رواية ثري العشق والقسوة الفصل التاسع عشر 19 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة الفصل التاسع عشر 19 بقلم آية العربي
رواية ثري العشق والقسوة البارت التاسع عشر
رواية ثري العشق والقسوة الجزء التاسع عشر
رواية ثري العشق والقسوة الحلقة التاسعة عشر
لا تحتاج المرأة أن يحبها الجميع بل تحتاج أن يحبها شخص واحد لسببٍ لم يكتشفه بها سواه
أنسي حاج
❈-❈-❈
احتدت نظرته فجأة وتجمدت ملامحه ، ما فعلته الآن يعد قانونها ومبادئها التي تحتفظ بها ولكن هو انسحب في لحظاتٍ إلى بئرٍ مظلمٍ عميق .
لذا فإنه تحرك بهدوء يغادر المطبخ وتركها تتحدث إليه وهي تواليه ظهرها وغير منتبهة على رحيله ليصعد للأعلى فوراً .
تحدثت متسائلة بهدوء :
– بتحب السبايسي ؟
لم يجيبها فالتفتت تنظر حولها فلم تجده لذا تعجبت ونادته فلم يجب ، تركت ما في يدها وغسلتها ثم جففتها وتحركت للخارج تبحث عنه في ساحة الاستقبال فلم تجده .
وقفت مندهشة تحاول معرفة سبب رحيله فلم تصل لشئ ، اتجهت للأسفل حيث طابق الغرف تناديه قبل أن تستمع فجأة لصوت ارتطام قوي في الماء .
أسرعت تصعد للأعلى وتخرج لسطح اليخت متجهة للمكان الذي كانا يصطادان عنده منذ قليل لتجده يسبح بمهارة للبعيد قليلاً عنها .
وقفت حائرة من تبديل حالته المزاجية بتلك السرعة القصوى ، لم تتذكر أي فعلٍ قد يكون أزعجه ، حتى أنها لم تتطرق للحديث عن ماضٍ أو مستقبل كما طلب ، إذا ما الأمر ؟.
وقفت تتطلع إليه وهو يسبح حول اليخت لعل المياة تهدئ من حالته تلك ، لقد صعد للأعلى ليقفز مرتطماً في المياة علها تزيح عنه ذلك الشعور بالخوف الذي يراوده لأول مرة .
خطط لكل شئ بمهارة وإتقان ولكن لم يحسب حساب القدر ، لم يكن يعلم حينها أنها ستصبح نقطة ضعفه ، لم يكن يعلم أنه سيواجه مخاوفه التى تجمعت كلها في شئٍ واحدٍ فقط وهو رحيلها عنه ، لقد عاش حياته وحيداً لا يخشى شيئاً ، لتأتي هي وتحتل عالمه فيلازمه الخوف من أجلها كأمٍ تخشى الموت فقط حتى لا تترك صغارها .
كل ما فكر فيه هو الاستحواذ عليها وتملكها بينما هي تفكر في حياة متكاملة معه ، أطفال وماضٍ ومستقبل ، تريد حياة طبيعية هادئة بعيدة عن الشغب .
ويعد الشغب هو قانونه الأول ، لقد ظنها مختلفة عن غيرها حتى في تلك الأمور ، أو ربما تأمل ذلك ، ولكن أن تخشى على مشاعر سمكةٍ ؟ ،، إنه أمراً يفوق إستيعابه ويثير ريبته .
عندما طال انتظارها له وهي تطالعه وتفكر في أمره قررت العودة للمطبخ لتبدأ هي في طهي الطعام بدلاً عنه ولتبدأ في تجاهله أيضاً .
عادت للمطبخ وشرعت في تحضير المقبلات ثم اتجهت لتجد أن السمكتين توقفتا عن الحركة .
ارتدت قفازات وبدأت تنظفهما بطريقة اعتادتها أثناء تواجدها في مدينة بولونيا بمفردها .
انتهت منهما واتجهت تحضر تتبيلة مميزة لهما ثم وضعتهما في صينية وحولهما الخضروات لتضعهما في الفرن بعدما ضبطت درجة حرارته .
❈-❈-❈
في الجامعة
تجلس ميار مع صديقتها نسرين في منتزه الجامعة تحتسيان العصير الفريش وتطالعان مايا وهي تجلس على طاولة أخرى تضحك مع صديقتها جنى التي تعرفت عليها حديثاً .
تحدثت ميار بملامح حزينة حانقة :
– أعمل إيه يا نسرين ، واضح إن مايا بتحبه وهي اللي قريبة منه وممكن يحبها هي .
تحدثت نسرين بصخب معنفة :
– إنتِ حقيقي هتجننيني ، هو إيه اللي ممكن يحبها ؟ ، مهي قدامه طول الوقت محبهاش ليه ؟ ، وبعدين مين قالك إن هي بتحبه ؟ ، هتحب السواق بتاعها ؟
هزت ميار رأسها تردف :
– لا يا نسرين مش السواق ، لإنه لما زعقت لي المرة اللي فاتت كان هيتعصب عليها ، هو تقريباً قريبها .
شردت نسرين قليلاً ثم تحدثت بعد ثواني تردف :
– طيب إنتِ عايزة إيه دلوقتي ؟
تحدثت ميار بحالمية وترجي :
– عايزة أتكلم معاه تاني يا نسرين بس مش عارفة أبدأ إزاي ، عايزاه هو اللي يكلمني .
تحدثت معنفة :
– مهو لو كنتِ أخدتي رقمه إنما إنتِ بجد أوفر أوي ، خليكي واثقة في نفسك وأقفي قدامه ثابتة كدة وبطلي جبن .
أومأت ميار تحفز حالها ثم تحدثت متسائلة :
– طيب قوليلي أعمل إيه بقى ؟
شردت تلك الداهية تفكر وتفكر وتضع أساليبها الملتوية ثم ابتسمت بعدما استدلت على خطةٍ مناسبة تقول :
– لقيتها ، هخليه هو اللي يكلمك المرة دي ، بس هنحتاج مساعدة من حد .
ضيقت ميار عينيها وتساءلت :
– إزاي يا بسمة فهميني ؟ ،، ومين اللي هيساعدنا ؟
جالت نسرين المكان بعينيها لتتوقف عند ذاك الشاب الذي يقف يبتسم مع أصدقائه قائلة :
– أمير ، أمير هو اللي هيساعدنا ، هو اللي هيموت ويكلم مايا .
تعجبت ميار وتساءلت باستفهام :
– إزاي يا نسرين ؟ ، هتعملي إيه ؟ ، لاء يا نسرين مش هنعمل حاجة غلط .
نهرتها بتهكم قائلة :
– حاجة غلط إيه إنتِ كمان هو إحنا في فيلم هندي ، أنا بخدم أصحابي يعني بعمل عمل إنساني ، هخلي أمير يتكلم مع مايا وهخلي عمر يكلمك ، بس سبيني أدورها في دماغي .
❈-❈-❈
عند صقر
الذي تعب جسده وطالبه بالتوقف عن السباحة ، وصل للمرسى الخاص باليخت وقفز إليه ليقف بعدها متجهاً للداخل حيث غرفة الرياضة ومنها للأعلى ثم دلف غرفته ليستحم ويبدل ثيابه ، أصبح يلجأ للهروب كثيراً حتى لا تراه وهو في تلك الحالة ، عليه أن يتوقف عن تقلب المزاج هذا يظهر ثباته المعهود ، عليه أن يحتوي الموقف كالسابق .
أما هي فقد انتهت من التحضيرات وقررت النزول لأخذ حمامٍ وتبديل ثيابها بأخرى .
تعلم أنه عاد وسمعت صوت غلق الباب لذلك فهي مطمئنة ، دلفت الغرفة فسمعت صوت المياة من الداخل لذلك توجهت لغرفة الملابس تخرج منها ثوباً مناسباً ترتديه .
خرج هو يلتف بمنشفة حول خصره ورآها تأتي من غرفة الملابس فنظر لها بتفحص يستشف حالتها ولكنه تعجب من هدوءها ولامبالاتها حيث مرت من جانبه كأنها لم ترهُ .
دلفت الحمام وأغلقت خلفها بينما هو زفر مطولاً ووقف ينظر لأثرها بحيرة قبل أن يقرر الذهاب لتبديل ثيابه .
أبدلها واتجه يتمدد على الفراش ولأول مرة يلتقط هاتفه من درج الكومود المجاور ويفتحه بعدما أغلق هواتفهما منذ أن أتيا إلى هنا ليبعد عن عقله تلك الأفكار .
تفحص عدة أمور من بينهما رسائل لماركو يخبره ماذا فعل مع ميشيل .
خرجت من حمامها فأغلق الهاتف وتركه جانباً يتابعها وهي تتجه لمرآة الزينة ثم نزعت الغطاء الواقي عن شعرها ليسقط كما هو على طول ظهرها ثم بدأت في تمشيطه أمام عينه التي تسجل كل حركة لها .
انتهت منه وهي على يقين أنه يتابعها دون أن تلتقي بعينه ، فقد قررت تلقينه درساً في التجاهل .
نظرت بخبث لزجاجة العطر ، التي اختارتها لتنثرها في اللقاءات الحميمية بينهما ، حيث أن رائحتها تثير الحواس لدى من يشمُّها ، لذلك تلاعبت بمكرها الأنثوي على تلك النقطة وتناولتها تدعي نثر القليل منها بإهمال على معصمها وفستانها ، فيبدو أنها تستعمل عقاباً خاصاً دون نطق حروف .
التفتت تنظر له بابتسامة باردة وتردف قبل أن تصعد للأعلى :
– الغدا جاهز ، هحضره واستناك .
صعدت وتركته يتعجب ويفكر في أمرها ، ماذا كان يريد ؟ ،، أيريد أن تبكي وتعتذر عن خطأ لم ترتكبه ؟ ،، هو المذنب هنا وعليه أن يصلح أخطاؤه معها وإلا فهو في طريقه إلى خسارة مشاعرها اتجاههُ .
زفر بقوة بعدما حبس أنفاسه من رائحتها وهيئتها وطريقتها التي تلاعبت بحياته البائسة .
نهض يتحرك للخارج خلفها وصعد للأعلى حيث جلسا على طاولة في المطبخ يتناولان طعامهما بصمت ولكن رائحتها توتره كلما توغلت إلى أنفه محدثة داخله ثورة شغف للمسها فبات يجلس على موقد من نار .
ليقرر هو قطع الصمت قائلاً وعينه منكبة على طبقه :
– هذا أفضل سمك تذوقته في حياتي .
رفعت وجهها تقابله وترد مبتسمة بهدوء شديد :
– بالصحة والعافية .
عادت تأكل بلا مبالاة حتى انتهيا سوياً لتقف تجمع الأغراض بينما هو زفر بضيق وقرر الذهاب لسطح هذا الطابق ليهدأ من تلك الحالة الغريبة التى تسيطر عليه .
جلس يفكر في طريقة أخرى يستعملها معها بدلاً من تحوله المفاجئ ، فيبدو أنها منزعجة وهو لا يحق له اللوم عليها .
أما هي فقررت إكمال لعبتها الإنتقامية بوسائلها الحسية لذا اتجهت إلى ساحة الاستقبال حيث البيانو القائم .
جلست أمامه على ذلك المقعد لتبدأ في تحريك أصابعها على إيقاعاته مصدرة صوتاً وصل إليه في الحال .
تنفست بعمق وبدأت تعزف نغمة أغنية رومانسية أجنبية سمعتها وأحبتها ، لتقرر الغناء بكلماتها التي تخترق أذنه قائلة بمغزى ومكر أنثوي ويداها تعزفان باتقان .
( أنت النهار أنت الليل ، أنت لون دمي )
( أنت الشفاء أنت الألم ، أنت الشئ الوحيد الذي أريد لمسه )
( لم أعلم أبداً أن هذه المشاعر قد تعني الكثير هكذا )
( أنت الخوف؟ لا يهمني لأني لم أكن في هذه السعادة من قبل )
( اتبعني إلى الظلام ، دعنى آخذك أبعد من أقمارنا الصناعية )
( لنرى العالم الذي بعثته للحياة ، إذا أحبني كما تريد)
( إذا احبنى كما تفعل ، أحبنى كما تفعل )
( ألمسني كما تريد ، المسني كما تريد ، ماذا تنتظر )
( ندخل إلى ونخرج من على حافة الجنة )
( أنت الوحيد الذي يمكنه إشعال النار بقلبي )
( نعم سأدعك تقود وتحدد علاقتنا ، لأني لا أستطيع التفكير بوضوح )
( رأسي يدور ولم أعد أستطيع الرؤية بوضوح ، ماذا تنتظر ؟)
( إذا أحبني كما تفعل ، أحبني كما تفعل )
( ألمسني كما تريد ، ألمسني كما تريد ، ماذا تنتظر )
انتهت من الغناء الذي اكتشف هو أنها تمتلك صوتاً ناعماً .
زفرت مطولاً لتقرر الوقوف ولكنها تفاجأت بمن يقف أمامها لتشهق فلم تشعر بوجوده .
يطالعها ببريق تعلمه جيداً لذلك ادعت الجهل وهي تبتسم مردفة بتوتر تجاهد لإخفاؤه :
– هل تريد شيئاً ؟ .
اقترب منها بخبث يتلاعب بأدواتها قائلاً :
– أنتِ ناديتني ؟
ادعت الاستنكار قائلة :
– أنا ؟ ،، لا أتذكر ذلك .
لف يده حولها يجذبها لصدره بتملك ليغمض عينه ويتنفس ببطء تلك الرائحة التى اخترقت أنفه وأشعلت لهيب عشقه قائلاً بسحر :
– إذاً ماذا تعني كلمات تلك الأغنية ؟
جاهدت مشاعرها التى تغمرها من لمساته وقالت بهمس وهي تحاول المقاومة :
– مجرد أغنيةّ فقط .
نظر لعينيها التى يرتسم فيهما المكر قائلاً باعجاب ومكر مماثل :
– وماذا عن العطر ؟ .
نظرت له نظرة واثقة تردف بثبات مزيف :
– مجرد عطرٌ فقط .
رفع حاجبه بإعجاب من تلاعب إمرأته الذي يراه لأول مرة ثم تحدث بثقة :
– حسناً ليكن كل شئ مجرداً .
انحنى يحملها بين يديه ثم نظر لها بحب وصمت بينما هي تعلقت في رقبته بسعادة تتملكها واضعة رأسها على صدره تستشعر دفئه الذي افتقدته .
اتجه بها لغرفتهما وفقاعة عشقهما لينزلها أرضاً ويتحرك لغرفة الملابس .
تساءلت بنظراتها عن ذهابه ليعود ومعه ربطتي عنق يتلاعب بهما أمام عينيها بمكر .
ابتلعت لعابها وتعالت وتيرة أنفاسها فتقدم منها يلفها ليقابل ظهرها صدره ثم قام بإغماء عينيها بإحدى الربطتين ليلفها إليه قائلاً بهمس مثير :
– الآن لا داعي للرؤية ، فقط اتركي العنان لحواسكِ .
تعالت نبضاتها ويظهر ذلك على صدرها الذي يعلو ويهبط بعنف كحالِ نبضه تماماً وهو يحركها معه إلي الفراش ويمددها عليه ثم جلس يلتقط ذراعيها ويرفعهما فوق رأسها ليربطهما بالربطة الثانية في مقدمة السرير .
تحدثت بتوتر وفرط مشاعر قوي كماسٍ كهربائيٍ قائلة :
– صقر ماذا تفعل .
انحنى عليها يهمس بالقرب من أذنها بنبرة مثيرة وخبثٍ قائلاً :
– ششش ، مجرد لعبةٍ فقط .
قبل أذنها وهمس بجملة يقصدها وتعمد نطقها في تلك اللحظة حتى لا تدركها قائلاً بعشق يحرقه :
– أنتِ ناري وجنتي ناردين ، أنتِ كلاهما .
❈-❈-❈
بعد انتهاء المحاضرات بدأ الطلاب يجمعون أغراضهم حتى يغادروا ومن ضمنهم مايا .
تحركت نسرين صوبها كي تنفذ ما نوته وحتى تؤخرها كما نوت حتى يتسنى لصديقتها ميار التحدث مع عمر كما تتمنى .
وقفت نسرين أمام مايا وهي تجمع أغراضها قائلة بترقب وخبث :
– مايا ازيك ، ممكن أشوف ال colors اللي معاكي علشان اشتري زيهم بما إن الدكتور عجبته رسمتك جداً .
تنفست مايا بحنق فهي لا تستلطف هذه النسرين ولا تلك الميار التى تقف تراقب لتنظر لها قائلة بنبرة بدت مملة :
– مش ال colors المهمة في الرسمة أهم حاجة الأداء يا نسرين .
تحمحمت نسرين بضيق من غرورها لتحاول التحلي بالهدوء وتردف باستعطاف ومكر :
– معلش يا مايا اعتبريني عايزة اتعلم منك ، يعنى إنتِ لوحاتك بصراحة روعة جداً ، ف خليني أشتري نفس ال tools زيك .
زفرت مايا وأومأت وكان قد غادر معظم الطلاب حتى ميار خرجت كي تنتظر عمر الذي من المؤكد أنه على وشك الوصول .
بينما يقف أمير ينتظرهما في المكان المتفق عليه .
أخرجت مايا علبة بلاستيكية تحتوي على العديد من أنبوبات الألوان الأكريلك التى تستخدمها في الرسم وناولتها لنسرين التي ادعت تفحصهم وبدأت تأخذ إحداهم وتتساءل بترقب :
– باين عليهم غاليين جداً ، ياترى جبتيهم منين يا مايا ؟ ، أنا معرفش غير النوع اللي الكل بيستخدمه .
زفرت مايا وتحدثت بترقب وهي تشبك ذراعيها بضيق :
– من المكتبة العامة اللي في التجمع ، وياريت بسرعة شوية علشان متأخرش .
فتحت نسرين إحدى العبوات تدعي تفحصها لهذا اللون ثم فجأة نفثت اللون على بلوزة مايا التى كانت تنظر حولها لتتفاجأ مايا أن بلوزتها البيضاء قد اصطبغ جزءاً منها باللون الأزرق الغامق .
شهقت مايا ونظرت بحدة لنسرين تردف معنفة :
– إنتِ مجنونة ؟ ،، إيه اللي عملتيه ده ؟
ادعت نسرين الأسف وهي تحاول مسح الألوان بالمحرمة الورقية التى كانت في يدها ولكن على العكس فهي تزيد من انتشارها قائلة :
– أنا آسفة جداً يا مايا أنا كنت فكرته فيه شوية معرفش إنك لسة مش استعملتيه ، بجد آسفة .
نظرت مايا لمكان البقعة بضيق ثم نزعت من بين يدها الألوان وجمعتهم لتقول نسرين بتوتر :
– طيب تعالي الحمام وأنا اغسلهالك !.
لم تجبها بل جمعت أغراضها وتحركت لخارج القاعة ومنه إلى الحمام لتبدل بلوزتها بأخرى تكن معها دوماً كاحتياط .
دلفت الحمام وأغلقت الباب واتجهت تبدلها سريعاً لتخرج فمن المؤكد أن عمر قد أتى ، ولكن يبدو أن أحدهم لم ينتبه لها وأوصد الباب من الخارج وهذا ما يحدث يومياً بعد مغادرة الجميع .
في الخارج يقف عمر ينتظرها وقد انتابه التعجب من تأخرها ، رأى ميار تتقدم منه تدعي عدم رؤيته كما أخبرتها نسرين ليناديها عمر مردفاً بترقب :
– آنسة ميار ؟
التفتت تطالعه بقلبٍ نابضٍ بقوة من ندائه ثم تقدمت منه تردف بابتسامة مشرقة وهياماً بدى واضحاً :
– أهلاً يا عمر أزيك .
شعر بالضيق من نظراتها ولكنه تجاهل هذا وتساءل بترقب :
– هي مايا لسة جوة بتعمل إيه ؟
تحدثت وهي تتقدم منه :
– مايا شوفتها بتتكلم مع نسرين صاحبتنا ، تقريباً بتوريها حاجة .
أومأ ووقف يزفر فتساءلت بتوتر وهي تبتلع لعابها :
– عمر هو ممكن آخد رقم تليفونك ؟
تعجب من طلبها وجرأتها متسائلاً باستفهام :
– رقمي ؟ ، ليه خير ؟
توترت وشعرت بالحرج وندمت على قولها ولعنت نسرين لتقول بتلعثم اول ما خطر على عقلها :
– كان فيه حاجة بخصوص مايا عايزة أبقى احكيهالك .
ضيق عينيه يردد بتعجب :
– بخصوص مايا ؟
أومأت وظهر التوتر على ملامحها ليردف بجدية وثبات :
– معلش يا أنسة ميار الأفضل تتكلمي مع مايا نفسها لو فيه حاجة بخصوصها .
لف وجهه عنها لتقف تتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعها وتقرر حمل ما تبقى من كرامتها وتغادر في الحال .
أما في الداخل عند مايا التي تحركت لتفتح الباب وتغادر ولكنها تفاجئت بإغلاقه ، تعجبت وانتابها الخوف فجأة وحاولت الطرق عليه ومناداة أحدهم فجاء أمير الذي يردف من خلف الباب بمكر وتوتر :
– مين اللي جوة ؟
زفرت باطمئنان لتردف من خلف الباب :
– لو سمحت الباب اتقفل عليا ومش عارفة أفتحه ممكن تساعدني ؟
تحدث أمير بسعادة وهو في طريقة لإنقاذ من هو معجباً بها منذ أن بدأت السنة الدراسية ليقول :
– مايا ؟ ، أنا أمير ، حالاً هفتحلك متقلقيش هروح بس أدور على عم محمد لأنه تقريباً قفل من غير ما ياخد باله إنك جوة .
تنفست بعمق وتحدثت :
– تمام يا أمير .
لم يكن المفتاح مع عم محمد كما ادعى بل كان معه بعد أن حصلت عليه نسرين من وداد عاملة النظافة مقابل مبلغ مالي بسيط وأعطته إياه فهو كان يتطوق بشدة لذلك حيث سيظهر في ثوب المنقذ .
في تلك الأثناء شعر عمر بشئٍ غير مألوف يحدث لذا تحرك للداخل يبحث عنها .
وصل للقاعة يبحث بها فوجدها خالية تماماً من الطلاب ، شعر بالضيق والقلق ورفع هاتفه يحاول الوصول إليها ولكن يبدو أن الحمام لا يوجد به شبكة .
خرج يسرع من القاعة يلتفت حوله فسمع صوتها آتياً من مكانٍ قريب ويبدو تتحدث مع أحدهم .
تحرك للداخل حتى وصل إلى الردهة التى تؤدي إلى الحمام فوجدها تقف عند بابه تتحدث مع هذا الذي يبتسم لها ويردف بعيون لامعة يفهمها جيداً هذا الذي استشاط غضباً وتحدث بحدة بعدما تملكته غيرته :
– إيه اللي بيحصل هنا .
لفت مايا وجهها لتقابل عينه التي رأت النيران تتقافز منهما بينما تحدث أمير بتوتر :
– الباب اتقفل على مايا بالغلط وأنا كنت بساعدها .
لم يعرهُ اهتمام بل باغته بنظرة حارقة ثم لف ينظر لتلك التي تعجبت من نظرته وعندما لاحظ تبديل بلوزتها اشتعل جسده بالغضب ودارت في رأسه الأفكار السلبية لذا تحدث وعينه عليها يردف بشك :
– والباب اتقفل إزاي وليه ؟
استشفت نبرته المشككة لذا التفتت تنظر إلى أمير مجدداً دون أن تعره اهتماماً وتحدثت ممتنة بابتسامة هادئة :
– شكراً يا أمير ، عن إذنك .
تحركت تمر من جواره وهو يتبعها بنظراته الغاضبة ولكنها لا تبالي ، نظر إلى أمير فوجده ينظر عليها بحالمية وهي تخطو للخارج ، باغته بنظرة تحمل تهديداً من نوعٍ خاص وملامح مقتضبة غاضبة ثم تحرك يتبعها حتى خرجا ووصلا للسيارة .
اتجهت تستقل السيارة من الجهة الخلفية فتحدث بصرامة ويده تمنعها من فتح الباب الخلفي قائلاً :
– اركبي قدام .
نظرت له بحنق وأجابته بعناد :
– لاء ، هركب ورا .
كادت تعاود فتح الباب وبالفعل فتحته ولكنه أسرع يغلقه ويردف بنبرة حادة :
– اسمعي الكلام واركبي قدام أنا عفاريت الدنيا كلها بتتنطط في وشي .
وجدت نفسها تطيعه وتتجه للجهة الأمامية وتستقل جواره بحنق وتأفأف بينما هو ركب يضغط بقبضتيه على طارة القيادة يحاول تهدأة أفكاره السيئة ويؤكد لنفسه أنها ليست تلك الشخصية الغير اخلاقية ، مؤكد هناك سوء تفاهم لذا تحرك بالسيارة يقود في طريقه .
لحظة عمر ! وما شأنك أنت ؟ ، أنت فقط تحميها وليس لك سلطان على مشاعرها ؟ ، أولم ترفض حبها إذا لمَ النيران تتآكلك هكذا ؟ ، ما شأنك إن أحبت أحدهم ؟
لااا ، لا يمكنها أن تفعل ما يحلو لها ، لا يمكنها أن تكن هي صاحبة الأفعال الغير أخلاقية تلك ، لا يمكن أن تحب أو يحبها غيره ويقف هو يبتسم ويبارك كالأبله .
لم يستطع تهدأة غضبه لذا توقف جانباً جلس يتنفس بقوة ثم تحدث وهو يتطلع للأمام وهى تتساءل بنظراتها :
– إيه اللي حصل ؟
لا تعلم سبب غضبه ولا تستطع تفسيره لذا تحدثت بحنق :
– زي ما أمير قالك بالضبط ، باب الحمام اتقفل عليا وهو ساعدني ، ممكن بقى تروحني .
-والبلوزة اتغيرت ليه .
نطقها باندفاع وهو يطالعها لتتعجب من ملاحظته فالبلوزتان تحملان نفس اللون مع اختلاف التصميم لذا انتابتها السعادة وقامت بفتح حقيبتها اليدوية لتخرج منها الأخرى المتسخة وتعرضها عليه قائلة بهدوء وترقب :
– لإن دي وقع عليها لون أزرق ودخلت بدلتها ، علشان كدة استعملت الحمام .
نظر لها لثواني ثم لف نظره عنها وغضب من نفسه ، ها هو يتبع مشاعره ويندفع مخالفاً عقله وحكمته للأمور ، لقد أساء الظن وسبح بأفكاره وجعل غيرته تتحكم به وتظهر لها بعد أن اتخذ عهداً على نفسه بالالتزام .
زفر وتحدث بهدوء وهو يتحرك مجدداً :
– تمام يا مايا حصل خير ، بس خدي بالك لإن اللي حصل ده مش طبيعي ، ومينفعش أبداً تستعملي الحمام بعد ما الطلاب كلهم روحوا ، علشان محدش يتعرضلك بأذى لا سمح الله .
نظرت له بحنين واطمئنان قائلة بصدق وحب يفيض من عينيها :
– لو كنت لوحدي كنت عملت كدة فعلاً ، بس أنا عارفة إنك واقف برا ولو حصل أي حاجة هتلحقني .
نظر لها متعجباً رافعاً حاجبيه وقد شعر بالسعادة بعدما أحس أنه أمانها لذا تحدث بمرح لأول مرة منذ زمن :
– ليه بقى أنا جاكي شان ولا إيه ؟
ابتسمت وتوغلها شعوراً بالسعادة والراحة وهي تردف بصدق :
– لاء مش جاكي شان بس إنت فعلاً هتلحقني وأنا واثقة في كدة يا عمر .
طالعها بعمق لأول مرة ، حقاً يلاحظ تغييرها وتحول شخصيتها الإيجابي ، يلاحظ طريقة ملابسها وجديتها والتخلي عن تمردها .
يزداد تعلقه وحبه لها ويزداد معهما خوفه ، بات لا يعلم كيف عليه أن يتصرف ، هل يخاطر بحبها أم يخاطر له ؟
❈-❈-❈
اقتحم ميشيل غرفة ماركو فجأة ليجده مستلقياً يذهب في سبات عميق .
اتجه إليه بغضب يوقظه فتملل ماركو ينظر له بنصف عين قائلاً بتهكم :
– ماذا تفعل ؟ ،، اخرج الآن .
احتدت ملامح ميشيل بعد أن حاول الوصول إلى صقر عدة مرات دون جدوى وقال بقسوة وغضب :
– أين هو ، أعلم أنك تعلم مكانه ، أخبرني أين هو .
زفر ماركو بملل ثم نظر له قائلاً ببرود وأثر النعاس معلقاً على ملامحه :
– لا أعلم ولا أريد أن أعلم عنه شيئاً ، أخرجاني من بينكما ، والآن أخرج لأكمل نومي .
كاد أن يعود لفراشه ليعود ميشيل يحركه بعنف قائلاً :
– لا نوم بعد الآن ، هناك صفقة مهمة يجب أن تدخل مصر خلال يومين وصديقك يقضي شهر العسل ولا يبالي ، كنت أعلم أن تلك الفتاة ستقود عائلتنا إلى حافة الهاوية .
جلس ماركو يطالعه بترقب ثم تساءل باهتمام بعد أن تركه النوم :
– أي صفقة ؟ ، أولم نتمم صفقة الشهر الماضي ؟ ، هل هناك جديد ؟
جلس ميشيل أمامه يردف بجمود وخبث :
– أجل ، وعليه أن يكن في إستقبالها ، حاولت الوصول إليه دون جدوى ، عليه أن يعلم جيداً بمن يتلاعب ، أنا أحميه من غضب الحلفاء ولكن إن قمت بإفلات يدي عنه سيهلك فوراً .
تحدث ماركو بترقب بعدما شغله التفكير في أمرٍ ما قائلاً :
– يمكنني أن أذهب إلى مصر وأباشر على دخولها بنفسي ، فأنا لدي صلاحيات بالشركة .
صمت ميشيل يتابعه بترقب فعاد ماركو يتابع بضيق وهو يلف وجههُ عنه :
– حسناً أنت لا تثق بي ، لذا هيا ارحل ودعني أنام ، أنا لا أعلم أين هو ولم يخبرني بمكانه .
تحدث ميشيل بعدما شعر أنه على وشك خسارة جنوده الماهرين وكروته الرابحة قائلاً :
– حسناً ليس لدي مانع ، اذهب إلى مصر وتمم الصفقة بدلاً عنه ، أو جدهُ لي ، واعلم أنني يمكنني الوثوق بك .
اقترب منه قليلاً يتابع بخبث :
– ولكن اثبت لي أنك تستحق ثقتي بك بني ، كن أنت عيني على صقر هناك ، وتأكد أن هذا سيعود عليك بالنفع والمهام الكثيرة ، فقط أخبرني مساراته ولك مني ما تشاء ، وهذا لصالحه ، دعنا لا نسمح لتلك الفتاة أن تسحبه لدائرتها من بيننا ، يبدو أنه أحبها ولهذا يجب عليك أن تقلق بشأن صديقك ، لنوقفها حتى يعود لنا صقر ! .
شرد ماركو قليلاً يفكر في حديث والده ثم تحدث بتهكم وهو ينظر في عينه بثبات :
– حسناً ،، سأفعل .
❈-❈-❈
في اليوم التالى .
تجلس نارة في الطابق الأول لليخت تقرأ كتاباً للكاتب المصري الدكتور طه حسين ويقابلها صقر يمارس تمارينه الرياضية .
صبت كامل تركيزها على الكتاب بينما هو تركيزه عليها ، عاد بذاكرته إلى شغفه لمراقبتها عندما كانت تقرأ عند النافذة ، لا يعلم خطة القدر في دخولها كالهجوم النووي إلى حياته لتصبح هي القوى العظمى لديه .
فجأة نظرت له من بين إهتمامها قائلة بتروي :
– صقر كان فيه حاجة مهمة ناوية اعملها لما انزل مصر إن شاءلله وعايزة اعرفك بيها .
تنبه لذلك الأمر وترك الألة ووقف يتجه ليجلس أمامها متسائلاً باهتمام :
– إيه هي ؟
أغلقت الكتاب تضعه جانباً ثم زفرت ونظرت له قائلة بثقة :
– أنا نويت اتحجب .
صمت ولم يظهر عليه أي رد فعل فقط يطالعها فتعجبت متسائلة :
– ساكت ليه ؟
صامتاً لأنه لم يرق له أن تقرر أمراً بمفردها ، خصوصاً إن كان أمراً يتعلق بشعرها ، ولكن ربما راقت له تلك الفكرة ، لذا فصمته يعني التفكير في الأمر .
تحدث بثبات متسائلاً بلهجة مصرية كما رغبت :
– وإيه سبب القرار ده ؟
زفرت ثم تحدثت بجدية وثبات :
– شوف يا صقر أنا من وقت نزولي مصر وأنا بحاول أصحح الأخطاء اللي كنت عليها في إيطاليا ،، وأولهم الأخطاء اللى بتتعلق بديني ، خصوصاً لما اتعرفت على خديچة وأهلها .
ابعدت عينيها عنه لتكمل بشرود :
– أنا كنت وما زلت بحب شعري جداً ، وكنت بفرح وبتباهى بيه ، فكرة إني اتحجب كانت بالنسبالي معقدة شوية ، علشان كدة كنت بحاول أعرف إيه سبب الحجاب في الإسلام ولقيت أن ربنا بيختبرنا في أكتر الأمور اللى بتثير شهواتنا وعايزنا نتحكم فيها مش العكس ، حط لينا نظام معين مش أي حد يقدر يلتزم بيه ، اختبر الأنثى في أنوثتها وأكتر حاجة بتحب تتباهى بيها وهو شكلها ، واختبر الراجل في رجولته وحواسه وخصوصاً بصره ، أنا كنت غلطانة وقتها ، كان لازم أكون قد الإختبار ده وبما إني بحب شعري أوي يبقى لازم أحافظ عليه وأحميه وبالنسبالي الحماية كلمة معناها الأول والأخير هو حاجز بيبعد الشئ ده عن أي أذى أو ضرر ، علشان كدة أنا دلوقتي مقتنعة جداً إن الحجاب هو وسيلة حماية ليا ربنا فرضها عليا لمصلحتي أولاً وأخيراً .
استمع لها بتركيز واهتمام ولأول مرة يؤيد قراراً ايجابياً ولكنه ما زال صامتاً فتساءلت بترقب لتجعله يتحدث :
– طيب مثلاً لو لقيت حد بيبص على شعري ومعجب بيه قدامك هتعمل إيه ؟
استطاعت تحريك لسانه أخيراً ليردف بصرامة وثبات وتملك وهو يعود للهجته :
– سأقتلع عينه .
ابتسمت لظنها أنه يمزح برغم نظرته الجادة وتحدثت بتروي قائلة :
– طيب وليه المشاكل ،، يبقى قراري صح ،، وإن شاءلله لما أرجع مصر هنفذه .
أومأ بصمت وشرد قليلاً ثم عاد إليها يتساءل بترقب بعدما أحس بفطرةٍ تأخذه إلى المعرفة :
– وماذا تعرفين أيضاً عن الإسلام ؟
أبتسمت له بسعادة ، فقد لاحظت أنه بعيداً عن دينه ، وربما لا يصلي ولهذا وضعت خطة بينها وبين ذاتها لتحاول بجانب محاولتها لنفسها أن تأخذ بيده إلى التعمق ودراسة هذا الدين جيداً ودون تشدد أو تحرر ، فقط التزام .
تحدثت بهدوء وحب :
– قدامنا وقت طويييل أوي هحاول أقول لك اللى عرفته بنفسي وطبعا ده غير اللي اتعلمته من بابا الله يرحمه وماما .
أومأ يردف بهدوء :
– حسناً ، لنخصص وقتاً لهذا عند عودتنا .
تساءلت بترقب :
– هو إحنا هنرجع إمتى ؟
تساءل بترقب وهو يقرب وجههُ منها :
– هل تودين العودة .
اقتربت منه قائلة بحب :
– أود المكوث في أي مكان تكن أنت فيه .
ابتسم لها وأحب جملتها ، زفر ووقف يعود للألة الرياضية ويجلس عليها ليكمل رياضته قائلاً بثبات :
– سنعود بعد يومين من الآن .
أومأت له وعادت تتناول كتابها لتكمل قراءته أمام عينه بينما ذهب عقله في رحلةٍ بعيدة في حديثها عن الإسلام الذي لا يعلم عنه سوى إسماً في الهوية فقط وباقي معلوماته يفسرها بطريقة منافرة تماماً لحقيقتها .
❈-❈-❈
مساءاً في ڤيلا آسيا .
قررت الصعود إلى مايا والتحدث معها مجدداً ، فمنذ آخر حديث بينهما وهي استشفت أن صغيرتها تريد البوْح بالكثير ، أيقنت أنها تحب عمر كثيراً ولا تعلم كيف عليها أن تجعلها تتخطى هذا الحب الذي على ما يبدو من طرفٍ واحدٍ لذا فها هي متجهة إليها علها تحاول بطريقةٍ ما حل الأمر معها .
طرقت باب غرفتها فسمحت مايا لها ، لفت مقبض الباب وفتحته تنظر لصغيرتها حيث وجدتها تجلس على الفراش وأمامها حاسوبها تتلاعب به .
اتجهت إليها بعد أن أغلقت الباب وابتسمت لها وهي تجلس جوارها مردفة بهدوء :
– بتعملي إيه يا مايا ؟
كانت مايا تبحث عن تفسير ما فعله عمر اليوم من خلال قراءة مقالات إلكترونية عن علم النفسِ ، لذا تنفست وطبقت حاسوبها تنظر لوالدتها مردفة بملل :
– حصل معايا حاجة يا مامي ومش عارفة أفسرها .
ترقبت آسيا وتحدثت بتروي :
– طيب لو حابة تحكيلي عنها يمكن أعرف أفسرهالك ؟
زفرت مايا تنظر لوالدتها ثم أومأت قائلة :
– أيوة حابة ، هي عن عمر .
تنفست وبللت شفتيها بلسانها ثم اعتدلت وتحفزت للحديث تتابع قائلة :
– النهاردة فيه بنت معايا فالمدرج وقعت على بلوزتي لون ، طبعاً هي قاصدة لإنها رخمة بس مش مشكلة أنا كان معايا واحدة تانية ، علشان كدة روحت الحمام أغيرها بس لما خلصت روحت أفتح الباب لقيته أتقفل عليا ، وطبعاً الطلاب روحوا وأنا خوفت جداً ينسوني جوة لإن التوليت مش فيه شبكة ، المهم خبطت على الباب لقيت واحد زميلي إسمه أمير كان لسة موجود وسمعني وفعلاً ساعدني وفتح لي الباب ، بس وأنا بشكره جه عمر وكان باين عليه إنه غضبان جداً وسألني إيه اللي حصل ف أمير قاله إن الباب اتقفل عليا .
زفرت بحنق وهي تتذكر وتسرد ما حدث قائلة :
– يقوم يعمل إيه يا مامي تخيلي ؟
كانت آسيا تستمع إليها والشك يتوغلها في أمر مشاعر عمر لذا أردفت بحماس :
– عمل إيه ؟
تحدثت مايا بملامح وجه تشبه ملامح عمر آنذاك قائلة :
– يقوم يبصلي بشك كدة ويقول لي والباب اتقفل إزااااي ؟
قالتها مثله تماماً فضحكت آسيا عليها فابتسمت مايا أيضاً تتابع بفخر :
– روحت سيباه وخارجة ولا عبرته ، بس جه ورايا وقال لي اركب العربية قدام جنبه ، طبعاً فرحت بس مرضتش أبين له كدة ولقيته متعصب وبيقولي إن عفاريت الدنيا بتطنطط في وشه ، طب ما تطنطط وأنا مااالي .
ازدادت الشكوك داخل نفس آسيا وتساءلت بترقب :
– ها وبعدين ؟
زفرت مايا وتحدثت بنبرة يشوبها الهيام قائلة :
– ركبت قدام فعلاً يا مامي وسألني تاني إيه اللي حصل ، بس اللي فاجئني بقى وحيرني أنه سألني ليه غيرت البلوزة مع إن الإتنين نفس اللون والشكل تقريباً ، يعني حاجات بسيطة هي اللي مختلفة ، طيب يبقى ده معناه إيه يا مامي ؟، تفتكري هو زيي كدة بياخد باله من هدومي ولا أنا ببالغ لأني بحبه ؟
تعمقت آسيا في عيني إبنتها الهائمة ، حقاً سؤال مهم ، هل بالفعل هو مثلها وانكر ذلك لخوفه من مجهول أم هي حقاً تبالغ ؟
ولمعرفة الجواب عليها التحدث معه مجدداً .
قاطعت أفكارها مايا وهي تردف بيأس :
– معقول يا مامي إنتِ كمان مش عارفة تفسري اللي عمله !
زفرت آسيا ونظرت إليها ثم تمسكت بكفيها تردف بحب وحنو وابتسامة جميلة :
– التفسير إن بنوتي اتصرفت صح ، وعايزاكي دايماً كدة أهم حاجة عندك كرامتك ، طول ما إنتِ معتزة بنفسك ومكانتك وشخصيتك ده تلقائي هيظهر للي بيتعامل معاكي وهتجذبي مشاعره ليكِ بس واحدة واحدة يا مايا ، أهم حاجة أوعي تحاولي تقللي من نفسك علشان خاطر حد .
أومأت تنظر لوالدتها براحة بعد هذا الحديث الذي فهمت من خلاله أنها كي تحصل على حب عمر عليها أن تعتز بمكانتها .
❈-❈-❈
في اليوم التالي
تقف في مطبخ اليخت تعد حلوى التشيز كيك .
يقف يستند على الرخامة يتابعها بعيون متفحصة ، ترتدي كاش قصير بأكمام قصيرة وفتحة صدرٍ منحنية وظهرٍ مكشوف تغطيه خصلاتها .
كان يتابع حركة يدها المتكررة والتي تساعد في اهتزاز منحنياتها أمامه فيبتسم بخبث .
نظرت له نظرة خاطفة لتتحدث متسائلة دون أن تتفحص عيناه :
– بتفكر في إيه ؟
ابتسم على أفكاره المنحرفة ثم اعتدل في وقفته ثم تحرك يخطو إليها ببطء ويردف وهو يتعمق فيها :
– لا يشغل عقلي سواكِ .
ابتسمت وعادت تحرك الجبن الكريمي بالملعقة ليأتي ويعانقها مستنداً بفكه على كتفها ينظر في طبقها قائلاً وهو يلف يده حول معدتها :
– يكفي تحريك ، توقفي وإلا فسدت الحلوى ، لأنى لن اترككِ تكمليها .
فهمت عليه وقضمت شفتيها ثم التفتت لتقابله قائلة بحب وعينيها منكبة على شفتيه يبدو أنها تطالب بهما :
– حسناً أيها المشاغب ،، دعني انتهي منها وانتظرني خارجاً ، بقى فقط القليل .
أومأ برأسه إيماءة واحدة يردف بحب ومشاعر متضخمة بالعشق :
– حسناً ،، سأتحلى بالصبر لأجلكِ .
مال يلبي طلبها ويقبلها بنهم ويحتضن وجهها بكفيه بتملك وحنو ليتعمق في قبلته أكثر وأكثر ولتكن تلك تصبيرته قبل التهام وجبته الأساسية .
فصل قبلته بصعوبة وابتعد يلهث وتحرك للخارج ينتظرها .
وقفت هي تهدئ من ثورتها بالشهيق والزفير لتلتفت عائدة بعد ذلك تكمل ما بدأته بسعادة وعشقٍ ينمو باستمرار .
أما هو فتركها وتحرك للخارج يقف مستنداً على سياج اليخت يبتسم عليها ، يعيش معها أياماً كان يظنها ليست لها وجود ، لحبها سطوة غريبة احتلت أعماقه .
وعند ذكر أعماقه نظر للمياة لتعود وتهاجمه أفكاره مجدداً .
سيعودان غداً إلى مصر ومؤكد هناك صفقة جديدة ، مؤكد هناك رسائل تنتظره .
هو على يقين أن ميشيل غاضباً بشدة من اختفاؤه ولا يهمه غضبه مثقال ذرة سوى عليها هي فقط .
اختل توازن عقله فبات بين شقي الرحى ، إحداهما هي معرفتها بحقيقته والآخرى هي كيف عليه أن ينجو بها من براثن هؤلاء الذين لا يعرفون للرحمةٍ سبيل .
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية ثري العشق والقسوة)