روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت السابع والثلاثون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء السابع والثلاثون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة السابعة والثلاثون

هو الحَبيبُ الذي تُرچي شفاعتهُ
صلوا عليه وسلموا تسليمًا كثيرًا
___________________
عاد يسير مرةٍ أخرى فكان يرتدي بِنطال مِن اللون الثلجي قماشته چينز وكان مِن النوع “بوي فريند” وكنزة فسفورية فا’قعة اللون منقو’شة ببعض الفصو’ص الفضية الصغيرة وواسعة، وحذاءٍ أبيض وقبعة رأس كحـ ـيلة اللون وأخيرًا قلادةٍ فضية تحمل عبارة “المشـ ـطشط” وأخيرًا ساعة يد فضية
أما عن عُرابي كان لا يخـ ـتلف شيئًا عنه، كل ما كان يختلف فقط الألو’ان، فقد كان بنطاله أسـ ـود اللو’ن وكنزته برتقالية وقبعة رأسه كحـ ـيلة اللو’ن، وحذاءٍ أبيض وساعة يد سـ ـود’اء وأخيرًا قلادة فضية تحمل عبارة “الجا’مد”
دلفا إلى إحدى الأز’قة لينظرا حولهما بتـ ـرقبٍ شـ ـديد، وضع علي يده على جيب بنطاله الخلفـ ـي يتحـ ـسس سلا’حه بهدوء، رمـ ـقه عُرابي نظرة ذات معنى ليسمعا أصوات صبـ ـية نا’بعةٍ مِن إحدى البِنْايات ليلتفت ينظر إلى عُرابي قائلًا بهمس:شكلهم هما الهـ ـدف
حرك عُرابي حدقتيه في إشارة مِنهُ للأستمرار ليعود علي مكملًا سيره بتـ ـرقبٍ شـ ـديد، دلفا إلى إحدى البِنْايات وهما يتفحصان المكان حولهما بد’قةٍ وتر’قب ليتو’قف فجأ’ة عندما وُضِعَ سلا’حًا أبيـ ـض على عنـ ـقه تليها صوته القـ ـبيح قائلًا:أنتَ مين يا شبـ ـح الجيـ ـهة
أبتـ ـلع علي غصته بهدوءٍ، بينما شعر عُرابي أنهما كُشـ ـفا لا محال، نظر علي إلى عُرابي بحـ ـذرٍ ثم نظر إلى ذاك الشا’ب الذي كان قبـ ـيح المظـ ـهر وأسنانه صفـ ـراء ومقـ ـززة، أمتعـ ـض وجه علي بإشمئـ ـزازٍ ليقول بداخله:إيه العفا’نة دي … دا الحمد لله على نعمة النضا’فة
«معرفتش مين الشبـ ـح؟»
نظر إليه علي وحاول تما’لُك نفسه ليُمسك قلادته ويشـ ـهرها بوجهه قائلًا بأبتسامه واسعة:المشـ ـطشط، محسو’بك يا إبن عمي المشـ ـطشط
ر’فع الآخر حاجبه الأيمن بإستنكارٍ شـ ـديدٍ وهو يرى شا’بًا حُسن المظـ ـهر، رائحـ ـته جميلة، أسنانه نظـ ـيفة وبيضـ ـاء بها لمعـ ـة تجعل الأعـ ـمى ينظر، يرتدي ثيابًا لا تتناسب مع شخصه ولا هيئته، نظر إلى ما يرتديه ثم إلى قو’ة بنيتهِ التي كانت لا تقا’رن ببنـ ـت شفه مع بنيتهِ الضئـ ـيلة ولذلك شعر بالغرا’بة وشعر أنه خطـ ـرًا متنكـ ـرًا
«أنـتَ مـين يـا’ض؟» نطق بها بحـ ـذرٍ شـ ـديدٍ وهو ينظر إليه متر’قبًا والند’ية بيده على أتم الإستعـ ـداد لأي شيءٍ سيحد’ث، أبتسم إليه علي مرةٍ أخرى بعد أن رأى الشـ ـك يسـ ـكن ملـ ـقتيه قائلًا بلهـ ـجةٍ ما تسمى بـ “لهـ ـجة أو’لاد الشو’ارع”:إيه يا عمنا برا’حة على نفسك دا إحنا حتى ضيوف عندك ولا إيه يا زمـ ـيلي
رمـ ـقه الآخر بحـ ـذرٍ شـ ـديدٍ ثم قال بنبرةٍ مُحـ ـملة بالشـ ـك:جايين فـ إيه
أبتسم علي بعد أن تركه الشا’ب ليعتدل في وقفتهِ قائلًا:أيوه كدا يا عمـ ـنا هو دا الكلام، محسو’بك المشـ ـطشط بقالي فترة بدور على واحد مجد’عة كدا أشـ ـترى مِنُه المُكـ ـيف عد’ل لحد ما واحد دَ’لني عليك وبصراحة جيت أشوف الكلام على إيه هيطلع عندك المُكـ ـيف اللي بد’ور عليه ولا هيطلع أي كلام
«أنـتَ بتقول إيه يا جدع أنتَ، طب وعـ ـرش ربنا كله أصـ ـلي وصا’غ سـ ـليم ومش مضـ ـروب، جـ ـرى إيه يا ريا’سة مش كلام رجا’لة دا» نطق بها الشا’ب بغضـ ـبٍ بعد أن شعر أنه يشـ ـكك في شـ ـرفه وليس بضا’عته، رمـ ـقه علي نظرةٍ ذات معنى ثم قال بغمـ ـوض:خلاص يا عمـ ـنا مالك أتحمـ ـقت أوي كدا ليه، أشوف الأول قبل ما أشتـ ـري أظن حـ ـقي كـ مشـ ـتري ما انا مبشتر’يش سمك فـ مـ ـيَّاه
«حـ ـقك يا أبو الأبطا’ل تعالى معايا» نطق بها الشا’ب بعد أن سار إلى الداخل مشيرًا إليه كي يتبعه، أعتد’ل علي في وقفته وهند’م كنزته وكأنه يصعد على إحدى منصات التكريم كي ينال إعجا’ب المتواجدين، نظر إلى عُرابي بطـ ـرف عينه وغمـ ـز إليه قائلًا بأبتسامه:إيه رأيك يا عـ ـمنا، مذاكر وواخد شهادة تخرجي كمان
نظر إليه عُرابي بتـ ـرقبٍ وقال:يارب تكمل على خير
أنهـ ـى حديثه ولَحِقَ بـ علي إلى الداخل حيثُ عالمًا آخر غير الآخر الذي يعلمونه، عالم مليءٍ بالفـ ـساد بكل ما تحـ ـمله الكلمة مِن معنى، نظر عُرابي إلى علي وهمس إليه قائلًا:شكلنا يا عـ ـمنا محتاجين تأ’مينة جا’مدة أوي
رمـ ـقه على نظرة ذات معنى وقال بنبرةٍ خا’فتة:المشـ ـطشط سامع وشايف
_____________________
«إن أستطعتم إخما’دي، فأفعلوا»
كانت تجلس وهي تهـ ـدهد صغيرها “قصي” هذا الطفلُ الجميل المبتسم دومًا، كانت تجلس على فراشها وهو أمامها مستلقيًا على ظهرهِ ينظر إليها ويضحك بين الفينة والأخرى، دلف فاروق في هذه اللحظة ليبتسم فور أن سَمِعَ ضحكات صغيره العا’لية تملـ ـئ المكان
تـ ـرك أغراضه على سطـ ـح الطاولة ثم تقدم مِنهما بخطى هادئة ونظره مثـ ـبتًا على صغيره الذي كان ينظر إليه متلهفًا فور أن ظهرت صورة والده أمامه، أبتسم فاروق أكثر ليجلس بجوار ليالي بهدوء ممسكًا بيد صغيره طابعًا قْبّلة عليها، نظرت إليه ليالي وأبتسمت قائلة:حمدلله على سلامتك
نظر إليها وأبتسم لير’فع ذراعه محاوطًا إياها طابعًا قْبّلة أعلى رأسها قائلًا:الله يسلمك يا رو’ح قلبي
نظرت إليه ليالي وقالت:جعـ ـان أحضرلك الغدا
حرك رأسه موافقًا وقال:ياريت انا مكلتـ ـش خالص وجا’ي ميـ ـت مِن الجو’ع
أبتسمت إليه ليالي وقالت:خمس دقايق ويكون قدامك
أنهـ ـت حديثها ثم تركته وخرجت تاركةً إياه رفقة صغيره الذي كان يئـ ـن بطفولة ويُحـ ـرك قدميه الصغيران وكذلك ذراعيه بلـ ـهفةٍ في الهواء، أبتسم إليه فاروق لـ يقوم بحـ ـمله برفقٍ طابعًا قْبّلة على خده الصغير قائلًا:وحشتني يا أبو رو’ح حلوة
نظر إليه الصغير وضحك بطفولة ليتمـ ـعن فاروق النظر بهِ وهو يقول:وكأني شايف رو’ح شريف فيك يا قصي، كان بيحبّ يضحك على طول ويبتسم للغر’يب قبل القر’يب، حاسس إنك فيـ ـك مِنُه وهتـ ـهون عليا كتير الفترة اللي جاية، بس دا ميمـ ـنعش إني أناديك شريف صح
كان يُحا’دث صغيره وكأنه صاحب العامين ليتنـ ـهد بثقـ ـلٍ ثم ضمه إلى أحضانه مربتًا على ظهره برفقٍ وحنو ثم نظر إلى صورة أخيه شريف المعلـ ـقة على الحائط، حيثُ كانا يقفان في إحدى الأماكن الراقية ويقف بجوار فاروق الذي كان يحاوط كتفيه بذراعه وكذلك كان شريف يضمه بذراعه الأيسر ويضحكان ضحكةٍ صافية، ضحكةٍ مليـ ـئة بالحياة، ضحكةٍ تُخبر الجميع إن أستطعتم إخما’دي فأفعلوا، ويا ليتها قالت مثل هذه الكلمات، فقد أخمد’وها حقًا، وإلى الأبد
تنهـ ـد فاروق بعمـ ـقٍ لتلتمع العبرات في ملقتيه وهو يطالعهُ بحنو بعد أن شعر بالحنين إليه وإلى سماع صوته قائلًا بنبرةٍ مهز’وزة ممز’وجة بالأ’لم الذي يسـ ـكُن فؤاده:وحشتني يا نور العين، وحشتني يا أغـ ـلى عندي مِن الياقوت.
_____________________
«لقيتني بعد ما كُنْت تا’يه!»
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله» أنهـ ـى حُذيفة صلاته وظل مستقرًا على سجادة الصلاة، كان يرتدي جلبابًا بُني اللو’ن قماشته لا’معة، ورائـ ـحة المِسك تفو’ح حوله، أغمض عينيه وأر’جع رأسه في الهو’اء إلى الخلف قليلًا يتنفس بعمـ ـقٍ بعد أن لجـ ـأ إلى ربه، الواحد القـ ـهار، المتجـ ـبر، الر’حيم بعبادهِ، عاد إلى ربه بعد أن إنقـ ـطع عنه لمدة ليست بطو’يلة، وها هو قد عاد إليهِ بعد أن تزا’حمت الأجو’اء وسيـ ـطر الضـ ـيق على المكان وأصبح غيرُ مستـ ـقر
سَمِعَ مقـ ـبض الباب يُفتح وصوت خطواتٍ هادئة تدلف، وفور أن وصل إليه عبقـ ـها ظهرت أبتسامه خفيـ ـفة على ثغره، بينما أغـ ـلقت هي باب الغرفة ثم أقتربت مِنهُ والسعادة تقـ ـفز مِن ملـ ـقتيها، نز’عت خمارها وكذلك ر’بطة شعرها الذي تحـ ـرر مِن قيـ ـده، جلست أمامه ووضعت كفها الرقـ ـيق النا’عم على كفه قائلة بنبرةٍ لَم تخلـ ـو مِنها السعادة:حـ ـرمًا يا ر’وح الر’وح
فـ ـتح جفنـ ـيه بهدوء ونظر إليها لتعـ ـلو أبتسامه هادئة ثغره قائلًا بنبرةٍ هادئة:جمـ ـعًا يا قـ ـلب حُذيفة
أتسعت أبتسامتها لتقول بنبرةٍ لَم تخلـ ـو مِن السعادة:انا مبسوطة إنك رجعت لربنا تاني، أول ما شوفتك على سجادة الصلاة تاني قلبي رقـ ـص مِن الفرحة، متبـ ـعدش عن ربنا تاني يا حُذيفة دا أنتَ الوحيد فيهم اللي ربنا وهـ ـب عليك بنعمة حلوة أوي زَّي اللي مع عمو عبد الرحمن أوعى تهمـ ـلها تاني
تر’ك حُذيفة مسبـ ـحته السـ ـود’اء على الطاولة الصغيرة التي كانت تعتـ ـليها مصحفه لينظر إليها ويقول بنبرةٍ هادئة:تعرفي يا أيسل، متا’ع الدنيا وتلا’هيها فعلًا بينسّـ ـوا العبد عبا’دته لربنا، بتنسـ ـيه ربنا بشكل عمومي، تخيلي تكوني موا’ظبة على الصلاة والقرآن والأذكار والتسبيح والصدقة والذكاة والصوم وفجأ’ة تنـ ـسي كل دا بسـ ـبب متا’ع الدنيا، انا الفترة اللي عد’ت دي نسـ ـتني عادتي ونستـ ـني حُذيفة اللي انا أعرفه والكل يعرفه، أول ما رجـ ـعت النهاردة رو’حي رجـ ـعتلي، انا عرفت ليه كُنْت بنتـ ـصر وربنا بينـ ـجيني فـ أي مأ’مورية جو’ية بطـ ـلعها، عشان كُنْت قريب مِنُه ومش ناسيه، بذكره حتى وانا قاعد فا’ضي مبعملش حاجه، عشان كدا كان حافظني مش نا’سيني ومنجـ ـيني، بس أول ما سجـ ـدت حسيت براحة غير طبيعية، لقيتني بعد ما كُنْت تا’يه، الحمد لله على نعمه التي لا تُعد ولا تُحـ ـصى، ربنا يد’يمها علينا نعمة
أبتسمت هي وقالت:ربنا يثبـ ـتك يا حبيبي ويبعـ ـد عنك الشيـ ـطان ويجعلك مِن عباده الصا’لحين
أمَّن حُذيفة خلفها وتنهـ ـد بعمـ ـقٍ ليسمعها تقول بنبرةٍ هادئة:قولي يا ر’وح الر’وح، مفيش دعوة كدا بتدعيها كل صلاة وبتـ ـلح بيها
نظر في وجهها بهدوء ليبتسم قائلًا بنبرةٍ مُحبة:أنتِ دعوة كل صلاة يا قـ ـلب حُذيفة
تملّـ ـكتها السعادة ولذلك لَم تشعر بنفسها وهي تندفـ ـع نحوه تعانقه بقو’ةٍ وسعادة وكأنها كانت تنتظر مَن يقول كلمة تجعل قلبها يتراقـ ـص فرحًا، تفا’جئ بإند’فاعها ليحاوطها بذراعيه قائلًا بذهولٍ واضح:في إيه يا أيسل براحة خضـ ـتيني
طبعت هي قْبّلة عمـ ـيقة على خده وقالت بنبرة سعيدة لـ الغا’ية:بحبّك، بحبّك أوي يا حُذيفة متعرفش فرحتني أزاي بجد
ضحك هو بخفة وربت على ظهرها برفقٍ وقال بنبرةٍ رخيـ ـمة:أنتِ دعوة كل صلاة يا قـ ـلب حُذيفة، بدعيلك مِن كل قـ ـلبي والدعوة بتبقى طا’لعة مِن القلب، آه مع بعض بس مش معنى كدا إني هبـ ـطل أدعيلك، ربنا رزقني بيكي وهفضل أدعي إنك تفضلي جنبي وفـ ضهـ ـري وتبقى سنـ ـدي وقو’تي وعزوتي، حُذيفة مِن غير حوا يضـ ـيع
أتسعت أبتسامتِها حتى لمعت العبرات في ملقتيها لتشـ ـدد مِن عناقها إليه قائلة:صدقت لمَ قولتلك يا رو’ح الرو’ح
أبتسم حُذيفة وطبع قْبّلة على رأسها وقال بمزاحٍ:جدعة يا قـ ـلب حُذيفة بَطَـ ـلتي وضو’ئي
ضحكت هي بنبرةٍ عا’لية لتبتـ ـعد عنه وتقرر الأستكا’نة داخل أحضانه قائلة بمشا’كسة:وماله يا حبيبي لسه بدري على صلاة العصر
نظر إليها ليراها تستقر داخل أحضانه كالطفل الصغير الذي يهـ ـرُب مِن قـ ـسوة العالم ليستقر داخل أحضان والدته، أبتسم حُذيفة وحاوطها بذراعيه ضاممًا إياها إلى أحضانه ممسدًا على خصلاتها السـ ـود’اء الطو’يلة النا’عمة التي كانت تصل إلى منتـ ـصف ظهرها، طبع قْبّلة على مقدمة رأسها ليسمعها تقول بنبرةٍ هادئة:مفيش دعوة تانية بتدعي بيها يا حُذيفة ونفسك فيها
نطقت بها بعد أن سـ ـاد الصمت المكان قليلًا لتقرر أن تقطـ ـعه بهذا السؤال الذي تجهـ ـل إجابته الآن وهي تنظر إليه تتر’قب ردّه، بينما نظر هو إليها قليلًا، ثم مَد يده ومسّد على خصلاتها التي يعشـ ـقها كثيرًا وأجابها بنبرة هادئة قائلًا:لا فيه
تر’قبت ما هو قادم علَّ القادم يكون ما يدور داخل عـ ـقلها، بينما زفـ ـر هو بعمـ ـقٍ ثم نظر إلى عينيها السـ ـود’اء وقال بنبرةٍ رخـ ـيمة:نفسي فـ عيـ ـل تاني، عايز سـ ـند لـ عدنان، مش عايزُه يكون لو’حده، عايزُه يبقى معاه أ’خ، يسـ ـنده ويبقى ضهـ ـره، ربنا مأ’ردش يكون في نصيب المرة اللي فاتت، بس انا عشـ ـمان فيه يعوضنا المرة دي
ألتمعت العبرات في ملقتيها وهي تنظر إليه لترى حدقتيه تلتمع حز’نًا كلما تذكر هذا اليوم المشـ ـؤوم، زفـ ـر هو وحاول تما’لُك نفسه ليراها تُمسك بيده التي كانت ترتب خصلاتها وتضعها على بطـ ـنها وهي تنظر إليه قائلة:وربنا عوضنا فعلًا
أستغـ ـرق الأمر عدة دقائق حتى يستطيع أستيعـ ـاب ما قالت، بينما كانت هي تنظر إليه تتر’قب ردّا’ت فعله التي لم تظهر حتى الآن إليها، نظر إلى يده الموضوعة على بطـ ـنها ثم نظر إليها يتأكد مِن أن ما يراه ويسمعه حقيقة وليست خيا’لات يريد أن يسمعها
أكدت إليه ذلك حينما حركت رأسها برفقٍ وظهرت أبتسامه جميلة على ثغرها قائلة بنبرةٍ ممز’وجةٍ بالسعادة:انا حامـ ـل يا رو’ح الرو’ح
ألتمعت العبرات في ملقتيه وأعتلت الأبتسامه ثغره حينما تأ’كد مِن الأمر، ضمها إلى أحضانه مرةٍ أخرى والسعادة تغمـ ـر قلبه مرددًا بنبرةٍ سعيدة:الحمد لله، الحمد لله على نعمه التي لا تُعد ولا تُحـ ـصى، دعوة كل ليلة أستجابت يا أيسل، دعوة رو’ح الرو’ح أستجابت وربنا مرد’نيش مكـ ـسور الخا’طر، الحمد لله اللهم بارك
أبتسمت بسعادة حينما رأت الردّ الذي كانت تتمنىٰ رؤيته لتضمه كذلك وسقـ ـطت دموعها وهي تبتسم بفرحةٍ وكأنها المرة الأولى لهما، فقد كانت تريد أخًا وسنـ ـدًا إلى صغيرها، وحينما رزقها الله بطفلٍ آخر فقـ ـدته دون سا’بقِ إنذ’ار، ولَكِنّ ها هي الآن تُرزق بأخر وهي على يقينٍ تام أن ربها غفـ ـورٌ رحـ ـيم
طبع هو قْبّلة أعلى رأسها وتحدث بنبرةٍ رخـ ـيمة وهو ينظر في نقطة فا’رغة أمامه قائلًا:ربنا يكملها على خير ويبعـ ـد عنك كل شـ ـر يا قـ ـلب حُذيفة، أي حاجه تحتاجيها أنتِ طبعًا مش محتاجه إني أعرَّفك
حركت رأسها برفقٍ وهي تنظر إليه وتبتسم أبتسامة صافية ليبادلها هو أخرى حنونة مشـ ـددًا مِن عناقه إليها دون أن يتحدث، لحظات وتعا’لت الطرقات على باب الغرفة لير’فع صوته قائلًا بتساؤل:مين؟
«انا يا عمي إيه نسيتنا ولا إيه إحنا مستنيينك فـ أوضة الرياضة تعالى» نطق بها أحمد بنبرةٍ هادئة ليأتيه صوت حُذيفة يُجيبه قائلًا:جاي وراك يا ريا’سة
أبتعدت أيسل عنه تنظر إليه لتراه ينهض قائلًا:هروح أقعد معاهم شويه بدل ما يشـ ـرحوني ولا يصلـ ـطوا عفـ ـريت ليل عليا
ضحكت أيسل وهي تنظر إليه قائلة:ماشي، وانا هروح أقعد مع البنـ ـات شويه لحد ما تخلص
أخذ هاتفه وأقترب مِنها طابعًا قْبّلة أعلى رأسها ثم تركها وخرج، زفـ ـرت هي بهدوء وأبتسامه حنونة تعلـ ـو ثغرها ثم وضعت خمارها على رأسها وخرجت خلفه
«أستعجلته؟» نطق بها ليل الذي كان يركض بخـ ـفة على الممـ ـشاة ليأتيه الردّ في الحال مِن أحمد الذي جلس على الأرض بجوار فادي وقال:جاي ورايا
لحظات ودلف حُذيفة مرتديًا جلبابه دون أن يبدله يقول:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ردّوا عليه جميعهم السلام في آنٍ واحد ليراه ليل مِن إنعـ ـكاس صورته في الز’جاج أمامه ليقول بنبرةٍ لا’هثة قائلًا:فرحت قـ ـلبي ياض يا حُذيفة، مُبارك يا خويا
أبتسم حُذيفة وجلس بجوار أخيه قائلًا:حبيب أخوك الله يبارك فيك
أخذ زجا’جة المياه البلا’ستيكية الموضوعة أمامه يرتشف مِنها القليل ليشعر بنظرات أخيه التي كانت سعيدة برؤيته لهيئتهِ القد’يمة، أنز’ل الزجا’جة ونظر إليه بطـ ـرف عينه وقال مبتسمًا:عارف إنك فرحان دلوقتي
أبتسم يزيد وقال بنبرةٍ سعيدة:انا طا’ير مِن الفرحة
أبتسم حُذيفة ور’فع ذراعه يضم أخيه داخل أحضانهِ، مازحه علي الذي دلف مؤ’خرًا مِن الخارج يقول:ريحة المِسك دي انا عارفها كويس وعارف صاحبها
نظروا جميعهم إليه ليضحك حُذيفة ويقول:أخوك رجع لطريقه تاني
أقترب مِنهُ علي وجلس بجواره قائلًا بأبتسامه:مُبارك يا حبيبي فرحتني واللهِ هو دا حُذيفة اللي عيني أتعودت تشوفه
أبتسم الآخر وربت على يده برفقٍ، أوقف ليل الممـ ـشاة ثم أقترب مِنهم بعد أن جـ ـذب المنشفة يمـ ـسح حبات العرق المتنا’ثرة على وجهه وجـ ـسده قائلًا بنبرةٍ لا’هثة:مسيره يرجع، اللي بيمشي فـ طريق ويسيبه ويتجه لغيره فترة ويتلـ ـدع مِنُه مسيره يرجع للقد’يم تاني
أنهـ ـى حديثه وجلس أمامه ليسمع علي يؤيده قائلًا:الرا’جل دا فهـ ـمان
وبعد أن أنتـ ـبه لوجوده تهجـ ـمت معالم وجهه وترك المنشفة قائلًا بنبرةٍ متهـ ـكمة وهو يقصده بحديثه:انا أتاخد على قفا’يا بعد دا كله، ليلتك سو’دة يا اللي فـ دماغي
ضحك علي بعد أن فَهِمَ أن الحديث موجهًا إليه ليستند بكف يده الأيمن على الأرض وينظر إليه قائلًا بأبتسامه:سوري يا بيبي، بس العصا’بة دي كانت بتاعتي انا، أنتَ زَّي عوايدك مش هتسيبلي حاجه أعملها عشان بتنـ ـهي على طول، كان لازم أطلـ ـعها مرة مِن نفسي لوحدي انا وعُرابي حبيبي
رمـ ـقه ليل نظرةٍ حا’نقةٍ وقال بتهـ ـكمٍ سا’خر:قال على رأي المثل، إن غا’ب القط ألعب يا فا’ر
تعا’لت ضحكات علي الذي قال مِن بينهن:متقلقش الفا’ر لعب لعبة حلوة أوي مِن غير القط
رمـ ـقه ليل نظرة ذات معنى ليقول بنبرةٍ تحمـ ـل في طا’ياتها الشـ ـك والو’عيد:قول عملت إيه، عشان حاسس إنك هـ ـببت مـ ـصيبة
ابتسم علي بثقةٍ وزهوٍ في نفسه قبل أن يسرد عليه ما حدث حينما أمـ ـسك بهم جميعهم ووضعهم في عربة الشـ ـرطة “البو’كس”
[عودة إلى ما حـ ـدث وقت إمسا’كهم بالمو’اد المخـ ـدرة]
بعد أن لَحِقَ بهِ علي وبجواره عُرابي وجدا عالمًا مليئًا بالفـ ـساد، عالمًا مليئًا بالمو’ادِ المخـ ـدرة بمختلف أنوا’عها فقد كان المكان أشبه بزقـ ـاقٍ ضـ ـيقٍ يطـ ـل على غرفةٍ كبيـ ـرةٍ للغاية وواسـ ـعةٍ أشبه بـ المصانع في حجمها تحتوي على جميع أنو’اع المو’ادِ المخـ ـدرة، وقـ ـف عُرابي ينظر حوله بعينين متسعتان وذهولٍ خَـ ـيم عليه وبجواره علي الذي همس بنبرةٍ خافتةٍ لنفسه قائلًا:وقعـ ـة اللي جا’بوكم سو’دة
وكـ ـزه علي بعد أن أنتبه إلى أنفسهما ليتتبـ ـعان الشاب ذو البنـ ـيةِ الضـ ـعيفة حتى يُكملا ما جاءا لأجله، وقف الشا’ب أمام أطـ ـنانٍ كبيـ ـرة مِن نو’ع المخـ ـدر الذي يلقبونه بـ “المُكـ ـيف” مثلما قال علي لينظر إليه قائلًا بفخرٍ وكأنه يعتزُ بشهادة الجامعة الأمر’يكية وليس أطـ ـنانٍ مِن المُخـ ـدر قائلًا:أهو يا ريا’سة شغـ ـل أصـ ـيل ونضيـ ـف على حق إحنا لا نعرف مضـ ـروب ولا الكلام اللي مبيأ’كلش عيش دا، وعشان أنتَ ز’بون جديد انا عاذ’رك شوف اللي تطلبه وانا عيني ليك
«محتاج أعا’ين بنفسي عشان أقا’رن وبُناءً على قراري هشوف هاخد قد إيه مِنك، أصل العبد لله آه يبان إبن ناس ونضـ ـيف بس مغطـ ـي على البلا’وي والتطـ ـبيل، وريني» نطق بها علي وهو يتو’عد إليه بينه وبين نفسه، أخذ الشا’ب عيـ ـنةٍ ووضعها بـ كف علي الذي نظر إليها بتمـ ـعن، كانت بيـ ـضاء اللو’ن تشبه حبات السُكَّر المطـ ـحون، أمسك علي القليل بين إبهامه وسُبابته يفـ ـركها أسفـ ـل نظرات عُرابي الذي تأكد مِن حركة قد’م علي اليمنى أنها بالفعل مو’اد مخـ ـدرة
قبل أن يدلفا ويلحقا بالشا’ب توقف علي وهو ينظر إلى عُرابي قائلًا:بقولك إيه أول ما أفر’كها بأيدي وأتأكد إنها مخـ ـدرات بجد هحـ ـرك رجلي اليمين براحة تفهم وتنفـ ـذ فـ ساعتها
حرك عُرابي رأسه برفق وقال بنبرة هادئة:أتفقنا يا مَعـ ـلَمة
وفي لحظة لَم تكن في الحُـ ـسبان أخرج عُرابي سلا’حه في حركةٍ سر’يعة ومبا’غتة مِنهُ ير’فعه بوجه الشا’ب قائلًا بنبرةٍ حا’دة:سَـ ـلِم نـفسك يـالا
تعا’لت الأسلـ ـحة مِن كل مكان، الرجـ ـال المسلـ ـحون يرفـ ـعون أسلـ ـحتهم عليهما والقو’ات خلفهم يرفـ ـعون أسلـ ـحتهم عليهم يأمـ ـرونهم بإلـ ـقاء الأسـ ـلحة خاصتهم ورفـ ـع أياديهم إلى الأعلى، ساد الصمت المكان فجأ’ة ليبتسم علي وينفـ ـض يديه يُبعـ ـد تلك الما’دة مِن على كفه قائلًا بأ’سى:للأسف يا مَعـ ـلَمة، المشـ ـطشط بيعتذرلك
تبدلت تقا’سيم وجهه فجأ’ة وقال بنبرةٍ خشـ ـنة وحا’دة:بضا’عتك أصـ ـلي، وعشان هي أصـ ـلي هتنورني فـ السجـ ـن يا رو’ح أ’مـك عشان تقولي أتجابت أزاي ودخلت أزاي وبتتصـ ـدر فين، قـدامـي يـالا
سحـ ـبه عُرابي مِن خـ ـلف رأسه وهو يد’فعه أمامه وكذلك بدأت القو’ات بوضع الأصـ ـفاد الحـ ـديدية في أياديهم مِن الخـ ـلف والخروج بهم، نظر علي حوله وقال بنبرةٍ عا’لية وصا’رمة:الـمـكـان دا كـلـه يـتـشـ ـمـع وكـل الـلـي فـيـه يـتـحـ ـفـظ عـلـيـه، يـلا.
[عودة إلى الحاضر]
«بس يا سيدي، أتمسـ ـكوا وهيتحـ ـكم عليهم مش أقل مِن عشر سنين سجـ ـن» أنهـ ـى علي حديثه وكأنه ير’وي قصةٍ ما قبل النوم مُنـ ـهيًا حديثه بأبتسامةٍ واسعة وهو ينظر إلى ليل وكأنه يخبره أرأيتَ ماذا فعلتُ بدونك؟، قرأ ليل هذا في عينيه ولذلك أبتسم بزاوية فمه بسخـ ـريةٍ وقال:وإيه لازمته التعـ ـب دا كله، ما كُنْت خدتها مِن قا’صيرها وأقتـ ـحمت على طول
أبتسم حُذيفة وعلَّـ ـق على حديثه وقال ضاحكًا:عشـ ـمه وخـ ـلىٰ بيه، إخـ ـس
أجابهما علي الذي لَم يكتـ ـرث لحديثهما وقال:مش أتمسـ ـكوا خلاص
«دا انا ناوي أنتـ ـقم، متفتكرش إني هعـ ـديها بالساهل يا ابن طارق» نطق بها ليل متو’عدًا إلى علي الذي أبتسم إليه بسمة الأنتـ ـصار والتـ ـلذُذ بما حـ ـققه، تحدث فادي بعد أن نظر إلى حُذيفة وقال:بقولك إيه يا حُذيفة ما تسمعنا حاجه كدا بـ صوتك وحشني كان بيغسـ ـلني كدا ويطمني فـ عز قلـ ـقي وخو’في
نظر إليه حُذيفة ورأى حقًا الخو’ف يستوطـ ـن ملـ ـقتي فادي ولذلك لَم يتر’دد هو وقرر أن يبتهل مثلما كان يفعل منذُ زمن، قبل أن يغو’يه الشيـ ـطان ويُنـ ـسيه عبادته ويلهـ ـوه بمتا’ع الدنيا، فقد مَنَّ الله عليه بنعمةٍ يملُكها عبد الرحمن، دونًا عنهم أجمع أختاره الله وو’هبه تلك النعمة الكبيـ ـرة التي يشكر ربه عليها كل ليلة فهو لَم يكتـ ـشف الأمر إلا عندما قرر مساعدة ليل عندما كان يتلـ ـبسه إحدى الجـ ـان وحينها شعر أنه يريد مساعدته ورأي حينها عبد الرحمن يشجعه، وبعدها أخبره عبد الرحمن بصراحةٍ وصـ ـدقٍ تام عن ما يملُـ ـكه، ولا يُنـ; كر حينها أنه كان سعيدًا ولَكِنّ قرر إخفـ ـاء الأمر عن الجميع ويحـ ـتفظ بهِ لنفسه
كانت أبتهالات النقشبندي هي المحببة إلى قـ ـلبه، صوته، وتأ’ثره، وشعوره يصل إلى المستمع دون أد’نىٰ مجهـ ـود، ولذلك رأى أن ذاك الأبتهال يصفه هو، كل كلمة بهِ تُعبر عنهُ هو، ولذلك نظـ ـف حلقه وألتزموا جميعهم الصمت أستعدادًا إلى سماع صوت شقيقهم المحبب إلى قلوبهم أجمع، بينما بدأ هو يبتهل بصوتٍ يقسمون جميعهم على أنهم لَم يستمعوا إلى مثل هكذا صوتٍ مِن قبل
صوتٍ يجعل الأحـ ـجار تهـ ـتز والجـ ـبال تبكي مِن تأ’ثرهِ والزهور تبتسم بسعادةٍ، أما عن قلو’بهم، فهي متعـ ـطشةٍ إلى سماع صوته والأر’تواء بهِ في أكثر الأوقات تعطـ ـشًا
أغيـ ـبُ وذو اللطائِف لا يغـ ـيبُ
وأرجوه رجاءاً لا يخـ ـيبُ
وانزل حاجتي في كل حال
إلى كل من تطمئن به القلوب
فكم لله من تد’بير أمرٍ
طوته عن المشاهده الغيوب
ومن كرم ومن لطف خفي
ومن فرج تز’ول به الكر’وب
ومالي غير باب الله بابُ
لا إله ولا مولى سواه ولا حبيبُ
كريمٌ منعم بر لطيف
جميلُ ستر للداعي مجيبُ
إلهي مِنكَ إسعادي وخَيري
ومِنكَ الجود والفرجُ القريبُ
صوته عَذبٌ، خَشـ ـوعٌ، متأ’ثرٌ، لأول مرة تهـ ـتز القلوب، وتنهـ ـمر الدموع، كَم كان تأ’ثيره باديًا على معالم وجوههم، كان أقرب أصدقائه وأخيه وإبن عمه الحبيب يستمع إليه بقلـ ـبه قبل أذنيه، دومًا كان يتمنى في كل ليلة أن يعود حُذيفة إلى سا’بقِ عهـ ـده، يعود إلى ربه، يعود إلى تأ’دية فروضه وعبادته إلى المولى عز وجل، كان يكـ ـره رؤيته بعـ ـيدًا عن ربه، كان وكأنه كالتا’ئه في الصحراء الوا’سعة، لا ملجـ ـأ ولا مرسىٰ
نهض مِن جلسته وأقترب مِنهُ يجلس على ركبتيه أمامه، نظر إليه حُذيفة ليرى العبرات تلتمع في ملقتي أخيه الذي أبتسم وعانقه بوّدٍ وحنو، سعيدًا برؤيتهِ يعود لسا’بق عهـ ـده مثلما أعتاد رؤيتهِ أبتسم الآخر وعانقه مربتًا على ظهره برفقٍ دون أن يتحدث فـ يكفي عناقًا حنونًا كهذا يخبرهما بكل ما يودان القول بهِ
«تصدق وتؤمن بالله، انا كُنْت خا’يف وقلـ ـقان قبل ما أسمع صوتك وأبتهالك، بعدها حاسس إني مرتاح ومتطمن» نطق بها فادي بصـ ـدقٍ تام وهو ينظر إليه والعبرات تلتمع في ملقتيه، نظر إليه حُذيفة بعد أن أبتعـ ـد ليل عنهُ ليبتسم ويضمه إلى أحضانه قائلًا:عارف إن صوتي و’حشك، دي كانت اكتر حاجه بتطمنك وانا حـ ـرمتك مِنها بغبا’ئي، بس ملحوقة كل ما تقـ ـلق وتخا’ف تعلالي
أبتسم فادي وربت على ظهره برفقٍ لينظر إلى ليل متعجبًا حينما رآه ينظر إليه نظرةٍ ذات معنى يراها لأول مرة في عينيه، وللحق تفهم ليل ما يدور داخل عقـ ـله ولذلك أبتسم إليه وقال:بدعيلك يا فادي ربنا يشيـ ـل عنك المـ ـرض ويهـ ـون عليك
أبتسم فادي متأ’ثرًا وقال:حبيبي يا ابن عمي
أبتسم إليه ليل أكثر واقترب مِنهُ معانقًا إياه بعد أن ألتمعت ملقتيه حز’نًا على هذا الوسيم الذي داهـ ـمه المـ ـرض وقـ ـضى عليه باكرًا دون أن يرأف بحاله، أبتسم عُمير وهو يرى حبّهم إلى بعضهم البعض وخو’فهم على بعضهم، فدومًا كان يدعو المولىٰ أن يجمعهم ببعضهم البعض ويخا’فون على بعضهم البعض ويكونوا وقت الأزمـ ـات والشـ ـدائد يد العون والمعو’نة إلى بعضهم.
____________________
«طـ ـير جـ ـريح يُحـ ـلق فوق أرض أصحابها مـ ـرضى»
كانت ملك تسير ممـ ـسكةً بيد صغيرتها شمس تبتا’ع بعض المستلزمات الخاصة بمنزل والدة زوجها بعد أن خضـ ـعت أخيرًا وعادت تزورها مرةٍ أخرى بعد أن بدأت تمـ ـرض مرةٍ أخرى وكالعادة أبنتها لا تُبالي، عادت إلى المنزل مرةٍ أخرى وقبل أن تصعد سبـ ـقتها صغيرتها بحمـ ـاسٍ شـ ـديدٍ وكأنها في سـ ـباقٍ معها، صـ ـدح رنين هاتفها عا’ليًا يعلنها عن أتصالٍ هاتفي مِن حبيب عُمرها مثلما تقول
أبتسمت هي بحنو وأجابته قائلة:كُنْت هز’عل أوي لو متصلتش
«مقد’رش على زعـ ـل ملوكتي» نطق بها أسامة ضاحكًا ثم أسترسل حديثه وقال:طمنيني عليكي وعلى ماما
أبتسمت ملك ونظرت إلى الحقائب التي أبتا’عتها إليها وقالت مبتسمة:متخا’فش يا حبيبي انا عملت زَّي ما قولتلي وروحت جبتلها الطلبات بتاعتها وطلـ ـعالها أهو
أبتسم هو وقال بنبرةٍ حنونة:ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي انا عارف إني بتعـ ـبك بس هقول إيه بقى، أختي بجـ ـحة مش محـ ـوق فيها حاجه، عمومًا انا مش عايزك تعمليلها أي حاجه تطلبها مِنك أنتِ رايحة عشان ماما مش عشانها ولو قالت أي كلمة متردّيش عليها وانا لمَ أرجع إن شاء الله هيكون ليا ر’دّ معاها متحتـ ـكيش بيها مهما حصل، أتفقنا
أبتسمت ملك وقالت:حاضر يا أسامة اللي تقول عليه هعمله، انا واللهِ رجـ ـعت عشان عارفه إنها بتحبّني وانا كذلك ومها’نش عليا تطلبني وأقولها لا بس هنقول إيه بقى، ربنا يهـ ـدي عباده، المهم عايزاك تطمني عليك على طول وتخـ ـلّي بالك مِن نفسك وتبعـ ـد عن الشمس على قد ما تقدر عشان لقدر الله متا’خدش ضـ ـربة شمس، وهستناك ترجعلي قريب، مش عايزاك تتأ’خر عشان واحـ ـشنا كلنا.
أبتسم أسامة بتأ’ثرٍ على الجهة الأخرى حتى لمعت العبرات في ملقتيه وقال بنبرةٍ ملكـ ـومة:مش عايزك تخا’في عليا طول ما انا فـ حماية المولىٰ عز وجل، المهم تخـ ـلّي بالك مِن نفسك ومِن شمس اللي وحشتني ووحشني صوتها
أبتسمت ملك وقالت:للأ’سف طلـ ـعت جـ ـري على جدتها مكانتش تعرف إنك هتكلمني، تستنى أطلـ ـع وأخلّيها تكلمك!
«لا لا خلّـ ـيها وقت تاني المهم سلميلي عليها وقوليلها أسامة بيقولك وحشتيني، وانا إن شاء الله هحاول أخلّـ ـص بسرعة وأجيلكم وحشتوني أوي أول مرة أغيـ ـب الغيـ ـبة دي كلها، بس تتعوض بإذن الله، مش محتاجة أي حاجه!»
أبتسمت ملك وقد غـ ـلبها شو’قها إليه للمرة الثالثة على التوالي فقد غا’ب هذه المرة خمسة أشهر، خمسة أشهر لَم ير’ها وهذه هي المرة الأولى التي يستمع فيها إلى صوتها الدا’فئ والحنون، أنهـ ـت حديثها معه وهي تغـ ـلق الخط وتبتسم بهدوء، صعدت درجات السُلَّم وهي تتمنى أن يعود إليها مرةٍ أخرى ويضمها إلى أحضانه الدا’فئة ويطمئنها أنه بخير ولن يتر’كها مرةٍ أخرى ويذهب، ولَكِنّ متى وكيف سيحد’ث ذلك، هي لا تعلم
أغـ ـلقت باب المنزل خلـ ـفها وهي تلهـ ـث ليأتيها صوت والدته تقول في الداخل بنبرةٍ عا’لية بعض الشيء:أنتِ جيتي يا ملك!
دلفت إليها الأخرى وهي تبتسم إليها قائلة:أيوه يا حبيبتي جيت أهو
وضعت الحقائب على سـ ـطح الطاولة ثم جلست على المقعد المجاور لـ الأريكة التي تجلس عليها الأخرى لتقول:الحمد لله أتأ’خرتي ليه دا انا لسه بقول لشمس أنزلي شوفي ماما راحت فين
أبتسمت ملك وقالت بعد أن أحتـ ـلت السعادة قـ ـلبها:أسامة أتصل بيا وكلمني
تفا’جئت والدته وقالت بعد أن ألتمعت العبرات في ملقتيها قائلة:بجد يا ملك كلمك
حركت رأسها برفقٍ وهي تنظر إليها قائلة بأبتسامه:بيسلم عليكي وبيقولك وحشتيني وهيرجع قريب
أبتسمت والدته بسعادةٍ وضمت يديها إلى صـ ـدرها وهي تنظر أمامها وتقول بتأ’ثرٍ وحنين إليه:حبيب قلبي ورو’حي، وحشني أوي
أبتسمت ملك وهي تنظر إليها قائلة:هيرجع بإذن الله انا واللهِ مصدقتش نفسي لمَ لقيته بيتصل بيا كُنْت مبسوطة أوي
«وانا مقالكيش حاجه ليا؟» نطقت بها شمس بنبرةٍ رقيقةٍ مثلها تنظر إلى والدتها التي أبتسمت وقالت:أنتِ بقى أسامة بيقولك وحشتيني أوي
أبتسمت الصغيرة بسعادةٍ كبيرةٍ وقالت:وانا كمان، هو هييجي أمتى يا ماما
مسّدت ملك على خصلاتها وقالت بأبتسامه:قريب أوي يا حبيبتي إن شاء الله
نظرت بعدها إلى والدته وقالت:عن أذنك بقى يا ماما أقوم أظبـ ـط الحاجات دي وأحـ ـطها مكانها
حركت الأخرى رأسها برفقٍ وهي تنظر إليها بابتسامه ود’ودة، تركت ملك صغيرتها مع جدتها تتحدث معها وأخذت هي الحقائب وأتجهت إلى المطبخ وهي تزفـ ـر بهدوءٍ فأمامها عملٌ شـ ـاق ينتظرها
_____________________
«أسمـ ـراني، عيونه سمـ ـرا !»
دلف إلى منزلهِ لتدا’عب أنفه رائحة الطعام الطيبة التي تُعده زوجته، ترك أغر’اضه على سطـ ـح الطا’ولة وتقدم مِن المطبخ بخطواتٍ هادئة ليراها تتحرك كالفراشة هُنا وهُناك بخفة، بشرتها السـ ـمراء الجميلة ومعالم وجهها التي كانت لا تحتاج إلى مساحيق التجميل فهي جميلة وحدها دون شيءٍ أنفها الصـ ـغير وعينيها المرسو’مة البُنـ ـية وأهدا’بها الكثيـ ـفة والطو’يلة التي كانت تزين تلك العينين، وإلى أيضًا حاجبيها المرسو’مين طبيعيًا وأخيرًا إلى خصلاتها الغجر’ية البُنـ ـية التي كانت تر’فعها عن طريق را’بطة الشعر المطا’طية
كانت تدندن وهي تتحرك هُنا وهُناك والأبتسامه الجميلة الصافية تزين ثغرها تجعلها أكثر رِقة، تراقـ ـص قلبه عندما رأها بهيئتها الخا’طفة للأنفا’س تلك ليتقدم مِنها بخطواتٍ هادئة دون أن تشعر هي بهِ بسبب إندما’جها في طهو الطعام إليه، شعرت بذراعيه تحا’وط خصـ ـرها تزامنًا مع وضـ ـع رأسه يستند على كتفها بذقنه قائلًا بنبرةٍ رخـ ـيمة:دا الغزالية را’يقة النهاردة والمزا’ج عا’ل العا’ل
تفا’جئت مِن وجوده لتقول بنبرةٍ معا’تبة بعد أن وضعت يدها على صـ ـدرها تنظـ ـم وتيرة أنفاسها:كدا ينفع يعني يا عُرابي خضـ ـتني
«سـلامتك مِن الـخـ ـضة يا روح عُرابي» نطق بها بعد أن تركت هي ما بيدها وأستدارت تنظر إليه قائلة:جيت بدري عن ميعادك يعني مش قولتلي هتيجي خمسة!
«خلصت بدري، قولت أجي وأفا’جئك، إيه زعـ ـلتي إني جيت بدري!» نطق بها عُرابي بنبرةٍ هادئةٍ ثم وضع الزجا’جة على طـ ـرف شفتيه ير’تشف المياه بتعـ ـطشٍ واضح حتى أنه أنهـ ـى الزجا’جة أكملها، وضـ ـعها فا’رغةٍ على الطاولة ليسمعها تقول:وهزعل ليه يعني، دا انا هعمل فرح دلوقتي
أبتسم هو ونظر إليها قليلًا ثم قال:ومزا’جك الر’ايق دا بقى يا ترى سببه إيه عشان لو ليا يـ ـد فيه انا عندي أستعداد أخلّـ ـيه را’يق كل يوم كدا
وَلتـ ـهُ ظهرها مرةٍ أخرى وعادت لتقـ ـليب الطعام قائلة:مش عارفه لقيتني را’يقة كدا وهادية لوحدي
أقترب مِنها مرةٍ أخرى ليعود لوضعيته السا’بقة مرةٍ أخرى وهذه المرة نظر إليها بتمعـ ـن يتفر’س معا’لم وجهها المحببة إلى قلبه والتي حُفٌـ ـرَت داخل ثنا’يا قلبه، يتذكر كَم مرة تعـ ـرضت بها إلى التنمـ ـر بسبب در’جة بشرتها السمـ ـراء، وكَم مرة تم التنمـ ـر على معالم وجهها وخصلاتها، وكَم مرة بكـ ـت بها في جو’ف الليل بحـ ـرقةٍ على ما تَمُر بهِ وتُعا’نيه، ويتذكر آخر مرة حينما كان سيقتُـ ـل إبن عمه حينما جعلها تهرُ’ب مِن بينهم بسـ ـبب تنمـ ـره عليها
[عودة إلى عدة أشهر مضـ ـت]
كانت أبرار كعادتها تزور عائلته في بيت العائلة الكبير والذي كان أشبه بالقصور في كل جمعة مِن كل أسبوع كما أعتادوا، كانت بجوارها تهاني تقف وتقوم بتقـ ـطيع الفواكه بعد أن تناولوا الغداء مع بعضهم وصغيرتها تلعب مع أطفال العائلة في الحديقة وعُرابي يجلس مع الشبا’ب يضحك معهم ويتحدثون في أمورٍ عديدة
نظرت إليها تهاني وقالت بنبرةٍ هادئة:مالك يا أسمـ ـراني عقلك سر’حان فين وسا’يبنا لوحدنا كدا
أنتبـ ـهت إليها أبرار لتخـ ـرج مِن شرودها وتنظر إليها قائلة بأبتسامه:مفيش هيكون راح فين
نظرت إليها تهاني بطـ ـرف عينها نظرةٍ خبيـ ـثة وقالت:يعني مسر’حتيش مع الحُبّ
رمـ ـقتها أبرار بذهولٍ تام ثم ضحكت رغـ ـمًا عنها وقالت:أنتِ فظـ ـيعة بجد يا تهاني، وبعدين ليه بتحسسيني إنه الإكـ ـس بتاعي، دا جوزي عادي يعني
أبتسمت تهاني وقالت بعدما عادت تنظر إلى الفاكهة التي تقطـ ـعها:فعلًا القلب وما يهـ ـوىٰ، ملهوش سُلـ ـطة
أبتسمت أبرار وقالت بمزاحٍ إليها:طب بذ’متك مش عُرابي حلا’ل يتعـ ـاكس وأسرح فيه كمان
نظرت إليها تهاني ورفعت حاجبها الأيسر وقالت بعد أن غمـ ـزت إليها:يستاهل وبزيادة، حـ ـقك طبعًا يا ستي محدش يقدر يقولك حاجه أومال هو و’قع فيكي مِن شويه يعني، واخد واحـ ـدة إيشي سما’ر وإيشي حلا’وة وخـ ـفة د’م ود’لال
ضحكت أبرار على طريقتها العفو’ية في التحدث معها وقالت:شوفتي آخرة التُقـ ـل حلوة أزاي
«لا وأنتِ أتو’صيتي بيه أوي يا حبيبتي، الو’اد اللي مكانش بير’فع عينه على وا’حدة وطول ما يشوف خلـ ـقتنا ولا نفا’تحه فـ سيرة الجواز يتعـ ـصب ويقول لا، انا مش هتجوز، مين دي اللي تستجـ ـرى تو’قعني، انا هفضل أعز’ب بلا جواز بلا بتاع قال اللي أتجوز خد إيه يعني وقام مشو’حلنا بـ إيده كدهو وماشي» نطقت بها تهاني بطريقةٍ تلقا’ئية ومضـ ـحكة جعلت أبرار تضحك عا’ليًا فهي أقربهم إليها وأحبّهم إلى قلـ ـبها
«أنتِ ملكيش حلّ بجد يا تهاني، بتمو’تي فـ ابن أخوكي أوي» نطقت بها أبرار لتمـ ـصمص تهاني شفتيها قائلة:يا اختي وحياتي حالفا’له بالله اللي ما بحلف بيه كد’ب إني هفضـ ـحه أول ما يتجوز، أديه و’قع على بو’ز اللي خـ ـلفوه، طب تصدقي وتؤمني بالله انا حبّيتك أوي وقلبي أتفتـ ـحلك أول ما شوفتك أول مرة الجما’ل مش مقياس يا حبيبتي أهم حاجه حلا’وة الر’وح وعُرابي يوم ما حبّك حبّك عشان حلا’وة رو’حك وطيبة قـ ـلبك
أبتسمت أبرار وعادت برأسها قليلًا إلى الخلـ ـف تنظر إلى زوجها الذي كان يضحك مع أحد أولا’د عمومته لتبتسم فور أن رأت ضحكاته تلك وعادت تفعل ما تفعله قائلة بنبرةٍ هادئةٍ مبتسمة:يستاهل كل خير واللهِ
وبعد مرور القليل مِن الوقت وضعت تهاني صحون الفاكهة على سطـ ـح الطاولة بمساعدة أبرار إليها، وقبل أن تجلس أبرار وتهاني سَمِعَت هذا البغـ ـيض الذي بدأت تمقـ ـته مؤ’خرًا يوجه حديثه إليها قائلًا دون ذرة تهـ ـذُب مِنهُ:مفكرتيش يا أبرار تعملي عمـ ـلية تجميل أو حـ ـقن
صُعـ ـقت أبرار مِن وقا’حتهِ ولذلك فرغـ ـت فاهها بصـ ـدمةٍ وهي تنظر إليه مستنكرة ما سمعته لتنظر بعد ذلك إلى “عُرابي” الذي رمـ ـقه نظرةٍ قا’تلة، بينما أبى الآخر أن يصمت ليضيف حبات الملح على جر’حها قائلًا دون مـ ـراعاةٍ لشعورها متعمدًا جر’ح أنو’ثتها أمام الجميع:كُنْت فاكرك يا عُرابي نمـ ـس ومقـ ـطع السمكة ود’يلها ويوم ما تختار تختار ملكة جمال، واحـ ـدة كدا بحق وحقيقي، ذو’قك طـ ـلع وحـ ـش يا ابن عمي
«ويفيد بإيه الكلام يا “سعد”، ما إحنا قولنا قبل ومحصلش حاجه، يعني يا أبرار يا حبيبتي متأخذ’نيش هو آه خلقة ربنا وكل حاجه معتر’ضناش بس انا ملاحظة يعني بـ ـقع أغـ ـمق مِن لون بشرتك على دراعك وبصراحة شكلها مش لطيـ ـف مع سما’رك مو’حشاكي ومخلية شكلك مش ألطـ ـف حاجه»
نطقت بها تلك المدعوة “عمته” وهي تنظر إليها بتشـ ـفٍ وهي تتعمـ ـد جر’ح أنو’ثتها أكثر، سقـ ـطت دموعها بغز’ارةٍ وقـ ـهرة ولا أحدّ الآن يعلم مدى شعورها بذلك الأ’لم الذي سيـ ـطر على قـ ـلبها، بينما أنتفـ ـض عُرابي مِن جلستهِ كمن لد’غته حيـ ـة سا’مة وهو يهتف بنبرةٍ غا’ضبةٍ عا’لية بعد أن فقد آخر ذرة تعـ ـقل قائلًا:جـرى إيـه يـاض يـا عـد’يـم الـر’بـايـة أنـتَ مـش مـكـ ـسـوف مـن نـفـسـك
رمـ ـقه “سعد” بنظرةٍ خبـ ـيثة وقال:إيه يا عُرابي مالك أتحمـ ـقت كدا ليه إحنا بنتكلم عادي يعني محصلش حاجه
لقد ضغـ ـط على الو’تر الحسـ ـاس خاصته إذًا فليتحملون نتائج أقوالهم، أقترب مِن أبرار محاوطًا إياها بذراعه ضاممًا إياها إلى أحضانه ونظر إلى هذا المدعو “سعد” وقال بوقا’حة:لا حصل يا رو’ح أ’مـك، لمَ تتعـ ـمد أنتَ وا’مـك تقـ ـلوا مِن مراتي فـ وجودي وانا قاعد وسط العيلة يبقى حصل، على الأقل تبقى سمر’ا أحسن ما تبقى بيـ ـضة ومنورة فـ الضـ ـلمة، ويا ريتها رباني كُنْا سكتنا بس هنقول إيه عالم بتدور فـ الز’بالة وتقول عليها ملكات جمال نسيت يوم ما جبتها كانت شبه و’ش ر’جلي يـالا وأنتَ اللي نضـ ـفتها، يعني بالصلاة على النبي كدا بيا’ضها اللي فيه وشعرها الأصفـ ـر والقـ ـرف دا كله صنا’عي، الحـ ـقن اللي ضـ ـرباها تحـ ـت الجـ ـلد عشان تبقى بيـ ـضة وحلوة فـ نظـ ـرك إنما اللي معايا سما’ر رباني لا عاملة بوتو’كس ولا عمـ ـليات تجميل ولا ضا’ربة حـ ـقن تحـ ـت الجـ ـلد، قال على رأي المثل ملاقوش فـ الورد عيـ ـب قالوله يا احمـ ـر الخدين
كانت الصـ ـدمة تلجـ ـمهم جميعًا، بينما كانت تهاني سعيدة وتنظر إليهم بتشـ ـفٍ، وعُرابي الذي كان يضم أبرار وصـ ـدره يعلـ ـو ويهبـ ـط مِن أثـ ـر أنفعا’لاته العنـ ـيفة، نهض سعد ووقف أمامه بغضـ ـبٍ جا’م ينظر إليه قائلًا بنبرةٍ غا’ضبة:أنتَ بتقولي انا كدا، نسيت نفسك جايبها مِنين ولا إيه، دي تربـ ـية زر’يبة يابا متخليناش نفضـ ـح بقى
تـ ـرك عُرابي أبرار وجـ ـذبه بعـ ـنفٍ مِن تلا’بيبه وهتف بغـ ـضبٍ جا’م يعـ ـلن عن جنو’نه الذي سيرونه على يده قائلًا بوقا’حة:تصدق وتؤمن بالله ما حدّ هنا تربـ ـية الزر’يبة دي غيرك أنتَ، على الأقل مراتي أبيـ ـض يا ورد مش زَّي مراتك، ولو حدّ هنا مشافش تربـ ـية هيبقى أنتَ يا رو’ح ا’مـك وأبرار اللي أنتَ وا’مـك بتهينو’ها دي وقدامي أنضـ ـف واحد’ة شوفتها على الأقل مش طما’عة وبتاعة فلوس وضا’فرها بر’قبة مليون واحد’ة وسما’رها دا عا’جبني والبقـ ـع اللي بتقولي عليها دي يا عمتي بتكـ ـيفني وحاببها، وانا أديني بقولها أهو وعِزة وجلالة الله اللي هيجيب سيرتها تاني ولا يفكر بس مجرد التفكير يجـ ـرح فيها انا هنسى وقتها يبقالي إيه وهمسـ ـح بو’ش اللي جا’بوه البيت كله ومحدش هيفـ ـتح بو’قه ويقولي بتعمل إيه يا عُرابي، مراتي خـ ـط أحمـ ـر يا ولاد “فضل”
أنهـ ـى حديثه والتفت ينظر إليها ليرى دموعها تسـ ـقط بغز’ارةٍ على وجهها ونظرة الإنكـ ـسار تُغـ ـلف ملقتيها، أقترب مِنها وأمسك ذراعها بقو’ةٍ وهو يقول بنبرةٍ منفـ ـعلة:متعيطيش، بتعيطي ليه دا عيـ ـل كـ ـلب أ’مه مربتـ ـهوش تر’بية عد’لة خمس دقايق على بعض، اللي هيجـ ـرح فيكي تاني ولا يقولك كلمة كدا ولا كدا حُطي صو’ابعك فـ عينه واللي يقولك حاجه قوليله معايا تصريح مِن عُرابي وحدّ فيهم يستجرى ويعملك حاجه ورب المعبود لـ أكون مخلّيه يعيـ ـط بدل الدموع د’م، سمعاني
حركت رأسها فورًا عدة مرات وهي تـ ـلهث وتنظر إليه بوجهٍ باكِ، بينما ألتفت هو ينظر إلى هذا الحقـ ـير “سعد” وعمته قائلًا بسخـ ـريةٍ لاذ’عة ووقا’حة:سيبنالك البيـ ـضة تسلو’قها وخدنا السمر’ا تنورنا يا روح ا’مـك، إشبع بيها انتَ وا’مـك
[عودة إلى الحاضر]
أستفا’قت أبرار مِن غيـ ـمةِ شرودها في الماضي عندما شعرت بـ عُرابي يطبع قْبّلة على خدها قائلًا بنبرةٍ رخـ ـيمة:سرحت فين يا اسمـ ـراني وسبتني كدا لوحدي
أبتسمت أبرار بخفةٍ وقالت بنبرةٍ هادئة تُحاول تنا’سي ذكرىٰ سـ ـيئةٍ أحتـ ـلت ذ’هنها عاز’مةً على عد’م تركها مهما حد’ث وكأنها كابو’سها الأبدي:مفيش، سرحت مع نفسي بس، قولي أخبار الشغـ ـل كان إيه
أبتسم عُرابي فور تذكره ما حد’ث وقال:الواد علي دا د’ماغه دي طلـ ـعت تقيـ ـلة ومتكلـ ـفة بحق وحقيقي تصدقي
بدأ يقـ ـص عليها ما حدث وهي تستمع إليه بإنـ ـصاتٍ شـ ـديدٍ وتتبدل معالم وجهها بين الفينة والأخرى، فـ مرةٍ تتعجب، وأخرى تتفا’جئ، وأخرى تضحك، كانت تتفا’جئ بما يحد’ث وحسب، حتى أنهـ ـى حديثه قائلًا:بس يا ستي دا اللي حصل كله، الله أعلم بقى ليل ومينا هيعملوا إيه فينا إحنا الاتنين، يا نهار أزر’ق واللو’ا كمان دا هو اللي قايلي أقولهم، باركيلي يا أبرار جوزك عا’طل مُبـ ـكر
تعا’لت ضحكات أبرار التي ضحكت على آخر ما تفوه بهِ زوجها لتقول مِن بينهن:لا مظنش، شكله طيب أوي
نظر إليها بطرف عينه وقال سا’خرًا:بس مش طيب فـ الشغـ ـل خالص
حركت رأسها بقـ ـلة حيـ ـلة وقالت:مش علي اللي د’بسك خلّيه يتحمل هو الليلة كلها عشان هو اللي مـ ـنعك
صمت للحظات يُفكر في حديثها، ليقول وكأنه وَ’جَدَ إبـ ـرةٍ في كو’مة قـ ـش قائلًا:صح عندك حق، هو اللي منـ ـعني يبقى يتحمل الليلة
دام الصمت بينهما قليلًا مرةٍ أخرى، ليقـ ـطعه هو قائلًا:صدق حسين الجاسمي لمَ قال، أسمـ ـراني، عيونه سم’را وا’د جد’ع راضي ورجو’لة، فهلا’وي يفهمها طا’يرة يد’خل القلب بسهو’لة، كل ما تيـ ـجي على بالي بشوفك قدامي، سمر’ا، بس عيونك بُني، جد’عة وبـ ميـ ـت را’جل، بتلقـ ـطي الكلام وهو طا’ير كدا مِن غير ما تاخدي وقت عشان تستو’عبيه، وأخيرًا دخـ ـلتي فعلًا القلـ ـب بكل سهو’لة ويُسر، أحبّك يا اسمـ ـراني
أبتسمت أبرار وألتمعت العبرات في ملقتيها لتنظر إليه قائلة بنبرةٍ رخيـ ـمة:والأسمـ ـراني بيحبّك وعايزك تكون جنبه على طول، متسيـ ـبهوش لحظة
طبع قْبّلة أعلى رأسها وقال بنبرةٍ صا’دقة:يوم ما هسـ ـيبك وأمشي يا أسمـ ـراني هيكون بمو’تي، غير كدا هتفضلي متكـ ـتفة فـ ذمتي لحد ما تتر’ملي، مَر’ضي يا عمي
حركت رأسها موافقةٍ وقالت مبتسمة:مَر’ضي يا باشا
فر’ق ذراعيه في الهواء وقال مبتسمًا:حُضـ ـن الباشا اللي عُمري ما أفر’ط فيه بعد أذنك
ضحكت هي بخفةٍ وأرتـ ـمت بـ أحضانه تعانقه بقو’ةٍ ليطـ ـبق هو بذراعيه عليها مشـ ـددًا مِن عناقه لها قائلًا:دا مكانك يا أسمـ ـراني، وقت ما تزعلك الدُنيا حُضـ ـني يراضيك
أبتسمت أبرار وشـ ـددت مِن عناقها إليه، فهو مـ ـحق هذا هو مكانها المفضل الذي يضمها عندما تقـ ـسو عليها الحياة، بينما كان هو يمسّد على خصلاتها برفقٍ وهو شاردًا بها، فهو يعلم أن تلك الذ’كرىٰ السـ ـود’اء قد داهـ ـمت عقلها مرةٍ أخرى وكأنها تخبرها أنها كابو’سها الأسـ ـود الذي مِن الصـ ـعب التخـ ـلي عنه مهما حد’ث.
_____________________
«ومع أول قـ ـلم الدنيا أدتهوني، جر’يت عليك أقول أخويا»
دلف مينا إلى منزله مغـ ـلقًا الباب خلفه بهدوء ثم دلف إلى الداخل وقد تصـ ـلب جسـ ـده مكانه مصعـ ـوقًا عندما رأها أمامه، جحـ ـظت عينيه بصـ ـدمةٍ يُحاول أستيعـ ـاب ما يراه، هل هذا حقيقي أم ماذا، ولَكِنّ أستفاق على ركضات “جرجس” الذي كان يبكي إليه لينحنـ ـي هو بجـ ـذعه العـ ـلوي حاملًا إياه على ذراعه قائلًا:مالك يا جرجس فيك إيه يا حبيبي ومين اللي عمل فيك كدا
كان وجه الصغير مغطـ ـى بالكد’ما’ت الغا’مقة والجر’وح تعـ ـتلي ذراعيه الصغيرة مِمَّ جعله يقف مدهو’شًا مكانه، بكى الصغير أكثر ودفـ ـن رأسه في عنـ ـقه ليربت مينا على ظهره بحنو ونقـ ـل بصره إلى شقيقته التي كانت كـ حال الصغير ليقول بنبرةٍ منفعـ ـلة بعد أن ترا’خت أعصا’به وعقـ ـله يصور إليه الآف السيناريوهات البشـ ـعة:في إيه يا كاترين إيه اللي حصل، ومين اللي عمل فيكي كدا أنتِ وجرجس
أقتربت مِنهُ “كاترين” وأرتمـ ـت بأحضانه وهي تبكـ ـي ليضمها هو بذراعه إلى أحضانه لينظر إلى والدته وهو لا يفهم شيءٍ وأكثر ما يكـ ـرهه هو الصمت الذي يقـ ـع وقت حد’وث الكار’ثة، وقبل أن يصر’خ بها كي يفهم ما حدث سَمِعها تقول بنبرةٍ با’كيةٍ:أتهـ ـجم عليا يا مينا فـ غيا’به، أتهـ ـجم عليا انا وأبني ونزل فينا ضـ ـرب لحد ما كُنْا هنمو’ت فـ إيده
ألجـ ـمته الصـ ـدمة الكبرى حينما أخبرته شقيقته وللحق هو لَم يحتاج إلى الكثير مِن الوقت فـ أوضحت الفا’عل دون ذِكر أسمه، ومَن سواه يفعل بها ذلك، أبتعدت عنه وهي تنظر إليه بوجهٍ با’كِ ورأى نظرة الإنكـ ـسار في ملقتيها التي غلفـ ـتهما الحز’ن بوضوح
«بيشوي جوزك عرف؟» نطق بها بحـ ـذرٍ شـ ـديدٍ وتر’قبٍ لتحرك هي رأسها تنفـ ـي ما قاله، نظرت إليه والدته التي كانت تبـ ـكي على حال أبنتها وحفيدها قائلة بنبرةٍ با’كيةٍ:بتفكر فـ إيه يا مينا
نظر إليها مينا بطـ ـرف عينه وقد أحتـ ـل الإجـ ـرام معالم وجهه وعيناه التي أسو’دت دون أن يتحدث، نظر بعدها إلى كاترين ليرى حالتها سـ ـيئة للغاية ولذلك ترك أفكاره وجر’ائمه جانبًا وأجلس شقيقته ثم أجلس بجوارها صغيرها الذي تمسك في مينا يرفـ ـض تركه، بينما أبعـ ـد مينا ذراعي الصغير وهو يطمئنه قائلًا بنبرةٍ هادئة:متخا’فش يا حبيبي انا جنبك أهو مش هروح فـ حتة
«متسيبنـ ـيش يا مينا» نطق بها جرجس بصوتٍ با’كِ مغـ ـلف بالخو’ف ليطبع قْبّلة على يده الصغيرة وقال بنبرةٍ رخيمة:متخا’فش يا قلب مينا هجيب حاجه مِن جوه وأجيلك على طول، متخا’فش
أطمئن الصغير قليلًا ليتر’كه مينا ويذهب إلى غرفته وقد تبد’لت معالم وجهه في سر’عة البر’ق، أغـ ـلق الباب خلفه وأخرج هاتفه مِن جيب سترته وعـ ـبث بهِ قليلًا، بالطبع الغضـ ـب يسيـ ـطر عليه والأمر بدأ يخر’ج عن السيطـ ـرة في غيا’ب “بيشوي”، وضع الهاتف على أذنه ينتظر ردّ الآخر الذي لَم يطل كثيرًا
«كلمة واحدة أقولها تتنفـ ـذ بدون مجاد’لة، تسـ ـيب مرسىٰ دلوقتي حالًا وتنز’لي مصر مراتك عندي مضـ ـروبة هي وابنها علـ ـقة مو’ت تمـ ـنها هيكون مو’ت أخوك على إيـ ـدي الليلة دي»
___________________
وقد تظنُ أنكَ المُنتـ ـصر في معر’كتي، في حين أن أُريدُ إخباركَ أن لا فارسٌ يُهز’م على أر’ضه وسط عشيـ ـرتهِ وسلا’حه بيده ينطـ ـق كلمتان فقط، “النصـ ـرُ حـ ـق”

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *