روايات

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل الحادي عشر 11 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا الفصل الحادي عشر 11 بقلم مريم محمد غريب

رواية أوصيك بقلبي عشقا البارت الحادي عشر

رواية أوصيك بقلبي عشقا الجزء الحادي عشر

رواية أوصيك بقلبي عشقا الحلقة الحادية عشر

“و لكن ما لا تعرفه هو أنكَ معي أنا فقط عرفتَ معنى الحب ؛ تبكي على امرأةً أخرى.. فلتبكِ… لاحقًا ستبكي عليَّ أنا !”
_ إيمان
لمّا فتحت “إيمان عمران” عينيها، و هي فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها، وجدت وسادتها مبللة، إذ قضت الليل تبكي بلا إنقطاعٍ، كانت محمومة تعتريها القشعريرة، قامت بصعوبة من السرير عندما تناهى إلى مسامعها صوت الجلبة خارج غرفتها، و مؤكد بأنها عرفت السبب
لقد أتى.. لقد أتى “سيف” كما وعدها ليطلب يدها للزواج، إنه هنا هو و والديه ؛
وصلت عند باب غرفتها و ورابته قليلًا، أطلّت برأسها لا لترى، إنما لتسمع بوضوحٍ، و ما لبث أن برز صوت عمتها “راجية” مغتبطًا :
-إيه رأيك يا أمينة بقى في المفاجأة دي.. حسن جوزي نزل من الطيارة عليكوا علطول حتى ماطلعش شقتنا
ردت “أمينة” بترحيب :
-ألف حمدلله على السلامة يا أستاذ حسن. نوّرت بيتك و مصر كلها
شكرها الأخير :

 

 

-الله يخليكي يا أم أدهم. ده نوركم و الله. و بالأخص نوّارة البيت كله إيمان.. أمال هي فين صحيح ؟
-حالًا أدخل أجيبها لك
-يا ريت لغاية ما أتكلم أنا و أدهم شوية. إذا عندك وقت يا دكتور !
جاء جواب “أدهم” مهذبًا واثقًا :
-و لو ماعنديش أفضى لك يا عمي
-حبيبي تسلم
-اتفضلوا اقعدوا طيب …
في هذه الأثناء ذهبت “أمينة” لغرفة ابنتها، لتجدها تقف بوجهها هكذا، دلفت و أغلقت الباب ورائها و هي تقول مدققة النظر بملامحها الناعسة :
-إيه يا إيمان ده. إنتي لسا قايمة من النوم.. إنتي مش عارفة إن عمتك و جوزها جايين عشانك. مش إنتي إللي قلت لي كده إمبارح !؟؟
جاوبتها “إيمان” بتعبٍ واضح :
-أيوة يا ماما. أنا عارفة إنهم جايين زي ما قلت لك.. بس كنت سهرانة شوية من إمبارح. دلوقتي أدخل أغسل وشي و ألبس و هاطلع لهم
حثتها “أمينة” بعجالةٍ :
-طيب يلا بسرعة شهّلي. الراجل جاي من سفر علينا تلاقيه تعبان و عاوز يرتاح في بيته
أومأت لها : حاضر حاضر حالًا أهو …
و سحبت منشفتها و مضت مسرعة إلى الحمام، غسلت وجهها و فرشت أسنانها بقوة حتى أدمتها قليلًا، ثم عادت إلى غرفتها و فتحت الخزانة لتخرج الثوب الذي وقع إختيارها عليه سلفًا، و هو نفسه الثوب الذي اشترته من أجل اللحظة التي وعدها بها حبيبها “مراد”.. لحظة مجيئه إلى هنا ليطالب بها زوجةً له
و لكن أين هو ؟
ليس هو الذي جاء.. بل غيره
لقد جاء رجل لا تحبه، و لا تعرف كيف ستسمح له حتى أن يتقرّب إليها، فماذا عن تبادل الحب !؟
سيكون هذا مؤلمًا، كما هو مؤلم الآن أن تتحضّر و تتزيّن لأجله هو، إنها في كابوس، و لا مجال للخروج منه أبدًا كما يبدو …
وضعت “إيمان” اللمسات الأخيرة على وجهها من مساحيق التجميل الخفيفة، و أخيرًا وقفت أمام المرآة تلقي على نفسها نظرة، و رغم ما كابدته طوال الليلة الماضية حتى مطلع الفجر، إلا إنها بدت… جميلة جدًا !

 

 

في ثوبها الوردي الأنيق، فضفاضًا ذي طوق ذهبي يظهر منحنى خصرها المنسّق، و حجابها الرقيق اختارته وشاحًا أبيض شفاف أسفله قماش مزركش غطى شعرها بالكامل، و الآن صارت جاهزة ؛
و كدأب كل عروسٌ خرجت من غرفتها و هي على قدرٍ من التوتر، ذهبت عند أمها بالمطبخ، و قد كانت “أمينة” قد حضّرت صينية المشروبات و طبق الحلويات المُشكل و الكعك الطازج الذي طلبته في الصباح من أشهر متاجر الحلو …
-إيه يا نور عيني الجمال ده كله ؟ .. قالتها “أمينة” بحبورٍ ما إن رأت إبنتها أمامها
تركت من يدها كل شيء و اقتربت منها، أحاطت بكتفيها و قالت و عينيها تلتمع بالدموع :
-زي القمر يا إيمان. أمال لما تبقي عروسة إن شاء الله عن قريب هاتبقي إزاي.. قل أعوذ برب الفلق يا حبيبتي
و عانقتها بقوةٍ، ثم نظرت في وجهها الذي رغم بهائه يحمل مسحة حزن، لكنها غير ملحوظة تمامًا …
-رغم إني كنت مسخسراكي في سيف ابن راجية ! .. قالتها “أمينة” بقليلٌ من الامتعاض
-كان نفسي ليكي في راجل عليه القيمة أكتر من كده. زي إللي كنتي بترفضيهم دول.. أتاريني ماكنتش أعرف إنك بتحبي سيف و قاعدة عشانه
اغتصبت “إيمان” ابتسامة متكلفة و قالت :
-أديكي عرفتي يا ماما. أنا بحب سيف و هو بيحبني.. أنا عايزاه !
و قد كانت تكذب حتمًا …
أومأت لها أمها، ثم قالت و هي تحمّلها صينية المشروبات :
-ماتقلقيش يا نن عيني. أنا منايا أفرح بيكي من زمان. و ما صدقت دماغك لانت.. أنا اتكلمت مع أخوكي و قدرت أقنعه. إن شاء الله كله هايتم على خير. أطلعي على مهلك. قدمي الشربات لحماكي الأول و بعدين تقعدي جمب عريسك.. يلا يا حبيبتي …
سحبت “إيمان” نفسًا عميقًا و خرجت أمام أمها على ضيوفهم، كانت يداها ترتعشان و لم تكن تتحكم بهما، لكنها ناضلت وصولًا إلى السيد “حسن” كي لا يسقط منها شيء ؛
قدمت له مبتسمة، فتناول “حسن” الكأس متمتمًا :
-تسلم إيديكي يا عروستنا. إيه الحلاوة دي كلها يا إيمان ؟ إحلوتي على حلاوتك عن آخر مرة شوفتك !
ردت “إيمان” بخجلٍ :
-ميرسي يا عمي. حمدلله على السلامة
-الله يسلمك يا حبيبتي. عقبال ما أفرح بيكي في أقرب وقت بأمر الله
غضت “إيمان” عينيها من شدة خجلها من كلماته، و تنقلت إلى عمتها تقدم لها كأسها …
-هاتي يا حبيبتي ! .. هتفت “راجية” و على وجهها أكبر ابتسامة
-اسم الله و الحارس الله.. قمر 14 ياناس. عروسة إبني زي القمر
لم ترد “إيمان” و انتقلت إلى أخيها، أبى “أدهم” أن يأخذ منها بإشارة من يده، فتابعت حتى وصلت أمامه.. امام “سيف الذي جلس فوق الأريكة الصغيرة وحده

 

 

تطلعت إليه رغمًا عنها، كان حادًا و خطيرًا بقدر ما كان وسيمًا في حلّته السوداء، و لا تعرف لماذا أفزعتها نظرته المظلمة بادئ الأمر، قبل أن يُبددها بابتسامة تكنف شيء من الاستهجان
مد “سيف” يده و أخذ كأسه قائلًا بصوته الأجش :
-تسلم إيدك !
تحررت “إيمان” من أسر عينيه حين صرف ناظريه عنها، لحظتها فقط تنفست الصعداء و هي تلتفت لتضع الصينية فوق الطاولة، ثم جلست إلى جواره تاركة بينهما مسافة
كان اضطرابها على أشده، و راحتيها تصببان عرقًا مع السكون المحيط بها، لم يهدئها قليلًا إلا صوت “حسن” الذي طفا على سطح الصمت :
-أدينا بنشرب الشربات و عروستنا قاعدة معانا أهيه يا أدهم.. أنا طلبتها منك لسيف ابني باعتبارك أخوها الكبير و راجل البيت ده كله. قلت لي الرأي رأيها. ف ممكن تسألها قصادنا !؟
تنهد “أدهم” مرفرفًا بجفونه، كان متكدرًا و غير راضيًا من داخله و هو يسأل شقيقته بصوتٍ صلد :
-إيمان.. إيه رأيك في إللي سمعتيه. موافقة تتجوزي سيف و لا لأ ؟
كان “سيف” يجلس باردًا كالثلج و مسترخيًا للغاية و هو ينظر صوبها بجانبه متسليًا بارتباكها الظاهر، فهو يعلم يقينًا جوابها و قبل أن تنطقه، و مع ذلك فقد أطربته كلماتها التالية :
-أنا موافقة أتجوز سيف يا أدهم !
أصابت خيبة الأمل “أدهم” و افترشت محيّاه، لكن لحسن حظ العروسين طغى عليها هتاف “حسن” الجذل :
-على بركة الله. و مبروك علينا كلنا.. يبقى إن شاء الله كتب الكتاب و الفرح مع بعض آخر الشهر ده. أنا عارف إن سلوكم هنا مش بتوافقوا على الخطوبة. و كله جاهز. و لا إيه يا ست أمينة ؟
ردت “أمينة” و دموع الفرح تترقرق بعينيها :
-يا أستاذ حسن كفاية مجيتك. إحنا نجهزها و نوصلها لحد عندك إللي تقول عليه طبعًا انت في مقام أبوها
-يعلم ربنا كلهم ولادي. و إيمان بالذات تاخد عيني من جوا. بإذن الله انا متكفل بكل حاجة عايزها بالهدمة إللي عليها و بس, و كمان هاعمل لها فرح ماتعملش زيه و الشبكة إللي تختارها إن شالله تكلفني ثروة. إللي هي عايزاه كله هايحصل !
و هنا انطلقت الزغاريد المجلجلة من فم “راجية” أعقبتها “أمينة” هي الأخرى، ليستغل “سيف” الموقف و يميل صوب عروسه قليلًا هامسًا بصوت لا يسمعه سواها :
-مبروك يا حبيبتي !
رمقته “إيمان” بطرف عينها و قالت :

 

 

-الله يبارك فيك ..
علت زاوية فمه بابتسامةٍ شريرة و هو يستطرد بكلماتٍ جمدت الدماء بعروقها :
-أوعدك إنك هاتشوفي معايا إللي عمرك ما شوفتيه.. هفاجئك. و هاتعرفي أنا أد إيه بحبك و بعشقك !
كانت كلماته لطيفة كما يبدو، لكنها لم تشعر بها على هذا النحو أبدًا.. خافت، و لم يخبو خوفها منذ تلك الليلة أبدًا …
*****
لمّا فتحت “إيمان عمران” عينيها، و هي امرأة في الثانية و الثلاثين من عمرها، وجدت أمها توقظها بلطماتٍ خفيفة على وجنتيها الملتهبتين …
-إيمان. إنتي نمتي تاني يا حبيبتي.. إنتي تعبانة أوي و لا إيه ؟ أتصل بالدكتور !؟
أجبرت “إيمان” نفسها على الصحوة و نظرت لأمها بتركيزٍ مضنٍ، ثم قالت مصارعة لهجة النعاس و هي تعتدل في فراشها :
-أنا كويسة يا ماما.. ماتقلقيش. بس راسي تقيلة إنهاردة. عادي يعني مستكترة عليا أريح يوم في السرير ؟
مسحت “أمينة” على شعرها قائلة بتعاطفٍ :
-لأ يا حبيبتي. ريّحي زي ما تحبي.. أنا بس بقلق عليكي. و اليومين دول بالأخص أحوالك مش عجباني !
صدق حدس الأم
التي شعرت بحالة الأكتئاب المسيطرة على إبنتها …
ابتسمت “إيمان” بصعوبة و قالت محاولة طمئنة أمها :
-أنا كويسة يا ماما !
هزت “أمينة” رأسها غير مصدقة ادعائها، لكنها لم تسهب فيه أكثر و قالت لها بترددٍ :
-في خبر مهم من ناحية عمتك راجية.. تحبي تسمعيه دلوقتي و لا بعدين !؟
عبست متسائلة في الحال :
-خير يا ماما. قولي ؟
تنهدت “أمينة” حائرة كيف تصوغ ذلك، إلا إنها حاولت :

 

 

-مالك ابن عمتك !
حثتها : ماله يا أمي إتكلمي !؟؟
زفرت “أمينة” مطولًا، ثم ألقتها بوجهها دفعةً واحدة :
-مالك طالب إيدك من أخوكي أدهم …
إمتد الصمت دقيقة كاملة.. ثم سألتها “إيمان” ثانيةً مشككة في سمعها :
-إيه !!!؟
كررت “أمينة” مشفقة على صدمتها :
-مالك عايز يتجوزك يا إيمان ! ………………………………….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أوصيك بقلبي عشقا)

اترك رد

error: Content is protected !!