روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السادس عشر 16 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السادس عشر 16 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت السادس عشر

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء السادس عشر

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة السادسة عشر

بعد ساعاتٍ مرت …..وبعد منتصف الليل ……
اعتدلت جيهان من فراشها وسحبت الغطاء على ردائها الخفيف …..كانت تفتح عينيها بالكاد وهي تجول بنظرها الغرفة باحثة عن زوجها …..بعدما شعرت بعدم وجوده بجانبها …..
تنهدت بثقل وهي تنهض بكسل حتى أخذت روبها الثقيل وارتدته سريعا برجفة جسدها من لفحة الهواء الرطب ……
كان باب الشرفة مغلق ويتلصص الهواء منه رغم ذلك !!
لم يبدو أنه بالغرفة من كلها فإذن أين ذهب بهذا الوقت المتأخر !! ..
وقفت بمنتصف الغرفة حائرة ثم قررت النزول للطابق الأرضي ….
كان وجيه يقف بنافذة مكتبه الآخر بالطابق الأرضي ….يسلم أنفاسه للهواء الطلق …..ورغم برودة الهواء يشعر أن هناك سقيع بدقات قلبه وأنفاسه …..اجتاحه الجليد الذي يخبئ بثناياها النيران المتقدة ……
گجوف الأرض تماما ……تبدو ثابته من الخارج ….صامدة وصخرية ……باردة وجليدية أيضا ….ولكن بداخلها نيران گ الجحيم ……
شعر وجيه أن خلفه أنفاس فأستدار ليجد جيهان تنظر له بغموض …… قال وهو يعود جالسا على مقعد مكتبه :
_ صاحيه ليه دلوقتي ؟ ….ارجعي نامي الوقت متأخر !!
كتمت جيهان شيء من العصبية بصوتها وقالت بثبات مزيف :
_ مالقيتكش جانبي ….قلقت ! …
وتابعت وهي تقترب اه بنظرة ناعمة أنثوية :
_ بتوحشني ……بلاش توحشني ؟!
كلماتها كانت جليدية على قلبه وثباته …..فقال بهدوء :
_ طب روحي كملي نومك وأنا هلحقك بعد شوية …..
وهنا ظهر الضيق عليها ولم تستطع أخفائه فقالت بعصبية :
_ هو ده اللي بتحاول تنساها يا وجيه؟! أنا عرفت أنها هربت من المستشفى ! …… أظن لو فعلًا بتحاول تنساها هيكون ده سبب كفاية أنك ما تفكرش فيها تاني …..أنت بتكدب عليا ولا على نفسك ؟!
نظر لها وجيه بغضب ونهض واقفا وقال :
_ أنتِ رضيتي ووافقتي من البداية ….كان ممكن ترفضي …. الموضوع ده بالذات مش بحب اتكلم فيه مع حد …… وطالما ده كان اتفاقنا من الأول يبقى تلتزمي بالأتفاق لأني ما أجبرتكيش على حاجة !!
ادمعت عين جيهان بألم وقالت :
_ ما تنساش أني مراتك وليا عليك حقوق ……وأول حقوقي أنك ما تحسسنيش أني على هامش حياتك …… أن كنت رضيت أني أقف جانبك …فعشان كنت معتقدة وفاكرة أنك عايز تنساها بجد ….أنت مش عايز تنساها يا وجيه …!!
أنت بتحارب عشان تفضل جانبك بأي طريقة ……. محاولة نسيانك ليها فكرة كدابة ….. شيء مزيف بتحاول تتظاهر بيه عشان ما تبانش ضعيف قدامها ولا قدام حد …!
ارتبكت عين وجيه وهو يتهرب من نظراته زوجته المتهمة الغاضبة ……فقال بصدق لأول مرة يعلنه وخاصةً أمام جيهان :
_ ليلى خرجت من حياتي يا جيهان …..خرجت غصب عني مش بمزاجي …. خرجت لأنها اختارت تبعد ….رغم تمسكي اللي تعدى مرحلة العقل والتفكير بيها …..
تعذبت عينيه أكثر وهو يتابع :
_ بعدت وسابتني تاني …..مش هنكر أني انهزمت وانكسرت للمرة التانية ….وبشكل أعنف….. أنا مش بعرف أحب مرتين ….. أو هي اللي خلتني محبش حد أدها ….. أنا بقولك كده عشان أبقى صارحتك بالحقيقة …..لو حابة تفضلي معايا مش هرفض ….ولو حابة تبعدي مش همنعك …..أنا مش عايز اجبرك على شيء واحس أني ظالمك …. الاختيار ليكِ ….
سقطت دموع من عين جيهان بكسرة وقالت :
_ عمرك ما كنت هتديني قرار البعاد وأنت بتحبني ..!
ولو ليلى اللي قدامك عمرك ما كنتي هتديها القرار ده …!
بس لو هختار بجد …..هختار أصبر عليك حتى لو وجعي طال شوية ….. بس صدقني يا وجيه ….أنا استاهل اتحب ….
اجهشت بالبكاء …اقترب وجيه منها ورد على بكائها بضمة حنونة وقال بصدق وصوته مغمور بألم :
_ أنا عارف ومتأكد …… واللي أنتِ حساه دلوقتي أنا حاسس اضعاف أضعافه ….. وعلى كل حال محدش عارف بكرة فيه إيه ….. يمكن النسيان ينعم عليا واصعب عليه ويزورني …..
تمسكت جيهان به وهي تبكِ …..وتعلم أنه يقول ذلك فقط بدافع الشفقة على دموعها ..هي تعرفه جيدًا وتعرف لين قلبه …..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
بالصباح ……
تسلات أشعة الشمس الخفيفة من النافذة الخشبية بغرفة المندرة ….
انتفض آسر من الفراش بعدما مر بحلم طويل خلال ساعات الليل ….مرر يده على وجهه بارتباك وهو يتذكر أطراف وظلال من الحلم الغريب هذا …..
كأنه عالم موازي لما يراه مع تلك الفتاة الجدية المظهر …والذي أشبه بتصرفاتها لتصرفات الرجال …..
حلم شاعري ….به كثير من الرومانسية …..به جرآة أيضا جعلته يشرد للحظات ……
نظر له جاسر وهو يتثاءب بكسل ويمط ذراعيه بقوة :
_ شوفت كابوس ولا إيه ؟
رد آسر بإرتباك وقال مبتلعا ريقه بتوتر :
_ آه ….كابوس ….
اعتدل جاسر في الفراش ببعض الكسل وقال :
_ خير اللهم اجعله خير …… أنا كنت في الحلم ؟
تلعثم آسر بتوتر ظاهر ونهض من الفراش هاتفا بعصبية غريبة :
_ مش هقوله ….وقوم يلا عشان نجهز ……
الارتباك والقلق الظاهر على آسر وهروبه بهذا الشكل جعل جاسر يضيق عينيه بخبث ….قال بغيظ وقد شك بالأمر :
_ هي الكوابيس دي مش بتجيلي ليه ؟! ….بتختار الشخص الغلط الكئيب ليه ؟! …… وأنا اللي طول الليل عمال أحلم بحبال غسيل بتتلف حوالين رقبتي !! مني لله بجد يعني …..
قال يوسف بكسل وبتعجب :
_ أنت عبيط يا جاسر ؟! ….عايز تحلم بكوابيس ؟!
قال جاسر بسخرية :
_ اسكت أنت يا سبونج بوب …… قال كوابيس قال ….. ده أنا افهمها وهي طايرة …. آسر كان على موعد غرامي في الحلم …. آسر بيتكسف يقول صباح الخير لبنت ….أنما في التهزيق والشخط والنطر افتحله الباب …..
كتم رعد ضحكته وهو يمط ذراعيه :
_ أنا كنت مع فتاة أحلامي في الترابيزة اللي ورا آسر في الجنينة ….. جنينة الأحلام …..قالتلي وقولتلها ….. اتكلمنا كتير وأزأزنا لب ….شربنا عصير ليمون ….هو اللمون في الحلم إيه ؟
قال يوسف بضحكة :
_ حموضة …..
لكمه رعد بمرح وتشاركا الضحك بعد ذلك ……فقال جاسر له بغيظ :
_ أناحاسس أني منبوذ ….. رغم أني استحق اتعامل بحنية …. مش كده ؟!
هز يوسف رأسه بموافقة وقال :
_ كده ونص ….أنت تستحق تتعامل بحنية ….. زي اللي اتعاملت بيها امبارح دي ….فاكرها ؟
ارتفعت ضحكته عاليًا وانخرطا رعد بضحكة أخرى وهو يرى جاسر يدفع بوجهه الوسادة بغيظ …..
➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖➖
دقت الساعة التاسعة صباحا …..
انتظرت ليلى مجيء صديقتها إيمان ….حتى أتت إيمان في تمام الساعة التاسعة والنصف ……واستقبلتها ليلى بابتسامة شاكرة لصنيعها وقالت :
_ ساعتين بالكتير وهكون هنا …..أنا فطرت ريميه وكله تمام …..خليكي هنا لحد ما ارجع …..
وافقت إيمان بترحاب وهي تشاكس الصغيرة التي تجلس صامته بغرابة ……
حتى غادرت ليلى بعدما استعدت للمقابلة بملابس مناسبة ……
جلست إيمان بجانب الطفلة على الفراش وقالت لتبدأ حديثها بشيء من المزاح :
_ نسيت اجيبلك لعب….بس المرة الجاية هجيللك لعب كتير أوي …اوعدك ….
وأضافت برقة :
_ بتحبي إيه غير العرايس ؟ ….أطلب واتمنى يا عسل ……
مدت الصغيرة يدها أسفل الوسادة التي خبأت أسفلها الكارت من أمها خوفا أن تأخذه منها وقالت لإيمان برجاء :
_ بابا وجيه اداني الرقم ده وقالي كلميني في أي وقت ….. ممكن ؟
لم تعرف الصغيرة أن تصيغ طلبها جيدًا ……واندهشت ايمان لذكر اسم وجيه على لسان الصغيرة ؟! ….
ايعقل أنه ذلك الحبيب القديم ل ليلى ؟!
أم مجرد تشابه اسماء وربما كان الاسم لاحدًا من عائلة ليلى ؟!
وبما أن الطفلة سبقت اسمه ب “بابا ”
قالت ايمان بحيرة :
_ طب لما ماما تيجي ….هتصلك بيه على طول …..
خافت الصغيرة وقالت بتوتر :
_ لأ متقوليش لماما ….خلاص مش تكلميه …
ارتخت نظرة الصغيرة للأسفل بحزن ظاهر ….أشفقت ايمان عليها ولكن حيرتها في الأتصال لا زالت قائمة ……
مر الساعتين ولم تأتي ليلى ….!
بدأت تقلق إيمان وبدأت الصغيرة تضيق من تأخر امها ……وقالت لإيمان مجددًا برجاء :
_ مش هتتصلي برضو ببابا وجيه …..؟
قالت إيمان وهي تقرب مشروب عصير طازج لفم الصغيرة بعدما طلبت في مجيئه لغرفة ليلى :
_ طب اشربي العصير ده وهتصلك بيه ….
ارتشفت الصغيرة العصير دفعة واحدة وابتلعت ما بفمها سريعا ثم قالت بلهفة :

 

 

_ شربت اهوه …..
قالت إيمان بمراوغة وهي تضع الكوب الفارغ على المنضدة :
_ ماما زمانها جاية …..لما تيجي هخليها تتصل بيه على طول ….
قطبت ملامح الصغيرة وبدأت في البكاء …..فقالت إيمان برأفة على حالتها :
_ طب مين بابا وجيه ده بس ؟!
صمتت الطفلة ولم تعرف سوى إجابة واحدة :
_ الشاطر وجيه ….بس بقى بابا وجيه …….
أزدادت حيرة ايمان ولم تفهم شيء أيضا …..ولكنها استسلمت بنهاية الأمر وقالت مرغمة :
_ خلاص هتصلك بيه …..هاتي الكارت …..
تبدل عبوس الصغيرة ريميه للفرحة وفتحت قبضتها بورقة الكارت التي ابتلت من تعرق يدها …… رفعت ايمان سماعة الهاتف الخلوي بالغرفة وضغطت على الأرقام بالهاتف بمطابق الأرقام المرفقة والمكتوبة بخط اليد على الكارت ……

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *