روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل التاسع و الستون 69 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل التاسع و الستون 69 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت التاسع و الستون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء التاسع و الستون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة التاسعة و الستون

~… الفستان الوردي …~
كثرة الحيرة والتردد بقرارًا ما … تُقلل الرغبة فيه !
كانت مروة عطلة من عملها بالمشفى لهذا اليوم، فقد اسدت بالأيام الفائتة مجهود زائد عن المفروض .. وعزائها أن مجهودها تكلل بنتيجة محمولة بالأمل في شفاء ليلى ..
حملت كوب الـ ” نسكافيه” لغرفتها بعد طعام الإفطار لتخلو بنفسها وتنغمس أكثر في افكارها بحرية … وما آلت إليه الأمور مع حبيبها “أحمد” … تنهدت بعمق وهي تجلس أمام شاشة ” كمبيوتر” وتضع كوبها على منضدة الحاسوب … وما لبثت أن تضغط عل زر التشغيل حتى وجدت أمها تدخل الغرفة وعلى وجهها ابتسامة ماكرة ….
وتأكدت مروة أن أمها ستخبرها بالتأكيد عن موعد الخطوبة القريبة التي لابد أن تم الاتفاق عليها بالأمس منذ ذهاب أحمد من المشفى … وأرادت أن تقطع عليها شوطا طويلًا من الحديث فقالت :
_ عارفة اللي هتكلميني فيه .. وبصراحة مش عايزة اتكلم دلوقتي في أي حاجة تخص أحمد ..!
جلست الأم على الفراش قبالتها وقالت وقد تبددت سعادتها بعض الشيء:
_ أحمد مش هيجي يكلمني ويحدد ميعاد إلا لو كان متأكد أنك موافقة !! … بس طريقتك مش مريحاني … قوليلي بقا إيه الحكاية أنتي موافقة ولا حكايتك إيه ؟!
تنفست مروة بهم ثقيل يجثم على صدرها وأجابت بصدق:
_ الحكاية أن أحمد جالي الشغل امبارح … خد من سكوتي موافقة ومشي ! … سكت لما قلبي وجعني من كلامه ، استغل اني هتأثر من كلامه … خوفني عليه ومابقتش عارفة أفكر .. لكني موافقتش الموافقة اللي المفروض تبقى موجودة !
سألت الأم بتعجب :

 

_ خوفك عليه أزاي يعني …؟!
ابتلعت مروة ريقها وشعرت بالمرارة وهي تردد كلماته الذي قالها بالأمس … فقالت الأم ثانيةً:
_ هو مأثرش عليكي على ما دي الحقيقة يا مروة ! … أحمد ليه صاحب وزميله في الشغل استشهد في مهمة من ٥ شهور ! … لو فاكرة أنه قالك كده عشان يأثر عليكي فتبقي غلطانة … هو بس حطك قدام الواقع والحقيقة … بينلك أن حياتنا أصغر من أننا نعذب نفسنا بالشكل ده …
انتفضت عيون مروة بالدموع وقالت :
_ مش قادرة أنسى يوم خطوبته لما حبست نفسي في أوضتي وفضلت أعيط طول الليل، قعدت اسأل نفسي انا عملت إيه غير أني كنت بنت عارفة حدودها ومش عايزة تعمل حاجة غلط !! … أنا وهو كبرنا وكل اللي حوالينا مقررين أننا لبعض ، بس ده مكنش سبب أني حبيته، كنت شيفاه حاجة كبيرة أوي لحد ما صدمني ، في وجع مابنعرفش ننساه مهما حاولنا … يمكن مع غيرنا يبقى ابسط من كده … لكن معانا بيبقى تقيل وفوق أي احتمال !
قالت أمها بعصبية:
_ لو فضلنا نفكر في كل غلطة بتتعمل في حقنا مش هنعرف نعيش في الدنيا دي يا مروة … يمكن الغلط من اللي بنحبهم بيكون وجعه زيادة شوية … بس مين فينا مابيغلطش ؟!
أنا أمك … يعني عمري ما هحس أن في شيء ضرر ليكي وهحببك فيه ! …. أحمد بيحبك وشاريكي من سنين مش من دلوقتي … ومش كل يوم هتلاقي اللي بيحبك بالشكل ده !
ولو لقيتي … تفتكري هتكوني انتي كمان بتحبيه ؟!
نظرت مروة لكوب مشروبها الساخن في شرود … ثم تنهدت وقالت :
_ هديله آخر فرصة …. بس فرصة وأنا مانسيتش … ده أقصى شيء ممكن اقدمه دلوقتي.
كادت الأم تقفز غرحا وقالت بتشجيع وتأكيد :
_ اخيـــــرا ..؟! …. الف مبروووك يا حبيبتي الف مليون مبروك ، هو ده اللي كنت بتمناه من زمان والحمد لله أخيرا هيتحقق …
ونهضت ذاهبة لأبنتها وأخذت رأسها بضمة حنونة ثم قالت بتأكيد:
_ هروح أفرحه ده مستني على نار ، وصدقيني والله هتنسي كل ده مع الوقت من حبه ليكي … ده هيتجنن لما يعرف ..
وذهبت الأم بفرحة عارمة من الغرفة وودت لو تزغرد عاليًا …. ولكن يبدو أنها صمدت حتى اليوم الموعود ..
ابتسمت مروة وبدأت ترتشف المشروب الساخن وهي تفتح احدى الملفات العلمية المحملة على ذاكرة الحاسوب … حتى مضى عدى دقائق وهي تقرأ مقال طبي خاص بأحدى الحالات الفصامية …
وصدح رنين هاتفها الخاص النلقى على الفراش باهمال … ودق قلبها توقعا بشيء … وعندما نهضت وأخذت الهاتف تأكدت من ظنها … كان هو !
فتنفست وكأن على انفاسها هيكل ثقيل تريد أن تزيحه عنها … ولم يكن هذا الثفل غير حيرتها في العودة اليه بعدما تعاهدت طويلا على الفراق !
وترددت بعض الشيء في الاجابة عليه. .. ولكن وجدت من السذاجة عدم الرد …فأجابت :
_ الو ..؟
التقطت أذناها لهفة صوته كأنها الحبيبة العائدة بعد هجر طويل ….. وتنهيدة سبقت اللهفة لهفة !
فقال باشتياق وعاطفة منذ زمن لم ترن بصوته :
_ وحشتيني يا مروة …. يمكن لسه كنت معاكي امبارح … بس وحشتيني وكأنك غايبة عني من يوم ما زعلنا وبعدنا … أخيرًا يا مروة أخيرًا … أنا اتفقت اجيلكم النهاردة بليل … مش هقدر استحمل لبكرة …
دق قلبها حنين ولكن استجمعت ثباتها وقالت بجدية :
_ ممكن اطلب منك طلب ؟
قال مبتسما بسعادة :
_ قولي كل اللي نفسك فيه …
ازدردت مروة ريقها لتنقي صوتها قبل أن تتحدث بجدية وتقول:
_ اكيد ماما كلمتك وقالتلك أني وافقت …. عايزة افهمك أن في ضوابط خطوبة … كلامك أنت عارف أنه بيوترني ومابعرفش ارد عليه … ومش صح كمان أننا نتكلم بالشكل ده وعادي كده …. ده اللي معجبكش زمان وسبتني عشانه ! ….
أنا ما اتغيرتش يا أحمد … انا زي ما أنا ويمكن أكتر من زمان، لو مش عاجبك اسلوبي ده فأسفة مش هغيره …

 

 

انتبهت لضحكته الخافته حتى قال :
_ ومين اللي قالك انه مش عاجبني ! … زمان كنت فاكر أن ده كره ونفور منك ليا … مافهمتش رغم أني كنت دايمًا قريب منك ! …. رغم أنك كبرتي قدامي ومعايا … رغم أن مافيش مرة اتكلمتي فيها غير لما سيبت كل اللي حواليا وسمعتك لوحدك ! … مافهمتش غير لما قابلتك بعد خطوبتي ودموعك نزلت غصب عنك قدامي من قبل أي كلام … وأنتي مش عارفة حتى تكملي كلمتين وتقوليلي الف مبروك ! …..
وتوقف للحظة متنهدا ثم تابع :
_ مشيت وأنا بشتم نفسي على غبائي وقلة تفكيري … وندمت ندم عمري ما جربته في سنين عمري اللي فاتت كلها … واليوم ده أنا كلمت إسراء وفسخت الخطوبة، هي اللي اصرت ما نعلنش غير لما يعدي على الأقل شهر …. وقولتلك وماصدقتنيش ..!
ومن يومها وأنا بحاول اثبتلك ..
تذكرت مروة جميع الذكريات السيئة دفعةً واحدة، فترقرت عينيها بالعبرات ثم تحكمت بدموعها وقالت:
_ مش عايزة افتكر اللي فات، لو كنت عايزني أنسى.
تحدث أحمد وعادت نبرته القديمة الذي كانت يملأها الشوق واللهفة … وقال:
_ خلينا نبني ذكريات جديدة على صفحة بيضا من أول وجديد، ذكريات هتكون حلوة أوي بأذن الله، مش هتسيب مكان في قلبك لأي زعل … أنا متأكد.
ولأول مرة تتسلل الابتسامة لشفتيها بسبب حديثه منذ سنوات ولت.
******
وعقب دخول آسر مباشرة لمكتبه تفاجأ بصوت رنين هاتفه الخاص، كأن المتصل يعلم وقت دخوله وخروجه بالدقيقة !
جلس وهو يفتح الاتصال والهاتف قرب أذنه وأجاب:
_الو ؟
أجاب الطرف الآخر وكان صوت عال فتاة يبدو انها فقدت السيطرة على أعصابها وصاحت:
_ بقى أنا تعمل فيا كده يا آسر يا زيان ؟! …. أنا ريهام الدهبي ترميها الرامية دي ولا تسأل فيها وكمان تروح تكتب كتابك ؟! .
زفر آسر بنفاد صبر وعصبية مكتومة ثم قال بكراهة:
_ هو أنتي !
اشتد صوت ريهام أكثر وصرخت بالهاتف:
_ ايوة أنا ولا مكنتش متخيل انه أنا عشان عامل لكل أرقامي بلوكات !! …. بس مش أنا اللي يتعمل معايا كده وهتعرف رد فعلي قريب.
نهض آسر من مكانه بعصبية شديدة وحذرها قائلا بغضب:
_ اللي أنتي بتعمليه ده لا هيفيد بشيء ولا في مصلحتك !…. وبعدين هو أنا كنت وعدتك ؟!
هتفت ريهام بسخرية :
_ ليه هو أنت مش فاكر انك وعدتني خالص كده ؟! …. مش فاكر أننا اتفقنا نتخطب لفترة وبعدين كل واحد يروح لحاله ؟! … ولا فاكر اننا اتفقنا أنت بسبب جدك وانا بسبب خطيبي اللي سابني وكنت ناوية انتقم منه وأنت خليت شكلي وحش اكتر من الأول !
رد آسر بعصبية شديدة اكثر مما سبق:
_ لآخر مرة هقولك يا ريهام أنسي كلامنا ده، مكنش اتفاق على اد ما كان لحظة طيش وكلام تافه وساذج .. وطالما مكلمتكيش فيه تاني يبقى مكنش ينفع تعلني عنه إلا لما ترجعيلي … يبقى أنتي اللي اتسرعتي من البداية !
تحدثت ريهام بتهديد صريح:
_ بقولك ايه كلامك ده مايلزمنيش في حاجة، أنت خلفت وعدك معايا ووقعتني في ورطة أكبر من اللي كنت فيها، بس انا هعرف اردهالك يا آسر … سلام مؤقتً.
وأنتهى الإتصال على هذا الحوار ، ودفع آسر الهاتف من يده على المكتب بعصبية وقلق مفرط…. فبالكاد استطاع أن يجذب سما إليه ويميلها ناحيته وهذا حدث بصعوبة جدًا …. وأن فعلت شيء تلك الفتاة التافهة ووصل الامر لسما فسيحدث ما لا يحمد عقباه !
زفر آسر بقلق شديد وقال:
_ ربنا يستر ….
********
وبمكتب ديمة …
سعلت ديمة بعدما ارتشفت القليل من كوب الماء فقالت فرحة لتبدي اهتمام:
_ سلامتك ..
هزت ديمة رأسها وقالت وهي تبتلع الماء لجوفها:
_ شرقت بس الحمد لله، مين يا ترى اللي جايب في سيرتي ؟!
ابتسمت فرحة ابتسامة خفيفة ثم قالت ديمة بمكر :
_ ممدوح بيه هيوصل بعد كام يوم وهضطر ارجع شغلي معاه، ياريتك جيتي من الاسبوع اللي فات … هو انتي كنتي بتشتغلي فين قبل ما تيجي هنا ؟
اجابت فرحة بعفوية:
_ كنت بشتغل في مستشفى خاصة … بس سيبت الشغل قبل ما أجي هنا … كنت تعبانة شوية ..
سألت ديمة بفضول ومراوغة:
_ سلامتك الف سلامة … بس كنتي تعبانة بإيه بعد الشر ؟!
صرحت فرحة بالفيرس الذي أصابها منذ أكثر من اسبوعين … فانتفضت ديمة وعادت بمقعدها للخلف في خوف وكأن فرحة اصبحت هي الفيرس ذاته !! … ثم هتفت بفرحة قائلة بعصبية:
_ ولسه جاية تقوليلي دلوقتي ؟! …. حرام عليكي هو أنا ناقصة ؟!
انزعجت فرحة من موقف ديمة وصححت قائلة:
_ أنا خفيت واكيد لو مكنتش خفيت مكنوش هيخرجوني من العزل ولا سمحولي اتحرك خطوة واحدة! …. ماتخافيش أوي كده انا خدت أيام بعد ما طلعت على ما الحمد لله خفيت تمامًا … أخويا عايش معايا فلو في شيء على الأقل كنت خوفت عليه أول واحد .. أطمني !!
نظرت ديمة لفرحة بعصبية جاهدت لتخفيها وقالت بابتسامة زائفة:
_ حمد الله على سلامتك … بكرة بالكتير وهرجع شغلي مع ممدوح بيه … وهسيب المكتب هنا ، فالنهاردة وبكرة بأذن الله لازم نخلص اكبر جزء من الشغل وتفهميه … لو احتاجتي أي حاجة كلميني فون وهفهمهالك …
هزت فرحة رأسها بالايجاب دون أي تعبير للترحاب بما تقوله ديمة … ريثما بعد ردة فعلها هذه ….
********
مررت ليلى يدها بحنان على رأس صغيرتها التي تاهت بغفوة عميقة جدًا … وللحظة رغبت لو تدخل هذه الصغيرة بداخلها مجددًا وتحميها مع العالم أجمع …
حتى انتبهت ليلى لصوت دق خفيف على باب غرفتها … نهضت قبل أن تنزعج الصغيرة وتستيقظ، ثم توجهت لتفتح الباب وصدمت بجيهان وهي تقف مرتبكة النظرات وتبتلع ريقها بقلق ….
نظرت ليلى لها بنظرة عصبية ثم قالت بصوت ليس مرتفع:
_ نعم ؟!
تأكدت جيهان الآن أن الطبيبة أخبرت ليلى … وهذا قطع شوط طويل من جدال كان سيحدث بينهما وربما كان بلا فائدة… فأجابت جيهان قائلة بتوتر:
_ ممكن نتكلم شوية في مكتبي يا ليلى ؟
ردت ليلى بحدة:
_ أسفة، مش هسيب بنتي نايمة لوحدها واجي معاكي !! ….
صمتت جيهان للحظة وكأنها تحاول التفكير والاختيار بين التراجع والإصرار على التحدث معها … فقالت:
_ خلاص نتكلم هنا، طالما ريميه نايمة..
زفرت ليلى ببعض العصبية وسمحت لها بالدخول …. فدخلت جيهان واغلقت الباب خلفها في هدوء … واستدارت ببطء صوب ليلى، ولكن وقعت عينيها على الصغيرة النائمة في سباتٍ عميق وقالت بنظرة حنونة:
_ حاولت اصالح ريميه كتير، بس بمجرد ما بتسمع صوتي بتجري على أي حد وتبعد ! …. بزعل من نفسي أوي لما بشوفها كده ..
نظرت ليلى لجيهان مليًا وقالت :
_ المفروض اني اتأثر بكلامك ده ؟!
استدارت جيهان لليلى وقالت بصدق:
_ جاية اعتذرلك أنتي الاول يا ليلى ، كنت قاسية معاكي أوي وغبية كمان، بس كل اللي قولته وقتها معملتش منه أي حاجة ولا كنت هعمل اصلًا !!

 

 

قالت ليلى بألم:
_ يعني اللي سمعتيه معرفكيش أني اتظلمت واتخدعت وأن كل ده كان كدبة؟! …. مافكرتيش إلا في خوفي من الموضوع ده واستخدمتي خوفي ضدي ؟! … بس أحب اقولك بقا أن وجيه عرف كل حاجة … عارفة كان رد فعله ايه ؟
زعل مني … بس زعل إني خبيت عليه السنين دي كلها وكانت النتيجة فراقنا ١٠سنين …. وجيه بكلمتين نساني خوفي ووجعي وطمني …. أنا بقولك كده عشان لو لسه فاكرة أنك ماسكة عليا ذلة فمعلش دوري على حاجة تانية … لأن الموضوع ده بقى كرت محروق وانتهى خلاص … الشيء اللي لسه مايعرفهوش هو أنك هددتيني !
ابتسمت جيهان رغم الم عينيها وقالت:
_ ليكي حق في زعلك مني، لو كنت مكانك كنت اكيد هقول كل اللي قولتيه ويمكن أكتر، وعايزة اقولك حاجة يا ليلى … أنا مكنتش عايزاكي تخبي عن وجيه اني هددتك … أنا لو قادرة أقوله كنت قولتله … بس في نفس الوقت حاسة أني استحق العقاب … أنا جيتلك النهاردة عشان اطلب منك تسامحيني … ارجوكي حاولي.
نظرت ليلى لها ولم تنكر إنها رأت بعين جيهان صدق والم صارخ بالندم … فقالت :
_ لا مش هقول لوجيه يا جيهان واخرب عليكي، مش هعمل زيك … وطالما عايزاني اسامحك فأنا مسمحاكي، بس مش هقدر اتعامل معاكي تاني وأسفة لكده.. ده كل اللي اقدر اقولهولك ..
طفرت دمعة من عين جيهان وقالت بامتنان:
_ حقيقي أنا أسفة يا ليلى … طلعتي أكرم مني … انا براجع حساباتي كلها يا ليلى … وفاضلي خطوة واحدة … خطوة واحدة يمكن تبقى بداية جديدة لينا احنا التلاته …
لم تفهم ليلى ما تحاول توضيحه جيهان، وما بقيت جيهان لتقول شيء أضافي بل استأذنت وغادرت الغرفة !
***********
وعند ساعات الليل … كان لا يزال دبيب الحياة يحي الشوارع بالمارة والعابرين …
وسيارة وجيه تنهب الطريق سيرًا بعدما انتهي دوام عمله لليوم …. وكانت جيهان بجانبه شاردة … فقال بابتسامة:
_ أنا مبسوط جدًا يا جيهان أنك جيتي تطمني على ليلى …. حابب العلاقة بينكم تبقى كده دايمًا.
تنهدت جيهان بعمق وكادت أن تجيبه حتى لاحظت انعطافه بجهة غير جهة منزله فسألت بتعجب:
_ ده مش طريق البيت ؟!
فأجاب بلطف :
_ آه عارف، لما شوفتك في المستشفى حجزتلنا في فندق لليلة، تغيير جو …
فهمت جيهان الأمر وقالت:
_ يبقى اكيد خرجت ليلى امبارح مش كده ؟
تنفس وجيه بنفاد صبر وتأفف، فها قد عادت جيهان لأسئلتها القديمة … حتى اضافت جيهان بابتسامة صادقة:
_ وحتى لو خرجتها بالعكس أنا مش زعلانة، ليلى محتاجة اهتمام الفترة دي بالذات على ما نفسيتها تتحسن … مش زعلانة والله بالعكس …
اختلس وجيه نظرة جانبية لجيهان بدهشة علت ملامحه، حتى لاحظت جيهان ملامحه وابتسمت بمرح قائلة:
_ مستغرب ليه كده ؟!
رد عليها بابتسامة وقال بتعجب:
_ أول مرة يكون رد فعلك هادي كده ؟! …
قالت جيهان وهي تنظر أمامها بشرود:
_ يمكن عشان بدأت أفهم يا وجيه، أفهم نفسي وافهم اللي حواليا، الانسان لما بيفهم نفسه صح في حاجات كتير بتتصلح في حياته …
لم يفطن وجيه لما يدور بخلدها تمامًا، ولكنه شعر بشيء على وشك الحدوث … ثم بدل دفة الحديث وقال بمرح:
_ بلاش الغاز وخلينا ننبسط بالخروجة دي …
بادلته جيهان الابتسامة، وهي تعرف تمامًا أنه لا يشعر بالسعادة سوى بوجود ليلى … ! مهما حاول اظهار غير ذلك ليرضيها… فالقلب ليس عليه احكام او أمر.

 

 

********
وبعدما عادت ديمة لمنزلها بعد دوام العمل …. لم تنتظر حتى لتبدل ملابسها واتصلت على رقم “نوران” ….
أجابت الأخرى وهي تجلس بشرفة غرفة أبنها هيثم حيث كانت تتحدث معه بعدة أمور … وقالت لديمة:
_ ها في جديد فرحيني ؟!
قالت ديمة بصوت به شيء من الحماس:
_ قريب أوي أوي …. عرفت النهاردة أن مستر زايد وفرحة معزومين على فرح لحد من العملا اسمه الحج محمود… هستغل اليوم ده واروح المكتب أخد الاوراق اللي عايزاها … أنا عرفت بصعوبة اعمل نسخة من مفاتيحه …. وهرجع لشغلي قبل المدة المحددة لتدريب اللي اسمها فرحة دي …
سألت نوران بتعجب:
_ طب وهتمشي بحجة ايه وانتي لسه مخلصتيش فترة تدريبها، وممدوح مش راجع غير الاسبوع اللي بعد اللي جاي؟!
ضحكت ديمة ضحكة خبيثة وأجابت:
_ الاستاذة فرحة كان عندها فيروس من اللي منتشر الفترة دي … عرفت النهاردة بالصدفة، وهمشي بالحجة دي ولمحتلها النهاردة ….يعني لو مشيت هيكون عشان الموضوع ده يعني … وقبل ما مستر زايد يكتشف اختفاء الاوراق هكون خلعت من المكتب ….وتلبس بقا فرحة الليلة دي …. اما انا بقا محدش هيقدر يكلمني لأني مشيت بدري وكمان الورق كان موجود … مين بقا اللي هيدبس فيها ؟!
ابتسمت نوران باعجاب وقالت:
_ فرحة طبعا ! … وكده يبقى بعدنا عننا أي شبهة …
قالت ديمة بضحكة:
_ بالضبط … يومين بالكتير والورق يكون عندك … سلام …
اغلقت ديمة الخط بينما نةران وضعت هاتفها وهي تبتسم بانتصار … وسألها ابنها عيثم وهو يرتشف قهوته :
_ طب ما تفرحيني ؟!
نظرت له نوران بمكر وأخبرته عن ما قالته ديمة بالكامل …. فرفع هيثم حاجبيه بنظرة خبيثة وقال:
_ وكمان هياخدها معاه فرح بنت عميل ؟! … دي شكل فرحة دي ليها مكانة خاصة أوي …. ده بيوصلها لبيتها كمان!!
ضيقت امه عينيها وقالت بشك:
_ وأنت عرفت منين أنه بيوصلها ؟!
ابتسم هيثم بمكر وأجاب:
_ مراقبهم بقالي كام يوم، بس تعرفي أن العميل ده اتصل النهاردة على الفيلا وعزمني انا وأنتي …. مكنتش ناوي اروح، بس بما أن زايد وفرحة معزومين فأنا هروح … بس مش عايزك انتي تروحي ..
قالت أمه بغيظ :
_ ليه بقا ؟!
ضحك هيثم بسخرية وقال:
_ مش هيعجبك اللي هيحصل، وبيبان عليكي وهتكشفينا …. خليكي أنتي وهروح أنا …
********
ومر يومان لم يحدث فيهما الكثير من الأحداث … عدى أن ديمة قررت العودة لعملها بعدما سلمت فرحة كافة شؤون العمل … وبهذا اليوم وكان مساء ليلة العرس … واستعدت فرحة مع شقيقها الذي تحمس نظرا لوجود فادي الذي اصبحا أصدقاء …
وعندما ارتدى حلّته البنية الجديدة نقر على غرفة شقيقته التي فتحت قبل أن ترتدي حجابها …. فصفر حسام باعجاب شديد وقال :
_ ايه القمر ده ؟!
التفتت فرحة له بابتسامة وهي تبحث عن شيء وقالت بثقة:
_ طول عمري قمر …. بس ايه رأيك في الفستان ؟
نظر حسام للرداء الطويل الفضفاض باعجاب وأعجبه لونه الوردي كثيرًا، ورغم حشمته ولكنه اظهرها بمظهر الأميرات الحسناوات…. فقال بمرح :
_ تحفة وشيك ومحترم جدًا، بس ايه رأيك في بدلتي ؟
تطلعت به فرحة بمحبة ثم ضمته بحنان قائلة:
_ أنت عارف رأيي ، أنت اللي قمر واحلى من القمر كمان ومش بشوفك غير أبني الصغنون ..
ربت حسام على ذراع شقيقته وقال بابتسامة:
_ عقبال فرحك يا حبيبتي …. نفسي من زمان أحضر فرح، احنا مالناش حد ومحدش بيعزمنا على اي مناسبة…!
قالت فرحة بغمزة لشقيقها:
_ يوم فرحك بقا هعزملك الدنيا بحالها …
ضحك حسام وقال:
_ أنا لسه صغير على الجواز !! … لسه فاضلي كتير يا فرحة …
شاكسته فرحة بابتسامة واسعة وقالت بمرح:
_ الصغير بكرة يكبر ويبقى اد الدنيا … هتبقى عريس قمر ياض.
اتمتت فرحة ربط حاجبها الذي غطى كتفيها تمامًا وابتسمت لنفسها ولوجهها المتورد ببهجة، ثم استند على يدها شقيقها وخرجا من المنزل ….
كان فادي ينتظر خارج السيارة ومعه زايد الذي تعمد أن يظهر اليوم بأناقة لم ترها بها من قبل … فأرتدى حلّة سوداء كليًا …وظهر بمظهر ساحر خطف نظرات الفتيات من مارة الطريق …. بينما كان يريد أن يلفت نظرها خطفت هي لبه عندما طلت أخيرًا …. وشرد بها بابتسامة عاشقة …. فهمس له فادي بضحكة:
_ مش أوي كده ؟! …. خليك تقــــــيل!! ….
تمالك نفسه وظهر ثابتا … بينما قلبه لم يكن كذلك … كانت بكل خطوة قرب تقتحم قلبه أكثر … حتى أنه بات لا يرى الأنوثة إلا بها .. وبكلتها التي على رغم من حشمتها ولكنها تبدو خلابة … مليئة بالدفء والبراءة … ودفء الأنوثة التي لا تنكشف سوى لرجلًا واحد …. رجل سيكون هو بطل قصتها … رجل لن يأخذ قلبها ويأخذها كليًا سوى بالحلال …

يتبع…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *