روايات

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ميار عبدالله

رواية أترصد عشقك البارت الثالث والعشرون

رواية أترصد عشقك الجزء الثالث والعشرون

رواية أترصد عشقك الحلقة الثالثة والعشرون

لا تسأل شخصا وهو مندفع بالغضب لما ارتكب حماقة

أو جريمة

يكون العقل وقتها طالبا للثأر .. كرامة جريحة يود استرجاعها ، صورة مهتزة يود تصحيحها

لا يفكر في أبعاد الأمر الذي أوشك على ارتكابه ، كل ما يدفعه هو أن يسترد جزءا منه انتزعت بغبائه … و غباء وحماقة يود استرجاعها .

أي خيار أهون

الرقص على حبال رفيعة واسفلك قاع بحر … أو التأرجح على حافة هاوية

كلاهما موت .. لكن هناك معاناة صغيرة في إحداهما ؟!

ربما !! وربما تقبض أنفاسه أثناء سقوطه !!

يديها تتعرقان وهي تشعر بالسخف أمام وقوفها في المطبخ أمام العشرات من الطهاة لتندفع بتهور

– اعتقد انه لازم تعرف حقيقة خطيبتك يا نزار ، مش عايزاك تتخدع اكتر من كدا

لا وقت للتراجع .. خصوصا وهي تري الشحوب يزحف تدريجيا وجهه الوسيم .. وجه يشبه وجه شقيقه الا ان الاخر .. مندفع بطاقة غضب بعكس نزار الهادئ .. الا اوقات عمله تشهد بصرامته ..

ازدردت ريقها وهي تشعر بالسخف الشديد لما تفعله ، حتى وهي تتململ في وقفتها وتحاول ان تجعل لسانها الملتصق بحلقها يتفوه بشئ

–  شوو أصدك ؟؟

قالها نزار بحاجبين منعقدين ، ولا تنكر أن عينيه الراكدتين لم تعودا راكدتين .. شعرت بأنامله تقبض على ذراعها وهو يسحبها ببعض الحدة والحزم … تعثرت بيسان للحظات حتي حاولت أن تواكب خطواته الشبة راكضة ، وجدته يدفع بباب مكتبه ثم أغلق الباب بهدوء … حتما لا يناسب الأجواء التي اندلعت بسببها

بقي منتظرا منها تفسيرا ، بنفاذ صبر تراه يحاول أن يتحكم باعصابه .. رفعت هاتفها وهي تشغل مقطع صغير بالكاد التقطته من حديث خاص لخطيبته المبجلة وامرأة أخرى لم تتعرف عليها …

– شوف الفيديو ده

كانت عينا نزار تنظر باهتمام شديد إلى ما في يديها الا ان عيناه اتسعت بدهشة حينما اغلقت شاشة هاتفها بتوتر فضحها جعله يقول بانزعاج

– لك بيسان شو في؟

لا تأمنه ولا تأمن أي رجل خصوصا في لحظات الغضب ، شئ جعلها تتراجع .. لترسل مقطع الفيديو لجهازه قائلة بتعجل

– بعتهولك .. عن اذنك

خرجت شبه مهرولة .. راكضة بمعني الحرفي ، كوحش مفترس وهمي يركض خلفها على وشك افتراسها … كادت تصطدم حرفيا بجسد شخص ما الا ان يدين قويتين منعت التصادم ، رفعت رأسها لترى صاحبها وما كان سوى وحشها الحاضر و كابوسها الذي حل عليها في يقظتها ونومها .. اضطربت عينيها وهي تطالعه ببعض القلق ثم الخوف الذي بدأ يتسرب منها تدريجيا

لا تعلم ما فعلته ، لكن شئ أخبرها بقيامه .. شئ دفعها بانتقام صغير ان تخبره شئ هي حتى لا تعلم ما هو ؟! .. لكن زرع بذرة الشك كان وقتها بدليل قدم على طبق من ذهب … فكرة رائعة وطبق لا يأتي للعمر سوى مرة واحدة ..!!

عبس غسان وهو يري صاحبة العينين الدابحتين تخرج تحديدا من مطعم شقيقه ، اضطرابها وهلعها من رؤيته وكأنه شرطي قبض على المجرم متلبسا بجريمته ..

النيران اشتعلت في عينيه مما جعلها تتراجع خطوة قلقة مما هو مقدم عليه ، لم يمهلها فرصة للابتعاد عنه اذ وجدته يجذبها بقسوة هادرا في وجهها

– لك انت شو عم تعملي هون

هدرت انفاسها بعنف وهي تحدق في عينيه بحنق وغضب مستعر ، لطالما كرهت تسلطه الغير مبرر عليها .. جاعلا من نفسه المتحكم بحياتها ، نزعت ذراعها بقوة المتها وهي تصرخ في وجهه قائلة

– حد قالك انه مكانك ، اوعي من وشي

طالعها بدهشة لثانية مرات ليعارض طريقها وهو يصيح بانزعاج

– ولسانك أد سبع شطلات كمان نفسي افهم انت شو رضعانة وانت صغيرة

كـ ديكان يتقارعان أيهما له الحق للأخذ بمكانه ، الشعلة في عينيها المتراقصة جعلته يرفع حاجبه بشرر وهو يسمع ردها المستفز ككل ما بها

– اني ابقي وقحة مع عديم التربية .. ايه رأيك !!

وجهها المضرج بالحمرة أثار غضبها وحنقها منه ، انفها المحمرة بطبيعة وعينيها الشرستين المندلعتين بغضب ناري … أدفئه وجعله يطالعها مشدوها لثواني .. لتهبط عيناه يري سبب فقدانه لتهوره

شفتيها ناضجتين .. حان وقت قطافها ، نيران اندلعت في جوفه … وحمم بركانية تسري في عروقه ليهسهس بغضب موجها له اولا

– ماشاء وطلع للقطة لسااااان طويل

قلبت عينيها بملل قائلة بابتسامة باردة

– وطلع للكلب ديل ، سبحان الله

اتسعت عيناه بجنون مخيف .. لتتراجع خطوة وحينما تقدم خطوة منها ، ازدردت ريقها وهي تحاول الاستجداء بشخص تعلمه وأن تأمن شره ذلك اليوم ، الا يكفي ان والدتها منبهرة به .. بل تشعر أنها انجبته من رحمها وليست هي ، كادت ان تنفجر ضاحكة حينما صاح بحنق

– احترمي حالك

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها قائلة

– مش قولتلك ابقي قليلة الادب مع اللي مترباش

وقحة .. وقحة .. يقسم انه سيكون اكثر من مسرور لأعادة تربيتها تلك الوقحة ، فقط لو لم تكن ابنة خالته .. ربما لانتزع لسانها ثم شفتيها المستفزتين تلك ثم كسر عنقها

– والله انت بدك ترباية من اول وجديد

قالها وهو يجز علي اسنانه واضعا يديه في جيب بنطاله كي لا تمتد يداه لدك عنقها البض .. لوت بيسان شفتيها لتهمس

– وانت عايز تاخدلك قلمين عشان تفوق

كانت تعنيها تلك الجملة ، تريده أن يفيق ذلك المغرور .. لتسمعه يصيح حانقا من همهماتها الغير مفهومة

– شو عم تبربري ياانسة

أمسكت بحقيبتها قائلة بتعجل حينما شعرت أن مكوثها طال أكثر من اللازم … والقابع بالداخل ربما يخرج ويفجر غضبه في وجهها

– مبقولش .. عن اذنك

لم يخفي غسان هاجس ان تلك المغفلة ذهبت لرؤية شقيقه ، لا يعلم أي مصيبة فعلتها تلك المرة ؟ .. هل لتلك الدرجة تخشى أن يراهما ؟ أشاح ما رواد تفكيره .. اخر شئ هو أن تخاف تلك الوقحة منه ، يبقى الاحتمال الأول وهي أنها قامت بحماقة هو المرجح ليتفاجأ بصوت صديقه سرمد الذي كان يشاهد كمتفرج يشاهد فيلما كوميديا حصريا .. قارئا ردات الفعل بين الطرفين ولغة جسدهما ، اقترب قائلا بمكر

– من تلك الشقراء؟

طالعها غسان بنظرات غامضة حتي اختفت عن ناظره ليقول بعبوس

– ابنة خالتي

لكزه سرمد في معدته قائلا بمشاكسة

– يا **** وتخبرني أنك لا تجد حسناوات هنا وأنت تمرح هنا

انقبضت معالم وجهه غسان مما دفع لسرمد الابتسام ببرود شديد ، يأخذ ثأره حينما ذكر محاسن برتقاليته أمامه مشاكسا اياه لقتله على الفور أن علم أن صديقه مال إلى امرأته

صاح غسان بجدية ونبرة حذرة من التمادي

– سرمد

انفجر سرمد ضاحكا وهو يقول بعبث

– هل استشف نبرة تملك هنا ؟

أشاح غسان وجهه للجهة الاخرى ، آخر ما يوده الان استفزاز سرمد وهو كاللعنة دائما يسقط ويستسلم لنوبه غضبه ، صاح بحدة شديدة

– لا دخل لك بها

مال سرمد راسه ليقول

– يبدو انك جدي للغاية ، متى اكتشفت أن لك ابنة خالة جميلة

وكلمة جميلة وضع أسفلها عشرين خطا ، ليراقب تعابير غسان التي تحولت من الساخطة للحانقة ثم الغضب الذي انفجر في تعابير وجهه

– منذ أن قدمت لهنا

قالها وكأنه يتلفظها ليضع سرمد ذراعه حول عنق غسان قائلا

– وكل تلك الأسابيع ولم تخبرني عنها

الغضب في صوته والتوتر الذي انفضح امام عيني سرمد الثاقبتين لكل خلجة تصدر من صديقه

– سليطة اللسان ، ثم ليست من نوعي المفضل

راقبه سرمد بعدم تصديق ، هو لم ينكر حينما شعر بقوة عاطفته لبرتقاليته ولم يجادل حتى .. كان رجل مرحب بالسقوط .. هز سرمد رأسه قائلا بنبرة عابثة

– شقراء وعينين خضراوين وجسد مثالي ثم تخبرني أنها ليست من نوعك المفضل ، حسنا يبدو أنها من نوع المفضل لدى العديد من الرجال غيرك

زفر غسان بحدة … وهو يحاول أن يقتبس بعض الهدوء .. لكن ذلك المزعج بجواره لا ينفك سوي ان يزيده غضبا ليقول بانزعاج ساخط

– هل تريدني أن أقتلك ؟

ارتسمت ابتسامة متشفية .. مخبرا اياه بعينيه انه مرحبا به في نادي العاشقون ليتمتم

– ألم أخبرك أنك كاذب ؟

انتبها لصوت الباب الذي فتح بقوة ليعقد سرمد حاجبيه وهو يرى شقيق غسان الذي خرج من المطعم ببعض الغضب الذي يستطيع أن يقرأه في لغة جسده … مال قائلا لغسان الذي يبدو أنه في فقاعة خاص منعزل عن العالم المحيط به

– ما به شقيقك ؟

انتبه غسان لنبرة سرمد الجادة ليرفع رأسه محدقا في شقيقه الذي يبدو متغيرا عن عادته ، هاجس مخيف وشئ لا يستبعده ولو احتمال ضئيل … جعله موقن أن تلك الحالة بسبب تلك الداهية الصغيرة

تمني … تمني من قلبه أن لا يكون لها علاقة بما آل لشقيقه ليقول ببعض الهدوء

– لا أعلم .. ربما مشاكل بالعمل

هز سرمد وهو يصفر لسيد الذي ركض تاركا طعامه .. مرر سرمد أنامله في فراء سيد قائلا

– اقترب جمعنا معا يا صديقي ، كن مهذبا مع ابيك الثاني يا سيد

طالع الكلب علي مضض غسان ثم هز رأسه ، ليربت سرمد علي رأسه قائلا

– كلب مطيع .. سأذهب الآن يا صديقي

عبس غسان وهو يضغط بقوة في جيب بنطاله ، حالة شقيقه غير مبشرة .. ان كانت هي من تسببت بهذا .. فياويلها منه ومن بطشه !!

*****

في قصر الغانم ،،،

وقف كلا منها ينظر الي الاخر بنظرات مبهمة ، نضال غضبه يعميه عن النظر للحقيقة ووقاص يبدو باردا أكثر من الحد المسموح له ، رغم اشتعال الموقف … ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي وقاص وهو يمد يده بكوب الماء للجالس أمامه ينظر الي بنظرات تقسم أنها تكاد تحرق وقاص من مكانه

– اعتقد شغل الهمجية دي بطلناها مش كدا ولا ايه

اخذ نضال كوب الماء بحدة ليضعها علي الطاولة الصغيرة امامه ، لم يأتي هنا للتسامر أو للضيافة ، غياب فرح الذي يراه طال زاده سخطا .. وغضبا وتهورا .. صاح بحدة وهو يجز على اسنانه ساخطا

– فين فرح

ضم وقاص يديه في جيب بنطاله وهو يتذكر قبل نصف ساعة من اقتحام اخيه البربري لمنزله هائجا باحثا عن فرح … فرح غائبة ومنذ عدة أيام ولم يعلم سوي اليوم .. غمغم وقاص ببرود

– وانا هعرف منين مكان فرح

الوضع اصبح مثير للسخرية ، نضال المعروف عنه بسخريته وبرودة حتى في أشد اللحظات حرجا يكون ساخطا ، مندفع بطاقة غضب عكس أخيه وقاص الذي يحاول التفكير بمن لجئت للهرب ؟ وماذا فعل شقيقه لتهرب منه تلك المرة ؟!

استمع الي هسهسة نضال الحانقة

– خطفتها مني المرة الأولى

رفع وقاص حاجبه ممعن النظر إليه ليجيبه

– مخطفتهاش هي جت لحد عندي … وانا سبتها تقعد .. عملت ايه خلتها تمشي وتسيبك

صاح نضال بحدة وهو يطيح بالكوب أرضا ليتهشم إلى شظايا جارحة

– متقدرش تسبني بمزاجها … انا كنت وقتها موتها بأيدي

نظر وقاص الي الكوب المنكسر ثم اليه ليقول ببرودة اعصاب

– جميل وبعدين

خبط نضال بعنف علي سطح مكتبه ، ذلك البرود الذي يحدثه به وقاص … يجعله على وشك قتله .. بل ارتكاب جناية ، صاح بنبرة فاقدة للسيطرة

عايز اعرف هي فين

رفع وقاص يديه مشيرا حوله قائلا

– عندك القصر اهو … روح فتش كل اوضة فيه ، وبعدها نتكلم زي أي اتنين عاقلين

ذلك الرجل اصبح مستفز للأعصاب ، اين وقاص القديم الذي ينفعل من أقل مجهود .. لما يشعر أن كلاهما تبدلا … شعر بسخافة وجوده في ذلك المكان ناويا الرحيل الا ان وقاص صاح بصوت حاد

– عملت فيها ايه

التفت على عقبيه قائلا بغضب مستعر من عينيه

– محدش ليه دخل بمراتي

ارتسمت ابتسامة باردة على شفتي وقاص ليجيبه

– فرح تبقى من مسؤوليتي وتحت حمايتي حتى منك انت

صحح نضال وعيناه تقدحان شررا

– فرح تحت حمايتي انا ، لا انت ولا عشرة غيرك يدافعوا عنها

صاح صوت انثوي منفعل وصوت كعب حذائها يرن علي الارضية المصقولة مما جعل نضال يقلب عينيه بملل

– ولما هي تحت حمايتك هربت منك ليه يا نضال

التفت نضال نحو اسرار وهم بالصراخ في وجهها الاان وجهه شحب حينما رآي تلك اللمعة في عينيها الزرقاوين .. لمعة الحياة افتقدتها اسرار منذ طفولتها حتى زواجها الأول .. لمعة حياة ظن أنه غير محظوظة به مثله ، لكن منذ زواجها بذلك البوهيمي .. عجبا .. أسرار تغيرت مائة وثمانون درجة .. بالكاد يحاول التعرف على تلك الجديدة  ،أكل ذلك التغير فقط لأنها اجتمعت مع حبيب مراهقتها ؟!

جز على اسنانه ليصيح بحنق

– انتي ايه اللي جابك هنا

اقتربت اسرار منه لتنظر الي وقاص بعبوس كونها لم تتلقي مكالمة منه بل من فريال التي اخبرتها عن ضرورة وجودها في المنزل ، ابتسمت ببرود قائلة بنبرة ذات مغزى لوقاص

– لقيت اجتماع طارئ ، قولت اشوفك يا نضال عملت ايه

نظر نضال اليهما ثم صاح بحدة

– فرح سابت البيت ، ما انا هبقي النكتة بتاعتكم للفترة الجاية

هم بالرحيل إلا أن أسرار امسكت ذراعه قائلة بتوسل

– نضال اهدي … المواضيع دي متتاخدش بالعصبية

نظر الي يدها وطالبها بتركه إلا أنها تمسكت به بقوة ، عينيها تتوسلانه بضعف جعله يقلب عينيه بملل ليصيح بفظاظة

– جيتي ازاي

اشرقت ابتسامتها والحياة تضج من كل خلجة في جسدها لتهمس

– بالسواق اللي عينه سراج من وقت ما حملت

ثم سرعان ما عادت تنظر اليه بعد أن أنهت هيامها المقزز لزوجها قائلة

– صدقني مش عايزين غير انك تبقي سعيد .. كفاية اللي بتعمله فى نفسك ده ، انت بتأذي نفسك اكتر ما بتأذي اللي حواليك

لوى نضال شفتيه محدقا في عينيها بعجز شديد ليهمس

– مش قادر

هزت رأسها تدعمه قائلة

– تقدر .. نضال انت عارف انا رميت كل حاجة عشان ابقى مبسوطه مع اللي بحبه وبيحبني

عادت لتلك الكلمات المستفزة .. نزع يدها ليصيح بحدة

– نفسي اعرف مين اللي ضحك عليكم بكلمة الحب

اكتفي وقاص بالصمت والمشاهدة لتمسكه أسرار بحدة من سترته قائلة

– الحب مش مجرد حب بين الحبيبة ، الحب يا للي ناكره .. أمان واحتواء .. خوف وقلق من انك تفقد اللي بتهتم بيه .. الحب انك تحاول باكتر من طريقة وطريقة تسعد اللي بتهتم بيه ، الحب يا نضال هي بذرة الخير اللي بنزرعها في الأرض

اندفعت الدموع غريزيا تتدفق من عينيها إثر تلك الهرمونات مما جعل نضال يزفر بيأس وهو يراها أصبحت عاطفية .. أكثر من الحد اللازم وهو يسمعها تقول

– لو فعلا مش بتحب مكنتش هتكون مهتم بشمس وتحاول تسعدها بأقل حاجه ، مكنتش هتموت من الفرحة لما تلاقيها بتقولك يا بابا

لاح بعض الضعف علي وجهه متذكرا صغيرته ، ثم تلك الهاربة وهي تدلل صغيرته .. انتقام تلك الهاربة منه ودروسها في إغواءه .. ابتسامة صغيرة لاحت على شفتيه متذكرا ضعف فرح … تمنعه من لمسها وهي أكثر حاجه اليه لتندس بين ذراعيه

رفعت اسرار عينيها نحو وقاص الذي ينظر بفضول إلى رد سخيف منه ، تشجعت اسرار قائلة

– اعتقد بعد فرح عنك دي هتكون فرصة كويسة عشان تقدر تدرس مشاعرك ، لو فعلا عايزها تبقي في حياتك او كل واحد ينتبه لحياته بعيد عن التاني

تبتعد عن رجل غيره ، لتقع مع أمثال رجال مثل ناجي .. ويكون من حق لمس ما هو ملكه ، يقتلها قبل أن تفكر باستمرار حياتها مع رجل غيره ، عاد الغضب يشتعل في كل خلية من جسده .. مما جعله يرفع عيناه المظلمتين قائلا

– فرح ملهاش غيري … فرح متعرفش حد غيري ، وشغلها القذر ده انا ….

قاطعه وقاص ببرود

– نضال احنا اخوات صح ، بس صدقني انا هكون في صف فرح ، لو طلبت الانفصال .. هحاربك انت

استعر الغضب يموج في عيني نضال وهو يري وقوف أخيه بجوار زوجته ليهمس بسخرية

– وايه بقى لازمتها يا حامي العيلة كلمة اخوات دي

اجابه وقاص بحدة

– لاني مش مستعد الاقي فرح رهف تاني يا نضال ، ولا انت عجبتك حالة رهف وعايز تكررها مرة تاني

باغته وقاص بلكمه في جرح لم يبرأ بعد … انقبضت ملامح وجهه لينكس رأسه فاقدا تلك المرة حتى الرد عليه ، لطاما هو يتعذب كل مرة يرى بها رهف التي عانت في حياتها واعطاها درس قاسي .. لكن وجد تلك الوسيلة لافاقتها من عالم أوهامها ، ارتفع رأسه حينما استمع الي وقاص يغمغم بصلابة

– حتى بنتك يا نضال .. لو فكرت تاذيها بدون قصد منك هكون واقفلك بالمرصاد

هم نضال بالانقضاض عليه الا ان اسرار صاحت بحدة

– ممكن نهدي

واقفه كحائل بينهما ، كطبقة عازلة خاملة بين النار والماء ، اسرعت تدفع جسد نضال بعيدا عن وقاص الذي صاح هادرا

– بتهددني بعيلتي

تمتم وقاص بجمود

– العيلة انت بنفسك دمرتها يا نضال ، بقصد منك وبدون قصد

اختلج عضلة في فك نضال لينفجر هادرا

– هدور عليها وهلاقيها ، ومحدش فيكم يدخل بينا

غمغمت اسرار بشراسة

– للاسف هندخل يا نضال … مش هسمحلك تأذيها

تراجع نضال متفاجئا من ما قالته اسرار .. نظر إليها غير مصدقا .. أتتركه هو الآخر ؟!!!

الجميع أصبحوا ضده .. اصاب بالخذلان من اقرب اشخاص عليه ليست مشكلة أن تضاف أسرار للقائمة ، غمغم بابتسامة باردة

– حتي انتي يا اسرار

هزت اسرار رأسها وهي مكرهة علي ما تقومه ، لكن هذا المجنون أمامها يجب أن يشعر بمدى خسارته الجسيمة التي تسبب بها لتهمس

– عشان انا عارفاك اكتر من نفسك ، خايفة عليها منك

رفع عيناه لوقاص ثم نظر اليها قائلا

– بقيتي تبعه

زمجرت اسرار لتجيبه بحدة

– احنا عيلة واحدة .. مفيش حاجه اسمها تبعه او تبعك

 حدق لكلاهما لفترة من الوقت قبل أن يتراجع متخاذلا .. خارجا من معركته خاسرا

عصف القلق في قلب اسرار لتلتفت برأسها قائلة لوقاص

– نضال هيأذي نفسه

تنهد وقاص زافرا بحرارة ، يشعر بالعجز لتقديم المساعدة لأخيه .. لكن الآخر جاحد واناني لدرجة اعمت عينيه للنظر للحقيقة ليتمتم

– نضال مش هيفوق غير لما يحس فعلا بالخسارة ، اتمني يفوق قبلها

اختنقت أنفاسها وهي تبكي بحرقة جعل وقاص يجلسها على أقرب مقعد ، عالما ما تمر به أسرار جنون ساحرته جربه لأشهر حتى الآن لا تنفك عن البكاء .. هم بجلب كوب ماء إلا أنها نادته بتوسل

– وقاص

طمئنها قائلا بابتسامة دافئة

– متخافيش .. نضال قدها

هزت رأسها وهي تحاول ان تسحب نفس عميق وتزفره على مهل ، سألته بترقب

– تعرف مكان فرح

هز رأسه نافيا وقال

– للأسف لأ

عبست اسرار مغمغمة

– اومال راحت فين لوحدها ؟

ربما وقاص لا يعلم الى اين ذهبت ، لكن يعلم شخص يستطيع أن يقوده اليها !!!

*****

في قصر المالكي ،،

مررت وجد اناملها في خصلات شعرها وهي تنظر بظفر ممسكة بيدها قماش القميص الذي انتهت من صنعه ، طالعت بانبهار حقيقي لأول قطعة رجالية صممتها خصيصا له .. لذلك الرجل الذي قلب حياتها رأسا علي عقب … توردت وجنتيها وهي تترك القميص جانبا لتلمس باناملها قميصه الخاص … عضت طرف شفتها السفلى بخجل من افكارها المنحلة كما تصفها ، كيف تلمس شئ خاص به لتلك الدرجة ؟

كيف اندفعت بتهور تطلب منه قميصه لتأخذ مقاسا للقميص الذي ستصنعه ، تري ماذا يفكر بها ؟ هل يراها جريئة ومندفعة ؟!! بل امرأة غير جديرة بالاحترام أم ماذا ؟

الالاف التساؤلات تتقافز عقلها دون هوادة .. وهو لا يريحها بصمته هذا ونظرات عينيه التي لا تفهمها احيانا … تجده احيانا كأنه رجل تعلمه من نعومة اظفارها واحيانا غريبا … كتمثال قد من الحجر غير قابل للقراءة … دفنت وجهها بكفي يديها وهي تسترجع لحظات احتفال خطبة اسماء وصديق عاصي المقرب …..

زفرت وجد متنهدة بارتياح وهي ترفع المرآة اخيرا لتنظر اسماء ببعض التخوف مدققة في كل انش من وجهها ، ابتسمت بلطف قائلة

– شوفتي لا فيه احمر ولا اخضر

فتحت اسماء شفتيها وهي تحاول معرفة لون أحمر الشفاه ، رغم لونه الداكن إلا أنها قالت ببعض الامتعاض الشديد

– بس اللون ده فوشيا

زفرت توحة بحدة وهي تحدج أسماء بنظرات قاتلة الا ان اسماء مندفعة بخوف وقلق شديد .. تخشى أن تصبح مهرجة في عيون الجميع ، لتقول وجد بهدوء وصبر لا تعلم انه من شيمها

-ده مش فوشيا يا أسماء ، ده كشميري

عبست اسماء وهي تعترف أن وجهها لم يكن سيئا لتلك الدرجة ، استقامت من مجلسها وهي تنظر إلى صورتها النهائية في المرآة بفستانها ” البصلي ” كما سمته سابقا ، لتقول

– فوشيا وباهت كمان

– تعرفي تتبسمي قدامي الناس ، وتخلي الليلة تعدي علي خير

صاحت بها توحة بنبرة امرأة علي وشك فقدان سيطرتها مما جعل اسماء تصمت تلك المرة …

أطلقت والدة اسماء زغرودة قوية اجفلت وجد التي لم تعتاد على سماع تلك الأصوات بين كل حينة واخرى ، بل لم تكن تعلم انه يوجد سباق لصاحبة اطول زغروطة .. كل الفتيات من سنها واصغر منها يعرفن كيف يخرجن تلك الأصوات .. اكتفت فقط بالابتسامة وهي ترى نظرات الجميع المسلطة عليها أكثر من العروس مما دفعها للجلوس في ركن بعيد نسبيا عن الجميع .. مكتفيا بالنظر والابتسامة أو التصفيق بيديها

تفاجئت بتوحة تضع أمامها طبق ملئ بالطعام .. يكاد يكفي لأربعة أشخاص .. ابتسمت الا ان الدهشة لم تغادر صفحة وجهها قائلة

– ايه ده يا توحة

نظرت توحة ببعض الأسف وهي ترى جسد زوجة حفيدها ، حتما لا ترغب أن يكون صباح الزفاف ان ترسل زوجة حفيدها الي المشفي بسبب عدم اهتمامها للطعام ، قالت بابتسامة لطيفة تجيد ارتسامها

– حاجه كدا ترم عضمك ، انا مش عارفه يختي ازاي مهملة في صحتك كدا

عيناها سقطت علي المحشي بأنواعه ، لطالما هي تضعف أمام محشي الباذنجان والفلفل .. أصدرت معدتها زئير .. متلهفا للطعام الذي داعب انفها ، لتهمس قائلة

– بروح الجيم وبلعب تنس يا توحة ، متقلقيش

راقبتها توحة من رأسها لاخمص قدميها بامتعاض ، مصمصت توحة شفتيها قائلة ببعض الحزم

– لو برضو .. هتاكلي

شهقت مجفلة من صوت رجولي أجش صادرا من خلفها

– لو منك هاكل بدل ما الاقي صباع محشي يجي في وشي

تأملته وهو مرتديا قميصا رماديا وبنطال قريب من لون قميصه ثم سترته التي تركها معلقة على يده .. نظراتها اقرب لنظرة فتاة مراهقة مبهورة لرؤيتها لرجل متمثل به جميع الصفات الرجولية التي تراها خلف شاشات التلفزيون .. لا تعلم كيف عيناها لم تنزاح لرؤيته .. احتقن وجهها من الخجل حينما رفعت عيناها لتري نظراته الماكرة التي ضبطتها متلبسة بفعل تراه فاحش .. تلعثمت لعدة مرات .. وحاولت أن تقف مغادرة إلا أنها تحمد ربها ان اخر ذرة عقل تملكها منعها الوقوف .. الله اعلم اذا كانت ستسقط علي وجهها او يقع طبق طعامها لتهمس بتوتر

– اخبار ايدك ورجلك

ابتسم عاصي بدفء وعينيه هبطت لرؤية تلك الحمرة في وجنتيها .. يكاد يشعر بها تريد الهرب منه ليهمس بصوت أجش

– زي ما انتي شايفة رجلي فكتها وبحاول مضغطش عليها جامد وايدي مستني الزيارة التانية واشوف هفك الجبس امتي

هبطت عيناها تدريجيا وهي تري العكاز المستند عليه ثم قدمه لترفع عيناها نحو الجبس الملفوف حول ذراعه ، تألمت وهي تراه يكاد يحاول أن يقف على قدمه المصابة .. هبطت عيناها تنظر إلى الطبق تنشغل قليلا به .. حاولت البحث عن شوكة وسكينة إلا إنها لم تجد أي منهما .. رفعت رأسها بتيه شديد تنظر اليه ليشير بيده مما جعل عينيها تجحظ بصدمة مما دفعه للضحك سرعان ما كتمها وهذبها ، شجعها بعينيه لتنظر وجد ببعض الحنق والبؤس غير مصدقة ما يقوله

مرت بعينيها نحو احدي السيدات اللاتي يتناولن كما اخبرها عاصي بأيديهن ، مما جعلها تمسك الفلفل المحشو ببعض التردد بإصبعي السبابة والإبهام .. حذرة كي لا تتسخ ملابسها ، اقتربت تتناول قضمة لتشهق متسعة العينين وهي تترك الفلفل سريعا تحاول التخلص من الحرارة التي اندلعت سريعا من فمها لتقول بعفوية

– شطة يا عاصي

ارتجف قلبه من اسمه الذي خرج عفويا من شفتيها ، ستودي به أميرته إلى الهلاك حتما … يتذكر أول مرة اصطحبها لتناول الكشري وخرجت منه منتفخة الشفتين .. بوجه احمر قاني وعينين غائرتين ، لولا أنه هرع لأقرب صيدلية الله اعلم بما سيحدث .. صاح قائلا باهتمام

– طب اشربي العصير

هزت وجد رأسها نافية وهي تمسك الفلفل مرة أخرى تتناوله باستمتاع

– لا .. بحب الشطة جدا

عقد حاجبيه قائلا

– بتحبي الشطة ؟

تناولت قضمة وهي تتأوه باصوات منخفضة مما جعل عاصي يضغط أنامله بقسوة على عكازه .. اظلمت عينيه وما تفعله وما يصدر عفويا يتفاعل به كليا بطريقة مرعبة حتما ستكون لها ، ثم ما بال اسمه أصبح له نغمة خاصة في صوتها

-جدا يا عاصي

حاول جاهدا التخلص من الحرارة ، مشيحا برأسه مستغفرا .. ظل لثواني متصلب الجسد .. مشتعل كالجحيم وحينما خمدت نيرانه غمغم بصوت أجش

– انا افتكر اني طلبت من مصممة تصمملي بدلة لخطوبة صاحبي

رفعت رأسها وهي تقضم الفلفل … لقد احرجها الرجل .. احرجها ولم تعد تجد أي حجة سوى قول الحقيقة ، اجلت حلقها وهي ترفع خصلة شاردة لتعيدها لاشقائها لتهمس ببعض الحرج

– الصراحة يا عاصي .. انا باخد دورة للتصميم للبدل الرجالي ، ممكن نبدأ بالقميص

رفع عاصي حاجبه ليردد قائلا

– قميص !!

هزت رأسها تعلم انها احبطته تماما الا انها تتعلم .. وحتما أول شئ ستصنعه سيكون له ، ارتسمت ابتسامة خشت أن تكون حمقاء قائلة

– لغاية لما اخلص الدورة .. هنبدأ قطعة قطعة  من البدلة

كاد ان ينفجر ضاحكا لولا انه يعلم ان جدته تراقبهما بعينيها المتفحصتين ليقول

– امري لله يا ستي .. تحبي تاخدي المقاسات امتي

تضجرت وجنتيها بالحمرة القانية وهي تتخيل نفسها واقفة تلمسه وتأخذ مقاسه ، ستنهار تقسم ان لمسته لمسة عارضة … شعرت بالحرارة تغزوها وحلقها جف لتهمس ببلاهة

– مقاسات ايه

شبه ابتسامة عابثة ارتسمت على شفتيه ليقول بنبرة اجشة

– مقاساتي للقميص

ارتجف جسدها اثر كلماته التي شعرت انها حميمية ، حميمية للغاية ، لفها عاصي ببراعة شديدة فقاعة بمفردهما .. منعزلة عن كل الصخب المحيط حولهم لترتجف شفتيها قائلة بنفي

-لا

توترها جعل عاصي يشعر ببعض الشفقة لأنه لعب بأعصابها .. الا انه احب مشاهدة خجلها وتلعثمها العفوي وهي تهمس

– اقصد ممكن اكتفي باني اخذ قميص من عندك و اعرف مقاسك

صمت عاصي وفجأة شعر ان كل ما بناه انهار وسقط حقا كل ما فكر به ومخططاته العظيمة للاستمتاع بخجلها ، جعله يعبس وتنقبض معالم وجهه مما بعث القلق لوجد

ماذا يظنها الآن ؟

كيف يفكر بها ؟ عضت طرف شفتها السفلي حينما سألها بصوت اجش

– والقميص هترجعيه ازاي ؟

سارعت تجيبه بلهفة وعينيها تحدقان بملامح وجهه المبهمة

– بكرا

صمت للحظات قبل أن يهمس ببعض البرود او هذا ما ظنته وجد

– استني

حدقت وجد نحو الباب الذي خرج منه عاصي بقلب منقبض ، هل اخطأت في شئ ما ؟

تشعر انها لم تخطأ .. ربما اندفعت وتهورت … لكن تكاد تموت إن وقفت امامه واخذت مقاساته ، تشعر أنها لو فعلت الأرض ستميد بها وتسقط مغشية عليها ، عبست ملامحها لتنظر إلى طبق الطعام وشهيتها فقدتها مع رحيله ..

لا تعلم أن عاصي له تأثير قوي لتلك الدرجة عليها ، بل لم تتوقع أن يكون له تأثير لتلك الدرجة وجعلها تنقلب من نقيض إلى نقيض اخر ، انتبهت على صوته الأجش

– القميص ده عزيز عليا جدا ، احتفظي بيه لحد لما اطلبه منك

نظرت الى يده الممدودة بكيس ملفوف، حاولت أن تبرر وتشرح قائلة

– عاصي انا

ابتسم بلطف رافعا اي حرج ، ليهمس ببعض الحزم

– اسمعي كلامي ، توحة لو عرفت مش بعيد تلبسني قضية

مدت يدها تأخذ الكيس منه ثم قالت بنبرة مضطربة

– بس يا عاصي انا

ابتسم بدفء جعل حزنها ينقشع كما لو انه لم يوجد ليقول بابتسامة دافئة

– جبيه وقت ما تخلصي القميص

نظرت الي عينيه الخضراوين اللامعتين لتتضطرب أنفاسها وهي ترى تلك النظرة في عينيه .. طالبته تلك المرة بتفسيرها إلا أنه نظر إليها نظرة لم تعلم قرائتها ثم استأذن مغادرا تاركا اياها مع قميصه سالبا انفاسها وقلبها …!!!!

افاقت من الذكري لصوت جميلة التي صاحت بانزعاج واضح وهي تري ابتعاد وانزواء ابنتها كل يوم عن الاخري في غرفتها أو في عملها الغريب التطوعي لاحد المؤسسات الخيرية

– ممكن بقي تسيبي اللي في ايدك يا وجد

عضت وجد على طرف شفتها السفلى لتقول ببعض الضجر ، تعلم ان شجارها سببه حفل ممل تود الذهاب معها

– يا مماة من فضلك ورايا شغل كتير وشحنة لازم تتسلم بكرا

همت جميلة بمجادلتها إلا أن عينيها وقعتا على قميص رجالي مما جعلها تنظر اليها بتعجب قائلة

– من امتي بتعملي قمصان رجالي ؟

ابتسمت وجد واشرقت ملامحها… غفلت عنها جميلة جراء غضبها إلا أن الجد المراقب من بعيد جعل قلبه ينقبض ، صغيرته كل يوم تزداد تعلقا بشاب لا يعلمه احد .. وتعلقها المخيف هذا اقلقه !!

– الدورة الجديدة اللي دخلتها

لم تكترث جميلة اطلاقا حتي بالقاء نظرة او القاء حمد أو ثناء مما دفع الاحباط لوجد .. عقدت ذراعيها على صدرها قائلة

– ممكن اعرف سبب رفضك تروحي معايا الحفلة

اجابتها وجد بنبرة قاطعة

– مماة انا مش عروسة باربي عشان تعرضيها قدام الناس واللي يعجبه يشتريها ، انا زهقت يا مماة .. عايزة الراجل اللي عايزني يكون عايز وجد .. وجد وبس بعيد عن اسم عيلتها

اتسعت عينا كل من جميلة وغالب المراقب الصامت ، لتسألها جميلة قائلة

– ايه اللي غيرك؟

زفرت وجد لتقترب من جميلة قائلة بابتسامة هادئة

– انا تعبت .. خليني في مرة اجرب طريقي يا مماة ، ارجوكي

لولا عدم رضا جميلة الكلي إلا أنها تمتمت ببرود بعد ان لاحظت نظرة غالب المحذرة بعينيه

– براحتك … حياتك انتي وانتي حرة

طالعت وجد جدها الواقف عند مقدمة غرفتها لتتسع ابتسامتها وهي تقترب منه ملقية نفسها بين ذراعيه

– شكرا يا جدو

احتضنها غالب ليربت على ظهرها قائلا بنبرة ذات مغزى بعد مغادرة جميلة

– وامتي هتقولي لجدو اللى شاغل عقلك

همت وجد لاخباره إلا أنها تراجعت .. لانها لا تريد ان تتعلق بحبال زائفة أو وهمية مما جعلها تقول بنبرة هادئة

– اوعدك اول ما يحصل هتكون اول واحد يعرف

ثم قبلته في كلتا وجنتيه لتندفع مرة اخرى الى غرفتها تنظر إلى ما صنعته بيديها ، ازدرد غالب حلقه قائلا

– وانا مش هستني لحد لما تقوليلي

رفع هاتفه يرن علي هاتف شخص لا يلجأه سوى في الحالات الخاصة ، غمغم بنبرة آمرة

– عايزك تعرف كل تحركات وكل اللي شاغلين في الملجأ اللي بتروحه .. متغبش عنك تفصيلة

ما ان استمع الى رد محدثه حتي هدأت بعض نيرانه … عاد ينظر إلى غرفة حفيدته الذي يخشى أن يفقدها ليقول بقلة حيلة

– اسف .. بس دي الطريقة الوحيدة اني احميكي ، مش عايز اشوفك وانتي تتأذى

******

في قصر السويسري ،،،

وقفت جيهان تنظر بحنين شديد إلى شقيقها الواقف بجوار باب مكتب والده ، والدها مازال يصر على فرض استجواب لزوجة ابنه … انفجرت ضاحكة وهي تلاحظ تملل ماهر .. يجئ ويذهب دون هوادة ، هزت جيهان رأسها بيأس وهي تشعر باهتزاز في جيب بنطالها .. يبدو أن جارها الوسيم لم يمل بعد من مهاتفتها

كل ما تفعله هو الثأر

تعيد ما حدث في الماضي

سابقا كانت من هي تتصل به لمرات عديدة ولا تحصى ، وبعد يومين أو ثلاثة يخبرها انه كان منشغل او لم يستمع الي الاتصال ، تعلم انه كاذب لكن دافعها للحب كان أكبر وهي شبه ملتصقة به حرفيا

لكن الأن … أليس من حقها أن تشعر أنها مرغوبة ؟!

غيرت وضع هاتفها للطيران ثم فتحت حساب شقيقتها لترى تعليقات متابعيها ، ابتسمت وهي ترى الإيطالي وضع علامة قلب على آخر منشوراتها .. اختارت عدة صور لشقيقتها بمناسبة حفل عيد الميلاد مع شقيقها ماهر ووالدها .. لم تكن لتغامر حقا لولا انها لم تري عبوس الايطالي من والدها وشقيقها ، والدها ايضا اظهر استياءه .. الصور رسالة للايطالي أنه يوجد لديها رجال في عائلتها ..

صاحت بصوت مرتفع تجذب انتباه شادية التي تلعب بفراء قطتها الصغيرة بشرود

– يلا صورة سيلفي للعيلة الحلوة

لوت شادية شفتيها بحنق لترتسم ابتسامة باردة علي شفتيها قائلة

– جيهان انتي مبتزهقيش

زمجرت جيهان في وجهها قائلة

– اسكتي انتي يا كئيبة هانم

التقطت جيهان عدة صور ساخرة وهي تخرج لسانها امام عدسة الكاميرا الامامية ، ثم اقتربت من شقيقتها تعانقها بقوة مما جعل شادية تحاول إفلات قبضة شقيقتها الخانقة .. هجم عليهما ماهر بابتسامة ماكرة ينجلي عما ينويه

– مين دي اللي كئيبة

انتفضت جيهان قائمة من مقعدها لتبقي شادية تنظر بقلق إلى شقيقها الذي بدأ يدغدغها من أصابع قدميها …. انفجرت شادية ضاحكة رغما عنها وهي تصيح بنبرة ضاحكة

– ماهر .. ماهر بطل جنان

انسلت القطة لولو من الدغدغة لترفع شادية يديها باستسلام قائلة بانهماك

– خلاص استسلمت يا جماعة

توقف ماهر عن دغدغة قدميها ليجلس على الأريكة بجوارها بانهماك يعبث بخصلات شعرها مما دفع شادية للالتصاق به دافنة راسها على صدره تعانقه بضعف ، ابتسم ماهر بحنين .. منذ متى شقيقته تعانقه طوال ذلك الوقت ؟! مر وقت طويل جدا وهو يراها ضعيفة بل هشة

اقترب مربتا على ظهرها ، صامتا ، وهو يشعر انها ليست علي ما يرام .. تحاول جاهدة ان تكون طبيعية الا ان صمتها يقلقه ويجعله يود الانفراد بها بعيدا عن شقيقته الأخرى .

ابتسمت جيهان بدفء وهي تري الصور التي التقطتها لهم ، سارعت برفعها على حالات الانستجرام مضيفة عبارات انجليزية دافئة ، وضعت هاتفها جانبا لتحشر بجسدها لذلك العناق المغري لتنظر شادية باستياء الي ما تفعله شقيقتها الا انها اخرجت لسانها وهي تندس بعناق شقيقها ، رفعت جيهان رأسها تنظر إلى شقيقها بمكر قائلة

– استاذ ماهر .. تحب تقولنا الحب بعد الجواز احلي ولا قبل الجواز

رفع ماهر عينيه نحو الباب المغلق ليقترب منها هامسا

– ده بيتوقف على النوعية اللي انت اتجوزتها .. اتجوزتها عاقلة هتبقي مجنونة .. اتجوزتها مجنونة هتوديك المستشفي

التمعت عيناها بمشاكسة لتهمس

– اعتقد كلامك بيضرب بكل قوة لمراتك

هز ماهر رأسه بدون معنى مما دفع جيهان لسؤاله

– تقدر تقولي بيعمل ايه الراجل لما البنت بترفضه كذا مرة

صمت ماهر للحظات ، وشعر بأن السؤال يعبر عنه .. هو لسنوات ظل يلاحق زوجته وقد كانت تعتبره بمثابة شقيق .. ابتسم وهو يلاحظ السنين تمر أمام مرأى عينيه قائلا

– يا اما بيبطل يا اما بيخليها تقتنع بيه

غمزت جيهان لشقيقتها التي أشاحت برأسها للجهة الأخرى … رافضة الاستماع او مجرد التفكير بذلك الرجل ، همست جيهان قائلة بصوت خافت لكن مسموع للجالسة بجوارها

– وايه اساليب الاقناع؟

يعلم ماهر أن شقيقته لن تصمت حتي تحصل علي إجابتها مما دفعه للقول

-بيختلف من كل راجل وتفكيره وحسب تربيته

اتسعت ابتسامتها وهي تشعر بالحماسة تجري باوردتها ، فلا يتكرر وجود رجل أوروبي امام بيتهم كل يوم

– يعني نقول الأوروبي بيكون سيد افعال لا اقوال

ضربها ماهر علي رأسها قائلا بنبرة مهددة

– تقصدي ايه

ابتسمت ببراءة قائلة

– اللي جيه في بالك يا عمري

هم ماهر بخنق تلك الوقحة ، لتهمس شادية ببرود وهي تلعب بشرود مع قطتها التي تموء من لمسات شقيقتها مندسة اكثر لدلالها

– سيبها يا ماهر

صاحت جيهان بانزعاج

– عشان انت اخويا .. وانت الوحيد اللي بعرف اتكلم معاه بحرية عكس بابا ، ممكن يضربني باي حاجه ماسكها في ايده

طالعها ماهر بعدم تصديق مما جعلها تتأفف وهي تقول بحنق

– هتقعد لحد امتي

هز ماهر رأسه مغمغما

– مش كتير لحد لما مارية تتطمن على بنتها

ثم صاح بضيق وهو ينظر الى الباب المغلق

– هو هيفضل كتير حابسها في الاوضة ، رايح اشوفهم

استقام من مجلسه وقد قرر اقتحام جلسة والده مع زوجته … نظرت جيهان الي الباب الذي أغلقه أخلفه تصاعد أصوات من كلا الطرفين .. اقتربت جيهان تسأل شقيقتها

– فيكي ايه

تنهدت شادية وهي تمرر اناملها في خصلات شعرها بملل ، ظلت في منزلها في عزلة لمدة خمسة أيام .. متجنبة الاقتراب من أي شخص بعد رسالة معاذ الاخيرة حين عادت من حفلة عيد ميلادها ..

تخشى التحدث لشقيقتها أو والدها ، العزلة اختارتها حتي تستطيع ان تكون صلبة وتواجه الجميع .. تعلم ان كلا من والدها وشقيقتها لن يمرا الامر علي خير ان ظهر معاذ بكل وقاحة امامهما ، لكن تلك المرة ستحل الأمر بمفردها

-مفيش

قالتها بجمود شديد .. لتميل جيهان قائلة

– شادية انتي تقدري توقفيه وتخليه يبعد عن حياتك لو فعلا مش عاوزاه

ذكرى أنامل ذلك الوقح على جسدها جعل جسدها يقشعر .. انفاسه الملتهبة التي تلفح وجهها دون هوادة جعل وجهها يمتقع بالخجل ثم الغضب الشديد ، عضت على طرف شفتها السفلي لترد بحدة

– قولتله … مية مرة بقولك بس دماغه ناشفة مبيفهمش

ذكرى سلساله المقدس جعلها ترفع رأسها قائلة بتساؤل

– انتي كنتي عارفة بموضوع السلسلة

عقدت جيهان حاجبيها قائلة بعدم فهم

-سلسلة ايه ؟

صاحت شادية بحنق

– جيهاااان

اجابتها جيهان بصدق

– انا معرفش اي سلسلة انتي بتحكي عليها ، اه بشتغل معاه بس معرفش اي حاجه عن موضوع السلسلة .. لكن اعرف عنه شوية حاجات بسيطة تخليني احاول اقرب ما بينكم

زفرت شادية بحنق ، هذا اسوأ ما قالته جيهان ، صاحت بنفاذ صبر

– جيهان بطلي اللي بتعمليه ده

قلبت جيهان عينيها بملل حقيقي لتجيبها

– روحيله وقوليله متتدخلش واقفلي الصفحة ، الراجل لما بيلاقي الباب قدامه مقفول بيمشي

هذا اكثر صفة بعيدة كل البعد عنه ، لا تعلم إلى متى ستظل تسبح ضد التيار .. مقاومتها ضعفت وذكري سلساله استرعى انتباهها وفضولها .. تريد معرفة ذلك الغريب عنها ، تسأله عن كل شئ .. لكن المقابل لمعرفتها ماذا ؟!

تصبح في قبضة رجل مرة اخرى ؟ تجرح مرة أخرى وتلك المرة ستكون القاضية ؟!!!

تمتمت حانقة

– بس هو بيكسر الباب

هزت جيهان رأسها ببرود

– مفيش حل غير انك تستسلمي

لمعت عينا شادية بحنق لتقول

– ويا تري بقي ايه اللي بتعمليه مع وسيم

ابتسمت جيهان ببرود

– وسيم انا بربيه بطريقتي

ذلك البرود الذي تحظى به شقيقتها ترغب به ، بدلا من حرب الأعصاب التي تكاد تودي بحياتها إلى التهلكة ، غمغمت بغيظ

– يعني مش خايفة انه يزهق

انفجرت جيهان ضاحكة وهي تقول بابتسامة لعوب

– هو عمل ايه عشان يزهق .. أصل لعبة القطة والفار بنحبها ، متشغليش بالك بيا ركزي انتي مع الإيطالي

اندفعت شادية بغيظ تصعد درجات السلم وهي تتوجه الى غرفتها ، اغلقت باب غرفتها بحدة لتسند ظهرها على الباب بإرهاق ، متى ستتخلص من ذلك الكابوس ؟

متي ستقدر علي ان تصبح قوية وترفض كلاهما !!!

ذعرت حينما استمعت الي رنين هاتفها الملقي بعدم اهتمام علي الفراش ، أجلت حلقها وهي تقترب منه بترقب وحذر شديدين لترى اسم المتصل .. ظلت لثواني تحدق إلى الرقم الذي حفظته وكيف لا … وهو كل ليلة يبعث رسائل تهديدية

اجابت علي الاتصال بقلب مرتجف ليتسرب صوته الكريه

– سبتك وقت تفكري

انفجرت هادرة بغضب

– للدرجة دي جبلة ومعندكش دم ، عشان تسمع رفضي كل مرة

يتلاعب بها دائما بصمته وحديثه ، صوته المستفز البارد جعلها تندم انها اجابت على اتصاله

– شادية للاسف انتي معندكيش حرية انك تختاري .. وانا للاسف صبري قليل

بحرقة دفعتها للرد عليه بشراسة

– انسي يا معاذ .. انسي

شعرت بابتسامته الماكرة … ليقول بصوت ناعم كانت تنجذب له في السابق

– وحشتيني اووي يا حبيبتي ، متتخيليش وحشاني ازاي .. كل حاجه فيكي وحشتني

اتسعت عيناها بصدمة وهي تري تلميحاته القذرة لتنفجر في وجهه مغلفة المكالمة

– قذر

مسحت دموعها المنسابة على خديها ، لن تبكي على شخص قذر مثله .. حاولت تنظيم انفاسها الا ان رنين هاتفها تصاعد مرة اخري مما جعلها ترد عليه صارخة بوحشية

– بتتصل ليه تاني يا حيوان

صمت اخر ، صمت آخر مختلف عن سابقه .. مما جعلها تشعر بطبول تقرع بصخب حولها ، همت تنظر الي المتصل إلا أن صوته الأجش اغفلها

– من هو ؟

حاوطتها انفاسه ورائحته حتى اصوات همسه الخشنة جعل جسدها يرتجف من منابت رأسها لاسفل قدميها ، كيف فعلها  كيف قدر على التسلل اسفل عروقها ؟! اجفلت مرة اخري علي صوته الخشن

– من هذا الذي كنتي تصرخين في وجهه ؟

عضت على طرف شفتها السفلى وهي تحاول منع نفسها من البكاء ، تلتجئ أمامه للبكاء وتشعر انه لن يؤذيها بل بطريقه يقدم لها دعم وقوة لم تعلمها مطلقا ، جلست علي الفراش مجاهدة ان يخرج صوتها باردا

– لا شأن لك

ضمت ذراعها حول جذعها تجلب الدفء والسكينة لتذعر حينما سمعت صوته الغاضب

– هل هذا الذي عانقتيه ؟.. أخبريني يا شادياااه لانني اود ان اعلم كم رجل في حياتك بعد

انفجرت تصيح بحدة تزيل دموعها

– لا وجود رجل في حياتي ولن يوجد

ارتجفت يدها حينما استمعت إلى نبرة صوته الغاضبة بها مزيج خشن من التملك

– بل أنا الوحيد شاديااه .. الوحيد والاوحد

استمعت الى صوت تحطم شئ ما لتهم بسؤاله إلا أنه صاح هادرا بغضب

– الم احذرك من معانقته؟ .. اتشتاقين حقا لعقابي ؟

عقدت حاجبيها وهي تشعر بوجود شئ خاطئ لتمتم

– من تقصد ؟

زمجر بقسوة لتشهق حينما سمعت صوت حطام زجاج ليصرخ هادرا في وجهها

– ذلك اللعين الذي رأيته في الحفل ، كيف تجرأتي يا وقحة ان تضعي صور لكما وهو يعانقك بتلك الحميمية ويضع أنامله التي سأبرتها علي خصرك  مع بعض كلمات حميمية لعينة كونه رجلك وامانك

صمتت للحظات تلاحظ نبرة الغضب في صوته ثم ذلك التملك الغريب الذي تجربه من من ….؟! من ايطالي ، تعلم أن شقيقتها فعلت شئ ما على تلك الصفحة اللعينة .. وكادت تعيد الأمور لنصابها وتخبره ان غضبه لا محل له من الاعراب الا ان لسانها اندفع قائلا

– أليست رسالة لك أن تبتعد عن حياتي  ؟

كتمت شهقتها سريعا بكف يدها ، مالذي قالتها ؟ ما الذي فعلتيه يا غبية ؟!! ، انتظرت بأعصاب مشتتة وهي تسمع رده الذي جاء بصوت بارد

– لم تعلميني بعد يا برتقالية .. يبدو أن تهديداتي لم تخيفك لتلك الدرجة

عقاب آخر مثل عقاباته التي لن تنتهي ، ربما تلك المرة سيكسر يديها ، اضطجعت علي فراشها وهي تزفر بتعب لتهمس

– سرمد

لم تسمع الي رده لتغلق جفنيها هامسة بضعف

– دعنا نضع حد لكل هذا

انتظرت رده .. وطال انتظاره عن الوقت المسموح له بالرد .. همت بندائه الا انها استمعت الى زفراته الخشنة عبر الاثير مما جعلها تسحق شفتها السفلي بضعف .. تكاد تشعر به قريبا منها ..حتى تلك المكالمة مبتعدين جسديا الا وللعجب تشعر كأن روحه قريبا منها … شهقت منتفضة من مضجعها

– قابليني الآن

رفعت عيناها تنظر إلى الساعة التي تجاوزت السابعة مساء لتهمس بتردد

– الآن ؟!!

كان مصرا بل بدي مسيطرا وليس لحوحا وهو يقول بجمود

– لنضع حد لكل هذا .. أليس هذا ما ترغبينه ؟

هي تعلم انه يجذبها لمصيدته وهي كالغبية موافقة على هذا ، توجهت نحو خزانتها تخرج ما وقع عليه عيناها اولا لتقول بإرهاق

– حسنا لنضع حد لكل هذا

أجاب باقتضاب شديد

– جيد سأرسل لك موقع مطعم يعد طعام جيد

تفاجئت لاغلاقه للمكالمة ثم سرعان تفاجئت بموقع لمطعم يبعد عن منزلها لمسافة قدرها نصف ساعة إذا كانت حركة المرور جيدة ، نظرت إلى ثيابها بتردد بتردد وبدت قلقة إذا ما كانت ستندفع لمقابلته ام تتراجع بخوف .. إلا أن دافعها لمعرفة ذلك الرجل جيدا هو ما دفعها للمغامرة !!

*****

في قرية الغانم ،،

ثلاثة أيام امتنع نزار عن التحدث إليها ليلا كما اعتاد .. حتى ليلة الخميس يقضيان وقتا في مطعمه بعد اغلاقه يصنع لها وجبة دسمة غنية بمواد سعادة ، ثم علي حين غفلة منها يسرق سعادته منها .. رغم بعض التحفظ الذي تظهره وبعض القلق حينما تجده يتمادى وانامله تعبث بثيابها كان متفهما ويعتذر على جرأته الكبيرة لها …

نظرت بيأس الي هاتفها حينما لم تجد ردا منه ، عضت على طرف  شفتها السفلى وهي تتصل بوالدته ، ترحيبات وأحاديث واسئلة عن حالتهما لتسألها عن نزار .. استشفت عايشة وجود توتر بين علاقتهما لتخبرها ان عاد من عمله جالسا بمفرده في الحديقة ، أنهت المكالمة مع وعد لمقابلتها يوم الاجازة لتسرع رهف بارتداء حذاءها منطلقة الذهاب لرؤية حبيبها المنعزل عنها ….!!!

جالسا بمفرده ينظر نحو اللاشيء .. رافضا التواصل مع أي شخص حتي رهف شخصيا .. مقطع الفيديو محفور في ذاكرته ، رغم علمه بأن ماضي رهف مؤلم لكن هو لا يعلم إلى أي حد وصلت إليه سقطت في ذلك القاع ؟

شياطينه رغما عنه توسوس بما يخشاه ، شعور بالعجز يكبله ، والجهل يحطمه

بدا انه قليل الحيلة .. غير قادرا على التصرف بصورة صحيحة ، يبتعد عنها حتى لا يتفوه بشئ يحطم علاقتهما ..

ان كان في الماضي غير مكترث لماضيها وهو يري ان انوثتها تزدهر فقط علي يديه ، إلا أن كلماتها كالسم الزعاف جعل بذرة الشك تنغرس في أرضه ؟!

هل هو يعلم رهف حقا ؟ ام كل ذلك وجهه فقط لما تخفيه بعيدة عنه ، انتبه من شروده علي صوتها الناعم

– نزار قلقتني عليك كل المدة دي متتصلش بيا

رفع رأسه يتأمل ملامحها الناعمة … هل انخدع من صورتها الملائكية ؟! أم أن الشيطان بدا يصور له أن لا ملائكة على أرض تقام بها الخطايا ؟!!

ابتسم وابتسامته كانت كئيبة .. مهمومة كحاله ليهمس بصوت اجش

– مو من حئي خطيبتي تهتم فيني

اقتربت رهف تحدق برجلها الوسيم ، لتهمس بنبرة قلقة وهي تراه ليس هذا الرجل تعلمه

– طبعا يا نزار .. اكيد من حقك ، وعشان كده جيتلك

شهقت فزعة حينما جذب ذراعها لتجلس علي ساقيه ، تدفقت الحمرة من وجنتيها جعلتها تتلعثم وهي تنظر اليه ببعض الترقب والخوف

استشعر جسدها الذي ارتجف بين يديه لفترة حتي استكانت ، تلك الرجفة كان يظنها رجفة خجل وليس خوف .. تأملها مليا .. أشياء صغيرة كان يتغافل عنها لكن الان بدت له ظاهرة حتى يكاد الاعمي رؤيتها

– طيب يارهف ،لايمتا فهميني لايمتا رح تجيكي الشجاعة وتحكيلي

نظرت اليه بجهل قائلة

– اقول ايه يا نزار

ابتسم ببرود تام ليقول

-حقيقتك يلي مخبيتيها عني

اتسعت عيناها بصدمة حقيقية لتردد قائلة

– حقيقتي ؟!

تمسك بكلتا ذراعيها حينما أحس بها تتملل من جلوسها على ساقيه ليصيح بنبرة ساخطة

– قليلي شو يلي صار معك من تلات سنين يارهف قليلي يلااااا

فغرت فاها بصدمة ، ومضات سريعة عن حياتها قبل ثلاث اعوام .. حياة كالجحيم عاشتها .. بداية من تجردها من ملابسها دون القدرة على منع تلك اليدان من تجريد انوثتها وانسانيتها ، ثم إجبارها على رؤية ممارسة حيوان للرذيلة .. تخشب جسدها وتصلبها وكلما حاولت اشاحة عينيها عن الرؤية شعرت بمن يصفعها علي خدها مجبرا إياها على النظر .. تدفقت الدموع من عينيها تلقائيا لتنتهي تلك الومضة وتأتي ومضة أخرى لجلسات كئيبة و بقائها بمفردها في حجرة باردة بعيدة عن عائلتها … بعيدة تحديدا عن وقاص

شرودها التام وبكائها آلمه ، هزها من مرفقيها صائحا

– فهميني انا شو مطرحي بحياتك ياترى انا مهم عنجد ولا شايفتيني مسكن آلام

نظرت اليه وهي تحدق إلى نزار … الشئ الوحيد الذي دفعها للاستمرار على تلك الحياة البائسة … هزت رأسها نافية ، تنفي كل ما ينهش قلبه لتهمس

– نزار .. انت بتقول ايه ، انت حياتي

عقد حاجبيه بضيق وعيناه مشتعلان بوهج ناري جعل عينيها الزرقاوان تتسعان بخوف لتتألم حينما أمسك بقوة من مرفقها

– حيااااتك ؟عنجد ؟؟؟معناها اثبتيلي

حثت لسانها علي اخباره … علي كل ما عانته الا انها خافت

دائما تتراجع كجبانة

تخاف ان تهتز صورتها

تخشى أن تفقد مكانتها عنده لتهمس بقلق

– نزار انا مش هتكلم غير لما تكون هادي

انفجر نزار يضحك .. والموقف الجدي لا يستدعي الضحك ليقول بقسوة

– هادي اممممم بدك كون هادي….. معناها فهميني انو مطرحي من الاعراب بحياتك رهف فهميني يلااا… انا شووو ؟؟ تسلاية مثلا؟؟ …. لهالقد ماالي اهمية بحياتك

هزت رأسها نافية وهي تزيل الدموع المنسابة على خدها قائلة بصوت متحشرج

– مهم يا نزار .. والله مهم

شعرت به يتركها لتقف على قدميها ، إلا أن توازنها اختل للحظات قبل أن تستعيد توازنها .. اجلت حلقها حينما رأته هب من مقعده ينفجر في وجهها

– لك وين الاهمية هي وين؟؟؟ فهميني يلا  لك احيانا بحسك مو شايلتيني من ارضي لحتى كون  مهم بحياتك

انفجرت في البكاء تغطي كلا كفيها بوجهها ، مخرجة صوت ضعيف

– عشان خايفة يا نزار .. خايفة تبعد عني بعد ما تعرف

شعرت بيداه كالكماشتان تقبضان على ذراعيها لتتأوه بألم وهي تنظر الي السواد المبتلع في عينيه … ذلك الاجهاد أسفل عينيه … يبدو كرجل يعاني من اضطراب في النوم ، أجلت حلقها وهو يهزها بقوة جعل جسدها يرتجف

– لك من شووو خايفة فهميني بعد كل شي عملته منشانك خايفة بعد عنك ؟؟

لم تعد تتحمل الضغط … ثم هو مصر بدرجة يائسة بمعرفة ماذا ؟

حطامها ؟!!

انفجرت صارخة بقهر

– ايوا .. خايفة … انا استحمل اي نظرة متدنية من كل الناس الا انت

دفعت يده عن ذراعها لتضربه على صدره قائلة بعدم وعي

– وانت .. انت وعدتني انك هتديني فرصة لحد لما اتشجع واقولك .. مستعجل ليه دلوقتي ولا خايف تكون ورطت نفسك والله اعلم البت اللي انت خطبتها اذا بنت او لأ

شهقت متراجعة خطوة حينما ادركت ما قالته ، رفعت عينيها تنظر الى الجنون المرتسم على ملامح نزار .. البدائية هي كل ما تراه لتصرخ مجفلة

– اااه

كتم صراخها بين شفتيه ، قاومته بكل قوة تملكها لتنزع شفتيه عن خاصتها ، الا انه كان اكثر عنادا منها … اكثر الحاحا … أكثر تطلبا ، لتصبح مقاومتها هينة عكس قوته الجبارة اليائسة وهو يزرع جسدها بين ذراعيه

كان عناقا .. حارا .. مؤلم نفسيا … تشبثت بضعف بقميصه وساقيها تكاد تميد بها ليبتعد مكرها وهو يهمس بصوت خشن

– لك اسكتي اسكتي رهف كرمال لله اسكتي انت مو وعيانة عحالك شو عم تحكي اكييد

تهدجت أنفاسها وهي تحاول ان تستعيد انفاسها المسلوبة ، لترفع عينيها الزائغتين تنظر إليه قبل أن ترتسم ابتسامة ساخرة لتهمس

– مين قالك اني مش في وعي ، قولي .. مش ده خوفك

حدق بها لثواني منعقد الحاجبين ، مستشعرا انها علي وشك السقوط في إحدى نوبات هو في غنى عنها ليجيبها

-لك ليش مصرة تخلي الحق عليي بهالئصة

هزها بقوة ثم دفع جسدها يكون قريبا منها ، زفر بحرارة مختنقا من شياطينه قائلا

– ايمتا يارهف فهميني ايمتا رح كون بحياتك عنجد ايمتا رح تعتبريني عنجد سندك وحصنك لك ايمتاااااا

حدقت به وهي لا تعلم ما هو الاصرار الغريب ، الذي جعله اليوم ملح على معرفة كل ما ألم بها

– ايه التغير اللي حصلك يا نزار عشان تكون مهتم للدرجة دي ، افتكر وقت ما استجمعت شجاعتي قولتلي مستنيكي تقوليلي بنفسك ومتكونيش مجبرة

اختلجت عضلة في فك نزار ليتركها مبتعدا مسافة عنها ، ممرا يديه في خصلات شعره بسخط قائلا

– لاني عنجد تعبت

رأي نظرة عدم التصديق التي لاحت في سماء عينيها ليجيبها

– اي شبك تعبت ،تعبت من رعشة الخوف يلي بتصيبك وقت بلمسك وبئرب منك،خوفك مني بيقتلني رهف اي بيقتلني،وجهلي بيلي صار معك بالماضي مشتتني ومخوفني بنفس الوقت

اخفض رأسه أرضا متمتما بحنق شديد من نفسه

– جهلي بحياتك رهف قاتلني، انت لساتك عايشة بماضيكي ومو رضيانة تخلصي منه وهالشي دابحني دبح لانو انا مو عرفان شي واقف متل الاطرش بالزفة

ضمت رهف ذراعيها حول جسدها ، محاولة دحر البرد الذي يصيبها حتي العظام لتمتم

– وليه دلوقتي

هز رأسه قائلا

– ولي لأ

– ليه دلوقتي يا نزار .. لطالما انت صريح معايا للدرجة دي .. ليه دلوقتي

صاحت بإلحاح شديد ليجيبها صارخا في وجهها

– لانو حئي اعرف الحاجز يلي لساته  بيني وبينك رهف

صمتت وصمت هو ، والسكون المغلف بينهما  مؤقت .. أشبه بقنبلة موقوتة على وشك الانفجار في أي لحظة .. لا تعلم متى جمعت شجاعتها لتمتم بجفاء شديد وعينيها محدقة في عينيه

– كنت مدمنة مخدرات لفترة من الوقت ، تخيل خطيبة نزار الشامي مدمنة

بدأ الاضطراب يلوح عينيه الراكدتين لترتسم ابتسامة ساخرة على شفتيها متابعة بسخرية

– وفي ليلة كنت عريانة .. تخيل كده ، ان جسمي كان لغيرك

لاحظت الشرر المندلع في عينيه ، انقباض وجهه … علامات الاجرام وهو واشك على افتراسها ليقول

– عم تكذبي صح ؟؟

ابتسامتها الميتة ما زالت مزينة شفتيها لتسترسل بقسوة

– مش قولت عايز الحقيقة ، انا بقولك اهو .. ولا الحقيقة صعبة للدرجة دي عشان تنكرها

شعرت بذراعيه تطوقانها بقسوة المتها ، إلا أنها لم تبدي أي ألم على صفحات وجهها .. نظرت اليه متأملة ملامحه مليا وهي تسمع صراخه

– رهفففففف ، ماتمزحي بهيك مواضيع

مالت برأسها مغمغمة بجمود

– وفي نفس الليلة كنت بقضي ليلة .. بيقولها ازاي .. ليلة حمرا

سقطت يدا نزار عن ذراعيها ليحدق بها ، غير مصدق حرفا مما تقوله ، كأنها تختلق كذبة على ما تقوله … تلك ليست حقيقتها ، هو متأكد … شحب وجهه ليهمس

– لو عم تلعبيلي باعصابي بهنيكي نجحتي

نظرت بأسف مصطنع شديد وهي تمتم ببرود

– مش قولت عايز الحقيقة ، وخد آخر حقيقة .. الليلة الحمرا مكنتش هتبقي بين اتنين كانت بين تلاتة ، تخيل

رفعت يديها للسماء ثم اخفضتها وهي تري مغادرة الدماء من وجه نزار لتهمس

– ودي حياة رهف قبل ما تتعرف بنزار ، اعتقد كدا عرفت الحقيقة

هز نزار رافضا ما أخبرته به … مستحيل ان ما تقوله رهف حقيقي ، شئ خاطئ في الأمر ، غمغم مرددا

– لا عالحكي كذب ..كذب

ابتسمت رهف بألم لتهمس

– صدقني يا نزار .. كنت وحشة جدا ، وحشة لدرجة انت متتخليهاش

نظرت اليه بوداع .. لا تعلم لما قتلته بتلك القسوة ، ألم يرغمها على التفوه بالحقيقة البشعة .. غادرت مكانها مبتعدة …راكضة والدموع تنهمر على وجنتيها تاركة رجل قتلته دون أدني رحمة .. فتحت بوابة القصر لتندفع راكضة معتلية درجات السلم لتفتح الباب الداخلي .. استمعت الى صوت فريال الهادئ

– رهف ، مش هتاكلي

نكست رهف رأسها قائلة بجمود وهي تصعد درجات السلم

-مليش نفس يا فريال ، طالعة انام

الا ان فريال اوقفتها قائلة بصوت قلق

– مالك

تراجعت فريال خطوة  حينما رأت وجه رهف الشاحب ، اقتربت تلمسها تسألها بعينيها عما أصابها لتهمس رهف بجمود

– تقريبا كدا انا ونزار مش هنكمل

سقطت يد فريال عن رأس رهف لتتسع عيناها بجحوظ مخيف .. احست بثقل جسد رهف يلتصق بها تبكي بانهيار مما جعل جسد فريال يتصلب .. تحاول استيعاب ما القته في وجهها ، الا يكفي اختفاء فرح ؟!! عادت غمامة رمادية تخيم على رؤوس الجميع .

****

فكر لؤي مليا قبل قدومه إلى البيت الذي يحتجز به حبه الاول والاخير .. امرأته الأولى والتي لن تتكرر طوال حياته

يقولون ان الرجل حينما يقابل امرأة واحدة في عمره .. فريدة .. مختلفى عن جنس حواء سبق وتعرف عليهن ، تمتلك سحرا قويا تؤثر عليه

تضعفه

تضعفه بعاطفة العديد من الرجال يرفضونها ، او ينكرونها خشية من كشف نقطة ضعفهم

لطالما كانت حواء سر ضعف الرجل ، في مصائبه وفي اغوائه !!

بسمة ارتسمت على شفتيه وهو يستشعر أن الصغيرة وجدت بها شيئا مختلفا .. ليس سيئا لكن الاختلاف سعيد به ، كأنها هائمة في فلك آخر

تقدم بخطوات بطيئة متكاسلة وهو يتقدم الى الغرفة وهو يشعر ببعض الندم .. هو لم يكن يريدها أن تكون حبيسة جدران كئيبة .. يعلم خوفها الشديد من مكوثها بمفردها

اخبرته سابقا انها تترك التلفاز مضاء وقت نومها لتكسر الصمت في منزلها ، وهو بكل قسوة ضغط على نقطة رهبتها

فتح باب الغرفة لتتسع عيناه فجأة حينما وجدها انها مستلقية علي فراشها بثيابها الداخلية ، ازدرد ريقه وهو يحاول ان يزيح عينيه عليها .. لكن لما يزيح عيناه وهي زوجته .. حلاله

وجدها تمتمت بنبرة ساخرة وهي مازالت مستلقية علي الفراش مغمضة جفنيها

– والله كتر خيرك انك مبتقطعش الجوابات .. مش بتقولها كده بالمصري

اختار الجلوس على الفراش ، عيناه تنساب على قدها ملاحظا ما تغير بها وما استجد بعد تشويه وجهها بعمليات تجميل يمقتها ، هل تظنه انه احمق حتي لا يعلمها .. ان غيرت ملامح وجهها الا ان رائحتها يحفظها عن ظهر قلب ، صاح بصوت اجش غير مخفيا تأثيرا وهي امامه منادية إياه بتلبية وصال اشتاق اليه

– سبتك فترة تفكري ، آسيا مهما كان حقدك وكراهيتك ، الا انك في معادلة صعبة

فتحت عينيها الزرقاوين لتنظر الي هركليز خاصتها ، عيناه تلمعان برغبة مجنونة مما جعلها تعدل جذعها العلوي .. مظهرة مفاتنها الخاصة له .. احست به

ذلك التردد في عينيه .. مما جعلها تقترب منه حتي اصبحت انفاسه ممزوجة مع انفاسها

– يا انا .. يا حقدك

وضعت ذراعيها حول عنقه لتقترب منه هامسة باغواء في أذنه

– عارف انت كل مرة بتفاجئني لما تعمل فيها دور الملاك البرئ وانا الشيطانة اللي وسطكم

أمسكت  كفه الضخم ليتوسط خصرها ، قشعريرة سرت في كلا جسديهما مما جعل اسيا تميل خصلات شعرها السوداء جانبا وهي تجذب ربطة عنقه هامسة بصوت ابح

– بس سيبك دلوقتي من كل حاجه

مالت بشفتيها بجرأة معهودة تقبل شفتيه قائلة بميوعة

– انا موحشتكش

تأوهت بميوعة شديدة حينما ضغط بأنامله الغليظة على خصرها ، رفعت عينيها تنظر الي النيران المستعرة في عينيه وهو يغمغم بنبرة رجل يكاد يحافظ على سيطرته

– بتعملي ايه يا آسيا

طبعت قبلة على عرقه النابض لتهمس بصراحة شديدة متجلية في عينيها الزرقاوان

– عايزاك يا لؤي .. من حقي اعلن عن رغبتي فيك

ظل محدقا بها لبرهة من الوقت قبل أن يهمس

– بقيتي جريئة

مطت شفتيها المغويتين لتقول

– ده كله عشان قولتلك ان انا عايزاك .. وانت ايه بقي مش عايزاني

زفر لؤي حانقا ، هل وقته الآن اغوائها .. يعلم هو أضعف مما يتصور .. طامعا في وصال حرم منه لسنوات .. لف ذراعه حول خصرها بأحكام ليقول

– انتي عارفة قد ايه انا محتاجلك

ازدادت التصاقا به وهي تمسك يده الأخرى تنتظره أن ينزع ما تبقى من ملابسها ، غمغمت أسيا بصوت أجش

– طيب مستني ايه

تعلم ان العلاقة الزوجية هو بعيد كل البعد عن مقصده ، ليقول بنبرة ذات مغزى

– مستني انك تديني الإشارة

ابتسمت آسيا بمكر وهي تقول بنبرة مغوية

– وانا بديهالك

صاح بنبرة باردة وهو ينتزع ذراعه من خصرها

– انتي عارفة اقصد ايه

استقام مبتعدا منها إلا أنها سرعان ما منعته قائلة بحنق

– عايزني ابادر انا وماله

قفزت تلف ذراعيها حول عنقه … تعاقبه بقسوة علي حرمانه من تلبية رغبتها وعاطفتها ، نزعت سترته بعنف واتبعت تمزق قميصه الذي انفلتت منه بضعة أزرار ، اجلسته على فراشها السابق وفراشهما الحالي ، ابعد جسدها وهو يصيح بنبرة خشنة

– المشاكل عمرها ما تتحل بالطريقة دي

مررت أناملها على ملامح وجهه الخشنة لتهمس

– انسي كل حاجه يا لؤي .. انسي كل حاجه وفكر فيا انا وبس

شهقت مفزعة حينما قلب الاوضاع لتصبح بين ذراعيه وهو جاثما فوقها .. اتسعت ابتسامتها لتقول بشقاوة

– وحشتك مش كدا

ترى نظراته النهمة لجسدها .. عينيه كفيلتان لجعلها تنسى اسمها وغضبها وانتقامها .. انفاسه الساخنة وصدره الذي يعلو ويهبط بجنون .. جعلها تأن بشدة قبل تجذبه لعناقها هامسة

– عنيد طول عمرك .. بس انا صريحة عنك وبقولك وحشتني جدا

يحاول الانسياق وراء ندائها ، إلا أنه متردد .. يشعر أن الأمر كفخ ناعم حلو منها .. آنت بألم وابتسامة ناعمة تزين ثغرها حينما دفن أصابعه في جلدها

– مش قادر انسي انك خدعتيني طول المدة دي

هزت اسيل راسها بلا مبالاة قائلة

– العين بالعين والسن بالسن والبادي اظلم

التمعت عيناها بقسوة شديدة هامسة

– مبسبش حقي يا لؤي

زفر متنهدا بحرارة .. مررا إبهامه على صفحة وجهها ليهمس

– عايزك تبقي وسط عيلتك الحقيقة يا آسيا .. حتى لو رفضاهم اكون انا عيلتك

لمعت عيناها بالدموع لتهمس بجفاء

– صعب اتقبل وجودهم في حياتي كل الفترة دي يا لؤي .. سيب الزمن يداوي كل الجروح .. الليلة دي انا وانت بس

مقاومته الاخيرة كانت ضعيفة للغاية ، إلا أن شوقه وحبه أقوي وأشد من أي خلاف وانتقام بدي سخيف جدا مقارنة لقائهما الروحي ..

ترك نفسه ينغمس بثمل في ذلك العشق المحكم عليه بالنجاح ان اختارته ، وهي اختارت أن تخرس شياطين انتقامها مع رجلها .

*****

في حي عاصي ،،

اصطفت سيارة فارهة أمام عقار عاصي ، رفع السائق عينيه لينظر إلى رب عمله عبر المرآة قائلا بصوت هادئ

– وصلنا يا غالب باشا ، دي العمارة اللي بيسكن فيها

اكتفي غالب فقط بالنظر إلى العالم الذي يعيش فيه الشاب المنجذبة له حفيدته ، رغم من أن حي شعبي الا انه محتفظ بأصالته .. تستطيع أن تشعر بالأجواء القديمة .. هز غالب رأسه بشرود ليسارع السائق بالخروج من مقعده فاتحا باب مقعد رب عمله الذي استند علي عكازه رافضا يد السائق ليمر عيناه عبر زمرة من تلك الطبقة .. رغم ما حصل عليه من معلومات عن ذلك الشاب جعلته يتفاجئ من كونه يعيش في بقعة من تلك الأماكن التي ظن أنه تم ردمها إلا أنه لن تنطلي عليه أي خدعة سواء بعمل الرجل أو شهادة تخرجه … ما أدراه .. حفيدته جميلة وصغيرة وثرية ، هي مطمع للعديد من الشباب ، يتذكر ان كل يوم يتقدم إليها رجال متطلبين زواج مصلحة لأعمالهم .. وهو رفض رفضا باتا أن تكون حفيدته صفقة رخيصة لأجل حفنة أموال … صاح بصوت قوي

– استناني هنا لحد لما اجيلك

هز السائق رأسه قائلا

– تؤمر يا باشا

وجود تلك السيارة الفارهة حديث جديد ينضاف لضمن أحاديثهم لأشهر قادمة ، بالنهاية سيارة كتلك ثروة متحركة تدل علي أصل ثراء فاحش لصاحبها …

راقب هيما بعينين مترصدة إلى ذلك الرجل الكهل المتوجه نحو عقار استاذه ، عبس بعدم فهم محاولا معرفة من هذا الرجل ؟ والي أي شقة سيتوجه إليها .. انتبه إلى نداء عادل

– هيماااااا

توجه علي مضض نحو عادل الذي يبدو أنه رأي ذلك الرجل ، غمغم هيما قائلا

– ايوا يا استاذ عادل

نظر عادل بعبوس إلى ذلك السائق الواقف بتخشب أمام السيارة ليقول

– انت متعرفش مين ده

هز هيما رأسه نافيا

-لا يا استاذ عادل ، بس شكله الراجل كدا من الباشوات دول دخل عمارة الاستاذ عاصي

هز عادل راسه ليصرفه قائلا وهو يخرج هاتفه من جيب بنطاله

– طيب روح على شغلك

وضع الهاتف على اذنه منتظرا اجابته لكن منذ متى يرد على مكالماته ، صاح حانقا

– وقتك ده كمان عشان متردش عليا

دلف غالب مدخل العقار متأملا كل ركن به ، استند علي عكازه حتي طابق ذلك الرجل الذي جعل حفيدته مفتونة به …. رغم الم قدميه إلا أن دافعه لحماية حفيدته أهم حتى من حياته ومشاكل قدمه

بعصاه عكازه ضغط على جرس الباب الذي يبدو بحالة جيدة عكس الطابقين في الاسفل .. استمع الى صوت انثوي قائلا بانزعاج واضح

– ايوا يا اللي على الباب

فتح الباب واستعد وجه الصلب .. وجه غالب المالكي ، حدق نحو المرأة التي أمامه بعينين متسعتين بصدمة ليتمتم

– تحية هانم

يتبع..

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على (رواية أترصد عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *