روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي البارت التاسع والعشرون

ررواية عازف بنيران قلبي الجزء التاسع والعشرون

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة التاسعة والعشرون

حين تحزِمُ قرارك وعِدّة الرحيل حين تحكمُ بأن ننتهي ونُوصدُ في وجهِ بعضنا أيامنا لا تبقى في البُعد تتلصص على حالي وترقُب اسمك ووصفك في أحدِ أسطري تتلذذ أن تكون بطلَ القصيدة القادمة والفارس الذي يتسيَّدُ شجناً أسِرُّهُ لنصٍ قصير حين ننتهي، لُفّ عليك الغياب مرتين ارحل بكل حواسك عني ولا تتعدى على حزني.
❈-❈-❈
نزل راكان من مخدعه، وتحرك بعض الخطوات استدار يطالعها بنظراته الهائمة، كانت تجمع خصلاتها وتجمعها بسبب تبعثرها بشكل فوضوي، جمعتها للأعلى، فكانت حقًا جميلة تخطف البصر كقمر ساطع بالسماء، أطبق على جفنيه، وحرب شعواء بين قلبه وعقله، ولكن هنا نجح العقل على تمرد القلب فهمس بلسان ثقيل
-“ليلى” ..استدارت مبتسمة، كانت إبتسامة تشق ثغرها مما جعلها أمامه كتفاحة آدم المحرمة عليه..
-نعم حبيبي..صفعة نزلت على قلبه كنيزك مشتعل، ابتلع ريقه بصعوبة وألقى قذيفته دون رحمة
-“إنتِ طالق”..قالها وتحرك سريعًا للمرحاضه
انكمشت ملامح وجهها ولمعت عيناها بالعبرات
فهمست دون وعي كالمذهولة على كلماته التي احرقتها
-طالق، هو قصده انه طلقني مش كدا، انفجرت ضاحكة، بدموعها التي نزلت كالمطر تغسل وجنتيها من الألم الذي اعترف جسدها،حجبت الدموع عنها الرؤية، استمعت إلى تحطيم الأشياء بالداخل..قبضة قوية قلبها وكأنها فوق جمرة من النيران حتى شحبت ملامح وجهها
وهمست :-
-راكان طلقني، يعني رماني من حياته، هزت رأسها رافضة مانطقه لسانها، تود أن تصرخ بأعلى صوتها ليصل ألمها إلى أعماق روحه
انتفضت لصرخاته بالداخل، هنا فقط تأكدت بأنه فعلها، لقد ألقاها كفتاة ليل بعد ليلة نارية بينهما، زحفت بجسدها بهدوء مميت، حتى جذبت ثيابها وكآلة ارتدت ثيابها
نزلت بقدميها المرتعشة كحال جسدها، وكأن الهواء انسحب من رئتيها ، فشعروها بأنين قلبها جعل آلامها تجفف الدماء بعروقها..تحركت ببطئ وكأنها تسير فوق بلور متناثر يشحذ قدميها، تحركت تسحب وشاحها المتدلي على الأرض كأنه يزيل أقدامها التي وصلت بها لتلك الغرفة
وصلت غرفتها دلفت وأغلقت الباب، ثم ولجت لمرحاضها وكأنها لاتشعر بشيئا، انتهت بعد دقائق معدودة، ثم اتجهت إلى ركنها المخصص للصلاة..سجدت للذي لايغفل ولا ينام
دعوات خلف دعوات، قهر وظلم وافتراء على قلبها الضعيف، “اللهم إني مغلوب فانتصر” كررتها بعيونا باكية وقلبًا منتفض انتهت وبدأت تتلو بعضًا من آيات الذكر الحكيم حتى غفت بمكانها
عند راكان دلف لمرحاضه، نزع ثيابه بغضب وكأنه يقتلع جلده بسبب غضبه من نفسه، وقف أمام المرآة ينظر لنفسه لعدة لحظات، ثم لكمها بقوة حتى تهشمت
آهة عالية خرجت من جوفه محملة بعصارة الألم، وقف يبكي مأساة قلبه المفطور على مافعله بها وبنفسه، هو يعلم انه لم يستطع البعد عنها ورغم ذلك ألقاها بخارج حياته
ردد لنفسه
-ارتحت لما طلقتها، هتعرف تعيش وهي بعيد عن حضنك، طيب إنت كنت بعيد عنها لكن فيه اللي يربط بينكم دلوقتي مفيش رابط هتقدر،
ملعون أبو الكرامة على الحب على الوجع اللي حاسس بيه دا
آهة صرخ بها وهو يلقي قنينة عطره بالجدار حتى تهشمت وأصبحت متناثرة بكل مكان
خرج سريعًا بعدما فقد قدرته على إبعادها عن أحضانه، تجمد بمكانه واحس بأن ضلوعه تنكسر ضلعًا ضلعًا، نيران يشعر بها وكأن أحدهم وضع بنزين مشتعل بصدره
هوى على مخدعه عندما لم يجدها وشعور مقيت جعله يكره نفسه من حالتها التي توجد عليها آلان
تحدث بألمًا يفتت عظامه
-سامحيني ياليلى كان لازم نبعد عن بعض زي ماقولت، مبنخدش من بعض غير الألم
اتجه بنظره إلى مخدعه وتذكر منذ قليل فقط وكيف هذا المكان كان يضج بنيران العشق، والآن أصبح بارد كبرود ثلاجة الموتى
جذب بعض ثيابها التي سقطت على الأرض بين أقدامه، جذبها ينظر إليها وانسدلت عبرة من عينيه عندما وضعها يستنشق رائحتها بملأ أنفه
تسطح على الفراش يحتضن وسادتها ويستنشق عبير عطرها مغمض العينين كأنه سيفتح عيناه ويجدها أمامه
مرت قرابة الساعتين، استمعت ليلى لطرقات ابنها فوق باب غرفتها
اعتدلت تنظر حولها بعينين زائغتين ونظرات تائهة ضائعة وكأن روحها انسحبت من جسدها، دلفت البيبي سيتر مع ابنها وهو يهرول إليها
-ماما..جذبته بقوة تضمه لأحضانها
أمسك أمير طائرته التي يلعب بها، وتحدث
-ماما، بابا
شهقت شهقات مرتفعة حتى وصلت إليه وهو يهبط على درجات السلم
اتجه لباب الغرفة، توقف يرسم ملامحها الحزينة بقلبًا ملتاع، كانت تحتضن وجهه ابنها وتتحدث معه
-ميرو روح مع انطي داليا، خليها تغير هدوم ميرو وتلبسه هدوم واو عشان ننزل لنانَا
أحست ببرودة جسدها فتصلب كفوفها على وجه ابنها حينما شعرت بوجوده من رائحة عطرها، وتيقنت عندما اتجه ابنها يهرول إليه
-بابا..اعتصرت عيناها ووضعت كفيها على صدرها حتى تهدئ من ضربات قلبها العنيفة
ضغطت على إسدالها حتى لا تصل إليه وتصفعه على وجهه..انحنى يرفع أمير وحمله يطبع قبلة على وجنتيه
-صباح الخير حبيب بابي..أمسك أمير نظارته من على وجهه وأطلق ضحكاته وهو يحاول أن يرتديها
وضعها على خصلاته وهو يداعبه
-عايز واحدة زيها، كان يحادثه وينظر لتلك التي استدارت تواليه ظهرها
نزل أمير من بين ذراعيه وأسرع إلى والدته ينظر إليها بنظارته، خلعها أمير ووضعها على رأس والدته وهو يصفق ويضحك بصوت مرتفع
دلف راكان للداخل عندما وجد سكونها، نظر بجوارها وجد مصحفها وسجادة صلاتها، لأول مرة يكتشف جانبًا بها مكتشف مع والدته، ابتسم بسخرية فزواجهم منذ سنة ولا يعلم عنها شيئا
اقترب وصاح على داليا
-داليا خدي أمير جهزيه عشان ينزل يفطر، سحبته داليا وتحركت للخارج، أما هو فوقف مكبل الأيدي، لا يعلم ماذا يفعل حتى يهدأ من نيران المواجهة..سحب نفسًا وطرده واتجه يجلس بمقابلتها على الأريكة
-“ليلى” قالها بلسان ثقيل وشقتين مرتعشتين
اطبقت على جفنيها من ذبذبات صوته التي اخترقت قلبها، كيف له أن تغفر ما فعله
كرر نادئه عليها مرة أخرى ، التفت تناظره بعينًا هالكة من فرط الألم
حاولت الحديث ولكن كأنها طفلًا لايعرف الحروف فتمتمت متعثرة بمقاطعة
-ن.ع.م..هنا شعر بتوقف النبض بأوردته وكأن جسده أصيب بصاعقة فجمدت جسده
تلاقت عيناه بعيناها، نظرت لعمق عيناه ونبض قلبها يحترق المًا بعد أن كانت منذ عدة ساعات وكأنها بساط سحري يسبح فوق سحابة وتطير بها بأجمل الأماكن، ولما لا وتوسد صدره واستماع نبضه أجمل الأماكن وأقربها لقلبها
استندت على الجدار خلفها وتاهت بنظراتها تنظر حولها بضياع متحدثة
-أنا لسة هنا بعمل إيه، ممكن اكون مش قادرة استوعب اللي حصل ومفكرة نفسي في كابوس
نظرت إليه عاجزة حائرة واهتزت اهدابها حتى انبثقت دمعة غادرة من طرف عينيها تحكي مقدار آلام روحها وقلبها المنفطر بما فعله بها
انكمشت ملامحها بألمًا وأردفت
-قولي ياراكان أن دا كابوس هتفوقي منه، قولي إنك مستحيل تكون قاسي وتنزل للمستوى الأجرامي وتعمل فيّا كدا
رفعت كفيها المرتعش تزيل عبراتها وهي تناظره بأعين مشوشة مختلطة بنيران قلبها
-قولي إنك مستحيل توجعني بالطريقة القذرة دي وكأنك بتعامل فتاة ليل
نزل وجلس على عقبيه أمامها، ثم بسط كفيها ليحتضن وجهها
ابتلعت مرارة الألم ودفعته بقوة وتحدثت غاضبة
-ايدك ياحضرة المستشار، انت دلوقتي راجل غريب، وإياك تقرب مني..انت مابقتش جوزي، انت دلوقتي زيك زي أي راجل غريب عني، ودلوقتي البيت دا ماعدش ينفع أقعد فيه دقيقة واحدة
دفعته بقوة حتى سقط على ركبتيه وصاحت بغضب وعبراتها كالمطر على وجنتيها
-انا وانت دلوقتي أغراب، مافيش بينا رابط ..لكزته بقوة بصدره وهجمت عليه كالذي أضاعت عقلها
-بقينا أغراب ياحضرة المستشار، بقيت غريب عني، يعني مستحيل تقرب مني ولا تلمسني، أشارت على صدره
-ولا ليا حق حتى ابكي هنا، نهضت ودارت بنظراتها على الغرفة وهي تشير لكل ركنًا بها
-انا هنا ليه وبأي صفة، ليه، نفسي أعرف، طيب كنت طلقتني من الأول كان ليه لازمتها الأوضة دي..جذبت الفراش وأسقطت مفروشاته
-احرقهم، عايزاك تحرق كل حاجة هنا
ضربت على صدرها بقوة
-احرق دا عشان وثق في واحد زيك، بدأت تهدأ رويدًا رويدًا عندما شحب وجهها فهمست بنظرة يشوبها الألم
-كويس أنك طلقتني عشان اعرف أعيد ترميم نفسي من راكان البنداري اللي حياتي وقوتي ادمرت من وقت ماقلبي حبه
اتجه يقف بمقابلتها ولأول مرة يعجز عن صياغة الحروف لتشعر بكم الألم الذي يجتاح جسده بالكامل
-“ليلى”..عايزك تفهمي مش إنتِ بس اللي بتتألمي، متفكريش طلاقنا مريحني، بس كان لازم أخرج من ضعفي، انتِ بتضعفيني، موتي شخصيتي، بدل ماتقويني أضعفتيني
❈-❈-❈
استدارت له والأمتعاض باد على ملامحها، فتحدثت متهكمة
-وانت دبحتني ياحضرة المستشار، ودلوقتي الستارة نزلت والكل فرحان بينا، معدش فيه وقت ولا مكان للبكى، انت أطلقت القذيفة في وشي حتى مفكرتش فيا
معدش فيه إلا حاجة واحدة أمشي من الجحيم دا ..اقترب يحاوطها بذراعيه
-مفيش خروج من البيت، متنسيش إنك أم لأمير، والبيت دا ليكِ فيه
انسدلت عبراتها تهز رأسها رافضة حديثه
-أهم حاجة مبقتش ملكي ياحضرة المستشار
استدار سريعا عندما فقد سيطرته كاملا، فكان آلمه أضعاف مضاعفة لألم قلبها، فهي هوائه الذي يتنفسه
هبط سريعا حتى لايضعف أمامها..وجد والدته
-صباح الخير ياست الكل، قالها بصوت كاد أن يكون متزنًا
ابتسمت له تدقق النظر له:
-مالك ياحبيبي؟! ليه لابس النضارة على الصبح كدا!!
هز رأسه وتحرك للباب الخارجي ولكنها أوقفته
-مفيش خروج من غير فطار، وبعدين معرفش سيلين فين، ممكن تكون باتت مع ليلى، هروح أشوفها
-يعني سيلين مش في البيت ولا إيه
استدارت له وتحدثت:
-ماأنا بقولك أهو ممكن تكون باتت مع ليلى، جلس يضع المحرمة على ساقيه وأردف
-لا مش باتت مع ليلى، دلوقتي اشوفها يمكن الزفت يونس جه اخدها، انتِ ناسية عمايله السودة، استاهل ضربي بالجزمة اني وافقت أجوزهاله
تحركت حتى وصلت إليه تمسد على رأسه
-مالك ياحبيبي، حاسة فيك حاجة، بتتكلم بالعافية ليه كدا ..
مفيش ياست الكل، هاتيلي قهوة عشان عندي شغل كتير النهاردة ومش هرجع
رجع بجسده مغمض عيناه ولا يشعر بشيئا سوى احتراق صدره كأن أحدهم وضع بداخله جمرة مشتعلة…مرت بضعة دقائق، حتى وصلت والدته بقهوته
-انا اتصلت بيونس كتير مابيردش
قاطعهم وصول ليلى بحقيبة ملابسها وبجوارها أمير..هب فزعًا عندما وجدها تحمل حقيبتها بيد وتمسك أمير بالأخرى..تحرك إلى أن وصل إليها ثم أشار على حقيبتها وتحدث بلسان ثقيلا
-رايحة فين بالشنطة دي؟!
ضمت إبنها إليها وابتعدت بنظراتها عن مرمى عيناه تنظر بمقلتين دامعتين لزينب التي وقفت متسمرة تنظر بحزنًا إليها:
-شكرًا لحضرتك على كل حاجة، متزعليش مني لو جيت في وقت زعلتك، حقيقي كنت ليا نعم الأم في البيت دا..اقتربت تحتضن كفيها
-زي ماوعدتك أمير هيكون عندك وقت ماتحبي، ولو عايزاه يبات معنديش مشكلة المهم تكوني راضية ومتحسيش اني اخدت حفيدك
احتضنت زينب وجه ليلى قائلة
-حبيبتي رايحة فين؟! اتجهت بنظرها لراكان الذي وقف وكأن أحدهم انتزع قلبه من جسده وهو يراها تخرج من منزله
اقترب من وقوفها وابتلع ريقه الجاف
-ليلى متمشيش من البيت دا دلوقتي أنا بجهزلك بيت المزرعة بس لسة هيخلصوه على بكرة
طبعت قبلة على جبين زينب وسحبت حقيبتها وامسكت كف ابنها وتحركت
-بعد إذنك ياماما زينب..نظرت زينب لأبنها حتى يبين لها مايحدث
تحركت بحقيبتها ولكنها توقفت حينما صرخ بصوت جهوري
-أنا مش بكلمك، قولتلك ممنوع تخرجي من البيت دا الا بأمر مني
استدار وبحزن يحرق روحها من جبروته تحدثت بهدوء رغم نيران قلبها المستعيرة
-حضرتك طلقتني فبناء على إيه أقعد مع حضرتك، وياريت لما تتكلم معايا يكون في حدود أمير بس، اللي بيربطني بالبيت دا هو أمير وبس
اقترب ونيران جحيمية تخرج من مقلتيه
-حتى لو طلقتك مفيش خروج من البيت دا، إلا لما أمر انا..شهقة خرجت من فم زينب
-طلقت مراتك ياراكان، هوت على المقعد وهي تهز رأسها رافضة حديثه
-طلقت مراتك، حتى من غير ماترجعلي، لدرجة دي امك مالهاش قيمة عندك
شعرت وكأنه غرس خنجر حادا بمنتصف قلبها،
سالت عبرة غادرة عبر وجنتيها تحرقها
-استكترت أن ابن سليم يقعد هنا، دا كله ليه، عايزة أعرف بتعمل فيا كدا ليه يابني
نهضت تمسك كف ليلى
-انا لما كنت بقولك هيطلقك كان مجرد كلام عشان أخليكِ تدافعي عن جوازك، قولت يمكن لما تلاقي الموضوع جد تتحركي، لكن طلعت غلطانة
اتجه راكان يضمها ..صرخت به
-ابعد عني إياك تقرب، وزي ماعملت اللي في دماغك أعتبرني مش موجودة، انت إزاي تعمل كدا من غير ماتعرفني
-ماما زينب أنا آسفة بس لازم أمشي دلوقتي، حضرتك عارفة مفيش حاجة خلاص ..قاطعتها زينب صارخة
-لا ياباشمهندسة، البيت دا بيتك ولو حد هيمشي يبقى حضرة المستشار
بأنفاسًا ملتهبة وقلبُ محترق اجابها
-حاضر ياماما همشي من البيت، بس قبل دا كله انا بحضر بيت لليلى من وقت ماأصرت على الطلاق، وبالكتير هيخلص على بكرة، حاولت مقاطعته..أشار بسبباته، قبل ماحضرتك تعترضي
-ليلى لازم تمشي من هنا، فرح رجعت من يومين، استدار لليلى وأكمل حديثه
-ومعاها طفل بتقولي ابن سليم..هوت زينب جالسة وكأن بكلماته أطلق طلقة نارية استقرت بقلب زينب، فرفعت نظرها إلى ابنها
-يعني سليم قرب من فرح، يعني مكنتش بتكذب ..كانت نظراته على ليلى التي وقفت وكأن هذا الحديث لا يهمها فاتجهت وتقابلت نظراتها بنظراته مردفة
-حقها لو الولد ابن سليم حقه يتمتع بخير ابوه، وعشان كدا لازم امشي من هنا
دقق النظر بعيناها فاقترب منها ومازالت عيناه تفترس ملامحها فتحدث مردفًا
– انتِ مستوعبة اللي بتقوليه، الولد هيكون له نسب لسليم، غير هيكون اخو أمير ويشاركه في كل حاجة
صرخت به بعدما فقدت قدرتها على التحكم في أعصابها
– ميهمنيش، ميهمنيش أن يكون له ولد ولا عشرة، هو عند ربنا دلوقتي، سليم مات ولو الولد ابنه يستحق أن يكون له اهل وعيلة
دنى اكثر ومازال يطالعها وتحدث بخفوت
-حتى بعد ماخانك.. خارت جميع قواها وانهار عاملها فانهمرت دموعها ممزوجة بنزيف روحها قائلة
-ماهو حبيبي خاني قدام عنيا، ومقدرتش احاسبه، هحاسب واحد ميت، واحد حاول يحميني ويكون ليا سند، في وقت انت ضيعتني
جحظت أعين زينب من كلمات ليلى، فهزت رأسها رافضة حديثها الذي شطر قلبها على ابنها فنهضت بجسد مرتعش
-قصدك إيه ياليلى، قصدك إيه باللي كان بيحميكي، ومين حبيبك اللي اتخلى عنك
جذبها راكان ضاغطًا على ذراعها بغضب
-انتِ اتجننتي معنتيش عارفة بتقولي ايه
نزعت يديها غاضبة ولكمته بقوة حتى تراجع خطوة للخلف وأشارت بسبابتها
-إياك تتمادى وتلمسني، أنا مش من الستات الحقيرة اللي بتبات عندهم
استدارت إلى زينب وتحدثت محاولة السيطرة علي نفسها
-آسفة ياماما ابن حضرتك عصبني، ودلوقتي زي مااتفقت مع حضرتك وقت ماتحبي تشوفي أمير اتصلي بيا وهجبهولك او ابعتي السواق ياخده ..قاطعهم رنين هاتفها ..ضيقت عيناها بذهول، ثم رفعت الهاتف واجابت
-أيوة ياحمزة، اقترب منها يخطف الهاتف
-فيه إيه ياحمزة
عند حمزة ..حاول اخذ أنفاسه وتحدث بعد لحظات
-انت فين ياراكان من امبارح بتصل بيك..تحرك بعض الخطوات عندما علم بهناك شيئا ما وتراقب ليلى له
-سامعك..تليفوني ممكن يكون فصل شحن مااخدتش بالي
-يعني يونس ماوصلكش
قطب مابين جبينه متسائلا
-يونس، ليه هو فيه ايه، ماتنطق يامتخلف
-درة وسيلين اتخطفوا من قدام كافيه امبارح الساعة احداشر، إزاي مااخدتش بالك بإختفاء سيلين، وبعتلك يونس من خمس ساعات
كلمات نارية استقرت بمنتصف قلبه وهو يهذي
-سيلين، ومين قدر على كدا، إزاي وفين الأمن بتاعها، توقف لحظة وابتلع ريقه بصعوبة
-بتقول درة كانت معاها، يعني مين المقصود، ماهو مش معقول دا خطف لاتنين..اقتربت منه زينب وهتفت بغضب
-راكان ماتسبش مراتك تمشي من البيت والله ياراكان لا هتكون ابني ولا أعرفك
اتجه لغرفة مكتبه سريعا وفتح خزينته وأخرج سلاحه، فهو بدأ يضعه بالمكتب بعدما امسكته ليلى في ذاك اليوم
توقفت زينب امامه تنظر لسلاحه وهو يجمع اشيائه سريعا قائلا بعصبية مفرطة
-عشر دقايق وهكون في النيابة، اتصل بجاسر خليه يلحقني على هناك
توقف عن الحديث بعدما استمع لحديث حمزة
-جاسر انضرب في مداهمة لأمجد امبارح
ارجع خصلاته للخلف بغضب وصاح مزمجرا
-حيوان حذرته ميتصرفش بتهور، هو عامل ايه المتخلف دا
جحظت عيناه وتحرك سريعا للخارج توقفت زينب أمامه
-مش هتمشي غير لما ترجع مراتك، أسرعت تجذب ليلى بعنف ووقفت أمامه
-رد مراتك ياحضرة النايب، كانت نظراته تائهة يفكر بسيلين وما حدث خلال الساعات الماضية
تحرك وهو لم يركز بحديث والدته بعدما كان ينظر إلى ليلى بتيه، كيف يخبرها بما حدث لأختها
-راكان..صرخت بها زينب، توقف وهو يتنهد بحزن فاستدار إليها
-ماما لوسمحتِ لازم اتحرك حالا، ثم رفع نظره لليلى، ممنوع تخرجي من الباب دا، ممنوع سمعاني
سحبت والدته سلاحه
-رايح فين بدا، وليه مبتردش على امك، ولا أنا دلوقتي ماليش أهمية
دب الجنون برأسه وصاح غاضبًا
-ماما لازم امشي حالا وإلا ..توقف ولم يجد مايقوله حتى لا يقهر قلبها..اقترب
-ماما هاتي السلاح، انت ناسية اني وكيل نيابة، مش فاتح مطعم ياماما هاتي السلاح
هزت رأسها رافضة خروجه
-رجع مراتك لعصمتك الأول وبعد كدا تاخد سلاحك …قاطعتها ليلى التي كانت صامتة
-ومين قال لحضرتك انا هرجعله، اقتربت تنظر لمقلتيه بقوة وأردفت
-ابنك لو آخر راجل في الدنيا مستحيل يربطني بيه حاجة تانية، والحمد لله اللي حصل لحد دلوقتي..هاتي أمير ياماما عايزة أمشي من هنا، مش عايزة اكون في أي مكان مرتبط بيه
كلمات وقعت على مسامعه كصدى صوت برق شديد الوهجان بفصل الشتاء، مما جعله متصنم بوقفته، فتوقف مجرى الدم بعروقه..لحظات يحاول استيعاب ماقالته، ابتلع غصته وتحدث بلسان ثقيل
-عندي شغل مهم، بعدين نتكلم ياماما، أما عن مدام ليلى فالحياة بينا بقت مستحيلة، سحب سلاحه سريعا وخرج وكأنه يتحرك على جمرات من النيران تكوي اقدامه دون رحمة
قاد سيارته بسرعة كبيرة كعاصفة رعدية، وكأنه شخصًا لا تهمه حياته
حملت ليلى أمير وسحبت حقيبتها
-عشان خاطري ياماما خليني امشي، أنا وراكان مستحيل نكمل مع بعض
جلست زينب بعدما خارت قواها وتحدثت بصوت ام مكلومة
-راكان فيه حاجة مش مظبوطة دا ابني وأكتر واحدة أحس بيه، نهضت تقف أمامها
-طيب استني لما يرجع، هو بس تلاقيه..قاطعتها
وهي تتراجع تضم إبنها وهزت رأسها
-ماما لو سمحتِ، بلاش تتعبيني، أنا وراكان وصلنا لطريق مقفول
تحركت للخارج حتى وصلت للبوابة الرئيسية بعدما اتصلت بسيارة أوبر
توقف احد أشخاص الأمن أمامها
-حضرتك ممنوعة من الخروج، بناءً على أوامر الباشا ياهانم
أصيبت برجفة بسائر جسدها فصاحت صارخة
-افتح الباب بقولك انا لازم اطلع من هنا فورًا
جذب منها الطفل الذي علا بكائه واعطاه لأحد الأشخاص قائلا:
-خد أمير باشا وديه للمربية بتاعته ياسميح وقولها الباشا هيحاسبها لو خرج من البيت
اشتعلت أعين ليلى بلهيب مستعر وجذبت الولد منه، واتجهت للداخل وهي تسب راكان ثم رفعت هاتفها وقامت الأتصال به
-لو مخلتش كلابك يخرجوني حالا هموتلك نفسي، سمعت ولا لا
❈-❈-❈
كان يقود السيارة، ورغم مايشعر به إلا أنه ابتسم من بين أحزانه واردف
-مالك بس حبيبي متنرفزة ليه، ايكونش وحشتك، أكمل حديثه بعدما استمع لأنفاسها المحترقة التي أجزم انه لو أمامها لأحرقته فتحدث قائلا:
-متقلقيش عليا، خمس ساعات وراجعلك، هو اليوم يحلى وأنا بعيد عن لولة حياتي
اعترف لها بطريقة غير مباشرة بأن يومه لا يحلى سوى بها، هذا ماقالته لنفسها، خرجت من شرودها عندما استمعت لتنهيدته
-ليلى اعقلي أنا عندي قضية كبيرة وكل المصايب بتلاحقني، فياريت متعمليش حاجة تجنن ابويا، نفسي تفكري بعقل المهندسين مرة واحدة ..قالها ثم أغلق الهاتف دون حديث
صرخت ودبت أقدامها بالأرض
-هموتك ياراكان..جلست وهي تنظر إلى زينب التي ابتسم ثغرها فحملت أمير، وتحدثت:
-تعالى قولي ياميرو ايه اللي حصل من مامي عشان باباك يطلقها، توقفت عن الحديث بعدما تذكرت حديث ليلى، فاتجهت تجلس بمقابلتها
-ليلى كان فيه حاجة بينك وبين راكان قبل ماتتجوزي سليم، وليه قولتي سليم حماكي، ومين اللي قتل سليم يابنتي
توسعت عيناها مذهولة من حديث زينب فاتجهت بنظرها وهي تهز رأسها رافضة حديثها
-إيه اللي بتقوليه دا ياماما، قصدك إيه بأن فيه حاجة بيني وبين راكان، قصدك..قاطعتها زينب بهدوء عندما وجدت صدمتها
-لا يابنتي مش بعيب في تربيتك، أنا بس ..صمتت للحظة ثم سحبت نفسًا وزفرته بهدوء
-قبل ماسليم يخطبك بأسبوع، راكان جالي وقالي فيه مهندسة معانا، قصت لها ماصار في ذاك اليوم
اتسعت حدقيتها شيئا فشيئا وصدمة قوية احتدمت بين دواخلها وكأنها تلقت ضربة عنيفة فوق رأسها فهمست بتقطع
-هو قالك عليا..هزت رأسها بالنفي وأكملت
-هو مقلش وقتها بس بعد ماسليم اتكلم قالي خلاص مفيش اتفاق، ومرة تانية قالي كنت بتكلم عن نورسين، فسمحيني أني سألت مش قصدي اعيب فيكي، أنا كنت عايزة أعرف مين اللي خلت راكان يجي ويقولي يتجوز، مخبيش عليكِ وأقولك انه ماشي كويس، وكان وكان، وانه محبش، لا هو حب واتجوز بدل المرة كتير، الصراحة معرفهمش غير اتنين بس، شمس وحلا، كنت بسمع من يونس أن راكان اتجوز عرفي مرة، ومرة عادي، بس عمره ماجه قالي انا اتجوزت او بحب
نظرت بشرود وانزلقت عبراتها وأكملت
-كان فيه بنت جميلة اتعرف عليها واتجوزها بعد موضوعه مع حلا بسنة تقريبا، بس جه بعد فرحه بكام يوم وهو بيبكي وبيقولي قتلوها في حضني ياماما ، ووقتها حصل خناقة كبيرة بينه وبين أسعد وساب البيت أكتر من سنتين، اشترى بيت بمزرعة واستقر فيه، وكنت ساعات ازوره، وساعات أعرف اخباره من يونس، وفضل اسمع انه اتجوز وطلق لحد ماجالي بعد خمس سنين وقالي عايز اتجوز وعايز اكون عيلة
ترنح جسدها واحست أن ساقيها فقدتا القدرة على حملها فجلست بجوار زينب وتسائلت
-ومقلش مين اللي كان عايز يتجوزها، مايمكن نورسين
ابتسمت بسخرية وأردفت
-هيكون عيلة مع نورسين، طيب ماهو يعرف نورسين من أيام حلا،
استمعت لصوت حمزة بهاتفها الذي كان يتلاعب به أمير..جذبت الهاتف تستمع لصوته مع حمزة
-سيلين ودرة مخطوفين، يانهار اسود، قالتها ليلى وانتفضت من مكانها وجسدها يرتعش
وقامت بالرنين عليه مرة أخرى ولكنه كان قد وصل لعمله وهاتفه بوضع الصامت
-يعني ايه، يعني بنتي مش مع يونس، طيب إزاي وأنا اللي كنت مفكرها مع يونس، جلست تضع يديها على صدرها وتحدث حالها
-ياترى انتِ فين ياحبيبتي، ومين اللي له يد في خطفك، تصلب جسدها وهي ترفض فكرة ان توفيق علم بالأمر فأمسكت الهاتف وقامت الأتصال ب أسعد
-هترجع إمتى. أجابها أسعد الذي يمكث بجوار والده بالمشفى لعمل جلسة كيماوي
-قدامنا لسة ساعتين فيه حاجة..انزلقت عبراتها وتحدثت بصوت متقطع:
-سيلين اتخطفت ياأسعد، وراكان ماقاليش، تعالى هاتلي بنتي
انتفض من مكانه مبتعدًا عن والده:
-طيب اهدي، وأنا هشوف راكان..صرخت زينب وجسدها يرتجف
-عايزة بنتي يااسعد، دلوقتي فهمت راكان أخد سلاحه ليه، ولادي ياأسعد، اتصل بأبنك وخليه يرجعلي، كفاية واحد مات
قالتها ثم جست على ركبتيها تبكي بإنهيار، ضمتها ليلى
-ماما اهدي لو سمحتِ، هتصل بحمزة يطمني، وليه راكان مقليش، انتِ كدا بتقلقيني، وهو مش دايما بياخد سلاحه ولا إيه
نهضت وهي تدور بالمكان
-لا مابيخدوش، يارب استر، يارب رجعهم لحضني بالسلامة
بمنزل بأحد الضواحي النائية عن المدينة، وخاصة بذاك المنزل، كان الظلام يحاوطه تجلس بجسدًا مرتعش وهي تهمس باسمه
-حمزة انت فين..دلف أحدهما ينظر إليها بصمت
-لسة نص ساعة لو مجاش بالورق اللي عنده هتموتي ودا مش تهديد
هربت أنفاسها وشعرت بإنسحاب الهواء من الغرفة،فتحدثت بصوت باكي
-هو مين قصدكوا على مين؟! تسائلت بها درة
دلف آخر وهو ينهره قائلا:
-مش دي ياغبي ، شوف البت التانية
تحرك حتى وصل إلى سيلين التي تجلس بهدوء، رفعت نظرها للذي دلف واتجه يقف أمامها
– نص ساعة لو اخوكي مبعتش الورق اللي عنده هنموتك
رسمت ابتسامة سخرية على وجهها رغم خوفها واردفت
– لا بلاها انتظار وموتني دلوقتى عشان مش انا اللي اخلي اخويا يخسر كرامته في الشغل عشان ناس ذبالة زيكم
دنى ثم لف خصلاتها حول كفيه وجذبها منه
– هيجبهم وغصب عنه وعنك،، ياإما تموتي وقبل ماتموتي نتمتع بالجمال الرباني دا
بصقت على وجهه وأردفت
– واحد حقير زبالة، اكيد مجرم ماهو مش معقول راكان ممكن يظلم برئ
صفعة قوية على وجهها حتى سقطت على الأرض وامسكها من خصلاتها يجرها بقوة
– هنتصل بيه لو متكلمتيش هموتك ،
عند راكان، كان يجلس بجوار الضابط ويتابع الكاميرات في ذاك الكافيه، وجد السيارة التي وقفت أمامهم فجأة، وفُتح بابها وجذبوهما بعنف عندما اتجهت سيلين لسيارتها، في حين كان حمزة يقوم بركن سيارته..اسرع خلف السيارة حينما استمع لصرخات درة، لحظات فقط توقف جسده وهو ينظر لتلك السيارة التي لايوجد بها لوحة تكتب عليها الأرقام
❈-❈-❈
مسح راكان على وجهه بغضب
-دلوقتي العربية من غير نمر، كلم الجهاز خليه يوصل للعربية دي آخرها لأنهي شارع، قاطعه رنين هاتفه، أشار للذي بجواره
– مستعد..هز الآخر رأسه قائلا
– حاول تطول في الكلام..أجاب الهاتف قائلا
– أيوة مين معايا؟! تجمد الدم بعروقه، وشعر بتوقف تنفسه عندما استمع لصوت بكاء إخته
– را..كان ، هب فزعًا من مكانه، وتحدث بصوتًا جعله متزنًا بعض الشئ
– سيلي إنتِ فين حبيبتي!
انزلقت عبراتها والرجل يضع سلاحًا ابيض على وجنتيها ويحركه على وجهها ببطئ فصرخت
– راكان احنا مخطوفين، معرفش فين، الحيوانات دي معرفش واخدينا فين، بيقولوا عندك ورق مهم
كور قبضته وأجابها:
– خلي اللي جنبك يكلمني، ثم نظر لذاك الظابط الذي يراقب هاتفه وهز رأسه بيأس قائلا
– دا عبر الأنترنت مش باين
اتجه يصرخ لسيلين
– اديني الحيوان اللي جنبك ياسيلي
هزت راسها وبكت قائلة
– مش راضي يكلمك ياراكان، راكان أنا خايفة ودرة معرفش عنها حاجة..اغلق الرجل الهاتف
صاح راكان كزئير أسد
– ياولاد الكلب، وصل حمزة يقف بجواره
– مفيش جديد ماوصلتش لحاجة
دفع كل ماقابله على المكتب حتى تساقط كل شيئا على الارض، رفع كفه يرجع خصلاته للخلف بعنف
بغضب لون ملامحه وامتزج نبرة صوته الفظة
– عايز جميع الكاميرات ياحمزة، عايز كل الشوراع اللي العربية دخلتها ياحمزة اتصرف، وانا هكلم النائب العام
التفت راكان يسأل حمزة ونبضاته الهادرة تتخبط بعنف بين ضلوعه
– جاسر ماقلش حاجة، مين اللي ضرب عليه نار
بيقول امجد مكنش موجود، بس فيه اتقبض عليهم يمكن نعرف توصلوا من التحقيقات
قاطعه رنين هاتفه..نظر إليه وجدها معذبة قلبه
خرج واجابها
– في ايه أنا مشغول مش فاضي للعب العيال دا
أشعلت كلماته جحيم غضبها، فالمرة التي لم تعلم كم عددها وهو يهينها بحديثه ورغم ذلك ابتلعت إهانته متسائلة:
– اختي فين ياراكان، مين اللي خطفها، وليه يخطفها؟!..راكان درة فين، بابا لو عرف ممكن يموت، درة لسة يادوب نسيت خطفها من نور بالعافية،اوعى يكون هو اللي خطفها
عشان خاطري ياراكان، انسى اللي بينا، وهاتلي اختي
شعر بنيران تغلي وتحرق أوردته من لهجتها المرتبكة وتوسلها إليه، كيف لها أن تتنازل عن كرامتها بعد ماصار بينهما والآن تتوسل إليه
-ليلى اهدي أنا مش ساكت، ودرة مش لوحدها، توقف فجأة ثم تحدث سريعا
– لو فيه جديد هكلمك، اتجه إلى حمزة وتسائل
-يونس فين مش المفروض عرف، إزاي سكت وهو عارف ان سيلين مخطوفة؟!
رفع اكتافه للأعلى واجابه
-مادا اللي جنني، لو سمعته عمل إيه؟!
خرج راكان سريعًا متجها إلى منزله، وصل بعد قليل، وطلب من أمن قصره
-عايز اشوف الباب الداخلي لفيلا عمي، من خمس ساعات تقريبا
وقف أمام الشاشة وهو يراقب بترقب خروج يونس، ولكن جحظت عيناه عندما وجد عايدة تقف خلفه وتضربه على رأسه، ثم وصل أحدهم يحمله متجها للداخل فيلته
أطبق جفنيه يقاوم الصدمة التي رآها الآن، تجمد بوقفته وهو يعيد المشهد مرة وأخرى، ولكن خارت قواه وهو يراها تتحدث مع احدهما، التفت وتسائل
-مفيش صوت، دي صورة، حاول توصلي الصوت كدا
أجابه الرجل
-الصوت بعيد مش واضح يافندم، أشار بيديه
-افتحه برضو عايز أسمع أي حاجة، ولكن خاب ظنه وهو لم يستمع إليه
اتجه لقصره ودلف لغرفة مكتبه وتحدث مع أحدهم
-البيت خلص ولا لسة؟!
اجابه الرجل سريعا
-كله تمام يافندم زي ماحضرتك طلبت، فتح جهازه وشغل الكاميرات به يفحصه بتدقيق
-حمام السباحة الخلفي مفهوش كاميرا ليه؟!
اجابه الرجل قائلا:
-حضرتك طلبت كل مكان خاص ممنوع فيه كاميرا
-لا حمام السباحة بجميع الجوانب حط فيه، أبواب الجنينة كلها، باب غرفة الرياضة الخارجي مش واضح، وضحه كويس، هكون عندك خلال ساعتين، تكون مخلص..ثم قام الأتصال بأحد الضباط
-هات امر بتفتيش فيلا جلال البنداري، وخلال ربع ساعة تكون هنا
قاطعه دلوف ليلى..اتجهت إليه ترمقه بغضب
-مصدقتش لما شوفت عربيتك برة، انت سايب اختي مخطوفة وجاي تقعد هنا
جاهد في إخفاء اعتصار قلبه عندما وجد هيئتها وعينيها المتورمة
-اطلعي جهزي كل مايخصك إنتِ وأمير، خلاص مينفعش تقعدي هنا، فرح مُصرة تيجي هنا وأنا دماغي مش فاضية
دنت منه ونزلت بكفيها تستند على مكتبه وصاحت غاضبة:
-وانا مش عايزة المكان اللي حضرتك بتتنفس فيه، ودلوقتي توديني زي الشاطر على بيت ابويا، اصل اقسم بالله
نهض وامسكها بعنف من ذراعها يضغط عليها
-احلفي على نفسك، متفكريش عشان بكلمك بهدوء واتزان تتخطي حدودك، انتِ هنا ام أمير، وممنوع أمير يطلع من بيت البنداري، ودلوقتي اطلعي جهزي الولد عشان هنمشي من هنا..
ياله بتبصي على ايه، بلاش توصليني أخد منك الولد، نزعت ذراعها المتألم وتراجعت خطوة مرتعشة للخلف تجاهد في إخفاء دموعها المتحجرة بشق الأنفس داخلها يتمزق وقلبها يأن كوتر آلة موسيقية مبتور
أطبق على جفنيه يود لو يصرخ من أعماقه بكل مااوتي من قوة حتى يعلمها كم يشعر بآلام ابتعادها..قاطعه رنين هاتفه
-أيوة يانور، تسمرت ليلى بوقفتها لدى الباب وهي تستمع له
-مين قالك أنا وليلى اطلقنا؟!
على الجانب الآخر كانت تجلس بأحضان أمجد الذي يحاوطها بذراعه فاجابته
-كنت بكلم انطي عايدة فقالتلي، شكرًا ياراكان، فرحتني أوي ياحبيبي، هي دي الهدية اللي كنت محضرها
لا أحد يعلم كم يضغط ويبذل قصارى جهده حتى يتأقلم على ذاك الوضع الذي يدبحه بسكين بارد، سحب نفسا لعله يهدئ من روعه، وضراوة عشقه الذي يدافع عنه بكل جبروت فأجابها بهدوء رغم نيران صدره المتأججة بداخله وتحدث:
-أيوة دي المفاجأة يارب تعجبك، انبسطي عشان مفيش غيرك، بس فيه تعديل بسيط حبيبتي
اعتدلت من أحضان أمجد تستمع له بتركيز ، فتحدثت قائلة:
-اوعى تقولي انك هتأجل الفرح ياراكان، دي المرة الخمسين
تراجع بجسده وهو يكور قبضته ثم أجابها
-مفيش فرح وامجد برة السجن، النهاردة سيلين اتخطفت، معرفش بيخطط لأيه هو وابوه، مفيش فرح غير لما اقبض عليه، قالها ثم أغلق الهاتف سريعًا، ووضعه على مكتبه يمسح على وجهه بعنف
التفتت تناظره بعينين هالكة من فرط الألم، فهمست بصوت متقطع حتى وصل إليه بصعوبة
-طلقتني مهر لحبيبتك ياراكان..استدار بكرسيه سريعًا وجدها مازالت تقف لدى الباب. نهض سريعًا متجهًا إليها ووقف بمقابلتها
-إيه الهبل دا؟! ليه المدام مكنتش عارفة بحبها اد ايه، ليه مكنتيش بتحسي وانتِ في حضني مدى عشقي ليكِ، أمشي من قدامي، وخليكي طول عمرك غبية، وحطي مبررات زي ماانتِ عايزة ..امشي، صرخ بها
انكمشت ملامحه بألمًا وتحول ألمه لغضب كاد أن يحرقها به
امسكها من ذراعيها بعنف وصرخ
-انتِ إيه، مش معقول إزاي قدرتي تقولي كدا، ومن كام ساعة بس كنتِ حاسة قد إيه بحبك وبعشقك
انبثقت دمعة غادرة من عينيها تكوي وجنتيها، شعر بأنها نزلت فوق قلبه كبلور يشحذ جلده، ولكن كيف لها أن تشق قلبه المغرم بها، لقد اذته كثيرا، وحطمت قلبه وأذت كبريائه ورجولته والآن ظنها السيئ، ماهذه التهم الشنعاء التي ألقتها دون رحمة
-طلقتني بعد مارفعتني سابع سما، وفي الأخر سبتني وقعت على جدور رقبتي، جاي بتتكلم في إيه
-دا الحب عندك، تكون طول الليل في حضني وبتقولي شعر عن العشق، وتقوم تهني كأني بنت ليل، دا الحب..فين الحب اللي كنت بحسه زي ماقولت، إزاي أأمانلك بعد كدا
دنى ونيران تأكل صدره وجذبها بقوة وهو يوزع نظراته على وجهها بالكامل
-مكنش قصدي ابدا، معرفش حصل ازاي، يمكن قلبي هو اللي كان بيحركني، يمكن كنت بحاول ادوس على رجولتي عشان اثبت لنفسي مقدرش أعيش بعيد عنك، مكنش قصدي اطلعك ولا انزلت، حبي ليكِ وقتها خلاني معرفش أسيطر على نفسي
رفع سبابته وأشار على قلبها
-قوليلي دا كان بيحس بإيه وأنتِ بدوسي عليا عشان الكل، أنا مقدرش اعمل كدا،
تراجع للخلف وهو يشير لنفسه
-بقيت واحد ضعيف، اقترب مرة أخرى وجذبها من ذراعها يتحدث من بين أسنانه
-بسببك بقيت ضعيف، معنتش بقدر اقولك لا، مبقاش فيا ذرة احترام لنفسي وأنا كل مرة بغفرلك وبسامحك، جاية واقفة قدامي بأي عين تلوميني، طلقتك عشان استعيد راكان اللي دبحتيه بغباءك، عمري مافكرت انتقم منك، عايز ارجع نفسي، يمكن وقتها أرجع احبك أكتر، مش عايز قربي منك عشان غريزة، عايز أكد لنفسي إنك أغلى حاجة ومقدرش أعيش بعيد عنها، مش مجرد كلمتين حب بينا، عايز اتأكد من حبك ليا من حقي
❈-❈-❈
اقتربت تطالعه بغضب متسائلة
-طلقتني عشان كدا؟!
ابتعد وهو يدفعها بعيدًا عنه كمرض معدي قائلا
-طلقتك بناءً على طلبك، مش حضرتك اللي وقفتي قدام العيلة وقولتي لو راجل طلقني، قولتيها كام مرة، استدار يشير على المكتب وأكمل
-جيتي هنا وقولتي حياتنا بقت صعبة ولازم تطلقني مش متحملة ارتبط بشخص ذيك، روحتي بكل جبروت ودوستي على جوزك عشان هو يتحمل كسر رجولته بس اختي وابويا مقدرش عليهم
جاية بتلوميني ليه، أمشي ياليلى ودلوقتي همشيكي من البيت اللي بتتنفسي معايا فيه، عشان تعرفي تتنفسي كويس
قاطعه رنين هاتفه فخرج سريعا وهو يتحدث خلصي واطلعي مستنيكي برة، ولو عندك ثقة فيا اختك هتبات في بيتها النهاردة، اصلك نسيتي تقولي اختي معاها في نفس المكان
قابلته زينب وتسائلت بقلب ام متلهف
-فين سيلين ياراكان، اختك فين ؟!
قبل رأسها وتحرك وهو يجيبها:
-هترجع ياماما، خلال ساعتين هترجع
وصل لمنزل عمه والشرطة تقتحم المنزل..وقفت عايدة تفرك كفيها، تفاجأت بوجود راكان في ذاك الوقت، فأسرعت إليه
– الشرطة بدور على إيه ياراكان؟!
هز كتفه وادعى عدم معرفته، فاتجه للضابط المسؤل
-لقيتوا حاجة..هز الضابط رأسه متحدث:
-لا يافندم، بس فيه اوضة مقفولة بيقولوا دي فيها عريس وعروسة
اتجه راكان يبحث عن سارة بينهم فلم يراها، كور قبضته متجهًا بنظره إلى عايدة التي ابتسمت بتشفي قائلة:
-ماهو واحد مات وساب بنتي حتى من غير ورقة جواز، فبالتالي مش هسيب التاني الا لما يتمم جوازه، اتجه إلى فريال التي تقف تعقد ذراعيها أمام صدرها وتسائل بسخرية
-وياترى المسرحية دي بقيادة توفيق باشا، ولا مين البوص بتاعها
اقترب بهدوء مميت واتجه لفرح
-افتحي الباب يابت..ابتسمت فرح وفعلت مثلهم
-هو ينفع نفتح الباب على عرسان يوم الصباحية ياآبيه دا حتى عيب وانت اكتر واحد عارف، اقتربت منه قائلة
-حتى الفيديو بتاعهم دلوقتي سيلين بتتفرج عليه في المكان المخطوفة فيه
هزة عنيفة أصابت جسده، وشعور بفقدان وعيه، فدنت اكثر قائلة
تفتكر هتعمل إيه وهي شايفة جوزها بتاع الستات في حضن واحدة تانية، وفيه مفاجأة تانية اصبر بس لما أفضى لمدام ليلى اللي هي السبب في موت حبيبي، إنما ماقولتش ياآبيه هي مدام ليلى ليه راحت مع ابن عمها لدكتورة النسا، طيب نسأل السؤال بمعنى أدق
-ليه مدام ليلى مبلغتش على تهديدات ابن قاسم الشربيني لحد دلوقتي اللي هو السبب الرئيسي في جوازها من سليم، هنا شعر بأن يقف على فوهة بركانية قابلة للأشتعال فجذبها من خصلاتها فلقد اوصلته لتلك الحالة بكل نجاح دفعها وهو يزمجر بغضب :
-خد مدام عايدة على البوكس، سمعتني البوكس، ثم سحب فرح من خصلاتها متجهًا لغرفة فرح، ودفعها بقوة حتى سقطت على الأرض
-عايزة تعرفي ليه، عشان مدام ليلى حبي انا مش حب سليم، عايزة أجاوبك على إيه تاني، ليه مبلغتش على الحقير
-عشان دي حبيبة راكان البنداري متنزلش لمستويات حقيرة، ياخسارة يافرح دخلتي لعبتهم القذرة، بس تعالي فهميني يافروحة
-هو فيه بنات بجحة كدا لدرجة مش مكسوفة وهي جايبة عيال من الزنا، يابت دا انتِ فجرتي عن البنات بتوع الكبريهات اللي مدورنها، بس كويس اهو تلاقي لك شغلانة بعد مااطردك بس أفضى لك ياحبيبة ابن عمك، دلوقتي بحضر لفرحي على نور، أفضى بس يافروحة ووعد مني ابعتك ديسكو إنما ايه، أنا زبون هناك متخافيش هلاقيلك سعر حلو
جذبها من خصلاتها وهو يصفعها بقوة
-هستنى إيه من تربية توفيق، خليه يجي يشوف تربيته..دفعها حتى اصطدمت رأسها بالجدار وركلها بقدمه
-افتحي الباب قومي ياحيوانة، والله لادفنك تحت مع الفيران ياقذرة
نهضت بجسد مرتعش تفتح الباب، كانت سارة تغفو بجوار يونس الذي يذهب بسبات عميق ولا يشعر بشيئا حوله..أسرع راكان إليه وحاول افاقته، نهضت سارة تصرخ به
-ابيه راكان إزاي تدخل كدا
-قومي ياحيوانة استري نفسك، واحمدي ربنا انه لسة نايم، وحياة ربنا لأخليه يقتلك بحصرتك ياحقيرة، استدار بجسده وحاول افاقة يونس، ولكنه لم يستجب، بدأ يصيح بغضب كالذي مسه جن
-دول شياطين، مش معقول، انت فين ياتوفيق باشا، تعالى لم تعابينك
استدار إليه بعد فترة
-مشربينه إيه يابت، خرجت سريعا تصرخ وتنادي على والدتها..
بغرفة ليلى جلست على الفراش وعبراتها تتساقط بغزارة على ماحدث لها، قاطعها دلوفه
-ياله لازم نمشي دلوقتي مش فاضي
رفع سبابته امامه
-أنا على اخري، يعني كلمة منك صدقيني هنسى إنك ليلى، يارب تكوني عاقلة كدا وتوقفي جنبي لو مرة واحدة
تحركت معه كالمسلوبة من حياتها دون حديث
استقلت السيارة بجواره وأرجعت رأسها للخلف تتذكر حديث حمزة قبل قليل
-متخافيش ياليلى احنا مش ساكتين، وأن شاء الله على بالليل هتكون درة في بيتها
وصل بعد ساعة تقريبا بسبب بُعد المسافة، وقام بمراقبة كل شيئا، ثم رفع هاتفه وقام الأتصال بنوح
-احنا وصلنا يانوح، هات أسما أنا مضطر أمشي عشان عرفت اوصل لمكانهم، مش هوصيك أكد على ليلى وأسما ممنوع حد يعرف مكانهم، أنا غيرت رقم ليلى من غير ماتحس خوفا ليجد في الأمور أمور
اتجه للداخل بعد إغلاقه مع نوح، وجدها تجلس تطعم طفلها، تحرك حتى توقف أمامها دا هيكون بيتك، هتقعدي فيه، واياكِ تخرجي منه دون إذن مني..حملت ابنها ودلفت بجسد منهك ولم تلتفت لما قاله
-“ليلى”..صاح بها قائلا:
مش عايز أوصيكِ على نفسك وأمير أي غلطة منك هتدفعني كتير، بلاش تأذيني أكتر من كدا لوسمحت
-لو خلصت كلامك واوامرك اتفضل من غير مطرود
قالتها وحملت ابنها واتجهت للأعلى
جذب خصلاته يضغط عليهم بعنف
-وحياة ربنا هتموتني البت دي، يخربيت قلبي الغبي دا ، ابتسم للحظة واردف
-تنينة غبية، راجعلك بعد شوية تننتي الغالية..استمع إلى رنين هاتفه:
-أيوة ياراكان، عرفتلك من بابي مكان أمجد، بس إياك تعرف حد، وعرفت كمان انه خاطف سيلين، هبعتلك اللوكيشن
أغلق الهاتف وهو يطلق ضحكة صاخبة
-وماله يانور أهو بابي نستفيد منه، بدل ماهو مركون على الرف، رفع هاتفه واتجه للخارج
-جواد باشا وحشني ياغالي، وحمد الله على سلامة حضرة الظابط الفاشل، فيه خبرية بتقول ان حضرة اللواء مطلوبا حيا او ميتا..
أطلق جواد ضحكة صاخبة وهو يغمز لغزل وينظر لجهازه الذي أمامه، وتحدث
-وعندي خبرية بتقول من يعثر عليه له كيس من النقود..ابتسم راكان وتحدث
-علم وينفذ ياكبير، خلال ساعة بالضبط هبعتلك كيس النقود بتاع جحا، ولكن توقف عندما اردف جواد
-مدام ليلى جالها اتصال عبر الأنترنت ياباشا، ارجع شوف ايه اللي حصل
استدار سريعا بسيارته متجها للمنزل الذي بعد عنه بعض الكيلومترات وفتح هاتفه ينظر لشاشته، ولكن تجمد كفيه وهو يراها تقوم بفتح الباب محاولة للخروج

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة باقي حلقات الرواية اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *