روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الواحد و الأربعون 41 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الواحد و الأربعون 41 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الواحد و الأربعون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الواحد و الأربعون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الواحدة و الأربعون

~… تهديد بالفراق…~
صعد بها وجيه حتى أعلى طابق بالمنزل “الروف” ، حيث السكون والهدوء، حيث يمكن أن يتحدث ويتحدث دون أن يتلصص عليه أحدًا.
وقف بالقرب من أصص زهور نادرة وأنزلها على مهل، كانت بلمساته شيء من الربته الحنونة التي تكنّ الاعتذار والأسف الصامت !
كأنه قدم اسفه على بساط من القبول بقلبها .. وإذا قالت أنها لم تتأثر فهي كاذبة قطعاً … فأقل شيء منه يكفي لكي يشتت قلبها لهفة وشوق لمحبته.
تظاهرت بالعبوس وهي تتهرب من عينيه وقالت بارتباك:
_ ها بقا … عايز إيه ؟!
ابتسم متطلعا بوجهها في موجة تسلية، ولم يخفي عليه ارتباكها وتظاهرها بما يلتمع بعينيها … فاقترب إليها بنظرة خبيثة وهمس بإذنها:
_ عايزك أنتي …. عايزك ما تزعليش مني يا حبيبتي.
سرت بجسدها قشعريرة وسرعان ما نجحت في الابتعاد عنه كي لا يشعر باستجابتها السريعة هذه واتبعت مكر الأنثى …. وبعدما ابتعدت استدارت له من بعيد قائلة بتحذير:
_ برضو هفضل مضايقة من اللي حصل … إلا بنتي يا وجيه ! …
وعندما تذكرت دموع صغيرتها التمعت عينيها بدموع الألم وقالت بصدق:
_ أنا اللي قولت لبنتي تقول لجيهان يا ماما جيهان، وحذرتها لو عملت حاجة تضايقها تعتذرلها فورًا …. بنتي طفلة !
مقدرتش تفرق هي غلط ولا صح … اتعايرت بمرضها واعتذرت رغم أنا ما غلطتش واتهانت وعيطت ! … أنت حاسس الأول أنا قلبي كان عامل أزاي لما سمعت وشوفت اللي حصل وبنتي بتعيط !
هزت رأسها ببكاء موجع ونظرة شرسة غاضبة ثم تابعت:
_ أنا لولا أني عملالكم كلكم حساب أنا مكنتش هكتفي باللي قولته وبس ! …. بس حتى ده استكترته عليا …!
خطفها وجيه لصدره بعدما تقدم بضع خطوات إليها … وضمها بحنان شديد ثم قبّل رأسها هامسا:
_ أنا عارف وحاسس باللي بتقوليه، ومش هسمح أنه يتكرر تاني … ودلوقتي بصالحك وبراضيكي … لسه زعلانة برضو؟!
ابتلعت ليلى ريقها وهي تبكي فضمها وجيه مرةً أخرى وأضاف:
_ يا ليلي أفهميني أرجوكي …. ساعديني ما أظلمش جيهان، أنا بحبك أنتي وأنتي وهي عارفين كده، بس مقدرش اظلمها … أنا مش اد الظلم ..
ابتعدت ليلى عنه بنظرة قوية وصاحت :
_ يعني عشان ما تظلمهاش بتظلمني أنا وبنتي؟! أحساسك بحبك ليا مخليك حاسس بالذنب من ناحيتها مهما غلطت !
لو فاكر أن ده عدل تبقى غلطان ! … زي ما ليها ليا … وزي ما عليها عليا برضو … وكل واحدة فينا تتحاسب على غلطها وتتحمله … أنا مش مستعدة أبدًا ادخل بنتي في مشاكل وصراعات تاني …كفاية بقا !
استدارت لتبتعد وتهبط لغرفة أبنتها حتى أوقفها وجيه بصوتٍ حاد… فوقفت وهي تمسح دموع عينيها مرغمة.
مضى إليها ووقف أمامها بثبات وبنظرات جامدة ثم قال :
_ كنت فاكرك هتتفهمي الوضع أكتر من كده !
نظرت له بمرارة وقالت :
_ أنا اللي كنت فاكرة أنك هتفهم وضعي أنا وتحاول تبعدني عن أي مشاكل … لأني مش حملها ، لو تفتكر يعني أني لسه بتعالج نفسي … لسه جوايا التوهة والوجع لشيء مش قادرة أفتكره حصل زمان ! ….
كنت فاكرة أنك واخدني تحميني من الدنيا بحالها … بس أنت وقفت من غير أي رد فعل ومقدرتش تحميني من مراتك الأولى

 

! …
مرت دموع على وجهها واضافت بمنتهى الألم شيء كالصدمة الكهربائية:
_ لو جوازنا هيكون على حساب كرامة بنتي ونفسيتها أنا مش هكمل … إلا بنتي … مقدرش اسامح في حقها.
ضيق وجيه عينيه بصدمة من قولها، ثم ضغط على اسنانه بضغطة عنيفة كادت تنفرط فيها الحبات البيضاء …. ثم هزها من ذراعيها بعنف وهتف:
_ مش هتكملي! …. بمنتهى البساطة كده بتنطقيها!… بعد العذاب اللي شوفناه السنين دي كلها على ما رجعنا لبعض وقدرتي تقولي كده ؟! …. بعد اعتذاري ووعدي ليكي أن اللي حصل مش هيتكرر بتقولي كده ؟! … ليه شايفة أن ريميه بنتك لوحدك ؟!
ليه مش حاسة أني بعتبر نفسي أبوها وحاسس بيها زي ما أنتي حاسة بالضبط !
ليه ظنيتي فيا أني ممكن أسمح لحد يوجعها ولو بكلمة!
أبعد يديه عنها بنفور وقال وكأنه يريد صفعها بغلظ قوته:
_ أنا حطيتك في مكانة محدش وصلها غيرك ، كل تصرفات جيهان بسبب أنها عارفة ومتأكدة أني ما بحبهاش وبحبك أنتي ! …. وجعها ودموعها اللي دايمًا في عنيها بتخليني غصب عني احس بالذنب من ناحيتها …. رد فعلي اللي اكيد مش هيكون قدامك لأن زي ما بحترمك بحترمها.
وأنتي ولا دارية بكل ده !
حرر نفس ثائر من رئتيه بانفعال وأضاف بتهديد صريح:
_ الكلام اللي سمعته منك دلوقتي لو اتكرر تاني يا ليلى أنتي كده بتنهي احلى حاجة ما بينا … أنا ما بتهددش، ولو صبرتي بس ساعة كمان كنتي هتعرفي نتيجة كلامي مع جيهان … وهتعرفي أني كنت عند ثقتك بيا … بس أنتي اللي بتدمري ثقتي فيكي بنفسك.
رماها بنظرات قاسية وابتعد مختفيًا بعد لحظات من أمامها … ظلت ليلى للحظات ساهمة دون أي تعبير … حتى نظرت للأرض وبدأت بموجة عنيفة من البكاء .. وحقا وقعت بين الحيرة أن كانت على خطأ أو صواب.
*******
دخل وجيه بتعابير وجه غاضبة إلى غرفته وأراد لو يضرب أي شيء تطاله يده في طريقه …. ولكنه توقف عند خزانة الملابس وأخرج منها ما يناسبه للخروج ….
صدرت آنات ضعيفة بصوتٍ خافت فاستدار ناظرا للصغيرة النائمة على الفراش الكبير….. اقترب منها وتحولت تعابيره القاسية لأخرى حنونة وهو يتأملها … حتى لاحظ توتر جفنيها ويبدو أنها ترى كابوس مزعج …. أنحنى قليلًا وهمس لها برقة:
_ ريمو
غمغمت الصغيرة ببطء كلمات غير مفهومة …. ثم اجهشت بالبكاء وفتحت عينيها بالتدريج …. وأشتد بكائها وقالت وكأنها تستغيث:

 

_ ماما … ماما …
قطب وجيه حاجبيه باستياء من بكائها حتى حملها على ذراعيه محاولا أن يجعلها تطمئن …. وقال متساءلا:
_ بتعيطي ليه يا حبيبتي ؟!
حسست الصغيرة بيدها حتى وجدت كتفه الأيمن ورمت رأسها عليه قائلا بخوف شديد :
_ بابا صالح بشوفه بيعيط .. وبيخليني أعيط وأخاف.
ضمها برقة وهو يربت على رأسها حتى هدأت قليلًا، ولكن عقله لم يهدأ من ذلك الحلم المزعج الذي يتكرر معها ويرعبها بهذا الشكل !
وظل هكذا لدقائق .. حتى دخلت ليلى الغرفة بعيون يبدو عليها التورم والاحمرار …
تجاهلها وجيه تمامًا حتى وضع الصغيرة على الفراش مجددًا بعدما سكنت من البكاء وعادت للنوم مجددًا، بينما مرت ليلى بالغرفة هنا وهناك وظهر عليها رغبة التحدث والتراجع تباعا، ولكنها لا تعرف من أين تبدأ الحديث …. نهض هو من الفراش وأخذ الرداء الذي جهزه سابقا ووضعه على أحد المقاعد بأهمال …ثم التقط منشفة نظيفة ودلف للحمام ليغتسل سريعا قبل الخروج ..
وقفت ليلى أمام الحمام بغيظ منه وفكرت كيف تبدأ معه الحديث عندما ينتهي من الاستحمام … ولكنه أنتهى بعد دقائق وخرج من الحمام وهي لا زالت على حالها من الصمت، جالسة على الفراش تختلس النظرات إليه من بعيد بغيظ وعصبية تخفيها.
ارتدى ملابسه بلحظات وبحركة عصبية أظهرت مدى غضبه وقبل أن يخرج من الغرفة ويفتح بابها اوقفته قائلة وهي تنهض من الفراش وتعقد يديها حولها في مقت :
_ رايح فين …؟!
تنفس بحدة وقال ولم يلتفت لها حتى :
_ ليه ؟!
غضبت من رده المختصر المستفز وقالت بعصبية:
_ يعني أنا مش من حقي أعرف أنت رايح فين ؟! …. وبعدين أنت ناسي أن المفروض دي إجازة جوازنا ومالكش أجازات تاني ؟!
التفت لها هذه المرة ورماها بنظرة غاضبة بها رنين من العتاب … وقال قاصدًا رنة اللوم بصوته:
_ فاكرة بس حقوقك ؟! … مش شايفة غير اللي ليكي وبس !
نظرت له بغرابة، دفاعها عن صغيرتها لا يعتبر خطأ على الإطلاق .. خاصةً بظروفها الخاصة هذه ! …. لما يلومها على موقفها إذن ! …. فقالت بدهشة بها خيوط العتاب:
_ للدرجة دي زعلان أني دافعت عن كرامة بنتي ! … أنا لو ما عملتش كده هيبقى هتنهان مرة واتنين وعشرة وجيهان من هتحرم وهتكررها !
رد بعصبية :
_ موقفك أنا ما زعلتش عليه، جيتلك ورضيتك واعتذرتلك كمان …. أنما تهدديني أنك هتسبيني ده اللي مش مسموح بيه ولا هسمحلك تكرريها تاني !
وهنا انتبها سويًا لنقر على باب الغرفة …. استدار وجيه للباب وفتحه ، حتى تفاجأ بوقوف جيهان أمامه ويبدو عليها الهم والحزن الشديد …. وبعض من التردد .
قالت جيهان بارتباك وحرج:
_ أنا … روحت أشوف ريميه في أوضتها مالقيتهاش ، الدادة قالتلي أنها هنا مع ليلى … ممكن أشوفها دقيقة بس ؟
تقدمت ليلى إلى الباب بعصبية وقالت :
_ عايزة بنتي ليه؟ … تعايريها وتخليها تعيط تاني ؟!
نظرت جيهان لليلى سريعا ثم نظرت لوجيه وقالت:
_ اكيد لأ …. بس أنا وعدت وجيه أني هصلح غلطي واعتذرلها، وحقيقي مكنتش اقصد … اوعدك مش هتتكرر تاني.
واستدار وجيه لليلى بنظرات حادة كأنه وجد الدليل على صدق قوله … ارتبكت ليلى من نظراته القاسية لها وقالت لجيهان :
_ هي نايمة دلوقتي … لما تصحى هقولك.
اومأت جيهان رأسها باستسلام وانصرفت من أمامهما …. زم وجيه شفتيه في عصبية وهو ينظر لها فأطرفت عينيها هروبا منه …. وندمت بعض الشيء في تسرعها وانفعالها عليه … ليتها سمحت له بفرصة يثبت فيها صدقه وحمايته الحقيقية.
وقرر وجيه الخروج من الغرفة وقبل أن يخرج هرعت ليلى واغلقت الباب، فنظر لها رافعا حاجبه بغضب ….قالت بتلعثم :
_ مش ماشي إلا ما نتكلم الأول.

 

رد بغضب:
_ مش عايز اتكلم معاكي.
تلاعب المكر بعينيها واقتربت منه مبتسمة بدلال ….وقالت بصوتٍ ناعم:
_ طب أحلف ؟
تنهد بغيظ وهو يهرب بعينيه منها …. حتى وضعت رأسها على صدره وفجأة اجهشت بالبكاء !
كأنها عملة ذات وجهين مختلفين تمامًا بذات اللحظة !
قالت وهي تبكي ويديها الأثنان مرابطين على جانبي رأسها متوسدين صدره :
_ أنا أسفة أني اتعصبت عليك وأنت ملكش ذنب، بس قلبي وجعني أوي على بنتي يا وجيه، دموعها بتموتني ومابعرفش أفكر بعدها … وكمان حاسة بالذنب أني اتجوزت وبابا في المستشفى في حالته دي … كل ما أجي أفرح أحس الفرحة مش من حقي ! …. وده كله وأنا حالتي النفسية مدمرة …. عشان خاطري استحملني شوية ومتقساش عليا كده.
لم يستطع أمام دموعها وحديثها إلا أن يحتويها بين ذراعيها بحنان فائق …. وهمس لها بمحبة:
_ مكنتش همشي …. مقدرش أمشي أصلًا وأسيبك، وشوفتي بنفسك جيهان اعتذرت ووعدتك مش هتكررها تاني …. عشان كده قولتلك أصبري شوية وشوفي …. وبعدين ليه حاسة بالذنب ! … أنا مكنش ينفع أسيبك في الحالة دي … وجدك لو شايف أن جوازنا خارج الأصول مكنش وافق … خصوصا أن حالة والدك غيبوبة يعني محدش يعرف ممكن يفوق أمتى ! …
وأبعدها قليلًا وهو يرفع وجهها لتنظر له بعينيها الباكيتان وتابع بابتسامة حنونة :
_ لازم تعرفي يا ليلى أن كرامتك أنتي وبنتنا هي كرامتي بالضبط، سيبي جيهان واعذريها … انتي لو مكانها بشراستك دي كنتي هتعملي أكتر منها.
واتسعت ابتسامته بمشاكسة … فقالت باعتراف:
_ حسيت فعلًا أنها ندمانة …. بس طالما مش هتكررها هعديها المرادي.
ترك وجيه كامل الأمر وقال بعتاب شديد :
_ وأنتي كمان لازم تشيلي أننا نسيب بعض من قاموس حياتك … أنا ماسك فيكي بكل روحي …. يعني اختيار الفراق ملغي … كفاية بقا يا ليلى اللي راح من عمرنا ! … عايز أعيش اللي باقي وأنتي معايا ..جانبي زي ما اتمنيت ما تالت مرة شوفتك فيها
ابتسمت وهي تمسح عينيها من الدموع وقالت:
_ تالت مرة ؟!
عادت الابتسامة لشفتيه وقال :
_ لما جيتلك محل الورد ولقيتك بترددي أغنية ” مليش أمل في الدنيا دي ” … زي ما كنت راسمك في خيالي لقيتك قدامي … رقيقة وعينيكي كلها دفا وأمان … ومن يومها وأنا قلبي معاكي.
وضعت ليلى رأسها على صدره مجددًا بابتسامة واسعة وقالت برقة ونعومة:
_ وهيفضل معايا على طول..
*******
وعند الغداء في تمام الساعة الرابعة عصرا ….
صعدت حميدة بالطعام لغرفة وجيه وليلى لتقدم لهم وجبة الغداء …وأخذت أطباق الإفطار والعشاء ليلة أمس، ثم عادت للمطبخ بالطابق الأرضي مجددًا ….
أختفت جيهان تمامًا ولم تأتي ….حتى تجمع الفتيات في صف واحد بالمائدة…. وجلس الجد على رأس المائدة ناظرًا لجاسر الذي أتى مبكرا من العمل … وسأله بتعجب:
_ جيت بدري ليه النهاردة؟!
رد جاسر بنظرة سريعة لجميلة وقال بابتسامة ساخرة:
_ عندي ميعاد مهم وبحضرله بدري …. عيد ميلاد واحدة صاحبتي.
كظمت جميلة غيظها وعصبيتها حتى قالت سما باستهزاء:
_ خليه يجبلها طرحة هدية ومعاها علبتين شامبو !
ابتسم الجد لما سمعه من سما وعاد لجاسر الذي رمق سما بنظرة غاضبة وقال:
_ يا بجح ! … ده أنا كنت موقف المعادي على رجل واحدة ومع ذلك مكنتش أقدر بس اتكلم عن بنت قدام أبويا !
قالت جميلة لكونها تعرف أنها ستستفزه:
_ بقولك إيه يا جدي …. بدل قعدتنا في البيت كده إيه رأيك نروح النادي … أهو نتشمس !
هز الجد رأسه بموافقة سريعة وقال :
_ عيوني الاتنين …. أنا من زمان ماروحتش النادي …. من بعد ما اتجوزت بسنتين كده …. هترجعوني للشقاوة يا بنات ليه بس!
ضحكت جميلة ولكن لبس على حديث جدها ، بل الشرر المتطاير من عينين جاسر …. ومن اقتراحاتها المفاجأة التي تجعله يجن من كثرة الغيظ !
وقال بعصبية:
_ نادي إيه اللي تروحيه يابنت عمي ! …. ده أنتي كنتي بتوهي من بعد شارع بيت العمدة بمترين !
ده أنتي لو عطشتي هتدوري على أقرب قلة!
كتمت حميدة ضحكتها ثم همست لرضوى قائلة:
_ قليل الأدب ولسانه طويل … بس هموت واضحك.
قالت جميلة بهدوء لكونها تعرف سبب عدم تهذيبه في الحديث:
_ معلش … عايزة أبقى الفرنكا.
أشار جاسر لها ووجه الحديث لجده بعصبية وهتف :
_ شوفت ! …. أهي بتعترف أنها هتنحرف !
قال الجد ليستفزه:
_ هروح معاهم مالكش دعوة أنت … وبعدين ما أنت بتروح النادي وبتعمل كل اللي في مزاجك ومحدش بيكلمك ! …
رد جاسر بغيظ من جده وأطرق على المائدة بحدة وقال:
_ أنا شاب مش بنت ! … وكمان أنت عارف أن الناس كلامها كتير ومش هستحمل حد يتكلم عليها …. عليهم .
صحح جاسر سريعا ولكن قد كشفته كلمة ! … فأخفى الجد ابتسامته وقال بتصميم:
_ برضو هشترك في النادي ونروح …. محدش يقدر يتكلم وأنا معاهم.
نهض جاسر وعلى وجهه يرتسم الغضب وذهب دون حتى أن يتناول الطعام ….
ابتسم الجد ابتسامة خبيثة وانتبه لابتسامته الفتيات بتعجب.

 

*******
مرت فرحة من أحدى الممرات حتى غرفة شقيقها لتطمئن عليه أثناء فترة استراحة العمل …. حتى قابلتها أحدى الممرضات التي تعرفهن … وأوقفت فرحة قائلة:
_ المريض اللي كان بيسأل عليكي يا فرحة كان مصمم يمشي من المستشفى …. بس الدكتور رفض .
تعجبت فرحة من قول الممرضة لها بهذا الأمر وقالت مستنكرة:
_ طب وأنا مالي ؟!
رمقتها الممرضة بخبث وأجابت:
_ أصل يعني هو مهتم بيكي أوي … يمكن معجب !
حملقت فرحة بها للحظات … رغم أن تلك الخاطرة مرت بعقلها إلا أنها صدمت عندما بادر هذا الظن بعقل آخر !
وقالت بحدة وهي تنفي ظنها:
_ لا طبعا …. كل ما في الموضوع أنه كلمني وحش وقت اللي حصل لأخويا … يمكن حاسس بالذنب .
لم تتقبل الممرضة ذلك التوضيح ولكنها قالت باختصار :
_ يمكن …
وبعدها انصرفت الممرضة …. وبدأ يساور فرحة بعض الاحساس بالذنب … هل ما وصل إليه بسببها هي !
وهل ستسامح بسهولة ما فعله ومحاولة الاختطاف ؟!
كان لديها رغبة شديدة في معرفة هل يرجع قرار رحيله من المشفى إليها … أم لسبب آخر!
ولم تستطع منع فضولها ولم تشعر إلا بقدميها وهما يسيران نحو غرفته.

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *