روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الرابع و السبعون 74 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الرابع و السبعون 74 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الرابع و السبعون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الرابع و السبعون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الرابعة و السبعون

~… الوجه الآخر للحب ..~
هز جاسر رأسه ضاحكاً وقال بمنتهى الاستفزاز :
_ المرادي لأ .. مش ماشي …
ابتلعت جميلة ريقها بتوتر حاد وخاصةً مع نظرات عينيه العميقة والراغبة! .. وأن كانت في قرارة نفسها تعترف بعشقها له، ولكن لن تستطع أن تتجنب ذلك الخوف والتوتر الشديد الذي يكتسح ثباتها ….
واقترب بكل جرأته وابتسامته المتلاعبة التي اثقلت من خوفها منه اليوم تحديدًا! … ابتعدت خطوات للخلف ..
ولكنه تحدى ابتعادها بالقرب وفاز! … فانتفضت جميلة بتوتر شديد وما وجدت سوى الفراش لتجلس عليه وأخذت في البكاء فجأة !
تطلع بها جاسر بمزيج من التعجب والمرح !
لديه خلفيه أن الفتيات يخافن بهذا اليوم جدًا، ولكن أن يصل الأمر للرعب والبكاء هكذا فهذا بالشيء العجيب !
جلس بجانبها وهو يكتم ضحكته وترك فقط ابتسامة على ثغره وأن كانت ماكرة ! … وهمس لها برقة:
_ بتعيطي ليه يا جميلة ؟! … مش معقول تكوني خايفة مني للدرجة دي ؟!
ماذا تقول له ؟!

 

 

لو اوضحت مخاوفها الطبيعية التي تشعر بها أي فتاة بهذا اليوم لسخر منها ! …. الرجال لن يقدروا شعور وخوف الأنثى بهذا اليوم !
اقتحام لخصوصيتها، ولبرائتها، ولحيائها … هكذا يدور بعقل أي فتاة حتى لو كانت تُزف لحبيب العمر !
ستظل خائفة، وبداخلها توتر يكفي لأن يجعلها تسقط مغشيًا عليها !
والأطمئنان بالحديث والكلمات الجميلة الآمنة هو السبيل الصحيح …
ما كانت جميلة تحتاج أكثر من أن يطمئنها … ولكنها لم تعرف كيف تخبره بذلك ؟!
قالت بتلعثم وهي تحاول التوقف عن البكاء :
_ خايفة .. طبيعي يعني اكون خايفة !
هز رأسه متفهماً، وتمنت لو حقاً يكون ادرك مدى خوفها .. فقال :
_ آه طبعا طبيعي تكوني خايفة، بس مش لدرجة تعيطي بالشكل ده !! … أنا…
وقرب يده ليربت على كتفها بقصد أن يبث فيها الأمان، ولكنها انتفضت مبتعدة إثر لمسته بتشنج !! …. وكأن لمس جسدها الكهرباء !!
نظر لها نظرة طويلة صامتا ثم وقف أمامها وبالفعل بدأ يتعجب منها ورحل من داخله أي نوع من المرح … فقال باقتضاب:
_ لو مكنتش عارف أنك بتحبيني كنت افتكرت أنك مغصوبة على الجوازة دي ! …
قلقت من منحنى تفكيره وقالت بعصببة:
_ مش مغصوبة بس خايفة ! … أنا نفسي مكنتش فاكرة أني هحس بالخوف بالشكل ده !!
لاحظ ارتعاش جسدها الواضح أمامه، فحاول أن يبدو هادئا وهو يتحدث بابتسامة :
_ اكيد ضغط الأيام اللي فاتت وتجهيزات الفرح أرهقتك وأثرت على نفسيتك …
هزت رأسها سريعا بموافقة وكأنها وجدت مبررا مفهوما لما تشعر به من خوف شديد !! … وقالت بارتباك :
_ ايوة صح ممكن ..
اتسعت ابتسامته وقال لها بمشاكسة:
_ طب نامي دلوقتي وارتاحي عشان على ما نسافر لشهر العسل تكوني روقتي ورجعتي البيوتيفول اللي أعرفها ..
وكأن جميلة حكم عليها بالبراءة وركضت للفراش بارتياح شديد وتمددت استعدادا للنوم، حتى دون أن تبدل إسدال الصلاة لملابس نوم مناسبة!
راقبها جاسر بغيظ مكتوم وقال :
_ هتنامي كده ؟!
اغمضت عيناها وقالت بصوتٍ هامس وكأنها بدأت تتيهة بغفوة فعليًا:
_ عادي مافيش مشكلة ..
استفزه ردها وهتف:
_ قومي البسي حاجة تعرفي تنامي بيها ! … ولا أقولك هجيبلك أنا ..
توجه جاسر لخزانة الملابس وقد ظهرت ابتسامة خبيثة على محياه، وفتح الخزانة ليجد صفوف من الملابس المتنوعة … ابتهج وهو يرى ما يحتويه ذلك الصندوق الخشبي الكبير لحفظ الملابس … وراقبته جميلة بعينان تتسعان كلما توجه ناحية جهة محددة من الخزانة … وكادت أن تهتف ليبتعد ولكنه سبقها وسحب أحد أردية النوم التي تخجل حتى أن تنظر له وليس ترتديه !

 

 

وبابتسامة واسعة ماكرة وبمنتهى البساطة قال:
_ الحمد لله لقيت لونك المفضل …
ضيقت عينيها عليه بغيظ وقد فهمته فقالت بعصبية:
_ بحتقر اللون ده !
ضغط جاسر على أسنانه ليكتم غيظه ثم قال :
_ اومال اشترتيه ليه ؟!
اجابت وهي تحرك عيناها لجهة أخرى :
_ مش أنا اللي اشتريته، مش ذوقي اصلا !
وضع جاسر الرداء مكانه وهو يتمتم بشيء لم تسمعه، ولكنها أكيدة أنه يشتمها في سره ! … وسحب رداء آخر أقل عري وتوجه لها قائلا بتأكيد وبابتسامة :
_ اهو بقا، حاجة شيك ومحترمة ..
اشارت جميلة له قائلة بغيظ:
_ ممكن تسيبني أنام ! …. مغمضتش عيني بقالي أسبوع !
دفع جاسر الرداء بوجهها في عصبية وقال:
_ خلاص نامي واتخمدي ..
لم تكترث جميلة لردة فعله واغمضت عيناها مجددًا حتى سمعته يخرج من الغرفة للجهة الأخرى من الجناح الخاص بهما..
تنهدت بضيق شديد ونظرت لخزانة الملابس للحظات، ثم نهضت وأخذت منها منامة قطنية بأكمام طويلة وارتدتها سريعاً ثم خلدت للنوم قبل أن يعود للغرفة.
بينما جلس جاسر على أريكة أمام شاشة تلفاز كبيرة، وظل ينظر لها دون أن يرى ما أمامه، لم يظن للحظة أن ترفضه بأول أيامهما معاً وبتلك الطريقة ! ….
هل ترفضه خوفاً … أم شيء آخر ؟!
أن كان خوف فسرعان ما سيزول مع الوقت … ولكن هز رأسه رافضا وقال بتأكيد:
_ اكيد خايفة، ما أنا برضو مكنش لازم أخوفها مني ! …
وشعر أنه المُلام في موقفها هذا … لذلك نهض وتوجه للغرفة وتوقف فجأة عندما كاد أن ينطق بشيء !
ابتسم بنظرة دافئة عندما وجدها ترتدي شيئا آخر أكثر رقة وأكثر ملائمة للنوم .. يظهرها بأصغر من عمرها باستثناء تلك الخصلات السوداء المتعرجة بتمرد … اقترب لها جاسر كي لا يزعج نومها الهادئ وطبع قبلة على رأسها برقة شديدة وهو يبتسم …. ولكنها فتحت عيناها بكسل وتفاجأت بقربه فقال مرسلا لها نظرة آمنة ومبتسمة :
_ ما تخافيش ..
فأغمضت جميلة عيناها ثانيةً ولاحظ بوادر ابتسامة على وجهها سرعان ما اختفت بعمق نومها …
بدل جاسر ملابسه بهدوء ثم تمدد بجانبها ومتوجها لها بنظرة ثابته عليها ومبتسمة …. وملأ قلبه بتأكيد أن يكسب ثقتها وقربها بالغد القريب.
************
وعلى عكس المتوقع ..
بعد الخطوة الأولى من دخول حميدة لحياتهما الجديدة معاً شعرت بالأطمئنان يتسلل إليها !
من المفترض أن يزداد الخوف بداخلها ولكن حدث العكس !
ربما كانت ترتجف خوفا منذ ساعات … لكن الآن وبعدما سمعت دعائه أثناء الصلاة لهما بالألفة والمحبة وأن يظلا معاً حتى نهاية العمر … أطمئنت !
وها هي تجلس أمامه ليتناولا طعام العشاء والتحدث قبل أي شيء … وكان يوسف يرسل لها ابتسامات متفرقة بين المكر والمحبة، والعفوية والقصد !
ويبدو أنه أذكى مما تخيل، فقد بدأ بالحديث التلقائي المرح معها عقب دخولهما غرفتهما !
وبعد أن بدلا ملابسهما وبدأو بأداء الصلاة وصولا إلى تناول العشاء معاً وهو يأخذها إليه بكل خطوة دون أن تشعر هي حتى !
وأن كان قصد ذلك فقد نجح !

 

 

قال بعدما ارتشف العصير الطازج:
_ فرحنا كان جميل أوي يا حميدة، ما تخيلتهوش أجمل من كده ! … والأجمل كمان أن أنا وأخواتي في نفس اليوم ….
اجابت حميدة بصدق وسعادة:
_ فعلاّ، كل حاجة كان ترتيبها سهل رغم برضو أننا تعبنا أنا وأخواتي في التحضيرات الايام اللي فاتت …
فقال يوسف وهو يتطلع بها:
_ كان نفسي عمي مصطفى وأبويا وأمي الله يرحمهم يكونوا موجودين …
صمتت حميدة وابتلعت غصة بحلقها، لم تكن تنسى ذلك ليذكرها به! … فهي تجنبت ذلك الألم كلما تذكرته طوال اليوم ! … وشعرت فجأة بدموع الهبت بشرتها ، فوقف يوسف وأوقفها أمامه ثم أزال دموعها بأنامله وهمس لها بعد ضمة قوية :
_ أنا عارف أن مافيش حد بيقدر ياخد مكان الأب، بس على الاقل هعوضك كتير من حنانه … أوعدك …
ربت يوسف على رأسها عندما تمسكت به وهي تبك، وبعد لحظات بدأت تهدأ ولا زال رأسها على صدره … فقال بصوتٍ هامس :
_ حميدة …
أجابت بهمهمة ، فقال مجددًا :
_ أنتي ناسية وعدك ليا ؟! … أظن النهاردة هتقوليلي ..
ابتعدت عنه نصف خطوة وقالت بابتسامة وهي تقاطعه:
_ بحبك يا يوسف .. محبتش غيرك ولا قبلك .. واحلف بالله أني بقول الصدق.
تعمق بعينيها وهو يبتسم ابتسامة غامضة الخبث وهمس:
_ وأنا بموت فيكي يابتاعت الفطير .. أظن النهاردة هتقوليلي كل اللي في بالك .. واللي كنتي مكسوفة تقوليه، واللي خبتيه ! …
اتسعت ابتسامة حميدة عندما ضمها بضحكة … وبعدها نظرة لها نظرة يملؤها المحبة والشوق … فأخفضت رأسها بحياءً شديد وابتسامة أشد حياء.
واسدل الليل ستاره على لقائهما المُبارك بالحلال … حتى كانت لتلك الكلمات الشاعرية لذة الاستماع عندما سمعتها لأول مرة …
*********
دلف آسر بعدما انتظر كثيرًا بالخارج لتهدأ وهو يسمع صوت بكائها ! …. عقب دخوله لجناحهما ركضت للغرفة الداخلية ومنعته من دخولها بعد ذلك ! …
ورغم أنه يستطيع أن يقتحم الغرفة ولكنه ترك لها الفرصة لتهدأ قبل أي حديث …
لم ترفع نظرها له وهي جالسة على الفراش وترمي رأسها على أحدى الوسائد وتبك ! … فقال بسأم :
_ هتفضلي تعيطي كده كتير !!
وهنا رفعت رأسها ونظرت له بشراسة وقالت بعصبية ودموعها تغرق وجهها :
_ لما أنت كنت تقريبًا خاطب ومرتبط بواحدة تانية ليه وافقت نتجوز ؟! … ليه خليتني اصدق أنك فعلًا عايز تتجوزني !
كانت تود لو تصارحه بالحقيقة، وأنها ظنت أنه يحبها ! … ولكنها لم تستطع خوفا من صدمتها في رده ! …. فقال عاقدا ذراعيه امام صدره بعصبية :
_ أنا مكنتش خاطب قبلك، وعايز أفهم ريهام قالتلك إيه بالضبط ؟!

 

 

سخرت بمرارة وهي تنهض وتقف أمامه بنظرات شرسة :
_ عرفتها ببساطة ! …ده أنا كنت متوقعة أنك تنكر حتى معرفتك بيها !! ….
حاول أن يكسبها فوضع يديه على كتفيها بلطف وبدأ يقول :
_ يا سما اسمعيني ..
نفضت عنها يديه بعصبية وهتفت بوجهه :
_ أنا سمعتك بما فيه الكفاية ! … أنت انسان مش عارف عايز إيه ولا عايز مين ؟! … عايز اللي كانت زميلتك وغدرت بيك وجبتها بنفسك تشتغل تاني في المستشفى جانبك! .. ولا عايز اللي وعدتها بالجواز وخليت بيها؟، ولا عايزني أنا وكنت كل ساعة بحال معايا !! …
رد منفعلا :
_ خطوبتي أنا وريهام كانت لعبة واتفاق لفترة ! … هي كمان اللي عرضت عليا الفكرة دي عشان تغيظ خطيبها السابق ، وأنا وافقت لأني كنت بتحدى جدي … كان تصرف غبي آه بس ما استمريتش فيه …
نظرت له سما نظرة طويلة ولم تظن أنه يتقن الاعيب لهذه الدرجة !! فصاحت بوجهه:
_ يعني الصور اللي كنتوا متصورينها في النادي وشكلكم فيها آخر انسجام والرسايل اللي شوفتها بتتفقوا على ميعاد الخطوبة وأنت بتقولها لازم جدي يوافق بأي شكل … ده كله كدب ! … انا شوفت الحاجات دي بعيني ! … ريهام جاتلي النهاردة وورتني كل حاجة … كلامها كله بأدلة ، أنت بقا دليل كلامك إيه ؟!
صدم آسر ثم قال :
_ يعني هي ما قالتلكيش أن ده كله كنت بعمله عند في جدي ؟! … ومقالتش أن الخطوبة دي مش اكتر من اتفاق كام شهر وتتفسخ ؟! … لو مقالتش كده يبقى كل اللي قالتهولك كدب ومحصلش.. !!
هتفت به بعنف وهي تبك :
_ دليل كلامك إيه ؟! … هي اثبتتلي، أنت بقا فين أثباتك ؟!
ضيق آسر عيناه بسخط ثم قال :
_ مركبتش كاميرات وقت ما كنا بنتفق ! … ما سجلتش صوت كلامي معاها لما حددت وقت نسيب بعض فيه ! … مافيش دليل بس هي دي الحقيقة ! ..
قالت ساخرة:
_ والمطلوب مني أصدقك ؟! …
هز رأسه نفيًا وقال:
_ المطلوب منك توزني الأمور بعقلك وتشوفي الواقع اللي حواليكي … أنا لا حبيت ريهام ولا حتى حبيبة زميلتي … ولو حبيت واحدة فيهم كان زمانها مكانك دلوقتي !
قال لها أحبك ولكن بطريقته الخائفة من الرفض … للتو اعترف لنفسه أنه مُعقد بعقدة الخوف من الرفض ! … لذلك كان دائما يخبرها بمحبته خفيا !
ابتلعت سما مرارة وهي تنظر له بدموع :
_ مكاني مجاش بإرادتك من البداية، كانت رغبة جدي وأنت اقتنعت بيها … كان لازم تقولي الحقيقة وماتوهمنيش أنك …
لم تستطع قولها ولكنه نظر لها وحاول بكل قوته أنه يعترف بها … ولم يستطع ، لأنها بالأكيد لن تصدقه !
وما جعله يضيق عينيه بصدمة هي عندما قالت :
_ لو طلبت الطلاق دلوقتي هعمل فضيحة لأمي ولعيلتي بحالها …. بس هستنى على نار اليوم اللي هتطلقني فيه ..
هز رأسه غير مصدقا ما تقوله وقال باستخفاف وشيء من السخرية :
_ اطلقك ….؟!

 

 

نظرت له نظرة قاسية خالية من أي لطف، حتى انتفخت عروق عنقه بغضب ظاهر بعينيه وهو يهزها بعنف قائلا :
_ ده مستحيل يحصل انتي فاهمة !! … مستحيـــل ! ..
وكادت أن تتحدث باعتراض … ولكنه لم يسمح لها بأي أحاديث أخرى … وكأنه من حدة الغضب لما قالته تحول إلى شخصا آخر لم تعرفه من قبل !….
وكأنها عندما نطقت بالفراق… كان يتوعد بالبقاء!
*********
وقفت رضوى تمشط شعرها أمام المرآة بعدما بدلت ملابسها … ونظرت لنفسها بثقة عالية وابتسامة فوقية …
أن كان نبذها قبلا فهي لم تنس له ذلك …. هو بالخارج الآن ينتظرها مثلما وعدته !
ابتسمت رضوى بسخرية وتوجهت بردائها الفاتن إلى الفراش لتنام …. وبعد دقائق شعرت به يتسلل للغرفة!
فاغمضت عيناها بثباتٍ تام … وودت لو تفتح عيناها وترى نظرته لها …
نظر رعد لها بنظرة عميقة، قطتة البرية تلعب لُعبة خطرة ولن تدرك بعد مدى مكره ! …. ابتسم رعد بخبث وتوجه ببساطة ليتمدد بمكانه على الفراش …
دون حتى أن يتفوه بكلمة ! … وعلى يقين أنها تنتظر منه رد فعل غاضب لتنهض وتصيح وتغضب ، وتنتهز الفرصة ليبتعد عنها حتى تهدأ مثلما تخطط !! …. وحتى أنها تنتظر ولو كلمة يعبر بها عن مدى اعجابه بها ! .. ولكنه لم يفعل وغفى بهدوء تام !!
حركت رضوى جفونها باستياء وغيظ شديد … ومثلما فهمها فهمته أيضاً … وحتما ستلقنه الضربة التي اوجعتها عندما نبذها ورحل ذات يوم … وللآن ذلك الجرح لم يندمل بقلبها ! …
أما هو على قدر تسليته بإغاظتها ، القدر الأكبر كان الم وضيق من أضاعة الأيام في التحدي والعناد لأثبات شيء في الاصل ثابت !
كان من المفترض الآن أن يبدأ أسعد أيامه ولياليه معها.. يسيران سويًا بدربٍ واحد ويتشاركان كل شيء بمحبة حتى الألم ! …
لابد أن يصل معها لتلك التسوية وذلك الهدوء والسكينة … ولكن أن كانت تريد اثبات شيء فلتفعل.
حتى يطمئن قلبها.
***********
بآخر طابق بالمنزل الكبير… وببداية يوم جديد كان تخطى الثانية صباحاً بعد انتهاء حفل العرس.
أخذها وجيه إليه، مكانهما الخاص بهما وحدهما…
تمايلت الزهور قليلًا تحت عصف الهواء الشديد كأنها ترحب بهما..
سارت ليلى بجانبه مبتسمة بسعادة شديدة ويدها متشابكة بيده…
أوقفها ناظراً لها بابتسامة عاشقة فقالت بمرح:
_ عاملي مفاجأة؟
لم يجيب وجيه، فقط يبتسم وينظر لها بدرجة جعلتها ترتبك بحياءً شديد وتخضب وجهها بحمرة وردية جميلة، فأشار لها لشيء قاطن على بُعد خطوات، فالتفتت ليلى صوب هذا الشيء ووجدت طاولة يعلوها عُلبة صغيرة من القطيفة الحمراء..
استدارت له مبتسمة وقالت ببهجة:
_ هدية؟
رد عليها وهو يجذبها للطاولة بلمسة رقيقة:
_ تعالي معايا.

 

 

وعندما وقفا كانت ليلى تتلهف لرؤية ما بداخل تلك العلبة الحمراء… رفع وجيه العلبة وفتح قفلها الرقيق وظهر قلادة متلألأة ويبدو من حجرها الثمين أنها كلفته مبلغ مالي ضخم…
ولكن المفاجأة كانت أن ذاك الحجر يتم فتحه لتتبين الأسمين المكتوبان بداخله… اتسعت ابتسامة ليلى باعجاب شديد عندما قرأت اسم صغيرتها “ريميه” والاسم الآخر كان اسم لفتاة!
قالت بتعجب مُعلقة على الاسم المجهول التي قرأته بأعجاب:
_ اسم مين دي؟!
جذبها إليه وأجابها بهمس:
_ زي ما أخترت اسم ريميه، اخترت اسم بنتنا التانية برضو
ابتسم ونطق قلبها بالسعادة، ولكنها قالت ببعض العتاب:
_ فكرتك هتسميها ليلى؟! … أصل اسمع لما الواحد بيحب مراته أوي بيسمي بنته على اسمها!
اقترب اليها وقال بابتسامة واسعة:
_ لأ أسف، مافيش غير ليلى واحدة ومش هيكون في غيرها.
ضحكت ليلى وفجأة لاحظت سقوط مطرة خفيفة، ففردت ذراعيها وهي تغمض عينيها بسعادة وكأنها تريد احتضانها:
_ خلاص ده تقريبًا آواخر الشتاء.
ونظرت له بابتسامة قد ذكرته بأيام الماضي كلها:
_ فاكر اليوم ده؟!
ودون أن تفسر له ما فكرت فيه وما تقصده، فهم كل شيء وأجاب بنبرة تضمها عاطفة شديدة:
_ فاكره بكل تفاصيله، كأنه لسه من ساعات!

 

 

اقتربت له مجددًا وتبلل وجهها بحبات المطر:
_ اليوم اللي رجعتلي فيه… واتقدمتلي!، بعد ما شوفنا بعض كام مرة بس!
جذبها مرة اخرى إليه وقال بهمس:
_ الكام مرة دول خلوني معرفش انساكي لحظة السنين اللي بعدنا فيها!، مش أنتي اللي بتتكرري مرتين!

يتبع…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *