روايات

رواية قطر وعدى الفصل السابع 7 بقلم ناهد خالد

رواية قطر وعدى الفصل السابع 7 بقلم ناهد خالد

رواية قطر وعدى البارت السابع

رواية قطر وعدى الجزء السابع

رواية قطر وعدى
رواية قطر وعدى

رواية قطر وعدى الحلقة السابعة

-وأيه جاب زينب لزهرة ؟ , يعني أنا أعرف إن اسمها في الورق زينب ! .
ابتسم ” سعد ” وهو ينظر لزوجته مرددًا :
-دي حكاية قديمة أوي من قبل ولادة زهرة .. أمي الله يرحمها كانت عاوزه تسمي بنتي زهرة وكلنا كنا موافقين لحد قبل الولادة بشهر شافت أم زينب رؤية إنها هتسمي بنتها زينب , وطبعًا غيرت رأيها وقالت أنا هسميها زينب زي ما شوفت في الرؤية , حصلت مشكله بينها وبين أمي لأن أمي مصدقتهاش وفكرت أنها بتقول كده عشان تغير الإسم وخلاص , وعشان أنهى المشكلة دي قلت لأمي ناديها بزهرة وأنا كمان هناديها بزهرة بس هنسميها زينب في الورق .. ومن وقتها الكل بيناديها بزينب ماعدا أنا وأمي الله يرحمها .
نظر ” ياسر ” ل ” زينب ” ليسألها بإبتسامة :
-وياترى أنتِ بتحبي أنهي أكتر ؟
ابتسمت بحنين وهي تجيبه :
-بحب زهرة أكتر .. لأني كنت بحب تيتة الله يرحمها أوي وبعتز بالإسم الي سمتهولي وبصراحة هو أحب عندي من زينب .
أردفت الأخيرة وهي تنظر لوالدتها التي ضحكت وهي تقول :
-بتبصيلي ليه مانا عارفة إنك بتحبي زهرة أكتر .
ارتفع صوت ” ياسر ” وهو يقول :
-وأنا مادام لسه جديد في العيلة إن شاء الله , فأنا كمان هناديكِ بزهرة لو مش هيضايقك ؟
نفت برأسها مبتسمة بخجل تعلم أنه اختار إسم ” زهرة ” خصيصًا بعد معرفته بمدى حبها للإسم ..
وقد كانت حكاية ” زهرة وياسر ” أو ” زينب وياسر ” كما تحبون أن تنادوها .. تقدم ياسر لخطبتها مع أهله ورغم رفض والدته الشديد إلا أنها اضطرت أن تخضع لرغبة ولدها .. وعن ” عادل ” أدرك أن الأسبقية كانت لأخيه ففاز بها , وللحقيقة لم يعنيهِ الأمر كثيرًا , بالأساس لا يعلم كيف فكر بها , أنها تكبره بخمسة أعوام , وهو مازال في الثالثة والعشرين أي زواج يبحث عنه الآن ؟! , فصرف نظره عن الأمر ونسى أنه قد أٌعجب يومًا بها , فهي أصبحت زوجة أخيه .. ومرَ عام كامل بين منازعات بين ” زهرة ” وزوجة والدها حتى انفصلا عن المنزل .. وحين شعرت أن الحياة ستستقر أتت مشكلتها الأخيرة مع والدة زوجها لتقلب الموازين مرة أخرى .
———————
-يا زينب لازم تكلميه , يابنتي أنتِ الي غلطانه ..
هتفت بها ” آمال ” وهي تحاول إقناع إبنتها بالتحدث لزوجها والإعتذار منهِ عن فعلتها , زفرت ” زينب ” أنفاسها بضيق وهي تردد :
-ياماما بقولك حاولت ومبيردش أعمل ايه !!؟
-تروحيله .. روحي شقتك وأكيد يعني هو مش هيطردك منها ! .
-ايه الي بتقوليه ده يا آمال ؟
رددها ” سعد ” وهو يدلف لغرفة المعيشة وأكمل :
-لأ طبعًا , افرضي راحت وهو لسه متعصب وشدوا مع بعض هناك ميكنش حد منا موجود ! .
-ايوه يعني تفضل قاعدة كده ؟ بقالها اسبوع ونص بعيده عن بيتها ..
رددتها ” آمال ” بنزق وعدم رضا على حديث زوجها , ليطالعها بنظرة فهمتها معناها أن تلتزم الصمت , ووجه حديثه لإبنته قائلاً :
-زهرة يابنتي كلنا معترفين إنك غلطي .. مهما كانت أمه دي ايه مش مسموحلك أبدًا تمدي ايدك عليها , وجوزك حقه يزعل وياخد موقف , عشان كده هكلمه ييجي هنا وحاولي تصلحي الوضع معاه ومتعرفيهوش إنك حكيتلنا حاجه .
أومأت برأسها موافقة ليخرج هاتفه ويدق ل ” ياسر ” مرة واحدة وكان يجيب ليطلب منه الحضور مساءً فوافق الأخير مخبرًا إياه بقدومه .
-اهو هيجي بليل , شوفي هتصلحي الوضع ازاي .
أومأت برأسها بتنهيدة عميقة .. لم يكن سهلاً أن تبقى كل هذة المدة بعيدة عنهِ وعن بيتها .. رغم وجودها في بيت أبيها إلا أنها تشعر بالغربة .. تريد العوده لمنزلها الصغير بأسرع وقت , تريد أن تشعر بهِ وبأنفاسه تحيط بها مرة أخرى .. تريد أن تستيقظ على وجهه وتنهى يومها برؤيته كما اعتادت , أن تتحدث معه عما ينتابها من ضيق وهي بين أحضانه .. لا تعلم كيف استطاع أن يبتعد عنها كل هذة المده ؟ , أم أن ضيقه منها غلب اشتياقه ؟؟.
————
كان ينتظر هذة المكالمة منذُ أول يوم لها ببيت أبيها .. كاذب هو إن قال أنه لم يشتاق لها , كان يتركها بمنزل والديها وهو يتمنى لو تعود له باليوم التالي بأي مبرر مهما كان سخيف وهو كان سيصدقها فقط لتعود له .. ولكن لا يمكنه إظهار رغبته في عودتها فقد أخطأت مهما كان السبب لكن يبقى الخطأ جثيم لا يمكنه إمراره دون عقاب .. وهو يعلم جيدًا أن البعد عقاب مناسب تمامًا لها , لكنه وقع في العقاب هو أيضًا والآن يُعقاب ببعدها دون ذنب .. لو قال أن أيامه التي مرت كانت ثقيله كالجبال بدونها لن يكن يبالغ أبدًا .. كانت الأيام تفتقد مذاقها سواء كان حلوًا أو مرًا , يستيقظ ليذهب للعمل ويعود ليتناول غدائه بالكاد ويجلس باقي اليوم يتابع أعماله حتى ينال منه الإرهاق فيذهب للنوم الذي يجافيه ولا يأتيهِ إلا بعد ساعات … وهكذا كل أيامه أصبحت متشابهه كحاله تمامًا قبل معرفتها .. وأخيرًا جاءت مكالمة والدها لتنقذه على الأقل سيكون هناك سبب لذهابه إليها ..
————
جلست أمامه بعد أن أشبعت عيناها من النظر له أثناء حديثه مع والدها بأمور مختلفه , وهو أيضًا كان يختلس بعض النظرات ويظنها لا تلاحظه لكن عيناها كانت راصدة لكل حركة تصدر منهِ .. وأخيرًا تركهما والديها ليتحدثان بحرية ويسويان أمورهما .. لا تعلم لِمَ كل هذا التوتر الذي تشعر بهِ وكأن بعدها لأيام صنع حاجز غير مفهوم بينهما ..
ثبت أنظاره عليها بعدما خفضت بصرها عنه يطالعها باشتياق , كذب من قال أن البعد يولد الجفا , فالبعد لا يولد سوى الإشتياق , أي جفا هذا وهو يلتهمها الآن بعيناه يلاحظ ما طرأ عليها في الأيام الماضية .. نحفت قليلاً وفقد وجهها نضارته المعروفة , هذا أكثر ما لاحظه .. تنهد بضيق وهو يراها تحك أحد أظافرها بالآخر .. حركتها المعتادة حين تتوتر ..
-هتكسري ضافرك .
رددها بنزق بعدما سأم من توقفها عما تفعله .. رفعت نظرها له وقد توقفت بالفعل , وأول سؤال نطقت بهِ :
-مكنتش بترد عليا ليه ؟
رد بنبرة جامدة :
-محستش إني كنت لسه هديت .
سألته بعتاب واضح :
-10 أيام مش كفاية عشان تهدى يا ياسر ؟
أجابها بنبرة محتدة :
-لأ مش كفاية .. تخيلي إنهم فعلاً مش كفاية وماما كل يوم تكلمني مستنية تعرف أنا عملت ايه معاكِ عشان أخدلها حقها منك .
هزت رأسها برفض وهي تردد :
-ياسر أنا والله ما بكدب , مامتك فعلاً عملت كده و..
قاطعها بإصرار على موقفه :
-هرجع تاني أقولك موضوعي مش مين الصادق ومين الكداب .. موضوعي ازاي أصلاً تفكري ترفعي ايدك عليها !؟.
طأطأت رأسها بخزي وهي تقول :
-معاك حق , أنا غلط ومهما هي عملت مكنش ينفع أبدًا أضربها , بس أنا والله مكنتش حاسه بنفسي , أنا أعصابي كانت تعبانة لدرجة إني بعدين مستوعبتش أنا ازاي عملت كده .
هز رأسه بتفهم وقال :
-تمام , طيب ايه الحل دلوقتي للوضع الي احنا فيه ؟
رفعت رأسها له وهي تردد رغم ضيقها الداخلي لكنها معترفة بخطأها :
-لو عاوزني أروح اعتذر لمامتك معنديش مانع .
طالعه بصمت لثانيتان تقريبًا قبل أن يزفر أنفاسه بضيق وقال :
-ماشي , يلا عشان نمشي , وهنروح لماما قبل مانروح .
أخذت نفسًا عميقًا تدعو الله أن يلهمها القوة والصبر للتعامل مع تلك المرأه مجددًا .
————
-أنا آسفة يا طنط , حقيقي آسفة , أنا أعصابي كانت تعبانه ومعرفش عملت كده ازاي .
أنهت حديثها طابعة قبلة فوق رأسها وكف يدها وهي تردد اعتذارها مرة أخرى ..
زفرت أنفاسها بضيق وهي تردد :
-ماشي , وأنا قبلت اعتذارك , بس مش عشانك , عشان ابني , وعشان شوفت قد ايه كان زعلان وحاله معجبنيش وأنتِ بعيدة عن البيت .. بصي يا زينب , وبقولهالك بكل صراحة وقدام ابني اهو .. أنا مفيش بيني وبينك غيره , ومن هنا ورايح علاقتي بيكِ هتبقى عشان خاطره هو وبس , غيابك وحالة ابني وقتها أكدولي إنك عمرك ما هتطلعي من حياته , وأنا مش هفضل طول عمري أهري وأنكت في نفسي كده .. هو حر في حياته وإن كان اختارك أنتِ فأنا هتعامل معاكِ عشانه هو وبس , معاملة طيبة صباح الخير .. صباح النور , وتيجي كل جمعه تتغدي معانا , ابني طبعًا هيعدي عليا كل يوم ويشوفني , وأنتِ لو عاوزه تيجي في وسط الأسبوع مش هقولك متجيش , بس يوم الجمعه ده أساسي .. ويبقى التعامل بينا رسمي كده ده اريح ليكِ وليا بدل المشاكل ووجع الراس .
أومأت ” زينب ” موافقة فهي بالأساس لا تريد أكثر من هذا , نهض ” ياسر ” ليجيب على هاتفه , فأكملت والدته :
-بصي , مفيش غيري أنا وأنتِ اهو , وحياة عيالي أنا مقولت ولا حرف من الي قولتيه عليا , وجبتلك دكتور وقالي إنك عندك برد , حوار العيل الي عاوزه أنزله ده والله يمين يحسابني عليه ربنا ما قلته ولا حصل , واعتقد إنك اتأكدتي لما عرفتِ إنك مش حامل فعلاً .
تشوش عقلها وهي تستمع لحديث والدة زوجها , إذًا أين الحقيقة , هل يعقل أن كل ما استمعت إليهِ مجرد هلاوس من المرض ؟؟! , عاد ” ياسر ” ليأخذها ويذهبان لمنزلهما ..
أغلق باب المنزل وهو يشعر بالراحه أخيرًا استوت الأمور بين والدته وزوجته ..
التفت ل ” زهرة ” التي توقفت في منتصف الشقة تطالعها باشتياق وكأنها غابت عنها سنوات وليست أيام , اقترب منها حتى أصبح أمامها ليحتضنها بقوة معبرًا عن اشتياقه البالغ لها , لتبادله الإحتضان بقوة مماثلة وهي تشعر أن روحها قد رُدت إليها , ابتعد عنها ليغمغم بحب :
-وحشتيني أوي يا زهرة .. دي آخر مرة تغيبي فيها عن البيت ده , وعني .
سألته بأعين مهتمة :
-ياسر أنتَ سامحتني ؟
أومئ مرددًا :
-أنا مسامحك من أول يوم أصلاً عشان متأكد إنك مكنتيش تقصدي الي حصل , أنتِ الي طول الوقت بتحاولي تكسبي وِد أمي مش أنتِ الي هتتعمدي تضربيها .
-ربنا يحفظك ليا يا حبيبي .
رددتها بعشق جارف لهذا الرجل الذي يفهمها أكثر من ذاتها , ليبتسم لها بعبث ونظرة ماكرة لم تستطع تفسيرها إلا حينما وجدت ذاتها بين ذراعيهِ وهو يهمس لها بكل الكلمات التي ذُكرت في قاموس العاشقين .
وسارت الحياة ب ” زهرة وياسر ” كما تسير حياة الجميع , وبين تقلبات واستقرار بقى حبهم الشئ الوحيد الثابت .
” زينب ” عانت من حديث المجتمع عن كِبر سنها وتأخرها بالزواج حتى بعد زواجها , مقتت جملة ” قطر الزواج عدى ” التي تكررت علي مسامعها مرارًا , ولن تنكر أنها كانت تجيد الخسف بحالتها النفسية وجعلها تنطوي على نفسها أكثر مقتنعة أحيانًا أنها بالفعل قد فقدت فرصتها في بناء حياة أسرية مستقرة .
فقط إذا توقف الناس عن الحديث لِمَ شعرت زهرة بما شعرت بهِ يومًا .. نحن من نأذي أنفسنا وليست الظروف , وأكثر ما يؤذينا هو حديث البشر , كلمة عابرة تقولها أنتَ تستقر في نفسي مستقرًا طويلاً , من تأخر عن شئ ليس من شأنك أن تذكره بأنه قد تأخر عنهِ فهو يعلم هذا جيدًا ولا ينتظرك لتنبه , من فقد شئ ليس بحاجه لك لتذكره بأهمية ما فقده .. من الأساس لا أحد يحتاج لحديث أحد خاصًة إن كان سامًا مؤذيًا .. فرفقًا بمشاعر الآخرين .
رُبما انتهت تلك الجملة التي تصف الزواج بأنه ” قطر وعدى ” من حياة ” زينب ” ولكنها مازالت تتردد على مسامع فتاة ما أخرى في مكان ما آخر .. والحكاية مستمرة .
” تمــــــت بحمد الله ”
الكاتبة : ” زينب مسعد ”
—————
انتهت للتو من حفل توقيع روايتها الأخيرة والتي تسرد سيرتها الذاتية ” قطر وعدى ” , لتستمع لأحد المعجبين بكتابتها ينادي عليها أثناء خروجها من القاعة فوقفت تلتفت لتلك الفتاة التي أقبلت عليها تردد بابتسامة سعيدة :
-دكتورة زينب , أنا مبسوطة أوي أني قابلت حضرتك .
ابتسمت ” زينب ” بحبور وهي تردد :
-وأنا أكتر .
-أنا بس كان عندي سؤالين عن الرواية .
-اتفضلي .
-هو ليه حضرتك مذكرتيش حبك للكتابة في أحداث الرواية ؟
ابتسمت ” زينب ” وهي تردد :
-عشان أثناء أحداثها مكنتش حبيت الكتابة لسه ولا دخلت العالم ده , أحداث الرواية توقفت لحد بعد جوازي بسنه , أنا بقالي 7 سنين متجوزه دلوقتي , وبكتب من 5 سنين .
-تمام , وعندي فضول أعرف حماة حضرتك بقت كويسه معاكِ والتزمت بكلامها الي ذكرتيه في الرواية ؟
ابتسامة ساخرة زينت محياها وهي تقول بلباقة :
-لو كنت حابه أوضح كنت وضحت في الرواية لكن الأحداث متوقفة عند وقت معين , وفيما بعد الوقت ده متروك لخيال القارئ , بعد اذنك .
انهت حديثها خارجة من القاعة , لتزفر أنفاسها بضيق وهي تردد :
-قال كويسة قال ..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية قطر وعدى)

اترك رد