روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السابع و الثلاثون 37 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل السابع و الثلاثون 37 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت السابع و الثلاثون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء السابع و الثلاثون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة السابعة و الثلاثون

~… حفل زفاف …~
قد مر الأسبوع دون شيء جديد على جميع الأطراف.
باستثناء د.أمجد التي تغيرت تصرفاته مع “فرحة” كليًا … حارت خلال الأيام الفائتة في سبب تحوله هذا.
هل كل هذا التجاهل بسبب عدم انصياعها لرغبته بالتحدث ذلك اليوم الذي أتى فيه إليها بأوج أوقات عملها؟!
لا يعقل أن يكون ضيق الأفق لهذا الحد! … وقفت فرحة تباشر عملها بهذا الصباح الجديد وعينيها يشتعل فيهما الحيرة.
ما كادت أن تفتح دفتر مدون فيه بعض الملاحظات حتى انتبهت لوقوف والد زايد أمامها بوجهه الذي ظهر عليه علامات التقدم بالسن بدرجة كبيرة خلال أيام …وقال وكأنه يرجوها :
_ أنا عارف أني مش من حقي الطلب ده ، بس أعتبريني والدك وأفهميني.
قطبت فرحة حاجبيها بغرابة وتساءلت :
_ طلب إيه ؟!
قال الرجل بتوتر:
_ زايد عمل العملية واتحسن شوية … بس من وقت ما فاق ساكت ومش بيتكلم ، بقعد اتكلم معاه مش بيرد عليا ولا على أي حد حتى الدكاترة ! …. أنا عارف ومتأكد انه حاسس بالذنب من ناحيتك من وقت اللي حصل …. ممكن تروحيله وتتكلمي معاه ؟ ….طلبي تقيل عارف ، بس أنا بدور على أي شيء يحسن حالته … وزيارتك ليه هتفرق.
دهشت فرحة من هذا الطلب وقالت برفض :
_أسفة … بعد اللي حصل مستحيل أحس بالشفقة عليه ، يمكن أخويا سامح فادي أبنك على الحادثة … أنما أنا مش هسامحه على اللي عمله….. وزي حضرتك ما قولت كده …طلبك تقيل ، وفعلًا تقيل عليا ومش هقدر اعمله.
شحب وجه الرجل بيأس والم ثم هز رأسه متفهمًا وذهب من أمامها ، شعرت فرحة برمقة ندم على قسوتها بالحديث خصوصا أن هذا من أنقذها وقتذاك، ولكنها رجعت ثابته ومتأكدة من قرارها ….
ورجعت بالفكر للذي تجاهلها طيلة أسبوع كامل وغمرها الشعور بالضيق …
وفي مكتب د.أمجد…
أرتدى معطفه الطبي ويبدو عليه الكآبة والحزن ، وقف للحظات ساهمًا للبعيد بعينين متألمتان يلهبهما الحنين لرؤيتها …. ولكن كيف يحق له أن يعطي الحق لنفسه في شعوره نحوها بعدما تزوجت ؟!
تنهد أمجد بقوة وحزن يصرخ بضلوعه ، ثم تذكر فرحة !
لم تفعل له شيء حتى يتجاهلها بتلك الطريقة وهو من قرر مد يد الدعم لها !
لو قارنها بحبيبته سمر لظهرت فرحة بملائكية وربحت المقارنة !
سمر كانت تلكم قلبه بكلماتها وبجميع أفعالها ومع ذلك لم يستطع ولم يقدر على تجاهلها ولو ساعةً واحدة !
يبدو أن القلوب لا تحب سوى من بيده سوط القسوة!
زفر بحدة وقرر الذهاب للمرور على غرف المرضى ، ولكن وجد فرحة تقف عند مدخل باب المكتب ناظرة بحياء وارتباك …. وقف أمجد يحدق بها بتعجب وثبات حتى نطقت فرحة بتلعثم :
_ دكتور الأشعة استأذن غياب والشغل اتنقل قسم الاشعة في المبنى التاني …
أطرف أمجد عينيه ولم يفهم لمَ تشرح له ذلك … فازدردت فرحة ريقها بتوتر وقالت :
_ اقصد يعني … أني استغليت أن النهاردة مافيش شغل وجيت اسأل حضرتك …. هو أنا عملت حاجة ضايقتك ؟
هرب أمجد بعينيه منها ولم يجد إجابة يرد بها ، فشعرت فرحة بالندم من قولها هذا ، ووبخت نفسها سرًا … فأضافت باستياء:
_ أنا أسفة … بعد أذنك.
ابتعدت فرحة عن ناظريه ولا زال واقفّا متجمدًا ، ثم أسرع فجأة خلفها أقلًا كي لا يبدو سخيفا بعدم رده …. فأوقفها بالطرقة الواسعة خارج المكتب بعدما اجتازت الممر القصير ..
وقال :
_ آنسة فرحة ؟
وقفت فرحة فجأة وهي تمسح عينيها من الدموع ، وفوجئت صدقا بمجيئه خلفها …. حتى اسرع ووقف أمامها معتذرًا بصدق

 

وقال:
_ أنا اللي آسف .. بس اعذريني أنا كنت مخنوق اليومين اللي فاتوا ومضايق شوية … واكيد مش بسببك !
بدأ وجهها يعود له الدماء وعينيها حمراوان ، فابتسم ابتسامة ظاهرية فقط كي يبدو لطيفا وقال :
_ مش هتقبلي أعتذاري ؟!
ترددت ابتسامة لتظهر على وجنتيها ، فقالت :
_ حضرتك ما زعلتنيش عشان تعتذرلي … وعمومًا مش زعلانة.
ارفقت حديثها بابتسامة بسيطة وعينيها تنظر له بحياء، وأجاب عليها بنفس بابتسامة هادئة وقال:
_ طب الحمد لله … أخوكي عامل إيه دلوقتي ؟
قالت فرحة براحة واطمئنان :
_ بخير وبيتحسن الحمد لله ، بس كنت عايزة أخد رأي حضرتك في حاجة.
هز رأسه بتقبل سؤالها وقال:
_ آه طبعا قولي ..
ترددت فرحة للحظات ثم قالت :
_ حسام أخويا خلاني أتنازل عن المحضر اللي عملته ، وسامح الولد اللي كان سبب الحادثة … هو حضرتك عرفت أن اخوه الكبير اللي كان بيهددني ده…
قاطعها أمجد وأكمل عنها :
_عمل حادثة مش كده ؟! …. عرفت.
قالت فرحة ولم تشير لأمر الاختطاف وقررت أن لا تخبر به مخلوق … فقالت :
_ أنا مش شمتانة فيه ، بس والده طلب مني أزوره عشان يعني لو هو حاسس بالذنب فزيارتي هتخفف عنه … وأنا رفضت.
تعجب أمجد قليلًا ثم قال بصدق:
_ طالما رفضتي فده قرارك وحريتك … وبصراحة الطلب غريب شوية ! … وانصحك تبعدي عنهم طالما كمان اتنازلتي عن المحضر والموضوع أنتهى.
قالت بموافقة رأيه :
_ عندك حق …. أنا فعلًا كنت بدأت اعمل كده.
قالت ذلك ثم تخضب وجهها من نظرة أمجد المبتسمة لها …. فقال بقصد المرح :
_ طب لما كنتي بدأتي تعملي كده بتسأليني ليه ؟!
تخضب وجهها بإحراج فضحك أمجد وقال باعتذار:
_ خلاص أسف مش أقصد …. هنرجع للزعل تاني ولا إيه ؟!
هزت رأسها بابتسامة وهي تنظر للأرض بحياء وارتباك …
انتبهت لصوت أنفاس عالية واضحة كأن أحدًا يركض واقترب منهما …. رفعت فرحة رأسها والتفتت جانبًا لتجد ذلك الجالس على مقعد متحرك وخلفه أحدى الممرضات تحركه .
نظرته لها نارية شرسة … وكأنه لو استطاع الوقوف ونشب أظافره في عنقها لن يتردد !
ثم انتقلت نظرته العنيفة لأمجد ، فبادله أمجد نظرة ضيقة باستغراب من عداوته الواضحة دون مبرر !
ضغط زايد على أسنانه بعنف وعينيه تلتهب غضب وهتف بالممرضة :
_ عايز أرجع لأوضتي .
قالت الممرضة بتعجب :
_ حضرتك اللي صممت أخرجك !
أطبق زايد شفتيه على بعضهما بعنف وصرخ بها بأعنف نبرة لصوته:

 

_ أبعدي عني …. ابعدوا كلكم !
وهز رأسه برفض أي مساعدة للممرضة ، وتحرك شعره الطويل بعض الشيء على الشاشة الطبية التي تلف رأسه بسبب جرح كبير إثر الاصطدام .
بعدها ظهر كالثور الهائج بملامح وجهه المشدودة بشراسة ، دفع يد الممرضة بقسوة لتبتعد عنه ، وحرك عجلات المقعد بحركة عصبية شديدة أظهرت عروق يده المنتفخة.
فتحركت العجلات بسرعة على الأرض الناعمة لجهة غير محددة ، كان يريد الابتعاد فقط ، أن لا يرى أحد عجزه وقدر غضبه ،والأهم لا يكتشف أحد سبب هذه الثورة البركانية المتقدة بداخله.
حدقت فيه فرحة بعينان متسعة من الذهول وانتهبت لمقعده الذي تركض عجلاته على السيراميك الناعم بسرعة عالية باتجاه السلم ! …
جف ريقها وهي تنتقل بنظرتها بينه وبين اقترابه من درجات السلم الذي إذا حدث وسقط عليها سيحدث له ضرر لا يحمد عقباه خاصةً مع حالته هذه ..
اندفعت فرحة إليه وركضت خلفه بينما تجمد أمجد للحظات وشل تفكيره من ما يحدث أمامه…. واستطاعت هي أن تسبقه قبل أن يسقط مقعده على الدرجات الهابطة للأسفل.
وقفت أمامه متمسكة بأطراف المقعد وهي تلهث وخلفها مباشرةً السلم …. قالت وهي تلتقط أنفاسها بلهاث :
_ أنت مجنون ومش طبيعي ! … عارف لو كنت وقعت على السلم وانت بالحالة دي كان هيجرالك إيه ؟!
التقط زايد أنفاسه المتسارعة بعنف وعينيه محدقة بعينيها القريبة ، ولكنه لم يتفوه بكلمة … ظل ينظر لعينيها وهو يتنفس بحدة حتى استقامت فرحة وسحبت مقعده للغرفة … وهنا صاح باعتراض وغضب :
_ ابعدي عني … ابعــــــــــدي عنـــــــــي !
لم تستمع له بل جذبت المقعد لداخل غرفته ، ثم اغلقت الباب وأشارت له بعصبية :
_ أهدأ !! …. أنت كنت هتتسبب في مصيبة للممرضة بعملتك دي ! … ياريت تفتكر قبل ما تندفع وتتهور أن ….
حملقت بذهول فيه وبتر الحديث من فمها عندما وجدته يلتقط إبرة طبية ويحاول جرح شرايين يده بها، ويبدو أنه فقد السيطرة على انفعالاته تمامًا، وأصبح بحالة من الانهيار العصبي الحاد…
مضت إليه بلمح البصر وأوقفت يده المقبضة على الإبرة في محاولة لإبعادها عنه …. تأذت من سن الإبرة وتألمت ، ولكنها أصرت على أخذها من يده كأنهما يتصارعا ! …
ثم صرخت عندما دست الإبرة بالخطأ في باطن يدها ، والتمعت عينيها بالدموع … تجمد زايد فجأة وهو ينظر ليدها وأطرفت عينيه كأنه اقترف ذنبٍ عظيم!.
بدا كالطفل تمامًا الذي على مشارف البكاء !.
ضغطت فرحة على معصم يدها من فرط الألم وهي تبتعد عنه ويدها بدأت تنزف الدماء … حتى فتح الباب أمجد واسرع لها

 

بقلق …. قالت وهي تبكي بألم :
_ الإبرة جت في إيدي بالغلط ….
خلّص أمجد يدها من سن الإبرة الجارح وأمر الممرضة أن تأتي بالإسعافات الأولية …
نظرت فرحة بدموع والم ليدها التي تنزف ، ثم نظرت لزايد بغضب وصمت …. ولكنها شعرت للحظة بالذهول .
ذهلت عندما رأته يهرب بعينيه الدامعة بعيدًا عنها … كأنه كره أن تره هكذا .
اجفلت للحظات ، ريثما أنها لم ترَ بكاء رجل من قبل !
بدأ أمجد يضمد الجرح ويعقمه ، بينما عينيها كانت تتسلل لزايد من حين لآخر … خاصةً بعدما ظهر وكأنه أصبح تمثال بلا حركة …. وعينيه مصوبة عليها بشيء عنيف من الندم والاعتذار والغضب أيضا! … وشيء آخر لم تفهمه !
قال أمجد بعصبية لزايد :
_ الحمد لله أنها جت على أد كده …. ياريت بلاش تهور تاني !
تبدلت نظرة زايد للعنف مرة أخرى وبشكل خطر اتجاه أمجد … فقال بصوتٍ قوي خشن كأنه يتحدث من بين أسنانه بشراسة:
_ بلاش النبرة دي معايا !
تنهد أمجد بسخط لعجرفة هذا الشاب وقال لفرحة :
_ تعالي معايا …
لم تعرف فرحة لمَ تسللت عينيها لعينان زايد التي امتلأت غضب مجددًا …. وقبل أن ترد قال هو بحدة:
_ أطلع أنت …. وسيبها !
رد أمجد بعصبية:
_ مافيش أي شيء يسمحلك تتكلم معايا بالطريقة دي ! … ولأول مرة محسش بأي عطف على مريض !
ضرب زايد على مقعده بعنف وهتف به ونظرته وكأنها ستقتلع رقبة أمجد من جسده :
_ أنا مش مريـــض ، ومتكررهاش تاني !
زم أمجد شفتيه بعصبية فقالت فرحة له لتنهي الجدال:
_ يلا يا دكتور ونسيبه يرتاح شوية ..
رفع زايد أحدى حاجبيه بتحذير شرس ألا تفعل ما قالته للتو … فضيقت فرحة عينيها بدهشة ! … كأنه يملك سلطة عليها كي يعاملها هكذا !!
فقالت بغيظ :
_ اتفضل يا دكتور …. خارجة معاك.
ضيق زايد عينيه عليها بنظرة خطرة نارية لا تنذر بالخير ، فتقدمت فرحة بالسير جانبًا مع أمجد لخارج غرفة زايد …. فقال أمجد لها بغيظ:
_ حتى في حالته دي متعجرف ومغرور ! …
لأول مرة تشرد فرحة عن حديث أمجد وتتيهه بشيء آخر …. ويبدو أن أمجد انتبه لشرودها فقال باستغراب :
_ سرحتي في إيه ؟!
اطرفت عينيها بحرج وقالت بنفي :
_ لا أبدًا ، بس مستغربة من موقفه وتصرفاته !
فقال مقترحا :
_ يمكن الحادثة سببت نوع من فقدان السيطرة على أعصابه ، وكمان يحمد ربنا أن مخه سليم والإصابة طالت رجليه وبس … أي مريض بتبقى حالته النفسية مدمرة في فترة مرضه … ما تشغليش بالك.
أتت احدى الممرضات وقالت لأمجد:

 

 

_ اتأخرت يا دكتور على المرور !
فقال مستأذنا فرحة بلطف:
_ أشوفك بعدين …. مع السلامة مؤقتً.
ذهب من أمامها وظلت واقفة للحظات ، وكادت أن تذهب لشقيقها حتى تذكرت تحذير الطبيب من كثرة الزيارات وتركه يستريح دون توتر أو أي شيء يسبب له القلق ….
فتراجعت …
وتسللت نظرتها لغرفة زايد وقررت فجأة الذهاب إليه …
بالغرفة…
فتحت الباب ببطء وقد ظنت أنها ستجد الممرضة مثلما تركتها ، ولكن يبدو أن الممرضة ذهبت وتركته وحيدًا .. جالسا على مقعده بسكون تام أمام النافذة الزجاجية ….
ويبدو أنه ادرك دخول أحدهم فقال بعصبية دون أن يلتفت :
_ مش عايز أشوف حد !
وعلى رغم ذلك تقدمت فرحة خطوة أخرى إليه وقالت :
_ أنت مش كنت عايزني أفضل هنا ؟!
وبسرعة عالية وجدته يحرك عجلات مقعده ويستدير ناظرًا لها بدهشة أقرب للذهول …. وتاهت نظرته بعينيها للحظة، ثم قال كانه لا يصدق أنها أمامه :
_ يعني أنتي رجعتي عشاني ؟!
ابتلعت فرحة ريقها للحظة وقد شعرت سرًا إنها الحقيقة ، ولكنها انكرت وقالت بنفي :
_ مش بالضبط ….
ظهرت على جانب شفتيه طيف ابتسامة ، والتمعت عينيه بالمكر كعين الثعالب وقال مؤكدًا :
_ لأ … أنتي رجعتي عشاني.
غضبت من غروره وقالت بعصبية:
_ مغرور لدرجة تنرفز !
تنقلت نظرته لعينيها ببطء ومكر ، ورغم حالته ولكنها شعرت بالخطر منه …. فقالت وهي تهم بالخروج :
_ أنا غلطانة أني رجعت !
كادت تخرج وتخافي عن ناظريه فقال :
_ فرحة
التفتت له بعصبية لتضع حدًا بطريقة معها التي تثير الشكوك …حتى سبقها وقال بصرامة :
_ماتوقفيش معاه تاني …
حملقت فيه بصدمة ثم هتفت بغيظ:
_ أنت بتقول إيه ؟!
كرر ببطء وبثقة :
_ ما توقفيش … معاه … تاني ، بسيطة وسهلة خالص !
صاحت بغضب :
_ كان لازم اسيبك توقع يمكن لما تتخبط في نفوخك تفوق ، أنت مين عشان تقولي كده ؟!
تحكم بغضبه وأجاب:
_هو اللي مين عشان يوقف معاكي ويبصلك كده ويضحك معاكي كمان ؟! …. حظه ساعده أني قاعد على الكرسي وإلا مكنش هيفضل واقف على رجليه .
قالت بعد لحظات ذهول :
_لأ أنت بجد حصل في مخك حاجة !، أنا هقول للدكتور بتاعك يعيد الأشعة على المخ ويتأكد لأنك مش طبيعي.
ابتسم زايد بمكر وقال :
_ آه مش طبيعي …. كنت عصبي ، دلوقتي بقيت مجنون !
لم تستوعب ما يقوله ، ولكنها لم تشعر إلا وهي تركض من الغرفة تحت نظراته العميقة الماكرة لها …. ربما كانت أمكر نظرات رأتها بعينين رجل !

 

 

*********
وعند الغروب …..
في جمع عائلي كبير…..
اجتمع الشبان الأربعة حول عمهم وجيه والجد رشدي الذي كان منغمس في الحديث مع جد ليلى …. حيث قال الجد رشدي بتساؤل :
_ كويس أن ليلى وافقت على كتب الكتاب مع ظروف والدها …
رد صادق جد ليلى قائلًا:
_ عايز أسترها بأسرع وقت ، وحالة عبد العزيز أبني ما تطمنش وكل ساعة بحال … خليني أنهي الموضوع ده وأسيبها مع جوزها واطمن عليها …. وأنا متأكد لما عبد العزيز يقوم بالسلامة بأذن الله هيوافقني في رأيي … لأنه لو كان مكاني كان هيعمل كده.
قال الجد رشدي بتفهم :
_عندك حق … واطمن عليها وعلى ريميه … دول بقوا مننا خلاص.
قال صادق بامتنان :
_ أنا عارف ومتأكد … ولو ثقتي دي مكنتش هوافق بسهولة خصوصا مع ظروف أبوها.
وقف وجيه وحوله الشباب الأربعة مبتسمين وضاحكين ….فقال جاسر بغمزة ماكرة:
_ طلعت نمس يا عمي … أنت قدوتي.
ابتسم وجيه وقال :
_ بتعشق الانحراف ! … بس الموضوع مافيهوش انحراف معلش هخيب ظنك …
يبدو أن الشباب الأربعة قد عرفوا الحكاية كاملة بالأيام الفائتة … فقال يوسف بمباركة:
_ الف مبروك يا عمي … أنا فرحان عشانك يمكن أكتر ما فرحت أن حميدة جت هنا.
قال جاسر ليوسف بضحكة وسخرية:
_ يا مـــــدلوق يا كاسفنا !
ربت وجيه على كتف يوسف بمحبة وقال :
_ ولا مدلوق ولا حاجة … خليك كده يا يوسف أوعى تتغير … وبكرة ربنا ينولك اللي في بالك طالما نيتك خير.
رفع يوسف يده بالدعاء حتى ثبتت عينيه فجأة على من تهبط درجات السلم بفستانها الفيروزي الطويل …. فتساءل وجيه بتعجب :
_ مالك يا يوسف ؟!
تسللت نظرة جاسر صوب اتجاه نظرة يوسف حتى ضحك قائلًا :
_ اللي في باله نزلت يا عمي ، كل ما يشوفها يستلوح كده !
قال يوسف بابتسامة هائمة بحميدة التي احمرت خجلا من نظرته:
_ بعد أذنك يا عمي ثواني وراجع.
قال آسر بسخرية:
_ لا خليك ما ترجعش !
ضحك الشباب الثلاثة مع عمهم …. بينما رعد جاهد كي يبدو طبيعيًا غير مبالي بظهور رضوى بأي وقت ….
اقترب يوسف من السلم وانتظرها حتى هبطت آخر درجة وقال لها مبتسما بإعجاب :
_ مشاء الله … شكلك يفتح النفس.
قالت حميدة بثقة وهي تتحدث :
_ دي أقل حاجة عندي … حتة سواريه كده خفيفة عشان التجمع عائلي على الأد بس.
رد يوسف بابتسامة واسعة :
_ خطفني تواضعك !
قالت حميدة وبدا عليها التردد :
_ بقولك إيه يا يوسف …. أنا سمعت طراطيش كلام كده أن فيه تورت وحلويات كتير جت جاهزة من الدكاكين بتاعتكوا اللي هنا…. آلا صحيح الكلام ده؟
كتم يوسف ضحكته ، ثم قال :
_ صحيح ، وخبيت كده كام جاتوهاية وتورت على قدنا أنا وأنتي وبس …. خدي اللي بالكيوي وأنا هاخد اللي بالمانجا.
قالت حميدة بعبوس:
_ بس انا بحب المانجا …
أطرف يوسف عينيه بخبث وقال بهمس:
_ كنت حاسس … عشان كده كترت اللي بالمانجا … أنا مبسوط بيكي أوي.
ابتسمت حميدة بحياء ونظرت لجهة أخرى….
رمق جاسر يوسف من بعيد وهمس لرعد قائلا بضحكة:

 

 

_ أقسم بالله بيكلمها عن الأكل … شوف ضحكتها وضحكته ؟ …
ابتسم رعد بصدق وهو ينظر ليوسف ، وكاد أن يرد حتى فوجئ برضوى وهي تقف مع شاب من معارف العائلة !!..
تبدل وجهه لكتلة من لهيب الغضب واندفع بوجعتهم….
بينما رضوى ضاقت بالذي أوقفها عنوة ليسألها عن من تكون …فقالت له ببعض العصبية:
_ يعني حضرتك لسه متعرفش ؟! …. متعرفش أني حفيدة رشدي الزيان ؟
قال الشاب بنظرة مدققة لعينيها العسلية :
_ آه افتكرت …. احب أعرفك بنفسي ما أحنا قرايب !
أتى رعد أمامها فجأة ونظر للشاب الذي يدعى ” وائل ” ورد بعصبية :
_ لا معندناش حد بيتعرف يا لذيذ !
ابتسمت رضوى سرا لعصبيته وغيرته الواضحة ولكن لم تظهر ذلك بل اظهرت النقيض ….. فرد وائل عليه بغيظ:
_ مالك في إيه يا رعد ؟! دي قريبتي ومن حقي أتعرف عليها !
رفع رعد حاجبيه بسخرية ورد بحدة :
_ ومين اللي ادالك الحق ده أن شاء الله ؟! … مامي و لا بابي ؟!
أشار وائل لرعد بتحذير وقال :
_ اتكلم معايا بأسلوب احسن من كده !
تدخلت رضوى لفض الجدال وقالت لرعد بنظرة جامدة:
_ أنا مش قولتلك خليك في حالك ؟!
صر رعد على أسنانه بغيظ شديد منها ، ثم نظر لوائل قائلا بأشارة خطر:
_ أهلك مستنينك يا حبيبي … روحلهم.
تفاقمت عصبية وائل وقال بضيق:
_ دي قلة ذوق أنك تكلمني كده وأنا في بيتك ! ، بس ليا كلام تاني مع عمي وجيه .
وابتعد وائل من المشهد ، فألتفت رعد ناظرًا لرداء رضوى المُلفت لونه ، حيث كان بلون الخوخ الفاتح مع حجاب من الستان بدرجة أغمق …وقال بعصبية:
_ أطلعي غيري الفستان المقرف ده !
فغرت رضوى فاها بصدمة ، ثم رفعت سبابتها بتحذير غاضب:
_ أنت فعلا قليل الذوق ومعندكش أي احترام لغيرك ! … رغم انك دكتور نفسي بس أنت اصلا محتاج تتعالج !
كرر رعد بغضب :
_ برضو الفستان مقرف وهتغيريه !
قالت بعناد :
_ مش هغيره والفستان مش مقرف ، دي طريقتك وكلامك هو اللي مقرف …. مش ذنبي أن شكلي حلو وملفت !
وده اللي مجننك مش كده !
زم رعد شفتيه بنظرة عنيفة حتى أتى جاسر لهما وقال وهو يجذبه :
_ لم الليلة عشان الغتت اللي اسمه وائل بيشتكي لعمي وجيه ! … وأنا بصراحة على تكة وهروح أضربه .
نظرت رضوى له باستهزاء وابتعدت عنهما ، فقال له جاسر بمكر:
_ أنت كنت اعقل واحد فينا ايه جرالك ؟! … على فكرة هي كده هتعند أكتر معاك …
قال رعد بعصبية:
_مش عارف اعمل ايه معاها ؟!
غمز له جاسر وقال :
_ سيبها وكأنها مش موجودة …هتستفزها أكتر ، انما كده انت الخسران لوحدك.
ضيق رعد عينيه بمكر ثم قال :
_ فهمت .
قال جاسر بشك :
_ شوية تجاهل ها مش تعك الدنيا وترجع تقول جاسر اللي قالي !
أتى يوسف اليهما وهو يأكل قطعة من الجاتوا بطبق في يده ، نظر لهما بشك ثم قال :
_ مش عارف قالك ايه بس طالما بيزغر بعنيه كده يبقى بينصحك …ماتسمعش كلامه هيضيعك ده خرابة.
قال جاسر بسخرية:
_ وأنت عرفت منين يا فصيح ؟!
ابتلع يوسف ما بفمه جيدًا وقال :
_ ماضيك أسود ….
تركهم رعد وتوجه ناحية أحدى الفتيات التي تقرب لعائلة الزيان … فهز يوسف رأسه وقال بضيق:
_ روح ياشيخ …. يارب جميلة تديك بالبونية في وشك تاني تطبقه خالص المرادي!
قال جاسر بابتسامة ثقة وتأكيد:
_ دي بتموت فيا يابني ، محدش بس هياخد باله غيري.
قال يوسف بضحكة:
_ عشان محدش بياخد على دماغه منها غيرك …. هسيبك بقا وارجع لحميدة اكمل أكلي.
*********
وقفت ليلى بردائها الطويل المائل للون الأبيض …. ولكن عينبها مليئة بالحيرة والدموع …. وقد سردت ما فعله صالح فيها منذ سنوات لطبيبتها مروة … فقالت مروة مربته على يدها باطمئنان :
_ ليلى ….صالح مات خلاص ، وكمان أنتي ما أذنبتيش في شيء ! ، وطالما أصلًا ماقربلكيش ولا اعتدى عليكي يبقى المفروض ترمى ده كله ورا ضهرك وتبصي للي جاي ….. خوفك مالوش داعي !
قالت ليلى بضيق شديد:
_ حاسة أن لازم وجيه يعرف ، بس مش قادرة أقوله !
واحساسي أني مخبية عليه حاجة خانقني .

 

 

قالت مروة بصدق:
_ وأنا ما أنصحكيش تقوليله .
تفاجئت ليلى بقولها فأكدت مروة :
_ هتستفادي إيه ؟! ….هو من جهته حتى لو عرف مش هيرمي اللوم عليكي ومش هيتكلم في الموضوع تاني …. بس مش هينساه وده خطر ! … خليكي فاكرة حاجة ….أنتي محدش اغتصبك ، أنتي ما أذنبتيش ولا غلطتي … واللي وهمك بكده اتجوزك حتى لو غصب عنك …. ومات ! ، صفحة جديدة ومن أول السطر بقا .
لم تخف دموع ليلى فأضافت :
_ طب وموضوع فقداني الذاكرة اللي بيحصل كل فترة ؟! …. أنا من يومين فضلت ساعات أفتكر انا في المستشفى ليه ؟! لحد ما افتكرت وبصعوبة …. هحمله أكتر من طاقته وممكن كمان يكرهني !
ربتت الطبيبة على يدها وقالت مؤكدة:
_ ده أكتر وقت لازم فيه تتأكدي أنه حبك بجد ، أصل الحب ده مش بيبان واحنا مبسوطين وعادي..
امتلأت المرارة عين مروة للحظات حتى أخفتها سريعا وتابعت :
_ اتمتعي بكل لحظة يا ليلى وعيشي حياتك وأفرحي…..ده علاجك الحقيقي … أنا مهما عملت وحطيت برامج للعلاج مش هيكون مفعولها نص وجودك مع اللي بتحبيه بعد السنين دي كلها.
انتبها لنقر على الباب ، فاسرعت مروة لتفتحته حتى وجدت جيهان تقف بنظرات غامضة لليلى وبيدها الصغيرة …. نظرت ليلى لأبنتها بمحبة وابتسامة … تبدو طفلتها كعروس صغيرة بردائها الذهبي المنفوش وتاج رأسها المحكم ….. قالت جيهان لليلى بنظرة غريبة:
_جهزت ريميه بنفسي ….شوفي شكلها جميل أزاي ؟
انتظرت الصغيرة رد فعل أمها ، حتى اقتربت ليلى منها وحملتها بضمة حنونة وقالت :
_ شكرًا جدًا يا جيهان …. مش عارفة أقولك ايه بصراحة.
قالت جيهان بابتسامة ماكرة:
_ ماتقوليش حاجة …. أنا هروح أشوف الضيوف… بعد أذنك.
أطرفت الطبيبة مروة عينيها بشك ولكنها لم تريد إخافة ليلى …. همست ليلى لأبنتها قائلة بمشاكسة:
_ طبق بنور فيه نور وريمو قاعدة فيه بفستان الدهبي ، وكل الناس بتقول مين القمورة دي ؟
ابتسمت الصغيرة لأمها وراقبتهما مروة بابتسامة دافئة ….. ثم ظهر وجيه عند باب الغرفة وقال :
_ كتبنا الكتاب وسيبتك تحضري نفسك براحتك !
حمحمت مروة وقالت وهي تنسحب :
_ طب هستناكم برا بقا … الف مبروك .
أنزلت ليلى الصغيرة حتى وجدت وجيه يتأمل فيها بعشق ويبدو أنه كان سيفعل شيء عندنا اقترب منها …فأبعدته مشيرة للصغيرة … فتنهد قائلا :
_ اوك …. يلا عشان الناس مستنيانا .
وقوس لها ذراعه كي تتأبط به، حتى حمل الصغيرة وشاكسها بكلماته …. ابتسمت الصغيرة له وخرجوا من الغرفة….

 

******
وحينما ظهر وجيه ومعه ليلى والصغيرة ارتفع اصوات الزراغيد من أفواه الفتيات الأربعة …. نظر آسر لسما بابتسامة من شقاوتها الغير معودة بهذا اليوم …
بينما أخذه طلتها الرقيقة منذ أن وقعت عينيه عليها…
أقترب جاسر لجميلة وقال بتشجيع :
_ ممكن زغرودة كمان معلش ؟
التفتت له جميلة وقالت بسخرية:
_ ليه ؟!
ابتسم لها بخبث وأجاب:
_ عشان الفرحة تعم على المكان… عليكي … وعليا ، وعلينا وكده
رمقته بسخرية والتفتت لعمها مرة أخرى فهمس جاسر مجددًا :
_ جميل عمي …. جميل ورقيق ومحلو عن العادي !
استدارت له بنظرة حادة وقالت :
_ هو مين ده ؟!
أشار جاسر لعمه وقال بضحكة:
_ عمي وجيه ، جميل أوي النهاردة…. يا بدلته اللي تجنن !
قالت جميلة بعصبية :
_ أنت عارف لو مكناش في مناسبة ، كنت اديتك قلم طيرك لحد البوابة اللي برا …. لم لسانك عشان أنا ايدي مابتفكرش !
نظر جاسر لها بتحدي وغيظ وقال :
_ مافيش بنت وقفت قدامي الواقفة دي ، أنا خايفة اتجاهلك يجرالك حاجة !
نفخت جميلة بنفاد صبر وأشارت ليوسف فأتى في خلال دقيقة وقال لها :
_ ايه ؟!
قالت له جميلة بعصبية:
_ خد أخوك ده من هنا وحطله أكل يمكن جعان !
ابتسم يوسف وهو ينظر لجاسر حتى ضحك عاليًا عندما وجد جاسر يزفر من الغيظ وقال:
_ قولتلك أنا الكلام ده ولا ماقولتش ؟! تعالى كل معايا ..
نظر لها جاسر بغيظ وقال بتوعد:
_ تعرفي بقا أني غلطان عشان بعبرك…. هتجاهلك لحد ما تموتي مجهولة من تجاهلي يا جهلة !
لم تكترث له جميلة وانشغلت بالحفل بعد ذلك…
أتت جيهان وجذبت وجيه من يده لرقصة بطيئة …. كان يبدو عليها الرومانسية الشديدة وكأنها تؤكد أنها لا تكترث كثيرًا لزواجه

 

الثاني!
تطلع بها الجميع بغرابة ونظرت ليلى لهما في هدوء ، بينما بداخلها تتأجج نيران الغيرة والغضب…
أنتهت الرقصة بعد دقائق ، وصممت جيهان لى رقصة أخرى معه….
همس وجيه لها بضيق :
_ ماينفعش كده يا جيهان !
تحركت معه على أنغام رومانسية وهمست :
_ ينفع ونص ، يعني أنا من الصبح بحضر للحفلة وكان ينفع ، ودلوقتي وانا برقص معاك ماينفعش !
وضعت رأسها بقرب عنقه فضاق أكثر منها بسبب جرأتها أمام الحضور …. فقال بتحذير:
_ أنتي عارفة أني مابحبش كده ! ….. ماينفعش تصرفاتك دي قدام الناس !
رفعت راسها بنظرة نارية وقالت :
_ ولو ليلى اللي بترقص معاك دلوقتي وعملت كده كان هيبقى رد فعلك إيه يا وجيه ؟!
أبعد عينيها عنها بزفرة غاضبة فتابعت حركتها الجريئة …..
نهضت ليلى من مكانها بغضب حاربت كي تلجمه ….بينما نظرت لها وداد والدة الفتيات من بعيد وهمس لأبنتها رضوى بتعجب:
_ شغل الضراير أشتغل !
قالت رضوى بتعجب مما يحدث :
_ هي صعبانة عليا ، بس بصراحة اللي بتعمله مايصحش قدام الناس كده !
ومن بعيد بقرب البوفيه ، جلس يوسف وبيده طبق كبير من الحلوى وامامه الصغيرة التي لا تدرك ما يحدث حولها …. وقال لها بابتسامة ومرح :
_ حته تورته كبيرة بالشكولاتة بتنادي على مين ؟
ضحكت حميدة ورددت :
_ على مين ؟
ابتسمت الصغيرة لما تسمعه ، فقال يوسف وهو يقرب الحلوى لفمها :
_ على ريمو … همممممم
ابتلعت ريميه قطعة من الحلوى فضحك يوسف وقال :
_ عضيتي صباعي !
نظرت حميدة لضحكاته مع الصغيرة وابتسمت بحنان …وتساءلت ! كيف بكل هذه الطفولية به ستستطيع أن تنفذ مؤامرة جدها ؟!
التف الفتيات الثلاث حول ليلى بنظرة داعمة لها …. بينما نظرة ليلى مصوبة بغضب هائل اتجاه وجيه الذي استطاع أخيرًا الخلاص من ذراعي جيهان…
واقترب اليها بنظرات آسفة معتذرة ولكنها لم تتقبلها …. وقف أمامها بصمت فأنسحب الفتيات وابتعدوا …وقال :
_ من حقك تزعلي …بس كلامنا مش هنا.
كادت أم ترد بغضب ولكنها تحكمت بغضبها بأقصى قوتها ….. حتى أنتهى الحفل وودع وجيه ضيوفه …
قد كانت صعدت جيهان لغرفتها هاربة من آخر مشهد سينتهي به الحفل …وهو صعود وجيه مع ليلى لجناحهما بالطابق الثالث الذي خصص خصيصا لها وفي خلال أيام قليلة. …. وقد أراد بذلك إبعادها عن الجميع بسبب مرضها وسوء حالتها السريع الزئبقي .
وبعدما استأذن آخر ضيف تمسك وجيه بيد ليلى وجذبها لتودع جدها قبل أن تصعد معه ….
وقف رعد ناظرا بانتصار لرضوى التي تلون وجهها باحمرار الغضب منذ أن أخذ احدى الفتيات لحلبة الرقص وظل معها طيلة وقت الحفل…
فأسرعت رضوى لغرفتها وتركته يتلذذ بانتصاره وحده….
ضم الجد صادق حفيدته ليلى بمباركة وقال لوجيه :
_ مش هوصيك عليها…. أنت هتخاف عليها أكتر مني كمان أنا متأكد.
طمأنه وجيه حتى صافح الجد الجميع وغادر بسيارته … تساءلت ليلى عن أبنتها ويبدو عليها الغضب والعصبية …فأجاب وجيه عليها :
_ ريميه نامت وحميدة خدتها معاها أوضتها ،ما تقلقيش عليها.
نظرت له بحدة حتى أخذها وصعد معها لغرفتها بعدما القى تحية المساء على الجميع.
وبجانحهما الجديد….
فتح وجيه باب الغرفة وعينيه على ليلى التي تتقد غضب ، ودخلت الغرفة بحركة سريعة.. فأغلق وجيه الغرفة وتقدم إليها ببطء بعدما القى مفاتيح على المنضدة ..
كادت أن تخبط قدميها بالأرض كالأطفال بعصبية واستدارت له بغضب هاتفة:
_ ولا كأني كنت أنا العروسة ولا…..
لم يمهلها كثيرّا ،فجذبها لصدره بضمة قوية خانقة للضلوع ، وهمس بجانب أذنيها بابتسامة نابعة من قلبه وبمنتهى العشق قال :
_ عشر سنين يا مجرمة عشان اليوم ده يجي !

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *