روايات

رواية لن أحررك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم دهب عطية

رواية لن أحررك البارت الثامن والعشرون

رواية لن أحررك الجزء الثامن والعشرون

لن أحررك
لن أحررك

رواية لن أحررك الحلقة الثامنة والعشرون

رفعت عسليتاها لتجد بابٍ ضخمًا بني اللون في آخر تلك الرُدهة الصغيرة سارت نحوه والشياطين ترسم
سيناريو يحتل ذهن كل أمرأه ان تعرضت لهذا الموقف او ما شابه ذلك !…
فتحت الباب بدون استئذان وملامح وجهها يحتلها حمرة الغضب المُفرط وعينيها تتوهج بهم نيران
متاججة تهدد باندلاع محتواها عليه وعلى تلك الشمطاء بداخل…….
على الناحية الأخرى وقبل دقائق فقط….
كان جواد يقف أمام نافذة كبيرة مُصنعة من الزجاج
ينتصب في وقفته ويسند بيده على زجاج ولاخره يمسك بها هاتفه وهو يتحدث مع المتصل بتافف وبرود…..
“لا طبعاً مش هستقبلها في المطار…..بقولك إيه ياسيف لم أشوفك نتكلم في الموضوع ده….”تريث قليلاً وهو ينتظر إجابة شقيقة عليه ليصيح بعدها بحدة…
“هي إيه اليكسا تشينو دي كمان….بقولك إيه انا هقابلها في الاجتماع منين ماتنزل مصر،لكن اقابلها وتودد ليها دي مش شغلتي شوف حد يقوم بالمهمه دي او اعملها انتَ ……”صمت قليلاً وهو يرفع عينيه على باب المكتب ليجد السكرتيره مُقبله عليه مُتحدثه بعملية وتهذيب….
“بستأذن حضرتك ياجواد بيه بس في ملف مهم لازم اخد امضتك عليه….”
“أجلي اي حاجه دلوقتي….”أشار لها بيده لتوما الفتاة برأسها مُستديرة للمغادرة لكنه اوقفه وهو يقول بأمر
“مي…….. هتيلي الجاكت ده عشان نازل…..”
نظر نحو مقعد المكتب الوثير وكذلك فعلت هيَ لتمتثل لاوامره وهي تتجه نحو المقعد مُلتقطه السترة من عليه…..
انشغل هو بالحديث مع( سيف) مرة آخره بنفس ذات الازعاج البادي عليه من بداية المكالمه …..
“الموضوع منهي شوف غيري يقابلها….ماشي….
سلام..”أغلق الهاتف ولتفت نحو السكرتيرة ليمد يده
لاخذ السترة منها ليصدر من حوله صوتٍ مزعجٍ آثار
فتح باب مكتبه بقوة وتشنج ملحوظ……
رفع عينيه بحدة على الباب ليجدها تقف أمامه بعلامات وجهاً متشنجٍ…..
“بسمة ؟….. ”
نظرت له بغضب لتوزع عسليتاها الغاضبة على كلاهما بازدراء وكأنها راتهم في موضع مُخلٍ للتو…

 

 

 

فهم جواد نظراتها فتنهد بجزع وهو يقول لسكرتيرة بهدوء….
“ماشي يامي….. روحي انتي دلوقتي وسيبي الملف على المكتب ….”
هزت رأسها بهدوء وهي تضع الملف على المكتب
وتذهب تحت انظار عسليتان يتوهج بهم اللهيب…
“نورتي المكتب….. يامدام الغمري….” قالها وهو يضع سترته على ظهر المقعد الوثير ليعود للجلوس باريحية وأكثر هدوء ممدد قدماه الطويلة على سطح المكتب وممسك الملف بين يداه مُطصنع انشغاله به……
رفعت حاجبها بضيق من قلة تقديره لها لتتمتم بأستهزء…..
“هو مش المفروض إنك مروح ولا لسه قدامك شغل ولا تكنش مستني الهانم على ما تخلص….”
“انهي هانم فيهم….” تحدث بمنتهى الهيمنة وعيناه لا تحيد عن هذا الملف…
اشتعلت وجنتيها بحمرة الغضب وهي تتقدم منه بعصبية…
“انهي هانم فيهم؟….هما كتير لدرجادي…..”
أبعد عينيه عن الملف ورمقها بتحذير وهو يقول…
“ممكن توطي صوتك شوية….”
“ليه خايف حد من الموظفين يسمعني وانا بتكلم عن هوانم الباشا ….”
“أخاف؟….أخاف من الموظفين……”رمقها ببرود وهو يقول….”انا من رأيي تقعدي وتوزني كلامك إللي مش مفهوم دا….. وبعدين تعالي هنا انتي مضايقه اوي كده ليه….”
صاحت بغيرة مُفرطة ….
“مضايقه اوي كده ليه….إيه البجاحه دي انت مستهون بعميلك لدرجادي…..”
“لا إله إلا آلله…..مستهون بي إيه هو أنا عملت حاجه لا سمح الله….”
“بتخوني….”
“أي ده بجد أمته….”تطلع حوله وكأنه يبحث عن شيءً مهم……
“انتَ بتهزر ياجواد….”
رد بهدوء ونبرة ذات معنى …
“مش أحسن مارد على عصبيتك بعصبية تبيتك بعدها في المستشفى…..”
“انت بتهددني؟….”
“لا بحذرك أصلي لم بفقد اعصابي ببقه حاجه ****….بصراحه فبلاش تتعصبي عليا لاني
جوزك ها…جوزك ركزي في كلمه دي كويس….”تحدث بمنتهى الهدوء ولكن كلماته سهام مُحذره تُهدد باختراقها ان تطاولت مره آخره عليه……
تبدلا النظرات لبُرهة وعسليتاها مصدومة من شر طريقته التي لن تستهون معها يومًا اذ تجرأت واغضبته……
” انا ماشيه…. “رمقته بعتاب وهي تستدير…..
” استني عندك…. “توقفت لكنها لم تستدير إليه…..
” بعد كده لم تتحركي لمكان غير البيت أكون على علم بيه مش اتفاجأ إنك هنا بصدفه…. ”
لم ترد عليه بل ظلت صامته الان اتضحت الصورة طريقته الفظة معها من بداية دخولها المكتب كانت
من أجل عدم معرفته (بخط سيرها) كما يُقال،
له الحق وهذا حقه لكن لمَ القسوة كان من الممكن ان يخبرها بهدوء بحنو ، لمَ حنانه واهتمامه نادر الخروج، ظهوره محدد مثل قربه منها ! ..
“سمعاني ولا أعيد تاني…..”
بلعت مابحلقها وهي تقول…..

 

 

 

“سمعاك……في حاجه تانيه…..”
“آآه فيه…..لمَ ابقى بتكلم معاكي تبصيلي مش تديني ضهرك…..”
زفرت بحدة وهي تقول بنفاذ صبر….
“انا ماشيه…..”
“لا….”
استدارت نحوه وهي ترمقه بعدم فهم….
“لا إزاي يعني…..”
“هتمشي معايا….”رفع اقدامه مره آخره ممددها على سطح المكتب وعاد لهذا الملف ناظراً له بتركيز….
رمقته بضيق وهي تقول
“السواق مستني تحت….”
“واي يعني يستنى….”
“بس كده مينفعش د….”
“كفايه كلام……اقعدي شويه وهننزل…”تحدث وهو ينظر لها بجدية وعيناه تعود للتركيز بهذا الملف…
تاففت بحنق من هيمنة سيطرته عليها لتمتثل لأوامره
جالسه على مقعداً مُقبل له…..
“تشربي إيه…”
“مش عايزه….ياريت تخلص عشان عايزه أروح…”
“وطالما انتي مستعجله اوي كده جيتي ليه…..”صمت قليلاً وهو يقول ببرود…
“آآه جيتي تقفشيني مع السكرتيرة مش كده….”
زمت شفتيها واشاحت بوجهها بعيداً عنه وهي تقول بحرج من فهم مغزى زيارتها المفاجأه…..
“مش بظبط كده….”
همهما بلؤم ذكوري وهو يقول….
“ااه يبقى أكيد وحشتك…..”غمز لها حين عادت بعسليتاها له….
“بوحشك انا جامد يافرولتي…… مش كده……”
“على فكره انتَ مغرور…..”
“عارف بس مش ذنبي…..انتي اللي بتوصليني لكده…”أبتسم بستهزء يعني شيءً بينهما….
“عندك حق….بس على العموم انتَ مش بتوحشني ولا حتى جيت اقفشك مع السكرتيره لأني أصلاً
مش بغير عليك….”
“اي دا بجد يعني مش هتزعلي لو وصلنا مي في طريقنا….”
“مي….. مي مين ؟…”
رد ببرود عليها….
“السكرتيره!…”
نهضت بانفعال واقتربت نحو مجلسه وهي تتحدث
بتشنج….
“وانتَ بقه عايز توصلها ليه، آآه أكيد مش اول مره اكيد روحتلها كتير…..ماهو انتَ متقدرش تعيش من غير اتنين وتلاته في حياتك مش كده….هااااا…”
شهقت حين جذبها اليه لتقع في لحظه بين احضانه
جالسه…احاط خصرها بيداه القويتان…….قائلاً باستفزاز وعبث….
“حاسبي يابيبي مش عارفه توقعي ولا إيه…..”
رفعت حاجباها وهي ترمقه باستهجان…..

 

 

 

“يسلام…. انا موقعتش انتَ إللي…..” إرجع خصلة شعرها للخلف ليعرقل كلماتها من آثار لمساته…
“سكتي ليه كملي أنا اللي إيه….”
حاولت ان تتحدث بثبات وانفعالاً……
“انتَ اللي عـ……” مرر أصابعه على عمودها الفقري بتمهل وعبث……
“سكتي ليه كملي…….” هتفت بسخط….
“هكمل بس لو لميت إيدك شويه….”
“صعب…..الِم أيدي وانتي قعده على رجلي بشكل
ده ” مراوغه لا تخلو من الوقاحة…..
“طب وسع كده….” حاولت التملص من قبضة يداه على خصرها ولكنه كان الأقوى…..
“وبعدين معاك ياجواد وسع خليني أقوم….”
“لا خليكي زي مانتي……. القعده كده احلى..”
غمز لها بمكر…..
“بطل قلة آدب…… وشيل إيدك….”
“وبعد ماشيل أيدي….”
“جــواد…..” نادته بضيق من تلاعبه بالحديث…
“عيون جواد يافرولتي…..” عمق النظر بعسليتاها لتتخدر مع كلماته وهي تبتلع ريقها بارتباك….مالى
هو عليها مُقبل وجنتيها الإثنين بتمهل أحرق المتبقي
من الصبر داخلها لكنها هتفت بضعف….
“جواد…. وسع انا عايزه أقوم…..”
وبرغم من عينيه المُظلمة بالرغبة المُلحة الا انهُ أبعد
يداه عنها وهو يحارب الكلمات للخروج من حلقه بأكثر ثباتٍ……
“قومي يابسمة…. انا مش هغصبك على حآجه…”
صُدمت من ثباته وحتى ان كان يود الغوص معها بعالم يتطوق إليه دوماً بجوارها، لكنه لا يحب ارغمها مرة ثانية على اي شيء حتى ان كانت (قُبله)….
عضت على شفتيها ومزالت جالسه على اقدامه لم تتحرك بعد……
ظلت ترمقه بخجل وهو يبادلها النظره بهدوء…. حاول اخراجها من حالة الحرج تلك… مرر أطراف أصابعه
على وجنتها بحنان وهو يقول بصوتٍ اجش…
“هتصدقيني لو قولتلك إنك وحشتيني….”
إبتسمت بنعومة وعيناها تضج بصدمة من تلك الكلمة التي كانت سُيمفونية تطرب اذنيها…
“وانت كمان بتوحشني أوي…..” قرب وجهه أكثر منها وقال بتساءل رخيم الصوت…..
“بوحشك بس…..”
“هي بتوحشني دي قُليله….”
“بنسبالي قُليله أوي…..” أقترب أكثر منها ليداعب أنفها بأنفه الرجولي وانفاسه كانت كالمخدر لحواسها……
“جواد…… أنا…..”
مرر شفتيه على وجنتيها ببطء وهو يهمس بحنان…
“انتي إيه يافرولتي……”
“انا…… مم….. بـ….. بحبك…..”
“جواد مخرجتش ليه لحد دلوقت…” صوت رجولي احتل اجمل اللحظات لتفيق هي وتنظر بعسليتان هائمان نحو الباب لتجد سيف يقف امام باب المكتب
وينظر لهم بحرج……
“انا اسف…. معرفش ان بسمة هنا….”
نهضت بسمة من على اقدامه بحمرة الخجل والحرج من عينان سيف….. مسح جواد على وجهه بضيق
وهو يقول بهدوء…..
“خير ياسيف جاي ليه…..”

 

 

 

تنحنح سيف وهو يتقدم منه…..
“كنت ماشي بس عرفت من الاستعلامات تحت إنك لسه مخرجتش فقولت أشوفك يعني…. أطمن….”
“ياريتك ماطمنت….” هتف بها داخله بحنق…. لينهض بهدوء ممسك سترته بين يده قائلاً بايجاز…
“تمام… انا كده كدا مروح انا وبسمة….”
“تمام…. انا هستناك في البيت بقه….”
“صدقني كان من الأول……” تشدق بها جواد وهو يرمقه بضجر…. كبحت بسمة ضحكتها بصعوبة…
قال سيف بخبث….
“وللهِ عندك حق….. الاوضه أمان أكتر….” أبتعد عنهما
بعد ان غمز لجواد متلاشي النظر نحو بسمة حتى لا يسبب الحرج لها وله…..
“ماشي ياسيف لم اشوف وشك تاني…..” نظر نحوها وهو يقول بجزع…
“بتضحكي عجبك كده…. يعني لو كنتي بتقومي بوجباتك في البيت مش كان أحسن من زنقتنا
دي ..”
“انتَ اللي متصربع……”
“انا برضه…. ماشي لينا اوضه تلمنا…….تعالي لبسيني جاكت البدله…..”تقدمت منه بابتسامه ناعمة
ومدت يدها لتاخذ منه السترة ولكنه أطبق
على يدها مُجذبها إليه لتسقط بقوة داخل
صدره العريض من جديد ….
“اي يابيبي انتَ دايخ ولا إيه ….”
“جـواد…..”هتفت من بين أسنانه وهي تبتسم بخجل
بعثر أنفاسه الرجولية عليها وعيناه مُثبته على شفتيها المُمتلئة…..ابعدت وجهها عنه قليلاً وهي تقول…..
“جواد أصبر لحد مـ..”
“أنسي انا مش بتاع أصبر لحد ماتروح….”مالى عليها
وبتلع باقي حديثها المعارض بين شفتيه الشهونية…..
____________________________________
في سيارته الفارهة السوداء تجلس بجواره تنظر له
تارة ولنافذة بجانبها تارة آخره…..
كان يعبث في (تابلت) بأمور تخص العمل كالمعتاد…
زفر وهو يحل قليلاً ربطة العنق تلك ناظراً نحوها بترقب ليجدها شاردة بعسليتاها بعيداً عنه….
وضع (التابلت) جانباً ومد يده ساحبها من ذراعها لاحضانه على حين غرة وبدون مقدمات أحاط
خصرها بيداه القويتان وراسها استراح على صدره…
” سرحانه في إيه…. “سالها وهو يضغط على زر بجواره ليصنع حاجز زجاجي أسود يفصلهم عن السائق صوتٍ و رؤية كذالك…..
قالت بسمة بخفوت…
” ولا حاجه يعني شايفاك مشغول…. ”
مرر أصابعه داخل شعرها لتعرقل انسجامه
ربطة شعرها حلها بهدوء وهو يجيبها بصوتٍ
لينٍ…..
“ولو انا فعلاً مشغول خدت بالي إزاي إنك
سرحانه….”
إبتسمت وهي داخل احضانه قائلة….
“معنى كلامك إنك متشغلتش عني ولا حتى للحظه..”
“ولا ربع لحظه….. وبعدين إزاي تبقى فرولتي جمبي ونشغل عنها…… ها إزاي…..”

 

 

 

اتسعت ابتسامتها وهي تهمهم بخجل……
ظل يداعب خصلات شعرها بيداه صعوداً هبوطاً كما لو أنها طفلته المدللة……
“جواد…..” نادته بتردد…. همهم لتكمل حديثها،
تريثت برهة ثمَ إضافة…..
“هو انتَ ليك علاقه بالسكرتيره….”
“لا….” رد بايجاز هادئ
“بجد ياجواد مفيش علاقه بينكم …..” كم كانت متردده في طرح بوابل اسئلتها لكنه أجاب بمنتهى
البساطة بعد تنهيدة سأم …
“مش بحب أعيد كلمتي مرتين انا قولت لا مفيش بينا حآجه وأكيد مش مضطر اكدب عشان ارضيكي
ثانياً بقه علاقة المدير بسكرتيره دي موجود في كل الأفلام القديمه…. وجوكر ملوش في القديم….”
“معنى كلامك إنك مرتبط بحد تاني…..”
“آآه مرتبط بحد تاني خالص…” كادت ان تخرج من احضانه لكنه ارغمها باصرار وصلابته عليها اللا منتهيه على المكوث مكانها…….
“بلاش فرك وثبتي….”
“وسع عايزني افضل في حضنك وانت بتحكيلي
عن الستات اللي في حياتك… وسع كده…”
“لا مش موسع وبطلي فرك….. ومتعسلجيش عشان مقلبش عليكي…..”
“ياجبروتك ياخي بتهددني تاني…..”
هتف بنفاذ صبر…
“ياخربيت جنانك…..خلاص أهدي مفيش مجنونه
في حياتي غيرك…..”
“كداب…..”
“آللهم اخزيك يا شيطان…..لمي لسانك يابسمة وبلاش تعكي معايا بكلام….وبعدين طالما قولت مفيش يبقى مفيش هكدب ليه يعني….. ”
“طب وسع….”
“وسعت….”زفر بحنق وهو يتركها….تجهمت ملامحها وهي تشيح بعسليتاها بعيداً عنه…..
“على فكره انتي بتحبي النكد….”قالها ببرود وهو يشيح بعيناه لناحية الأخرى….
زمجرت بعتاب….

 

 

 

“وانت بتحب تشوف دمي محروق وبذات وانا غيرانه عليك …”
” غيرانه؟…. اي الهبل ده …. “يستفزها إذاً سياتي يوماً ستريك مامعنى الشعور بنيران الغيرة التي تُصنف بالحماقة كما تقول…
” هبل…. يعني انتَ عمرك ماغيرة على حد…. ”
“لا….. هغير ليه وعلى إيه….” تحدث ببرود وهو
على يقين انهُ يشتعل دوماً حين يراها تخرج كل
يوم لعملها باناقتها وجمالها الخاطف للاعين، يود لو يسجنها بجواره ويسجن نفسه معها في مكان مُنعزل عن العالم بأكمله فقط لأن العالم بنسبه له هي، هي العالم وما تبقى منه!….
“تمام…. هنشوف…..” حدثته بمكر انثوي وهي تنظر لناحية الأخرى…..
علم ما ترمي إليه ليضع قدم على الأخرى قال بصوتِ
مهيباً….
“بلاش يابسمه…. بلاش تعملي اللي في دماغك عشان أنا زعلي وحش….. ولم بزعل بزعل جامد….” نظر لها
بطرف عيناه بتحذير لترمقه بتحدي وتعاود
الصمت….
نزلت من السيارة برفقته ولجت معه الى داخل
المنزل لتجد سيف وانعام يجلسون على أريكة توضع جانباً في قلب البهو الشاسع …..
“أخيراً وصلت انتَ ماشي على مهلك ولا إيه….”وجه
سيف حديثه بلؤم نحو جواد الذي رمقه بنظره اخرسته…..
“إزيك ياماما عامله اي….”قُبلت بسمة يدها لتربت أنعام عليها بحنان قائلة…
“الحمدلله ياحبيبتي طول مانتوا بخير أنا هبقى في أحسن حال….”
“ربنا يخليكي لينا ياماما …”
رفعت أنعام عينيها على جواد وهي تقول بهدوء….
“ساكت ليه ياجواد مش هتقولي حتى إزيك….”
أشاح بوجه لناحية الآخرى وهو يقول ببرود….
“إزيك يانعام هانم…..”
“أنعام هانم……إذا كان انتَ او أخوك من ساعة
الحريـ…..”
“بلاش نجيب السيره دي…..”نظر إليها بقوة وتحذير ومن ثمَ عاد بنظره نحو بسمة التي رمقته بحزنٍ جلياً على قسمات وجهها من كونها الغريبه بينهم كما يريد ان يرسل لها دوماً تلك النقطة القاتله لروحها
ببطئ …..
دلفت اسيل في تلك الأوقات عابسة الوجه شارده بحزن رفعت انظارها لتجدهم يقفون في بهو المنزل…
“سلام عليكم….”قالتها اسيل وهي تنظر إليهما بتراقب وتلاشت تماماً وجود سيف حتى لا يتضخم الغضب داخلها أكثر من هذا….
ردد الجميع السلام…..لتبادر أنعام بحنان….
“حمدال على سلامتك ياحبيبتي…اطلعي غيري هدومك عشان معاد الغدا….”
“لا ياتيته مش عايزه…. مليش نفس انا هنام على طول….”القت المبررات بصعوبه فهي تكاد تكون طبيعيه أمامهم لكن أمام (بسمة)و(سيف)الوضع
يختلف….
كور يده وهو يرمقها بغضب يكاد يصل إليها ويهشم رأسها ومن ثمَ يقبل تلك الشفاة المُستفزة حتى يجبرها على الخضوع له ويكفي عناد قد سُأم
من الشجار والتحديات السخيفة تلك…..
صعدت على الدرج تحت انظاره ليزفر بستهجان وتشنجٍ واضح وهو يخرج من المنزل بعصبية وبدون
ان يتفوه بكلمة واحده ….
حرك جواد رأسه نحو بسمة بتسائل….لتهز رأسها بحزنٍ وعلامة على عدم معرفتها بما يدور معهم ….
“طب بعد اظنكم هشوف أسيل مالها….”
هزت انعام رأسها بتفهم وهي تشجع الفكرة قائلة….
“ياريت يابسمة تشوفيها وتحاولي تفهمي مالها لحسان شكلها كده ميطمنش….. مع اني شك مين سبب زعلها….”نظرت الى المكان الذي خرج منه سيف بحنق من لوعة عشق احفادها المُحبين لعذاب
الحب بجميع انواعه…..
اكتفت بسمة بايماءة بسيطة وهي تصعد الدرج….
____________________________________
” غلطانه يأسيل….. “قالتها بسمة وهي تجلس على
حافة الفراش في قلب غرفة( أسيل)التي تشنجت
قسمات وجهها وتوهجت عينيها بالغضب بعد تعليق
بسمة على سرد ماحدث في المعرض وهمجية سيف
وأحاديثه المُهينة لها…. صاحت باستنكار…
“غلطانه؟… غلطانه ازي يعني بقولك قل ادبُ عليا وزعق لراجل وهدده قدامي و…..”

 

 

 

“يابنتي أهدي هو عمل كده عشان غيران….”
“دي مش غيره دا مرض وانانيه….”
“لا ياسيل ده مش مرض دي غيرة ولانانيه فيها متاحه لأنك بتحبيه وهو بيحبك ومن حقه يبقى أناني لم يشوف حد بيحاول يطاول على حاجه تخصه …”
صاحت كالمجنونه…..
“انا مش بتاعت حد يابسمة وبلاش تدفعي عنه أنا اللي صاحبتك مش هوه…..”
“انتي بتحكيلي عشان اقف معاكي وقوي قلبك ولا عشان أقولك الصح……”
“قصدك إيه….”عبس وجهها وهي ترمقها..
“يعني عايزه الحق ولا أبن عمه….”
“الحق…”
اجابة بسمة بايجاز….
“الحق بيقول إنك غلطانه…وغلطانه اوي كمان…”
زمجرت أسيل مُعلقه بعناد…
“يسلام غلطانه اوي…. ليه يعني …”
“عشان كان لازم تعملي حدود في شغلك بينك
وبين العملا وبذات الرجاله….”
“يابنتي الراجل كان بيشكرني…..”
“يسلام هو أخرس ميشكرك بالسانه….”
تاففت بضجر….
“يووه بقه يابسمة انتي هتعملي زيه بقولك دي أول مره تحصل منه….”
“اول مره ولا تاني مره اهوه سيف شافك وعمل حوار وياريتك كنتي عاقله لا في عز ماهو متعصب راحتي
تدفعي عن الراجل وتتاسفي ليه…بذمتك لو انتي مكانه كنتي هتعملي فيه أكتر من كده…..”
“انا مش مكانه وبعدين دا كان عميل مهم عندنا…”
“أهم من زعل سيف…”تساءلت بسمة بلؤم…
“يوووه انا غلطانه اني جايا احكيلك صحيح إزاي نسيت إنك محاميه….”عبس وجهها وهي تتافف بازعاج جلي عليها…..
اقتربت منها بسمة وهي تربت على كتفها قائلة بحنان….
“متزعليش مني يأسيل بس صدقيني أنا زعلانه عليكي وعليه ولله علاقتكم مش مستهله كل العُقد
دي أنتم بس مش قادرين تدو لبعض فرصة تانيه….”
“صعب يابسمة صعب…..” تنهدت بحزن وهي تكابر مشاعرها……
“هو صعب…. بس أسمعي مني ، مفيش جنه من غير نار ولا في حب من غير وجع …..”
تطلعت عليها أسيل بشرود حزينٍ….
____________________________________
اليوم الثاني في أحد المخازن على قطاع السكك
الحديد المهجورة…
فتح عيسى باب المخزن له وهي يبتسم بنصر مُتباهي…
“كل تمام والبضاع خلاص بقت في المخزن……”
أنحى جواد قليلاً ليلتقط هذا السلاح بين يده ليزين محياه إبتسامة شيطانيه يصحبها التشفي حين يقع
الخبر كالصاعقه الفتاكة على رأس (زهران)….
“ولسه دي بس البداية….”تمتما وهو يضع السلاح في صندوقه الخشبي مُلتفت الى عيسى قائلاً…
“اللي هيشيل البضاعه دي جاي كمان نص ساعه ومعاه تمنها….إحنا اتكلمنا في الموضوع ده وفهمتك هتعمل إيه….”
“أيوا فهمتني…بس انتَ هتسبني اقبلهم لوحدي…”
حدج به جواد باستفهام مُحدثه بسُأمٍ….
“يابني متخفش الرجاله حوليك في كل حته ومسلحين كمان… وبلاش شغل الأفلام القديمه دي
إللي جاي يشيل جاي يشتري ويخلص مش يحارب
ويعمل شوشره حوليه….أفهم بقه الافلام حاجه ولي إحنا بنهببو ده حاجه تانيه…..”
سأله عيسى بحيرة….
“يعني انتَ رايح فين دلوقت….”

 

 

 

وضع جواد يداه بجيبه وهو يُجيبه بنبرة مبهمه…
“لازم ابلغ صاحب البضاعه ان بضاعته اتحرقت وخسر….”أومأ له عيسى بتفهم ليتمتما بتوتر….
“ربنا معاك ياصاحبي…..”ربت جواد على عيسى وهو يقول…..
“خد انتَ بالك من نفسك وانا هاتبعك بتلفون لحد ماتخلص….”
“متقلقش خير……”
بعد مده ترجل من سيارته بمنتهى الهدوء….
صاح زهران من مكتبه وهو ينظر نحو جواد….
“يعني إيه اتحرق دي كارثه خساره خساره كبير أوي….”هبط زهران على مقعده وعينيه مُتسعه
بذهول وتشتت من تلك الخسارة الذريعة التي
لم تكن في الحسبان…..حل اول أزرار من
قميصه وهو يشعر بالاختناق ليهتف بشرود مصدوماً….
“إزاي حصل كده دي محصلتش معانا أبداً دايما البضاعه بتيجي في معادها وبتسلم في معادها..مين اللي ممكن يكون اتجرأ وعمل كده فيا….مين…مين بس….”
حدج به جواد بتشفي ليزم شفتيه بأستهانة وهو
يرد عليه بحيرة زائفة….
“مش عارف بس السؤال ده عندك انتَ….”
رفع عينيه على جواد بتشتت واضح من الضياع بافكاره ومن عدو لا يزال غير متعارف عليه….
“قصدك إيه…..انت تعرف مين إللي عمل كده….”
“مش بظبط…..بس اول ما أتأكد هبلغك، ساعتها هناخد حقنا منه وزي مابيقوله العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم…..”كم كان بارع في الكذب وتلاعب مُقنع هذا (الجوكر)مُقنع لدرجة جعلت
زهران ينفض شكوك لم تخلق داخله بعد ، ليرد عليه بنبرة قاتمة حقودة…..
“لازم تعرف هو مين ياجواد انا مش هتساهل بلعب معايا لازم اقتله وشرب من دمه وقبلها اخليه عبره
لأي واحد يفكر بس مجرد تفكير ان يقف قدام
زهران الغمري….”
نهض جواد وهو يرمقه بتحفز قبل ان يمتثل لاومره
ببراعه…..
“متقلقش انا مش هسيب إللي عمل كده و انا كلفت رجالتنا تشمشم على الحوار وتشوف مين وراه….”
خرج من المكتب متوجه الى غرفته…
وبرغم من هذا الانتصار الذي حققه الى انهُ يشعر
بالخزي والكراهية تجاه نفسه فقط لأجلها ، لأجل من
وعدها بالكذب لتبقى بجواره، لأجلها خدعها لتبقى معه، كم هو أناني ولكن ليس بيده هي اخذت ما لم تأخذه غيرها…. خمسة وثلاثون عاماً كم عميق قولها انه لم يحب يوماً ولم يتذوق طعم العشق إلا معها مُعترف أنه أغرم بها، ولكنها أفضل منه فهي تبوح بمشاعرها وتتحدث بكل ما يدور داخل وجدانها ، عكسه تماماً هو لا يفلح في هذا او ان مشاعره صعب وصفها ، على كونه بليد في الحب ولانه لا يزال جديداً عليه كلياًّ !…..
مشاعر الأنثى تختلف عن مشاعر الرجل وهناك فرق وان كان رجلاً بمثل حالته وحياته المُعقدة فسيكون الحب بحيزة فؤاده غير متوازنٍ قط !……
خرج من غرفة ملابسه وهو يغلق أزرار ثيابه المريحة ليلقي نظره ثانية على فراشها المُدثرة تحت اغطيته
تنهد بعمق وهو يبدل نظراته نحو ساعة الحائط ليجدها أصبحت مُنتصف الليل…….
أقترب من الفراش واستلقى بجوارها ليحاوط خصرها بيداه بامتلاك مُقربها أكثر منه ،كانت تعطيه
ظهرها نائمة لا تشعر بما يدور حولها…..
مالى على عنقها ليقبلها بحنان ومن ثمَ وجنتيها ليضع

 

 

 

رأسها على وجنتيها وتريث بُرهة مُحارب غصة الآلام
همهما بعدها بحزنٍ خافض….
“مش هعرف أقولك الكلام ده وانتي صحيه مش هعرف اقوله قدام عينك اني …. بسمة……. انا خايف…. خايف تسبيني خايف أوي تبعدي عني…… أوعي تسبيني أوعي تبعدي عني يابسمة …..” ضمها أكثر إليه يكاد يعتصر جسدها بهذا العناق الذي اجتاح المنطق والثبات داخله ليرمي حصون البرود وثبات جانباً ليكن معها هذا الطفل المراهق النقي ذو التباهي البريء بحياةً قد حُرقت مع الأحباب ذات يوم !…
شعرت أنها مُربطة الجسد تكاد تختنق من هذا الثقل الذي يجتاح جسدها همهمت بانزعاج وهي تفتح عسليتاها بصعوبة… لتجده على وضعه يضمها بقوة وتسمع تحشرج حلقه بكلمات لم تترجمها أذنيها بسبب مستوى صوته المنخفض …..
“جواد…… انت جيت أمته…..”
حاول السيطرة على هذا الضعف الذي افترسه على حين غرة منه واستسلم له بدون مقاومة وكأنه كان مُنتظر لحظة مُنفردة يخلو بها بنفسه وماضية المغترب دوماً عنه يكاد ينسى وجوده لكنه لم
يدمي جراحه بعد …..
تحدث بلين بعد صمت طال…..
“من شوية….. كملي نومك يافرولتي…..” عادت لتغمض عينيها فهي مازالت بين الحلم واليقظه
لتميل لناحية الأخرى وهي تتمتم كلاطفال….
“هـ هنام بس فـ حضنك……” أقتربت منه أكثر وحاوطت عنقه وهي تدفن وجهها بصدره…..
“بحبك أوي…..” قالتها بمشاعر مُلتهبة دوماً نحوه بالاشتياق….. أحاط هو خصرها بيده واليد الأخرى
ظلت تعبث بشعرها بحنان مُقبلاً قمة رأسها
بحنو ليتنهد وهو يغمض عينيه بعدها ذاهباً في
ثبات عميق…..
لم تكن المره الاولى الذي ينام باحضانها لكنها كانت
تختلف عن غيرها وسر مشاعر بدأت تستيقظ من غفلت قاتمة الشياطين !…..
_____________________________________
اليوم الثاني في الحفله مساءً……
وقفت تتفقد هيئتها عبر المرآة برضا….
كانت ترتدي فستان أسود اللون طويل مُغلق الصدر …..يرسم قوامها الممشوق ويظهر تلك الانوثة التي أذأبت قلب (الجوكر)بدون رجعه……التفتت قليلاً بجسدها لتلمح فتحت ظهر الفستان تكاد تختفي إذا
انساب شعرها الأسود عليه…….إبتسمت بخجل وهي
ترى تلك البقعة الحمراء (الوحمة)تظهر بسخاء من
بين فتحت الثوب تلك…….
ارجعت شعرها للوراء لينساب على تلك الفتحة ويخفيها ومن ثمَ بدأت بتثبيت زينة وجهها واعادة
هندمت ثوبها وهي تمتما بتوتر…..
“لو جواد خد باله منها مش هيعديها على خير…. “

 

 

 

ولجت أسيل الغرفة وهي تقول باستعجال….
“اتأخرتي ليه يابسمة الحفل بدأت وتيته أنعام مستنياكي تحت عشان تتعرفي على ضيوف ويتعرفه عليكي اكتر…..”
اذرادت ريقها بتوتر حين وصلت أسيل لتلك النقطة لتقول بتردد…..
“هو لازم يعني يأسيل يعني انا ……”
أقتربت منها أسيل وهي تقول بلطف يبث لها الطمأنينة…
“ياحبيبتي متقلقيش انا وتيته جمبك ومش هنسيبك أبداً…..” ربتت أسيل على كتفها بحنان..
إبتسمت بسمة لها بامتنان وهي تومأ براسها بتفهم
عانقتها اسيل لبرهة من الوقت وكلا منهم ترى
شقيقة روحها تتجسد بصورة الصديقة المُقربه!…
“كفايه كده هعيط والميكاب هيبوظ….” تحدثت أسيل بمزاح وهي تبتعد عن بسمة التي ابعدت
خصلة من شعرها للوراء وهي تقول بهدوء…
“طب يلا بينا….”
نزلا سوياً على سلالم الحفل بهيئة أنثوية تُذهب العقل……
“هو جواد في الحفله صح…..” قالتها بسمة بخفوت وهي تبحث بعسليتاها عنه…..
“آآه في الحفله هتلقيه هنا ولا هنا…..” اجابتها أسيل ببساطة توجها الإثنين نحو أنعام التي كانت تقف مع
بعض النساء الأثرياء ذوات الطبقة المخملية….
على ناحية الأخرى كان يقف مع بعض رجال الأعمال
يتحدث في بعد الأمور الخاصة بالعمل وشراكة، لكن عينيه كانت تتابعها وتترصد لمكانها وكأنه يخشى هروبها من بين براثنه، لم يتحدث معها منذ الصباح
لا يعلم لم يبتعد هي لم تسمع شيءٍ من تلك الهوجاء الذي القاها وقت إنهيار مشاعره نحوها، هي لم تشعر
بحالة الضعف التي احتلت وجدانه وهو داخل احضانها، لمَ يبتعد الآن وهي حتى لا تدرك بعد الشيء الذي يهرب منه !….
“طبعاً مكسبها مضمون انتَ اي رأيك ياجواد بيه…..” أفاق على صوت رجلاً من الواقفين برفقته ليتنحنح بهدوء وثبات وهو يقول….
“ثواني ياعزام بيه شويه وراجع…” أومأ له الرجل والباقيين بأحترام ليتركهم ويتوجه الى ركنٍ ما يقدم
المشروبات الباردة ……
“اعملي اي حاجه اشربها….” تحدث بنفاذ صبر وهو يستدير ليلمح جسدها الانثوي وقوامها من الوراء
وهذا الشعر الأسود الطويل الذي يصيب ما تبقى
من الصبر بسهام حارقة…..
“اي ده….” رفع عينيه بحدة نحو الرجل الذي قال بخفوت….
“دا كوكتيل افوكادو…. و….”

 

 

 

اكمل عنه جواد ببرود…
“وخمره….. شيل الكلام دا وهات اي حاجه مفيهاش القرف ده…..أقولك هاتلي شعير…. ”
رفع العامل حاجبه بأستغراب ليومأ له بعدها ذاهباً لاحضار طلبه…….
تافف بضيق منه ومن نفسه وبرغم كل شيء مزال غير قادر على فعل المتبقي شروب الخمر وغيره من الممنوعات ….
“حاجه تضحك….” قالها لنفسه باستهزء…
“جواد الغمري….. اي الفرص السعيدة دي….” صوت انثوي اخترق جلسته كان ناعم حد الاستفزاز…. رفع
عينيه عليها وهو يقول باستفهام…..
“مين حضرِتك؟…..” نظر لها ببرود…. لتجلس هي على مقعد مجاور له وهي تقول بنعومة ومكر….
“انا نيفين سكرتيرة زهران الغمري معقول مش واخد بالك مني دانت على طول بتشوفني….”
“الشعير يافندم……” قالها الرجل وهو يقدم له كوب
زجاجي عسلي اللون، ليتذكر عسليتان أنقى من اللون بذاته…
“مش واخد بالي…… بس انتي يعني عايز إيه….”
أحمر وجه الفتاة وهي تقاوم هذا الاحراج الاذع لتقول بابتسامة مُصطنعه….
“ولا حاجه كنت جايه اسلم عليك مش أكتر…..”
على ناحية الاخرى كانت تقف (لميس) مع انعام وبسمة واسيل واثنين آخرين وهي تتحدث بتعالِ…
“الفستان جبته من باريس على ايد مصمم إسمه
(….)….” تعالت هتفات من حولها باعجاب صارخ باستثناء أسيل وبسمة اللتين قد وصلوا لذروة الملل والحنق من حديث لا يروقهم أبداً ….
“طب وطقم الالماس ده يالميس اشترتيه منين لحسان عجبني أوي وبفكر إشتري وآحد شبهه…”
قالتها واحده من المنبهرين بالحديث…..
“مش عارفه ولله يافريده اصله هدية من زهران بس أنا هبقى أسئلة وبعتلك عا شات……”
“اوك ياقلبي وكل سنه وأنتي طيبه ياحبيبتي العمر كله ليكي…..” احتضنتها بتظاهر بطيبة والحب ….
امتعض وجه أنعام وهي تبتعد جالسة على أحد المقاعد مشاركون جلستها بسمة واسيل التي تاففت
بضيق….
“أنا المرارة اتفقعت وريقي نشف ماتيجي نشرب حاجه يابسمة…..”
اومات لها بسمة بإبتسامة تشجع الفكرة قائلة…
“يارت فعلاً لحسان انا ضغطي وطي….”
ضحكت الفتيات بعد ان استاذنان من الجدة…..
سارت بسمة برفقة أسيل التي نداها صديقها (علاء)
“أسيل….” التفتت له هي وبسمة لتقترب منه وهي تقول بإبتسامة مجاملة….
“علاء جيت أمته…. و(رنا) كمان لا دا احنا هنخربها….”
إبتسمت رنا وهي تقول بسخرية….
“لازم نخربها الحفله كئيبه أوي محتاجه جو تاني…”
“تصدقي صح… انا وبسمة هنموت من الملل…
صحيح اعرفكم المحاميه بسمة… صاحبتي ومرات جواد أبن خالي….” اشارت أسيل نحو بسمة….. التي إبتسمت لهم بمجاملة وهي تقول برقه….
“اتشرفت بيكم…..”
“إحنا اللي اتشرفنا بيكي يامدام بسمة….” قالها علاء بأحترام لتمد رنا يدها لها قائلة بألفى…..
“مبسوطه إني قابلتك أسيل مش بتبطل كلام عنك…” بدالتها بسمة السلام مرردة…
“صدقيني ولا عنك…. وانا كمان مبسوطة إني اتعرفت عليكم….”

 

 

 

أدارت وجهها للخلف قليلاً لتجده يجلس في هذا الركن ينظر نحو فتاة صارخة الجمال و مُلفتة للغاية بسبب ثيابها التي تظهر جسدها بسخاء يخجل
من ينظر نحوها…..
“طب عن اذنكم ياجماعه…..” قالتها وهي تبتعد لتهتف أسيل من خلفها….
“بسمة راح فين….” لم تجبها بسمة لكنها راقبت الاتجاه الذاهبه فيه لتدرك الأمر سريعاً….. رفعت أسيل عينيها بلا أهداف مُسبقه نحو الحاضرين لتجد
بُنيتان يتوهجان بنيران الغيرة لتدرك أنها تشعله بدون ان تبذل مجهود في ذلك……
حمل الندل على يداه صنية تحتوي على كؤوس من النبيذ قدم منهن لسيف الذي مسك واحداً متجرعه
وعلامات الغضب متاججة داخله على يقين أنه يفرغ
شُحنته في شيءٍ لم يجدي نفعاً لكنه وصل لذروة اليأس والغضب منها….
راقبته وهو يتجرع من كأس الخمر للمره الثالثة، تنهدت وهي تترك الجميع وتذهب نحوه واقفه أمامه
قائلة بحدة…..
“انتَ بتعمل إيه ياسيف….”
“وانتي مالك…. “قالها ببرود وهو ينظر
نحوها بقسوة…
” تعالى معايا….”مسكت يده لينفضها من بين يدها بضيق قائلاً من تحت أسنانه…..
“مش جاي معاكي في حته… روحي كملي قعده ومسخره….”
توسعت عينيها لتنظر له بصدمة واحتلت ملامحها حمرة الغضب وهي تقول….
“مسخره!…. عندك حق انا فعلاً هروح أكمل مسخره….” سحب يدها قبل ان تذهب وهو يزمجر بها بحدة….
“لا كفاية مسخرة عندهم….. كمليها معايا…
مع أبن خالك…..” سحبها لخارج الفيلا بقوة ليصل بها الى ركنٍ هادئ بين الأشجار….
“اياك تفكر تعمل معايا حاجه… انا بقولك أهوه و…”
على حين غرة منه وجد نفسه ضعيف أمام عشقها واشتياقه لها طيلة تلك الأيام….
أحاط وجنتيها بكفي يداه وهو يتعمق بسواد عينيها الامعة ليهتف بعذاب نابع من وجدانه معاتباً إياها بيأس…
“انتي بتعملي فيا كده ليه…. انا مستهلش كل ده منك يأسيل…..” نزلت دموعها من كلماته لتهتف بصوتٍ متحشرجٍ …..
“وانا مستهلش عصبيتك واهانتك ليه…..”
“بطلي عياط…. انتي عارفه إني بغير عليكي ومش بحب اشوف حد بيقرب منك ولا حتى بيلمسك….. انا الوحيد اللي لي الحق يعمل كده…..” قرب وجهها أكثر من وجهه وبعثر سخونة أنفاسه الرجولية عليها…
“انت عارف إني مكنتش اعرف نيته وكنت فكراه بيشكرني و………سيف كفايه عشان خاطري…. ” قبلها
من وجنتيها لتنحدر شفتيه على عنقها الناعم….
“وحشتيني يأسيل….. وحشتيني أوي….” اغمضت عينيها وهي مرددة بصعوبة وضعف…
“وانت كمان وحشتني اووي……” ضمته إلى احضانها بقوة ليبادلها العناق بقوة لا توزان قوتها الناعمة…
هتف من بين عناقهم الساحق بلوعة عشقاً …..
“تعالي نتجوز يأسيل تعالي نبدأ من جديد…. انا عايزك حلالي عايزك جمبي علطول….” اغمضت عينيها وهي مشتت الافكار بين قلب يهوى بدون منازع وعقل يحكم بدون مشاعر……
دفن وجهه بعنقها مستمتع بتلك اللحظة بجميع عواصف آلامها…..
______________________________________

 

 

 

وقفت بينهم وهي ترسم إبتسامة مُصطنعه موجها حديثها إليه وهي تقول بنعومة….
“اتأخرتي ليه ياحبيبي كل ده بتجبلي العصير…”نظرت بتقزز الى نيفين التي احتقن وجهها فور رؤيتها فهي على علم بأنها زوجة (جواد الغمري)
الرجل الذي وقعت برغم قوته وجذبيته الرجولية المنفرده عليها ولسوء الحظ فشلت فشل ذريع في ايقاعه برغم من كل محاولتها الرخيصة للفت انتباهه، لتجد الفريسه الاسهل الذي سيروقه عاهرها
(زهران الغمري)لتقيم علاقة معه تحت بند المال وضمان عملها الباهظ معه ….
رفع جواد عينيه عليها وضيقهما بعلامات استفهام…
“مش هتعرفني بـعروسة المولد دي …..”قالتها بسمة بحدة وهي ترمقها بازدراء مُهيناً ….نادها بنفاذ صبر…
“بسمة…..”….تطلعت عليه ببرود بريء…
“إيه ياحبيبي هو انا قولت حاجه غلط…..”تلاعبت بشعره الاسود امام عينان( نيفين)الذي ابتلعت سخريتها بصعوبة وتنحنحت وهي تقول بهدوء…
“طب بعد إذنك ياجواد بيه تشرفت بيكي ياهانم…”
لا يعرف لمَ أراد ان يالمها حين اعترض بصوتٍ خشن…
“استني يا نيفين…..”ومن ثمَ ألتفت نحو بسمة وهو يقول بفظاظة مُهينة…
“استنيني هناك يابسمة على تربيزة اللي عليها أنعام هانم….”توسعت عينيها وهي ترمقه بصدمة…
“انتي سمعتيني مش كده…..”بمنتهى البرود ألقى باوامره اللا نهائيه عليها….لتحدج به بعتاب قبل ان تتركه وتذهب بتشنج ملحوظ…..
إبتسمت نيفين بعد ذهابها بمكر لتقترب منه قليلاً وهي تقول ببراءة زائفة…
“اسفه لو كنت سبـ…..”
“أمشي من هنا….”قالها وهو يتجرع من كوب الشعير ببرود هادئ…..أصابها الذهول وهي تتسائل كالبلهاء .
“أمشي إزاي يعني….”نظر لها بقاتمة مُهينة وهو يردد…
“هتمشي على رجلك إيه محتاجه إستفسار دي…”
بلعت اهانته وذهبت، مُبتعدة عنه بحنق …..
“مالك ياحبيبتي حد زعلك….”سألتها أنعام وهي تربت على يدها اومات لها بسمة بحزن وهي تقول
بنفي….
“مفيش حاجه ياماما انا كويسه…..”اشغلت نفسها بهندمة شعرها التي عكسته على كتفها لتظهر فتحت
ظهرها الأبيض يتوسطها بقعةً حمراء مُثيرة…..
اتت أسيل إليهم وشاركتهم جلستهم وهي تقول بحمرة وجهاً خجولاً حزينةٍ بعد الشيء…..
“الحفلة الكئيبة دي هتخلص أمته……”لوت أنعام
فمها وهي تقول بامتعاض..
“على حسب ضيوف مرات خالك ….”لم تكن معهم

 

 

 

كانت بين للهيب غضبها منه تتارجح ، قاسي هو وبدون أسباب يلقي بها من سابع سماء حبه ،أفعاله تتعب النفس وترسم علامات قاسية على قلبها الابله في عشقه، تيأس أوقات ويصيبها الأمل للحظات
فقط لأنه تغير قليلاً عن قبل ، تغيُر لم تراه بعسليتاها فقط تلامسته بقلبها وكم كان هذا القناع الكاذب
يثير الشفقة عليها وعلى عشقها الغير سوي بالمرة…..
على ناحية الأخرى كادَ ان ينهض من جلسته التي طالة لكنه سمع همسات من رجلان بجواره وهم يقولون….
“بس عنيها تهبل متعرفش دي عسلي ولا صفره…بس هو معقول تكون في عيون صفره….”رد الآخر بعدم فهم وهو يضيف بشهونية …
“يمكن لنسز……بس سيبك من ده كله شوفت الفستان اللي لبساه ولا فتحت الضهر عليها حتة وحمه حمره………… ياااه بنت الايه عايزه تتاكل أكل….”
نظر لهم ببرود ليتطلع على ماينظرون إليه بعدم اهتمام ليجدها تجلس على مسافة بعيدة قليلاً عنه
لكنه لمحها جالسة عى هذا المقعد توليه ظهرها العاري من تلك الفتحة المربعة يتوسطها بقعة
حمراء اثارته من أول يوم راها فيه….
اشتدت ملامحه بالغضب وهو ينظر نحو الرجلان ليقترب منهم وهو يقول ببرود…..
“ممكن ثواني ياشباب….”ربت على كتف كل واحداً منهم بقوة….نظرو لبعضهم وهما يقولون بستفهام …
“في حاجة…..”
“لا حاجه بسيطة…..تعالوا نتكلم على جمب….”تبدلا النظرات بغرابه، أبتعد كلن منهنا عن المكان ذاهبين برفقة هذا الغريب……
خرج من الغرفة وهو يهندم سترته فقد افرغ شُحنة الغضب على اجساد هذان الاوغاد..تبقى شُحنة متاججة نحو تلك الغبية التي تريده ان يقتل
اليوم بسبب افعالها وما ترتديه……

 

 

 

“واضح إنك شايفاني بقرون عشان كده بتستغفليني…..”
سار نحوها وخلع سترة الحلة السوداء التي يرتديها
ليضعها باهمال على منكبيها على حين غرة، رفعت عسليتاها نحوه لتجده يميل عليها قائلاً بانفاس ساخنة مُتسارعة من شدة الغضب…..
“قومي معايا ياهانم……”نظرت له بحنق حاد ولم تفهم بعد سبب غضبه و تلك الحركة التي فعلها الآن
“مش قايمه….روح كمل قعدتك مع عروسة المولد بتاعتك…..”هتفت بعناد وكبرياء متلامس….
أطبق بأسنانه بعصبية وهو يقول من بين زروة غضبه…
“اسمعي الكلام وقومي معايا وتزفتي البسي الجاكت عدل خليه يداري القرف إللي انتي لبساه ده….
…يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *