روايات

رواية يناديها عائش الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم نرمينا راضي

رواية يناديها عائش البارت السادس والثلاثون

رواية يناديها عائش الجزء السادس والثلاثون

يناديها عائش

رواية يناديها عائش الحلقة السادسة والثلاثون

‏أنا لست أميل إليه بل اتجه له باستقامة وثبات لم يسبق وأن شعرت بهما من قبل.2
********
بعد جـدال دام لدقائق بين عائشة و بـدر حول رفضها أن ينام في غرفتها، و إصراره على النوم بجانبها، استسلمت في نهاية الأمر حين تملك منها النُعـاس و أسبلت جفونها؛ فجذبها برفقٍ بعد أن تأكد من أنها غطت في النوم ووضع رأسها على كفه ثم اعتدل ليكون وجهه مُقابلًا لوجهـا، وظل يتأملها بابتسـامة عاشقة حتى أرتخت جفونه و استسلم للنوم هو الآخـر.3
استيقظت عائشة باكرًا على شعورها بألمٍ أسفل معدتها جعلها تتلوى مصدرة صوت تأوهٍ بسيط، نهضت من جانب بدر و رمقته للحظة فوجدت خصلات شعره الطويلة تغطي نصف وجه، أزاحتها عنه برّقة و مالت عليه لتُقبله من خده، ولكن سُرعان ما عاد الألم ليمزق أحشاءها فوضعت يديها ثانيةً أسفل بطنهـا، وشعرت بذلك الشعور المعتاد الذي تشعر به جميع الفتيات كل شهر؛ فنهضت سريعـًا ودلفت للحمام تتفحص نفسها.. وجدت أن ظنها في محله.
أغمضت عينيها تزفر بضيق وخرجت تمشي على أناملها ببطء خشيةً أن يستيقظ بـدر الشباب ويراها على تلك الحالة، فيسبب لها ذلك إحراج كبير هي في غنى عنه.
أخذت تبحث عن بعض الفوط الصحية في المكان الذي تضعهم فيه كُل مرة، ولكن للأسف الشديد وجدتهم قد نفذوا.. ظلت تُفكر للحظات تُرى ماذا ستفعل، سُرعان ما خطـرت ببالها فكرة، فأخذت هاتفها وحادثت هاجر.
كانت هـاجر قد استيقظت لصلاة الفجر وظلت تقرأ القرآن كعادتها، حتى بدأ الصُبح بالتنفس؛ فقـامت لتعد طعام الإفطـار.. أثناء تقشيرها للبطاطس رنّ هاتفها فظنت أنه زياد نظرًا؛ لأنه أخبرها بذهابهما لعدة مشاوير اليوم بعد أن أخذ الإذن من والدتها وبدر.1
تحولت ملامحها للتعجب عندما وجدت أن المتصل ابنة عمها.. أجابت في الحال
“السلام عليكم.. خير يا عائشة أنتوا كويسين ؟”
ردت عائشة بصوتٍ خافت وأخبرتها بأن تحضر لها اللوازم لذلك الأمر.
كادت أن تبكي من فرط الوجع فلحقت نفسها واتجهت تجلس في الحمام لحين أن تأتي هاجر.
دقائق وسمعت صوت البوابة السفلية للمنزل تُفتح، فهرعت تنتظرها على الدرج حتى لا توقظ بدر.
أعطتها هاجر الأشياء وهي تتساءل باستغراب
–أنتِ مال وشك مخطوف كده ؟
“أنا ممكن أمـوت من الإحراج لو بدر صحى وشافني في الحالة دي.. بجد شكرًا أنك أنقذتيني”
قالتها عائشة بصوت يبدو عليه التعب، تفهمت هاجر الأمر وسألتها إذا احتاجت شيء آخر، فشكرتها عائشة للمرة الثانية.
ذهبت هاجر واتجهت الأخرى للمرحاض؛ لتغيث نفسها من هذا الموقف المُخجل لأي فتاة.
بدلت ملابسها بأخرى نظيفة وخرجت تمشي بتعب متجهة لغرفة أخرى.. تسطحت على الفراش ما هي إلا لحظات وأخذت تتلوى يمينـًا ويسارًا وتبكي بخفوت من شدة الألم.
دقائق مرّت ولمحت طيف لشخص طويل وعريض البُنية يقف عند الباب.. نهضت سريعـًا بخوف فما كان ذلك الشخص سوى بدر الذي آتى حاملًا كوبـًا ساخنًا من القرفة وضعه على الكومود بجانبها تحت نظرات الاستفهام والتعجب منها.. جلس بالقرب منها، ووضع وسادة خلف ظهرها حتى يجعلها تجلس بأريحية لتشرب القرفة.. طبع قُبلة حنونة على شعرها قائلًا2

“اشربيها و أنا هعمل حاجة كده وجاي”

سألته بدهشة
–أنت.. أنت عرفت منين.. ولحقت تعمل القرفة امتى ؟2
قال باسمـًا وهو يداعب خديها بحنان

–أول ما قومتي من جنبي أنا صحيت.. بس سبتلك مساحة كافية تاخدي راحتك وسمعتك وأنتِ بتكلمي هاجر.. محبتش اطلع و اسببلك احراج.. استنيت لحد ما مشيت و أنتِ دخلتي الأوضه و.. بصراحة مكنتش عارف اتصرف ازاي فقرأت شوية معلومات من جوجل عن الموضوع ده لقيت إن القرفة مشروب كويس يعني.3
تلون وجهها بحُمرة الخجل وأخفضت بصرها في استحياء منه، فمد أنامله ليرفع لها ذقنها مُردفًا

–أنا وأنت واحد يا عائش يعني اللي يتعبك يتعبني
تأملته لوهلة بغباء وعلامات الاستفهام تملأ وجهها

“اللي يتعبني يتعبك ازاي !”2
راجع في ذهنه ما تفوه به، فبدا عليه الاحراج قليلًا.. حمحم ليقول بارتباك

–احممم.. مقصدش اللي في دماغك بالضبط.. يعني.. قصدي بتعب لتعبك.. مش عارف اجبهالك ازاي.. بس… يعني..
قاطعته متفهمة الأمر، وهي تداعب خصلات شعره المتدلية على أكتافه بروعة

–فاهمة قصدك..3

سرعان ما عادت لتتأوه ثانية، فوضعت يديها تشد بها على بطنها.. قام بدر في الحال ليعدل من رأسها على الوسادة ثم تركها ليذهب للمطبخ وهو يقول بخوف عليها

–عائش حبيبتي مش هغيب.. دقيقة و جاي2

وضعت طرف الوسادة في فمها وضغطت عليها بأسنانها بقوة كلما اشتد الألم عليها، بينما بدر أحضر فوطة وجه لينة ووضعها في ماء دافئ لثوانِ ثم عصرها لتصبح جافة و دافئة.. جلس بجانب عائشة ورفع لها ملابسها ليفعل لها كمادات دافئة أسفل بطنها.. كانت تراقب ما يفعله بتعجب شديد بينما هو وضع المنشفة في الماء الدافئ ثانية ليمسد على بطنها بها حتى أحست عائشة بأن الألم بدأ يزول رويدًا وذلك ذاد من تعجبها فتساءلت1
“بطني مبقتش توجعني زي الأول.. أنت مين قالك على الكمادات دي ؟”
ابتسم و أنزل ملابسها ثم ناولها كوب القرفة لتشربها قائلًا

–ما قولتلك دخلت على جوجل دقيقة عرفت كل حاجة.. وعرفت كمان إن أنتِ بعد ما تشربي القرفة هتاكلي
قال آخر جملة مُصرًا، فهزت رأسها بنفي رافضة

–لأ.. مليش نفس

–مفيش حاجة اسمها ملكيش نفس.. وشك اصفر وملامحك باين عليها التعب.. لازم تاكلي ولو حاجة بسيطة
–يا بدر أرجوك..
قاطعها باصرار وهو ينهض متجهـًا للمطبخ ليعدّ لها الإفطار
–هتاكلي يا عائش2
تأففت بتذمر ثم وضعت كوب القرفة بعد أن انتهت منه وحاولت أن تتصنع النوم قبل أن يأتي، خجلت عائشة من نفسها كثيرًا حين علم بدر بأمرها.. أرادت أن تتقبل الأمر كونه زوجها ولا حاجة لها للخجل منه ولكنها لم تستطيع وتمنت أن تتشقق الأرض و تبتلعها ولا يحدث ذلك أمامه.. نمت ابتسامة رقيقة جانب شفتيها عندما تذكرت معاملته اللطيفة لها منذ قليل و أحبت خوفه عليها ورقته معها مُحاولًا أن يجعلها تتقبل الوضع كما هو وتعتاد عليه وهو معها فلا داعِ للخجل منه.1
جاء بدر بـ ساندوتش من الجُبن المفضل لديها وكوب آخر ساخن من النعناع.. نظرت له عائشة مبتسمة باحراج ثم أخذت منه الساندوتش لتأكله رغمـًا عنها..
قال بدر مشيرًا لكوب النعناع

–المشروبات السخنة هتريحك

أومأت بصمت فشعر بأنها محرجة من تواجده معها.. قال في محاولة منه ليخفف من خجلها

–عندي ليكِ مفاجأة بالليل إن شاء الله
تساءلت في الحال بفضول

–ايه هي ؟؟
ضحك وهو يميل عليها؛ ليُقبلها من خدها

–منا لو قولتلك مش هتبقى مفاجأة.. ارتاحي وأنا هعمل مكالمة كده عالسريع و جايلك
أومأت مبتسمة وعادت لتشرب ما تبقى من كوب النعناع، بينما بدر خرج من الغرفة ليهاتف أحد العاملين معه في الورشة..
–السلام عليكم ياسطا بدر

–وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا سيد.. اخبار الشغل ايه ؟
–تمام كل حاجة ماشيه مظبوط.. بس فيه باشا كبير كده ركن عربيته هنا طلب مننا شوية شغل فيها كده.. والصراحة في حاجه في الموتور مش عارفين نصلحها

–خلاص بلغه إنه هيستلمها كمان يومين لأن انهارده مش هينفع اجي
–خلاص يسطا تمام
–سلام.
أغلق بدر المكالمة وقد قرر ألا يذهب للعمل اليوم عندما علم بتعب عائشة، فليذهب العالم برمته للجحيم و زوجته بحاجة إليه.. رنّ على رقم آخر وهاتفه قائلًا2

–السلام عليكم.. عايز احجز يومين عندكم في الفندق
–تحت أمرك يا فندم.. بإسم مين ؟
–بدر الخياط.. بس عاوز الأوضة تكون مزينة بزينة العيد ميلاد.. هبعت التكاليف بالفيزا1

–تمام يا فندم.
انتهى من مكالماته وذهب لعائشة فوجدها تبكي بصوت مكتوم.. كان منذ قليل سعيد بما يعده لها من مفاجآت، ولكن عندما رآها تنكمش على نفسها وتبكي و كأن جبال من الهموم تحيطها.. تحولت ملامحه للخوف والقلق عليها؛ فجلس ممسكًا بكفيها و قبْل باطنهما بلينٍ متسائلا بلهفة

–عائش حبيبتي.. لسه تعبانه ؟
سحبت يدها منه وصاحت بغضب

–ملكش دعوة.. واتفضل اطلع برا9
تعجب بدر من تحولها المفاجئ، ولكنه تغاضى عما قالته وضمها برفق لصدره فعانقته عائشة وأخذت تبكي بصوت خافت.. لم يرد بدر أن يجادل معها كثيرًا، فهو يعلم أنها الآن متعبة وبحاجة ماسة للاحتواء، لقد قرأ عن معاناة النساء وعن أعراض وآلام فترة الحيض عندما استيقظت عائشة وذهبت للمرحاض.. لمح بقعة دماء على الفراش بجانبه في بادئ الأمر فزع عليها ولكنه اطمئن بعد ذلك حين سمعها تحادث شقيقته في ذلك الأمر، لم يتردد لحظة ونهض ليفترش ملائة سرير أخرى غير التي اتسخت قبل أن تراه عائشة حتى لا يتسبب باحراجها.
توقفت عائشة عن البكاء بعد دقائق، فأبعدها بدر عنه برفق ليسألها
–أحسن دلوقت ؟
أومأت دون أن تتحدث، فلاحظ أنها ما زالت محرجة منه.. حاول مشاكستها فقال

–أنتِ مكسوفه مني ليه ؟ أنا جوزك والله.. على رأي المثل اللي تنكسف من ابن عمها متجبش منه عيال

ضحكت عائشة بخفة لتقول

–أنت شقلبت المثل.. بيتقال كده.. اللي ينكسف من بنت عمه ميجبش منها عيال
“بس أنا مش مكسوف.. وربنا أنا ما مكسوف”3
قالها بدر بانفعال مضحك قاصدًا استفزازها، فاحمر وجهها بخجل أكثر وهمست

–مكنتش اتوقع انك كده
تسـاءل بعدم فهم

–أنا كده ازاي ؟
قالت بتلجلج

–قصدي إنه.. مكنش باين عليك أنك قليل الأدب كده
اتسعت عين بدر بدهشة وضحك معللًا

–أنا قليل الأدب !
أومأت مردفة

–ايوه..يعني واحد زيك ملتزم دينيـًا.. محدش يتوقع إنه يبقى رومانسي كده
–نفسي اعرف مين اللي زرع الفكرة المتخلفة دي في دماغكم.. يابنتي مش اي حد بيصلي وبيحاول يرضي ربنا يبقى قفل و مبيهزرش.. ده الراجل لما يبقى رومانسي وحنين على مراته وطيب مع أهل بيته فهو كده بيطبق لشرع الله، والرسول عليه الصلاة والسلام وصانا بالنساء.3

صمت لوهلة ثم تابع غامزًا وهو يقترب منها
–وكل ما زادت رومانسيتي معاكِ، كل ما زادت حسناتي وأنا بصراحة طمعان في الجنة
دفعته في اكتافه بوهن وهتفت معترضة على قربه منها

–بدر متستغلش تعبي.. واطلع برا.. روح شغلك متفضلش قاعدلي كده
اعتدل في جلسته حتى لا يزعجها و قال بنظرات حُب

–مش رايح في أي مكان انهارده و سايبك.. لما تخفي و اطمن أنك بقيتي كويسه هروح الشغل

لم تعترض فهي حقـًا متعبة وتحتاجه بجانبها ولكن شعور الخجل والاستحياء منه ما زال يلاحقها.. لحظات وعادت بطنها تؤلمها.. أرادت أن تذهب للمرحاض.. حاولت النهوض وحدها فأسندها بدر سريعـًا ورغمًا عنها مالت عليه بتعب.. حملها برفق ولم تُبدي عائشة أي اعتراض، فكانت تشعر بأنها مغيبة عما يحدث حولها بسبب آثار الدوار.. أنزلها برفق أمام المرحاض وانتظرها بالخارج لحين الانتهاء.. خرجت عائشة وهي تنظر له بتقزز..1
تساءل بدر بتعجب

–أنا ضايقتك في حاجة ؟
هتفت بغضب وهي تستند على الحائط وترفض مساعدته

–ملكش دعوة.. أنا زهقانه.. بص.. ابعد عني.. عاوزه ابقى لوحدي.. ممكن ؟4
اصطنع بدر أنه لم يسمع أي شيء من هذيانها فقد قرأ أنه من اعراضها تغير الحالة المزاجية والنفسية؛ لذا يجب احترام مشاعر النساء وعدم الاستخفاف بها في فترة الحيض.. قد يغضب بعض الرجال إذا غضبت المرأة أو تغيرت حالتها النفسية، وهو يجهل حقيقة أن الدورة الشهرية نزيف دموي قد يؤدي للوفاة وقد تتعرض لهبوط عام في الضغط طوال فترة الدورة مما يعرض حياتها للخطر عند أي جهد زائد.
قام بـدر بحملها ووضعها على الفراش برفق ثم دثرها بالغطاء وأضاء لها التلفاز.. ليقول وهو يخرج3
–هسيبك ترتاحي مع نفسك شويه
تساءلت عائشة بلهفة

–رايح فين ؟
قال ببراءة مزيفه

–هقعد في الصالة.. مش أنتِ عاوزاني مقعدش معاكِ !
أدمعت عيناها و أطرقت رأسها باستسلام، فضحك واتجه ليجلس بجانبها وضمها اليه بحنان قائلًا
–ده أنا مروحتش الشغل مخصوص انهارده عشان افضل معاكِ.. تفتكري إن هسمع كلامك وابعد عنك !
مالت برأسها على كتفه هامسة
— أنا آسفة يا بدر.. بس حقيقي مشاعري بتبقى ملغبطة في الفترة دي ونفسيتي زي الزفت.. أنا آسـ…
–ششش اعملي كل اللي أنتِ عاوزاه.. أنا مبزعلش منك يا حبيبتي.. اسندي عليا وقت ما تميلي هتلاقيني جنبك دايمـًا.. حاولي تنامي شوية عشان عالمغرب كده بإذن الله هنسافر3
قالها وهو يحتويها بحنان بالغ، فأجابت..
–أنا عارفة إنك عاملي مفاجأة عشان عيد ميلادي انهارده.. بس هنسافر فين ؟
ضمها اليه أكثر وقال بحماس

–اممم اعتبريني خاطفك ليومين
ضحكت بخفة قبل أن تردف

–وأنا في الحالة دي ! ممكن انكد عليك
–أنتِ الوحيدة اللي معاكِ صلاحية تنكدي عليا وقت ما تحبي.. وصدقيني هستحملك ولا يوم هملّ منك.1
وضعت يدها اسفل بطنها وأغمضت عينيها تتنفس بعمق.. تساءل بدر بخوف

–لسه بتوجعك ؟
–شويه
وضع يده مكان الألم و ذكر اسم الله ثلاثا وردد
–أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد و أحاذر
بعد أن انتهى سألته عائشة مستفسرة عما فعله فقال

— جاء عن النبي صل الله عليه وسلم في حديث إنه لو أحد اشتكى ألم في جسده يقول
“بسم الله، بسم الله، بسم الله، أعوذ بعزة الله وقُدرته من شرِّ ما أجد وأُحاذر ”
رواه مسلم في “الصحيح”، ورواه أحمد أيضًا بإسنادٍ جيدٍ.
دقائق قليلة مرّت وشعرت عائشة بزوال الألم بعض الشيء.. مما أراحها ذلك قليلًا.. عادت لتسأل بعد لحظات
–هو أنا ممكن أسأل سؤال غبي شوية ؟2
ضحك بإيماء.. فأردفت
–أنا عارفة إن من رحمة ربنا علينا إنه أباح لينا عدم الصلاة في الاوقات دي عشان بنبقى تعبانين.. بس ليه.. يعني الصلاة مفروضة على أي حد حتى لو ميـت من التعب إلا الحائض
أجـاب..
” الصلاة والصوم والحج أركان متطلبة جهد.. من رحمة ربنا بيكم إنه اسقط عنكم التلات أركان دول.. عشان الركوع لوحده بيؤدي لزيادة انخفاض ضغط الست اللي بيبقى منخفض أصلًا في الفترة دي “

–وأنت عرفت المعلومات دي كلها ازاي الصبح ؟
تبسم قائلًا

–عشان أعرف اتعامل مع الموضوع وطبعـًا أول مرة اتعامل معاه.. كان لازم أقرأ كويس واخد فكرة عنه.. عشان أعرف اخفف عنك ازاي.
طبعت قُبلة سريعة على خده ثم اختبئت تحت الغطاء فكشفه عنها وهو يلح بتوسل
–تاني.. عيديها تاني بالله عليكِ.. مخدتش بالي
تمتمت وهي ترمقه بغيظ
–مش بقولك قليل الأدب
–بالعكس أنا لحد الآن محترم معاكِ..وسايبك براحتك خالص ها
قصد بجملته الآخيرة أنهما ما زالا زوجانِ فقط على الورق، ولكن لغباء عائشة لم تفهم المغزى فهتفت باستنكار

–ايه ناوي تعمل ايه بعد كده.. هتدخل شيشه البيت ؟2
–هو ده آخر معلوماتك عن قلة الأدب ؟؟
قالها ثم ضحك بشدة حتى أدمعت عيناه؛ فابتعدت عائشة عنه وهي تتمتم بحنق

–اللي تحسبه موسى يطلع فرعون.
–ها يا سيدة قلبي تحبي أجبلك ايه من السوبر ماركت وأنا جاي ؟
سألها بدر وهو مازال يضحك بخفة على غبائها فبادرته السؤال
–أنت رايح فين ؟
–هصلي الضهر.. خلاص باقى ربع ساعة و يأذن
–ياه الوقت عدى بسرعة أوي
–ها تحبي أجبلك ايه. ؟
–مليش نفس لحاجة

–خلصانه يبقى هشتريلك اللي في السوبر ماركت كله.
ضحكت بخفة و بادلها الضحك، ثم طبع قُبلة عميقة على جبهتها ونهض ليتوضئ، وقبل أن يبتعد عنها لامست كفه برقة وابتسمت بخجل
–شكرًا أنك مسبتنيش لوحدي
ابتسم بدر عن ثغر لؤلؤيّ و أردف
–مفيش مساحة لغيرك ولا فراغ منك يا عائش..5

تنهدت بارتياح و أسندت رأسها على الوسادة تشاهد التلفاز وعقلها ممتلئ بالتفكير فيمن استطاع بحنانه ورقته سلب قلبها هكذا.
نحن النساء لا نميل سوى للرجل الحنون الذي يخاف الله فينا.2
توضئ بدر و هندم شعره الطويل للوراء ثم ارتدى ملابس أنيقة وذهب للصلاة..رغم أنه يصلي جميع الفروض ولكن العشق جعله يتخبط في بعض الركعات و يسهو فيها.. و القلب المتعلق بغير الله نهايته محزنة.2
شعرت عائشة بحاجتها للنوم فـ أطفأت التلفاز و نامت.
_______________♡

طلبتها من الله في كل ركعةٍ، فرزقني اياها، فأقسمت على نفسي ألا أعصيه؛ لكي لا يحرمني لذة النظر إليها.. ” نرمينا راضي”2

يوم جديد في حياة الزوجين الرائعين زياد وهاجر، اتجه زياد ليأخذ حمامـًا باردًا فاليوم أمامه طويل ويحتاج لتركيز و نشاط.
ارتدى ملابس مكونة من بنطال جينز أسود اللون مع تي شيرت كاجوال عصري و أنيق بنفس لون البنطال وحذاء رياضي مميز باللون الأبيض.. نثر عطره المفضل وهندم شعره البني ثم ارتدى نظارته السوداء وخرج ليقوم بتشغيل سيارته قبل أن يستدعي هاجر..
نظرت هاجر من شرفة حجرتها فوجدته يقف امام السيارة يهندم شعره بـ أنامله و يعبث في هاتفه، ابتسمت برقة ودق قلبها بعشقٍ تجلى على ملامحها حين رأته.. ثم دلفت للداخل لتخبر والدتها أنها ستذهب.
خرجت هاجر من المنزل وقبل أن تغلق البوابة، تذكرت أنها لم تقول دعاء الخروج من المنزل فقالت.. ” بسمِ اللهِ، توكَّلْتُ على اللهِ، لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ)1

وهناك دعاء آخر..
عن المؤمنين أمُّ سلمة -رضي الله عنها- تصف خروجه -صلى الله عليه وسلم- من بيتها فتقول: (ما خرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ من بَيتي قَطُّ إلَّا رفَعَ طَرْفَه إلى السَّماءِ، فقال: اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ أنْ أضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أزِلَّ أو أُزَلَّ، أو أظْلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجهَلَ أو يُجهَلَ عليَّ)

اتجهت هاجر صوب زياد وهي تمشي بخجل و باستحياء كعادتها، ألقت عليه التحية فردها زياد وهو يبتسم بسعادة

–وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا وردتي
فور أن قال لها ذلك تلون وجهها خجلًا، و أخذت تفرك يديها بتوتر.. قالت بعد أن ركبت بجانبه
–زيـاد

–يا روح زياد

–أنا.. أنا متوترة شوية
–من ايه يا حبيبتي ؟
–يعني.. هو.. بص.. بلاش فكرة الفحص الطبي دي وتعالى نروح على المكان اللي هنجيب منه الأثاث علطول
تنهد زياد قائلًا بهدوء وهو يفرد لها كفه بلُطـف

–هاتي ايدك
ترددت في البداية وهي تطالعه بخجل، ثم عندما أومأ برأسه باسمـًا يحثها على فعل ذلك، وضعت يدها في كفه فأطبق عليها بحنانٍ وانحنى ليقبلها برقة مردفـًا

–أنا متفائل خير للموضوع ده.. قبل ما اتصل على المركز ده و احجزلك عندهم صليت استخارة.. و حسيت إن الخطوة دي فيها أمل وخير ليكِ.. هاجر.. يا وردتي الجميلة.. ثقِ بقدرة ربنا يا حبيبتي.. أنا عارف إنك مريتِ بأيام صعبة وتعبتي في رحلتك مع المرض ده.. بس كله خير وصبرك ده مكتوبلك عند ربنا.. أنتِ جاهدتِ و تحملتِ و صبرتِ على ابتلاء ربنا ليكِ فجه الوقت اللي ربنا يفرحك.. والله العظيم هيفرحك.. أنا واثق في قدرته العظيمة2
أدمعت عيناها و همست بحزن

–نفسي أفرحك
–أنتِ فرحتيني فعلًا لما و افقتِ إننا نتجوز.. مهما وصفتلك حُبي ليكِ مش هعرف اعطيه حقه برضو..بس هتفرحيني أكتر لما تتفائلي خير و متشليش هم حاجة و ياريت تنسي الكلام بتاع الدكتورة ده.. طالما الشفاء بايد ربنا يبقى نسلم أمرنا ليه واحنا مطمنين .1
قالها زياد وهو يحتوي يديها بحنان يبث فيهما الطمأنينة ويبعث في قلبها السكينة بكلامه.. فتابع
–أنتِ عارفة كويس إن الدعاء ببيغير القدر وكثرة الالحاح في الدعاء مستجاب باذن الله !
أومأت برأسها.. فأردف زياد
هحكيلك قصة صغيرة عن فضل الدعاء…
“حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ” واحد من الادعية التي كان يرددها الإمام ابن باز وكان يدعو الله تبارك وتعالى بها في كل عصر يحدث له في حياته وكان سبب في تيسير الامور واستجابه الدعاء بشكل كبير.. في ست جربت الدعاء ده.. تقول صاحبه التجربه ان كان هناك مشكلة كبيرة بينها وبين زوجها وحدث انفصال وترك زوجها البيت.

قد سمعت مقولة لابن الباز عن فضل ذلك الدعاء وقدرته فيه الهيئه الهموم والاحزان وبالفعل كانت تردوا وبعد الانتهاء من كل صلاة بعد التشهد حتى عاد زوجها مرة اخرى الى البيت بفضل الله تعالى انتهت كل المشاكل والأزمات من حياتها.. ادعي يا هاجر وربنا هيستجيب

قالت هاجر ببصيص أمل

–ربنا يشفيني ويشفي كل مريض
أمن زياد على دعائها، و انطلق بسيارته نحو المركز الطبي للسرطان وهو يقود بيد ويعانق يد هاجر باليد الأخرى، يشدد عليها كل حين؛ ليمنحها الشعور بالأمان والراحة من رهبة الفحوصات.
________________♡

في فيلا والد كريم.. كان والده جالسـًا بحزن في الصالون لا يخاطب أحد ولا يدع مجال لأحد ليحدثه، منذ أن ترك لهم كريم الفيلا واستقل بنفسه في شقة متواضعة بجانب عمله..1
أحضرت منال والدة كريم كوب من العصير و وضعته أمام زوجها قائلة بهدوء

–يا أبو كريم.. أبو كريم.. أنت بقالك يومين مش راضي تاكل ولا تشرب حاجة.. بلي ريقك حتى وأنا هجبلك الاكل اهو
تنهد بوجوم هاتفـًا

–قولت محدش يتكلم معايا.. شيلي يا ست البتاع ده مطلبتش منك حاجة
جلست منال قبالته لتقول بخوف منه

–طب خلينا نتكلم بالعقل عشان نحل المشكلة دي
صاح زوجها بغضب

–مشكلة ايه يا هانم.. مشكلة ايه اللي نحلها.. ابنك عاق و مبيطعش ابوه.. عاوز يتجوز واحده على كيفه.. عاوز يلوي دراعي1
تنهدت المرأة بحزن، فهي تعلم أن زوجها حاد الطباع ولا يتفهم الأمور بسهولة.. فقالت بعقلانية

–مهو بالعقل كده يا أبو كريم هو اللي هيتجوز فليه الحق يختار شريكة حياته
–يروح يجيب واحده منعرفش اصلها من فصلها وتقولي ليه الحق ومعرفش ايه.. أنتِ بتكلمِ ازاي !!!
أخفضت منال رأسها بقلة حيلة ولم تتفوه بشيء، هذا هو رأفت زوجها وهذه أفكاره و كمعظم الرجال إذا صمم على شيء فعله حتى لو خاطئ، المهم عنده أن ينفذ رغباته حتى لو مست كرامة ومشاعر الآخرين، وكريم على عكس والده تمامًا يتقبل جميع الآراء والاشخاص بصدر رحب.. ولكنه أيضًا عزم الا يتخلى عن الزواج بفتاة تتقي الله وتخافه مثل رُميساء، والموقف الذي حدث بينهما في المشفى جعله يصمم أكثر على الزواج منها و سينتظر لحين أن تنتهى من امتحانتها ويتقدم لخطبتها، وهذا أول قرار اتخذه في سبيل مستقبله، لقد ترك العائلة و قاطع والده؛ لأنه سئم افكاره السوادوية والتي لا يقبل بالنقاش فيها، ربما يكون ما فعله كريم خاطئ في حق عائلته بأنه قطع صلته بهما، ولكنه بعد تفكير وجد أن القرار الصحيح أن يبتعد عن العائلة لفترة؛ حتى لا يدخل في مشاجرات مع والده وهو لا يحب ذلك.
_________________♡

مهما أماتت المعاصي قلبك فلا تيأس ، ارجع إلى اللَّهَ فسيُحيي قلبك كما يحيي الأرض بعد موتها.
‏ (ٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ يُحْىِ ٱلْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ…)

******

يوم جديد في حياة سيف قرره من نفسه أنه سيجعل هذا اليوم أهم يوم في حياته.. اليوم سيتوب لله توبة نصوحة تغسل قلبه من كل خطاياه.. لقد مرّ عليه بدر قبل أن يذهب للصلاة وساعده في الوضوء وبدل له ثيابه؛ ليأخذه معه يصلي في المسجد وذلك كان بإرادة سيف، مما تهلل وجه بدر و أشرقت ملامح والدتهم داعية الله لهم بإصلاح الحال.1
صلى سيف على كرسيه بجانب بدر، ولأول مرة منذ ثلاث سنوات يُصلي بذلك الخشوع؛ حتى أنه فقد السيطرة على نفسه و أخذ يجهش باكيـًا، كان بدر يقف بجانبه وقلبه يعتصر من الألم على بكاء أخيه، حتى أن جميع من في المسجد فزعوا لحالة سيف.. إلا سيف الوحيد الذي كان بكائه فرحا سعيد برجوعه لله.. كان فتى مطيع رقيق القلب في طفولته.. مراهق متواضع اتم حفظ القرآن الكريم في السابعة عشر من عمره.. شابا فاسقا بفضل أصدقاء السوء في أوئل عقده الثاني منذ دخوله الجامعة.. والآن وبعد أن ابتلاه ربه أيقن أن ملجأه الوحيد هو الله..
كان يقرأ القرآن الكريم صباحا تحديدًا سورة الصافات وعندما قرأ تلك الآية
﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾
توقف عندها لدقيقة و ظل يرددها بعقله وقلبه و كأنها رسالة موجهة من الله له.. وكأن تلك الآية تمثل له وجهة لا تخذل صاحبها أبدًا.. فانشرح قلبه وبكى بندم على تقصيره مع الله.3
سلم الإمام عن يمينه وعن شماله وبعد أن خرج الجميع لأشغالهم.. ظل سيف مكانه يبكي في صمت بينما بدر جلس في ركن في المسجد بعيد عنه تاركًا له مساحة كافية؛ ليخبر الله بما يشاء

رفع سيف كفيه للأعلى و أخفض رأسه باستحياء تأدبًا مع الله.. وحاول أن يخرج كل ما في قلبه فلم يستطيع.. فقال
“يــارب أنت عالم بحالي و عارف إيه اللي جوايا..
يارب ليس لأنى أستحق ، بل لأنك رحيم”
وظل قرابة الخمس دقائق يردد “يارب.. يارب”
يناجي الله تارة ويبكي تارة.. حتى انتهى مع شعور قلبه بفيض من الراحة..
جاء بدر وجلس بجانبه ليقول
— حلو الحياة مع ربنا صح ؟
هتف سيف مؤكدًا

–غمة و انزاحت من قلبي
“عارف يا سيف.. أنا حاسس ان ربنا زعلان مني.. مش عارف ليه.. بس.. بس احيانا بتغلبط في الصلاة.. و بقيت غصب عني اكسل اقرأ قرآن.. بقيت كسول في طاعة ربنا.. مش عارف ايه السبب.. هو أنا بعمل ايه يغضب ربنا يا سيف؟”
قالها بدر وعلامات الحزن ترتسم على محياه، فنظر له سيف نظرة استفهامية بمعنى “لا أعلم” ولكنه أردف مهونًا على شقيقه
–الكسل في الطاعات ده كلنا مرينا بيه.. بس اكيد ده من عمل الشيطان
— واشمعنا مكسلتش غير دلوقت.. أنا طول عمري بجاهد اني معصيش الله.. اشمعنا كسلت دلوقت !
–يمكن.. يمكن في ذنب خفي أنت بتعمله ومش عارفه يا بدر
–بعمله ومش عارفه ازاي ؟
–يعني بتعمل الذنب ده غصب عنك
–مش عارف يا سيف.. أنا تايهه.. حاسس إني مشتت و ضايع
قالها بدر بشيء من اليأس والاستسلام، ربت سيف على كتفه بمواساة قائلا

–ربنا يصلح حالنا.. ربك موجود
أومأ بدر مبتسمًا ثم تنهد مردفًا

–يارب.. بس ربنا واجد مش موجود
–قصدك ايه ؟
–حرام نقول ربنا موجود.. احنا اللي موجودين.. اما ربنا هو خالق الكون واللي اوجدنا فنقول ربنا واجد وليس موجود
أومأ سيف بتفهم

–مكنتش اعرف.. استغفر الله العظيم.2
مرّت دقائق أخرى عليهم وهما يتسامرانِ حول بعض الأمور الدينية.. ثم نهض بدر وأخذ شقيقه للعودة للمنزل وفي الطريق قابلا أُبي.. ألقي التحية عليه واخبرهما أنه ذاهب لافتتاح مقر شركته الصغيرة.. وقبل أن يدلفا للمنزل نادى عليهما قصي فالتفتا له بابتسامة بشوشة..
قال قصي بعتاب مزيف لبدر

— بقى واخد اخوك تفسحه من غيري.. هي دي الأمومة والحنية يا محترم !
قطب بدر جبينه مندهشا

— أمومة !!
ضحك سيف مشيرًا لأخيه بالذهاب لزوجته

–روح أنت يا بدر.. الواد ده مش هتسلك معاه
طبع بدر قبلة حنونة على جبهة سيف و أخبره بأنه اذا احتاج أي شيء فعليه الإتصال به في الحال.
ذهب بدر ليشتري لحم طازج يعده للغداء.. وبدء من اليوم قرر أنه اذا وجد فراغ في عمله سيطهو هو الطعام: لسببين.. السبب الأول أن عائشة لا تجيد طهي الطهام ، والسبب الثاني أن تلك مهنته و حرفته الثانية، فهو طباخ ماهر بشهادة جميع أفراد العائلة..
أخذ قصي “سيف” لغرفته
قال قصي بمشاكسة
–متيجي ندخل شات جماعي اعرفك على واحدة شاقطها من الفيس تسليك بدل قعدتك دي2
رمقه سيف بغضب ونهره هاتفًا
–مش هتبطل الالفاظ البيئة دي بقى
–أنا عملت ايه. ؟
–قصي.. بالله عليك كفايا اللي بتعمله ده.. أنا مش هقولك أنا ملاك و مبعملش اخطاء لا كلنا بنغلط.. بس حرام عليك بنات الناس مش للتسلية.. كفايا قـرف بقى مش كل اما تشوف واحده تعاكسها.. اتقِ الله أنت ليك اخوات بنات وعندك امك وبكره تتجوز ويبقى ليك عيال.. وحتى لو ملكش اخوات بنات.. فربنا مطلع عليك والملائكة بتدون كل افعالنا… عارف تفسير الآية دي ايه.. {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ.
يعني الملائكة بتكتب كل حاجة.. كل حاجة يا قصي.. فلو سمحت اتق الله وكفايا بقى3
دهش قصي من هجوم سيف عليه، فلم يكن يتوقع بالمرة أن يتحول سيف من الشاب الطائش للشاب الذي يخاف الله في كل فعل يقوم به..
قال قصي بتعجب
–أنت ايه اللي غيرك كده !
“خوفي من يوم الحساب”
قالها سيف بخوف وندم على ما فعله سابقا.. تابع بهدوء

–اقولك حاجة بس متزعلش..
أومأ قصي فاردف سيف
–أنت شخصية موجود في مجتمعنا منك كتير.. لو المجتمع متطهرش من الشخصية دي.. البنات هتروح في داهية والله
بدا على قصي الحزن من كلام سيف الجارح له فقال بمدافعة

–أنا مضربتش واحدة على ايدها و قولتلها تكلمني يا سيف.. هما اللي مش محتـ…..
أشار سيف له بأن يصمت ليقول
–متهتكش في اعراض حد.. دي لابسه كذا ماشيه كذا ملناش دعوة.. ليها رب هيحاسبهم.. إنما احنا الرجال مأمورين بغض البصر.. فهمت يا قصي ؟
أومأ قصي بأسف
–عارف إني غلطان.. بس غصب عني بلاقي نفسي بعمل كده.. طب تعرف والله العظيم أنا بستحقر نفسي جدا لما اكلم بنت.. بس بحس إن اتعودت على كده ومش قادر ابطل ده..
–تعرف ايه اللي ينهيك عن كل ده ؟
–ايه ؟
–الصلاة.. بتصلي يا قصي ؟
هز قصي رأسه بنفي وبخزي من نفسه.. تابع سيف باسمًا
–من هنا ورايح أنت اللي هتاخدني للمسجد كل فرض وهنصلي سوا.. ايه رأيك ؟
اتسعت ابتسامة قصي وكأنه وجد طوق النجاة فهتف بموافقة
–أكيد موافق
________________♡

وضع بدر الطعام الذي اشتراه في المطبخ، وعاد ليطمئن على عائشة فوجدها مستغرقة في النوم، ربت على شعرها بحنو ثم اتجه للمطبخ؛ ليعدّ الطعام.
بدأ باعداد اللحم على طريقته وانتهى منه ليقوم باعداد الأرز البسمتي واعد السلطة باحترافية شيف وهو يقول بين الحين والآخر بفخر
” الله ياض يابدر.. طب وعهد الله أنا مكاني سي بي سي سفرة “

وضعه على صينية وأخذها متجهًا للغرفة التي تنام بها عائشة..
وضع الصينية على منضدة متوسطة لتكون امام السرير مباشرة؛ حتى لا يتعبها بالنهوض.. ثم اتجه اليها و ايقظها بقبلة رقيقة على خدها، فتململت بانزعاج.. اعاد الكرّة حتى استيقظت وفتحت عينيها نصف فتحة قائلة بصوت ناعس
–عايزه أنام..
داعب بدر أنفها بانامله ليشاكسها حتى تفيق فقال باسمًا

–عملتلك الرز اللي بتحبيه.. و لحمة هتاكلي صوابعك وراها.. قومي يلا نتغدى سوا
كانت تشعر بجوع شديد؛ لذا نهضت بارادتها..
مع أول ملعقة أرز اعطاها لها بدر.. اتسعت عيناها بانبهار و التهمتها بتلذذ قائلة
–الله.. تسلم ايدك.. طعمه حلو أوي يا بدر

–بالهنا والشفا يا حبيبة بدر
اكتفى بدر باطعام عائشة دون أن يأكل؛ حتى شبعت و اثنت عليه في مهارته لطهي الطعام.. وبعد أن شبعت، أكل هو..
قام بغسل الأطباق وتنظيف المطبخ ثم اعد لها كوب آخر من القرفة بجانب كوب الشاي خاصته..
تمدد بجانبها على الفراش وأحاطها من اكتافها بحنان يضمها لصدره متسائلا
–بقيت أحسن شوية ؟
–الحمدلله.. تعبتك معايا انهارده.. شكرًا
–تعبك راحة يا عائش.. مفيش شكر بينا يا حبيبتي ده واجبي
أكد قوله بضمها اليه فابتسمت بسعادة و كأن صدره أصبح موطنًا لها..
زال التعب عن عائشة وظلت تثرثر مع بدر حول اصدقائها و مكائدهم لها، وعن دكتور الجامعة البغيض الذي يعطيهم امتحانات تعيق نجاحهم، وعن بعض المواقف المضحكة التي حدثت لها.. ظلت تثرثر باستمرار وبدر مستمتع بحديثها وابتسامته الجميلة ملء ثغره، فهي الوحيدة التي لا ولن يمل من ثرثرتها معه حتى لو كانت بأمور تافهه، هي الوحيدة التي ذاب فيها عشقًا، هي الوحيدة التي تمكنت بغزو عقله وقلبه، كم يعشقها هي فقط، وجودها يمنحه حياة سعيدة وعشق لا مثيل له.
عم المساء واستعد بدر و عائشة للسفر.. ارتدى قميص من اللون الهافان و بنطال أسود وحذاء بنفس لون القميص.. ثم هندم شعره الطويل للوراء.. تلك الملابس جعلته في جاذبية غير معقولة..اذا رأيته قلت فورا ما شاء الله خوفًا من أن تصيبه عينك..
ارتدت عائشة فستانا أزرق فاتح مترب و حجابا أبيض ولم تضع أي مساحيق تجميل سوى كريم بلون بشرتها.. ملامحها الرقيقة والجميلة تناسبت تماما مع رقة الفستان..
تأملت عائشة “بدر” للحظات بفم مفتوح قائلة بانبهار

–أنت حلو كده ازاي.. لا بجد هتتعاكس مني
تبسم ضاحكًا و قال
–عيونك الحلوين يا عائش
–بتكلم بجد والله.. ما شاء الله.. كان فين كل ده !
قطب جبينه بعدم فهم
–قصدك ايه ؟
صححت سريعًا

–ها.. لا متاخدش في بالك.. ثم غمزت بحماس متسائلة

–مش هتقولي بقى موديني فين ؟
بادلها الغمزة ليقول.. قولتلك مفاجآة…

يُتبع ..

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *