رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة أسامة
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم سارة أسامة
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء البارت الثالث والعشرون
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الجزء الثالث والعشرون
رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء الحلقة الثالثة والعشرون
جاثية بعجز تحتضن رأسه برعب انجلى على ملامحها الشاحبة وتناديه بإصرار يُدمي القلب، أخذت تهتف من بين شهقاتها الباكية ترفع رأسها لأعلى برجاء:-
– يارب أنا هنا .. أنا رِفقة، انقذه يارب…
أعمل أيه .. أنا مش عارفة أعمل أيه، قولي إنت وارشدني…
أنا واثقة إنك هتخرجني من الأزمة دي، هو إنت سبتني قبل كدا علشان تسبني دلوقتي..
أنا رِفقة إللي رحمتك ولُطفك مغرقنها متسبنيش المرة دي … مش إنت قولت وعزتي وجلالي لأُدبرن الأمر لمن لا حيلة له حتي يتعجب أصحاب الحيّل، وأنا معنديش أي حيلة يارب، معرفش المكان إللي أنا فيه ولا عارفة أروح فين..
مش تأذيني فيه يارب … أبعد عنه أي حاجة وحشه … احفظه يارب…
كانت تنادي رب العالمين بنحيب شديد وحُرقة ممزوجة بيقين أن حتمًا لن يتركها الله..
ظلت تمسح على وجه يعقوب برِفق ثم أخذت بطرف فستانها تكوّمه ووضعته على موضع الجرح خلف رأسه…
ولم يمر سوى القليل حتى ارتفع صوت رنين هاتف يعقوب، التفتت رِفقة بلهفة تبحث بتلهف وهي تعتمد مصدر الصوت .. تبحث مسرعة قبل أن ينتهي الرنين…
أخرجته من جيب يعقوب وظلت تتحسس الهاتف، تنفست بعمق وقد نضحت حبات العرق الباردة فوق جبينها ثم حركت اصبعها باتجاه مُعين ووضعته بسرعة فوق أذنها ليأتيها صوت أحدهم يقول بلهفة…
– أيوا يا يعقوب … قولي وصلت ولا لأ .. مقدرتش أنتظر ورنيت عليك، إحنا أصلًا وراك على بُعد شوية إحتياطي علشان لو احتجتنا..
صرخت رِفقة بلهفة وهي تُمسك الهاتف بشدة وكأنها تمسك طوق نجاتها من الغرق الأسود هذا:-
– أنا رِفقة .. لو سمحت أنقذنا .. يعقوب .. تعال بسرعة أنا مش عارفه يعقوب حصله أيه مش بيرد عليا … وانجرح…
هنا كان براء يتحرك بسيارته بصحبة بعض رجال الشرطة بسرعة شديدة وهو يتكلم مسرعًا يطمئنها:-
– متخافيش .. خمس دقايق وأكون قدامك أنا ضابط شرطة .. متقلقيش يعقوب كويس مش هيحصله حاجة…
أنا هفضل معاكِ على الخط لغاية ما أوصلك…
تنهدت براحة وظلت تمسح على وجه ورأس يعقوب بوجه متغضن بالألم وهي تهمس بقلب مهموم بثقة:-
– مش هيحصلك حاجة يا أوب .. أنا واثقة إن مش هيحصلك إللي حصلي..
وبعد مرور خمس دقائق كانت قوة من الشرطة تقتحم المكان على رأسهم الضابط براء الرفاعي الذي أخذ يبحث عنهم بلهفة حتى وقت أنظاره عليهم…
أسرع نحوهم يجثو بجانب يعقوب وهو يُملي التعليمات على رجاله وأخذ يتفخص يعقوب تفحص مبدأي ثم قال:-
– مفيش وقت لعربية إسعاف هتشيلوا يعقوب باشا براحة وهننقله بسرعة على المستشفى..
حملوه برِفق وظلت رِفقة متشبثة به ليقول لها براء بهدوء:-
– ممكن حد يوصلك البيت ترتاحي…
قاطعته رِفقة بإصرار وتلهف:-
– أنا مش هسيب يعقوب ولا لحظة.. يلا علشان مش نضيع وقت…
وبالفعل بعد مرور بضع دقائق كانوا بالمشفى يدفعون يعقوب الغائب عن الوعي ورِفقة تتمسك بالفراش المتحرك ولم يتوقف دمعها..
اتجهوا ناحية الطوارئ وقال الطبيب بحسم:-
– من فضلكم انتظروا برا..
وقفت بالخارج ومعها براء لتتمتم برعب:-
– يارب يارب نجيه وميكونش فيه أي حاجة…
ظلت متيبسة أمام الباب وقلبها يبتهل وأعينها تزيد في البكاء حتى مرّ ثلاثون دقيقة تقريبًا..
خرج الطبيب وبصحبته طاقم التمريض، تسائل براء بلهفة:-
– في أيه يا دكتور .. يعقوب كويس..
اتجهت أسماع رِفقة لتُسارع تقول ببكاء متسائلة بحذر مُميت لقلبها:-
– قولي يعقوب كويس … عيونه كويسه هو حصله حاجة..
تنحنح الطبيب وقال بهدوء:-
– اطمنوا … في جرح في راسه من ورا خيطناه، هو فاقد للوعي نتيجة الصدمة ولما يفوق هنقدر نحسم الأضرار..
هندخله الأشعة … وإن شاء الله هيبقى بس إرتجاج بسيط..
وبالرغم من هذا لم يهدأ قلبها المكلوم، ترجت الطبيب باكية:-
– ممكن أفضل معاه … مش هعمل أيه حاجة والله بس هكون جمبه…
تسائل الطبيب بعملية وهو يقيمها بنظراته حيث ملابسها المُلطخة بالدماء:-
– هو إنتِ تبقي أيه ليعقوب باشا..
هتفت دون تجمجم:-
– أنا مراته..
ردد بتأسف:-
– بعتذر جدًا مكونتش أعرف علشان كدا بلغنا عيلة بدران بإصابة يعقوب باشا..
دبّ الرعب بقلبها وقالت بإلحاح:-
– طب بالله عليك خليني مع يعقوب، سيبني أدخله..
هنا خرج صوت براء:-
– خليها معاه يا دكتور مش هيحصل حاجة..
حرك الطبيب رأسه بإيجاب وأردف:-
– تمام مفيش مشكلة..
وأشار للممرضة بإدخال رِفقة التي كانت ملامح وجهها تحكي رُعبًا وفزعًا من معرفتها بإتيان عائلة يعقوب … وخاصةً جدته..
كانت تريد فقط أن تلوذ بجانبه بحماية ليطمئن قلبها، فحتى وإن كان غائبًا عن الإدراك فيبقى هو أمانها ويكفيها شعورها بأنفاسه..
قال لها براء قبل أن تدلف للغرفة:-
– متقلقيش يا مدام رِفقة، إنتِ في حمايتي لغاية ما يعقوب يفوق، محدش هيقدر يقرب منك..
حركت رأسها ودلفت للداخل وقادتها الممرضة تُجلسها برفق فوق مقعد بجانب فراش يعقوب..
جلست بهدوء ثم أخذت تتحسس الفراش حتى أمسكت بكفه تحويه بين كفيها وأخفضت رأسها تضعه فوقه وهمست بوجع:-
– الحمد لله يارب تعدي على خير يارب..
يلا فوق يا أوب أنا خايفه وأنا لواحدي كدا، يلا فوق علشان تحميني يا أوب … أنا خايفة أووي..
وظلت تردد بعض الدعاء وأيات القرآن حتى شعرت بهمسه اللحوح المتتابع من بين اللاوعي:-
– رِفقة …. رِفقة .. رِفقة..
رفعت رأسها بفرحة ورددت بلهفة:-
– أوب .. أوب .. أيوا إنت كويس .. أنا هنا قدامك أهو إنت شايفني .. قول إنت شايفني..
يعقوب إنت سامعني..
خفت همسه وهو يشعر بألم يجتاج رأسه، لم يقوى على فتح عيناه ودوار عنيف يهاجمه..
رفعت صوتها تنادي بلهفة:-
– دكتور يا دكتور .. حد يجي هنا بسرعة..
أسرعت الممرضة باستدعاء الطبيب الذي أخذ يفحص يعقوب الذي سقط في غيابه مرةً أخرى..
قال الطبيب بحسم:-
– يلا على الأشعة..
هتفت رِفقة بفزع:-
– في أيه يا دكتور هو ماله، دا إتكلم ونادى عليا..
تكأكأ على فراش يعقوب طاقم التمريض يسحبونه لغرفة التصوير بينما قال الطبيب:-
– متقلقيش هو بخير، دا طبيعي علشان الخبطة إللي على راسه كانت شديدة، هنعمل أشعة ونرجعه عالطول..
تهافتت على المقعد والقلق يستبد بها لتظل تدعوا الله وتبث شكواها إليه حتى عادوا بيعقوب بعد مدة لا بأس بها لتظل جالسة بجانبه تتحدث إليه وهي تُمسك بيده تسرد له أشياء عديدة عن حياتها السابقة..
برواق المشفى كانت تركض لبيبة التي شحب وجهها فبالكاد تقف على أقدامها بعد سماعها هذا الخبر المروع وتتمسك بالقوة والتماسك الزائفين..
كان أمامها يركض حسين والد يعقوب بتلهف وقلب سيتوقف عن الهدر رعبًا على ولده..
وخلفهم تركض فاتن والدة يعقوب المنهارة ببكاء حاد بشهقات تملأ المشفى…
اقتحمت لبيبة الغرفة بسطو لتقع أنظارها وتثبت فوق تلك اللعنة المُسماه برِفقة كما تنعتها…
انتفضت رِفقة برعب على صياح لبيبة المصحوب بنظرة قاتلة ترشق رِفقة بوعيد فتنكمش بردة فعل مباشرة نحو يعقوب الغافي:-
– كله بسببك … كل إللي حصله بسببك ولازم تدفعي التمن ومحدش هيقدر يمنعني أيًّا كان هو، إنتِ بلاء على نزل عل راسه ولازم تبعدي عنه!!
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية وخنع القلب المتجبر لعمياء)