روايات

رواية يناديها عائش الفصل الثاني عشر 12 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل الثاني عشر 12 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت الثاني عشر

رواية يناديها عائش الجزء الثاني عشر

يناديها عائش

رواية يناديها عائش  الحلقة الثانية عشر

لم نُخلق للبقاء فأصنع لنفسك اثراً طيباً ليبقى.
…..

انتفض بدر بفزع على أخيه،حين سمع الضابط كريم يصدر أمر بزجه في السجن،خاف بدر كثيرًا،رغم لسان سيف السليط وسبّه بإستمرار لمن رباه وضحى بمستقبله لأجله،إلا أن رابطة الدم التي تجمع بينهم،هي أقوى من أن تُمزق بسهوله،لذا لن يدع بدر شقيقه يتأذى بأي شكل،وسيفعل المستحيل كي لايتم حبس سيف،حتى ولو كلفه الأمر بأن يتلقى الحُكم بدلًا منه.

قال بدر بتوسل للضابط كريم

— اعمل معروف ياكريم،كله إلا سيف،بص انسب أي تهمه متوجهاله ليا،بس بلاش يحصله أي حاجه بالله عليك
تعجب كريم كثيرًا من إذلال بدر نفسه من أجل أخيه المتمرد الذي لايكِنُ له أي إحترام،أي حُب هذا يجعل المرء يضحي بنفسه؟
لقد تلقى الكثير من الإهانات من شقيقه ومع ذلك يخشى عليه حتى من أصغر الأشياء.
راودت تلك الأسئله في نفس كريم،بينما سيف تلون وجهه بالحُمره من تطاوله على شقيقه وإحراجه أمام الواقفون ومع ذلك لم يتخلى عنه بل وفوق كل هذا،يطالب بأن تُنسب له التُهم بدلا منه!
لقد وعد بدر والده أن يحافظ على أشقائه حتى ولو على حساب نفسه،ولكن هذا الأبله سيف لايراعي شعور أخيه الذي أرهقته مشاق الحياه وتلاعبت به الصعوبات من أجل أن يوفر حياه طيبه لأسرته الصغيره.
وفوق كل ذلك ينعته بـ”الميكانيكي”
ليس ذلك اللقب الذي يُحزن بدر،بل يفتخر كثيًرا به،كونه يعمل عمل شريف يرضي الله،بل مايحزنه هو أن أخيه يظن بأن عمله هذا يُجلب الخزي والعار للعائله.
نعم،بعض السُذَّج في زمننا هذا يفتخرون بالأعمال التي تجلب الكثير من المال ولو كانت مشبوهَ أو غير شرعيه،أما العمل ذو العائد المادي الضعيف أو بعض الأعمال الحرفيه المتنوعه، لاتُقدر بأي ثمن على الرغم من أنها أعمال شريفه ترضي الله ويد العامل بها يُحبها الله ورسوله.

أردف كريم قائلًا بتعجب

— أنت بتدافع عنه بعد ماأهانك قدامنا كُلنا؟

تنهّد بدر بحزن ثم قال وهو يتطلع بنصف ابتسامه لوجه سيف المرتبك مما فعله
— أي واحد مننا لو حاجه وجعته في جسمه،الجسم كله بيتأثر بالوجع ده،أخواتي حته مني لو حاجه لقدر الله حصلتلهم ،أنا مش عارف وقتها هبقى عامل ازاي

رمق الضابط سيف بغضب ثم قال

— لولا أخوك ده وغلاوته عندي والله كنت بيتك في الحجز،مع ان مفيش تهم عليك بس لسانك الطويل ده وعدم احترام لأخوك اللي طلع عينه عشان يكبرك ويعلمك..أقدر أخليه يرفع ضدك قضية سب وقصف..
طأطأ سيف رأسه خجلًا،بينما استطرد الضابط حديثه وهو ينظر له بتهكم

–احمد ربنا إن عندك أخ بيحبك ومستعد يضحى بنفسه عشانك،إحنا في زمن دلوقت الأخوات بتاكل في بعضها…لعلمك أخوك اللي انت مستعرّ منه ده،كان من أشطر وأذكى الطلبه في مدرستنا وكان بإيده يكمل دراسته ويحقق حلمه زي أي شاب بيجتهد عشان يوصل للحاجه اللي بيحبها،لكن بدر فضلكم على نفسه…أنا لو منك أفتخر إن عندي أخ زيه.

أدمعت عين بدر وهو يتطلع لأخيه بوجه حزين،ثم حول بصره لهذين الشابين اللذان تملك منهم الثمل، واتضحت على معالمهم الشاحبه آثار الخمر، مازال عقله لايستوعب قطّ، أن سيف شقيقه الذي رباه على تعاليم الإسلام وعلمه كيف يسير على نهجه الصحيح، يقوم بتلك الأفعال الدنيئه المنافيه للأخلاق!
بل ولا يُصاحب سوى المنحلين أخلاقيًا.

خيّم الصمت على الغرفه لبضع دقائق،كان بدر مشتت العقل وشارد الذهن في الإجراء الذي سيتخذه مع سيف كي يرشده للطريق الصواب ثانيةً،بينما سيف شحب وجهه خيفةً مما سيتلقاه على يد بدر حينما سيسمح لهم الضابط بالمغادره،أما الضابط كريم كان ينفث دخان سيجارته حتى عبقت الرائحه الغرفه،مما لفتت الرائحه حواس بدر،فوضع يده على أنفه يتحاشى تلك الرائحه الغير محببه في نفسه،أطفئ كريم السيجارة سريعًا وهو يقول معتذرًا

–أنا آسف يابدر..نسيت إنك مبتحبش ريحتها

أجابه بدر مازحًا

— سبحان الله،السيجاره هي الشيء الوحيد اللي الإنسان عارفه إنها عدو ليه ومع ذلك مبيقدرش يستغنى عنها.

ضحك كريم قائلاً

— كذا مره أقول هبطلها وأرجعلها أكتر من الأول،ياأخي تحس إنها الأذيه الوحيده المحببه للناس
ابتسم بدر بقلة حيله،متذكرًا تلك السنون التي مضت سريعًا حين كان الإثنين يدرسون بالمدرسه الثانويه بنفس الصف وفي صباح يوم ما،وجد بدر صديقه كريم يتوارى خلف جدران المدرسه وينفث السيجاره بشراهه،مما غضب بدر منه كثيرًا،وعزم على إخبار والد كريم،ولكن لعلمه أن والده كان يعامله بكل قسوه فتراجع عن إخباره بعد عدة توسلات من كريم بأنه سيقلع عن التدخين نهائيًا مقابل ألا يُخبر والديه،وبالفعل لم يضع كريم سيجاره في فمه منذ ذلك اليوم، وذلك بمساعدة بدر وزياد له حتى تخرجَ ثلاثتهم من الثانوية،وسلك كل منهم طريقًا مختلفًا عن الآخر.

تنهّد بدر ثم قال
— ايه اللي خلاك ترجعلها تاني ياكريم؟
انت عارف إن السيجارة الواحدة بتحتوي على 4000 مادة سامة ومسرطنه، والتبغ اللي فيها بيقتل 560 شخص في العالم كل ساعة، وبيقتل 14000 شخص في العالم كل 24 ساعة!

رمقه كريم بإنبهار من معرفة بدر لكم المعلومات عن الأشياء التي لايحبها ولاتعني له شيئًا من الأساس، ومن المعلوم لدينا أننا نتجنب الحديث أو البحث عن الأشياء التي لاتهمنا، ولكن بدر كان شغوفًا بالبحث عن أصغر الأشياء ومعرفة سلبياتها وإيجابيتها، منذ أن كان في الإبتدائيه،وهذا ماجعل كريم ينظر له بتعجب من ذاكرته القويه التي ورغم تركه للتعليم من أكثر من عشرُ سنوات،إلا وأنه مازال يذكر كل ماكان يتعلمه ويبحث عن خفاياه كأنه وليد أمس.

هتف كريم متعجبًا
— ياااه يابدر،انت لسه فاكر المعلومات دي!
فكرتني بالذي مضى،كنت كل إما أجيلك عشان نروح نلعب كوره أنا وانت وزياد،كنت تقولنا روحوا انتوا أنا استعرت كتاب من مكتبة المدرسه وهخلصه إنهارده.

ضحك بدر وشاركه كريم الضحك متناسيين أنهم بقسم الشُرطه،شتت انتباههم صوت أحد أصدقاء سيف يقول بثماله

— مالها السيجاره،زعلتكم في حاجه! ده حتى النفس منها بيكيف وبيعمل أجدعها دماغ،حتى إسألوا الدكتور سيف
جز كريم على أسنانه بغيظ ثم كور قبضة يده ليسدد لكمة قويه في جبهة المدعو “عصام” لإثارته غضب بدر مِن تحدثه هكذا عن شقيقه الذي حسبه مثالًا للشاب الخلوق؛رمق بدر سيف بغضب يشوبه الحزن،فكانت نظراته مترجمه لعبارات اللوم والعتاب على مااقترفه من أخطاء لم يكن يُصدق أن تصدر عنه،متسائلًا في نفسه بأسى،مالذي دهاه أن يفعل ذلك.

أما سيف لم يستطيع الفرار من نظرات بدر التي تخترق حواسه كالسهام؛فااندفع نحوه ليدافع عن نفسه محتجًا
— والله ماشربت سجاير خالص،ده حشيش بس
قال سيف جملته الأخيره بتلقائيه شديده،وكأن الأحرف سبقته للبوح بما يخفيه،فصمت بدهشه من نفسه بعد أن استوعب ماقاله،بينما نظر كلًا من كريم وبدر لبعضهما في دهشه وصمت
أراد سيف أن يصحح ماتفوه به،فقال مدعيًا أن ماقاله كان مجرد هراء كي يخف حدة الموقف بينه وبين بدر شقيقه،أو كأنه يريد خلق روح الدعابه كي ينول مسامحة أخيه له؛ولكن بدر والضابط كريم أدركَ في الحال أن سيف بالفعل يتعاطى المخدرات ولم تكن هذه مزحه،قرر كريم في نفسه بأن يلقى القبض على سيف وزجه بالسجن بعد أن يأخذ منه عينة دم ليقوم بالتحليل له ومعرفة إذا كان يتعاطى بالفعل أما لا،ولكنه تراجع عن ذلك فور أن لاحظ وجه بدر الحزين وشعوره بتأنيب الضمير في أنه السبب فيما وصل له سيف،لم يُرد كريم أن يضع صديقه في موقف حرج وتحميله أعباء طيش أخيه،فتملكت العاطفه من الضابط كريم على صوت الضمير وسمح لهم بمغادرة القسم بعد أن أكد لبدر بأن سيف لم يكن في تلك الشقه مع هؤلاء الثماله وأنه تم القبض عليه عن طريق الخطأ.

وبالفعل غادر سيف وبدر قسم الشُرطه،بعد أن قام بدر بتوديع كريم،شاكرًا الله في نفسه على وقوفه بجانبه.

ولكن لنكن متفقين عزيزي القارئ،أن مافعله الضابط كريم متنافيًا لمهنته،فكان يتحتم عليه ألا يجعل عاطفته تغلب ضميره،لأنه حتمًا سيزيد تراكم أخطاء الشخص فيما بعد.


اقترب من الله تقترب السعاده منك.
……………

جلست روان تبكي في صمت،على الأريكه الموضوعه بغرفة روميساء،بعد أن هاتفت والدة روميساء زوجة والد روان وأخبرتها بأن تستأذن زوجها ليدع روان تبيت عندهم،ظنت روان أن والدها سيعارض بياتها خارج المنزل؛ولكن فوجئت به يوافق بكل بساطه،دون حتى أن يعبئ لها،هل هي على مايرام أما هناك شيئًا ما يستدعيها للمبيت عند صديقتها.

أرادت روان فقط أن يعترض والدها في بادئ الأمر كنوع من القلق والخوف عليها،ولكنه مع الأسف الشديد لم يعيرها أي اهتمام،وهذا ماجعلها تشعر أن وجودها لايشكل فارقًا مع أحد بالأخص والديها،فكل منهم منشغل بأمور حياته الخاصه،متناسيين تمامًا أن لديهم ابنه في حاجه لأن تشعر بالقليل من مشاعر الحب والعطف والحنان،تلك المشاعر الرائعه التي يجب أن يستحقها جميع الأبناء من والديهم.

تنهّدت بحزن ثم مسحت دموعهها بضعف حين سمعت صوت خطوات قادمه نحوها،كانت تلك الخطوات تعود لروميساء التي جلست بجانب روان تنظر لها بحزن على حالتها،ثم عانقتها بمواساه قائله

— انتِ بتعيطي ليه دلوقت؟ مش المفروض تبقي فرحانه إن باباكِ سمحلك تقضي اليوم كله معايا!

رمقتها روان بعينان حمراوتين من كثرة البكاء ثم همست
— انتِ حاسه بيا ياروميساء وعارفه كويس إيه السبب اللي مخليني أعيط..روميساء أنا..أنا محدش بيحبني..مفيش حد عاوزني..أنا عاوزه أموت..حياتي مش فارقه لحد.

تلألأت عين روميساء بالدموع رغمًا عنها،ثم عاودت معانقة روان قائله
–متقوليش كده تاني..لو الدنيا كلها اتخلت عنك،عندك اللي أحسن من أي حد..ربنا ياروان… ربنا لما بيحب حد بيبتليه.. ربنا بيحبك ياروان.
غمغمت روان باابتسامه زائفه

— مش باين ياروميساء.. ربنا لو بيحبني كان خلى أبويا وأمي يحبوني ويهتموا بيا.
ضحكت روميساء بدورها ثم قالت

— ربنا عاوز يعرفك إن لو الدنيا كلها اتخلت عنك فهو جنبك، الله حسبنا وكفى ياروان، ملناش غيره… حُب ربنا أهم من حب أي حد لنا، لازم نسعى ونجاهد عشان ننول الحُب ده.
مسحت روان قطرات الدمع المتعلقه بأهدابها لتقول باابتسامة أمل

— كان نفسي يبقى ليا أب وأم يعرفوني الصح من الغلط ويعرفوني كل حاجه في دينا، بس الحمدلله إن صاحبتك قبل مايفوت الأوان وأندم.
ابتسمت روميساء برّضا قائله

–الأهم من إنك تعرفي دينك، إنك تعرفي مَن هو الله

أجابت روان بإستخاف

— هي دي محتاجه تفكير، حد ميعرفش ربنا!
أومأت روميساء قائله

— الحقيقه ياروان إن كتير اووي عايشين على أرض الله ومش عارفينه، وللأسف في منهم مسلمين كمان
تأملتها روان في دهشه للحظات، بينما روميساء استطرد حديثها باسمه

— تفتكري ليه الناس بتعمل ذنوب ومبتعملش حساب لربنا ولا للآخره رغم إنهم عارفين الغلط من الصح؟
صمتت روان لبرهه تُفكر في إجابه عن سؤال روميساء، فهتفت سريعًا

–عشان مش قريبين من ربنا
ابتسمت روميساء بإيماءة رأس وأثنت على روان إجابتها على الرغم أنها لم تكن في محلها الصحيح، ولكن روميساء أرادت أن تجعلها تظهر بصوره جيده أمام نفسها حتى تحبب إليها التقرب من الله بطريقه سلسله ويسيره.
بدأت روميساء بالحديث عن أنواع العلاقه بين العبد وربه، ووضحت لها أن معظم الناس يصومون ويصلون ويزكون، لكن يجهلوا معرفة الله شخصيًا، أوضحت لها أن سبب إسراف البعض في الذنوب أن صلاتهم التي يصلونها لاتأمرهم بالمعروف ولاتنهيهم عن المنكر، والسبب أنهم يجهلون من هو الله، فقط كل مايعرفونه اسم الله، الكلمه “ألف لام لام هاء”
لو كانوا يعرفون الله شخصيًا، لكانوا عبدوه حق عباده.
ومن المؤسف أننا نشأنا في مجتمع يصلون فنصلي مثلهم، يزكون فنزكي مثلهم، نشأنا في مجتمع جعلوا طاعة الله عاده وليس عباده.

أي أننا نصلي كي لاندخل النار، أو نصلي كي لانغضب الله؛ ولكن القليل منا يعبدونه عبادة الأحرار وهم الذين يعبدون الله لأنّه أهل للعبادة لا طمعا في جنّته ولا خوفا من ناره.
تفتح ذهن روان وظلت تنصت بإهتمام لحين انتهت روميساء، ثم لمعت عيناها بومضات بهيجة من الأمل وأردفت قائله بإصرار

— أنا جاهزه للتحدي ياروميساء.. انتِ قولتيلي أبدل سماع الأغاني بالقرآن لمدة اسبوع وبعد الأسبوع ماينتهي أقولك النتيجه، بس أنا من دلوقتِ أهه متأكده إن قد التحدي ده وهبطل أغاني وفي خلال سنه هكون خاتمه القرآن حفظ ومش هسيبي ولا فرض أبدًا.
ارتسمت علامات الفرح على وجه روميساء،ثم
أسرعت إليها و ضمّتها إلى صدرها و قد اغرورقت عيناها بدموع الفرح هاتفه

— ربنا يثبتك يارب ياروان وأنا مش هسيبك أبدًا وهنفضل مع بعض لأخر يوم من عمرنا وإن شاء الله نتقابل في الجنه ونشرب من إيد حبيبنا النبي
عانقتها روان هي الآخرى بسعاده لم تشعر بها من قبل لتقول

–عليه أفضل الصلاة والسلام
ثم سرعان ماتلاشت تلك الإبتسامه لتحل محلها نظره حزينه يشوبها الإرتباك، لاحظتها روميساء فأسرعت بسؤالها عن سبب توترها.

أجابت روان بهمس

— هو الصراحه ياروميساء..أنا..أنا اللي مخليني أقطع الصلاه إن بحس صلاتي مش نافعه..يعني مثلاً بفكر في حجات كتير وأنا بصلي..مبصليش بخشوع وبتلغبط كتير
ربتت روميساء على يدها لتردف بخفه

— يبقا درس إنهارده عن كيفية الخشوع في الصلاه.


رفقاً بنواياكم فـسوء الظن خصلة سيئه
………

ترقبت هاجر خطوات زياد حتى دلف لبيت عائشه،حينئذ رجحت ظنونها وجاءت في محلها،بأنه ربما يكون على علاقه بها وقد تركها لأن عائشه ابنة عمهم أكثر منها جمالًا ودلالًا.

تذكرت هاجر حديث زياد مع عائشه حين أخبرته بأنه ترك هاجر لمرضها فكان الجواب بـ نعم،هذا ماسمعته هاجر فقط وصور لها عقلها الكثير من الأشياء السيئه.

لم يكن ألم هاجر تلك المره ألم جسديًا، بل تألمت من الدّاخل وأدمعت من صميم قلبها؛ فصار يؤلمها الحزن كسهمٍ يقطّع أحشاءها، وتعجز الكلمات عن وصفه لكنّ دموعه تكشفه.

لاحظت والدتها سبب حزنها وتغير ملامحهها
للتَرَح والتَعَاسَة فبادرتها بالتساءل

— في إيه ياهاجر..من ساعة ماشوفتي زياد رايح عند عمك محمود وانتِ وشك اتقلب
هزّت هاجر رأسها بتعاسه قائله

— لا ياماما مفيش حاجه…توك توك فاضي أهه يلا نركب عشان نلحق الدكتوره قبل ماتقفل
لم تماطل والدتها معها كثيرًا،وفضلت الصمت لحين العوده من عند الطبيب.

وصلت هاجر ووالدتها بعد عشرُ دقائق لعيادة الطبيبه المختصه بحالة هاجر،فاليوم من المفترض أن تخبرهم الطبيبه “زهره عواد” بنتائج الادويه وهل هناك تحسن أم لا.

انتظر اثنتيهم على المقاعد بالخارج لخمسة عشر دقيقه حتى دلفَ لغرفة الطبيبه،قابلتهم باابتسامه مشرقه ثم بدأت بالفحوصات لهاجر التي خفق قلبها بشده،غير مستعده بعد لمعرفة النتيجه، ظلت تدعو الله سرًا أن يكون بجانبها،بينما والدتها كانت تتمتم ببعض الأدعيه،التي تترجى بها الله كي يشفي لها ابنتها.

وبعد دقائق من الفحوصات،دونت الطبيبه بعض الملاحظات عن الحاله ثم وضعت القلم من يدها لتصوب بصرها تجاه هاجر تتأملها قليلاً بحزن قبل أن تخبرها بالنتيجه.

………………….

رنّ زياد جرس باب بيت عمه محمود مرتين،فلم يجد رد،طرق على الباب عدة طرقات بسيطه ليهتف بصوت جهوري

— عم محمود!

خرجت له عائشه في غضون لحظات وهي مازالت ترتدي تلك العباءه المخصصه للرقص ومازال ذلك الوشاح الذي لايتوقف عن الجلجله والخشخشه ملتف حول خصرها،ولكن تلك المره ملامح وجهها الفاتن يبدو عليه الحزن والبكاء،وكأنها خرجت دون اهتمام لما ترتديه.

ماإن رأت زياد حتى تبدلت ملامحهها للإمتعاض،وتأففت بضجر قائله

— عاوز ايه؟

رمقها زياد بوجوم، مستنكرًا مما ترتديه،ظل يتفحصها بتقزز دون خجل،فهو غير ملتزم كثيرًا بغض النظر مثلما يفعل بدر حبًا وطاعة لله
قال زياد بتهكم
— ايه..هتكملي مسيرة المرحومه ولاإيه؟

قطبت عائشه حاجبيها بتعجبه مستفهمه عن قوله،فلم تفهم مايعنيه.
أما زياد ظل يتفحصها بسخريه متزكرًا أنها لاتعلم أي شيء عن ماضي والديها.

دلف زياد للداخل بعد أن دفعها بعيدًا عنه دون اهتمام لها ثم ولج لغرفة عمه وصافحه قائلاً

— أبويا بيقولك أرض الكباريه جه ليها مشتري،هتبيعها؟

قاطعت عائشه حديثهم متسائله بتعجب

— كباريه إيه؟!

نظر زياد لعمه بفتور،فرمقه بتحذير ألا يخبر عائشه أي شيء،ولكن زياد تركهم وخرج وأثناء مروره من جانب عائشه،مال عليها ليهمس جانب أذنيها بإستحقار

— أنا من رأي متخليش أبوكِ يبيعه عشان تهزي فيه كويس

دفعته عائشه في صدره بقوه لتهتف بغضب

— هو إييه ده! إنت مجنون!
من يوم ماسبتوا بعض انت وهاجر وانتوا عقلكم خف
احتقن وجه زياد بغضب وكاد أن يصفعها،لولا أنه تمالك نفسه في أخر لحظه،ليقوم بجذبها من شعرها بقوه،فتأوهت بتألم،هتف زياد بسُخْط

— انتِ متستاهليش حُب بدر ليكِ،انتِ واحده أخرك تشتغلي في *** ولا بلاش الواحد مش ناقص ذنوب
ترك شعرها ليرمقها شزرًا قبل أن يخرج ويغلق الباب ورائه بقوه.

ركضت عائشه لداخل غرفتها ثم ارتمت على فراشها تبكي بمراره

يتبع …

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة جميع فصول الرواية اضغط على ( رواية يناديها عائش )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *