول هو غياب شقيقتها بعد وصولها مصر … وتوقف فرح عن الرد على مكالمتها ، شعرت أن الأمور تخرج عن السيطرة … بل جميعها وهي تعر بفقدان شقيقتها وابنتها … حاولت أن تستمد بالشجاعة لتهمس ببعض الحدة

– وانت مالك

لن يشعر سوى بأنامل صغيرته وهي تهمس بأسمه مرارا .. تدعوه بـ “بابا ” لتسحب كل غضبه ليعيد النظر نحو مارية التي تنظر بدموع إلى المشهد ليغمغم بتهكم

– طيب .. روحي يا شاطرة جيبي جوزك وتعالى .. الا لو جوزك متساهل انك تجيلي شقتي بليل

حاولت ان تنظر من خلف جسده … تبحث عن فرح لتستطيع أن تتفرد بابنتها ، اللعنة من حقها الرؤية واخذها ايضا … سألته بضعف

– فين فرح

سؤالها عنها جعل عيناه تغيم بغموض لتنفرج عن شفتيه ابتسامة ساخرة

 -الا هو انتي متعرفيش

ضاقت عيناه واندلعت الوحشية والغضب يزأر ليقول

– هي مش موجودة

طالعته بعدم تصديق لتغمغم

– نضال … متهزرش من فضلك انا

قاطعها بحدة وقسوة لا زال محتفظا بها

– امشي دلوقتي عشان متسمعيش كلامك يجرحك يا مارية

مسحت الدموع من عينيها لتنفرج عن شفتيها ابتسامة مريرة ، بعد كل ما تعرضته بسببه وما الت اليه ظروفها القاسية لفقدانها ابنتها .. لا تملك شئ الان يستطيع كسرها مرة اخرى !!!

– يجرحني … اعتقد دي آخر حاجة ممكن أفكر فيها يا نضال .. كله اتجاوزته

لم يملك سوى أنه علق ببرود

-سعيد انك اتجاوزتيه .. يلا مع السلامة

مع آخر كلمة قالها أغلق باب منزله .. بكل بجاحة وقلة ذوق ، انفجرت مارية تهدر بجنون

– حيواااان

لم يكترث نضال بالرد عليها اطلاقا ، كل ما فعله أنه اقترب من شمس يقبل وجنتها قائلا

– ايه رأيك نعمل وجبة خفيفة للعشا

قفزت الصغيرة تصفق بكلتا يديها هامسة

-يلا بابا .. يلا

– ياروحه انتي

قبل جبينها بدفء شديد لتطبع الصغيرة قبلة دافئة على لحيته الخشنة ، رغم أن شمس أظهرت امتعاضها وانقلبت ملامحها تتغير مائة وثمانون درجة بعد تعرضها للخشونة من لحيته .. انفجر ضاحكا رغم غضبه ، رغم انفجاره المندلع في جوفه … حسابه مع فرح الغانم بدأ من تلك اللحظة .

*****

ظلت جيهان تجيء وتذهب دون هوادة … بدأت تشعر بالندم لما فعلته ، نظرت الي الساعة بيدها .. لقد مرت أكثر من ربع ساعة دون ظهور أي منهما ، هل يغرر بها ذلك الإيطالي ؟!!

اللعنة لو فعل … ستقتله .. تقسم لن تكف حتى أن تشوه وجهه الرجولي لتأخذ بثأرها ، اندفعت تتوجه الى الطابق السفلي إلا أن ساقيها تخشبت وهي تنظر الي عينين باردتين … لامعتان وهي تنظر اليه .. كأنه … كأنه واقع في حبها

ألم يقولها سابقا بكل حنق وغضب منه ، كأنه وقوعه في حبه لعنة … وماذا عنها هي … ألم يكن حبه لعنة .. ظلت لسنين تمنع نفسها من التقصي لأخباره .. لكن أخباره رغم عنها تصله … لسنين يصطحب امرأة مختلفة … لم تحاول حتى التجسس عليه .. خافت وخشيت أن تسمع أي حوارات قذرة بين نسائه وهو

وتمسك بدليل خيانته له …. سخر عقلها وهي تمتم “أي خيانة تتحدثين عنها يا غبية .. هو حتى يراك طفلة صغيرة كعلقة تفسد حياته ” ، ألم تكن كذلك

لا أحد راضي عن حياتها ولا حتي والدها … حتى جزء منها غير راضي … ياليتها تصبح مثل  شقيقتها .. رغم ابتعادها عن الأضواء إلا أن والدها فخور بانجازاتها التي حققتها بعد ان فاقت من انهيارها الذي سببه خنزير في حياتها …

وهي …. حتما كل ما تحسدن عليه الفتيات المراهقات ، لا شئ

لمعان خادع … إلا أنه يجذبها … رفعت حاجبها الأنيق وهي تمتم بترحيب ساخر

– وسيم المالكي ، واو مكنتش متوقعة ان حفلات عيد الميلاد بتهمك توقعتك مثلا تروح نايت كلاب

لوي وسيم شفتيه وعينيه تهبطان متفحصا فستانها الفضي المبهرج … هذه هي جيهان التي يعلمها .. تريد أن تكون نجمة الحفلة رغما عن انوف الجميع … يحمد ربه انه لا يوجد أي شق جانبي في الفستان الا انه يضع احتمالات كبيرة لشق واسع خلف ظهرها … صعد الدرجات الفاصلة بينهما ليقول بوجوم

– متعرفيش عني حاجه

لاح السخرية من عينيها وهي تمتم بثقة متفحصة اياه

– اهووو .. اعرف كل حاجه يا وسيم

اقترب منها وهو يتأمل قدها الذي التف حول قماش فستانها .. وزينة وجهها الصارخة المناقضة تماما لخصلات شعرها المسترسلة على ظهرها .. متى تخلصت من خصلات شعرها المجعدة ؟!!!

لم يبدو عليها انها ستبتعد من مكانها لذا ببساطة أخذ كف يدها وهما يدخلان إلى الحفلة الهادئة .. المناقضة تماما لصخب حفلات تلك الفأرة الصغيرة المعتاد عليها ليميل برأسه هامسا في أذنها

– بتراهني على ايه يا جيهان

اعتلت ابتسامة ماكرة على شفتيها وهي تمتم

– تحب اراهنك علي ايه

اظلمت عينيه وبقي يحاول عبثا عدم التأثر بملمس يدها أسفل يده … كل ما بها يحفزه للانقضاض عليه ، وإعادة تربيتها من جديد … غمغم بخشونة وما بداخله أصبح مفضوحا لعيني جيهان الخبيرتين

– قلبك

عقدت حاجبيها وهي تتأمله مليا … هل هذا اثر غيابها من حياتها جعلته يهذي بكلمات غريبة .. عجبا … من يصدق وسيم المالكي بنفسه يبدأ بالحديث عن القلب بل ويراهنها عليه … اعترضت طريقه وهي تضع جسدها حائلا أمامه لتقول بابتسامة مستفزة

– قلبي ،،، كلامك عميق منك وغريب… شيل قناعك انت مش في الإذاعة

بعينين عابستين لاحظ نظرات الجميع حولهما .. لم يعد يكترث للشائعات التي ستصدر حولهما .. ان كان سيخشي من سمعتها  … فالتي أمامه لا تكترث أبدا للشائعات اطلاقا .. بل تندفع بتهور ورعونة تثير بلبلة في كافة مواقع التواصل الاجتماعي ليتمتم بجفاء

– دايما بتحبي تكوني تحت الأضواء

شمخت برأسها قائلة بميوعة قصدتها

– الأضواء اللي بتجيلي لوحدها

– مغرورة

قالها بحنق وابتسامة مقتضبة جعلها ترد وعينين لامعتين بمكر

– ثقة بالنفس وبعدين مين ميعرفش جيجي السويسري

ثم دارت بعينها حول الجميع تخبره عن الجميع يضعون انظارهم عليهما ، مما جعل وسيم يترك ذراعها وهو يضم يديه في جيب بنطاله قائلا

– كل اللي هنا عارفين من جيجي

ضيقت عيناها وهي تحاول ان تفهم الي ما يصل اليه ولم يبخل عليها وهو يقول بنبرة خاصة

– بس مين يعرف جيهان

مال برأسه هامسا وعينيه يتفحصان ردات فعلها الثابتة المهتزة قليلا لم تفت عليه

– جيهان اللي تقدر تفقد اعصابك وتهورك .. تخليك في حالة تأهب ويقظة .. تحميها حتى من نفسك

ازدردت ريقها وهي تحاول ان تحافظ على ثباتها كملامحها وهي تحرك عينيها البندقية لتنظر الي الأمواج الهائجة في عينيه

– ابتزاز عاطفي ده يا وسيم

التسلية صعدت عينيه وهو يهمس بصوت أجش

– سميها زي ما انتي عايزة .. وانكري براحتك .. بس يا تري ده هينكر

ألقي نظرة نحو قلبها .. لتنفلت نبضات قلبها الهادئة عن معدلها الطبيعي ، زمت شفتيها وهي ترد بدفاع

-وينكر ليه !!! .. كأنه في حالة معقدة .. انا زي ما انتي شايفني بضحك وببتسم وحياتي حلوة حتى غيري بيحسدني عليها

قاطعها قائلا بصراحة شديدة

– مملة وكئيبة .. ضلمة وملهاش طعم .. صاحب العصاية السحرية اللي بيحول الحياة الضلمة لنور بتبعديه عنك

خطوة غير محتسبة منها للابتعاد عنه جعله يفوز .. ما زالت صغيرته يحفظها كخطوط راحة يده ، لتتخذ الهجوم وملامحها تتحول للعداء

– عمره ما قرب عشان يبعد

انفجر ضاحكا .. ضحكة خافتة قاسية وهو يتخذ الهجوم مثلها

– ومكالماتي ورسايلي .. وانك تتعمدي ان مقابلكيش .. الباب في وش الباب جيهان لحد امتي هتهربى

اهتزت واضطربت لثواني … لن تنكر انها فعلت هذا وستظل تفعلها كل يوم ، لتعقد ذراعيها على صدرها ، تحاول ان تهدأ من اضطراباتها لتقف كتمثال رخام وملامح باردة قائلة

– لانك هتأذيني

ضيق عينيه مرددا بعدم فهم

– أذيكي

لما يلعب على أوتار انوثتها ، هو الوحيد الذي يجيد العزف على آلة انوثتها وليس غيره ، هو الوحيد القادر على اختراق صومعتها .. حتى باتت ضعيفة الحيلة وهي ترمقه ببعض الحنق لتهمس بنبرة جافئة

– تفتكره حب وهو بس مجرد تعلق لشخص مهم في حياتنا .. بس للاسف خانة الصديق صعب تبقى في خانة الحبيب

للحظة لم يكن ليصدق أن جيهان ستتفوه بأغبى جملة قالتها اطلاقا ، لم يعدها ضعيفة وقليلة الحيلة ابدا … الا ان الحرب كل شئ مباح به

– قصدك الحبيب يرجع لصديق ، العبيها على غيري يا جيهان

جزت على أسنانها وبدأ الضغط الذي يمارسه بفقدان سيطرتها على لعبتها لتنفجر بحدة خفيضة

– تعرف ايه اوحش حاجه

رفعت عينيها المحتقنة بالغضب لتمتم

– أن يكون واحد يعرف عنك كل حاجه وحافظك اكتر من نفسه

وماذا عنها ؟! أصدقته أنه واعد النساء ؟ واقترب منهما ؟! … ان صدقت حتما فهي لا تعلمه .. يمرر أنامله على خصلات شعره الكستنائية متنهدا بتعب

– للدرجة دي صدقتي اني وحش

ضغط علي الوتر الحساس .. لتنفجر في وجهه قائلة

– وحش زي ما عيشتني وانا بلاقيك كل فترة وفترة مع واحدة اجنبية وبكل بجاحة تعرفني عليهم

لم يبدو على وجهه أي علامة للتأثر مما دفع جيهان تضم قبضة يدها تضربه بعنف على صدره قائلة بحرقة

– كنت فرحان طبعا مش كدا .. وانت … انت كنت بتستغفلني وبتلعب بيا يا وسيم

زفر بحدة وهو يتمسك بكلا قبضتيه خلف ظهره … يحاول أن يحفز تلك الوحوش التي تعربد بداخله ، ليهمس بصوت مقتضب

– اسف

رفعت جيهان رأسها وهي تنظر اليه بحنق لتهمس بصوت منفعل

– اسف .. اااه طبعا وانا المفروض اقولك عادي يا بيبي

عادت وجهها يكتسب صلابة كالفولاذ ليهمس

– كل السنين دي وتعذبني وكلمة اسف ده الشفيع ليك .. لا شاطر وفاكرني زي العبيطة هفرح وانت تجي مع عيلتك عشان تتجوزني … للدرجة دي اناني

لما لا تفهمه .. يخشى عليها أن يكون تعلقها به .. تعلق مريض .. وهو لسنين كبح مشاعره كي لا يؤذيها .. مشاعره التي ظن لسنون يحجمها كي لا تتأذى أو يفقد احترامه ورجولته أمام الرجل الذي ائتمنه على ابنته

كيف تريد منه ان يعترف بحبه لها وهي في بداية لحظة تفتح انوثتها .. سن مراهقتها الذي اتعبه واتعب والدها ، بقدر ما اشبع رجولته الوليدة نظراتها التي تلاحقه .. كاد في العديد من المرات ان يتهور ويفقد سيطرته

الا انه دائما يضع أمام نصب عينيه والدها ، كيف بسهولة تريده أن يضرب بكل شئ في عرض الحائط … يحاول ان لا ينفرد بها كما ليلة خطبة ماهر شقيقها ، بالكاد سيطر علي رغبته المتوحشة بها ليهمس بصوت اجش منفعل بتأثره بها

– عايزاني استغل مشاعرك يا جيهان

دارت جيهان عينيها بملل لتضرب بقوة علي صدره قائلة

– اهوو هنرجع تاني للمرحلة الابتزاز العاطفي ، انا صغيرة ومش ناضجة ومشاعري متذبذبة وانا المفروض الراجل وافهمها ان دي اللي بينا مجرد اخوة

لتصرخ في وجهه بحدة

– كل اللي بينا كان اخوة مش كدا !!

امسك ذراعها تأن بألم وهو يصرخ في وجهها

– كنتي عايزاني اتصرف ازاي .. وانا لقيت نفسي متورط فيكي … كل يوم كنت مضطر ابص ليكي كنظرة اخت وانتي متعرفيش الجحيم اللي كنت بعيشه .. عايزاني اتورط وابوكي كان مأتمني عليكي .. لو كنت سافل كنت استغليتك يا جيهان .. كنت وقتها مش هتطيقي في وشي

سحقت شفتها السفلي ولم تدري النيران التي ثارت بداخله وهو يراقب تلك الأنثى المحرمة عليه ، لتزمجر في وجهه تحاول ان تفلت من قبضته المؤلمة لذراعها

– برافو . برافو يا وسيم .. بقيت ملك الدراما

أجبرها بحدة ارعبت فرائص جسدها للنظر إلى عينيه

– بصي لعيني .. وجد بنت عمي نسيت حبها للؤي .. اللي كانت من وقت مراهقتها بتحلم انه يكون جوزها وهوب نسيته وحب جديد دخل قلبها

اتسعت عيناها وهي ترى تلك العتمة في عينيه .. أمواج تتلاطم و عاصفة لا تبقي شئ ولا تذر جعل عينيها تهبط لترى عرقه النابض الصارخ بعنف … رفعت عينيها لتنظر اليه

هل هذا ما يخشاه …. أن تكون مثل ابنة عمه ؟!

هل كل تلك السنون لشيء سخيف وأفكار غبية كعقله السميك هذا !!!

نزعت ذراعها تلك المرة بنجاح بنظرات شرسة وهي تقول

– اياك .. اياك تقارني بحد حتى لو بنت عمك … انت فاهم

ابتسم ببرود وهو يضم يده في جيب قائلا

– لو للحظة لقيتك سبتيني صدقيني كنت قتلتك

ما الذي يقوله ذلك المخبول ، انفجرت تتدعي الرعب والذعر قائلة

– اووه مت من الرعب .. ابدأ جهز سلاحك وانا هبدأ ادور علي العريس ومين عارف ممكن تقتل نفسك بعد ما تقتلني

لسانه .. .يود قصه … بل انتزاعه منها ليهسهس بحدة

– هقطعولك في يوم

ازاحت خصلات شعرها جانبا لتريه ظهرها النصف عاري قائلا بمكر

– مش محتاج يا بيبي الفستان مقطوع لوحده

احتدت انفاسه وهو يزمجر بوحشية .. يأمرها بعينيه أن تعيد خصلاتها اللعينة كما كانت .. الا تلك اللعبة النارية تحرقه ، وتثير نشوتها … أعادت ترتيب خصلات شعرها مرة أخرى ليجعل من خصلات شعرها ساترا للفضيحة خلف ظهرها ، القي شتيمة بذيئة ثم تمتم

– مستفزة

*****

بقي معتصم بين كل دقيقة وأخرى يبحث بعينيه عن صغيرتيه ، بالكاد كان يستمع بعقل نص حاضر الي ماهر ، لكن اختفاء شادية المفاجئ هو جل ما يقلقه … شادية لم تصل لجرأة وقوة جيهان

ما أن لمح جيهان وهي تتقدم اليه بابتسامتها الماكرة جعله يحاول السيطرة على غضبه … صاح بحدة

– كنتي فين

نظرت بعدم فهم إلى نبرة الهجوم في صوت والدها لتقترب منه تندس في احضانه قائلة

– هكون فين يا عصوم .. الحشرات بدات تكتر الايام دي بفكر اجيب مبيد عشان نقتلهم

امسك بعصاه بكل قوة كي لا يدقه علي رأسها .. يرى في عينيها الألم والحزن تداريه بابتسامتها المتسعة ، لا يود أن يصاب بذبحة صدرية بسببها .. ضيق عيناه حينما لمح وسيم وهو يغادر المكان ليعيد النظر اليها وهو يراها تحدق الي اثر رحيله بألم ، إن كانت لا تستطيع ان تبتعد عنه لتلك الدرجة … لما تلعب تلك الالعاب معه ؟!

زفر بحدة متمتما

– وانا بفكر اديكي باللي في ايدي

رفعت رأسها اليه قائلة بمشاكسة

– بقيت متوحش يا عصومي

نظر اليها بعبوس قائلا بحدة

– لحد أمتي كنتي هتخبي عليا انت واختك عني

أكثر ما يكرهه أن يكون هو آخر ما يعلم بحياة طفلتيه .. لتجيبه جيهان ببساطة

– شادية مش عايزة تديله فرصة انه يديلك الانطباع الحلو ليك

انقبضت ملامح وجهه ليجيب بحدة ورفض شديدين

-ده اجنبي

هذا ما توقعته ، هزت رأسها قائلة بهدوء

– عرقه شرقي يا بابا

هل تظن ابنته أن هذا شفيع له ، الرجل بدا غبيا امامه ليغار منه … كيف يغار منه وهو والدها بل وشقيقها ، هل هو غبي لتلك الدرجة ، اجاب بعبوس

– ومتهور

انفرجت عن شفتيها ابتسامة ماكرة ، والدها يغار … كان يستطيع أن يعدد صفات أخري به ويجادلها الا ان والدها بدي لم يجد شئ سوي ان يظهر امتعاضه الخاص وهو لم يجلس معه ولو لمرة واحدة ، لفت ذراعها حول عنق والدها قائلة بغمزة ماكرة

– زي ما كنت يا عصوم وقتها ايام زمن الجميل

ابنته رغم حذرها منها ، إلا أنها مائلة إليه .. لأول مرة يرى ابنته تثق بذلك الأجنبي … لكن كيف يثق هو به ، حتى وإن كان يحمل نفس العرق ، إلا أن دم هجين فسد دمائهم الخالصة .. حتي وان لا يوجد شئ يمنعهما .. هو يخاف عليها

بدي للحظة مثل حماه العزيز … كان يخشي علي ابنته منه ، غمغم وهو يعبر عن قلقه

– يستحيل استأمنه عليها

هزت جيهان رأسها قائلة

– عندك حق .. متهور واجنبي ووقح

هز معتصم رأسه موافقا علي كل ما قالته

– بالضبط

اقتربت جيهان بخبث شديد تهمس في اذنه

– وياتري جدو كان ايه اول انطباعه عندك وانت يا حبيبي بتتقدم لبنته الوحيدة وتاريخك  كان مشرف

رفع رأسه وهو لا يصدق تلك الصغيرة أصبحت تفهم هواجسه ، صاح بحدة

– بنت اتعدلي

هزت جيهان رأسها قائلة باقرار

– لطاما كنت بتفتخر بتاريخك الماضي قدامي يا عصومي .. خايف لانه شبههك

جز معتصم علي اسنانه وهو يمسك قبضته بعنف على عصاه ليقول

– محدش شبه معتصم السويسري

التمعت التسلية في عينيها وهي تقول بوقاحة

– في ده عندك حق ، زمنكم كان اخركم تتكلموا في التلفون وتبعتوا رسايل بس الزمن ده … ااه

شهقت بألم حينما شعرت بعصاه تضربها بخفة علي ساقيها لتنظر الى والدها بعبوس وهو يقول بانزعاج

– قليلة الادب

مالت برأسها قائلة ببساطة

– شبهك يا روحي

وهذا ما يجننه .. إن تلك الفأرة الصغيرة شبهة لكن بنسخة حديثة وسيئة ، انتبه علي قدوم صغيرته الاخري بوجه محتقن وعلامات مبهمة .. ثم ما هذا الانتفاخ في عينيها ؟!! هل كانت تبكي ؟؟! سألها بحدة اجفلتها

– كنتي فين

ازدردت شادية ريقها وهو تحاول ان تمسد ذراعها الذي تلقي عقاب قاسي من ذلك الايطالي الاحمق .. اجفلت من الالم وهي تجيبه بصوت ابح وعينين متحاشية عن النظر إلى  والدها

– كنت تحت

ضيق عينيه بعبوس شديد .. وهو يرفع عينيه يبحث عن ذلك المسبب الأفاعيل لابنته ليقول بنبرة غاضب

– وبتعملي ايه تحت

هزت شادية رأسها مغمغمة بصوت متعب

– جالي تلفون

زفرت جيهان بحنق ، ترمق شقيقتها من بداية خصلات شعرها الى اسفل قدميها لتقترب من والدها هامسة

– اهدي وخف عليها يا عصوم

غمغم بنبرة حادة والضعف والهوان المتأصل بشادية جعله يخشى

– هو راح فين

تمتمت جيهان بمشاكسة

– مين تقصد

حدجها بنظرة زاجرة ثم تمتم بوجوم

– المصور

تمتمت جيهان بلا مبالاة وهي تود لثانية أن تفيق شقيقتها قبل أن يعاقبهما والدها الذي بدي نزقا وحاد الطباع تلك الليلة

– مالك بيه في اتنين غيره

شكرت الله لعودة ماهر الذي اقترب محتضنا شادية التي سرعان ما دفنت رأسها في صدره .. تحاول استجماع شجاعتها المنهارة ، مما جعل الأب يرمقها بعبوس شديد ، غمغم ماهر بدفء وهو يطبع قبلة علي مقدمة رأس شادية التي اندست بعناقه أكثر

– وحشتوني جدا

زمت جيهان شفتيها بعبوس شديد وهي تقول

– انا كمان عايزة حضن

انفجرت شادية ضاحكة وهي تفسح مكان صغير لتندفع جيهان معانقة شقيقها الذي قبل مقدمة رأسها كشقيقتها .. ابتسم معتصم وبعين الاب يراهما اطفالا لا يزالون يحتاجون إلى الرعاية ، تفاجئ باندفاع ابنتيه الي عناقه لتجلب البسمة الي شفتيه وهو يربت علي ظهر كلاهما .. اندفع صوت فريال التي تتقافز منها الدموع ، كل ذلك بسبب هرموناتها المضطربة لتقول بغيرة طفولية

– وانا فين مين الحضن الجماعي ده

كادت فريال تندفع إلا أن ذراع حازمة اندفعت تلف حول خصرها باحكام ليميل برأسه هامسا بصوت أجش

– وجوزك مش كفاية ليكي

لمعت عينا فريال بعشق … لتنفرج عن شفتيها ابتسامة حالمة اقرب وصف استطاعت جيهان ان تصفه وهي تسمع فريال تعلن عشقها دون أدنى خجل امام الجميع

– انت عارف انك كفاية ليا يا قرصاني

لم تستطع جيهان سوى أن تعلق باشمئزاز مصطنع

– لا انتوا تشوفلكم اوضة لان اللي بيحصل ده قرف حرفيا

اندفع الجميع ضاحكين ووقاص يعزز من حماية رهف مقبلا رأسها … يعلم انها لم تحظى بوالد ولا والدة جيدة … لكن هو لا يملك سوي نفسه وشقيقته واخيه وأسرار ..

هزت فريال رأسها محية ابن خالها الذي اومأ برأسه قبل أن يتفاجئ بتعليق جيهان

– وانت يا مزعج .. يدوب خلصنا من مشاكلك العاطفية عشان تقع غيرك وانا المصلحة العاطفية ليكم .. لازم تدفعولي فلوس مقابل اللي بعمله

شعرت بماهر وهو يجذب من عنقها ببعض الخشونة التي اعتادتها قديمة منه ، مبتسما امام الضاحكين ، لترتسم ابتسامة هادئة علي شفتي جيهان وداخلها يقين .. ان لم تجد حبا ناريا .. فحب عائلتها لها هو الأهم حاليا !!

******

كم مضت في سجنها هنا منذ هربوها من قفصها الذهبي ، يومان .. ثلاثة ، هي حتى تجهل كم مر على فترة مكوثها هنا بعد أن أصبح نهارها ليلا وليلها نهارا ، بين أربعة جدران ليست خانقة كالاخري … ما فعله نضال … بعد أن قطع اخر شئ يجعلها تصبر عليه .. أدركت أن نضال كما هو .. مشبع بقسوته ووحدته التي يناشدها بعيدا عن صخب عائلة يرغبها لكن لا يريدها …

الي متي ستستمر اللف في تلك الدائرة اللانهائية… الى متى ستتوقف هي عن طب مساعدة غيرها ، تلك المرة كانت أشد الحرص ألا يكون وقاص او فريال علي علم بما تفعله …. كانت حريصة على ألا يعلم أحد بخطتها الفاشلة بالهرب …

لكن جيهان … تلك الفتاة المجنونة المليئة بصخب الحياة … دفعها لأن تثق بها وهي في تسير معها في اروقة جامعتها حينما اخذت درجات عامها الأول ، لم تحصل على درجات عليا بسبب عملها … لكنها نجحت … نجحت والأعوام القادمة ستقدر على أن تجتهد أكثر .. ستعمل بشهادتها وعملها الحالي سيكون سبب جنيها للمال .. ارخت رأسها على الحائط وهي لا تصدق أنها مختبئة في منزل صيفي الخاصة بعائلة السويسري للعطلات .. ما فعلته غباء.. غباء تام ، لا تستهين هي بقدرة نضال علي جلبها من عقر الدار … لكن لا تعلم لما تثق بجيهان وخصوصا انها تفاجئت بانها تحمل حاسوب وما تفعله كمثل مخترقي الحواسيب في الافلام … توقعت المخترقين في الأفلام الأجنبية لا وجود لهم في مصر … بالطبع موجودين في مراكز الأمن التابع للدولة لكن شخص حر .. كجيهان التي أمرتها أن تحتفظ بهذا السر الصغير ، كيف صغير … الفتاة اخترقت كاميرات المراقبة الخاصة بالحي الذي تسكن به حتى وصلت للعقار الذي تقطن به

اغمضت فرح جفنيها وهي تتنفس بصعوبة … جيهان تلك المجنونة … كيف لم تخشي .. بل كيف تعلمت مثل تلك الامور الخطيرة ، وحينما سألتها إذا كانت تستطيع أن تعلم ما يحدث داخل منزله .. طالعته جيهان ساخرة ” صدقيني انتي مش عايزاني ابقي كبش فدا في ايده ، اجهزته محمية يافرح ممكن اخد وقت واخترقه بس كدا هكشف ورقي بسهولة وانتي واضح عايزة وقت عشان تواجهيه “

عضت شفتها السفلى بألم .. لتردد بشجاعة مزيفة

– انتي قوية يا فرح .. قوية

جرحت .. واهينت .. بل عاملها كعبدة لشهواته …ثم مربية بمرتبة زوجة ، كل هذا دافعها للانتقام من نفسها اولا ، لانها سمحت لنفسها ان تهين المتبقي من كرامتها التي هدرت، ثم هو

لا تعلم كيف … لكنها ستجد حتما طريقة … فتحت جفنيها وهي تمتم لنفسها

– بتحصل مش اخر واحدة تتجرح .. وراكي مشوار مهم وطويل .. طويل بس انتي قدها

ارتعدت فرائصها حينما استمعت الى صوت متهكم من خلفها

– خلصتي

وضعت يدها على خفقات قلبها المرتعبة ، تهدأ من نبضات قلبها الملتاعة قائلة

– جيهان رعبتيني

هزت جيهان رأسها بلا مبالاة لتقول وهي تجلس علي الاريكة

– واضح انك اترعبتي مني ، ها يا ست فرح ناوية على ايه

بدي الحماسة تلمع في عيني جيهان لتقول فرح بهدوء

– ولا حاجه حاليا .. عايزة ارتاح

حدقت بها جيهان بصدمة ، هل تلك المغامرة ستكون كئيبة ، حتما لا … غمغمت بهدوء

– انتي عارفة ان جوزك مجنون

عضت فرح طرف شفتها السفلى ، لتهمس قائلة

– عارفة

عاودتها جيهان الحماسة مرة أخرى لتصفق يداها قائلة

– واول واحد هينفجر فيه هو ناجي

ضيقت فرح جبينها لتنظر اليها بعبوس قائلة

– وايه دخل ناجي في الموضوع

استقامت جيهان بملل .. الفتاة تلك ستصيبها بجلطة ، سحبتها بحدة لتجلس على المقعد قائلة

– يا اما انتي غبية او بتمثلي انك غبية ، جوزك مكنش هيعمل فيها طرزان قدام ناجي الا لو حس بالتهديد

رفعت عينيها وهي تنظر اليها ببعض الإدراك … لتقول جيهان ببعض المكر

– الست بتحس لما جوزها بيخونها من تصرفاته وأفعاله

انتفضت فرح قائمة من مقعدها لتنفجر في وجهها ساخطة

– انا لا يمكن اسمحلك يا جيهان انك

قاطعتها جيهان ببرود شديد

– اهدي .. انا مش اقصد اي تفكير جيه في بالك وخيالك الواسع ده ، كل اللي اقصده زي ما الست بتحس بجوزها ، صدقي او لا تصدقي الراجل برضو .. مش بيكون عندهم تحكم بالأعصاب زي عندنا لان ده بيمس كبريائهم العظيم

ضيقت فرح عينيها وهي تحدق بجيهان … محاولة أن تفهمها .. وتفهم منطقها لتهمس بياس

– متحاملة على الرجالة

هزت جيهان رأسها بلا مبالاة قائلة

– شايفاني رضوي الشربيني

انفرجت عن فرح ابتسامة ناعمة لتهمس

– لا .. جيجي السويسري

هزت جيهان رأسها بغرور شديد قائلة

– وللاسف مفيش منها اتنين في العالم .. حاليا

ابتسمت فرح ببعض التوتر وهي تقترب منها ممسكة بيديها قائلة ببعض القلق

– انا عارفة اني ورطتك

انفجرت جيهان ضاحكة لتقول بمشاكسة

– انتي ورطتيني .. للاسف اتعودت اخش في مشاكل بس متقلقيش .. انا قدها ، لما اوصل للخمسين ممكن اكتب قصة عن حياتي كمصلحة عاطفية

عادت جيهان تجذب تلك المسكينة ، المحطمة عاطفيا تجلسها على الأريكة لتقول بهدوء

– المهم جوزك الفاضل زي ما قولتلك محطته الأولى ناجي ثم وقاص بعدين انا

شعرت فرح بالأسف … والحزن لما سيحدث لحيوات الآخرون واولهم جيهان لتقول

– صدقيني مش هقعد لفترة طويلة انا بس محتاجة اهدي وارتب حياتي

نظرت جيهان بحزم شديد إلى فرح

– اوعي تضيعي مستقبلك

تخبرها عن جامعتها .. تحفزها عن هدفها الأهم ، لتترقرق الدموع من عيني فرح هامسة

– انا اسفه

جذبتها جيهان لعناق اخوي .. لم تجربه فرح يوما ، لتربت جيهان علي ظهرها قائلة

– متقلقيش بقالي فترة في حالة مسالمة .. وحشتني الخناقات

مسحت فرح الدموع من عينيها لتهمس باسف

– اسفه للي هيحصل

ابتسمت جيهان وهي تقول بمشاكسة لطيفة

– خليه يبقى مجنون.. مش ده هدفك … هكون حريصة على أنه يكون مجنون

*******

ترجل نضال من سيارته وشحنات الغضب تدفعه للفتك بمن أمامه ، قطته الصغيرة هربت منه

بحثه المضني عنها جعله يظن انه يبحث في كومة القش

اختفائها ضرب كبريائه واعتداده الذكوري وثقته المفرطة بنفس

اشبه بطعنة غدر طعنت خلف ظهره ، ما زال عقله لا يصدق انها تجرأت وفعلتها

غلطتها تلك غلطة لن تغتفر .. إلى ماذا تريد الوصول باختفائها الذي دام لأربعة أيام … الله اعلم مع من هي …. ذكائه خانه وهو يتعامل مع الوضع بنكران

لكن أن تظل كل تلك الليالي …. اللعنة … اللعنة عليها … إن ظنت تلك القطة ستهزمه …

عيناه ارتفعت نحو عقار مبني لا يقل رقيا عن خاصته …في حي راقي ، لوي شفتيه بسخرية وهو يأمر رجاله بالتوقف …اقتحم المبنى دون الاكتراث برجال الأمن الذين حاولوا إيقافه ومعرفة هويته …

ما ان دلف المصعد وعينيه قابلت اعين رجال الأمن الذين تعاملوا ببعض الخشونة من رجاله ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه … التمعت عيناه بشراسة وهو يتمتم

لقد حان وقت الحساب الان !!!

انتظر لثواني حتى وصل المصعد للطابق المنشود … انتزع بجسده انتزاعا وهو يضم قبضته .. لقد عاد المحارب لارض معركته

انتظر بفارغ الصبر وهو يضغط ابهامه بعنف علي جرس الباب … حتى استمع الى صوت ذلك الحقير يتمتم ببعض العبارات الحانقة … وما ان فتح الباب حتى هجم عليه بكل عدائية وكل طاقة غضب يسدد لكمة عنيفة في وجهه

– يا و**** .. ورحمة أغلي ما عندي لاندمك علي كل حاجه يا ****

صاح بها صارخا وهو يجذبه من تلابيب قميصه .. .ناجي نفسه يحاول ان يستوعب ان شاحنة هجمت عليه في بيته ، أمسك ناجي بقبضة نضال ليضغط عليها بعنف وهو يصيح بوجهه حانق

– انت اتجننت جاي تتهجم عليا في بيتي

ارتسمت ابتسامة باردة علي شفتي نضال وقال ببرود شديد مناقض للبراكين الثائرة وهو يسدد بقبضة يده الاخرى على فكه الآخر

– لا وبضربك يا ****

جز ناجي علي اسنانه بحدة .. لقد اكتفي من ذلك البربري وتصرفاته العدوانية … أصبح القتال لأجل البقاء

واثبات من كلا الخصمين أنهما قادران على المقارعة .. فرداء الصبر مزق

المعركة أشبه بمعركة بدائية والمكان الفسيح بينهما أصبح خانقا .. مالم يسدده بيدهما الي عظام الاخر … يهشما اثاث البيت الكلاسيكي … سدد ناجي في محاولات ناجحة أولية منه إلى وجه نضال المستفز ليهدر في وجهه قائلا

– تصرف متوقع من شخص همجي مثلك … جاي تعتدي على بيتي

انفجر نضال ضاحكا وهو يدفعه بكل قوة ليسقط أرضا .. يسدد لكمات في مفترق جسده وهو يهدر بانفجار

– وانت بقي صاحب الأخلاق والمبادئ

عروقه نافرة … وحاجبيه منعقدان وشفتين حازمتين … نضال لا يريد سوى إثبات شئ واحد

فرح … له ، لا رجل ولا نصف رجل حتى سيأخذها منه

سحبه من تلابيب قميصه لينظر بجنون الي دماء ناجي المنبثقة من أنفه

– ولما انت راجل اوي كده بتبص علي حاجه مش ملكك ليه يا ****

ارتسمت ابتسامة على شفتي ناجي … وهو يحاول أخذ استراحة صغيرة من ذلك الهجوم ، ينظر اليه ببرود استفز ذلك المارد الشيطاني امامه … بكل قوة متبقية منه ابطحه أرضا وهو يلكمه في وجهه بشراسة … يأخذ بثأره الصغير حينما تهجم عليه في مكتبه قائلا

– ولما انت بتغير عليها كدا شجعتها تاخد الخطوة دي ليه .. سكوتك كان تشجيع ليها

ثم تابع بنبرة مستفزة جعل وجه نضال يتجهم لكن الحريق المندلع في عينيه لم يفته

– ده على كده كل معجب هتتجهم عليه في بيته وتضربه ، بدأت اتخيلك وانت في السجن واعلان مثير للاهتمام ” زوج غيور يتهجم على بيوت معجبين زوجته الشهيرة ” اعلان جذاب مش كدا

سدد ناجي لكمه أخرى في وجهه وهو يتنفس بهدر … تلك المشاجرة .. اللعنة استفزته وهو بالكاد ذهب للنوم منذ ساعتين ، ليتمتم بجمود

– لا اعتقد دوري انا المرة دي

ارتسمت ابتسامة على شفتي نضال ، يبدو أن الرجل بات يتقن أساليب الرجال وهو ظن لوهلة انه ليس اهلا بالحرب معه .. لا يوجد أحد اهلا للحرب حتى هذا الذي يحاول اثبات شئ له .. زمجر بحدة

– محدش قدي

ابتعد ناجي عنه وهو يستقيم واقفا بصعوبة متحملا ذلك الدوار ليمسح الدماء من انفه بكف يده قائلا بنبرة متهدجة

– بدل ما عاملي فيها سبع الرجالة اوى كدا .. روحلها واحبسها

ارتسمت ابتسامة قاسية علي شفتي نضال وناجي يهدر في وجهه قائلا

– هينها واضربها

رمقه ناجي من خصلات شعره وبعض الكدمات التي سددها لوجهه كما فعل معه … مرر أنامله بسخط على خصلات شعره ليتابع

– خلتها نسخة باهتة .. صدقني مكنتش محتاجة تشتكي لحد وتقول حياتها معاك .. نظرات عينيها كانت كفاية للاعمى حتى

اكتفي نضال بالصمت .. لن ينكر .. هذا ما فعله معها تماما ، لكن لما الثورة الان ؟!!

استمع الى نبرة ناجي الحازمة

– اتفضل برا بيتي .. والا بلغت عليك البوليس وصدقني بحجم نفوذك الا اني بنفوذي هكسرك

عجبا .. هل أصبح لذلك نصف الرجل صوت الان ، استفزه .. حتما بعد تلك المعركة المشتعلة ، ظن أنه لن يكون قادر على مقارعته ويجلب بعض الملل لنضال وهو يظن أن نصف الرجل أمامه لا يعلم مشاجرات بالأيدي .. لكن عجبا ليس سيئا !!

اقترب نضال منه وهو يوجه لكمة أودع بها كل غله وحنقه من كلماته الحقيرة واختفاء قطته مما جعل ناجي يسقط ارضا متوجعا .. رغم تعبيرات الالم البادية على وجهه الا انه لم ينبس ببنت شفه .. جثي نضال بجسده وهو يهمس بوحشية قائلا

-مفيش حاجه تكسر نضال الغانم

ثم استقام وهو يعدل هندام ملابسه مغلقا الباب خلفه بحدة … جعل ناجي يجز على اسنانه متحاملا الالم ليستقيم قائما .. دوار لفه جعلت الرؤية تشوش للحظات .. اغمض ناجي عينيه ، تلك الغبية جيهان … لا يوجد سواها عالمة بمكان فرح .. ستؤدي بنفسها للتهلكة تلك الحمقاء من مواجهة رجل جريح بكبريائه كـ نضال .

****

انفجر سامر ، شقيق سرمد هادرا بنبرة مرحة

– اللعنة عليك يا غبي العقل .. هل اخبرتها صراحة انك ستقبلها

جز سرمد علي اسنانه ساخطا .، ذلك المزعج لن يكف عن الالتصاق به … هي كلمة نطقها عارضة فقط لم يحكي أي تفاصيل … أي تفاصيل تخص امرأته وما حدث بينهما .. مزحة سخيفة القاها مع غسان فقط .. سرعان ذلك الواشي انطلق يخبر عائلته ، ما زال سامر يختبر قدرته على الاحتمال

– أخبرني أي عرق لعين يسير في أوردتك هل هي الايطالية أم الشرقي ؟

لن يتخلص منه يعترف .. صفر لكلبه الذي يركض بحرية بين الأرجاء ليهز الكلب ذيله وهو يقترب من صديقه .. مرر سرمد بخفر علي فراء سيد ليرد بحدة

– كلاهما يا شقيق كلاهما

استمع الى صوت والدته عبر سماعة الهاتف

– اعطني ذلك الهاتف

قلب سرمد عينيه وهو يحاول التحكم باعصابه ، ما قاله غسان اكيد اكبر بكثير مما حدث ، يعلم خيالات صديقه الجامحة مثله .. لكن هو لم يستطيع أن ينفذ شئ سوي أن يؤذيها جسديا .. يتذكر أنينها و ارتجاف جسدها بين ذراعيه ، رائحتها الخاصة التي لم يتعرف عليها حتى الآن ، ابتسم قائلا بنبرة مشاكسة

– جميلتي

انفجرت والدته بحدة صارخة

– ماذا فعلت يا احمق العقل ، بأي عقل انت تفكر .. هل هذه وصيتي لك .. ثم لما لم تبعث صورتها لي أريد رؤيتها

سرمد كان يجول حوله مما جعله يعترف امامها

– الصور تبخس من جمالها امي ، عليك رؤية ما يموج في عينيها

شهقت أمه وبدأ يعلم انها تبكي لتهمس بنبرة متحشرجة

– يا ولدي … اتعلم لكم انتظرت أن تعرب عن حبك لامرأة … حتى الغبي الآخر لا يحاول حتى ان يبحث عن علاقة جدية لكن طالما هو في منزلي فأنا حريصة على ألا يلعب بذيله كما تفعل انت

جز سرمد أسنانه بسخط مزمجرا

– افعلها مع امرأتي

قاطعته والدته بحدة وصرامة

– ليست امرأتك سرمد .. ليس بعد ، تنحي عن تهورك الايطالي هذا واكسب الفتاة

لوى شفتيه بسخرية ، ليتلاعب بحاجبيه قائلا بمكر

– تنجذب لوقاحتي امي

انتبه سرمد علي وجود صديقه غسان الذي قاطعه بصوت اجش

– اللعنة ، أنت تكذب

ارتسم الحنق علي وجه سرمد وهو يري سبب حنقه ، ليسمع صوت والدته

– هل هذا صوت صديقك ؟

حدجه سرمد بنظرة قاسية قبل أن يتمتم

– نعم هو ذلك المزعج ، الذي خطف قلبك مني

استمع الى نبرة والدته الغاضبة

– اصمت يا غبي ودعني احدثه

القي نظرة إلى غسان ثم بكل غضب وغيرة صاح

– هو مشغول باطعام سيد الان

انهي سرمد مكالمته ، ثم نظر إلى غسان الذي ينظر إليه بعبوس قائلا

– ماذا

قلب غسان عيناه بملل قائلا

– تحب وقاحتي ، حقا !! … انت كاذب كبير

انفرج عن شفتيه ابتسامة متسلية ليقول

– أليس هذا ما يجعل الفتيات ينجذبن لنا ، انا املك سحرا لا يقاوم

حاول غسان أن يرد عليه ، الا انه تمتم بحدة

– لن أستمر في الجدال معك

رمقه سرمد بحدة ثم قال بسخرية

– وكأنك قادر على مجابهتي

القي غسان نظرة خاصة نحو الكلب ، ليتمتم بانزعاج

– متى ستأخذ ذلك المزعج

وضع سرمد يديه في جيب بنطاله قائلا

– أوشكت المرحلة الأولى من تجهيز شقتي علي الانتهاء

التمع التسلية في عيني غسان ليقول

– شقتك انت والبرتقالية ، هنيئا لك يا رجل ستتزوج أخيرا

ثم تابع باستفزاز شديد

– ماذا … لاتخبرني العروس رفضتك ستكون تلك اهانة كبيرة لعائلتك المعتزة بكبريائها

جز سرمد على اسنانه غاضبا ، دائما غسان لا يتوارى عن الأخذ بحقه حتى في المشاجرات الكلامية .. نظر إلي التصميم في عيني صديقه وهو يقول بنبرة بها بعض التملك

– ستكون لي .. مهما تملصت وشيدت إلا أنها في مرحلة ما ستضعف

صفق غسان بيده قائلا

– احب هذا منك يا ابن النجم

******

في قرية الغانم ،،

تجول رهف بين ارجاء قرية شقيقها بصحبة فريال … مجئ نضال المفاجئ للقصر واقتحامه بغضب واتهامه لشقيقها انه السبب في اختفاء فرح … فرح التي وللعجب لم يعلم أحدا اختفائها إلا منه …

رغم كل حنق وغضب نضال المتفاقم إلا أنها تتفهمه .. تشعر به … لطالما احست بتلك الوحدة بين عائلتها في حين غياب وقاص عنها … لكن كانا يحيطانها باهتمام مزيف من مال ورفقة باردة .. لكن ماذا عن نضال

فترة نقاهتها جعلها تبدأ تفكر في الجميع … الكل قبلها ، تري معاناة الجميع ثم معاناتها ، لطالما اسرار جثتها على أن ترى بعينين يقظتين إلى الالامهم وان المها هو اقل وهنا بما عاشته إذا استطاعت أن تنجو .. لم تنجو كليا إلا أنها نجت .

انتبهت على صوت فريال المتسائل

– اعتقد انك هنا احسن

ازدردت رهف ريقها بتوتر ، وهي تخشى اجتماع أخويها معا تحت سقف واحد … كان شقيقها صلبا غير متأثر ولو للحظة لانفجار أخيها نضال

– يعني شوية

جلست فريال على احدى المقاعد وهي تزفر قائلة بملل

– واضح ان نضال الغانم مش عايز يستقر

جلست رهف بجوارها وهي تميل رأسها قائلة بابتسامة حزينة

– نضال خايف يتعلق … التعلق وحش يا فريال .. خصوصا لما يلاقي اللي متعلق بيه مشي من حياته ، مش مستغربة من تصرفاته بس انا خايفة عليه

غامت عينا رهف الزرقاوتين وهي ترفع رأسها قائلة بصوت اجش مضطرب

– نضال كان صخرة افتكرتها هشة وقت ما سافر وقاص ، للحظة حسيت الحماية اللي دايما وقاص بيغلفني بيها اختفت .. حسيت اني لوحدي.. حسيت اني يتيمة

اختنقت انفاس رهف وهي تحاول رويدا وعبثا ان تهدا من بكائها لتهمس

– عارفة احساس تكوني يتيمة في بيت فيه أب وأم يا فريال ، وقاص كان بيقدر يعوضني عن النقص ده

قسوة نضال كانت مؤلمة للحد الذي جعلها تظن أنها انكسرت وما عادت تستطيع النهوض .. لكنها غفلت ان هو من كان يعلمها ان الصخرة التي كادت أن تحطم ضلوعها ما هي الا صخرة صغيرة مقارنة لما ستمر به في مواجهتها القادمة ، كان قاسي بدرسه .. لكن لولاه لما استطاعت الصمود وان تستطيع ان تتخطى ماضيها كما استطاع الآخرون بالمثل .. مستفيدين من تجاربهم

– نضال كان اب قاسي وحنين في تعليمه ، كان بيوريني ان الدنيا مش بالروعة اللي وقاص اللي بينسجهالي .. بيوريني ان الدنيا وحشة وحشة والحلاوة اللي فيها هي وجودنا بين أشخاص بتحبنا وبنحبهم

مسحت الدموع من عينيها لترتعش شفتيها بألم

– نضال وحيد ، وحيد من صغره وعمره ما جرب الشعور بالاهتمام زي ما انا ما جربته ، اه بابا وماما فاكرين البنت الصغيرة اللي طلباتها اوامر بس كان اهتمام بارد .. بس كان اهتمام ، بس نضال

عضت على شفتها السفلى بألم لترفع عينيها المعذبتين لفريال التي سارعت بعانقها مؤازرة

– كل يوم بتشجع .. كل يوم بحاول اتسلح اروح لنزار واقوله ان انا مش بالشكل اللي متصورني بيه

مررت فريال اناملها على ظهر رهف قائلة بصلابة شديدة مناقضة للدموع التي تخرج من مقلتيها أثر هرموناتها المضطربة

– رهف انتي شجاعة … انتي صلبة ، انتي اقوى مني .. مخلتيش اللي مر في حياتك قبل كدا تكون عقبة لحياتك

انفجرت رهف بحرقة وأشباح الماضي يعاودها مرة اخرى

– انا بترعب كل ليلة يا فريال .. قبل ما انام مش قادرة انسي لمساته القذرة علي جسمي يا فريال وكلامه القذر عليا

رفعت رهف راسها بابتسامة ناعمة تشق كل ذلك الألم في ملامحها لتقول

– بس نزار بيقدر يسحبني من المكان اللي علقت فيه

مررت فريال اناملها بارتجاف لتهمس

– اهدي يا حبيبتي … أهدي

رغم المكان منح خصوصية للمرأتين لكن عينين خضراوين التمعت بثأر صغير .. بالنهاية كل شئ مدمر .. ما المانع بأخذ بالثأر

لكرامة بعثرتها بيدها

وجرح لم يبرأ بعد

تحاول التناسي والتعافي … لكن عبثا لمحاولاتها التي تنتهي بإحدى نوبات بكاء وغضب

التي تعانيها ليلا في غرفتها ، انسحبت ببطئ شديد وهي عاقدة العزم للذهاب نحو الغافل ، لطالما كانت تعلم منذ البداية أن بتلك الفتاة شئ مريب .. وسمعتها السابقة لم تكن مشرفة وحتما الإشاعات التي سمعتها … من يعلم ربما تكون حقيقة !!!

تركت ساقيها تنطلق نحو مطعم ابن خالتها ، اندفعت بتهور نحو الباب الرئيسي و بهاتفها تحمل مقطع صغير … ربما سيجلب سيشفي غليلها منها .. لم تهتم بالنادل الذي اندفعت تصطدم به وهو بالكاد حافظ على توازنه … دفعت بكلتا يديها باب المطبخ لتتنفس بهدر وعينيها تبحثان عنه … لم تبحث كثيرا وهي تجده ينزع مريوله الخاص وبعض علامات القلق لمعت عينيه الراكدتين … سألها بقلق

– بيسان ، شو عم تعملي هون ؟ خالتي بخير ؟

عضت على طرف شفتها السفلى .. رغم فداحة ما تقوله .. الا ان التراجع فات

وقبل أن تجبن .. اندفعت تقول بتهور

– اعتقد انه لازم تعرف حقيقة خطيبتك يا نزار ، مش عايزاك تتخدع اكتر من كدا

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *