روايات

رواية ظل السحاب الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم آية حسن

رواية ظل السحاب البارت الحادي والثلاثون

رواية ظل السحاب الجزء الحادي والثلاثون

رواية ظل السحاب
رواية ظل السحاب

رواية ظل السحاب الحلقة الحادية والثلاثون

هبط من السيارة وهو يحاول كظم غيظه، رُغم الغـ-ليان الذي يسري في عروقه والذي يصعب عليه تحمله .. وقف أمامها بوجه لا تستطيع تفسير تعابيره، كان يحدق لها في صمت تام ظنًا منه أنها ستبدأ بالحديث كما هو الحال دائمًا،
لكنها فاجئته وأشاحت بوجهها بعيدًا وهي تصطك على فكيها، لم تنسى ما حدث حينما تظاهرت أنها قد جاءت لأجل البطاقة، فهي مستاءة للغاية مما فعله معها، ليراها تمسك بيد نرمين وتفاجأ بقولها ساخرة..
: يلا يا نرمين نقف ف حتة طراوة عن هنا، أحسن في غمامة وقفت فوق دماغنا ومنعت الأكسجين.
اتسعت عيني نرمين إثر قولها، فتكهنت أن الأمر لن يمرق على خير، فتتسارع بالهمس بنبرة مرتجفة، عندما وجدت ملامح مراد بدأت بالتشنج..
: بصي يا فيري يا حبيبتي، انتي صحبتي أه لكن توقعيني ف الغلط مع الو*حش دة، أنا مش حمل نظرة قاسية من عيونه، وكمان دة مديري ف الشغل ولازم أحترمه!
: أه يا معـ-فنة، هو دة اللي معاكي للنهاية؟ ند*لة
زمجرت فريدة، ثم أشارت إليها نرمين بابتسامة وهي تتراجع بظهرها
: بالسلامة يا قمر، غدًا ألقاكي دة لو لسة عايشة يعني!
أعطتها قبلة ف الهواء ثم أشارت لـ مراد
: بعد إذنك يا مراد باشا
لتركض مبتعدة وهي تنادي بصوتها العالي: يا هـادي!
سبـ-تها في عقلها لانسحابها وتركها بمفردها مع هذا الشر*ير كما أطلقت عليه هذا الوصف مؤخرًا، لتسمع صوت أنفاسه الثائرة من خلفها، لم تتأثر أو تشعر بالرعب بل استدارت بشجاعة وهي تتطلع إلى زمردتيه بشراسة وتحدي،
لم تعد تهابه، بل إنها أصبحت قوية لمواجهة إعصاره، ليس إلا قلبها الذي يتمرد عليها عند النظر لمقلتيه، وتخور قواه ودقاته لم تعد منتظمة، لكن لن تسمح له أن يتحكم بها ويستولي على عقلها هذه المرة ..
وجدته يقترب قليلًا ويمسك بمقبض باب السيارة ويفتحه ثم يرفع رأسه نحوها ويقول بهدوء
: اركبي يا فريدة
لم تعطه اهتمام بل نظرت ساخرة نحو الباب ثم استدارت لتهم مغادرة، ليوقفها بصوته الأجش
: فريدة
ازداد اضطراب قلبها بسبب نطق اسمها الذي تعشقه منه، اللعـ-نة عليك أيها القلب الأرعن هل ستبدأ بالتراجع الآن بعد ما صدر منه في الأيام السابقة؟ لا تخذلني أرجوك، يجب عليه هو أن يركض وراءك للفوز بك!
هيأت نفسها لتعود لوضع الصلابة المزيفة لتلفت له بوجه جامد..
: نعم!
أشار إليها بهدوء يشوبه الحزم: اركبي العربية
: لا مش هركب
قالت بإصرار وهي متعمدة استفزازه، ليردف وهو يقبض على فكيه بأسنانه محاولًا كبح جماحه
: صاحبتك مشيت والوقت متأخر، وما ينفعش تمشي لوحدك كدة، فياريت بلاش عند وتتفضلي تسمعي الكلام بهدوء.
: لا مش هسمع، وانت ملكش دعوة بيا أصلاً
صاحت بزمجرة، ليرتفع صوته وتشعر بهزة أصابت بدنها
: متزعقيش .. ويلا عشان أنا مش هفضل أدادي فيكي كتير!
سحقت شفتاها السفلية بغيظ ثم لبت أمره، رغم كونها لم تود الصعود أو ودت لكن ليس قبل أن تغضبه أكثر.
: أديني ركبت عايز إيه بقا مني؟
التفتت برأسها إليه وهي تسأل بحنق، صمت لبرهة وهو يقود السيارة على سرعة متوسطة، ثم يجيب دون أن ينظر لها..
: الأسلوب اللي بتتكلمي معايا بيه دة مش عايزه يتكرر، والأحسن ليكي تتعدلي!
: هو انت شايفني مقلوبة يعني؟
زمجرت، فيرد: لأ، شايفك طايشة أوي، ومش بتفكري من دماغك!
: أمال يعني بفكر من صباع رجلي الصغير؟
استنكرت ساخرة، فيحرك بصره نحوها ليقول بتهد*يد غير صريح وغطرسة..
: ماينفعش اللي بتعمليه دة، واعرفي انتي بتكلمي وتتعاملي مع مين!
: لأ عارفة، بتكلم مع مراد الحديدي اللي ضر*بني بالقلم على وشي ف مكتبه من غير أي سبب!
وكأنها ضغطت على الزر الأحمر في جهاز للتفـ*جير، ليضغط مراد على المكابح حين غرة، لترى صدره يعلو ويهبط بسرعة وبدأت العروق تبرز من جانب رأسه، يخبرها عقلها أن تهرب فورًا قبل أن تهب عاصفته وتد*فنها حية،
لتجده يجذبها من ساعدها باندفاع حتى اصطدمت بصدره المعضل، مضخة ثائرة تغزو صدره ما أن التصقت به كليًا .. حرارة أنفاسه ضربت وهيج ملتهب إلى وجهها .. يتطلع إليها بنظرات اخترقتها وأذابت قلبها الضعيف، لم يفصل بينهما سوى بعض إنشات،
فيهمس لها بليونة معاكسة للنار التي تصيب قلبه
: أنا عارف إني مد*يت ايدي عليكي، وعارف قد إيه انتي اتوجعتي بسببه .. مفيش داعي تفكريني لأن دة كان غصب عني، وأنا مضايق من نفسي من ساعة اللي حصل، وحاولت أفهمك دة وانتي مدتنيش فرصة!
: بس محاولتش تعتذر عن اللي عملته!
سمعها تهمس بنعومة بأعين معاتبة، فيرد عليها بتلقائية
: عشان أنا ما بعتذرش!
: بس أنا لما غلطت جيت واتأسفتلك، هو أنا يعني ماستاهلش تتنازل عن قواعدك عشاني؟
قالت بنبرة مستاءة وهي تطوف بسوداوتيها بين زمردتيه المعلقة عليها، فيهمس بتيهان
: انتي اخترقتي كل القواعد والقوانين يا فريدة، حطمتي الجسور اللي بانيها بين قلبي وبين أي حد، جيتي وربكتيني خلتيني مش عارف أسيطر على حياتي اللي من ساعة ما دخلتيها وانتي هزتيها
لم تصدق هل ما سمعت صحيح، أم أنها تتوهم؟ أيعني ما يقوله، أم أنه لا يدرك قوله؟
ابتلعت لعابها لتسأله بتردد وهي تحذر إجابته مهابة أن تتحطم
: تقصد إيه؟
انتبه للهفة عينيها، ثم حاوط خصرها بكفتيه قيبعدها عنه برفق، لينظر أمامه لا يعرف كيف تفوه بتلك الكلمات وصدق عليها قلبه، لكن عقله استيقظ وتراجع عما كان ينوي، رهبة أن ينجرف نحو الهلا*ك كما يعتقد، لذلك أمسك حاله وتأنى في رده.
قطبت فريدة ملامح وجهها دون استيعاب ما يفعله من أول أن جعل مسافة بينه وبينها، إلى الصمت الغير مبرر الذي أصابها باضطرابات عقلية وجسدية، فانتظرت إجابته بفارغ الصبر حتى تهدأ ثورتها الداخلية..
: أنا سمعت إن أسامة اتقدملك! بجد الكلام دة؟
تفاجئت بحديثه الذي غير مجراه تمامًا وكأنه يتهرب من الإجابة، أو هو بالفعل هكذا، ففاجئته هي الأخرى بالرد الصادم
: أه بجد، وقريب أوي هتسمع خبر خطوبتي، بس متخافش أوعدك إنك هتكون أول واحد أنا أعزمه!!
لاعبته على شعرة حساسة ممنوع الإقتراب منها ولو عن طريق المزاح
ليحذرها بحدة: فريدة!
ورغم ارتجافها لم تكتفِ بل ضغطت أكثر عليه ظنًا منها أنها تسير ف الاتجاه الصحيح
: اضايقت ليه؟ هو حاجة عيب إني اتخطب؟ دة حتى بيقولوا إن جواز البنت سترة، دة غير إن أسامة شاب كويس واحنا عارفينه، وبيحبني من زمان!!
كانت جملتها الأخيرة أشبه بالشعـ-لة التي لامست صفيحة زيت وقود .. التفت إليها برأسه واللهـ-يب يتألق مقلتيه، تلك النظرة جعلتها تلتصق بـ باب السيارة والرعب يتلبس جسدها..
: انتي قد الكلمة دي؟
سأل هامسًا، لتبتلع ريقها بصعوبه، فصاح بقوة هزت بدنها وكأنها صعقت بتيار كهربائي
: قدها!!!
لم تتصور مجرد كلمة ستجعله يفور بهذا الشكل الغريب، أصبح الوضع سيئًا الآن بالتأكيد سينقـ-ض عليها ويصـ*فعها مجددًا وهذه المرة لن ينقذها أحد!
سحبت حقيبتها بسرعة ورفعتها إلى وجهها، كأنها تستمد منها حماية، وتنقذها من كتلة المضخة القا*تلة هذا،
هذه الحركة جعلته يضحك رغمًا عنه، ولم يقدر أن يسيطر على نفسه، فكان منظرها مضحكًا للغاية وهي تكمش نفسها كالقطة الصغيرة الخائفة،
أنزلت الحقيبة قليلًا ببطء وحذر وهي ما زالت ممسكة بها بقوة، تتطلع إليه بنصف عين .. ليقول ساخرًا
: دة ع أساس إن دي هتحميكي مني يعني؟ عشان لما أقول مجنونة تصدقيني!
جزت على أسنانها بحنق بعدما ألقت الحقيبة من يدها، وعلى حين غفلة جذبت يده أثناء انشغاله في الضحك، لتنقض على طرف كفه وتنهـ*شه بين أسنانها بقوة..
اندهش هو من تصرفها الغير متوقع، ينظر لها بحاجبان مرتفعين وهي ما زالت تضغط بأسنانها حتى شعر أنهم اختر*قوا لحـ*مه .. يبدو أنها كظمت غيظها لمدة طويلة لذلك تركها تنفس عن غضبها بتلك الطريقة، ظلت لمدة دقيقة تقريباً أو أكثر إلى أن ابتعدت عنه بإرادتها وهي تلهث بقوة محاولة التقاط أنفاسها المتسارعة ..
نظر إلى حال يده التي انطبعت عليها علامات مع بعض الد*ماء البسيطة المنبثقة، بفضل انغر*اس أسنانها الحادة، ثم سألها ..
: ارتاحتي دلوقتي؟
وعلى إثر سؤاله وقعت عينيها على يده المجروحة فشهقت بصدمة وهي تضع أناملها على ثغرها، بعد أن أدركت حجم الذنب الذي ارتكبته .. ترقرقت عينيها كالطفل الذي ارتكب جر*يمة وخصوصًا أنه يحدق بها بغموض، فتسمعه يقول
: يا رب تكوني مبسوطة باللي عملتيه!
أشاحت بوجهها فقالت: ع فكرة انت اللي اضطرتني أعمل كدة، لو ماكنتش استفزتني بضحكك مكانش دة حصلك!
ردت بحنق وضيق منه، ليهتف
: أو ممكن بتاخدي بتا”رك مثلاً؟ أصل عارفك ما بتحبيش تسيبي حقك!
أردفت بنفس نبرتها: والله لو شايف العضة دي باخد بيها تاري، يبقى انت مديونلي بكتير أوي، أولهم قلمين تلاتة معتبرين أرد بيهم اللي أدتهولي
كانت تتوقع منه ردًا حادًا بسبب تخطي أدبها معه لكنه فاجأها بقوله الهادئ وهو يشير بأصابعه
: يعني انتي عايزة تضر*بيني تلاتة مقابل واحد؟ معادلة ظالمة!
التفتت برأسها وهي تشهق ثم استنكرت قائلة: ظالمة؟ التلاتة دول ميجوش حاجة ف القلم اللي أخدته منك أصلاً، دة انا ودني فضلت أسبوع تصفر يا مؤمن، مش فاهمة دي إيد ولا مرزبة!!
ليتفوه بخبث ممزوج بمداعبة: يا شيخة دة انا إيدي بلسم على الوش، انتي بس اللي شكلك ما كنتيش واكلة!
يعلم أنها ستثور كالبر*كان الآن .. جحظت عينيها وهي تحدق إليه بدهشة، فيمثل أنه غير منتبه ويطلق صفيرًا،
لينظر لها بطرف عينه، فيجد ثغرها انفرج متبسمًا، فتبسم لها،
لتضربه على ذراعه وهي تقول بنبرة رقيقة مستاءة بعض الشئ
: انت غلس أوي ع فكرة
ضحك بخفة، ثم استدار بكامل جسده
: نتكلم جد بقا، انتي بجد لسة زعلانة مني بسبب اللي عملته؟
سألها في لين وكأنه يسأل طفل صغير، فتجيب بإجابة غامضة
: معرفش!
: يعني إيه متعرفيش؟
عقد حاجبيه، فقالت: يعني انت مصلحتنيش
: بعد كل دة؟
هتفت باستهجان: كل دة إيه؟ انت ما عملتش حاجة غير إنك بتزعقلي وتخوفني منك أكتر، لكن ما اعتذرتش ولا صالحتني!
ضبط من مجلسه واسند مرفقه فوق حافة النافذة ثم أردف مؤكدًا
: انسي موضوع الإعتذار عشان مش هيحصل! إنما لو عايزاني أصالحك تعالي بكرة الشركة!
قال ببسمة لعوب ثم صاحت مهللة
: هتطرد نانسي صح؟ قول أه أه
نظر لها متعجبًا ولا يفهم سبب استيائها لوجود نانسي
: أطردها ليه؟ هي معملتش حاجة غلط!
انقشعت ابتسامتها وطافت علامات الإحباط ملامحها وقبل أن تتكلم دوى رنين هاتفها فردت دون النظر إلى المتصل..
: ألو؟
لتستمع صياح والدها حتى أن مراد قد استمع لصراخه من سماعة الهاتف
: فينك يا فريدة؟ وإيه اللي أخرك لغاية دلوقتي، وتليفونك كان مقفول ليه؟ قولي انتي بتعملي ايه ومع مين؟
احتبست الحروف داخل حنحرتها، فكادت كلماتها تخرج من حلقها بحروف متبعثرة
: معلش يا بابا، أنا كنت مع نرمين والوقت سرقنا
ليقطب مراد وجهه انزعاجًا من كذبها، هو يكره الكذب واختلاق الأعذار ليسمعها تهاتف والدها
: حاضر يا بابا جاية دلوقتي ع طول .. سلام
أنزلت بالهاتف من أذنها ثم أغلقت الخط، لترفع ببصرها فيسأل مراد بوجه عابس
: إيه اللي خلاكي تكذبي على أبوكي يا فريدة؟
رفعت كتفيها وردت ببساطة: عادي كدبة بيضا
قال مستهجنًا وهو يحاول ألا يفقد أعصابه نحوها
: نعم؟ هي في كدبة بيضا وكدبة سودا؟ أوعي تاني مرة تكدبي يا فريدة مهما كان، سامعة؟
حذرها برفق ثم أردف: الناس اللي بتكدب دي مش كويسة، والكدب مالوش ألوان، دة اللي مكانش له أعذار وبيتحجج هو اللي طلعله ألوان..
بالفعل هي لم تعتاد الكذب خصوصًا على أبيها، شعرت بالبهجة أن مراد يردها عن خطأها، وهذا يزيد من إعجابها به، ابتسمت بإيجاب ثم قال
: لما تروحي قولي لأبوكي إنك كنتي معايا لو سألك!
حرك مفتاح التشغيل ليدير ااسيارة، ثم استعد للإنطلاق حتى يوصلها للمنزل، لم يحبذ أن يؤخرها، لكن شعر بالراحة والاسترخاء بعد جلسة العتاب هذه، حتى وإن لم ينتهى فيكفي أنه يصلح الأمور تدريجيًا بعقلانية.
_________
هبط عبر الدرج بسرعة وهو يثني كمه لأعلى فأوقفه صوته المتشنج
: انت صحيح كل فلوسك اتنازلت عنها لـ مراد؟
ليحرك رأسه ويجد عثمان يقف وينظر له بوجه عابس، فيرد عليه بهدوء وهو يسير نحوه
: أيوة حصل، مين قال لحضرتك؟
: المحامي بتاعك قاللي لما كنت بسأله عن القضية بتاعتك!
هتف بتأفف ثم قال مستنكرًا: طيب حضرتك مضايق ليه؟ المفروض تفرح إني بدأت اتغير للأحسن وإني خرجت من غير خساير!
: أمال اللي الفلوس اللي ضيعتها دي مش خساير؟
صاح مزمجرًا ثم تابع بصوت أجش من شدة غيظه
: واشمعنى مراد اللي حولتله كل فلوسك، ليه مش انا ولا اختك نانسي؟
ليرد معتز بنفس هدوءه: أولاً لأ مش خساير، واشمعنى مراد! عشان هو أكتر حد وقف جنبي برغم البلا*وي اللي عملتها فيه، وكمان هو الوحيد اللي هيقدر يرجع الفلوس دي لأصحابها الحقيقيين، ولولاه ما كنتش خرجت بسهولة كدة!
قال عثمان ساخرًا وهو يمط كلماته: بقا يعني مراد هو اللي خرجك؟ دة انت مسكين أوي!
ليضحك معتز ويؤكد بسخرية: أه مسكين، طالعلك يا والدي .. بعد إذنك
ليتركه معتز يحرقه الغيظ، والنار تتدفق في د*مائه كالفيضان .. يحسب أن مراد انتصر عليه وجعل ابنه الآخر في صفه، هو من جعل ما يجري على أنه تحدي، لا أحد يعلم ما الذي يريد أن يصل إليه عثمان، وما الذي يكنه لهم جميعًا؟
_______
لقد وصلت إلى الشركة ودلفت ببطء وكأنها أول مرة تدخلها، كم من المشاعر تتخبط داخلها، اضطرابات وهمية تعبث بقلبها، فمنذ أمس وهي لم تنم بل استمرت في عصر عقلها كيف سيراضيها مراد؟
جاءت إلى الشركة ورغم تنبيهات والدها الصارمة عندما قالت له أنها كانت مع مراد، كما حثها على إخباره بالحقيقة، لكنه صاح وتشنج وظل يعاتبها على مخالفة أوامره، لكن لم تستطيع السيطرة على قلبها الذي جعلها تتبعه كالبلهاء الفاقدة للإستيعاب..
دلفت إلى المصعد وقبل أن تضغط على زر الصعود صاح هو أن تنتظر
: استني لو سمحتي
__________
هبطت من سيارتها في استياء، لم تتصور أن تصدر تلك الكلمة منه قط، ومن أجل ماذا؟ أأصبحت هي من الأعداء الآن؟ تخشى أن يكون قد كرهها ولم يعد يريدها بحياته،
انتظرت بعض الثواني حتى يخرج لها من الورشة بعد أن قالت لأحد العاملين أن يخبره بوجودها .. لتنتبه نيرة له يترجل خارجًا فيقترب منها ويسألها عن حالها ببسمة جذابة ..
: ازيك يا نيرة، ماصدقتش لما قالولي إنك هنا!
: ما صدقتش، ولا اضايقت يا عز؟
تعجب من نبرتها الشرسة، ليتساءل عن سبب انفعالها بلطف
: مالك يا نيرة؟ زعلانة ليه؟
قالت باستياء حقيقي: زعلانة منك أوي يا عز
اندهش من ردها عليه، فهي للمرة الأولى تنزعج منه بتلك الطريقة ولم يعرف السبب، أو بالأحرى لم يجده، إنهما في الفترة الأخيرة مستقرين ومتفاهمين ولا يتشاجران بل كالسمن على العسل كما يقولون، فاقترب منها وهمس
: طب تعالي نقعد ف حتة تانية عشان مش هينفع نتخانق قدام اللي رايح واللي جاي!.
انصاعت لطلبه فعادت لمجلسها على مقعد القيادة وتحرك هو ليجلس بجوارها لتنطلق هي لمكان هادئ بنادي حتى تستطيع أن تتحدث دون رقابة من أحد ..
تسير هى أمامه فوق الخضرة المنتشرة حولهما، بخطوات سريعة تعبر عن مدى سخطها، فيهتف مناديًا ..
: نيرة! هو انتي هتفضلي تجري قدامي زي العيلة الصغيرة كدة كتير؟ استني وقوليلي انتي مضايقة مني ليه؟
وقفت مكانها ثم استدارت بوجه طفولي كشر فتهفت
: من الكلام اللي قولته لـ فريدة امبارح عليا!!
تقدم نحوها وهو يعقد حاجبيه متسائلًا: كلام إيه؟
: لما قالتلك إنها كانت مع مراد، زعقتلها وقولتها قابلتيه ليه وانت محذرها منه، ولما اعترضت قولتلها انك هتمنعها مني ومش هتخليني آجي البيت تاني، عشان تقطع علاقتك بينا، طب أنا مالي بقا باللي بينك انت ومراد؟ ذنبي أنا إيه تحرمني من فريدة ومنـ…
بترت كلمتها ثم استدارت بتجهم وهي تكتف بذراعيها، لتصعد ابتسامة على محياه تنم عن سعادة داخلية، فيقترب منها ويمسك بذراعيها وحركها نحوه بلطف
: يعني فريدة حكتلك كل دة؟
: أيوة
أجابت بعبس، ثم قال بنبرة حانية وهو يرفع بعض الخصلات عن عينيها
: ومقلتلكيش إن دة كلام ف الهوا وخلاص! وإن مستحيل أقدر اعملها؟
لتظهر حمرة خديها بشكل مبالغ وهي تخفض رأسها خجلًا
: بجد؟ يعني عمرك ما هتعمل كدة؟
سألت بنعومة ثم رد عليها هامسًا: تؤتؤتؤ، يستحيل
لترفع ببصرها صوبه وتردف بلا استيعاب
: تتجوزني يا عز؟………………..

يتبع..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *