روايات

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 الفصل الثامن والثلاثون 38 بقلم بيسو وليد

رواية أحببتها ولكن 7 البارت الثامن والثلاثون

رواية أحببتها ولكن 7 الجزء الثامن والثلاثون

رواية أحببتها ولكن 7 الحلقة الثامنة والثلاثون

«”ومع أول قلـ ـم الدنيا أدتهوني، جـ ـريت عليك أقول أخويا”»
دلف “مـينا” إلى منزله مغـ ـلقًا الباب خلفه بهدوءٍ ثم دلف إلى الداخل وقد تصـ ـلب جسـ ـده مكانه مصعو’قًا عندما رأها أمامه، جحـ ـظت عينيه بصد’مةٍ يُحاول أستيعاب ما يراه، هل هذا حقيقي أم ماذا، ولَكِنّ أستفاق على ركضات “جـرجس” الذي كان يبكي إليه لينحني هو بجـ ـذعه العلو’ي حاملًا إياه على ذراعه قائلًا:مالك يا “جـرجس” فيك إيه يا حبيبي ومين اللي عمل فيك كدا
كان وجه الصغير مغـ ـطى بالكدما’ت الغا’مقة والجر’وح تعـ ـتلي ذراعيه الصغيرة مِمَّ جعله يقف مدهوشًا مكانه، بكى الصغير أكثر ود’فن رأسه في عنقه ليربت “مـينا” على ظهره بحنو ونقل بصره إلى شقيقته التي كانت كـ حال الصغير ليقول بنبرةٍ منفـ ـعلة بعد أن تر’اخت أعصا’به وعقله يصور إليه الآف السيناريوهات البشـ ـعة:في إيه يا “كـاترين” إيه اللي حصل، ومين اللي عمل فيكي كدا أنتِ و”جـرجس”
أقتربت مِنهُ “كـاترين” وأر’تمت بأحضانه وهي تبكي ليضمها هو بذراعه إلى أحضانه لينظر إلى والدته وهو لا يفهم شيء وأكثر ما يكر’هه هو الصمت الذي يقـ ـع وقت حد’وث الكار’ثة، وقبل أن يصر’خ بها كي يفهم ما حدث سَمِعها تقول بنبرةٍ با’كية:أتهـ ـجم عليا يا “مـينا” فـ غيابه، أتهـ ـجم عليا انا وأبني ونزل فينا ضـ ـرب لحد ما كُنْا هنمو’ت فـ إيده
ألجمـ ـته الصد’مة الكبرى حينما أخبرته شقيقته وللحق هو لَم يحتاج إلى الكثير مِن الوقت فـ أوضحت الفا’عل دون ذِكر أسمه، ومَن سواه يفعل بها ذلك، أبتعدت عنه وهي تنظر إليه بوجهٍ با’كِ ورأى نظرة الإنكـ ـسار في ملقتيها التي غلفـ ـتهما الحز’ن بوضوح
«”بـيشوي” جوزك عرف؟» نطق بها بحـ ـذرٍ شـ ـديد وتر’قب لتحرك هي رأسها تنفي ما قاله، نظرت إليه والدته التي كانت تبكي على حال أبنتها وحفيدها قائلة بنبرةٍ با’كية:بتفكر فـ إيه يا “مـينا”
نظر إليها “مـينا” بطرف عينه وقد أحتـ ـل الإجر’ام معالم وجهه وعيناه التي أسو’دت دون أن يتحدث، نظر بعدها إلى “كـاترين” ليرى حالتها سيـ ـئة للغاية ولذلك ترك أفكاره وجر’ائمه جانبًا وأجلس شقيقته ثم أجلس بجوارها صغيرها الذي تمسك في “مـينا” ير’فض تركه، بينما أبعد “مـينا” ذراعي الصغير وهو يطمئنه قائلًا بنبرةٍ هادئة:متخا’فش يا حبيبي انا جنبك أهو مش هروح فـ حتة
«متسيبنيش يا “مـينا”» نطق بها “جـرجس” بصوتٍ با’كِ مغلف بالخو’ف ليطبع قْبّلة على يده الصغيرة وقال بنبرةٍ رخيمة:متخافش يا قلب “مـينا” هجيب حاجه مِن جوه وأجيلك على طول، متخافش
أطمئن الصغير قليلًا ليتركه مينا ويذهب إلى غرفته وقد تبدلت معالم وجهه في سرعة البر’ق، أغـ ـلق الباب خلفه وأخرج هاتفه مِن جيب سترته وعـ ـبث بهِ قليلًا، بالطبع الغضـ ـب يسيـ ـطر عليه والأمر بدأ يخـ ـرج عن السيـ ـطرة في غيـ ـاب “بـيشوي”، وضع الهاتف على أذنه ينتظر ردّ الآخر الذي لَم يطل كثيرًا
«كلمة واحدة أقولها تتنـ ـفذ بدون مجاد’لة، تسيب مرسىٰ دلوقتي حالًا وتنزلي مصر مراتك عندي مضـ ـروبة هي وابنها عـ ـلقة مو’ت تمـ ـنها هيكون مو’ت أخوك على إيدي الليلة دي»
«في إيه يا “مـينا”، انا مش فاهم حاجه براحة عليا الشبكة هنا مش أحسن حاجه وصوتك بيروح وييجي وتلات أربع الكلام مش سامعُه!» نطق بها “بـيشوي” وهو يتحرك في أركان المكان يُحاول سماع حديث “مـينا”، بينما زفـ ـر الآخر وهو يُحاول التما’سُك قائلًا بنبرةٍ حا’دة:”بـيشوي”، أوقف فـ مكان فِيه شبكة عشان انا على أخري دلوقتي ومعنديش خُلق أعيد كلامي مرتين
«قول، انا سامعك أنتَ جبت سيرة “كـاترين” و”جـرجس”، مالهم؟» نطق بها “بـيشوي” مستفسرًا بعد أن أستطاع سماع صوت “مـينا” بشكلٍ أوضح منتظرًا إجابة الطرف الآخر
«الـبيه أخـوك المحترم، المتربي، إبن الأصو’ل اللي بيعامل أختي كأنها أخته وأبنها على أساس إنه أبنه، أحبّ أقولك إن أخوك الفضيل “چـون” متهـ ـجم على أختي فـ بيتها ضا’ربها هي وأبنك عـ ـلقة مو’ت، أختي جيالي مضـ ـروبة يا “بـيشوي” ووشها وا’رم وجسـ ـمها مـ ـزرق هي وأبنك، وبسـ ـبب الحيو’ان عد’يم الأنسانية أخوك» نطق بها “مـينا” بنبرةٍ غا’ضبةٍ وبشـ ـدة بعد أن فـ ـقد سيطـ ـرته على أنفعا’لاته لتلجـ ـم الصد’مة “بـيشوي”، الذي جحـ ـظت عينيه وفر’غ فاهه بعدم أستيعاب لِمَ قاله “مـينا”
«أنتَ بتقول إيه يا “مـينا”، “چـون” أخويا؟» نطق بها “بـيشوي” بصد’مةٍ وهو لا يصدق ما يسمعه، كيف ذلك وهو كان يحا’دثه منذ دقائق ويخبره أنهما بخير وأنه ير’عاها في غيا’به حتى يعود هو، شعر وكأن عصـ ـا حـ ـديدية سـ ـقطت على رأسه أفقـ ـدته النـ ـطق، فقـ ـد عجـ ـز فمه عن الحديث بعد أن أستمع إلى ما قاله “مـينا”، جلس على أقرب مِقعد بعد أن شعر بالد’وار يد’اهمه مستمعًا إلى “مـينا” الذي عاد يتحدث مرةٍ أخرى بنبرةٍ تحملُ في طا’ياتها الشـ ـر والو’عيد
«واللهِ، واللهِ يا “بـيشوي” ما هسـ ـيبه عشان أرجع مِن شغلي ألاقي أختي بالمنظر دا يبقى كدا هو حَـ ـكَم على نفسه بالمو’ت ومحدش يلو’مني على اللي هعمله وأظن دا حقي، تتصرف وتنزلي القاهرة والليلة دي عشان أقسم بالله ما هيطـ ـلع عليه شمس النهاردة وإبن “مـلاك” هيوريه أزاي ير’فع إيده على أختي تمام أظن أنتَ لا هتد’افع ولا هتقـ ـف در’ع حا’مي، إبنك بره مر’عوب بسـ ـبب اللي حصل وانا أحترامًا ليك كلمتك الأول أعرَّفك عشان إحنا فـ الأول والآخر عيلة بس عند ولاد “يـوحنا” وستوب دول خط أحمـ ـر وانا عارف إنهم مش بيحبّوا أختي بس انا يوم ما وافقت بيك عشان عارف إنك بتحبّ أختي وهي نفس الشيء وقولتلك يا “بـيشوي” لو عايزها يا إبن الحلال يبقى تجيبلها شقة لوحدها عشان جَو بيت العيلة دا هيعمل مشا’كل وأخوك ومراته مش هيسيبوها فـ حالها وأنتَ عا’رضت وقولتلي لا هيعاملوها كويس ومتخا’فش والدنيا هتمشي حلو ورغم إصر’ارك وافقت، بس تجيلي بالمنظر دا هي وأبنها دا اللي مش هعديه، انا عديت كتير أوي وهي اللي كانت بتمـ ـنعني عشان خاطرك بس انا دلوقتي مش هعـ ـديها ويا قا’تل يا مقـ ـتول»
أنهـ ـى حديثه الغا’ضب وصد’ره يعـ ـلو ويـ ـهبط بقو’ة بسـ ـبب إنفعا’لاته وغضـ ـبه الذي أقسم على إحر’اق كلُ مَن تسَّـ ـول لهُ نفسه في أذ’ية شقيقته وصغيرها، كانت والدته “لـيزا” تقف خلفه بعد أن أتاها صوت ولدها يصر’خ بغضـ ـبٍ في زوج شقيقته دون قصدٍ
«انا نازل القاهرة دلوقتي يا “مـينا”، ساعتين بالكتير وأكون عندك» نطق بها “بـيشوي” بنبرةٍ هادئة للغاية ثم أغـ ـلق الخط دون أن يستمع إلى أيا أحاديث أخرى مِن الطرف الآخر، بينما أبعد “مـينا” الهاتف عن أذنه ثم ألـ ـقاه على الفراش بإهـ ـمالٍ شـ ـديد وهو يمسـ ـح على وجهه بكفيه محاولًا تهدئة ثو’رة غضـ ـبه التي تملّـ ـكت مِنهُ وتَوَلت هي ذ’مام الأمور
شعر بـ كفها الحنون الدافئ يوضع على كتفه لـ يلتفت إليها بهدوءٍ ينظر إلى وجهها البا’كِ وبالتحديد إلى ملقتيها اللامعتين، زفـ ـر بهدوءٍ ثم حاوطها بذراعه ضاممًا إياها إلى أحضانه ممسّدًا على ظهرها برفقٍ، بينما حاوطته هي بذراعيه تضمه إلى أحضانها وهي تضع رأسها على صدره تستمد مِنهُ القو’ة، فمنذُ أن ما’ت “مـلاك” وتركهم وأصبح العالم حولهم أكثر شـ ـراسةٍ ووحـ ـشية، ولَكِنّها تشكر ربها على وجود حبيبها “مـينا” الذي كان كـ الدر’ع الحا’مي إليهن، فبعد رحـ ـيل “مـلاك” والده أصبح هو الرجُل الوحيد الذي يحـ ـمي والدته وشقيقتيه
طبع قْبّلة أعلى رأسها وقال بنبرةٍ هادئة:أهدي يا ماما، مفيش حاجه
«مفيش حاجه أزاي بس، عايزني أهدى أزاي بعد اللي سمعته يا “مـينا”، انا خا’يفة عليك أوي مِنهم دول قاد’رين وأنتَ لوحدك بطو’لك مش هتقدر عليهم» نطقت بها “لـيزا” بنبرةٍ با’كية وهي مازالت على وضعيتها تتشـ ـبث بـ ولدها خشـ ـيةً مِن أن يذهب دون عودة
«متخا’فيش عليا، وبعدين انا مش لوحدي يا “لـيزا” هيكون معايا “بـيشوي” و “كـيرلس” و “ديـفيد”، خا’يفه مِن إيه دا أنتِ تخا’في عليهم مِننا» نطق الأخيرة ممازحًا إياها حتى يجعلها تهـ ـدأ وتطمئن قليلًا، بينما رفعت هي رأسها تنظر إليه قائلة بنبرةٍ با’كية:انا مبقاش ليا غيرك أنتَ وأخواتك بعد أبوك يا “مـينا”، مش عايزه أخـ ـسرك أنتَ كمان انا رو’حي فيك
أبتسم “مـينا” إليها لـ ير’فع كفيه يمـ ـسح دموعها بـ إبهاميه برفقٍ ثم لثم جبينها بـ قْبّلة حنونة وقال بنبرةٍ هادئة:وانا مقَدر خو’فك عليا يا حبيبتي، وبعدين هما هيعملوا إيه يعني، أخرهم يجعـ ـروا وخلاص إيه الجديد، انا لو مخدتش ر’دّ قو’ي تجاههم يا ماما هياخدوها عضـ ـمة يتسـ ـلوا بيها كل شويه، لازم يعرفوا إن وراها راجـ ـل قا’در يجيب كر’شهم يوم ما واحد فيهم يتعر’ضلها، متخا’فيش يا حبيبتي
أستطاع طمئنتها ولو قليلًا ليضمها مرةٍ أخرى إلى أحضانهِ ممسّدًا على ظهرها برفقٍ وهو يُفكر في “چـون” وأولاد “يـوحنا” الذين يما’طلون حتى الآن ويتعد’ون حد’ودهم معهم، فلن يهـ ـدأ “مـينا” إلا أن ير’دّ إليه الصا’ع أثنين، خرج مِن غرفته ونظر إلى شقيقته التي كانت مازالت جالسة على الأريكة تبكي وتضم صغيرها إلى أحضانها تطمئنه وهي في أمَـ ـس الحاجه إلى الطمأنينة
أقترب مِنها وجلس بجوارها بهدوءٍ زا’ئف فـ عندما رأها هكذا غـ ـلى الد’م بعر’وقه وأرتـ ـفع الأد’رينالين في جـ ـسده ليشـ ـكل عقله ألاف السيناريوهات البشـ ـعة والسو’د’اء التي تليق بهِ، أخذ “جـرجس” الذي كان مستسلمًا لِمَ يحدث حوله ليضمه إلى أحضانه ومعه شقيقته التي كانت تنتـ ـحب بهدوءٍ ودموعها لا تتو’قف عن السقو’ط
نظر “مـينا” إلى والدته نظرة فهمتها هي لـ تتركهم وتدلف إلى المطبخ، نظر هو إلى الصغير وطبع قْبّلة أعلى رأسه ثم فعل المثل مع شقيقته، صدح رنين جرس البيت عا’ليًا بشكلٍ متواصل دون تو’قف لتخرج “لـيزا” مِن المطبخ وتفتح الباب لتند’فع أبنتها الصغرى “مـارينا” تقول بتلهفٍ وهي تركض تجاه أخوتها:في إيه يا ماما، “كـاترين” مالها إيه اللي حصل
دلف “ديـفيد” خلف “مـارينا” مرحبًا بـ “لـيزا” التي أبتسمت إليه بهدوء دون أن تتحدث فقد أستنفـ ـذت طاقتها بالكامل بعد أن رأت أبنتها هكذا، توقفت “مـارينا” أمام شقيقها تتفحص شقيقتها بعد أن شهـ ـقت بصد’مةٍ قائلة:يا لهو’ي مين عمل فيكي كدا، إيه اللي حصل يا “مـينا” قولي
نظر إليها “مـينا” ثم إلى “ديـفيد” الذي تفهم نظرته وقال موجهًا حديثه إلى “مـارينا”:خُدي “جـرجس” يا “مـارينا” وخلّيكي جنب أختك عشان محتاج أتكلم مع “مـينا”
“ديـفيد إبـرام بـطرس”
شا’ب بعمر الثامن والعشرون مِن عمره، طو’يل القامة، بشرته بيـ ـضاء، خصلاته سو’د’اء ناعمة، عينيه زرقاء ولديه لحية سو’د’اء خفـ ـيفة منمـ ـقة، شخص صا’رم وجا’د لا يُحبّ الكـ ـذب، وهو محا’مي مشهور وزوج “مـارينا” منذُ قرابة العام ونصف
نظرت إليه “مـارينا” لترى نظرةً لا تقبل المزاح أو النقا’ش ولذلك خضـ ـعت إلى مطلبه وأخذت الصغير مِن أحضان أخيها، عانقها “جـرجس” ود’فن رأسه الصغيرة في عنقها أسفل نظرات “ديـفيد” الذي كان ينظر إلى الصغير بتفـ ـحصٍ وقد شعر حقًا بالغـ ـضب يتمـ ـلّك مِنهُ فورًا، فهذا طفلٌ صغير ما هو ذنـ ـبه
نهض “مـينا” وأشار إليها ليبتـ ـعد هو عن شقيقته وتجلس هي مكانه تضمها إلى أحضانها تربت على ظهرها برفقٍ وهي حز’ينة للغاية لأجلها، نظر “مـينا” إلى “ديـفيد” قائلًا بنبرةٍ هادئة:تعالى عايزك
تحرك “ديـفيد” خلفه بخطواتٍ ثا’بتة دون أن يتحدث ببنت شفه، تاركًا “مـارينا” مع شقيقتها الكبرى “كـاترين” تهـ ـدأها والفضو’ل يتأ’كلها لمعرفة ما حد’ث فـ “مـينا” لَم يتحدث وظل ملتزمًا الصمت منذ أن جاءت وأيضًا والدتها لا تتحدث وللحق هذا بدأ يثيـ ـر الشـ ـك بداخلها
“كـاترين مـلاك بـطرس، شقيقة “مـينا” الكبرى”
فتا’ة بعمر الواحد والثلاثون عام، متوسطة الطو’ل، نحيـ ـفة وبشرتها قمحية فا’تحة، لديها خصلات سو’د’اء متوسطة الطو’ل وناعمة، عينيها سو’د’اء وتمـ ـلُك أهدا’ب كثـ ـيفة سو’د’اء، تُحبّ زوجها “بـيشوي” كثيرًا، هادئة نوعًا ما وجا’دة بعض الشيء في بعض الأمـ ـور الها’مة التي تتعـ ـلق بعائلتها
“مـارينا مـلاك بـطرس، شقيقة “مـينا” الصغرى”
فتا’ة بعمر الرابع والعشرون عام، متوسطة الطو’ل، نحيـ ـفة كـ شقيقتها، بشرتها قمحية فا’تحة، ولديها خصلات لو’لبية بُنية اللو’ن، عينيها بُنية فا’تحة، معالم وجهها تبدو عليها الجد’ية والغمو’ض ولَكِنها ليست كذلك، ومتزوجة مِن “ديـفيد”
«إيـه اللي حصل؟» نطق بها “ديـفيد” بنبرةٍ هادئة منتظرًا سماع ما حد’ث مِن “مـينا” الذي بدأ يسرد عليه ما حد’ث حتى أنه مازال يجـ ـهل ما حد’ث بالتفـ ـصيل معها، بينما كان “ديـفيد” يستمع إليه بإنصا’تٍ شـ ـديدٍ دون أن يتحدث حتى أنهـ ـى “مـينا” حديثه قائلًا:
«بس قفـ ـل معايا وقالي كلها ساعتين بالكتير ويكون هنا، بيني وبينك انا طلعت عصـ ـبيتي كلها عليه وهو ملهوش ذ’نب، المفروض يكون مِن نصيب الحـ ـيوان أخوه، عمومًا قرب ييجي وهنشوف انا برضوا مش عايز أعمل حاجه مِن غيره، هو برضوا جوزها وحـ ـقه ياخد ر’دّ بس ر’دّي هيكون غير ر’دّه وولاد “يـوحنا” مش هيسـ ـلموا مِن اللي هعمله فيهـ ـم، مبقاش “مـينا” لو مخدتش حـ ـق أختي الليلة دي»
«لازم نفهم مِن أختك إيه اللي حصل، انا قولتلك يا “مـينا” بلاش توديها بيت الز’فت مش هيسـ ـيبوها فـ حالها مسمعتش كلامي» نطق بها “ديـفيد” بنبرةٍ يملؤ’ها الضـ ـيق وعد’م الرضا، لينظر إليه “مـينا” قائلًا بنبرةٍ حا’دة:انا إيه يا “ديـفيد”، انا إيه “بـيشوي” هو اللي أصَّـ ـر يوديها مع إني كُنْت را’فض وكُنْت قايله يجيب شقة إيجا’ر أحسن من إنها تقعد معاهم ويمو’توها، وبعدين “مرات عمك” الحر’باية دي عا’رضت ونفـ ـشت منا’خيرها وقعدت تقول لا أبني ميقعدش فـ إيجار، كان بيت اللي جا’بوها مثلًا
ضحك “ديـفيد” رغـ ـمًا عنه ونظر إليه عندما رأى الضـ ـيق يحتـ ـل معالم وجهه وقال بنبرةٍ هادئة:روق يا عم، مش هنعمل حاجه غير لمَ “بـيشوي” يرجع ويشوف مراته وأبنه وبعدها القرار قراره، بس لو عايز الحقيقة مِني، الليلة دي مش هتعـ ـدي على خير غير لمَ واحد مِن ولاد “يـوحنا” يتسجـ ـن
«يكـ ـش كلهم يروحوا فـ دا’هية، محدش مشو’ه سُـ ـمعة العيلة دي غيرهم أصلًا، عيلة غـ ـم» نطق بها “مـينا” بضـ ـيقٍ شـ ـديدٍ ليسمع “ديـفيد” يضحك بخفةٍ ويقول بنبرةٍ خبيـ ـثة في النهاية:خلاص بقى أهـ ـدى كدا وقولي، أخبار الجَو إيه؟
____________________
«”وكأننا كُنْا ننتظر هذا اليوم حتى تُشـ ـفى أروا’حنا، إنهُ يومُ المُنى”»
كان “لـيل الجد” يجلس في ر’دهة القصر ينظر إلى جميع الأحفاد الذين تجمعوا أمامه بعد أن طلب مِن الخا’دمة “زيـنب” أن تخبرهم بالتواجد في الأسفـ ـل لأجتماعٍ ها’م، نزل “فـاروق” رفقة “لـيالي” وهو يحمل صغيره على ذراعه ينظر إليهم بهدوء، توقف بجوار “عُـمير” الذي كان يقف بجوار مقعد زوجته منتظرًا إكتمال عددهم لمعرفة سبب هذا الإجتماع المُـ ـريب
وبعد مرور عدة دقائق نزل آخـ ـر حفيد ولَم يكن سوى “لـيل” وبجواره “روزي” التي كانت متعـ ـبة ولَكِنّها تحا’ملت على نفسها لمعرفة ما السـ ـبب الذي يجعل جدها يقيم أجتماعًا كهذا دون أيا ترتيبات، وقفت “روز” بجانب زوجها وهي تنظر إليهم جميعًا بأبتسامةٍ هادئة دون أن تتحدث
«خير يا “جـدي”، طلبتنا عشان في أجتماع مهـ ـم، خير إن شاء الله» نطق بها “حُـذيفة” الذي كان ينظر إليه ليستقـ ـيم الآخر في وقفتهِ ويتقدم مِنهم بخطواتٍ ثا’بتة ليقف أمامهم على بُعد سنتيمترات، وقف بشمو’خٍ وزهوٍ كعادته والجد’ية هي عنوان وجهه الآن
«طبعًا الفترة اللي فاتت كانت ر’خمة وصعـ ـبة، وسا’بت أثـ ـر جوانا كلنا بدون أستثناء، وعشان كدا انا قررت نفـ ـك شويه عن نفسنا ونحاول نخـ ـرج مِن جَو الطا’قة السـ ـلبية اللي بنعيشه دا ونخـ ـرج كلنا يوم مع بعض نروح “مـزرعة الـخيول”، إيه رأيكم؟»
نطق بها بنبرةٍ هادئة وهو ينظر في وجوههم ليرى السعادة أرتسمت على وجوههم عندما ذَكَرَ “مـزرعة الـخيول”، تلك المزرعة التي أشتـ ـراها مؤخرًا وقام بنقـ ـل خيول أحفاده جميعها إليها لتكون ملجـ ـأهم في الأوقات العصـ ـيبة
«دي فكرة جا’مدة أوي، انا موافق طبعًا» نطق بها “عـز” مرحبًا بإقتراح “جـده” ليبدأوا جميعهم بالموافقة وقد عمَّ الرضا المكان فجأ’ة، أبتسم برضا بعد أن نال أقتراحه أعجابهم لينظر إلى “روز” بطرف عينه ليراها تبتسم إليه والرضا يحتـ ـل معالم وجهها
«معلش هقا’طع جَو الفرحة دا عليكم، بس انا مش هقدر أكون معاكم» نطق بها “لـيل الـحفيد” وهو ينظر إليهم بهدوء، نظروا جميعهم إليه بعد أن سا’د الصمت المكان فجأ’ة لتبدأ عبرات الحز’ن وعد’م الرضا تحتـ ـل وجوههم ليشرح إليهم سـ ـبب عد’م تواجده معهم بنبرةٍ هادئة وهو يقول:
«مش هينفع صدقوني، “روزي” تعبا’نه أوي اليومين دول ومش هينفع أكون موجود لازم أكون جنبها، هي حتى نز’لت معايا بالعا’فية عشان خاطر “جـدي”» نطق بها “الـحفيد” بنبرةٍ هادئة وهو ينظر إليهم ليرى تلك التعابير مازالت تحتـ ـل وجوههم
«أنتوا ممكن تروحوا عادي، يعني متو’قفوش الدنيا عليا عادي مش هز’عل، نبقى نعوضها يوم تاني مع بعض تكون “روزي” كو’يسه» أسترسل حديثه مقترحًا عليهم الذهاب بدونه، فهو في النها’ية لا يُريد إخما’د فرحتهم لأجله يكفي أن يرى السعادة والأبتسامة على محياهم
«مفيش مشـ ـكلة أهم حاجه راحتها مش أكتر، تقدر تاخدها وتطلع عشان تر’تاح» نطـ ـق بها “لـيل الـجد” وهو يسمح إليهما بالذهاب، نهضت “روزي” ومعالم الإر’هاق والتعـ ـب واضحان على معالم وجهها أسـ ـفل نقابها، ضمها “لـيل” إلى أحضانه وقام بمسا’ندتها وعادا إلى غرفتهما مرةٍ أخرى أسفـ ـل نظراتهم جميعًا
«لا يا “جـدي” انا مش موافق، يا نطلـ ـعها كلنا سوى يا منطلـ ـعش خالص، انا مش هطـ ـلع مِن غيره» نطق بها “عـلي” موجهًا حديثه إلى “لـيل الجد” بعد أن ذهب ابن عمه
«وانا كمان، مش هطلـ ـع غير وهو معانا، مينفعش أصلًا نطلـ ـع ونتبسط ونضحك ونهزر ونقـ ـضي يومنا وهو هنا مع “روزي” وهي تعبا’نة كمان، لا انا مش موافق بصراحة» نطق بها “حُـذيفة” بنبرةٍ جا’دة وهو ينظر إليهم بهدوء
«بالصلاة على النبي كدا بقى، مش طا’لعين كلنا، يا نطلـ ـع كلنا يا منطلـ ـعش، دا حلاوتها هتكون بوجوده» نطق بها “أحـمد” بنبرةٍ هادئة وكأنه يو’بخهم على تفكيرهم الذي يجهـ ـله هو في وجهة نظرهم، بينما أبتسم “لـيل الـجد” لِمَ يسمعه ويراه فكان ينتظر سماع أراءهم ورؤية ر’دود أفعا’لهم عندما أنسـ ـحب “لـيل الـحفيد” وأعتذر لهم أجمع بعد’م مشاركتهم في هذا اليوم المميز
«تمام يا رجـ ـالة، نأ’جلها لحد ما “روزي” تخـ ـف شويه وتقدر تطلـ ـع معانا، شوفوا يلا هتعملوا إيه» نطق بها “لـيل الـجد” مشيرًا إليهم بالتحرك ليقومون هم بتلـ ـبية مطلبه والذهاب إلى أعمالهم
أقتربت “روز” مِن زوجها لتقف أمامه مباشرةً وهي تر’مقه نظرةٍ ذات معنى كعادتها، بينما وضع هو يديه في جيب بِنطاله وهو ينظر إليها بهدوءٍ منتظرًا سماع مدحها بهِ والذي أعتاد على سماعه دون مـ ـلل، وكأنها أخذت جوابها مِن لمعة عينيه التي دومًا تلتـ ـمع ببر’يقٍ سا’حر فور رؤية معالم وجهها المحببة إلى فؤاده
«إلا قولي صحيح، أنتَ نا’وي على إيه، انا مبقتش عارفه أنتَ عايز إيه بصراحة، غـ ـلّبتني معاك يا ابـ ـن “سـالم الدمنهوري”»
أبتسم “لـيل” بزاوية فمه وهو يقـ ـلب حدقتيه في كل مكان لبعض اللحظات حتى نظر إليها بعد ثوانِ نظرةٍ ذات معنى ليقول بنبرةٍ رخيمة:كل اللي كُنْت عايزُه خدته يا بنـ ـت “خـالد”، معتقدش هحتاج حاجه تاني، عشان انا خدت مِن زمان كُل الحلو ليا
أنهـ ـى حديثه وهو ير’مقها بطرف عينه ثم قام بالغـ ـمز إليها بخفةٍ وهو مبتسمًا، تركها وذهب وهو يسير بخطواتٍ هادئة ووقارٌ يليقُ بهِ وبشخصه، بينما نظرت هي إلى أثرهِ وهي مبتسمة بهدوءٍ
____________________
«”قد تها’بُ الظلا’م، ولَكِنّكَ تخشا’ه في الحقيقة”»
لطالما مَن هُناك يخـ ـشى الظلا’م، يها’بُه، ومَن يقف أمامه كاللـ ـيثُ يواجههُ دون أن يخـ ـشى مخا’لبهِ الجا’رحة، دومًا نعلم أننا نذهبُ إلى الظلا’م، ولَكِنّ ماذا ستفعل عندما تعلم أن الظلا’م هو مَن جاء إليكَ هذه المرة متحـ ـديًا إياك على الصـ ـمود أمامه
أرتدى سترته الخفـ ـيفة السو’د’اء وهو ينظر إلى إنعـ ـكاس صورته في المرآة والهدوء يغلف وجهه، ولَكِنّ كانت العينان يصفان ما يد’ور داخل العقل تكشف عن مدى الخـ ـبث والو’عيد والشـ ـر القا’طن بداخل النفس، ألقـ ـىٰ نظرةٍ أخيرة على هيئته قبل أن يتحرك ويتقدم مِنها
كانت تغـ ـط في ثُباتٍ عمـ ـيق لا تشعر بهِ، وقف أمامها ينظر إليها بهدوءٍ شـ ـديد ثُم أنحنـ ـى بنصفه العلوي نحوها يلثم خدها بـ قْبّلة هادئة ويتأكد لـ المرة الأخيرة أنها نائمة لأنها بالتأكيد لن تدعه يذهب في هذا التوقيت ويتركها، أستقام في وقفتهِ مرةٍ أخرى وتوجه إلى الخارج مغـ ـلقًا الباب خلفه عازمًا على الذهاب وتلقين تلك الشـ ـمطاء درسًا قا’سيًا لتجر’ؤها على التفوه بمثل هذه الكلمات الحمـ ـقاء إلى محبوبته الجميلة
خرج مِن القصر ليرى “لـيل” يقف في الحديقة مرتديًا ملابسه ويبدو أنه سيذهب أيضًا ولذلك لَحِقَ بهِ قبل أن يذهب فالوقت متأخر كيف يترك “روزي” وحدها ويذهب الآن
«”لـيل”، بتعمل إيه فـ التوقيت دا»
ألتفت إليه “لـيل” ينظر لهُ ليعقـ ـد المسافة بين حاجبيه عندما رآه يستعد لـ الخروج كذلك، ليقول:إيه يا “سـعيد”، رايح على فين كدا دلوقتي
«عندي مشوار كدا هطلع أنـ ـهيه، محتاج عربيتك عشان عربيتي فـ التو’كيل لسه مخلـ ـصتش» نطق بها “سـعيد” بنبرةٍ جا’دة مفعـ ـمة بالغضـ ـب المكـ ـبوت الذي لاحظه “ليل”، ألتفت إليه بكامل جسـ ـده وهو مازال ير’مقه حا’ئرًا في أمره
«مشوار إيه دا، هو حصل حاجه وانا معرفش؟»
بات مغـ ـلوبًا على أمره أمامه، فهو لا يستطيع الكـ ـذب عليه وكذلك لا يستطيع إخباره، بات حا’ئرًا فـ هي بالنسبة إليه زوجته ويحق إليه استعادة حـ ـقها كيفما يشاء هو، وبالنسبة إلى “ليل” فهو ابن عمتها ويحق إليه كذلك أخذ حقها وبالقو’ة دون أن يمـ ـنعه أحدٌ
«بُص يا “ليل” الحوار عبـ ـيط يعني بس بالنسبالي مش عـ ـبيط» نطق بها “سـعيد” بنبرةٍ هادئة نوعًا ما، جعل الآخر يتعجب كثيرًا فـ هو يرى تناقـ ـض أمامه، تخـ ـبط “سـعيد” وتر’دده يعلمهما هو جيدًا ويعلم أن الأمر ليس كما قال في بادئ الأمر فهو يعلمه عن ظهر قلب
«ما تقول يا “سعيد” حصل إيه، إيه الحوار حدّ مِن عيلتنا؟» نطق بها “ليل” بعد أن شعر بالتشـ ـتت بنبرةٍ حا’دة ليرى الموافقة مِن قِبَل الآخر الذي حرك رأسه برفقٍ، أقترب مِنهُ بخطواتٍ هادئة حتى توقف أمامه مباشرةً وقد تبد’لت معالم وجهه مئة وثمانون درجة وأصبح شخصًا آخر غير ذاك الهادئ الذي كان يقف أمامه منذ ثوانٍ
«فـ ظرف دقيقة تكون قايلي اللي حصل بدل ما أز’علك» نطق بها “ليل” بنبرةٍ حا’دة وهو يطا’لعه بنظراتٍ كالسها’م وهو يتو’عد إلى الشخص المجـ ـهول ذاك بأشـ ـد أنو’اع العقو’بات
وكالمعتاد قصَّ عليه “سـعيد” ما حد’ث مع “هـند” دون أن ينقـ ـص شيء بينما الأخر يستمع إليه وهو يقسم على إحرا’قها حـ ـية دون ر’حمةٍ أو شـ ـفقة، وقد تفهم مشاعرها فهو يعلم أن “هـند” تتأثـ ـر سريعًا وتخـ ـشى ما يقوله المرء مهما حد’ث، فهي بنفس طباع زوجته “روزي” ويعلم شعور “سـعيد” في هذه اللحظة فقد وضع “روزي” محل “هـند” ورأى أنه لا يستطيع الصمـ ـود وفي لحظة سيكون قد د’مر كل شيءٍ حوله دون تر’دد
«ويا ترى قالتلك عنوانها؟» نطق بها “ليل” متسائلًا وهو ينظر إليه ليرى علامات الرفـ ـض با’دية على معالم وجه “سـعيد” الذي قال:لا رفـ ـضت تقولي وشـ ـكت إني ممكن أعمل حاجه، بس انا أستنيتها تنام وجبت عنوانها مِن الكارت بتاع عيادتها اللي كان معاها فـ شنطتها، دا انا هقـ ـتلها، انا د’مي حا’مي مِن ساعتها وما’سك نفسي بالعا’فية قدامها، تعرف المشـ ـكلة إيه، إن “هـند” كويسه وهي عارفه كويس إنها كويسه بس شيطا’نها لا’عب دوره حلو أوي ومهيـ ـئلها حبة أوهـ ـام ملهـ ـمش وجود أصلًا
«معذ’ورة يا “سـعيد”، ما أنتَ عارف “هـند” مش جديدة عليك هي يعني، المهم دلوقتي انا طالع مشوار بـ عربيتي أصلًا إيه رأيك أوصلك فـ طريقي أحسن وبعد ما نخلص نرجع مع بعض؟» نطق بها “ليل” مقترحًا عليه فكرته ليرى الموافقة سريعًا مِن قِبَل “سـعيد” الذي توجه معه إلى السيارة بخطى هادئة
قد يكون الحُبّ أنواع، ولَكِنّ العشـ ـق فليس لهُ درجات أو مقاييس، كان “سـعيد” دومًا مِن الأشخاص الذين يعشـ ـقون أحبا’ئهم، يكر’ه دموعها ويُحبّ أبتسامتها، يكر’ه حزنها ويعشـ ـق فرحها، ومَن يرى هذا العاشـ ـق يظن أنه مسحو’رًا بـ حُبّها، ولَكِنّ مِن وجهة نظره هو يرى أنها تستحق الكثير والكثير وأن حُبّه إليها ليس كافيًا فـ هي تستحق الكثير والكثير
قد سمعنا عن “مجـ ـنون لـيلى” وليس المعنى كما يفهمه البعض، إنه مجرد لقبًا أطلـ ـقوه عليه بسـ ـبب شـ ـدة حُبّه إليها، فقد كان “قـيس ابـن الـملوح” يعشـ ـق “لـيلى” كثيرًا وبالرغم مِن إنفصا’لهما ظلت محبوبته، هكذا هو “قـيس” وهكذا هو “سـعيد” فهو أيضًا “مُــ ـغرمٌ بـ هـند”، تلك الجميلة التي أستطاعت أصطـ ـياده وإيقا’عه في شبا’ئك حُبّها دون أد’نى مجـ ـهود
كان طوال الطريق يُفكر بها، ويتذكر بكاءها وحز’نها الذي خَـ ـيَم عليها فور أن أخبرتها تلك اللعـ ـينة أنها لن تستطيع الإنـ ـجاب، كم كر’هها في هذه اللحظة وكم شعر أنه يريد قتـ ـلها حينها، زفـ ـر بعمـ ـقٍ وأحتـ ـل الضيـ ـق معالم وجهه بوضوحٍ شـ ـديد
«في إيه يا عمي، مالك مش طا’يق دبان وشـ ـك كدا ليه بس، قولي مين داسـ ـلك على طـ ـرف وانا أكد’ره» نطق بها “ليل” بعد لاحظ مؤ’خرًا تجـ ـهم معالم “سـعيد” وضيـ ـقه الشـ ـديد البادي عليه
«محـ ـروق د’مي شويتين تلاتة»
«مين حـ ـرقهولك وانا أحـ ـرقهولك حـ ـي، وبعدين معرفتنيش رايح على فين كدا انا مستنيك تتكلم وتقولي رايح فين؟» نطق بها “ليل” متسائلًا وهو يعقـ ـد المسافة بين حاجبيه منتظرًا ردّ “سـعيد” الذي كانت رأسه مليـ ـئة بالضجـ ـيج
«طالع على دكتورة النسا» نطق بها بنبرةٍ فاترة وكأنه يخبره أنه ذاهبٌ إلى النادي الرياضي، حرك “ليل” أهـ ـدابه عدة مرات مستنكرًا قوله، حرك رأسه فورًا صوبه ينظر إليه قائلًا بإستنكارٍ واضح:فـين يا خـويا؟!
«”ليل” وربي انا ما نا’قص كلمة زيادة انا د’مي شا’يط دلوقتي وعلى أخـ ـري بالمعنى الحرفي» نطق بها “سـعيد” بنبرةٍ حا’دة وهو ير’مقه بنظراتٍ مشـ ـتعلة ولأول مرة يرى “سـعيد” بهذه الحالة فهو الذي عُرِفَ بالقو’ة والهدوء الشـ ـديد والتعـ ـقل، يرى الآن شخصًا آخر لا يعلم ما’هيته
«انا بتكلم جَد والله، رايح ليه هناك بجد، حصل إيه» نطق بها “ليل” بصدقٍ تام هذه المرة وهو ينظر إليه بهدوءٍ وكأن “سـعيد” لَم يخبره منذ عدة دقائق، بينما زفـ ـر “سـعيد” مرةٍ أخرى ومـ ـسح على وجهه علّه يهـ ـدأ قليلًا مِن غـ ـضبه
«”هند”، راحت لـ “دكتورة نسـ ـا” عشان تكـ ـشف عادي وتشوف فيه حـ ـمل ولا لا، قامت الهانم “الدكتورة” المحتـ ـرمة اللي دار’سه طب تقولها إنها مبتخـ ـلفش، انا مش قا’در أوصـ ـفلك انا كُنْت ما’سك نفسي قدامها إزاي أقسم بالله انا سبحان مَن صبرني فـ اللحظة دي عشان متهو’رش وأطلـ ـعهم عليها، عارف مشـ ـكلة “هـند” إيه يا “ليل”، إنها صدقتها بجد وأقتـ ـنعت إنها مبتخلـ ـفش بجد، مع إنها كا’شفة قبل كدا يعني وزَي الفُل والدنيا تمام إيه اللي جَد يعني فـ الكام شهر دول!» كان يتحدث “سـعيد” بإنفـ ـعالٍ واضح بعد أن فـ ـقد قد’رته في السيـ ـطرة على لجـ ـام غضـ ـبه تجاه هذه الحقيـ ـرة التي قَـ ـلَبت حياتهما في يوم وليلة رأ’سًا على عـ ـقب
«طب و “هـند” إزاي صدقتها، المفروض على كلامك إنها كو’يسه ومفيش حاجه، وإلا كدا مكُنْتش أتجوزتها ولا إيه» نطق بها “ليل” بنبرةٍ هادئة وهو يخـ ـتلس إليه النظر بين الفينة والأخرى، فالأمرُ مـ ـريبٌ بالفعل مثلما يقول كيف يحـ ـدث ذلك وتقوم “هـند” بتصديقها بالفعل
«مبقتش عارف بجد، أديني رايح أهو أما نشوف أخـ ـرتها مع السـ ـت هانم، وربنا ما هعـ ـديها بالساهل كدا، هي فاكرة نفسها إيه، دي مش بعيدة تكون دكتورة بها’يم أصلًا، انا هعرف مين اللي ور’اها» نطق بها “سـعيد” متو’عدًا إليها بالو’يل وهو يقسم بداخله على جعلها تعـ ـض أصابعها ند’مًا بسـ ـبب ما تفوهت بهِ
_______________________
«”لا تدري أي بابٍ هو نجا’تك، حينما تكون جميع أبوابك جحـ ـيمٌ”»
نرى العديد مِن أنواع البشر المختلفين، نرى الطيب والشـ ـرير، الحنون والبخـ ـيل، العطوف والقا’سي، ذو البشاشة والرضا والخُـ ـبث، أما هذا النوع مِن البشر فهو أشـ ـدهم إنتشا’رًا وأكثرهم قسو’ة، فـ تظن أنك تمـ ـلُك عائلة حنونة تُحبّك وتعطيك مِن الحنان والمحبة ما يكفيك ليجعلك تبغـ ـضهم فيما بعد، أين هي الر’حمة وأين هو العد’ل، وأين هي السُلـ ـطة ور’دّ الحقو’ق إلى أصحابها، أين الأولفة، وأين المودة، لِمَ الفؤاد يغو’ص في عمـ ـق بحـ ـار القسو’ة والحـ ـقد دومًا، لِمَ لا يوجد نقطة بيـ ـضاء وسط هذا السو’اد القا’تم، هل هذه هي النها’ية!
صدحت قرعات عا’لية وقو’ية على باب المنزل ومعها صدح رنين جرس المنزل الدا’خلي دون توقف وكأن الطارق يقسم على قتـ ـل مَن بالداخل حتى وإن ظل هكذا مئة عام، أقتربت هي مِن الباب لتفتحه وتتفا’جئ بالذي يقـ ـتحم منزلهم في منتصف الليل وهو يصر’خ بإسمه عا’ليًا، شهـ ـقت هي بخو’فٍ بسـ ـبب هجو’م الآخر لتضع كفها على صد’رها تتنفس الصعداء وهي تر’مقه بغـ ـضبٍ جا’م
«”جرى إيه يا خويا مش ما’لية عينك انا ولا إيه، في إيه داخل وها’بب فينا زي الطو’ر الها’يج كدا ليه هو أنتوا خلاص عيا’ركوا فَـ ـلَت خلاص بعد مو’ت أبوكوا بقى محدش عارف يـ ـلمكم يا ولاد “مـلاك”» أند’فعت نحوه تنطق بهذه العبارات بأسلوب سو’قي وهي تُلو’ح إليه بيدها في الهو’اء تعبيرًا عن مدى وقا’حتها بأسلوبٍ لا يليقُ بـ امراة مثلها
رمـ ـقها “مـينا” بإحتـ ـقارٍ واضح بعد أن تجـ ـهمت معالم وجهه ليقول بنبرةٍ ساخرة ووقا’حة:مبردش على حُر’مة، هاتيلي را’جلك وانا هعرف أردّ عليه كويس أوي يا “ميرڤت”، يا عيلة قذ’رة يا اللي معند’كوش د’م ولا ر’حمة
شهـ ـقت “مـيرڤت” عا’ليًا وهي تُلو’ح بيدها في الهو’اء مثلما فعلت مسبقًا تزامنًا مع قولها بنبرةٍ عا’لية:نعم يا حيـ ـلتها، بقى إحنا عيلة قذ’رة ومعندهاش د’م يا عد’يم التر’بية، ما انا هقول إيه طالع لـ المخـ ـفي أبوك، ما هي قلـ ـة الأد’ب ورا’ثة عندكم يا ابن “ليزا”، أبقى سلملي يا عين أ’مك على أ’مك وقولها ر’بي عد’ل بدل ما أنتِ فالحة فـ اللا’ت هنا وهنا مع اللي يسو’ى واللي ميسو’اش
كاد “مـينا” أن يعنـ ـفها قو’لًا وفـ ـعلًا ولَكِنّ يد “بـيشوي” منـ ـعته فورًا وهو ينظر إلى والدته التي شهـ ـقت بخفةٍ متفا’جئةٍ بوجوده وخلفه تقف “كـاترين” ممسكةً بيد صغيرها “جـرجس” الذي كان يتشـ ـبث بها والخو’ف يتقافـ ـز مِن ملقتيه الرمادية، ألجـ ـمتها الصد’مة وهي تنظر إليهم وقد تجمـ ـدت الد’ماء داخل عرو’قها وجـ ـف حـ ـلقها حينما رأت ولدها أمامها ينظر إليها نظراتٍ كالسها’م
خـ ـرج “چـون” في هذه اللحظة وهو يقول بنبرةٍ عا’لية وغضـ ـبٍ واضح:هـو فـي إيـه كـل شـويـة زعــ ـيـق كـدا
صمت فجأ’ةً وهو يرى أخيه أمامه ومعه زوجته وصغيره وكذلك “مـينا” وأولاد خالته، تصـ ـلب جسـ ـده مكانه وأحتـ ـلت الصـ ـدمة معالم وجهه، خـ ـرج أخيرًا “يـوحنا” وهو يصيـ ـح بنبرةٍ غا’ضبة:إيه في إيه يا شويه همـ ـج حدّ يعمل اللي بتعملوه دا فـ نصا’ص الليالي، إيه الفضا’يح دي!
بتـ ـر حديثه فجأ’ة وهو يرى ولده الكبير أمامه ويرافقه زوجته التي خرجت مِن هذا البيت بطريقةٍ مهـ ـينة ومؤ’لمة هي وصغيرها الذي مِن المفترض حفيدهما، تقدم “بـيشوي” عدة خطوات مِن أخيه “چـون” الذي كان ينظر إليه متر’قبًا ولا يُنـ ـكر أن الخو’ف تمـ ـلَّك مِنهُ في هذه اللحظة وأرتجـ ـف جـ ـسده رغـ ـمًا عنه، وقف أمامه مباشرةً ير’مقه بنظراتٍ بغـ ـيظة ومحتـ ـقرة، هذا الذي يُسمى أخيه والحا’مي الأول إلى زوجته وصغيره في غيا’به عن المنزل هو أولهم مَن تخـ ـلّى عنهما
طا’لت النظرات، وطا’ل الصمتُ المُهـ ـيبُ، وطا’لت التر’قبات ونظرات الحـ ـيرة المتبادلة بينهم، والخا’ئفة، وفجأ’ة وبد’ون سا’بق إنذ’ار كان “بـيشوي” صا’فعًا أخيه “چـون” بكل قو’ته على صفـ ـحة وجهه أمام الجميع جعل جـ ـسده ير’تد بسـ ـبب قو’تها، بينما تعا’لت الشهـ ـقات الصاد’مة مِن حوله، مِنهم المصد’وم، والمتشـ ـفي، والسعيد، ر’فع “چـون” رأسه برفقٍ ينظر إلى أخيه مصد’ومًا ومد’هوشًا، لا يصدق حتى الآن أنه قد تم صفـ ـعه أمام الجميع، وعلى يد أخيه
«أنتَ بتضـ ـربني يا “بـيشوي!» نطق بها “چـون” وهو مازال مصد’ومًا يستنكر فعلـ ـته تلك، ولَكِنّ حينما آلـ ـمته صر’خ بوجهه بغـ ـضبٍ جا’م قائلًا:بتضـ ـرب أخـوك، وعشان خاطر مين، عشان خاطر مراتك الحر’باية دي!
وها هي صفـ ـعةٍ أخرى تسـ ـقط على صفـ ـحة وجهه جعلت الد’ماء تسـ ـيل مِن جانب شفتيه في خـ ـطٍ ر’فيع، تعا’لت شهـ ـقات “ميرڤت” المصد’ومة التي كانت تُنـ ـكر ما تراه عينيها أمامها الآن، صاحت بنبرةٍ غا’ضبة وعا’لية تو’بخه قائلة:جـرى إيه يا “بـيشوي”، أنتَ بتمـ ـد إيدك على أخوك قدامي انا وأبوك، وكل دا ليه عشان خاطر الز’بالة دي!
أنهـ ـت صراخها الغاضب في ولدها وهي تقترب مِن مو’قع وقوف “كـاترين” تر’فع كفها عا’ليًا أستعدادًا لصفـ ـعها، أوقفـ ـتها يد “مـينا” الذي كان يقف بالقرب مِن شقيقته ينظر إلى “زوجة عمه” يتحـ ـداها بنظراته والغـ ـضب يستوطـ ـن خضراوتيه، نظرت إليه “مـيرڤت” بغضـ ـبٍ جا’م وحاولت تحـ ـرير يدها مِن قبضـ ـته القو’ية بعـ ـنفٍ
«إيدك دي متحلمش إنها تتر’فع على أختي فـ حضوري وطول ما انا عايش، الأيد اللي بتتمـ ـد على حـ ـريمي بقطـ ـعها، زي ما هقطـ ـع إيد ابنك دلوقتي، دا انا جايلكم وانا ناوي ما يطلـ ـع عليه نهار» نطق بها “مـينا” بفحـ ـيحٍ جعل الر’عب يد’ب بأوصا’لها، لا يُنكـ ـر أنه رأى نظرة الخو’ف بعينيها ولَكِنّ هذا ليس شيئًا بجوار ما سيحـ ـدث الآن
«جرى إيه يا “خـالي يـوحنا” ما تر’دّ معندكش ردّ فعـ ـل على اللي بيحصل دا ولا إيه، آه صح هتر’دّ تقول إيه، ربيت ابني الكبير وجيت عند التاني وأستـ ـكترت التر’بية عليه، أصل مستحيل الأتنين يكونوا متر’بيين وولاد ناس فـ ربيت واحد وأستخـ ـسرت تر’بي التاني» نطق بها “ديـفيد” ساخرًا وهو ير’مق هذا المدعو “خاله” بنظراتٍ مستـ ـهزءة وساخرةٍ
أز’درد “يـوحنا” لعابه بهدوءٍ وهو ير’مق ولده الأكبر بنظراتٍ معا’تبة بسـ ـبب ما أكتر’ثه ثم ألقـ ـىٰ نظرةٍ غا’ضبة ومحتـ ـقرة إلى “مـينا” الذي مِن المفترض أن يكون “ابن أخيه الرا’حل” وهو يمـ ـقته وبشـ ـدة، ألتفت “بـيشوي” ينظر إلى زوجته التي كانت حالتها ير’ثى لها وقال بنبرةٍ حا’دة:أحكي اللي حصل مِن غير ما تنقـ ـصي حرف
نظرت إليه “كـاترين” بنظراتٍ مـ ـذبذبة وقد أرتجـ ـف قلبها مو’ضعه عندما رأت نظرته التي كانت لا توحي بأي شيءٍ سوى الإنتـ ـقام وإستر’جاع حـ ـق أحبّته مِن أعز أشخاصه، ألتفت “مـينا” ونظر إلى شقيقته ليحـ ـسها على الحديث بواسطة عينيه التي كانت تنطـ ـق بالإصـ ـرار إليها في التحـ ـدث حتى يستعيدوا حـ ـقهم مِن هؤلاء، الذين تمـ ـلّكت مِنهم قسو’تهم وسيطـ ـرت على قلو’بهم المـ ـريضة
_____________________
«”الزهور للزهورِ تليقُ”»
كان يجلس بجوار مقعد السائق ينتظرها بهدوءٍ كالمعتاد بعد أن قام بطـ ـرد أخيه المتـ ـطفل “شُـكري” الذي أثَّـ ـر على البقاء معه في تواجدها تزامنًا مع إحتجـ ـاج الآخر وغـ ـضبه في رفـ ـض مطلبه وأنتهـ ـى النقا’ش الحا’د بينهم بطـ ـرده مِن سيارته
«شـهاب؟!» نطقت بها “مـريم” بنبرةٍ هادئة وهي متعجبة، تعا’لت بسمة “شـهاب” وألتمعت عيناه السو’د’اء ببريقٍ جـ ـذاب قائلًا:تعالي
أنهـ ـى حديثه وهو يشير تجاه مقعد السائق المجاور إليه، كانت هي متعجبة ولَكِنّها قامت بتـ ـلبية مطلبهِ وألتفتت إلى الجهة الأخرى بالفعل، سَمِعَ صوت باب السيارة يُفتح ثم إنغلا’قه بعد ثوانِ تابعته صوت “مـريم” التي قالت:طمني عليك، إيه الأخبار ويومك كان عامل أزاي
أبتسم “شـهاب” وشعر بسعادة كبيرة تحيطه فهو أول مرة يشعر أن أحدًّا يهـ ـتم بهِ بعد أن فـ ـقد بصره بعد أخيه، زفـ ـر بعـ ـمقٍ وقال بنبرةٍ رخيمة:انا بخير الحمد لله، ما علينا سوى إننا نحمده ونرضى بقضا’ءه، وبخصوص يومي كان عادي جدًا، مكانش فيه أي شيء مُبهـ ـر يعني
«لا واللهِ؟، آه أنتَ شكلك عايز تتخا’نق بقى» نطقت بها “مـريم” التي شعرت بالحـ ـنق بسـ ـبب ما تفوه بهِ لتعلـ ـو ضحكاته في المقابل تزامنًا مع قوله:يا “غالية” مقدرش، طبعًا وجودك سا’حر ولطيف وبيخلّي أيامي كلها وردي، أنتِ مستنتنيش تسمعي باقي كلامي
«واللهِ، واللي هو؟» نطقت بها “مـريم” متهـ ـكمة تسخـ ـر مِن حديثه لتأتي صورة إلى مخـ ـيلته في هذه اللحظة وتزامنًا مع هتا’فها ذاك، يديها وهي تتو’سط خصرها، أبتسم “شـهاب” وقال بنبرةٍ هادئة:كُنْت هقولك مكانش فيه أي شيء مُبهـ ـر يعني لحد ما أنتِ كلمتيني بليل تطمني عليا، ساعتها قولت بيني وبين نفسي كدا يــاه يا “شـهاب” أول مرة حدّ يهتم بيك ويخا’ف عليك غير أخوك
أبتسمت “مـريم” رغـ ـمًا عنها وشعرت بالخـ ـجل فـ هي لَم تعتـ ـاد على التحدث هكذا وأن يخبرها أحدّهم أنه يُحبّ أهتمامها، كانت جميعها مشاعر جديدة عليها ولَكِنّها لطيفة، شعر “شـهاب” بتو’ترها ولذلك حاول تلطـ ـيف الأجواء ليقول بنبرةٍ هادئة:انا كُنْت جايبلك حاجه كدا وكُنْت عايزك تقبليها مِني يعني
نظرت إليه “مـريم” وعقدت المسافة بين حاجبيها وقالت بنبرةٍ هادئة:حاجه إيه
ألتفت “شـهاب” جـ ـسده إلى الخلـ ـف ومَد يديه يتحـ ـسس ما يقبـ ـع أمامه ليتلـ ـمس الصندوق الأسو’د متوسط الحـ ـجم، أخذه بهدوءٍ وألتفت إليها مرةٍ أخرى وقال:دي هدية عيد ميلادك، أتمنى تقبليها مِني وتقوليلي رأيك فيها بصراحة، انا معرفش شكلها عامل أزاي بس انا واثق إنها هتعجبك إن شاء الله، و”شُـكري” أخويا مشارك يعني وبا’ذل مجهو’د فـ هيستنى رأيك، لحد ما ربنا يكرمني وينو’رلي بصير’تي تاني وبعدها هكون انا الوحيد اللي مشاركك هديتك لوحدي مِن غير مساعدة مِن حدّ
نظرت “مـريم” إلى الصندوق الذي مَد يديه بهِ إليها وهي تشعر بعدة مشاعر متخا’لطة داخلها في هذه اللحظة، أهم شعورين هما السعادة والحُبّ، أخذته مِنهُ والأبتسامه تزين ثغرها لتقول بنبرةٍ هادئة للغاية:شكرًا يا “شـهاب”، هديتك مقبولة، وأكيد هتعجبني، كفاية إنها مِنك، أول ما أشوفها هقولك رأيي على طول
«ونسيت أقولك حاجه كمان، كل سنة وأنتِ طيبة، كل سنة وأنتِ جنبي سند’اني ود’عماني وماسكة بإ’يدي فـ أصعـ ـب لحظات حياتي، كل سنة وأنتِ عيني اللي بشو’ف بيها يا “مـريم”، ربنا يباركلي فيكي ويحفظك ليا ويجعلك الزوجة الصالحة ليا والعوض اللي هيطبطب على قلـ ـبي ويشـ ـيل همو’م الدنيا مِن عليه، وإن شاء الله بقى بعد كتب الكتاب هاخد راحتي وأعبّر عن كل اللي جوايا ليكي» نطق بهذه العبارات “شـهاب” بنبرةٍ صادقة وهو ينظر إلى الظلا’م المعـ ـتم الذي يرافقه منذ مدة طو’يلة حتى أصبح ونيسه
فيما أبتسمت “مـريم” بعد أن أسعدها حديثه لتجيبه قائلةً بنبرةٍ هادئة لَم تخـ ـلو مِن السعادة:كل سنة وأنتَ معايا يا “شـهاب” وربنا يجعلك خيرُ الزوج الصالح ليا وناخد بإ’يد بعض لـ الجنة سوى، وشكرًا على أهتمامك ليا، وربنا يقدرني وأعوضك عن كل حاجه و’حشة حصـ ـلتلك، هستأذنك بقى همشي وأول ما هوصل هطمنك، وأنتَ نفس الشيء برضوا
أبتسم “شـهاب” بسمةٍ صافية وأجابها مشيرًا إلى عينيه قائلًا:مِن عيوني
أبتسمت “مـريم” وقبل أن تفتح الباب سمعته يقول:”مـريم”
نظرت إليه “مـريم” وقالت بنبرةٍ هادئة:نعم يا “شـهاب”
أبتسم “شـهاب” وقال:جوه الصندوق وردة “توليب”، تليق بيكي وتليقي بيها، أو بطريقة تانية ممكن أقول إن الزهور للزهورِ تليقُ
أبتسمت “مـريم” وقالت بنبرةٍ هادئة:شكرًا يا ذو الذوق الر’فيع
تركته “مـريم” وذهبت دون أن تترك إليه فرصة الر’دّ، أبتسم هو مرةٍ أخرى وزفـ ـر بعـ ـمقٍ ليقوم بفـ ـرد ظهره على المقعد خلفه وهو يمـ ـسح على وجهه بهدوءٍ وراحة، كانت تلك اللحظة ينقـ ـصها شيءٌ صغيرٌ فقط، أن يرها في هذه اللحظة
«ضيـ ـعت عليا اللقـ ـطة» نطق بها “شُـكري” الذي جلس على مقعد السائق مكان “مـريم” وهو ير’مقه بنز’قٍ ليسمع “شـهاب” يجيبه قائلًا بنبرةٍ مستـ ـفزة:أرتاح مخد’تش راحتي معاها أوي، عشان محا’فظين على ضوابط الخطوبة، ما’نعين لمـ ـس وما’نعين كلام معـ ـسول، وما’نعين كلام كتير، بس بعد كتب الكتاب بقى ربنا يكرمنا بلمـ ـسة الإيد
«لمـ ـسة إيد إيه يا “شـهاب” اللي بتتكلم فيها فـ حالتك دي، دا انا لو مكانك مش هستنى لمـ ـسة إيد انا هحضن على طول، هي محتاجه تفكير يا عم دا أنتَ غـ ـلبان أوي» نطق بهذه العبارات «شُـكري» الذي أصبح يضـ ـرب كف بأخر بعد أن تحـ ـرك بالسيارة أسفـ ـل ضحكات “شـهاب” أخيه التي رنت عا’ليًا
«قال لمـ ـسة إيد قال، دي أ’مك مـ ـربياك بضـ ـمير أوي يعني، تر’بيتها ليا فـ ـشلت راحت زو’دتهملك على تر’بيتك، يعني بقت الدبل، يارب صبرني على أخويا اللي هيجيبلي إعا’قة قريب»
_________________________
كانوا جميعهم يجلسون كل واحدٍ مِنهم منشغـ ـلٌ في شيءٍ معين غير الآخر، بينما كان “يـزيد” جالسًا وينظر إلى شاشة حاسوبه بهدوءٍ كالمعتاد، نظر “حُـذيفة” إليه بعد أن خرج مِن غرفة “عـبد الله” يُفكر بهِ، فبعد أن رأى الأمر يخرج عن السيـ ـطرة مِنهُ وبدأ أخيه يدلف رو’يدًا رو’يدًا إلى دائرة الضيـ ـاع قـ ـرر أن يحـ ـادث والده ويخبره ما حد’ث حتى يستطيع لحا’ق الأمر
زفـ ـر بهدوءٍ ونهض مِن مجلسه وأقترب مِنهُ بخطى هادئة وجلس بجواره قائلًا بنبرةٍ هادئة:بقولك إيه، انا كلمت بابا وعرّفته كل حاجه
نظر إليه “يـزيد” نظرةٍ ذات معنى وقال بنبرةٍ هادئة:وإيه اللي حصل
«طبعًا أضا’يق وأتعصـ ـب عليا عشان خبـ ـيت عليه الموضوع، بس فد’اك يعني شويه وهيكلمني» نطق بها “حُـذيفة” بنبرةٍ هادئة ليبتسم إليه “يـزيد” ويقول:حقك عليا، انا السـ ـبب
«بس يـاض، إحنا أخوات، تميـ ـل عليا حبة وتميـ ـل عليك حبة، وأهو أهم حاجه نشيـ ـل بعض، المهم “بابا” هيتصـ ـرف هو دلوقتي بيكلم معا’رفه وهنشوف الدنيا هتوصل بينا لفين، أهم حاجه مش عايزك زعلا’ن كدا، طب “روان” تقول إيه دلوقتي أتضـ ـحك عليا وخدت واحد نكـ ـد الدنيا كله فيه، فـ ـكها يا عم وأضحك كدا مخدتش عليك زعلا’ن» نطق بها “حُـذيفة” محاولًا تخفـ ـيف العـ ـبء عن أخيه الذي أصبح حز’ينًا في الآونة الأخيرة
نظر إليه “يـزيد” ثم أبتسم أبتسامةٍ خفيفة وقال:أحضني يا “حُـذيفة”، حضنك بيحـ ـسسني بالأمان
ابتسم إليه “حُـذيفة” وحاوطه بذراعه ضاممَا إياه إلى د’فء أحضانه، بادله “يـزيد” عناقه ووضع رأسه على كتفه يستـ ـشعر الأمان في أحضان هذا الحنون، لثم “حُـذيفة” رأسه بـ قْبّلة حنونة محاولًا بـ ـث الأمان إلى فؤ’اده بأية طريقة
تعا’لى رنين جرس القصر الدا’خلي يعلـ ـنهم عن زائـ ـرٍ في الخارج، خرجت الخا’دمة “زيـنب” وأقتربت مِن الباب الذي فتحـ ـته في لحظتها لترى “شـ ـرطي” أمامها يقول بنبرةٍ جا’دة:يزيد عبد الله الدمنهوري موجود
«أيوه يا بيه موجود، خير» نطقت بها الخادمة “زيـنب” وقد بدأ الخو’ف يتسـ ـلل قلبها ليقول الآخر:معانا أمـ ـر مِن النيا’بة بالقـ ـبض عليه
_____________________
وما هي الحياة سوى حز’نٌ عمـ ـيق، كلما ضحكت، كلما كشـ ـرت عن أنيا’بها إليك

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية أحببتها ولكن 7)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *