روايات

رواية يناديها عائش الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت السابع والثلاثون

رواية يناديها عائش الجزء السابع والثلاثون

يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة السابعة والثلاثون

خفقت تلك العضلة الصغيرة يسار قلبي عشقًا، كلما وقعت عيناي عليها.. “نرمينا راضي”
******
تشابكت أصابع عصفورين الحُب، و خرجا متجهين للسيارة؛ ليبدأنِ رحلتهما الرائعة والتي ستستغرق يومانِ فقط حسب ما خطط بدر، ولكن هذانِ اليومانِ سيحرص “بـدر الشباب” على امتاع حبيبته عائش و جعلها في قمة سعادتها، بالإضافة إلى أنها ستبدء امتحانتها الأسبوع القادم، و هذا الجو الرائع الذي سيوفره لها بدر، ربما يساعد على التقليل من رهبة الامتحانات و التهيؤ لها بدون قلق.
وقعت عين عائشة على تلك السيارة البيضاء اللامعة، والتي يبدو من شكلها أنها حديثة و جديدة.. فتحت فمها انبهارًا بها، و أطلقت شهقة إعجاب هاتفة
“اللــــــــه… هي دي بتاعتنا ! جبتها امتى دي يا بدر ؟؟ دي.. دي حلوه أوي..”
ابتسم بدر بسعادة و فرح قلبه عندما نالت اعجابها، تلك السيارة التي استأجرها من صاحبها ليومين؛ لتكون رحلتهما مثالية.
تساءل ببريق حُب التمع بعيناه وهو يخرج مفاتيح السيارة ويفتح بابها لها
“عجبتـك ؟”
–أوي.. أوي.. جبتها امتى ؟
“أجرتها.. حبيت سفريتنا تكون مميزة..”
تابع كلامه وهو يتأمل فستانها الساحر كالأميرات
–تعرفي.. كُنت بفكر اعملك عربية شبه عربية سندريلا كده
ابتسمت متسائلة
— اشمعنا ؟

 

 

“لأنِك يا حبيبة بـدر ميلقش بيكِ غير إنك تكوني أميرة”
–ومعملتش كده ليه ؟
“الأفكار المجنونة دي والغريبة في مجتمعنا علطول بتطلع تريند.. يعني كُنتِ هتلاقي صورنا مغرقة السوشيال ميديا.. و أنا الموت ليا أهون من إن حد يتدخل في خصوصياتنا أو إن مراتي تبقى فُرجة للعالم”
عضت على شفتيها بخجل هامسة
–أقولك سر ؟
أومأ مبتسما.. قولي
“أنا محظوظة بيك”
تنهد بعشق قبل أن يقول
–طب اركبي قبل متهور و أخدك في حضني دلوقت و نلم علينا الناس
أومأت بطاعة ضاحكة بخفة وقبل أن تركب.. لمحت شخصًا يراقبهم بحقد من خلف نافذة غرفة نورا، و ما كان ذلك الشخص سواها..
توترت نورا عندما رأتها عائشة، فأرادت أن تجعل الأمر عاديًا.. فتحت النافذة على مصراعيه و اصطنعت أنها تتطلع منها على الصبية الذين يلعبون الكُرة تحت نافذتها..
نظر بدر لما تنظر اليه عائشة، فوجدها ترمق بحدة نورا بينما الآخيرة تحاول جاهدة أن تتحاشى النظر عنها..
أشار بدر لعائشة بأن تركب قائلًا
–يلا يا عائش عشان منتأخرش
هتفت بغيظ وهي تشير بعينيها لنورا
–أنت مش شايف البجحة دي بتبصلنا ازاي
–يا حبيبتي سيبك منها متديهاش اهتمام
زفرت بضيق و انصاعت لكلامه لتركب بالكرسي الأمامي بجانبه.. واتجه بدر ليقتاد السيارة وقبل أن يضع قدمه بها.. ركل أحد الأطفال الكُرة باتجاهه فمررها له بدر باحترافية مما نال اعجاب الصبية كثيرًا فظلوا يتوسلون له بأن يلعب معهم قليلًا، و كأي رجل عاشق لكرة القدم.. ضعف أمام توسلاتهم فمرر لهم الكرة ثانيةً، وظل يلعب معهم لبضع دقائق كانت عائشة تتابعه باعجاب و حُب وكذلك نورا التي لم ترفع بصرها عن التحديق به.. لمحتها عائشة مرة أخرى فلم تستطيع كبح غضبها وغيرتها على زوجها؛ فنزلت وصفقت الباب وراءها بقوة وبغضب مما لفتت انتباه بدر فتوقف عن اللعب وابتلع ريقه بتوتر فقد أدرك في الحال أن صغيرته الغيورة لن تدع نورا وشأنها تلك الليلة.. بينما نورا ابتسمت بمكر فقد نجحت خطتها في اشعال غضب عائشة و افساد سفريتهم..
اتجهت عائشة لتقف في مواجهتها صائحة بغضب

 

 

–هو أنتِ معندكيش دم.. أنتِ بجحة كده ليه ؟؟
أجابت نورا ساخرة
–حد كلمك.. أنتِ اللي بتتلككِ
جذب بدر “عائشة” من ذراعيها قائلًا
–عائش خلاص.. يلا نمشي
شدّت ذراعها منه بغضب و التمعت الدموع في عينيها هاتفة
— أنت مش شايف بتبصلك ازاي
تلك الدموع التي تجمعت في عيون عائشة من الغيرة.. كانت سلاح ذو حدين بالنسبة لبدر.. رفرف قلبه من السعادة؛ بسبب غيرتها عليه فقد أشعرته بأنه مهما جدا عندها، ولكنه في نفس الوقت حزن لأجل دموعها.. تلك الدموع جعلته في قمة غضبه من تلك الوقحة نورا و أراد أن يهشم رأسها؛ لأنها السبب في تلك الدموع.
تنهّد بدر بهدوء وهو كل هذا الوقت يتحاشى النظر لنورا وكأنها غير موجودة بالأساس.. قال بعقلانية
–الأفضل انك متبينيش غضبك لأنها كده هتنبسط اكتر.. اعتبريها مش موجودة.. عشان خاطري
تنفست بعمق وبغضب ولم تجيبه و اكتفت بمطالعة نورا بتحدٍ و استشاطة من وقاحتها برغم كل ما فعلته.. لم يعجبه بدر سكوتها..
أراد أن يشعل غيرتها التي يعشقها فاستفزها قائلًا
–ايه بتغيري ؟
هتفت بعصبية زادت من ابتسامة بدر الجذابة
— أغير !! أنا أغيـــر !! أنا أغيـــــــر !!! لا خالص أغير ليه أصلًا… صمتت لثوانِ ثم صاحت بغيرة تكاد أن تقفز من عينيها
“قسمًا بالله يا بدر إن مبطلت بحلقة فيك لأروح اجيبها من شعرها وتبقى فُرجة في الحارة انهارده”
قهقه بصوت مرتفع أشغل غيظ نورا منهم وكأن بدر يريد اغاظتها بالفعل، فأخذ عائشة من يدها برقة ثم فتح لها الباب وأشار بيده بكل أناقة مردفًا
— اتفضلي يا حبيبة بدر
أرسلت عائشة لنورا نظرة احتقار اخيرة وابتسمت بانتصار فزفرت نورا بضيق واغلقت النافذة بغضب.. بينما بدر ركب السيارة، وقبل أن يقودها التفت لعائشة و مدّ يده برقة يدير وجهها له ليقول
“حبيت غيرتك عليا.. بس بعد كده متظهريش غضبك قدام حد أيًا كان عشان ميفرحش فيكِ”
–دي بني آدمه وقحة و بجحه.. مكفهاش اللي عملته كمان عاوزه تخطفك مني
قالتها وهي تعقد يديها على صدرها بغيظ.. ضحك بدر متباهيًا بنفسه
“أنا عارف إني اتحب ويتغار عليا”
رمقته بفتور بطرف عينيها دون أن تجيب.. فأردف بهدوء

 

 

–مفيش أي بنت في العالم تقدر تاخد قلب بدر زي ما أنتِ خدتيه بدون مجهود يا عائش.. من الآخر مفيش واحدة تملى مكانك غيرك.. مفيش واحدة تملى عيني غيرك.. مفيش واحدة هقدر أحبها زي ما حبيتك..
تابع وهو يأخذ يدها ليقربها لفمه، ثم طبع قُبلة رقيقة في باطنها..
“اوعدك ما يلتفت قلبي لغيرك انا مُكتفي بيكِ يا عائش”
اراحتها كلماته، فتنهدت بابتسامة رقيقة وعادت لهدوئها.. تحركت السيارة وقبل أن ينطلق بها قال بصوت مسموع
— عائش.. حبيبتي رددي ورايا دعاء السفر
انصتت بانتباه لتردد وراءه فقال بتريث
“الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، سبحان الّذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل”
ثم انطلق بسيارته لتلك المدينة السياحية الجميلة التي يقصدها الكثيرون في فصل الصيف..
قالت عائشة بالحاح
–بدر.. بالله عليك عرفني احنا رايحين فين
هز رأسه بنفي ضاحكًا
–لأ.. أنا قولتلك اعتبريني خاطفك ليومين
–يابني الفضول هيـقتلني
رمقها ساخرًا
–ابنك ! احترمي فرق السن اللي بينا يا طفلة
ردت بسخرية مماثلة
–آه صح.. أنت في مقام عمي برضو.. سوري يا أبيه
رفع حاجب و أخفض الآخر و غمغم بمشاكسة يود أن يحرك مواهبها الدفينة في العِراك
“لسانك مش هيتعدل غير اما اتجوز التانية”
–ايـــــــــه !! تتـــجوز ايــــه يا عنيـــــا !!!
ضحك بخفة ولكنه لم يعلم أنه بقوله ذلك لم يشعل غضبها فحسب، بل رج كيانها وجعلها في أقصى درجات الغضب.. و ياليتك يا بدر لم تقول ذلك.. لن تقبل أي امرأة أن تشاركها امرأة أخرى في زوجها حتى لو كانت تبغضه.. ولكن الغيرة النسائية لا يستطيع أحد أن يتحداها.
ضربت عائشة بيديها على مقود السيارة وصاحت منفعلة

 

 

–وقف العربية… وقـــف أم العربية يا بدر.. قولتلك.. وقــــف الزفـــــــته.. ده أنت ليلتك مش معديه انهارده
أوقف بدر السيارة بجانب الطريق، ليس طاعة لها بل أنه من شدة الضحك خشي أن يفتعل حادث وهو يقود.. لم يستطيع تمالك نفسه من الضحك فزاد ذلك من غيظ عائشة و استشاطتها غضبًا.. هتفت وهي ترمقه بعدم تصديق
–عايز تتجوز عليا يابدر… ده أنت من شوية كنت بتقولي مفيش واحدة هتملى مكانك.. هفأ أنا…!! بتستغفلني ولا بتضحك عليا.. مترد ســـاكت ليــه..؟؟؟
توقف عن القهقه بصعوبة وارجع خصلات شعره التي تناثرت على جبينه من تمايله وهو غارق بالضحك ليقول
–اللي يشوف الوش البرئ ده وهو بيتحول يقول الله يكون في عوني والله.. أنا بهزر معاكِ بشوف رد فعلك ايه..
ضحكت بتهكم و صاحت
–اوه يـااه.. صدق قشعرت.. ولاه بقولك ايــــه.. اتمسي كده عشان ليلتك تعدي بدل مكلك كف احوِلك..
هتف بدر بدهشة صاحبها موجة من الضحك على ملامحها التي صارت منتفخة من الغيظ
–ولاه ! وهتاكليني كف !
أومأت مؤكده
–احوِلك….تحب تشوف ؟؟
هز اكتافه باستسلام
–لا وعلى ايه.. الطيب أحسن
عاد ليقود السيارة وما زالت تلك الابتسامة المشاغبة ترتسم على فاهه، بينما عائشة ظلت تختلس النظرات عليه بحَمِيَّة لتتمتم
“مستفز”
وصلت الكلمة لمسامعه، فضحك وشبك أصابع يده اليمنى بيدها رغمًا عنها وقاد السيارة باليد الأخرى وهو يقول مبتسمًا
–هتصدقيني لو قولتلك إن بعشق عِندك وعصبيتك دي… بس عشان ابقى واضح معاكِ.. عاندي في أي حاجة إلا الدين..
تجاهلت ما قاله وتساءلت ببرود.. على ما يبدو أنها ما زالت غاضبة منه
–هنوصل امتى ؟ .. عايزه أنام
صمت لثوانِ قبل أن يجيب
–هنغيب.. ممكن تنامي على رجلي أو كتفي
جذبت يدها منه ومالت على النافذة بجانبها مغمغمة
–ده في المشمش
تركها تفعل ما تريد.. مرّت نصف ساعة من الصمت وعائشة لم تعد تقاوم النعاس فغفت رغمًا عنها ونامت بالفعل.. خاف بدر من أن تؤلمها رقبتها فجذبها اليه برفق و بحذر؛ حتى لا تستيقظ و تعطيه ذلك الكف الذي وعدته به منذ قليل.. جعل رأسها على فخذه فاعتدلت هي بتلقائية وانكمشت على نفسها في مقعدها واضعة كفيها تحت خدها على فخذ بدر..
أضاء هو صوت الراديو على القرآن الكريم و ظل يردد الآيات مع القارئ طوال الطريق..
_______________♡

 

 

حِينَ تُؤمنْ بَأنَ الله قَادر عَلى تَحُويلكْ مَن حَالْ إلى حَال؛ سَتجدُ نَفسكْ مُستَغنِيًا عَن الدُنيَا وَمَا فِيهَا.
بعض العُصاه تكون قلوبهم كالبذرة التي تحتاج عدة عوامل صالحة لترتوي وتنمو، فإذا رويتها بعوامل فاسدة؛ لساءت و ماتت، وإذا وفرت لها الشروط الصحيحة؛ لنمت و ازدهرت.. كذلك قلب العاصي إذا وجهته نحو الطريق الصواب بالنصح والإرشاد اللين انفتح قلبه على طاعة الله و أقبل عليها بقلبٍ سليم، وإذا كنت فظًا غليظًا في نصحك له، حاد الطباع معه؛ لإنفر منك وكره طريق الاستقامة..ولأن سيف يحب قصي كثيرًا ويريد من صميم قلبه أن يدخلا الجنة سويًا و أن تكون صحبتهم صحبة صالحة؛ عزم على بذل قصارى جهده في تعليم قصي كل ما يخص الدين الإسلامي..
انشب قصي على تعاليم الغرب؛ لترعرعه وسطهم منذ طفولته ولم يهتم ابواه كثيرًا بتربيته تربية صحيحة مثل اشقاءه الفتيات وذلك لعدة أسباب منها أن قصي كان طفلًا مشاغبًا و مراهق متمردًا لا يحب أن يتدخل أحد فيما يفعله ولأنه عنيد جدا تركه والديه بحريته.. بخلاف أُبي شقيقه الأكبر الذي نشأ نشأة دينية صحيحة، ولكنه عندما صار بالجامعة انضم لمجموعة اصدقاء من الفاسدين جعلوه يتطرف عن الدين قليلًا، فأصبح يصلي الفروض ويصوم رمضان فقط.. كمعظم المسلمين الذين يعاملون الفروض الدينية كأنها واجبات روتينية يتوجب عليهم أن يقضوها.. أما سماع الأغاني باستمرار و سب الناس احيانا عند التعصب أو علو صوته على والديه عند المنقاشات العائلية فهذا شيء أصبح عاديًا بالنسبة له لتعوده عليه.. الأمر الجيد بـ أُبيّ أنه رجُل طموح يسعى لتحقيق هدف مراهقته وهو أن يؤسس أكبر شركة استثمارات ناجحة في الشرق الأوسط.. و ها هو وضع طرف الخيط في ميدان الشركات التجارية ليصبح منافسًا لأكبر الشركات على مستوى مصر.. على عكس قُصي الذي لا يعطي اهتمام لأي شيء.. كل ما يفعله الأكل والنوم والشرب كالبهائم، حتى أن البهيمة لها فائدة عنه..
“بص.. أنا عارف بنصلي ازاي و اعرف في الدين كويس.. ده أنا اعجبك أوي.. بس بالله عليك أنت شايف إن بعد البلاوي اللي عملتها دي كلها ربنا هيغفرلي ؟”
قالها قصي موجهًا حديثه لسيف بلهجة يشوبها بعض السخرية.. أومأ سيف مبتسمًا بثقة
–آه.. هيغفرلك
–لا.. ده أنت بتحلم
–هتكون أذنبت أكتر من اللي قتــل تسعة وتسعين واحد وكملهم المية ؟
–بتهزر.. ده مين زعيم المافيا اللي جاتله الجرأة يعمل كده..
ضحك سيف مردفًا
–هحكيلك القصة
هتف قصي بدهشة
–اوعي تقولي إنه بعد اللي عمله ده ربنا غفرله !
اتسعت ابتسامة سيف الجميلة و تابع
–ربك رحيم أوي يا قصي.. غفور رحيم لطيف بعباده

 

 

تنهد قصي و سحب كرسي ليجلس قبالته قائلًا بلهفة
–اشجيني يا ابن عمي
–اسمع يا سيدي.. التقت فئتان من الملائكة، ملائكة الجنة، وملائكة النار، المناسبة كانت أن رجلًا مات في الطريق بعد أن قتل مائة نفس، ثم تاب توبة نصوحًا، واتجه إلى أرض أخرى، أرض لم يسبق له أن أزهق فيها روحا.
ملائكة الجنة أرادت أن تأخذه إلى الجنة لأنه تاب، بعد إزهاقه كل تلك الأرواح، وهي ترى أنه تاب ولا داعي لدخوله النار. وملائكة النار تريده في النار، لأنه مات قبل أن يصل إلى تلك الأرض التي كان يقصدها. ودار بين الفريقين جدل كبير..ليه بقى.. عشان الراجل ارتكب جرما يعاقب عليه أشد عقاب، مش سهل أن يُعفَى بعد إزهاق كل تلك الأرواح، والصحيح أن يكون مثواه النار، وملائكة الجنة حجتها هي أن القاتل قد تاب إلى ربه وآب إليه، وقصد أرضا أخرى لكن المنية لم تمهله طويلا، فمات قبل أن يصل إليها. وينبغي أن يكون من أهل الجنة، لا أهل النار.
هو حوار مثمر لا شك ولكن فيه كثير من الجدل، والاجتهادات بحيث يتاح أن يحرز كل فريق نصرا على الفريق الآخر، ويفوز بالرجل القاتل.
يعملوا ايه ؟؟.. حل وسط بقى
أن تحسب المسافة من المكان الذي مات فيه الرجل إلى المكان الذي قصده والمكان الذي تحرك منه.
فحَسبَ الفريقان المسافة، فوجدا أن الرجل قد قطع أكثر المسافة إلى القرية الطاهرة، ولو بقليل، وذلك بفضل توبته النصوح، فحُمِل إلى الجنة، وكان الله غفورا رحيما.
“إن هذه القصة تفتح أبواب الأمل لكل عاص ، وتبين سعة رحمة الله ، وقبوله لتوبة التائبين ، مهما عظمت ذنوبهم وكبرت خطاياهم كما قال الله عز وجل:
“يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار. (التحريم: 😎.
كان قصي ينصت باهتمام لسيف وملامحه تشدو بدهشة و تعجب شديد.. هتف بعدم تصديق
–قول والله العظيم القصة دي حقيقية ؟؟؟!
–أنت أهبل يالاه ! أنا هخترع يعني من دماغي !
أومأ قصي وهو ما زال مندهشًا
–يعني أنا دلوقت أعمل ايه عشان أبدأ صفحة جديدة في حياتي على نضافه ؟
–تنوي إنك مش هتعصي ربنا تاني.. ولو إن يعني الانسان بيغلط دايما.. بس توب ولو أذنبت ألف مرة.. دلوقت تقوم تتوضى وتحسن الوضوء وتصلي ركعتين توبة لله
–ركعتين توبة ازاي.. بتتصلى ازاي يعني ؟
–بتصليها عادي في أي وقت ركعتين زي أي ركعتين بتقرأ فيهم الفاتحة وأي سور أنت عايزها.. بس تكون نيتك خالصة لله وأنك فعلا هتوب عن الذنب اللي بتعمله
–وكده بقى أي ذنب عملته في الماضي ربنا هيغفره ؟
–على حسب
–مش فاهم

 

 

— لو ذنوبك متعلقة بالعباد بيبقى واجب عليك أداء الحقوق إلى أصحابها، وبذل كل الوسع والطاقة في ذلك، مثلًا إن كانت التوبة من السرقة فعلى العبد أن يردّ المسروقات إلى أصحابها، وإن كان ذلك صعبًا فعلى العبد أن يتصدّق بقيمة المسروقات… أما لو ذنوبك متعلقة بربنا يعني اتفرجت على افلام مش كويسه.. مكنتش بتصلي.. بتشرب خمره مثلًا.. دي ذنوب بينك وبين ربنا.. فربنا بيغفرهالك لما تتوب منها ومتعملهاش تاني..
تحمحم قصي متساءلًا
–طيب بص.. في حاجه مش فاهمها.. هي الصلوات اللي فاتتني مش هتحاسب عليها ؟.. أصل سمعت إن الصلاة هي أول حاجة بيتحاسب عليها العبد
بإيماء رد سيف
–ايوه.. بص.. في كتاب هنا شامل جميع الاحاديث الصحيحة بدر كان جايبه .. استنى هشوفه…. اهو لقيته
قال قصي ضاحكًا
–و أخوك القفل ده كان جايبه ليه.. هيعينوه مفتي الجمهورية
رمقه سيف بسخرية قائلًا
— بدر مش قفل.. هو شايل حمل تقيل من ساعة ابويا الله يرحمه ما مات.. لكن بدر اخويا يتحط على الجرح يطيب.. أما بالنسبة يا ظريف للكتاب ده.. فـ بدر كان بيدي دروس في المسجد لله كده.. و في أغلب الصلوات كان هو إمام المُصليين
شعر قصي بالحرج قليلًا فقال مشيرًا للكتاب بيد قصي
–كنت عايز الكتاب ليه ؟
تنهد سيف و فتح الكتاب ليبحث عن ذلك الحديث الذي يتحدث عن الصلاة.. وجده.. فأشار اليه بإصبعه ليقرأه
–إنَّ أول ما يحاسب به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِهِ صلاتُه فإن صلُحتْ فقد أفلح وأنجح وإنْ فسدتْ فقد خاب وخسِرَ فإنِ انتقصَ من فريضتهِ شيءٌ قال الربُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلُ بها ما انتُقِصَ من الفريضةِ ثمَّ يكون سائرُ عملِه على ذلك وفي روايةٍ ثمَّ الزكاةُ مِثلُ ذلك ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ على حسْبِ ذلك
“الراوي : أبو هريرة | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم : 2/83”
رمش قصي بأهدابه للحظات واتسعت عينيه الزرقاوتين بغباء دلالة على عدم الفهم..
“ايوه.. يعني ايه برضه.. مش فاهم !”
تنهد سيف بنفاذ صبر وقال مشيرًا لجمجمته
–دي عاوزك تفتحها كده.. دي بنستخدمها للتفكير.. ركز كده عشان أنا خلقي ضيق ومحتاج اصلا اللي يفضل معايا لحد ما اثبت على التوبة
–آه وجايلي أنا !!
–أنا وأنت هنسند بعض طول ما نيتنا توبة خالصة لله.. وبصراحة أنا عاوزك تعيني على عبادة ربنا زي ما هعينك
–اممم نشجع بعض يعني
–بالظبـــــط.. يارب تكون فهمت

 

 

–مقولتليش برضه.. ايه معنى الحديث
فكر سيف للحظات كيف سيشرح له الحديث وهو لا يجيد التفسير كثيرًا مثل شقيقه، خشي أن يشرح له شيء فيكون خاطئًا ويتحمل هو الذنب.. فقال مختصرًا بعد تفكير
–باختصار الحديث بيفهمنا قد ايه الصلاة مهمة.. ومن شدة أهميتها هتبقى هي أول الاعمال اللي هنتحاسب عليها.. لكن عشان تعوض الصلوات اللي مصلتهاش عشان يوم القيامة تبقى صلاتك كاملة.. تصلي النوافل كلها.. ربنا سبحانه وتعالى بياخد من النوافل دي ويكملك بيها فروضك الناقصة
–يعني ايه نوافل ؟
–لأ ده أنت ناوي تشلني انهارده
–طب ما أنت أصلًا مشلول
قالها قصي بابتسامة بلهاء تدل على شدة حماقته و غباءه ورمقه سيف بدهشة.. ظل الاثنين يتبادلان النظرات وألف علامة استفهام تقبع على رأسهما..
اتسعت ابتسامة قصي البلهاء وحك شعره بحرج ليردف معتذرًا
–أنا.. آسف.. مـ.. مقصدش
هز سيف رأسه بقلة حيلة و قال بملل
–حبيبي ولا يهمك.. احدف دبش براحتك.. بس المرة الجاية احدف براحة شوية
–طب بقولك ايه.. امك عاملة أكل ايه انهارده.. أنا جعان
مد سيف يده على الكومود بجانبه ليأخذ كتاب جامعي يخصه ثم ألقى به على قصي وهو يهتف بانزعاج
–ولاه.. ولاه غور من وشي.. قوم صلي اخلص
–بقى أنت اللي هتعلمني أنت.. أروح فين يارب بس.. مليش حد يارب..محدش عايزني.. أنا مش عارفني.. أنا توهت.. مني.. أنا مش أغــا
ولول قصي كالنساء بهذه الكلمات وهو يضع يده على رأسه ويضرب باليد الأخرى بخفة عليها .. فكان أشبه بأيقونة كوميديا متحركة.
هتف سيف بنفاذ صبر
–ربنا يعيني على الابتلاء ده والله.. بدل ما يبقى شلل نصفى بسببك يا قصي الكلب هيبقى كُلي
رد عليه قصي بصوت عالي مزعج وهو يدلف للمرحاض
–أنـــــــا أنــا كُلي ملكـك
تحرك سيف بكُرسيه نحو المرحاض وهو يصيح بغضب مزيف في محاولة فاشلة منه لاخفاء ضحكاته
–اخلص يالاه

 

 

“أنا مش ولد”
قالها قصي وهو يخرج رأسه من خلف الباب، فقال سيف ساخرًا
–طب اخلصي يا نجلاء
–عيون وروح نجلاء
________________♡
كل قلب له وطن يليق به، ومنذ أن التقيت بك أصبح لي وطن.. “نرمينا راضي”
*******
توقف زياد بسيارته أمام مركز طبي لعلاج الأورام الخبيثة.. نزل وفتح لهاجر الباب قائلًا بابتسامة عذبة
–يلا يا وردتي
نظرت له بعيون دامعة حائرة خائفة كثيرًا من المواجهة، ودت لو أن تهرب من العالم؛ لكي لا تواجه مثل ذلك الأمر العسر، لا تريد أن تُخزي زياد ولا أن تشعر قلبه المتيم بها بالحزن، و إنما أرادت أن يحدث أي شيء يطمئنه أنها ستكون بخير عاجلًا أم آجلًا، هو لا يستحق كل تلك المعاناة معها، يستحق زواج أفضل من هذا الذي تحويه الكئابة ورائحة الموت، تمنت لو أنها لم توافق على تلك الزيجة لما كان حدث ذلك.. لقد رأت الحزن والخوف في عين زياد وتدرك أنه يظهر الصلابة والقوة أمامها فقط؛ حتى لا يصيبها بالاحباط.
مدّ زياد يده لها يحثها على النهوض بإستماته فقال مداعبًا
–هتقومي ولا اشيلك ؟
رسمت ابتسامة صغيرة مزيفة لتنهض و تشبك يدها في ذراعهه والخوف يسيطر عليها شيئًا فشيئا.. مال زياد على أذنيها هامسًا
–بلاش التكشيرة دي.. الناس يفكرونا جايين نفجـر المركز
ضحكت بخفة على قوله فشاركها الضحك مردفًا
–شايفه اما بتضحكِ بتبقي عايزه تتباسي ازاي
صعقت من قوله فرمقته بحدة هامسة
–وبعدين.. احترم نفسك
“منا متنيل على عيني اهو.. هتنيل أكتر من كده !”
قالها وهو يندب بحسرة.. جلسا لقليل من الوقت قبل أن يستدعوا لاجراء الفحوصات..
لاحظ زياد أن يد هاجر ترتعد خوفًا، فأطبق على يديها يحتويها بحنان و أردف بلهجة مطمئنة
— إن الله أكرم وألطف من أن يرى خاطر عبده مكسورًا ولا يجبره.
تأملته مبتسمة للحظات وقالت بقلب غدى مطمئنًا واثقًا بالله
–توكلت على الله

 

 

دلفت هاجر لغرفة الطبيب وكانت الطبيب سيدة من أمهر الأطباء في اكتشاف الأورام الخبيثة.. أشارت لها الطبيبة بالجلوس وهي ترتسم على وجهها ابتسامة بشوشة قائلة
–ازيك يا هاجر.. عامله ايه ؟
نظرت هاجر لزياد مستفهمة عن معرفة الطبيبة اسمها فقالت الطبيبة ضاحكة
–اسمك موجود في الكشف
أومأت هاجر مبتسمة و أخذت تفرك يديها بتوتر.. لاحظت الطبيبة ذلك فأرادت مطمئنتها.. قالت بلطف
–مريض السرطان يا هاجر مبيخسرش أبدًا.. سواء ربنا شفاه أو توفاه في الحالتين هو اللي انتصر على المرض.. دي معركة مش سهلة ربنا بيختار فيها الأقوياء اللي يقدروا يتحملوا الابتلاء ده.. احنا نشكر ربنا على كل حاجة..
تنهدت هاجر بهمس.. الحمدلله
أشارت لها الطبيبة بأن تتسطح على فراش الفحص لتفحصها بدنيًا..
تساءل زياد بلهفة
–هو حضرتك مش هتحللوا دم وكده؟
ردت الطبيبة
–أنا هعامل هاجر كأنها لسه في مراحل السرطان الأولى.. هبدأ معاها من الصفر.. لازم اتاكد قبل ما أخد أي اجراء إن كل حاجه ماشيه تمام
أومأ زياد بتفهم وترك الطبيبة تقوم بعملها.. بدأت بتحسس مناطق من جسد هاجر؛ بحثًا عن كتل قد تشير إلى الإصابة بالسرطان.. أرادت الطبيبة عمل ذلك الفحص بالذات؛ لكي تتأكد إذا كانت هاجر مصابة بسرطان شديد أم ما زال في أوله.. لأن الأعراض الظاهرة على وجه هاجر لا تنبئ أنها في مراحلها الآخيرة، وأثناء الفحص البدني أخذت الطبيبة تبحث عن وجود أمور غير طبيعية، مثل تغيّرات في لون الجلد أو تضخم أحد الأعضاء، ولكنها وجدت أن جسدها بحالة جيدة نوعًا ما.. انتهت من الفحص وجلست هاجر على المقعد أمام مكتب الطبيبة مقابل زياد.. هتف الأخير متساءلًا
–خير يا دكتوره.. في أمل للعلاج صح ؟
ابتسمت الطبيبة بعفوية وقالت..
–مش هقدر أجاوب على أسئلة غير أما اعملها إجراء الخزعة لأن في حاجة مش مفهومه في الفحوصات اللي قدامي دي
تبادلا هاجر وزياد النظرات بقلق فتساءل زياد
–مش فاهم حضرتك.. ممكن توضحي أكتر ؟
شرحت الطبيبة بهدوء
–فحوصات هاجر على مدار السنين اللي فاتت بتشير إن العلاج مجبش نتيجة و آخر فحص بيقول إنها في المرحلة الآخيرة خلاص… لكن لما عملتلها الفحص البدني ملقتش الاعراض بتاعت المرحلة الآخيرة
هتف زياد بلهفة وعيناه التمعت بالأمل
–يعني هاجر خفت
ضحكت الطبيبة و قالت
–إن شاء الله في أمل.. بس مش هقدر برضه أقول أي حاجة غير بعد نتيجة اجراء الخزعة
عقدت هاجر جبينها بعدم فهم مستفسرة
–يعني ايه اجراء الخزعة ؟

 

 

أجابت الطبيبة
“في إجراء الخزعة بيجمع الطبيب عينة من الخلايا لاختبارها في المختبر.. ويعتمد إجراء الخزعة المناسب لكِ على نوع السرطان وموقعه. وفي معظم الحالات، تكون الخزعة هي الطريقة الوحيدة لتأكيد تشخيص الإصابة بالسرطان..لو شكي طلع في محله و موصلتيش لسه للمرحلة الآخيرة هيبقى في أمل كبير انك تخفي بإذن الله
تهللت أسارير زياد وانفرجت شفتاه وهو يتنهد بارتياح ويقول
–خير إن شاء الله.. أنا واثق في لُطف ربنا
أشارت الطبيبة لهاجر بأن تتقدم لغرفة المختبر؛ لكي يأخذوا منها عينة دم للفحص..
بعد أن انتهت هاجر من الاجراءات، استفسر زياد عن الموعد الذي سيعرف فيه نتيجة الاختبار فأخبرته الطبيبة أن هذا الاجراء يأخذ وقت ربما أسبوع وحالما ستظهر النتيجة ستبلغه بالأمر فورًا.. ترك زياد رقم هاتفه ثم أخذ هاجر وذهبا قاصدين معرض لبيع الأثاث المنزلي..
جلست هاجر بالسيارة و أخذت تعيد كلام الطبيبة في عقلها، بينما زياد ذهب ليحضر بعض الساندوتشات والمشروبات الجاهزة.. جاء بعد ربع ساعة وأعطى لهاجر ساندوتشًا قائلًا
–ممكن تصفي ذهنك من التفكير شويه وتاكلي ؟
أومأت بصمت وأخذت السنادوتش منه لتأكله رغمًا عنها.
لقد انتهين من الطعام واقتاد زياد السيارة نحو ذلك المعرض المقصود..
وصلا و ترجل منها وكذلك هاجر، أخذت الأخيرة تجوب بعينها المعرض بأكمله وهي تقول باندهاش واعجاب
–ماشاء الله.. كل حاجه فيه جميلة
“عيونك الحلوة هي اللي بتشوف كل حاجة جميلة”
قالها زياد وهو يغوص في عينيه بوله متناسيًا أنهم في مكان عام.. ابتسمت بخجل وتحاشت النظر بعينيه قائلة
–لاحظ أننا مش لوحدنا
أومأ بقلة حيلة
–أنا غلطان إني معملتش الفرح قبل كتب الكتاب
رمقته بنظرة شيطانية
–الفرح قبل كتب الكتاب ازاي !!!
ضحك كالأحمق ليقول ببراءة

 

 

–ايه ياشيخه.. ايه بقى يا شيخه.. ذلة لسان اقسم بالله
–اممم ماشي عفونا عنك.. تعالى نشوف الاوضه دي كده
تجولا الاثنين في هذا المعرض الواسع و الملئ بالأشكال والأنواع المختلفة من الغرف الراقية والمقاعد الأنيقة… أُعجبت هاجر بغرفة نوم أنيقة جدًا بألوان متداخلة رقيقة مبهجة وأكثر شيء زاد اعجابها في تلك الغرفة، أن الفراش معه خمس وسادات واحدة مستطيلة واثنين على شكل مربع متوسطة الحجم واثنين آخرين بحجم صغير..
قالت بابتسامة راضية
–عجباني اوي وخصوصا إن فيها مخدات كتير عامله كاريزما للاوضه كده
أجاب زياد مداعبًا
–بس احنا مش هنحتاج مخدات
–اومال هننام على ايه
–هتنامي في حضني
–لأ.. أنا بقول نروح أحسن عشان كده مش هينفع
ضحك بخفة على خداها اللذان يتوردان بخجل فور أن يغازلها، بينما هي كانت في قمة خجلها وغضبها منه.. قالت بتحذير
–ممكن متكلمش تاني لحد منخلص ؟
أومأ باستسلام وهو يضحك
–حاضر.. ايم سوري
تركها تختار باقي الاثاث كما تحب وبالالوان التي تحبها.. اختارت أجمل الالوان المتناسقة.. ورتب زياد مع صاحب المعرض موعد لاحضار الأثاث للمنزل…
بعد ذلك ذهبا لحجز قاعة أفراح، وقع الاختيار على قاعة جميلة جدًا ومصممة بتصاميم راقية ورائعة.. والاجمل فيها أنها بطابقين.. طابق للنساء وآخر للرجال..
انقضى اليوم سريعًا ولم يتبقى سوى اختيار ألوان الدهان لحوائط الشقة..
ركبا السيارة عائدين للحارة..
أحاط زياد كتف هاجر، فأبعدته عنها بخجل دون أن تعلق بشيء، أعاد الكرّة قائلًا برقة
–أظن إن مبعملش حاجة غلط.. ولا ايه ؟
ابتسمت بإيماء دون أن تتحدث.. تابع
— مبسوطه ؟
أجابت بابتسامة بسيطة

 

 

–الحمدلله.. ربنا يباركلي فيك يا زياد
برقت عيناه بسعادة و انشرح صدره ليقول بصوت ملئ بالبهجة والحب
–ياء الملكية في كلمة يباركلي دي خلتني هاين عليا اقوم اوزع سعادة على العالم كله بمناسبة أنك بتحبيني.. هاجر.. يا وردتي.. أنتِ أجمل هدية و أجمل نعمة ربنا رزقني بيها.. أنا لو فضلت أحمِد ربنا من هنا لآخر عمري مش هوفي حقه.. والله العظيم بحبك.. بحبك أوي
تأملته هاجر بحب لتبادله الابتسامة المرحة قائلة
— وأنا كمان بحبك يا زياد
ضمها اليه برفق و قبلها من جبينها برقة فمالت على كتفه حتى وصلا..قربها منه يشعره بسعادة طاغية لا مثيل لها، وكأنه نال سعادة العالمين.
يقولون أن السعادة هي أن تَجد شَخص يَشبه روحك كَثيرًا، ولكن السعادة لا تتلخص في ذلك فقط.. هذا هو زياد مثال رائع للشاب التائب عن ذنبه ليس لأجل فتاة يحبها، بل لأجل رب جميل غفور يهب لعباده المخلصون أجمل الأرزاق، وكان رزق زياد هي دعوة رددها دائمًا في سجوده بثقة في أنها ستتحقق وتحققت و استجابت دعوته..هذه هي السعادة أن تصلي الاستخارة من أجل شيء تحتار فيه ولكنك تحبه، فتجد أن الله أيضًا يوافقك المضي قدمًا في هذا الشيء، السعادة أن يختار لك الله أمرًا كنت تود دائمًا أن تحظى به.. السعادة أن يتفق عقلك وقلبك على شيء ولا تحتار فيه أبدًا.. تلك السعادة نالها زياد ولو تحدثتُ في ألف سطرٍ عن سعادته بزواجه من هاجر لن يكفي.
نزل كلاهما من السيارة و ألقيّ التحية على جميع من بالمنزل قبل أن يصعدا لشقتهم لاستكمال باقي الاستعدادات لتجهيزها.
أعطاها زياد كتالوج ألوان لتختار أيهما الألوان تناسب الغرف.. ولأنها اختارت غرفة سفرة تعتمد على الأسلوب الكلاسيكي الحديث فهي تجمع بين اللون الذهبى مع البيج الكريمي.. فاعتمدت على اللوان الفانيلا لاتيه للحوائط..
أعجب زياد كثيرًا بذوقها الرفيع و أثنى عليه.. دلفت لغرفة الأطفال لتختار ألوانها ولكنها شعرت بالدوار الشديد فأخذت تغمض عينيها و تفتحهما بسرعة وهي تكاد تفقد توازنها.. سرعان ما اختل توازنها ولأنها كانت تقف بالقرب من زياد، لاحظ ذلك عليها فالتقطها سريعًا بين ذراعيه و أجلسها برفق على مقعد في الصالة.. ثم هبط سريعًا للمطبخ ليعد كوب ماء بسكر عله يزيل آثار الدوخة
..
شربت هاجر الكوب و أردفت بوهن
–مش عارفه في ايه.. حاسه إن الشقه بتلف بينا
جلس زياد أمامها وقام بتدليك يديها برفق ليقول
–هتبقى كويسه.. الدوخه دي من الأنيميا اللي عندك
ضحكت بتعب قائلة
–معلش يا زياد.. نصيبك كده.. تاخد واحدة خلصانه
نهرها بلطف

 

 

–ده أحلى نصيب في حياتي.. متقوليش كده تاني.. أنتِ هتبقي زي الفل إن شاء الله
صمتت للحظات ثم تساءلت بهمس
–بتحبني للدرجادي يا زياد ؟
أجابها بهمس مماثل وهو ينظر في عينيها مباشرة
–بعد كل اللي مرينا بيه مع بعض لسه بتسألي بحبك ولا لأ !.. هاجر.. أنا روحي متعلقة بيكِ..
اصلا حياتي من غيرك مش حياة.. أنتِ حبيبتي.. أنتِ كُل النساء.
اتجرأت ومدت أناملها لتداعب خده برقة
–ليا عندك طلب.. وصية بمعنى أصح.. لو بتحبني فعلًا نفذها
تساءل بعدم فهم
–وصية ايه ؟
قالت وهي تحاول جاهدة أن تحبس دموعها
–متقاطعنيش و اسمعني للآخر.. أنا حاسه إن مش هكمل.. حاسه إن نهايتي في الدنيا قربت.. بيقولوا اللي أجله قرب بيحس قبلها.. شامة ريحة الموت في كل مكان.. بقيت أحلم بـبابا كتير.. قلبي بيقولي إني هروحله..
“نزلت الدموع رغمًا عنها فأكملت”
الموت علينا حق.. كل إما أفتكر إن خلاص هقابل ربنا بفرح أوي.. بس لما افتكر إن هسيبك قلبي بيوجعني.. أنا بحبك..بحبك أوي يا زياد.. بس لكل أجل كتاب.. احنا مؤمنين لازم يكون عندنا ايمان بالموت حتى على أقرب الناس لينا..
لم يتمالك زياد نفسه؛ فأذرف الدموع من عينيه وهو يستمع لحديثها بتيه… تابعت هاجر وهي تمسح له دموعه
–وصيتي ليك إن لو مُت.. تكمل حياتك عادي.. مش هيفرحني غير إنك تعيش حياتك في سعادة.. تتجوز تاني وتبني أسرة.. مش هقولك حاول تنساني لأن المُحب مبينساش حبيبه بس عيش حياتك عادي يا زياد.. الدنيا مبتوقفش على حد..
نهض زياد وهو يبعد يدها عن وجه و يهتف بتعصب
–مسمعكيش تقولي الكلمة دي تاني
هزت أكتافها بضعف قائلة
–مش بمزاجنا.. كلنا هنموت
“ايوه.. كلنا هنموت.. بس نموت سوا أنا وأنتِ.. لكن أنك تـ.. تـ.. حتى الكلمة مش قادر اقولها.. دي أنـــــانية.. أنتِ ازاي طلعتِ أنــــــــانية كـــــده ازاي.. عايزه تمشي قبلي.. عايزه تسيبيني لوحدي !!! ”
قال ذلك وهو يصيح كالمجنون بعد أن فقد أعصابه.
تحاملت على نفسها؛ لتنهض وتقف أمامه تحاول تهدئته فقالت بتوسل
–أرجوك اهدى.. و الله ما اقصد أنكد عليك.. أنت متستاهلش توقف حياتك عشاني.. زياد أنت تستاهل أحسن حياة
صاح و الدموع تغرق وجهه ممسكًا بأكتافها
“أنتِ حياتي يا هاجر لو سيبتيني حياتي هتنتهي”
أردفت بعجز

 

 

–مش بمزاجي.. أنا.. أنا نفسي أعمل أي حاجه تخليك أسعد واحد في العالم.. بس ما باليد حيلة.. الحاجة الوحيدة اللي هتبسطني إنك تنفذ وصيتي.. بالله عليك ريحني و قول إنك موافق
ابتعد عنها وولاها ظهرها هاتفًا بغضب وهو يركل الكرسي أمامه
— أنتِ مجنونه !! أوافق على ايـــــه ؟؟؟
أحنا رسمنا أحلامنا ومستقبلنا سوا ليه ببساطة عايزه تهدميها كده ليـــــه ؟؟؟
وقفت هاجر تطالعه بيأس وبقلة حيلة.. استدار زياد ليرمقها بنظرة عتاب كأنه يريد أن يوبخها على ما قالته، ولكن مجرد التخيل فقط أنها ستختفي في يوم ما.. جعله يجث على ركبتيه بعجز أمامها و أمسك يديها ليقول ببكاء و توسل
–بالله عليكِ متجبيش السيرة دي تاني.. أصل.. أصل مش معقول ربنا هياخدك مني بعد كل الحب ده.. ربنا مش هيكسر بخاطري.. أنا.. أنا متأكد..
ثم نهض واحتوى وجهها ليهمس بتوسل كأنه يناشدها و يستعطفها لتكف عن قول ذلك
–بالله عليكِ متقوليش كده تاني.. أنتِ كده بتقتليـني.. حسيت إن روحي بتنسحب مني مجرد ما اتخيلت انك ممكن تسيبني في الدنيا لوحدي وتمشي..
–بس…
أسكتها بقبلة عميقة على جبينها وضمها لصدره بقوة ليقول بصوت متهدج
–اطردي الهلاوس دي من دماغك.. والله العظيم لو سيبتيني يا هاجر مش هسامحك أبدًا
همست بوهن
–هيبقى غصب عني والله يا زياد.. احنا مبنختارش الموت.. هو اللي بيختارنا.. ده واقع
ضمها لصدره أكثر كأنه يحاول ادخالها في قلبه ليخفيها عن العالم
“انسي الواقع.. اعتبرينا رسومات كرتونية.. مفيش حاجه بتفرقهم أبدًا ”
دفنت رأسها في رقبته، ولفت ذراعيها حوله تعانقه أكثر مردفة
–الشيء الوحيد اللي مطمني.. أن ربنا لو أنعم علينا بالجنة…
أسكتها مكملًا
“هتبقي حوريتي.. و في الجنة مش هنموت أبدًا”
ابتسمت متابعة
” و هنفضل مع بعض علطول ”
أومأ مؤكدًا على كلامها
“ومفيش حاجة هتفرقنا”
ابتسمت برقة ثم قبلته من خده فضمها اليه برفق حتى مرت خمس دقائق، شعر فيهم أن جسدها سكن بين ذراعيه و أوصالها لا تتحرك.. !
________________♡

 

 

وصل بدر أمام هذا الفندق السياحي الضخم والراقي جدًا، الساعة الثالثة والنصف صباحًا..
وقع اختياره على تلك المدينة السياحية الرائعة والتي تفتخر مصر بها كونها أحد المدن السياحية و أجملها جذبًا للسياح من مختلف البلدان في العالم.. “مرسى مطروح” مدينة الجمال والسحر والمناظر الخلابة، اختارها بالذات لعشق عائشة لها، فهي تعتبر المدينة السياحية الوحيدة التي تتوق لزيارتها كل صيف، على الرغم من أن بدر يحب الأسكندرية عنها، ولكنه يكفيه أن يرى تلك الابتسامة الجميلة عندما ستعرف عائشة بذلك، المهم عنده هو ارضاء صغيرته العنيدة.
كانت ما زالت مستغرقة في النوم على فخذه.. هزها برقه لإيقاظها.. استيقظت وهي تتثاءب متسائلة..
–جبت أكل ؟.. أنا جعانه
ضحك وهو يميل؛ ليُقبلها من خدها قائلًا
–جبتلك الأحلى من الأكل
عقب قوله بأن فتح لها باب السيارة ليجعلها تقرأ تلك اللافتة الكبيرة المعلقة أعلى الفندق و المزينة بإضاءة ملونة جميلة وقد كُتب عليها
“كارلوز بوريفاج” فندق في أحد المنتجعات الراقية بمرسى مطروح..
رمشت بأهدابها الكثيفة عدة مرات ثم نظرت له بإستفهام.. فقال باسمًا
–آهلًا بحبيبة بدر في مرسى مطروح
اتسعت عينيها بعدم تصديق وأخذت تنظر بتمعن نحو الفندق ثم تعيد النظر لبدر.. أما هو طالعها بغرور مصطنع ليقول
–مش هتشكريني طيب ؟
تجاهلت ما قاله أو أنها لم تسمع من الأساس؛ بسبب الصدمة التي حلت بها، فنزلت من السيارة وأخذت تتأمل جمال المنظر.. نزل بدر واقترب منها ليقف وراءها قائلًا بهمس
“دي أول المفاجئة.. أنتِ لسه مشوفتيش حاجة”
استدارت اليه هاتفة بحماس ولهفة
–في ايه تاني ؟؟ بص.. أنا عاوزه اسكيت و حالًا
–عايزه ايه ؟
–اسكيت.. عارف الشوذ ابو عجل اللي بيتلبس في الرجل ده
–لأ.. أنا معرفش غير الشوذ اللي بينضرب به اللمضيين
–يعني مش هتخليني اسكيت ؟
–اسكيتي بالله عليكِ لحد منطلع فوق
–فوق فين ؟
–أنا حاجز اوضه في الفندق ده لنا.. اومال هنام فين
–وياترى بقى حجزتها بسريرين ولا واحد يا محترم ؟
–مفيهاش سراير.. هنام على الأرض
قالها وهو يأخذها من يدها كالطفل.. استلم مفتاح الغرفة بعد أن تأكد من اعدادها من كل شيء كما طلب..
أخرج من جيبه شريطة سوداء ليربطها على عينيها قائلًا
–استعدي للمفاجأة يا جميل
فتح باب الغرفة و دلفا للداخل ثم أغلقه وراءه و أضاء النور، و فك لها الشريطة وهو يبتسم بحماس منتظرًا ردة فعلها..
اتسعت عين عائشة بدهشة وذهول وصدمة مما رأته..
زينت الغرفة بأجمل زينة العيد ميلاد.. الجدران عُلقت عليها ”
Happy Birthday to You Aisha

 

 

وعلى جدار آخر كُتب بحروف منتفخة ولامعة بألوان مختلفة
Happy Birthday to you Badr’s mistress.
وعلى الجدار الثالث.. كُتب بألوان مزخرفة تسر الناظرين.. “كل عام و أنتِ لي عائش”
أما الجدار الرابع كُتبت تلك الجملة.
“أنتِ الأنثى الوحيدة التي استطاعت احتلال قلبي”
أما في سقف الغرفة علقت زينة أخرى وبعض البلالين مختلفة الألوان.. وعلى الأرض افترشت الزينة المصممة من الورورد البلاستيكية.. أما الفراش رُسم عليه قلب كبير من الورد الأحمر وفي داخله عُلب كثيرة من الهدايا..
كل ذلك وكل تلك الزينة الرائعة و الجُمل الجميلة هي من تصميم بدر..قام برسم كل ذلك على ورقة وصورها ثم ارسلها للمعدين العاملون بالفندق لينفذونها.. يعلم أن الاحتفال بأعياد الميلاد ما هي إلا بدعة ولم تورد في السنة النبوية أو القرآن الكريم، ولكن نيته أن يفعل شيء يبهج وينير قلبها به.. و لم يجد فرصة سانحة كذلك اليوم قبل البدء في امتحانتها و أيضًا لعلمه أن الهدايا تسعد القلوب.. كما جاء عن النبي ـ صل الله عليه وسلم ـ احيث قال: ( تَهَادُوا تَحَابُّوا )
رواه البخاريّ في الأدب المفرد، ومالك، وصححه الألباني .
وهو أراد بذلك أن يجعل المحبة تؤلف قلبها تجاهه.
استدارت عائشة لتقول وهي تشير بدهشة واعجاب شديد للغرفة
–كُل ده عشاني ؟؟
أومأ وهو يبتسم.. فاعادت التأمل في جمال الغرفة.. ثم استدارت له ثانية واقتربت منه لتقف على أطرافها و عانقته برقة غير معهودة قائلة
–أنت جميل أوي بجد.. ربنا ميحرمنيش منك
لف يده حول خصرها ليقول بغرور
–بعد كل اللي عملته ده.. اطلع بالكلمتين دول بس !
تنهّدت بخجل قبل أن تقول
“خلاص استسلمت”
تساءل بعدم فهم
–يعني ايه ؟
همست بصدق
–مش هعاند نفسي تاني.. أنا بحبك
ضرب على قلبه بخفة عدة مرات وهو يهتف بعدم تصديق و بفرحة عارمة ارتسمت على محياه

 

 

“أخيــــــــــــــرًا.. يــــــاه.. كانت فين من زمان الكلمة دي.. ده أنا ريقي نشف يا مفترية
ضحكت بشدة على ردة فعله الجنونية ثم تركته وقفزت على الفراش كالصغار حينما لمحت الهدايا.. أخذت تفتحها واحدة تلو الأخرى وهي تبدي اعجابها الشديد بكل ما تحويه.. فكانت في العلبة الأولى.. الكثير من الشوكولاته المختلفة.. والعلبة الثانية اكسسوارات رائعة أما الثالثة هي التي جعلتها تصيح بمرح وسعادة..
لقد أهداها هاتفا من أحدث الاصدارات، مما جعلها تتجه نحوه وهي تصرخ بمرح؛ لترتمي بين ذراعيه فعانقها ضاحكًا ليقول
–عجبتك المفاجأة ؟
هزت رأسها بسرور وعادت لتعانقه وهي تشكره قائلة
–ده أجمل عيد ميلاد اتعملي.. ده أجمل يوم في حياتي
قال وهو يمسد على ظهرها بحنان
–من هنا ورايح هتبقى كل أيامنا جميلة إن شاء الله.. طول منا عايش هفضل افرحك.. ضحكتك دي عندي بالدنيا.. وفرحتك بتهون عليا تعب الأيام
ابتعدت عنه قليلًا و تساءلت
–بس هو ليه مفيش غير سرير واحد ؟
–هو احنا غلطانين مع بعض !! أنتِ مراتي يا غبية
–ايوه.. بس احنا متفقين كل واحد ينام لوحده
قالت ذلك قاصدة استفزازه، ولكنه يدرك ما سوف تقوله قبل أن تتفوه به، هو مُربيها ألا يعلم مالذي تفكر به تلك الداهية الصغيرة ؟!
قرر مجاراتها فأومأ ببساطة
–طيب.. أنا هنام على السرير.. شوفي بقى أنتِ هتنامي فين
رمقته بنظرة حادة مضحكة و قالت
–بدر.. قول الصراحة.. أنت عاوز تتحرش بيا
انفجر ضاحكًا وهو يطالعها بعدم تصديق لما تقوله فتابعت وهي تدفعه في صدره، بينما هو ترك نفسه لها تمامًا تضربه كما تشاء حتى أوقعته على الفراش و جلست على خصره ويديها تطبق على ياقة قميصه كالمجرمين.. فقال وهو لا يستطيع التوقف عن الضحك
–مين اللي بيتحرش بمين دلوقت !
نهضت من عليه باحراج ثم ألقت الوسادة على رأسه هاتفة باندفاع
–ده ابليس يصقف لتفكيرك.. مجرجرني من آخر الدنيا عشان تستفرد بيا يا عديم التربية
قال وهو ما زال يضحك

 

 

–وطي صوتك ليفكروا إني خاطفك بجد
وجهت أصابع الاتهام اليه
–أنت كده تعتبر خاطفني فعلًا
صفع بدر جبهته بخفة وهو يتمتم بقلة حيلة
–يارب تخلص بقى.. أنا مش هستحمل هرموناتها المجنونة دي كتير
وصلت لمسامعها بعض الكلمات بصعوبة فتساءلت بغباء وهي تلقي الوسادة الثانية عليه
–هي ايه اللي تخلص ؟؟
قال بخوف مصطنع وهو يجاهد ألا يضحك
–هي مين اللي تخلص ! أنا قلت تخلص !!
حسبي الله.. يخربيت الزولم
شمرت عن ساعديها و بداخلها تنوي أن تبرحه ضربًا.. فهتفت وهي تندفع نحوه تكيل له لكماتها الضعيفة
–أنت متربتش و أنا هربيك..

يُتبع ..

‫3 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *