روايات

رواية امرأة العقاب الفصل السادس والستون 66 بقلم ندى محمود توفيق

رواية امرأة العقاب الفصل السادس والستون 66 بقلم ندى محمود توفيق

رواية امرأة العقاب البارت السادس والستون

رواية امرأة العقاب الجزء السادس والستون

رواية امرأة العقاب
رواية امرأة العقاب

رواية امرأة العقاب الحلقة السادسة والستون

 

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل السادس والستون _
عدنان منفعلًا وبنبرة صوت عالية :
_ وأنا رديتك لعصمتي ياجلنار
سكنت ملامحها الثائرة بلحظة وراحت عيناها تحدقه بذهول فاغرة شفتيها .. لوهلة ظنت أن تلك الجملة التي سمعتها منه نابعة من أوهامها وأنه لم ينطقها أساسًا .. لكن نظراته الثاقبة التي تؤكد لها ملكيته عليها وكأنها يخبرها من خلال تلك النظرات ” أنها له ولن يسمح لها بالانفصال عنه .. خدعها بأنه تقَّبل الهزيمة وتخلى عنها لكن لم يفعل ولن يفعل ! .. ستظل الزهرة الحمراء ملكًا لحارسها وعُقابها .. تلك النهاية السخيفة التي رسمتها بمخليتها ستظل حبيسة هناك ولن تخرج للضوء ! ”
رغم أن هناك جانب عميق بقلبها تراقص فرحًا من السعادة أنها لن تفارق حبيبها .. إلا أن ذلك الجزء الغاضب نجح كالعادة في السيطرة عليها حيث قالت بصدمة ممتزجة بسخطها :
_ رديتني ازاي !! .. احنا اتفقنا على الانفصال وإنت وافقت بترجع في كلمتك ليه !
عدنان بنظرات قوية :
_اولًا مسمهاش رجعت في كلمتي .. اسمها غيرت رأي وبقيت رافض الانفصال !

 

جلنار بثبات يليق بها وغيظ :
_ وأنت مش هتجبرني أكمل معاك .. وبعدين ازاي تردني من غير ما تاخد رأي وكمان غصب عني
نجحت في أشعال نيران غيظه فقال بنبرة مرتفعة ومستاءة :
_ إنتي مراتي ومن حقي اردك لعصمتي طول فترة العدة سواء برضاكي أو غصب عنك
صاحت به منفعلة بعد جملته الأخيرة :
_ احنا متفقين ياعدنان مينفعش دلوقتي ترجع في كلامك بعد ما اتطلقنا وتردني
هدأت عاصفته وتبدلت بأخرى ثلجية حيث أجابها بكل برود :
_ احنا متفقناش على حاجة .. إنتي اللي كنتي عايزة الطلاق وأنا كنت رافض ووافقت شبه مجبور في الآخر بسبب كلامك واللي عملتيه
عقدت ذراعيها أسفل صدرها وقالت مغتاظة :
_ وايه اللي اتغير دلوقتي بقى !
ابتسم بسخرية ومرارة ثم حدقها بثبات وتمتم :
_ مفيش حاجة اتغيرت ياجلنار .. أنا متخلتش عنك من البداية على عكسك تمامًا .. وكان لازم نرجع لو مش عشانا فعشان هنا وابني اللي جاي ، أنا مش هسمح إن ولادي يطلعوا عندهم مشاكل نفسية أو بيعانوا من مشاكل انفصال بباهم ومامتهم اللي هي بتعمل كل ده بس لمجرد العناد وخلاص
جلنار صائحة بغضب :
_ أنا بعمل كدا لمجرد العند وبس !!!
انتفضت فزعًا على أثر صوته الجهوري وهو يصرخ بها بشكل مخيف :
_ أيوة بتعاندي ياجلنار .. إنتي بتحبيني ورغم كدا عايزة تعذبيني وتعذيي نفسك .. وبتحاولي تلاقي أي حاجة فارغة لتفكيرك السخيف زي إني مثلًا لسا بحبها ومش بحبك أو ممكن ارجعلها !! .. إنتي من كل عقلك متخيلة إني ممكن حتى ابص في وش ال*** دي تاني .. واحدة طعنتني في ضهري وخانتي طول السنين دي كلها وعمرها ما حبتني متخيلة إني ممكن افكر فيها لمجرد التفكير حتى !! .. أنا والله ما بقيت فاهمك ولا فاهم تفكيرك الغريب ده وتعبت معاكي
استفزها بشدة ولم تتمكن من تمالك لسانها حيث راحت تصرخ به تنوي أن تفرغ عن ذلك اليوم والمشهد الذي عالق بذهنها ويقتلها بكل لحظة :
_ ولما مش بتحبها كنت ………..
ابتلعت بقية عبارتها عندما سمعت صوت رنين هاتفها فبقت تحدقه بصمت وعاد ترددها من جديد حول أن تخبره أم لا بعد أن كانت ستتكلم فتوقفت عن الكلام وأخرجت هاتفها تتطلع بشاشته تقرأ اسم المتصل الذي كان السائق الخاص بها .
رمقت عندنان بجمود ثم ردت وهي تهم بالنزول من السيارة :
_ أنا هروح البيت وحدي
قبض على ذراعها يوقفها وهدر بنبرة تحذيرية :
_ مين اللي كان بيرن ده !

 

 

_ ملكش دعوة
عدنان بعصبية :
_ جــلــنــار !!!
تأففت وردت بمضض :
_ ده السواق خلاص ارتحت
ترك يدها وارتخت قسمات وجهه المتشنجة ليجيبها بلهجة آمرة :
_ مفيش نزول من العربية .. هنعدي الأول على هنا ناخدها من الحضانة وبعدين أنا هوديكم البيت
لم تعجبها لهجته الآمرة وكانت على وشك أن تفتح الباب وتنزل متجاهلة تعليماته لكن صوته الغليظ الذي يحمل نبرة الإنذار أوقفها :
_ سمعتي قولت إيه !
زفرت بقوة في خنق وارجعت يديها التي امتدت لمقبض باب السيارة مجبرة ثم ضربت الأرضية بكعب حذائها مغتاظة وقالت :
_ بكرهك
لأول منذ بداية حديثهم الذي كان عبارة عن شجار فقط يضحك بخفة ويجيبها بثقة ونظرة جانبية خبيثة وهو يحرك محرك السيارة وينطلق بها :
_ أنا كمان بحبك يارمانتي
رمقته بقرف مستنكرة ثقته القوية بذاته لكن فور أن اشاحت بوجهها عنه وشردت للحظت بجملته لم تشعر بشفتيها التي انفرجت لا إردايًا عن ابتسامة مغلوبة .. رغم كل شيء يحدث وما تفعله إلا أن قلبها يتراقص فرحًا رافعًا راية انتصاره !!! .
***
داخل منزل حاتم الرفاعي ……
كانت نادين تجلس على مقدمة الأريكة وهو على آخرها من الجهة المقابلة لها .. يمسك بهاتفه ويتفحص أحد مواقع التواصل بينما هي فكانت تمسك بيدها جهاز تحكم التلفاز وتبدل بين القنوات بخنق وبين كل لحظة والأخرى تختلس النظر إليه خلسة .. فمنذ شجارهم وهو لا يتحدث معها ولا يتطلع بوجهها حتى .. بات ذلك الوضع يخنقها وأصبحت مدركة خطأها لكن عنادها يمنعها من الاعتذار ! .
ظلت صامتة طوال الوقت مكتفية بنظراتها السريعة إليه دون أن ينتبه حتى فاض الكيل بها ولم تتمكن من الصمود أكثر من ذلك فخرت منهزمة أمام عقابه القاسي وقالت مقتضبة :
_ بعتذر
سمع كلمتها فتوقفت حركة أصبعه فوق شاشة الهاتف لثواني وبقى ساكنًا دون أن يتطلع إليها ثم عاد يكمل تفحصه دون أن يعيرها اهتمام عمدًا فاستاءت وهتفت بعصبية بسيطة :
_ لك عم اعتذر منك وبقِلك أنا آسفة .. وإنت عم تتجاهلني !
رمقها بنظرة مميتة وقال في صوت رجولي غليظ :

 

_ وهو في اعتذار بالمنظر ده .. كأنك بتعمليه تقضية واجب وخلاص !
نادين قاطبة حاجبيها بعدم فهم :
_شو !! .. شو تقضية واجب هاي .. شو معناتها يعني ؟!
_ يعني مجبورة يانادين
احتقن وجهها بدماء الغيظ فقالت :
_ ليكون بعلمك إنت كمان غلطت مش أنا بس .. يعني المفروض تعتذر إنت متلي
حاتم بغضب حقيقي :
_ اعتذر أنا !! .. ليه هو أنا اللي طلعت قدام الراجل بقميص النوم وفوق كل ده مش عاجبني وبعلي صوتي وبتخانق
عقدت ذراعيها أسفل صدرها وقالت باستعلاء :
_ أنا ما عليت صوتي أنت اللي عيطت عليا
ضغط على قبضة يده كحاولة لتمالك انفعالاته وقال بلهجة مخيفة وتحذيرية :
_ قفلي على الموضوع ده يا نادين ومتفتحهوش تاني عشان أنا عصبي وإنتي بتستفزيني وبعدين بتزعلي لما بتشوفي وشي التاني
هيمن عليها السكون لبرهة من الوقت ثم امتلأت عيناها بالدموع وقالت في صوت مبحوح يغلبه البكاء :
_ لك الحق عليا إني ما قدرت اتحمل إنك تضل معصب مني واعتذرت منك مشان نرجع متل أول .. لكن إنت ما بيهمك شيء وأنا مش على بالك .. عن جد اثبتلي حبك لألي بعد أول كام اسبوع من الزواج ياحاتم .. كان المفروض اتأكد الأول قبل ما وافق على زواجنا
أنهت عباراتها واستقامت واقفة ثم أسرعت إلى غرفتها تختفي بها .. لتتركه هو يحدق بأثرها في عينان متسعة بعد تلك الكلمات الغريبة التي تفوهت بها .. ضرب كفًا بكف وهو يضحك بعدم تصديق .. ثم ظل مكانه صامتًا والبسمة المذهولة فوق ثغره وأذنيه تلتقط صوت بكائها من داخل الغرفة .. فتأفف بقوة وخنق ثم هب واقفًا بعدم حيلة واتجه إلى غرفتهم .
مد يده ليفتح الباب لكن كالعادة كان مغلق من الداخل فتنهد الصعداء بغيظ لكن حاول التصرف بلطف وقال في هدوء :
_ نادين افتحي الباب !
وصل لأذنه صوتها المرتجف من أثر بكائها العنيف وهي تصيح به بحرقة :
_ شو بدك مني .. خلاص أنا هلأ عرفت واتأكدت إنك مش بتحبني ياحاتم
ضحك رغمًا عنه بصوت مرتفع فسمعت هي صوت ضحكته واستشاطت أكثر لتصرخ به باكية :
_ عم تضحك !! .. امشي ياحاتم ما راح افتح الباب وما بدي اتطلع بوشك
فشل في حجب ضحكاته العفوية حيث أجابها بصوت ضاحك رغم محاولاته في إظهار عكس ذلك :
_ طيب افتحي معلش وخلينا نتكلم .. إيه شغل الأطفال ده يانادين
صرخت بأعلى صوت :

 

_ أي أنا طفلة .. ما إلك دخل فيني .. امشي يلا
كتم ضحكته بيده في صعوبة ثم قال من بين ضحكه :
_ طيب ياحبيبتي إنتي كويسة بجد .. عشان أنا بدأت اقلق عليكي
تحولت إلى جمرة نيران ملتهبة حيث صرخت به من الداخل منفعلة وبتحذير حقيقي :
_إذا ما تركتني لحالي هلأ وحياة الله يا حاتم بلم شنطة تيابي وبرجع على كاليفورنيا اليوم
قال مازحًا دون أن يتوقف عن الضحك :
_ حاضر همشي واروح اعملك كوباية لمون عشان تروق اعصابك .. عايزة كام معلقة سكر ؟
نادين بصراخ هادر وغيظ :
_ حــــاتـــم
انطلقت منه ضحكة رجولية عالية جلجلت بالمنزل بأكملها وجعلتها رغمًا عنها بالأخير تبتسم مغلوبة !!! ……
***
في تمام الساعة الثامنة مساءًا …….
كانت جلنار تجلس بمقعد السيارة الخلفي وبجوارها ابنتها الصغيرة التي منشغلة باللعب على إحدى تطبيقات الألعاب في الهاتف .
عقلها شارد وتتذكر المكالمة التي دفعت بها للخروج والذهاب إلى أسمهان الشافعي بعد تفكير عميق ! .
“” الخادمة بنبرة صوت باكية :
_ ابوس إيدك يا جلنار تعالي وحاولي تقنعي عدنان بيه يجي معاكي .. أنا خايفة أوي على الست هانم !
جلنار بريبة وقلق :
_ طيب اهدي ياسماح وفهميني مالها أسمهان هانم ؟
الخادمة ببكاء وأشفاق حقيقي :
_ من وقت ما خرجت من السجن وهي مش بتاخد علاجها ولا بتاكل .. وهي أساسًا مكنتش بتاخده بانتظام وكنت بالعافية بقنعها إنها تاخدها لكن بعد ما دخلت السجن وخرجت مش بتحط حاجة في بقها لغاية ما بقت مفيهاش حيل تقف على رجلها ياحبة عيني .. ووشها بقى قد اللقمة ياهانم والله .. وطول ما هي نايمة بتهلوس بآدم وعدنان بيه .. دموعها مش بتنشف من على وشها .. تعالي ياجلنار هانم يمكن تقدري تقنعيها معايا ابوس إيدك
سكتت جلنار لبرهة تفكر بتردد لكن عاطفتها غلبت قسوتها وردت في موافقة بعدم حيلة :
_ طيب ياسماح هلبس أنا و هنا وهنيجي “”
فاقت من شرودها على صوت السائق وهو يقول بلهجة عذبة :
_ وصلنا ياجلنار هانم !
انتبهت أنهم توقفوا أمام بوابة المنزل ففتحت الباب وردت بابتسامة عذبة :
_ طيب ياعم محسن متشكرة
نزلت الصغيرة خلف أمها واغلقت الباب بيدها ثم لوحت بيدها للسائق تودعه في وجه ملائكي بشوش .. وهرولت راكضة إلى أمها تهتف :
_ مامي هي تيتا هتكون صاحية دلوقتي
جلنار ببسمة حانية :
_ أيوة ياحبيبتي صاحية ومستنياكي كمان
هنا بعفوية طفولية :
_ وبابي قاعد معاها ؟

 

توقفت جلنار عن السير وأخذت نفسًا عميقًا ثم التفتت لابنتها وجلست القرفصاء أمامها تملس فوق شعرها بدفء هامسة :
_ لا بابي مش موجود .. بصي ياهنون ياروحي هنتفق اتفاق .. تيتا تعبانة شوية ولو بابي عرف إننا عندها وهي تعبانة هيزعل جدًا ويقلق واحنا مش عايزينه يقلق طبعًا مش كدا ؟
أماءت الصغيرة لها بالإيجاب ثم سألت بحزن :
_ هي تيتا تعبانة أوي !!
جلنار بنفي :
_ لا هي تعبانة شوية صغنين أوي وهتخف علطول .. بس احنا اتفقنا مش هنقول لبابي إننا كنا عند تيتا صح ؟
هزت رأسها بالموافقة ثم شبكت أصابعها بيد أمها وسارت معها للداخل .
ترفض أن يعلم زوجها بزيارتها لأمه خشية من أن ينفعل وتندلع المشاكل بينهم أكثر من ذلك لأنها ذهبت دون علمه .. بالأخص وهو لا يرغب برؤية والدته ولا اقترابها من زوجته أو ابنته .
توقفوا أمام الباب و بمجرد ما أن طرقوا الباب فتحت لهم الخادمة بسرعة واستقبلتهم بحرارة وحزن .. فقادت جلنار خطواتها بصحبة صغيرتها للطابق العلوي حيث غرفة أسمهان .. أسرعت الصغيرة ركضًا قبل أمها نحو غرفة جدتها وفتحت الباب بسرعة دون أستاذآن من فرط حماسها .. فوجدت جدتها تجلس على مقعدها مقابل الباب تبدو في انتظارها وفور دخولها ارتفعت البسمة العريضة لوجهها وفردت ذراعيها تستقبلها بحرارة وسعادة .. فأسرعت هنا إليها ترتمي بين ذراعيها .
دخلت خلفها جلنار وتابعت المشهد بصمت .. لأول مرة ترى أسمهان بهذه الحالة المزرية .. تلك المرأة المتجبرة والقاسية التي لا تعرف للاستسلام أو الرحمة معنى تجلس بمقعدها في جسد هزيل لا حول لها ولا قوة .. فقدانها لأعز ما تملك وهو أولادها قتلها وانهاها تمامًا .. ليتها أدركت منذ البداية أن لكل فعل نتيجة ! .
تابعتها وهي تعانق هنا بعمق وتدفن وجهها بين شعرها وكتفها تقبلها بحب وشوق وتستنشق رائحتها كأنها تبحث عن رائحة ابنها فيها ودموعها تسيل فوق وجنتيها بغزارة حتى تحولت الدموع الصامتة إلى بكاء مسموع ، فابتعدت الصغيرة عن حضن جدتها وسألتها بحزن واهتمام :
_ بتعيطي ليه ياتيتا إنتي تعبانة ؟
هزت اسمهان رأسها بالنفي وردت وسط بكائها ونظراتها الدافئة والنادمة التي تراها جلنار للوهلة الأولى :
_ لا ياحبيبة تيتا أنا كنت تعبانة بس بقيت زي الفل بعد ما شوفتك .. أنا بعيط عشان إنتي وحشتيني أوي
قالت عبارتها الاخيرة وانهارت باكية بقوة فزمت هنا شفتيها بحزن ومدت أناملها الصغيرة والناعمة لوجنتي جدتها تمسح دموعها وتقول برجاء رقيق :
_ وإنتي كمان وحشتيني بس متعيطيش

 

ابتسمت بمشاعر صادقة وسط بكائها ومالت على وجه حفيدتها تلثم وجنتيها وجبهتها بقبلات متفرقة في شوق وندم وأسف .. ثم رفعت رأسها بعد لحظات وتطلعت بجلنار في عينان دامعة كلها انكسار وضعف وقالت باسمة بامتنان :
_ شكرًا ياجلنار
اكتفت بابتسامتها الباهتة واماءة رأسها البسيطة ثم رأت أسمهان تهب واقفة بعد أن نزلت الصغيرة من فوق قدميها وجذبت مقعد في تصرف غير مألوف منها وقربته من جلنار تقول بعذوبة وابتسامة خافتة :
_ اقعدي ياجلنار عشان متتعبيش
طالعتها باستغراب لكن ابتسمت وجلست فوق المقعد بصمت .. وبعد دقائق وصلت الخادمة ووقفت عند الباب تتابع أسمهان التي عادت البسمة لوجهها بعد رؤيتها لحفيدتها .. وحين التفتت بنظرها إلى جلنار أشارت لها أن تقترب منها وانحنت عليها لتهمس جلنار في أذنها برقة :
_ روحي ياسماح هاتيلها العشا والعلاج
اشرق وجهه الأخرى وهزت رأسها بالموافقة عدة مرات متتالية بفرحة ثم اندفعت لخارج الغرفة مسرعة وفور خروجها نظرت هنا لجلنار وقالت :
_ مامي أنا عايزة اشرب مايه
جلنار بحنو :
_ روحي ياحبيبتي عند طنط سماح تحت وهي هتديكي مايه
أسرعت الصغيرة تغادر الغرفة ركضًا تقصد الطابق السفلي حيث المطبخ .. أما أسمهان فبقت عيناها عالقة على بطن جلنار المرتفعة قليلًا عن الطبيعي وفوق ثغرها ابتسامة نقية ودافئة .
لاحظت جلنار نظراتها فمدت يدها بتلقائية إلى بطنها تحتضنها بكفها وأصابعها لتسمع صوت أسمهان وهي تقول بنبرة صوت لا تحمل أي ضغينة أو حقد :
_ خلي بالك من نفسك ومنه .. أن شاء الله يكون هو ولي العهد لعدنان
جلنار بخفوت :
_ ان شاء الله !
تابعت أسمهان كلامها بصدق وأسى :
_ عدنان بيحبك بجد ياجلنار .. هو عمره ما وقف قصادي عشان فريدة رغم أنه كان بيحبها برضوا .. بس إنتي مختلفة وهو أثبت للكل حبه ليكي .. وعدنان لما بيحب حبه بيكون جمييل أوي صدقيني وبيبقى مستعد يعمل أي حاجة عشان الشخص اللي بيحبه .. متخسرهوش وارجعيله هو عمره ما كان متمسك بحد زي ما هو متمسك بيكي .. فريدة كسرته وجرحته وانتي الوحيدة اللي تقدري تعالجيه .. متكونيش إنتي جرح جديد يتفتح في قلبه .. واسمحيله يقرب منك هو كمان ويحبك ويداوي جروحك .. انتو الاتنين اتخلقتوا لبعض !
شردت جلنار بكلماتها ما بين دهشتها من أنها تسمع كل هذا من أسمهان وبين تفكيرها فيما قالته .. وبعد ما يقارب خمس دقائق دخلت هنا وخلفها الخادمة التي تحمل صينية الطعام فوق ذراعيها وبعد الحاح الصغيرة وافقت أسمهان على تناول العشاء معها ! …
***
بعد مرور ساعات طويلة تحديدًا في تمام الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل .. كانت جلنار كامنة في فراشها وبجوارها ابنتها تلعب بألعابها في انسجام تام .
أناملها تتحسس بطنها مبتسمة بحنو وتارة يشرد عقلها به وتارة بكلمات أسمهان .. حتى فجأة قذفت بذهنها ذكرى مميزة لهم لن ينساها عقلها مهما مر الزمن عليهم ! .
قبل أربعة سنوات ونصف ……..
خرجت من الحمام وهي تحدق باختبار الحمل مدهوشة .. تحدق بالشرطتين وابتسامتها السعيدة تزين وجهها الجميل .. شعرت للحظة بأن قدماها لا تحملانها من شدة الصدمة فجلست على الأريكة المقابلة للفراش ووضعت الاختبار بجوارها وجعلت تحدق أمامها في اللاشيء بابتسامة واسعة .
ثواني معدودة ووجدت باب الغرفة ينفتح ويدخل هو .. لم تنظر له وبقت على وضعها كما هي عيناها ثابتة على اللاشيء ومبتسمة حتى أنها لم تنتبه لصوته وهو يهتف بحيرة من حالتها :
_ مالك ؟ … جــلـنــار !!
عندما لم يحصل على إجابة منها اقترب وقبل أن يجلس بجوارها انتبه لذلك الشريط الأبيض الطويل الموضوع بجانبها .. ضيق عيناه بريبة وانحنى لكي يلتقطه ويتفحصه بنظره .. هو يعرف جيدًا أن ذلك الشريط هو اختبار للحمل .. فراح يحدق بالشرطتين داخل الاختبار بعدم فهم لكن لا إراديًا شعر بنبضات قلبه تسارعت قلقًا واملًا بنفس الوقت .. وعيناه تتنقل بينها وبين الاختبار وتلقائيًا عقله ربط ابتسامتها بنتيجة الاختبار .. فعلت شفتيه ابتسامة غير مصدقة هو الآخر ثم انحنى أمامها يجلس القرفصاء ممسكًا بالاختبار ويسألها بعينان لامعة وصوت مرتجف من فرط القلق :
_ جلنار الشرطتين دول معناهم إيه ؟
طالعته فقط بابتسامة ساحرة فأمسك بيديها وهتف بسعادة غامرة :
_ حمل صح ! .. ردي عليا حمل ولا لا ؟
أماءت له بالإيجاب تؤكد سؤاله وتعطيه البشارة الذي طالما كان ينتظرها منذ سنوات وقد تحققت أخيرًا .. هيمن عليه السكون المريب للحظات ورأت في عيناه لمعة دموع لأول مرة تراها وسط ابتسامة شفتيها التي تشق طريقها لتملأ ثغره كله .
فجأة وجدته يضمها إليها وشفتيه تتنقل بعشوائية على طول وجهها وشعرها .. في تصرف لا إرادي وصادق منه بسبب سعادته المفرطة .. ثم توقفت شفتيه وعانقها بذراعيه في حميمية ودفن وجهه بين خصلات شعرها ورقبتها لتسمع ” آه ” انطلقت من شفتيه لن تنساها أبدًا .. تأوهًا يحمل عبء سنوات من الشوق والحنين واليأس و الرغبة .
عدنان بصوت يحمل بحة رجولية مميزة :
_ آااااه .. أخيرًا اللهم لك الحمد لله والشكر يارب .. الحمدلله .. الحمدلله
ابتسمت بسعادة لسعادته الغير متوقعة .. فلم تكن تعتقد أنه سيفرح لهذه الدرجة خصوصًا بوضع علاقتهم وحبه لفريدة .. فابتعدت عنه جلنار ببطء وسألته بتأكيد وعدم استيعاب :
_ هو إنت فرحان بجد ياعدنان ؟
ابتسم على سؤالها ثم رفع أنامله ومررها فوق خصلات شعرها برقة هامسًا في نبرة مختلفة :
_ عارفة أنا ليا سبع سنين بتمنى الطفل ده .. وإنتي حققتيلي الأمنية دي وبفضل ربنا كلها كام شهر واشيل ابني بين ايديا واشم ريحته وابوسه .. معقول تفتكري مش هكون فرحان .. ده انا طاير من الفرحة ومش مصدق
ملامح وجهها لم تتغير فقط ابتسامتها زادت اتساعًا وارتبكت قليلًا حين وجدته يقترب بتريث ويطبع قبلة فوق جبهتها هامسًا في امتنان ومشاعر نقية وسامية :
_ شكرًا ياجلنار .. شكرًا

 

عودة للوقت الحاضر ……..
انتفضت في جلستها بفزع وعادت لواقعها عندما أصدرت ابنتها صوت مرتفع بأحدى العابها .. فرمقتها مبتسمة بحنو أمومي ثم مالت عليها ولثمت شعرها مطولًا بعمق .. وشردت قليلًا بعقلها تتخيل ردة فعله ماذا ستكون إذا كانت أخبرته بحملها الثاني بنفسها .. بالماضي لم يكن يحبها أو يكّن لها أي مشاعر عشق وكانت ردة فعله غير متوقعة .. فياترى كانت ماذا ستكون الآن وهو يعشقها حد الثمالة ؟!! .
ابتعدت عن صغيرتها واقترحت اقتراح وهي تبتسم برقة :
_ هنون إيه رأيك نكلم بابي video face to face
فردت الصغيرة ذراعيها ورفعتهم لأعلى تصيح بفرحة وحماس :
_ yesss .. تعيش مامي
قهقهت جلنار بصوت مرتفع ثم مدت يدها والتقطت هاتفها لتفتح أحد مواقع التواصل الاجتماعي المشهورة وتجري مكالمة ( فديو ) معه .. ثم تعطي الهاتف لابنتها حتى تتحدث هي مع والدها .. وبعد وقت طويل نسبيًا من الانتظار وسمعاهم للرنين المستمر انفتحت الكاميرا أخيرًا .. فانطلقت صيحة عالية من هنا مدهوشة وهدرت وهي تخفي ضحكتها الخجلة بكف يدها :
_ بابي عيييب !!
ألقت جلنار نظرة على الهاتف من بعيد دون أن تظهر بالشاشة فرأته عاري الصدر ويرتدي بنطال فقط وبيده منشفة صغيرة يجفف شعره المبتل بالمياه وكان يضع الهاتف على الفراش ويظهر في الكاميرا بجسده كاملًا .. وبعد جملة ابنته وجدته يضحك بقوة ويمسك بالمنشفة الأخرى التي بيده يضعها فوق صدره العاري يقول مازحًا بضحك :
_ هو في حد يتصل في الوقت ده برضوا ياهنا .. مش تديني إنذار الأول حتى عشان البس !
انفجرت الصغيرة ضاحكة بشدة على وبجوارها جلنار كانت تكتفي بالابتسامة خشية من أن تضحك ويسمع صوتها .. لتسمع صوته وهو يمسك الهاتف ويوجهه إلى وجهها فقط هاتفًا :
_ وحشتيني ياهنايا
ردت الصغيرة برجاء :
_ تعالى يابابي دلوقتي
_ لا دلوقتي مش هينفع ياروح بابي .. بكرا الصبح ان شاء الله هجيلك واخدك معايا الشركة كمان إيه رأيك
هنا بصيحة سعيدة :
_ هييييه .. أنا بحبك يابابي
_ وأنا بعشقك ياحياة بابي كلها
تابع بعد لحظة من الصمت يسألها بترقب :
_ مامي جمبك
هزت بالإيجاب ومالت بالهاتف نحو جهة أمها حتى تظهر بالكاميرا .. فطالت نظرته إليها بصمت ثم تمتم بخفوت :
_ عاملة إيه ؟
جلنار بصوت هاديء :
_ كويسة الحمدلله
ترددت كثيرًا قبل أن تتفوه بجملتها التالية وقررت في النهاية أنها لن تقولها لكن فشلت في كتم لسانها الذي تحدث بدافع الاهتمام والقلق :
_ الجو برد متقعدش كدا والبس هدومك ، ممكن تتعب
لوى فمه بغيظ ورد في مستنكرًا :
_ فارق معاكي أوي يعني !
أشارت بنظرها على هنا التي تجلس بجوارهم وتسمعهم فتمتمت في لهجة حازمة حتى لا يتابع كلامه امام مسامع ابنتهم :
_ احم .. خدي ياهنون كلمي بابي
ابتسم مغلوبًا ثم تابع كلامه مع ابنته وكان حديثهم يغلفه الضحك والمرح .. لتستمر المكالمة لدقائق طويلة حتى وضع هو رأسه على وسادة الفراش الفارغ من زهرته وانهى الاتصال بعد أن غلبه النوم وعيناه بدأت تنغلق من تلقاء نفسها .
أعطت هنا الهاتف لأمها وتمددت هي الآخرى فوق الفراش تضع رأسها فوق الوسادة ممتثلة لأوامر والدها قبل أن ينهي المكالمة عندما قال لها أن تخلد للنوم .. فابتسمت لها جلنار وتسطحت بجوارها ثم أطفأت ضوء الغرفة ونامت معها …..
***
بصباح اليوم التالي ……….
فتحت زينة الباب الخلفي للسيارة ووضعت به جميع الأكياس الممتلئة بتسوقها المختلف في جميع المحلات وأغلقت الباب بعد ذلك .. ثم فتحت الباب الأمامي واستقلت بالمقعد المجاور له لتسمعه يتأوه بصوت منخفض فتقول ببرود كاتمة ضحكتها :
_ مالك ياهشام ؟
هشام بقرف وغيظ :
_ مليش رجليا بس اتشلت من كتر اللف
كانت ستنطلق منها ضحكة عالية لكنها كتمتها بصعوبة وردت عليه في إشفاق :
_ لا متقولش كدا بس .. بعد الشر عليك هو أنا ليا مين غيرك بس ياهشومتي
رمقها بطرف عيناه وابتسم ثم قال بمكر :
_ المفروض اتثبت يعني بعد هشومتي دي مثلًا !
زينة بدلال ضاحكة :
_ كلك نظر يابيبي
هشام بضحكة مغرمة :
_ ماشي يازينة فداكي مع إني عارف إنك صمتتي اروح أنا معاكي انتقامًا مني عشان خناقتنا من يومين
أشارت على نفسها بسبابتها تتصنع الصدمة والبراءة مجيبة :
_ أنا لا طبعًا .. أنا لا يمكن أعمل كدا أصلا
_ لا والله .. امال مرضتيش تاخدي صحبتك وتطلعي إنتي وهي ليه
زينة بسخط مزيف حتى تخفي حقيقة نواياها الشريرة :
_ عشان كنت عايزة تروح إنت معايا .. ده جزاتي يعني إني حابة تكون معايا في كل حاجة قبل كتب كتابنا .. ولا قول بقى إنك من اولها زهقت مني ومليت ومش مستحملني ولا عايز تخرج معايا .. قول متخفش ما أنا فهمتك خلاص أصـ……
صاح بها يسكتها عن الكلام بصوته الرجولي :
_ بـــس إيه العبط ده .. زهقت ومليت إيه إنتي هطلة يابت

 

 

زينة مغتاظة محاولة التهرب بأي طريقة من زواجهم الذي سيكون بعد أيام معدودة :
_ متغلطش فيا لو سمحت .. أنا كنت بقول من الأول أصلًا إن موضوع كتب الكتاب علطول ده مينفعش .. شوفت ادينا مش متفقين مع بعض يبقى نخليها خطوبة الأول ونأخر كتب الكتاب .. خلاص هي خلصت على كدا مفيش جواز ياهشام
التهبت عيناه وتحول إلى وحش مفترس فور تفوهها بتلك الكلمات .. حيث وجدته يجذبها من لياقة قميصها إليه ويقول مغتاظًا بعصبية :
_ قولي بقى إن كل اللي بتعمليه ده عشان نلغي كتب الكتاب .. طب إيه رأيك هيتم يازينة عند فيكي .. ومتحطيهاش في دماغي وتستفزيني احسن اقسم بالله اخدك دلوقتي على المأذون عدل واكتب عليكي .. قال خلصت قال !!
زمت شفتيها بيأس وقالت مغلوبة :
_ إنت قلبك قاسي ومعندكش رحمة على فكرة
غضن حاجبيه مستنكرًا جملتها ثم سألها بلهجة صارمة ومنزعجة حقًا :
_ زينة هو إنتي مش عايزة تتجوزيني بجد ولا إيه ؟! .. لو مش عايزة قولي وإنتي عارفة إن أنا لا يمكن اقبل …..
كتمت على شفتيه بكفها تمنعه من استرسال حديثه السخيف وقالت بضيق :
_ إيه اللي بتقوله ده ياهشام .. لا طبعًا عايزاك وبالعكس فرحانة أوي كمان .. هو أنا لو مكنتش عايزة كنت نزلت ولفيت واشتريت كل الحجات دي معاك
لانت حدة ملامحه وهدأت عاصفته ليقول بخنق :

 

_ امال مش عايزة نكتب كتب الكتاب ليه ؟!
اعتدلت في جلستها وشبكت أصابعها ببعضهم وراحت تفركهم بتوتر وتجيبه بخجل دون أن تنظر إليه :
_ لا عايزة .. بس بصراحة متوترة ومكسوفة شوية وعايزة أجله بأي شكل .. يعني مهما كان كتب الكتاب بيكون ليه هيبة مختلفة
ثم سكنت للحظة وتابعت بسرعة في استحياء شديد :
_وبصراحة كدا خايفة منك .. عشان إنت هتستغل إن اتجوزنا
قهقه بقوة وأجابها ببراءة مزيفة وحزن :
_ خايفة مني أنا برضوا .. أخص عليكي ياحبيبتي ده أنا هبقى جوزك حتى في واحدة تخاف من جوزها
زينة ساخرة منه بوجنتين يغمرهم اللون الأحمر :
_ ياسلام صدقت أنا كدا لما عملتلي نفسك بريء .. يعني مش هتعملي حاجة ؟!
اكمل ضحكة ثم تابع مشاكسته بنظرة مذيبة للعقل :
_ أبدًا .. أنا بس كل يوم هاجي عندكم البيت واخدك في حضني واطبطب عليكي لغاية ما تنامي وبعدين امشي
ضربته في كتفه مغتاظة وردت مبتسمة بعدم حيلة منه :
_مستفز .. طيب يلا اتحرك بالعربية عشان ماما مستنيانا في البيت ولو اتأخرت عليها هتبهدلني
ارسل لها غمزة لئيمة بعيناه وسط بسمة ثغره الجذابة التي جعلتها تصبح كحبة الكرز الأحمر واشاحت بوجهها بسرعة للجهة الأخرى بعيدًا عنه .. بينما هو فضحك وحرك محرك السيارة لينطلق بها متجهًا إلى منزلها ( منزل خاله ) .
***
داخل منزل نشأت الرازي ………
هتف نشأت بضيق وغضب بسيط :
_ يعني إيه رديتها ياعدنان !!!
عدنان ببرود تام :
_ يعني رديتها فيها إيه دي مش مفهوم يا نشأت .. مراتي ورديتها لعصمتي
_ وإنت مش طلقتها وكنتوا متفقين على الطلاق وقولت إنك مش هتجبرها عليك واللي هي عايزاه هيتم
تنهد عدنان الصعداء مطولًا وقال بخفوت وضعف يظهره أمام نشأت لأول مرة :
_ حصل .. بس غيرت رأى بعد كدا وأدركت غلطي .. هي غلطانة ومكنش ينفع اهاودها في الغلط من البداية واسمح بفراقها عني هي وولادي
سكت لثانية ثم تابع بصدق ملحوظ في نبرته ونظرته :
_ أنا بحب مراتي ومش مستعد اخسرها .. واعتقد إنك هتفهمني يانشأت
لانت ملامح نشأت المتشنجة ثم رمقه بنظرة مترقبة وسأل في صرامة :
_ وفريدة إيه علاقتك بيها ؟!
عدنان بعدم فهم واستنكار :
_ نعم !!!
نشأت في غضب :
_ جلنار شافتك وإنت داخل عندها الشقة !
هيمن عليه السكون الممتزج بدهشته .. وبعد برهة من التفكير توقع سبب كل ما فعلته وشكها به بأنه لا يحبها ومازال يكن الحب لزوجته السابقة .. تلك الحمقاء هدمت كل شيء وفرقت بينهم فقط من أجل ذلك ودون أن تسأله حتى ماذا كان يفعل هناك ! .
ابتسم بسخرية ورد في غيظ :

 

_ هي عملت كل ده عشان شافتني عندها !! .. طبعًا متعرفش إن أنا روحتلها عشان اسلمها للبوليس بنفسي وإن الشرطة جات لغاية عندها البيت واخدتها منه قدامي
كان نشأت على وشك أن يجيب عليه لكن صوت الصغيرة هنا خارج الغرفة بالضبط وهي تحدث أمها قائلة :
_ ادخلي يا مامي ده بابي وجدو اللي جوا !!!
جعلت الأجواء يهيمن عليها الصمت القاتل من الجميع سواء من نشأت وعدنان بالداخل أو جلنار بالخارج !! …..
………. نهاية الفصل ……..

 

اترك رد

error: Content is protected !!