روايات

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم أمل نصر

رواية عينيكي وطني وعنواني البارت الثامن والعشرون

رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء الثامن والعشرون

رواية عينيكي وطني وعنواني
رواية عينيكي وطني وعنواني

رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة الثامنة والعشرون

الإنتظار وما أمرها من كلمة.. حينما يتعلق الأمر بأعز أحبابك.. وانت مسلوب الإرادة.. قليل الحيلة نحو ما تتمناه وترجوه من الله في هذه الأوقات العسيرة.. هي مجرد لحظات او اوقات تفصلك عن المعرفة.. ولكن مع شدتها ومرارتها تمُر عليك وكأنها دهرًا كاملًا من العمر.
جالسًا محله على إحدى المقاعد المخصصة للزوار في المشفى.. من وقت أن سمع الخبر وأتى الى هنا بخطواتٍ مسرعة بجوار غرفة العمليات منتظرًا.. وهو على وضعه هذا.. منكمش على نفسه بالمقعد الذي يبدوا وكأنه التصق به.. فلم تقوى اقدامه على حمل جسده.. يبتلع في ريقه الذي جف من الخوف وهو يردد بلسانه الأيات والأدعية.. علّها تساعده على الثبات وفك الكرب.. شعر بكف العم شاكر وهي تطبق على كتفهِ بمؤازرة .. فالقى نحوه نظرة خاوية قبل ان ينقلها سريعًا نحو محبوبته الجالسة أمامه بصف اَخر للمقاعد بقلبٍ ملتاع وحزين تؤازر هي الأخرى شقيقتها التي لم تجف دماعاتها بعد من وقت ان استفاقت من غشيتها وتحاملت على نفسها كي تأتي معهم إلى هنا.. نقلت فجر انظارها نحوه والتقت عيناها بعينيه.. فاَلمتها هذه النظرة الضائعة منه لها ودت من قلبها لو استطاعت معانقته للتخفيف عنه في هذا الحدث الجلل وطمأنته أن كل هذا سيمُر وسيصبح كل شئٍ بخير..
– علاء يابني اخوك ماله؟

 

 

صدحت بصوتٍ عالي بعض الشئ و مرتعش رغم خشونته من قلب للممر .. انتقلت نظرات الجمبع على صاحب الصوت والذي كان أدهم المصري.. يتقدم نحوهم بخطواتٍ مثقلة و بملامح جزعة وكأنه ازداد في العمر سنواتٍ أخرى.. يسير بجواره سعد! وهو يدعي مراعاة الرجل من السقوط !
نهض شاكر عن مقعده يتلقف صهره من يده ليجلسه ويطمأنه:
– إطمن ياحج أدهم ان شاء الله خير
رد أدهم برجاء وهو يستسلم لسحب شاكر نحو الجلوس على اقرب المقاعد امامه:
– ابني ماله ياشاكر.. ابوس إيدك تقولي الحقيقة .
شدد شاكر على ذراعه وهو يجلسه :
– ياسيدي طمن قلبك هو بس دلوقتي في اؤضة العمليات والدكاترة ان شاء الله يلحقوه .
نظر اليه أدهم بأعين ملتمعة وكأنه يلتمس منه الصدق قبل ان يتجه نحو ابنه الجالس بالقرب منه يخاطبه بتوسل:
– أخوك هايبقى كويس ياعلاء صح.. حسين جدع ومش هايرضى انه يزعلني ولا يتعب قلبي بالقلق عليه .
اومأ له علاء برأسه صامتًا لايقدر على النطق ولو بكلمة قبل ان يرفع عيناه نحو سعد الذي ربت بكفه على كتفهِ بمؤازرة .. أومأ له برأسه وعاد ليطرق برأسه للأسفل وعاد لانكماشه.. تنهد سعد بصوتٍ عالي يدعي الأسى وهو يجلس بجواره هو الاَخر صامتًا يواكب الحدث.. وجدها أمامه جالسة بجوار شقيقتها.. تبكي بحرقة وجهها الجميل البيضاوي مرقط بالإحمرار من أثر البكاء.. تنهد بداخله وهو يتسأئل عن فرصته معها الاَن وقد أوشك غريمه على الإنتهاء.. لقد رأى بنفسه حطام السيارة التي دهسها بالسيارة ذات الحمولة الثقيلة.. مشهدها ينبئ باستحالة نجاة من بداخلها .. إنه حتى لا يدري كيف تمكن من التصرف بهذه السرعة.. انه لم يوقفهم وحسب.. لقد قضى عليهم جميعًا وضرب ٣ عصافير بحجر واحد..
ولكن مهلًا.. لماذا يشعر ان هناك شئ غير مظبوط!
استفاق من نشوته وهو يتذكر كلمات علاء الذي هاتفه باستغاذة لكي يخبر والده بخبر حادث شقيقه مع الملعون حودة.. لعدم قدرته هو على الكلام ومواجهة صدمة أبيه .. ولكنه لم يذكرها! هل خجل ام تناسى ذكرها أمامه .. ابتلع ريقه بتوتر وقد اكتنفه شعور بعدم الراحة.. نهض فجأة معتذرًا من جوارهم .. وذهب فورًا نحو استعلامات المشفى .. وقف امام الفتاة المنشغلة بالرد في الهاتف.. يطرق بقبضته على الخشب المثقول لتبيهها:
– لو سمحتي ياأنسة .
أشارت له بيدها لينتظر ولكنه ازداد طرقه بعصبية:
– لو سمحتي بقى أفضيلي .
حدقت اليه الفتاة بحدة وهي تزيح على الهاتف عن إذنها:
– نعم ياحضرت عايز إيه ؟
– عايز اعرف عدد المصابين في حادثة حسين أدهم المصري؟
نفخت الفتاة بنزق وهي تتناول الدفتر أمامها تبحث.. ثم مالبثت ان ترفع رأسها قائلة :
– هما اتنين بس اللي دخلوا المستشفى من الحادثة دي ..واحد متوفي والتاني دخل العمليات فورًا بأمر الدكتور عصام اللي شافه اول واحد
ردد بدهشة :
– الدكتور عصام!! طب والبت ؟
سألته بحدة :
– بت مين؟
قال وهو يشدد على أحرف كلماته:
– انتي متأكدة من كلامك ده؟
زفرت حانقة:
– حضرتك دا اللي مقيد عندي في الدفتر.. وانا ماعنديش رد تاني..

 

 

قالتها واستدارت برأسها تنهي الجدال معه و تكمل مكالمتها في الهاتف ..شتم بداخله صلف الفتاة معه وتجاهلها له.. قبل أن يتحرك مبتعدًا وعقله يكاد ان ينفجر من التفكير متسائلًا :
– يعني هاتكون غارت فين بس بت ال…… دي .. اتخطفت يعني ولا داستها عربية تانية غيرها؟
زفر حانقًا وهو يتحرك ذاهبًا للإنتظار معهم خارج غرفة العمليات ونية العزم بداخله في ازدياد… لقد سار في طريقه ومهما كانت العوقب والصعوبات سيتخطاها كما.. وسيصل الى وجهته مهما كانت النتائج
………………………….
وبعد ساعات طويلة خارج غرفة العمليات.. حينما خرج اليهم عصام ومعه بعض الأطباء.. تسارعت نحوهم الخطوات حتى علاء انتفض اَخيرًا من جلسته يسأل بلهفة :
– إيه الأخبار ياعصام طمني؟
ربت عصام على ذراعهِ يتكلم بإرهاق :
– خير ياعلاء ان شاء الله.. خير .
– يعني حسين حالته إيه دلوقت؟
خرجت من عدة افواه بأصواتٍ متعصبة وقلقة.
تنهد يشير اليهم بكفيه ألاثنتان :
– ياجماعة اهدوا كدة وافهموني ابوس إيديكم.. عملية حسين كانت خطيرة.. وانا مقدرش افتي ولا اتكلم دلوقتي بحاجة غير بعد ما نطمن عليه بعد ٢٤ ساعة.. يعني دلوقتي ارجوكم بس تكثفوا الدعاء الفترة دي عشان بس ماتحصلش تطوارت تعقد الموضوع معانا.
قال الاَخيرة بصوت خفيض ومتوتر.. زادت من جزع الجميع ..وتابع هو:
– هما دلوقتي هايخرجوه على غرفة العناية
صدرت اصوات شقات عالية .. فاردف هو بعجالة
– ياجماعة ارجوكوا منكم ان تمسكوا نفسكم شوية وتحافظوا على ثباتكم عشان المرحلة دي حرجة وهاتبقى صعبة الجميع معلش يعني.. عن اذنكم .
قالها وتحرك على الفور متهربًا من صعوبة الموقف .
سعد والذي كان شديد التركيز مع كل كلمة قالها عصام.. تكلم بخبث ليلهي عقله قليلًا :
– ودا ماله ده مش طايق يرد على حد فينا.. هو ماعندوش دم البعيد عشان يحس بحرقة قلبنا على حسين .
خرج الرد من خلفه بحمائية من طبيب شاب :
– مين حضرتك اللي معندوش دم؟ دا لولا الدكتور عصام ما لحق الحالة بسرعة.. لكان الله اعلم هايحصل ايه معاه.. ما انت لو شوفت الدكتور جوا في اؤضة العمليات وشوفت المجهود الجبار اللي عمله مكنتش اتكلمت من الأساس.
جز على فكه بغيظ وهو يرى رد فعل الجميع وهما يتأسفون للطبيب الشاب المدافع بتعصب عن رئيسه
……………………………
بعد قليل
وقف أربعتهم خلف الزجاج العازل لغرفة العناية المشددة.. بعد انسحاب أدهم المصري الذي لم يتحمل رؤية ابنه على هذه الحالة وتبعه شاكر القلق على صحة الرجل الكبير.. علاء و الذي طار ثباته في الهواء وتساقطت دماعته على رؤية شقيقه الغائب عن الوعي .. رأسه ملفوفة بالأربطة الطبية والتي احاطت العديد صدره و بعض اعضاء جسده الأخرى.. معلق بيده الانانبيب الطبية والموصلة بالأجهزة الحيوية .. كانت فجر تربت على ذراعه كي تدعمه بوجه مغرق بالدموع وبنفس الوقت محتضنة شقيقتها التي على نشيج بكائها الحارق ..تكلم سعد وهو ينظر بطرف عينه نحوها:
– مش كدة ياجماعة.. احنا لازم نمسك نفسنا شوية.. البكا مافيش منه فايدة.. كلنا قلوبنا محروقة بس لازم نتماسك.. هدي اختك ياابلة فجر .. لا تجرالها حاجة.. دي لساها صغيرة على وجع القلب.. ولا إيه ياعلاء .

 

 

مسح بكفه على جميع وجهه.. يجفف دماعته وينشد القوة وهو يرد :
– عندك حق ياسعد احنا فعلًا لازم نتماسك.. عشان انا عارف اخويا قوي وعنيد.. وان شاء الله مش هايخذلني ولا يخذل حبيبته.
عض بداخل فمه على باطن وجنته من كلمات علاء المستفزة ولكنه مضطر التصنع :
– طبعًا ياحبيبي امال ايه؟ ربنا يطمنكم عليه..
– مين فيكم اللي يخص المريض؟
التفتت الرؤس نحو الرجل الذي تقدم اليهم بالحلة الرسمية يكررها:
– مين فيكم ياخوانا قريب المريض؟
تقدم نحوه علاء يرافقه سعد الذي يريد الإطلاع على كل شئ !
– انا حضرتك علاء المصري اخو المريض حسين المصري.
رد رجل الأمن بعملية
– طيب احنا كنا عايزين نسالك شوية أسئلة…
قاطعه بلهفة:
– قبل اي سؤال ياسعادة الباشا.. انا عايز اعرف منكم قدرتوا تقبضوا على اللي عمل كدة ولا لأ.
رد الرجل وهو يمط شفتيه ويهز رأسه بالنفي:
– للأسف احنا عرفنا من اقوال الشهود ان اللي قام بالحادثة دي.. كان سايق عربية لنقلة خشب كبيرة.. جري بيها بسرعة.. ومن ارقامها الموصوفة عرفنا ان صاحب العربية بلغ النهاردة بسرقة عربيته .
– يعني اللي عمل كدة كان قاصد اخويا بقى مش موضوع حادثة عادية في الطريق.
خرجت منه هادرة حارقة بأعين جاحظة بصدمة..
– ابن ال…… وديني لادور عليه وما هارحمه.
ازدرد ريقه الذي جف بصعوبة من هيئة علاء الذي توحشت ملامح جهه وهو لم يراعي حتى وجود رجل الأمن امامه.. والذي رد كالعادة بتحذير :
– بلاش كلامك ده يااستاذ علاء لا يعرضك للمسؤلية القانونية.. احنا اكيد هانوصل للفاعل وساعتها بقى القانون هاياخد مجراه.
اومأ علاء برأسه رغم عدم اقتناعه.. اردف رجل الأمن:
– طيب ممكن بقى تيجي معانا عشان نتأكد من صفة الشاب المتوفي في الحادثة .
ود سعد لو يسأله بفمه عن الملعونة أمينة ووجودها في السيارة وقت الحادث ولكنه لم يقدر.. وتابع مسيره مع علاء نحو ثلاجة الموتى
…………………………………..

 

 

خرج من الحجرة الباردة يجر اقدامه للتحرك بصعوبة.. يكاد ان يشعر بذهاب انفاسه عن صدره.. من وقت ان رأى الفتى اليافع جثة هامدة واكد هويته لرجل الأمن.. رأسه تدور في السيناريو الأسوء لو كان شقيقه مكان الفتى.. ما اصعبه من أحساس وأخيه الاَن بين الخالق.. يدعو داخله بتوسل الى الله الا يحدث هذا وينجيه.. دماعته المحتبسة تحرق مقلتيه وهو يدعي الثبات امام البشر المترقبة والمنتشرة في هذا المحيط.
ربت على ظهره سعد للمرة التي لاذكر عددها.. وهو يلقي بكلمات التهوين على اسماعه وهو يومئ له برأسه.. مقدرًا شهامته وعدم تركه ولو لحظة في هذا الوقت العصيب!
أجفل فجأة على رسغ يده وهو يجذب بشدة من فتى صغير لا يتعدى عمره الثامنة عشر يخاطبه بوجهٍ مغرق بالدموع والكلمات خارجة منه بصعوبة ما بين شهقاته:
– وحياة النبي ياعم علاء خليهم يدخلوني عشان اشوف صاحبي.. ماهم دخلوكم انتوا اهو.. هي جات عليا يعني؟.
سأله بعدم استيعاب:
– انت مين يا حبيبي؟ ومين دا اللي عايز تدخلوا؟
– انا مازن ابن سيد صاحب مخبز العيش في الشارع اللي وراكم .. وصاحبي هو حودة.. حودة اللي كان مع عم حسين اخوك في الحادثة.
اومأ برأسه متفهمًا قبل ان يرد على الفتى بإشفاق:
– يابني بس انت صغير اوي وهما مش بيدخوا اي حد وخلاص .
– كلمهم ياعم علاء .. هما اكيد هايسمعوا كلامك .
رد عليه سعد ما بين اسنانه:
– ماقالك ياض انت صغير وهما مش بيدخلوا حد يعني لازم تكون قريبه او يخصك.. هي غلبة وخلاص .
تجاهله مازن عن قصد وهو يتناول كفه يود تقبيلها ولكن علاء رفعها على الفور مما اثار سخط الاخر.. فقال بتوسل :
– وحياة الغالين عندك لا تخليهم يدخلوني.. انا راجل وهاتحمل.. يعني مش هاعملهم مشاكل ولا اجيب عليهم مسؤلية.. ربنا ينجيلك عم حسين يارب.
……….. …………
بعد دقائق وبعد ان تمكن الفتى من اقناع علاء الذي تصرف مع عمال الحجرة اشفاقًا على الفتى وتقديرًا لرجولته رغم صغر سنه ووفاءه النادر لصديقه .. كان واقفًا امام جثة صديقه بشجاعة نادرة ومع ذلك ينوح بصوت عالي وهو يقبل رأسه:
– صاحبي……. يا صاحبي……… هاتوحشني ياحبيبي……….والنعمة ما هنساك وهافضل فاكرك طول حياتي…………
اخذ فترة يشهق بغير توقف .. قبل ان يكمل:
– اطمن ياحبيبي على خواتك البنات ووالدتك…. والنعمة ما هخليهم يحتاحوا لحاجة ورقبتي هاتفضل دايمًا سدادة في أي حاجة يحتاجوها……. وعد عليا ياحبيبي لاكمل اي طريق مشيت فيه لوحدك او مشيتوا انا معاك…… وانت عارف ومتأكد من صدق أي كلمة بتخرج من صاحبك……….صاحبك ياحبيبي .. ياحبيبي ياغالي.
حينما انهى اخيرًا الفتي لقاء صديقه خرج يسير بداخل اروقة المشفى يكفكف دمعاته…وقد افرغ من ضيق صدره شحنة كبيرة ببكاءه …كان قد وصل الى القسم الموجودة بهِ غرفة حسين.. حينما تلقى اتصال والدته:
– الو يامّا …… ربنا يرحمه يارب انا لسه مخرجتش من المستشفى…………يامّا والنبي انا مافيا حيل للكلام دلوقت ……….

 

 

حاضر يامّا مش هاتأخر ……….. لا يامّا انا مضمنش انا هارجع امتى عشان انا دلوقتي عندي شغل……….مافيش حاجة انتهت يامّا بموت حودة… انا لسة شغلي ما وقفش!
قال الاَخيرة وانظاره متجهة بتصميم نحو الجالسين بالردهة الواسعة في المشفى
…………………………..
فتحت اجفانها لتُبصر هذا الضوء الأبيض القوي .. تأن بألم من جميع جسدها .. تتناثر الاصوات كثيرة حولها دون توقف .. حركت رأسها بصعوبة نحو هذا التجمع الكثير لأُناس تغدي وتروح ولا تعلمهم.. توقفت عيناها نحو المرأة الجالسة بالسرير الطبي بجوارها والتي انتبهت عليها هي الأخرى فقالت بحماس:
– ايه ده؟ اخيرًا صحيتي يابنت الناس.. حمد الله على سلامتك يااختي.
رفرفرت برموشها قليلًا تستوعب اين هي.. نزلت انظارها نحو جسدها الممدد على التخت الطبي.. تفاجأت بهذه الأربطة الطبية والملتفة حول ذراعها المستند فوقها .. فقالت بصوت متعب:
– هو انا من امتى هنا؟ وليه حاسة بجسمي كله واجعني؟ هو حصل ايه؟
ردت المراة وهي تقضم قطعة من الفاكهة التي بيدها وهي تتفحصها بتركيز:
– هو انا مش شايفة حاجة تانية متربطة في جسمك غير دراعك.. والباقي بس يدوبك خدوش في وشك وأكيد هايكون في منها كتير في جسمك.. وتلاقي دا اللي تاعبك.. بس انا سمعت من الممرضة ان عملية دراعك كانت صعبة واخدت شرايح ومسامير كتير.. دي العضم كان متفتفت حسب ما سمعت.. هي دي واقعة ولا حادثة؟
اغمضت عيناها وقد اعادت المرأة بكلماتها كل ما كانت قد تناسته في غيببوتها المؤقتة.
وقت الحادث
“” كانت في المقعد الخلفي ترجتف بداخلها من ما سوف يحدث معها على اثر هذه الاعترافات التي اعترفت بها بكل سهولة امام هذان الشخصان والذي علمت ان احدهم يكون شقيق علاء المصري .. تبكي بصمت وهي منتظرة حدوث الأسوء معها.. ورغم تسلميها من داخلها ان هذه هي النتيجة الطبيعية لخطئها.. ولكنها كانت ترتجف من رأسها حق اخمص قدميهًا.. الفتى الشاب يتلاعب في الهاتف مع هذا المدعو حسين:
– دا احنا كدة بالأعترافات دي ياحسين باشا هنوديه في داهية على طول من غير كلام .
رد حسين :
– اهم حاجة عندي دلوقتي ياحودة ان اكشفه قدام والدي وعلاء المغشوش فيه وفاكره صاحبه كمان!
مصمص حودة بشفتيه:
– ونعمة ربنا انا عارفه من الاول وس…… عشان ياما شوفته مع نسوان لامؤاخذة …ويجي قدام الناس يعمل نفسه شريف وابن اصول كمان.. ياخد اوسكار في السفالة وقلة الأصل.
ضحك حودة وضحك معه حسين هو الاَخر.. وكانت الاَخيرة في كل شئ.. فقد وجدت نفسها امينة تنقلب من مكانها مع انقلاب السيارة والذي تكرر لعدة مرات مع صراختها وصراخات الجالسين بالمقاعد الأمامية حتى شعرت بالنهاية.. قبل ان يتوقف انقلاب السيارة اَخيرًا وتشعر امينة بأنها محتجزة في هذه المسافة وعدة الاَم لا تحمل بجسدها وذراعها اسفل جسدها وهي ما عادت تشعر به وكأنه تخدر وقتها ولم تعي مابهِ.. حتى انتبهت على الأصوات الكثيرة لبشر لاتعلمهم .. حتى شعرت بنفسها وهي تجذب بجسدها الهزيل من عدة ايادي .. حتى أخرجوها من السيارة والأصوات تزداد في ترددها بكلمات الأسي على الشابين المغرقين في دمائهم بالجزء الأمامي من السيارة والذي نال النصيب الأكبر من التدمير.. والقليل من يردد بكلمات أخرى على اسماعها بالقرب منها حتى استفاقت لتعي جيدًا وضعها.. فهتف الرجل العجوز ومعه عدة شباب حولها:
– الحمد لله اهي واحدة فاقت .. عقبال الباقي يارب ..

 

 

ترددت كلمات اليأس من الشباب التي تحاول اخراج الشابين مع بعض الأدعية لنجاتهم حتى سمعت بأحدهم وهو يهتف بصوته:
– خلاص ياخوانا الأسعاف قريبة من هنا قربت توصل ومعاها البوليس ان شاء الله عشان يعاين.
بمجرد سماعها اسم الشرطة انتبهت بداخلها غريزة النجاة فقالت بتوسل للرجل العجوز :
– ابوس ايدك ياعم روحني.. لو البوليس وصل انا هاتفضح.
قال شخص بالقرب من الرجل:
– تتفضحي ليه ياست؟ هو انت عاملة غلط ؟ دي حادثة.
بيدها السليمة تمسكت بقماش قميص الرجل العجوز:
– والنبي روحني ابوس ايدك.. انا ركبت معاهم بحسن نية لكن بقى لو الخبر اتنشر هايقولوا مرات فلان كانت مع جوز الرجالة اللي عملوا الحادثة.. دا غير اني هادخل في سين وجيم كمان.. ربنا يستر على ولاياك يارب.
اقتنع الرجل العجوز فخاطب الشباب المشغولة في محاولاتهم الحثيثة لإخراج الجسدين المكومين في الجزء المدمر بالسيارة.
– الست عندها حق ياشباب.. هي مش عايزة حد يجيب سيرتها ..انا هاخدها وواديها على اقرب مستشفى.
قال احدهم بعدم اكتراث :
– خدها ياعم .. يعني هايبقى موت وخراب ديار.
فقال الاَخر وهو يرفع هاتفًا محمولًا بيده:
– طب التليفون دا بتاعك ياست ولا بتاع الشباب ؟
حدقت بالهاتف فتذكرت انه يخص الفتى الصغير والذي كان يتلاعب به.. يبدوا انه سقط من يده للخلف وقت ارتطام السيارة.. تذكرت تسجيلات اعترافها عليه .. فاأومأت له برأسها موافقة بدون تفكير.. وضعه الرجل على حجرها فقالت بتذكر لهاتفه الحقيقي والصغير والموجود بحافظتها:
– طب والنبي كمان هات البوك بتاعي دور عليه عندك هتلاقيه “”
رجعت لحاضرها تتسائل بجذع امام المرأة:
– التليفون بتاعي؟ و البوك الكبير خدوهم مني ولا راحوت على فين بس؟
لاحقتها المراة بالرد على عجالة:
– ياحبيبتي ماتقلقيش .. انا شايفه الممرضة بنفسي وهي بتحطهم تحت المخدة في الناحية اليمن .
مدت يدها السليمة تبحث حتى اخرجت الاثنان .. تنهدت بارتياح وهي تضع هاتف حودة وكأنه تضمه داخل احضانها.. اجفلت على قول الممرضة التي أتت اليها :
– حمد الله عالسلامة ياامينة.. عاملة ايه دلوقت؟
اومأت برأسها صامتة دون رد.

 

 

فقالت الممرضة :
– طب ياحبيبتي .. انتي ماتعرفيش حد قريبك بقى يجيلك ويشوف حساب المستشفى؟ حكم الراجل اللي وصلك.. دفع جزء صغير من الحساب ومشي ومحدش شافه تاني .
سهمت بشرود ولم تنطق ايضًا فكررت الممرضة:
– ياست امينة عندك حد تتصلي بيه يجيلك؟ ماينفعش سكوتك ده.
توترت وهي تنظر لهاتف حودة بيدها قبل ان ترفع انظارها نحو الممرضة الشابة تسالها:
– انا تليفوني فاصل شحن ممكن تتصلي انتي من تليفونك .
اخرجت الممرضة هاتفها من جيب سترتها فسالتها بعملية:
– اهو ياستي مليني الرقم وقوليلي اسم صاحب الرقم !

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *