روايات

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الثالث و السبعون 73 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام الفصل الثالث و السبعون 73 بقلم رحاب إبراهيم حسن

رواية قلبي و عيناك و الأيام البارت الثالث و السبعون

رواية قلبي و عيناك و الأيام الجزء الثالث و السبعون

قلبي و عيناك و الأيام
قلبي و عيناك و الأيام

رواية قلبي و عيناك و الأيام الحلقة الثالثة و السبعون

~… السر ورد ..~
مرت دقائق على مشاكسة الشباب الأربعة ومزاحهم، ثم تحرر يوسف منهم وقال بحماس:
_ ارتحنا بقا شوية من استقبال المعازيم في النهار، نبدأ بقا نستعد عشان نهيص شوية دلوقتي ..
قال رعد وقد بدأ يشعر بصداع الرأس:
_ والمفروض هنسافر بكرة بدري عشان نكمل يوم الحنة في بيت جدي وبعد بكرة الفرح!! .. ده أنا من دلوقتي وصدعت !
سخر جاسر وقال بضحكة:
_ من أولها كده صدعت ! … اللي يشوفك يوم كتب الكتاب وأنت عينك يمين وشمال بدور على رضوى ما يشوفكش دلوقتي !
رد رعد عليه بابتسامة بها طيف غيظ:
_ وايه علاقة رضوى بالصداع يا انسان يا غتت !
حثهم يوسف على بدء الاستعداد وقال:
_ يلا بقا زمانهم مستنينا!!
وبالفعل بدأ الشباب يستعدوا لبدء ليلة الحناء على طريقة أهل الريف في استقبال الأهل والجيران مع مظاهر البهجة والافراح ورقص الخيل على صدى الدفوف.
************
سحب وجيه نفسه من وسط الجمع والزحام للرجال ووقف في مقدمة منزل العمدة، ثم هاتف ليلى في مكالمة سريعة وقد أزعجه صوت الدُفوف العالية بعض الشيء، فأجابت ليلى بصوتٍ ظهر عليه اللهفة:
_ استنيت مكالمتك بفارغ الصبر، اتصلت بيك العصر كذا مرة بس مارديتش !
نمّت بصوته رمة اعتذار وقال:
_ معلش يا ليلى ماسمعتش الفون خالص، أنا من الصبح مع العمدة وأهل البلد وفي دوشة حواليا مخلتنيش انتبه لأي اتصال، بس بصراحة الليلة دي كانت نقصاكي أنتي وريمو ..
ابتسمت ليلى وقالت ببهجة:
_ حصل خير ومتعوضة، ما انتوا هترجعوا بكرة بأذن الله وهنحتفل تاني بالحنة هنا … بلّغ البنات وامهم باعتذاري تاني بس أنت عارف ظروف بابا مقدرش اسيبه في الوقت ده.
تفهّم وجيه عذرها وقال:
_ البنات وأمهم متفهمين جدًا موقفك متقلقيش، المهم والدك عامل ايه النهاردة ؟
نظرت ليلى لوالدها النائم في هدوء وقالت مبتسمة:
_ هو نام اغلب اليوم النهاردة، كأنه ما نمش من فترة طويلة رغم أنه كان في غيبوبة !، بس أنا مبسوطة عشان حسيته اهدى من امبارح وبيرجع لطبيعته يوم عن يوم .

أجابها بارتياح:
_ طب الحمد لله، هيتحسن لحد ما يقوم بالسلامة بأذن الله قريب، بس زي ما اتفقنا ما تتكلميش معاه كتير ولا تفتحي أي مواضيع دلوقتي خالص ..
قالت ليلى وهي تربت على رأس ابنتها النائمة على صدرها بسكينة واطمئنان:
_ عملت زي ما قولتلي بالضبط، وفعلًا حسيت أن كده أفضل، هو مش حمل أي ضغط تفكير دلوقتي …
نظر وجيه حوله ليتأكد أن لا أحد يستطيع سماعه وهمس بابتسامة ماكرة:
_ تعرفي أني للحظة اتمنيت لو كان ده يوم حنتنا أنا وأنتي ! … بجد ياريتك كنتي معايا النهاردة بالذات…
ابتسمت ليلى بمحبة شديدة وقالت بصدق:
_ يمكن مظاهر الافراح بتبقى مبهجة وجميلة وبتفرح كده، بس مش كفاية عشان الفرحة توصل لقلوبنا!، يوم فرحنا على قد بساطته بس بالنسبالي بعمري اللي فات كله … !
مش كل اللي بتلبس أبيض بتكون مبسوطة يا وجيه ! …
رد عليها بابتسامة واقتناع تام لما تقوله:
_ عندك حق يا ليلى، عندك كل الحق، أنا لما اتجوزت جيهان عملت فرح كبير ومعازيم وضجة، ورغم كل شيء مكنتش فرحان نص فرحتي يوم فرحنا أنا وأنتي ! … مكنتش فرحان أصلًا !
اغمضت ليلى عيناها وهي مبتسمة وسارحة فيما يقوله، وفجأة وجدت صغيرتها تعتدل من نومها وتتحسس يدها حتى استطاعت سحب سماعة الهاتف منها وقالت بعبوس :
_ بابا وجيه وحشتني أنت وكنافتي وكلكم كلكم .. كده تسيبو ريمو لوحدها؟!
تفاجأ وجيه من صوت الصغيرة واتسعت ابتسامته قائلا:
_ على ما تصحي بكرة الصبح هنكون عندك يا حبيبتي، بس هخلي يوسف يكلمك دلوقتي ..
اتسعت عينان ليلى وهي تحملق في صغيرتها ودهشت من استيقاظها فجأة ! … وحمدت أنها لم تنغمس في الحديث مع زوجها والصغيرة منذ البداية تبدو نصف نائمة !
ابتسمت ريميه ببهجة وقالت:
_ ماشي هستناه، قولك وقولهم أني بحبكم.
ضحك وجيه على كلماتها البريئة ثم قالت الصغيرة لأمها:
_ خدي كلمي جوزك تاني وصحيني لما كنافتي يتصل…!
تسمرت ليلى لها فاغرة فاها ولكن الصغيرة قد خلدت للنوم بالفعل، وهنا سمعت ليلى صوت وجيه وهو يضحك عاليًا فقالت له بالهاتف وهي تبتسم بالتدريج:
_ معرفش جابت اللماضة دي كلها منين !
تمالك وجيه نفسه من الضحك واجاب :
_ يوسف طبعا! …. طب ده أقل واجب !
همس وجيه لها بكلمات رقيقة شاعرية جعلتها تسرح من جديد وتغمض عيناها، فهمست الصغيرة وهي شبه نائمة:
_ كنافتي اتصل ؟!
فتحت ليلى عيناها فجأة وللحظة شعرت بالغيظ من صغيرتها، ولكن عادت مبتسمة بمرح ومررت يدها على رأسها بحنان قائلة:
_ لما يتصل هخليكي تكلميه …
استمع وجيه للحوار الدائر بين ليلى وابنتها فقال لها بعد ذلك :
_ دقايق وهخلي يوسف يكلمها يا ليلى …
واغلقت ليلى الهاتف في انتظار مكالمة يوسف … حتى اعتدلت الصغيرة وقالت وهي تفرك جفنها بكسل:
_ عطشانة !
نهضت ليلى ونظرت لزجاجة الماء المعدنية فوجدتها فارغة تقريبًا، فقالت :
_ هروح اجيب ماية عشان لو حد عطش بليل .. خليكي هنا على ما ارجع ..
رفضت الصغيرة وقالت:
_ لأ استني لما يوسفي يتصل عشان تفتحيلي التليفون.
اضطرت ليلى للانتظار حتى ارتفع رنين هاتفها وأجابت عليه، فقال يوسف ويبدو أنه يقف وسط زحام شديد:
_ ريمــــــوو …. وحشتيني بكل اللغات.
وضعت ليلى الهاتف بيد صغيرتها التي رفعته مباشرةً الى اذنها وقالت بضحكة طفولية :
_ يوسفي كنافتي ..
ابتسمت ليلى لضحكات صغيرتها ثم قالت بصوتٍ خافت:
_ هروح أجيب ماية خليكي هنا ما تتحركيش …
وهزت الصغيرة رأسها ايجابًا، ثم عادت تتحدث مع يوسف عبر الاتصال …
قال يوسف وهو يقف مع الشباب ينظرون لرقص الخيل على المزمار البلدي، وبجهة أخرى يوجد رجل يتحدث في ميكرفون تقليدي ويعلو صوته باسماء المدعويين مكررا الاسم عدة مرات وبترحيب حار:
_ خليكي معايا على الفون كده لحظة …
قالت الصغيرة باستفسار وتعجب:
_ رايح فين ؟!
قال يوسف بمرح :
_ هسمعك اسمك في الميكرفون …أي نعم محدش عارف مين ريمو بس هنعرفهم … استني ..
همس يوسف للرجل واخبره بالأمر، ونظر له الرجل باستغراب ولكنه لبّى الأمر وكرر اسم الصغيرة ريميه عدة مرات، فضحكت الصغيرة بسعادة وكادت أن تقفز من الفرحة وهي تسمع اسمها يتردد بهذا الشكل …
نظر الشباب لبعضهم ثم انتشرت بينهم الضحكات والبهجة لما فعله يوسف ويبدو شيء صغير، ولكنهم يعرفون أنه بالنسبة للصغيرة ريميه أكبر الأشياء …
ركضن الفتيات الاربعة عبر النافذة عندما سمعوا اسم ريميه يتكرر ويتردد، ومع تعجب النسوة بالأمر إلا أن الفتيات ابتسمن بمحبة واشتياق للصغيرة …
ضحك يوسف بثقة وهو يعود يحدث الصغيرة بالهاتف وقال:
_ شوفتي بقى عملت ايه ؟! …
صاحت الصغيرة بضحكة عالية وقالت وهي تشير بيدها :
_حبك يا كنافتي قـــــــــد كده …
ارتجفت جفون الجد “عبد العزيز” من صوت صياح الصغيرة المزعج لغفوة نائم، ثم نظر لها بنظرة غاضبة لم ترها هي ، ولكنه بالتدريج بدأ يبتسم وهو يرها بتلك السعادة والكلمات العفوية المضحكة التي تقولها للمتصل …. ولكن من هي تلك الصغيرة؟! … ولمَ هي هنا ؟!
تلك كانت اسئلته لنفسه بصمت تام !!
كل ما كان يتذكره هو والده فقط … كأن جزءً كبير من ذاكرته قد محت وتم إزالتها اجباريًا !! ….
*************
أتت ليلى بزجاجتين من المياه المعدنية واطعمة خفيفة وحلوى لصغيرتها، ثم استدارت من أمام المقصف بالمشفى وتوجهت عبر الممر الطويل الفارغ…. وفي سيرها تشممت رائحة نفذت لأنفاسها باقتحام … تلك الرائحة كانت عبارة عن رائحة مشروب مغلي اعشاب محددة تفتعل تلك الرائحة النفاذة!!
ابتلعت ليلى ريقها بدقات قلب تتسارع فجأة …
وللحظة شعرت وكأنها تريد الهرب من شيء مجهول ! ..
هل يُعقل أن رائحة تسبب لها كل هذا الخوف ؟!
تسارعت خطواتها عبر الممر بجسد يرتعش بقوة حتى كاد ما بيدها من مياه وطعام أن يسقط ! …
ولكن فجأة ارتعدت بجسد تجمد مكانه لا يقو على الحركة عندما سمعت صوت به بحة مميزة ولهجة ريفية يقول:

_ ست ليلة …
سقط ما بيد ليلى وانتابتها رجفة شديد ، حتى هتفت المجهولة من جديد:
_ فكراني مُت ودفنت سرك وسر أختك معاي! …
استدارت ليلى ووجهها أصبح شاحبا كالأموات، ثم انتفضت بهلع وبدأ التشنجع يقتحم جسدها وهي تنطق بذعر وحروف لا تجمع كلمة كاملة وهي تنظر للمرأة التي لا يظهر منها سوى عينيها المكحلتين بالاسود:
_ و … و..رد!
أخرجت ورد من بين ثيابها سكينة ملتمعة الحد، فزعت ليلى عندما رأت اشباح ضبابية تطوف أمامها وكأن رجل يقطع جسد امرأة بسكينة مشابهة … هزت ليلى رأسها بهلع وبدأت في الصراخ بهستيريا حتى سقطت مغشيًا عليها ..
*********
أعطى الصبي نعناعة عصيان خشبية تستخدم لرقص التحطيب
إلى الشباب وأشار لجاسر :
_ مين يتحداني في التحطيب …
مسك جاسر عصاه الخشبية باحكام ثم قال بابتسامة ثقة:
_ ده انت ما تعرفنيش بقا ! …
قال يوسف بضحكة:
_ خاف منه ده حافظها من على النت وهيبهدلك ضحك!
نظر له جاسر بسخرية ثم ذهب مع الصبي وبدأ باستعراض الرقصة ، والغريب في الأمر أنه بدا محترفاً!!
مرر يوسف يده على ذقنه بتفكير وقال:
_ هتبقى جامدة أوي العصاية دي وهي نازلة عليا ! …
ضحكا عليه الشابان الآخران ومرت عدة دقائق ابرز فيهما جاسر والصبي مهارة ملحوظة في رقصة العصا والتحطيب، ثم قال جاسر وهو يقترب ليوسف بابتسامة واثقة عريضة بعدما انتهى :
_ ما اسمعش صوتك لشهر جاي !
وكاد أن يرد يوسف بمرح حتى لمح جاسر عدوه اللدود ” نبيل” الذي بموقف قديم مشابه كاد أن يحطم فك اسنانه … واقترب منهم نبيل بنظرة حقد شديدة وبيده عصا قوية ثم قال بثقة:
_ بتحطب كويس، بس مش احسن مني ! …
وانتظر جاسر تحديدًا بالمساحة الخاصة للرقص … فهمس الصبي للشباب وقال بتحذير:
_ بلاش ! … غير أنه فعلًا شاطر فيها بس هو غشيم وناوي على نية سودا شكله ! … بلاااش !
ورد جاسر وهو ينظر لنبيل باستهزاء وازدراء:
_ مش معايا، بس حلوة الفرصة دي كنت مستنيها من زمان.
حاولوا الشباب ردع جاسر عن الدخول بشجار حقيقي ظاهره مشاركة المرح، ولكن جاسر لن يكن ليهدأ الا بعدما يلقن هذا الغبي درسا يجعله لا يفكر بعائلة العمدة مرةً أخرى …
وعندما اقترب شهقت جميلة من نافذة الغرفة وودت لو تصرخ وتمنع جاسر قبل البدء، ولكن تدخلها بوسط الرجال سيسبب له ولها حرجا كبير ….
وتوجهت جميع الأعين على الثنائي الذي ينظران لبعضهما بنظرات شديدة العدائية ويلتفان بدائرة للبدء …
وود نبيل لو سقطة عصاه العنيفة لتشق رأس جاسر، ولكن جاسر رفع يداه بعصاه وتفادى الضربة بمهارة وثبات …
ثم صوب له عدة ضربات عنيفة أيضا ونبيل تفادئ أيضا رغم أن هناك ضربة كادت أن تصيب كتفه !
وبدأ الناس يلاحظون أن الأمر أخذ أكثر من مجرد رقصة ! …بل أنه أقرب لشجار غير مُعلن ! … وانتبه جاسر لشرخ حدث بعصاه!، وصرّ على اسنانه بغضب وغيظ من ذلك الأمر … فإن لم تخونه قوته فستخونه تلك العصاه الضعيفة …!
اقترب وجيه لهما وهتف فيهما بعنف شديد حتى توقفا الاثنان ناظران له، وصوب وجيه نظرة غاضبة طويلة لجاسر قبل يقول بحدة:
_ مش وقت لعب يا جاسر ، عايزك في حاجة مهمة ..
تنفس الشباب الصعداء ويبدو أن الجد راقب المشهد من غرفته العلوية حيث استأذن ليستريح من عناء اليوم وهاتف وجيه لينقذ الموقف قبل أن تحدث كارثة محتملة !
وتمتم نبيل باستهزاء فرمقه جاسر بغضب وانقض عليه بلكمات عنيفة جعلت انف نبيل يسيل منه بالدماء … وجذبه الشباب بصعوبة وهو يفر منهم ليعود لذلك الحاقد …
جذب وجيه جاسر من ياقته للداخل بهتاف وبتوبيخ شديد وبمنزل العمدة وقف أمامه غاضبا :
_ أنت غبي ومش بتفكر لحظة قبل ما تتهور !
رد جاسر بغيظ شديد:
_ لو أنت مكاني كنت عملت اكتر من كده يا عمي ! .. انت ما شوفتش قال ايه ؟! … ليه شتمتني قدامهم ليه ؟!
رد يوسف بعصبية على جاسر :
_ عمي كان لازم يعمل كده عشان يشيل الحق من عليك يا فالح ! …. المفروض أن ده ضيفك !
قال وجيه محاولًا التحكم بعصبيته:
_ اهو يوسف رد عليك ! … لو كنت سيبته ومعبرتوش ولا كأنه موجود كان هيبقى أقوى رد، لكنك عملتله قيمة ! … أنت كان ممكن تضر في في الموقف أو هتضره وفي الحالتين كان هيبقى في مشكلة كبيرة ! …
صمت جاسر وهو يتنفس بعصبية ظاهرة ، حتى دلفت جميلة راكضة لجاسر ومعها خالها العمدة قائلا بضيق :
_ لولا اللي عمله عمك معاك يا جاسر كان هيبقى في رد تاني من عيلته، خلتني وانا راجل كبير كده اقف زي العيل الصغير اتحق لكل واحد في عيلته ! …
أخذت جميلة يديّ جاسر تتفحصهما وقالت ببكاء وغضب :
_ يتشل في ايده أبن فاضلة قبل ما يلمسك، وريني ايدك يا جاسر اشوف حصلها ايه !
ابتسم جاسر ببطء لها وتحولت عصبيته للهدوء فجأة …. ثم قال بنظرة ماكرة:
_ أعصابي مش حمل خضتك دي !
كتم الشباب ضحكاتهم، وحاول وجيه أن يخفي ابتسامته ونجح في ذلك ، ثم أخذ العمدة للخارج ليتحدثا على أنفراد ….
وفجأة دلف الجد رشدي وهو يستند على عصاه ويقترب لجاسر ، فقالت جميلة مدافعة عن جاسر لجدها :
_ يا جدي هو ما معملش حاجة ، التاني اللي كان بيعاكسني وحاطتني في دماغه، لو مكنش جوزي يدافع عني ويغير عليا مين اللي هيعمل كده يعني ؟!
أشار جدها لها لتهدأ وقال :
_ يابنتي هو أنا نطقت لسه ! …. ما تسكت مراتك يا جاسر خليها تبطل سرسعة !
نظراسر لجميلة بغمزة وقال بابتسامة واسعة :
_ مراتي تسرسع زي ما هي عايزة .. دي كائن البيوتيفول !
تركت جميلة دموعها وضحكت ! …. ثم قال الجد لجاسر :
_ هو آه أنا مبسوط أنك ضربته وكل حاجة، بس ما تكررهاش تاني وتدخل نفسك في مشاكل انت في غنى عنها !
رد جاسر وقال بجدية :
_ هحاول اهدى مع أني مقابلتش حد زي الغبي ده وخلاني افقد أعصابي بالشكل ده ! … بس هاخد بنصيحتكم ..
انسحب الشباب من الغرفة وقبل أن تذهب جميلة قال جاسر بابتسامة :
_ تصبحي على خير يا مصدر مشاكلي !
كتمت جميلة ضحكتها وهي تغادر الغرفة …. وخرج الجد اخيرًا بعدما تحدث مع جاسر لبعض الوقت …

*********
وعند ساعات الفجر ….
فتحت ليلى عيناها ببطء وتفاجآت بوجود مروة بجانبها ! …. ربتت مروة على رأسها بقلق وقالت :
_ حمد الله على سلامتك يا ليلى …
نظرت لها ليلى بصمت، ثم وكأن ذاكرتها بدأت أن تتمرد عليها وتبصق أقسى الذكريات على شكل أطياف ضبابية مخيفة …. انتفضت ليلى واعتدلت على الفراش الطبي بأحدى الغرف … وقالت بتيه:
_ حصلي ايه ؟! .
ترددت مروة في إخبارها، ولكن لا بد أن تعرف فقالت :
_ أغمى عليكي … بس ما تقلقيش يمكن من الحمل وكده …
نظرت ليلى لها بتيهة ثم قالت بنفي :
_ لا مش من الحمل ، في حاجة حصلتلي …
اقتربت مروة منها وبدأت تستجوبها بلهفة :
_ ها كملي ، حاولي تفتكري يا ليلى ..!
امتلأت عينان ليلى بالألم والحيرة والتشتت، لا تستطيع أن تتذكر … ولا تستطيع أن تنفي أنها رات شيء … والعجيب أنها لا تتذكر تفاصيل الساعات الماضية … كل ما يدور برأسها الآن هو شعور مخيف من شيء غامض يطوف بذاكرتها كالشبح ! …
تنفست مروة بيأس وقالت :
_ للأسف الممر ده الوحيد اللي كاميرته كانت فيها عطل وماسجلتش حاجة … بس طالما انتي حاسة بشيء يبقى قربنا ……
انتفضت ليلى وهي تبدأ بنوبة بكاء وذعر منكمشة على نفسها:
_ أنا مش فاكرة حاجة، بس خايفة ومرعوبة من حاجة! …. المرة اللي فاتت مكنتش مرعوبة كده !! .. حاسة كان شيء عايز يخنقني ! …
ربتت مروة على كتفها بلطف وفضلت الصمت …

 

 

 

وبغرفة في بيت العمدة وتحديدًا في ساعة قبل الفجر ….
نهض وجيه منزعجاً من عدم استطاعته النوم وها قد وصل الوقت قرابة الفجر!
ستكون الأيام المقبلة كثيرة المهام والترتيبات للزفاف ولابد أن يريح جسده لبعض الوقت حتى يستطيع التركيز بكافة الأمور .. تنهد بعمق وادرك أن ما يؤرق مضجعه هو اشتياقه لحبيبة القلب ليلى ..
انتبهت جيهان لحركة بالفراش وعندما فتحت عيناها وجدته جالسا ويسند ظهره على وسادة ويبدو شارد الفكر …
اعتدلت بكسل وانسدل شعرها الأشقر على كتفيها ثم نظرت له بنصف عين وقالت:
_ ارتاح شوية يا وجيه احنا كلها ساعتين ونحضر نفسنا للسفر !
لم يلتفت لها، ولكنه أجاب بتمهل:
_ مش جايلي نوم يا جيهان، نامي أنتي وهبقى أصحيكي.
زمت شفتيها بتنهيدة ثم قالت بشبه اعتذار:
_ أنت زعلان مني عشان محضرتش الحنة ونمت طول النهار صح ؟! .. والله كان عندي صداع فظيع خدتله مسكن ومعرفش نمت أزاي كل الوقت ده ! ..
لم يكن هذا على الأطلاق سبب أرقه!، بل أنه تقريبًا لم ينتبه لوجودها في ساعات النهار بسبب أنشغاله مع العمدة وضيوفه، ولكنه لم يشأ أن يجرح مشاعرها بالحقيقة فقال:
_ اكيد مش هزعل منك بسبب كده !! … أنا مش عارف ليه حاسس بخنقة ومش مرتاح !
ارجعت جيهان ذلك لوجوده بمكان يعتبر غريب عنه فقالت بتفهم:
_ عشان مش بترتاح غير في بيتك .. احساس طبيعي ، بس حاول تنام حتى لو نص ساعة بس !
رفع وجيه الوسادة من خلف ظهره وتمدد مرة أخرى محاولًا الخلود للنوم، فابتسمت جيهان وهي تغمض عينيها عندما أخذ حديثها على مجمل الجد، وبالصدفة سحب وجيه هاتفه من على منضدة ملاصقة للفراش ليتأكد من الوقت ولكنه اعتدل جالسا فجأة وهو يرى عدد المكالمات الفائتة من رقم مكتبه بالمشفى !! … لم يطرأ على خاطره شيء سوى ليلى !
فأتصل سريعا على رقمها مباشرة ليطمئن عليها قبل أي شيء، وبتلك الدقيقة كانت ليلى قد خلدت للنوم وتركتها الطبيبة مروة تستريح حتى الصباح دون ازعاج بعدما حدث … وصدفة دخول أحدى الممرضات انتبهت لاهتزاز الهاتف دون صوت !
وترددت الممرضة في الرد خاصةً وهي ترى رقم وجيه واسمه بخلفية الهاتف ! … وترددت أكثر في ايقاظ ليلى والطبيبة قد اكدت والزمت بعدم ازعاجها لأي سببًا كان !
فجأبت الممرضة بتوتر وتصاعد قلق وجيه عندما سمع صوتا آخر وهتف :
_ مين معايا ؟!
أجابت الممرضة بعدما عضت على شفتيها قلقا وتوتر :
_ أنا اسفة يا دكتور وجيه اضطريت ارد عليك عشان ممنوع أصحي مدام ليلى، الدكتورة مروة حذرتنا نصحيها بعد اللي حصل.
اتسعت عيناه على آخرهما برجفة مخيفة وقال بصوت جامدا حاد:
_ حصل ايه لليلى ؟!
روت له الممرضة ما أشيع بالمشفى بالساعات الفائتة وأودى بليلى لأن تدخل بنوبة صراخ مجهولة الأسباب ! .. قفز قلب وجيه تقريبًا من الخوف وهو ينهض من الفراش كأنه لمسه صاعق كهربائي .. وصاح:
_ ايه اللي وصلها لكده ؟! اكيد في حاجة حصلت لليلى خلاها تدخل في الحالة دي !
ردت الممرضة بخوف :
_ محدش قدر يعرف اللي حصل خالص، ولا حتى مدام ليلى قالت حاجة !
كاد وجيه أن يهتف ويتحدث ويصيح، ولكنه تذكر مرضها وأنها محتمل أن تكون قد نسيت تمامًا ما حدث، فزفر بيأس وانهى الاتصال وهو يتنفس بعصبية شديدة وغضب يجعله يود لو يهشم كل ما بالغرفة !
راقبته جيهان بعينان ثابتتان تراقبان أنفعاله و هلعه الذي لا تراه إلا فيما يخص ليلى ! … وقبل أن تتحدث معه وجدته يبدل ملابسه بأقصى سرعة فسألته بغرابة:
_ بتعمل ايه ؟!
أجاب وهو منشغل بارتدائه الملابس الذي جهزتها له جيهان قبيل النوم للأستعداد للسفر مبكرًا :
_ راجع القاهرة دلوقتي .
لم تتعجب جيهان ولم يهتز بعقلها رفة تعجب واحدة ! … يكفي أن يذكر اسم ليلى بأقل خطر حتى تجده بهذه الحالة من الهلع والخوف ! .. فصمتت ولم تجادله، ربما اعتادت على الأمر، وربما رضخت بحقيقة أن كثرة الجدال لا فائدة منه ولا طائل!
ورغم سرعته القياسية في استعداده للسفر ولكنه بدا مهندماً ومرتبا ونظيفا كعادته دائمًا، فسألها وهو يأخذ هاتفه ومفاتيح سيارته من على المنضدة:
_ مش هتيجي معايا ؟
تنهدت بثبات ثم قالت :
_ لأ هرجع مع العيلة، عشان حتى اسلم على العمدة ومراته واتأسفلهم على غيابي امبارح … توصل بالسلامة.
قال بإيجاز قبل أن يخرج :
_ ما تقلقيش حد عليا، قوليلهم طلبوه في المستشفى ضروري واضطر يسافر.
أومأت جيهان بالموافقة، وحالما خرج من الغرفة عادت ممددة ومدثرة بالفراش الدافئ غير مكترثة لأي شيء … فأن كانت تحمل لليلى الاعتذار لما فعلته، فأنها لا تكترث لأكثر من ذلك … وشعرت بموجة من الفتور لكل شيء حولها … شيء كالصقيع أصاب مشاعرها كليًا …
*******

 

 

وبالصباح الباكر … تحديدًا عند الساعة الثامنة والنصف صباحا.
دق الهاتف الخلوى لمكتب فرحة فأجابت برسمية :
_ مع حضرتك …
قال زايد بصوت يبدو به رنة حادة ومنفعلة :
_ تعاليلي المكتب حالًا يا فرحة
سألت وهي منهمكة في انتهاء بعض الملفات :
_ طب ثواني هجيب دفتر المواعيد والملف اللي ..
قاطعها زايد بصوت حانق:
_ مش عايز دفاتر ولا ملفات وقولتلك تعاليلي دلوقتي !
تركت فرحة ما بيدها وقد سمرتها لهجته الحادة التي تعلن عن خطأ فادح لربما فعلته ! … فقالت بتوتر:
_ طب ثواني ..
ونهضت وبعقلها عدة اسئلة ومخاوف وترقب من اوصله لأن يتحدث هكذا !
ودخلت المكتب وكان ينتظرها عند مقدمة مكتبه مباشرةً وبعينيه نظرات انقضاض ! … يكن عدواني أكثر من اللازم عندما يغضب هذا الرجل الغامض !
وتركت الباب مفتوحا على مصراعيه قصدا وكعادتها ، ثم وقفت امامه على بعد خطوات وقالت:
_ ايه اللي حصل وخلاك تكلمني كده ؟!
تنفس زايد بعصبية شديدة ظهرت بانتفاخ عروق رقبته الطويلة جدًا، ثم رماها بنظرات مختلطة بين العتاب والغضب والتساؤل وقال:
_ قولتلك ما توقفيش مع هيثم صح ولا لأ ؟!
أجابت بثبات وثقة:
_ حصل بس انا ما واقفتش معاه تاني من آخر مرة!
أطرق زايد بقبضته على المكتب بعصبية وقال:
_ كان واقف معاكي النهاردة الصبح بيكلمك … ما تكذبيش !
زمت فرحة شفتيها بعصبية من ارتفاع صوته وصب عصبيته عليها دون توضيح الأمر فردت بعصبية :
_ انا مش كذابة لو سمحت! … المرتين اللي لقتني واقفة معاه مكنوش بقصد اني اكلمه! ، يعني أول مرة هو اللي جالي في الحفلة وسألني على فادي، تاني مرة هو برضو اللي جالي وقالي على حكاية سالي ، وعشان المفروض ان الموضوع ده يهمني كان لازم أعرف مين هي سالي دي ! … والنهاردة ما وقفتش معاه هو اللي قرب مني وحاول يكلمني بس مشيت وما سبتلوش أي فرصة … وبعدين هو أنا متراقبة ولا إيه ؟!
ضيق زايد عينيه بلمعة حادة ظهرت فيهما وقال:
_ هيثم اللي قالك على موضوع سالي !! … حسام خبى عني الحكاية دي مع أني كنت شاكك !
لم تدرك فرحة أنها تفوهت بأمر كانت تريد تجنبه لكي لا يزداد الخلاف بين زايد وهيثم، ولكن بالآخير هي مطالبة بتوضيح موقفها الحقيقي ولابد أن تفعل ذلك … فقالت :
_ حسام محبش يوقع بينكم، وأظن ده مش بقصد أنه يخبي ! … وأظن برضو أني لفت نظرك أني مابحبش عصبيتك دي من غير ما تفهم وتسمع ردي ! … أنت مش بتشوف نفسك لما بتكون عصبي بتبقى عامل أزاي ؟!
وخرجت من المكتب وتركته يقف متوترا بضيق، ها هو فعلها مجددًا واغضبها دون أن يترك لها مساحة التحدث !
*********

 

 

جلست فرحة على مقعدها بغيظ، ولكن بعد لحظة نمت ابتسامة على شفتيها، رغم كامل عصبيته وغضبه ولكنه لا يقاطعها ويتركها تقول ما تقول، واعترفت سرا أنها تحب تلك النظرة القلقة والمتربكة عندما يشعر بأنه تسرع في الحكم عليها ويختاله الشعور بالندم ..
ثم عادت لرشدها واستأنفت عملها حتى لم تمر دقيقة وكان يخرج من مكتبه والارتباك والأسف مرسوما على صفحة وجهه.
أخفت ابتسامتها بصعوبة شديدة خاصةً وهي تراه يحمحم منقيًا صوته قبل بدء الاعتذار … هذا الرجل بهيبته ومكانته ورعب الموظفين منه يقف امامها مرتبكاً لا يجد مدخل مناسب لبدء الحديث ! … على قدر التسلية في الأمر .. على قدر محبتها حتى للمشاكل بينهما وطريقته في الاعتذار !
قال فجأة وكأنه يرمي الكلمات :
_ أنا أسف يا فرحة …
أطرف عيناه بارتباك عندما نظرت له، وهنا تقسم أنها ودت لو تضحك على نظراته التي بدت كالطفل الخائف من ردة فعل والديه ، فقالت وقد اشاحت عيناها عنه بثبات:
_ مش المفروض أني كدابة ! … حضرتك بتتأسف ليه ؟!
وكان مضمون ردها عتاب ومع كثيرا من الغضب والضيق ، فقال بأسف حقيقي :
_ لا أنتي مش كدابة، ومش بحب اسمع منك كلمة حضرتك دي ! … مافيش واحدة بتقول لخطيبها حضرتك !
تنفست بعمق وكم رغبت في أن توضح له كل شيء يفعله ويغضبها، ولكن استحت أن تفعل ذلك فكان أجابتها الصمت ! … وهذا أكثر رد فعل لها يقلقه ويخيفه فقال بتوتر:
_ ساكته ليه ؟!
أجابت بجفاء وهي تتظاهر بقراءة أحدى الملفات :
_ ساكتة عشان بشتغل !
سحب الملف من يدها ووضعه على المكتب بحدة ثم قال :
_ سيبي الشغل دلوقتي المهم أنتي ! … أنا عارف أني عصبي ، وعارف أني ساعات بغلط وبقول كلام يضايقك ، بس أنتي مخدتيش بالك سبب ده كله ايه ؟
نهضت بعصبية حقيقية ووقفت امامه وقالت :
_ عشان مش واثق فيا !
اومأ رأسع رافضا وأوضح حقيقة الأمر وهو يصوب لها أجمل نظراته:
_ عشان بغير عليكي ! … مش عايز مخلوق غيري يكلمك ويتعامل معاكي ! … مشاعر خوف وغيرة مش عارف اسيطر عليهم … أنا كنت بقدر أسيطر على أعنف درجة وصلت فيها للعصبية … بس معاكي مابقدرش ! … بفقد السيطرة تمامًا !
خفق قلبها بسرعة مرعبة، وحاولت أن لا تنظر له بتلك اللحظة تحديدًا، فرفعت سماعة الهاتف الخلوي وضغطت على عدة أرقام فسألها زايد بتعجب وحيرة :
_ بتتصلي بمين ؟!
اجابت بابتسامة وهي تنظر بعيدة عنه:
_ بالبوفيه، هخليهم يبعتولك كوكتيل العصير اللي بتحبه … عايز ساندوتشات ؟ .. هطلبلك ساندوتشات.
قالت ذلك دون أن تنتظر رأيه حتى وراقبها بابتسامة محبة وهي تتحدث مع عامل البوفيه، وادرك أنها تنهي الخلاف عند هذه النقطة ولا تريد النقاش فيه مرةً اخرى …. فقال بابتسامة واسعة بعدما اغلقت الاتصال:
_ طب مش تستني لما ارد ؟!
قالت مبتسمة لنفسها :
_ مش مهم ترد … المهم تاكل.
فضحك على ردها ملء فمه، واخفت تأثرها بصوته وظهور غمازتيه مجددًا ! … وعاد أدراجه للمكتب بعد دقائق قليلة وهو يحتفظ بابتسامته …

 

 

وبعد دقائق دخلت فرحة وبيدها كوكتيل العصير الطازج والاطعمة الخفيفة …. فوجدته يفتح خزانته ثم التفت لها وهو يضع شيء بداخل الخزانة دون أن ينظر له … فكانت عينيه توجهتا اليها مرحبة …. ثم اغلق زايد خزانته وكتب الرقم السري أمام فرحة بمنتهى الثقة …. فقالت:
_ أنت متعود تقفل الخزنة بالرقم السري قدام أي حد كده ؟!
ابتسم بمزاح وأجاب :
_ لا طبعا، بس أنتي مش أي حد !! … وبعدين هو أنتي ناسية هتكوني مين ؟! …
ابتسمت بخفة وأشارت للعصير والطعام قائلة بحزم :
_ أفطر وبعدين أشتغل …
وابتسم ابتسامه واسعة ولم ينكر أنه يحب تلك اللافته منها، الاهتمام والمحبة الصادقة هو ما يحتاجة بالحياة لكي يتجاوز مجنته القديمة، وبعدها يستطيع أن يكون أسرة ويكن أبا لا تثقل كاهله العقد والأمراض النفسية ..
وخرجت فرحة من مكتبه سريعا، وضم قلبها شعور هادئ لطيف ومتفائل بالآت وحياتها معه.
فأن كان يبدو للجميع ذلك الرجل الغامض الذي اعترف بذكائه الكثيرون في ادارة الأعمال والمكاسب التجارية الضخمة في سنواتٍ قليلة … فأنه بالنسبة لها الحبيب ورفيق العمر الذي فتح لها وحدها صفحة شخصيته الحقيقية وصفاء قلبه ..
*********
تجاوزت الساعة العاشرة صباحاً ….
وفتحت ليلى عيناها على قبلة وجيه على جبينها، فنظرت له ودمعت عيناها بنظرة وكأنها تسرد له ما حدث … فسحبها قليلا من مكانها الى صدره وحاوطها بذراعيه بحماية وأمان هامسا:
_ مافيش حاجة ما تقلقيش يا حبيبتي …
تمسكت ليلى بيديها الاثنان الملفوفة حول خصره بقوة كي تتأكد أنه هنا أخيرًا … فقالت بصوتٍ خائف :
_ مكنتش قلقانة، كنت مرعوبة … مش عارفة ليه جوايا كل الخوف ده فجأة كده !
تحدث من بين أسنانه المصرورة من ضغط قلقه عليها:
_ صدقيني مافيش أي حاجة، أنتي اغمى عليكي وغالبًا بسبب الحمل، ففكرتي أن حصل حاجة من اللي كانت بتحصلك قبل كده !
ابتلعت ليلى ريقها باضطراب وتوتر شديد، ثم فجأة رفعت رأسها ونظرت لعيناه قائلة:
_ أنت رجعت من السفر عشاني ! … الممرضة قالتلي أنها ردت عليك بليل ! …
قبّل رأسها قببلة حنونة هادئة وهمس مجيبًا:
_ سيبتهم في البلد وسافرت الفجر والله، مابقتش عارف سايق أزاي العربية ! … بس مستحيل كنت أعرف باللي حصلك وأبقى هادي ! … أنا لو بيني وبينك بلاد العالم كلها هوصلك يعني هوصلك ..
ابتسمت ليلى بأمان تام وهي تغمض عينيها على صدره وهمست قائلة :
_ أنا كده كويسة …
وشاركها ابتسامتها رغم اضطراب قلبه من ما آل وما وصلت إليه ! … يبدو أن الأيام لا زالت تخبئ بعض الأمور !
فسأل بهدوء:
_ ريمو فين ؟!
أجابت ليلى بصوت كسول وكأنها بدأت تتيه بغفوة على صدره:
_ أيسل جتلها من ساعة وبيلعبوا في الجنينة ومروة معاهم ..
تنهد بارتياح وظل على وضعيته لوقتٍ طويل حتى نامت ليلى بالفعل ،فوضع رأسها بهدوء على الوسادة وجلس بجانبها بارياحية وظل ينظر لها بمحبة تخطت حدود العقل …
*********
وقبل آذان العصر بقليل عائدة عائلة الزيان للمنزل في القاهرة ….
وتفاجئت جيهان برغبة المربية العجوز بالمنزل وهي تريد التحدث معها على انفراد !
فقالت جيهان بتعجب بعدما ابتعدت عن الفتيات :
_ قوليلي بقا في ايه ؟!

 

 

اجابت المربية العجوز :
_ في بنت جت هنا مرتين وبتسأل على الدكتور آسر ومصممة تشوفه ! … المرة التانية لما جت ومالقيتهوش موجود فضلت تزعق وتشتم وتهدد وتقول انهم مرتبطين ببعض! … شكلها تعرفه معرفة شخصية يا ست جيهان ! … اسمها ريهام الدهبي.
دهشت جيهان من الأمر وخاصة لمعرفتها بأن آسر تحديدًا من بين شباب العائلة جميعهم أكثر تعقلاً وأخلاقاً وتحفظاً أيضا ….. فقالت بحيرة :
_ طب ما تقوليش لحد الموضوع ده نهائي ، ولو البنت دي جت تاني هنا قوليلي فورًا … خلي بالك !
فهمت المربية أن جيهان تخاف على موقف سما أن علمت بالأمر …. وذهبت عائدة لعملها، وترددت جيهان بالذهاب والتحدث مع آسر خاصة أن علاقتها بالجميع سطحية جدًا لا تتعدى تحية المساء والصباح !
ولكن أن حدثت مشكلة بسبب الفتاة المجهولة هذه فستندم أنها لم تتدخل بالأمر …فعزمت على التحدث معه …
فخرجت للرواق الواسع وشاهدت آسر يذهب للحديقة كعادته، ويبدو أن هذا كلمة السر لكي تتبعه سما أيضاً….. ولكنها لن تجد فرصة أنسب من هذه للحديث خاصة أن سما مشغولة مع الفتيات بغرفة أمهن ….
وبالحديقة …
وبينما هو جالساً يقرأ كتاب رفع رأسه بابتسامة ظنا منه أن صاحبة الخطوات ما هي إلا زوجته المستقبلية سما !
ولكنه تفاجأ بزوجة عمه التي تقترب وبعينيها قصد التوجه له خصيصاً !!
وقف عندما اقتربت من مجلسه ووقفت أمامه، ثم دخلت بالموضوع مباشرة وقالت :
_ في بنت جت سألت عنك أكتر من مرة وبتقول أنها تعرفك وعلى علاقة بيك !
صدم آسر وبعدها شحب وجهه من التوتر ، ففهمت جيهان أن تلك الفتاة ليست كاذبة في ادعائها أذن ! … ورد آسر ببطء :
_ ريهام !
شعرت جيهان بسخط وضيق شديد منه ولكنها قالت بهدوء :
_ آه هي ريهام دي، بص يا آسر يمكن أنا ماليش ادخل في حياتك .. بس بما أني ست فهقدر أشرحلك احساس سما لو وصلها حاجة زي دي …. لو محلتش الموضوع ده وناهيته هتكسر ثقة سما فيك بشكل صعب يتصلح بعدين … أي حاجة هتحاول تتجاهلها دلوقتي هتدفع تمنها بعدين … ياريت تفكر في كلامي .
تركته جيهان متخبطا بأفكاره وذهبت لحرس البوابة الكبيرة الخارجية وقالت لهم :
_ مافيش مخلوق غريب يدخل بدون أذن مني أو من دكتور وجيه شخصيًا…. مفهوم ؟
ونفذوا حراسة البوابة أمرها على الفور وبدأووا يحاوطون البوابة من جميع الجهات بأحكام
وهكذا وضعت جيهان بعض الاحتياطات لكي لا تتسلل تلك الفتاة وتسبب كارثة من المحتمل أنها تضرب بالزفاف المنتظر بعد ساعات معدودة عرض الحائط !
************
ومرت الساعات المتبقية حتى يوم الزفاف ….
وحجز وجيه لزوجتيه غرفتين منفصلتين بنفس الفندق الفخم الذي ستقام فيه حفلة العرس … وهذا للاستعداد دون الخوف من إحداث عطلة أو تأخير مفاجئ….
وكانت وداد أم البنات ترافق بناتها بصالون التجميل مع زوجة أخيها العمدة … وكأن الصحة دبت بجسدها اليوم واصبحت كالطائر المحلق بحرية بين الاغصان …
أما ليلى فقد تفهم الجميع حالتها بالآونة الاخيرة خاصةً بعد معرفتهم بظروف حملها وافاقة والدها من الغيبوبة … وجيهان لم تريد أن تفرض على الفتيات وجودها معهن وعلاقتها بهن سطحية لأبعد حد …
وبغرفة ليلى ….

 

 

دلف وجيه بحلته السوداء الانيقة، وطلّته التي خطفت نظر ليلى، فكأن الحفلة المقامة حاليًا وتنتظر وصول العرائس هي حفلة عرسه هو !
وقف أمامها بابتسامة واثقة وهو مدرك مدى اعجابها بمظهره وقال وهو يقترب منها مأخوذا بردائها الوردي الطويل :
_ مكنش لازم تبقي حلوة أوي كده النهاردة ! …
ابتسمت بدلال وقالت :
_ أنا حلوة طول الوقت !
وضحكت بمرح حتى فوجئت أنه يأخذها بضمة قوية فجأة … فأشارت له لينتبه ان الصغيرة جالسة على أطراف الفراش وتحاول جاهدة ارتداء حذائها قائلة بتأفف:
_ لبسيني الجزمة ياماما بقا كنافتي زمانه وصل ..
ضحك وجيه عاليًا وشاركته ليلى ثم ذهب اليها وساعدها في ارتداء الحذاء ورفعها قائلا باعجاب شديد من ردائها الذي هو نفس رداء أمها ولكن بنسخة أصغر حجماً :
_ قمر زي مامتك بالضبط ….
ارتفعت ضحكات الصغيرة وهمست لوجيه قائلة:
_ جاسر قالي أن هو ويوسف ورعد وآسر هيشيلوني النهاردة في الفرح وهقطع التورته.
أكد وجيه قائلا :
_ ايوة هما قالولي كده ..
سألت الصغيرة باهتمام بليغ:
_ عزمت أيسل صاحبتي …
ضحكت ليلى على حديث أبنتها فرد وجيه مبديًا اهتمام ليس أقل من اهتمامها :
_ وأنا كمان عزمتها، أزاي ما أعزمش أيسل صديقة أميرتي ريمو ؟!
فرحت الصغيرة فرحة عارمة ولفت يدها حول عنقه بضحكة واسعة … فرفعها وجيه على ذراعه وترك الذراع الآخر لليلى حتى تتأبطه وخرجوا من الغرفة بموجة شديدة من الضحك المت بهم ..
**********
وبعد نصف ساعة اعلنت قاعة العرس الضخمة وصول الثنائيات الأربع بزفة فخمة …
ونظرت جيهان لوجيه بشرود، فقد أتى إليها ممازحا وضاحكا أيضا … ولكنها تدرك في قرارة نفسها أن النسخة الاصلية من الابتسامة وكل شيء ملك ليلى فقط !
وان كان يحاول أن لا يظلمها وتقدر له ذلك … ولكنها أصبحت ترى الحقيقة الآن … والحقيقة أنها لم تكن تشعر حياله إلا بأنه منقذها من الوحدة والخوف ! …
نظر الجد رشدي للحوريات الاربعة بالرداء الأبيض وترقرقت الدموع من عينيه فرحة وسعادة … كان الفتيات أشد جمالاً مما يظن !
فقد تمسك كل شاب من الشباب الأربع بزوجته بقوة وكأنه خائف أن يأخذها أحد منه !
بدأ أن الجميع سعيد وبقمة السعادة أيضاً …. اللهم إلا سما الذي يبدو أن خجلها وعزلتها لم يتركاها اليوم أيضاً….!
************
ظل جاسر ينظر لجميلة بنظرات عنيفة من العشق ثم همس لها بشيء جعلها تنظر له بمزيج من الارتباك والتحذير بأن لا ينفذ ما يدور بخاطره ….. فغمز لها بمكر وابتسامة واسعة وهمس لها مجددًا بشيء جعلها تنظر الجهة الأخرى وتغرق بموجة من الضحك!
وقال بابتسامة واسعة رسمت على وجهه منذ دخوله لقاعة العرس:
_ ياسلام على كمية البنات اللي هتنتحر النهاردة !
مطت جميلة شفتيها بسخرية وقالت :
_ الحقهم قبل ما يعملوا في نفسهم حاجة ! …
رد ضاحكا :
_ اللي يموت يموت واللي يعيش يعيش والبقاء للبيوتيفول !
أنتي اللي انا شايف عيالي شبهي وشبهك !
كتمت جميلة ضحكتها بالكاد وهي تبادل الضيوف نظرات المهنئة ….
**********

 

 

_ شيكولاته حياتي … يا قلب الفطير ..
ظلت حميدة ساهمة للحظات بمحاولة فهم كلماته التي وكأنها مغمورة بصينية مليئة بالطعام والحلوى … ثم قالت بعبوس :
_ ده كلام بذمتك ! …. ايه قلب الفطير دي؟!
قال مؤكدا:
_ أحلى حته في الفطيرة قلبها ! … سيبك من ده كله ، يخربيت طعامتك يا حميدة !
ضحكت حميدة رغما عنها وقالت :
_ ريحة الطبيخ وصلالي من كلامك مهما حاولت ! … خليك رومانسي اكتر من كده يا يوسف ده النهاردة ليلة العمر ، ليه مصمم تخليها ليلة طبيخ العمر؟!
قال بنظرة ماكرة :
_ اوك جدًا، نقلب بقا على يوسف الخبيث اللي أنتي مش قد خبثه …
ضحكت حميدة بقوة عندما غمز لها بتلك الطريقة المضحكة ..
**********
لم يحيد رعد عينيه عن وجه رضوى المتألق بجمال آخاذ … فهمست له بتحذير:
_ الناس بتبصلنا ، سلم على الناس .. !
رد رعد غير مكترث بالجميع سواها :
_ ما طبيعي يبوصلنا ! … مش أنا عريس وانتي عروسة ؟!
ازداد وجه رضوى احمرارا وحياء ، واستغلت فرصة أن أحدى المدعوات تلوح لهما فابتسمت لها….. ولكنها في الحقيقة تبتسم لما همس به لها بعد ذلك ….
وفجأة وجدت نفسها بين ذراعيه برقصة بطيئة جدًا لم يسمح فيها رعد أو أيا من الشباب الثلاث بأن يجعل زوجته ترقص أمام الضيوف ….
********
تعجب آسر من الجمود الذي نزل على رأس سما فجأة ! … اصطحبها باكرًا لصالون التجميل وكانت بقمة رقتها وقتذاك !
حتى أنه اعتقد أن اليوم سينتهي أي خلاف بينهما !
ولكن على نقيض اعتقاده وظنونه اصبحت جامدة وبالكاد تحرك رأسها بالتحية للضيوف ….
حتى أنه حاول التحدث معها ولكنها لم تجيب علي أي كلمة وكأنها ليست هنا !!!
وفجأة ظهر وجه ريهام الذهبي من بين الضيوف ضاحكا .. وغمزت له بنظرة انتصار وشماته ، ولم يكن سوى احتمال وحيد يفسر موقف سما منه اليوم …. فهم ما حدث … وادرك ما سيحدث ، وتنفس بزفرة حارة ثقيلة، ثم نهض وأخذها بقوة الى تلك الرقصة البطيئة جدًا، وابدت سما بعض الاعتراض والاستياء الواضح … ولكنه حاوطها بذراعيه مقتربا اليها … وقالت بصوت يتضح به البكاء:
_ كداب وكدبت عليا وغشتني ! … عمري ما هسامحك ابدًا !

 

 

لم يقاطعها بل ظل يسمعها ويده تشتد على خصرها بتملك ، وعندما صمتت همس لها بنظرة بها رجاء :
_ لما نبقى لوحدنا هنتكلم وأفهمك كل حاجة … مش قدام الناس !
رفعت رأسها له ولولا تسليط الانظار عليهما لكانت ركضت من هنا فورًا ….
وبعد دقائق من انتهاء الرقصة البطيئة تجمع الشباب الأربعة وأخذوا الصغيرة ريميه التي ضحكت عاليًا عندما حملوها إلى تورته العرس المرتفعة … وبمساعدتهم استطاعت الصغيرة قطع الحلوى لأول قطعة ودوت الأكف بالتصفيق الحار بعدها … وبدت الصغيرة سعيدة جدًا فركضت اليها أيسل صارخة بضحكات مشجعة … ثم اخذت ريميه بضمة شديدة بعدما انتهت مهمة تقطيع الحلوى ….
ثم ركض يوسف إلى جده وعمه وجيه وزوجتيه ووداد أم الفتيات وبقية عائلة العمدة إلى حلوى العرس، وبدأ يطعمهم قطعا منها.. فضمه جده بابتسامة سعيدة وأخذهم جميعهم بين ذراعيه وبدأت الدموع تتساقط مجدددًا ….
قال الصبي نعناعة بضحكة :
_ مش هتوحشوني لأني هبقى معاكم اصلا ! …
فانتشرت موجة من الضحك بين الجميع وبدأت الليلة تنتهي والضيوف يرحلون بالتدريج …. حتى انتهت حفلة العرس واستعد كل عريس يأخذ عروسه بسيارته حتى المنزل الذي سيقيمون فيه جميعهم ليومين فقط، ثم يذهب كل ثنائي لشهر العسل بعد ذلك ……..
**********
وبمرور الوقت وصل الجميع إلى المنزل المزين بالاضواء والسعادة وأخذ جاسر زوجته جميلة أولًا إلى الجناح الذي أعد لهما خصيصاً ….
وتعثرت جميلة بعض الشيء بالفستان الثقيل وهي تصعد الدرجات … فحملها جاسر على ذراعيه ولاحظ مدى الثقل فقال :
_ ايه الوزن ده ؟! … أنتي تقلتي في العشا امبارح ولا ايه ؟!
هزت قدميها بمرح وهي على ذراعيه ضاحكة وقالت بسخرية:
_ اومال استاذ جيم وبتشيل حديد وعامل نفسك كابتن الكباتن !! ….
قال بعدما رفع حاجباه بغيظ:
_ أنا اشيلك وأشيل اتنين معاكي كمان … مستغرب بس !
ضحكت جميلة باستفزاز لتغيظه فنظر لها بنظرة ضيقة ، وعندما وقف أمام باب الجناح أنزلها بابتسامة واسعة عندما لاحظ توترها وقال :
_ من اللحظة دي مافيش طولة لسان تاني خلاص ، من اللحظة دي اللي أقوله يتنفذ …
ابتلعت جميلة ريقها وبدا ريقها يجف تدريجيًا من الخوف …. فحملها جاسر مرة أخرى للداخل بعدما فتح الباب واضاء مصباح الغرفة الواسعة المؤثثة بأفخم الأثاث الحديث ….
انزلها وذهب ليغلق الباب المفتوح على مصراعيه فوجدها تركض لباب غرفة أخرى على بعدُ خطوات … وسرعان ما اغلقت جميلة الباب خلفها فأطرق جاسر على الباب بعصبية :
_ ده اللي هو إيه يعني مش فاهم ؟!
اجابت جميلة من الداخل :
_هغير وهتوضا عشان اصلي العشا …
صمت للحظة ثم قال بموافقة :
_ نصلي العشا … ماشي …

 

 

خرجت جميلة بعدما بدلت فستان زفافها إلى اسدال للصلاة وقد توضأت …. نظر لها جاسر بعدما توضأ أيضا وبدأ في الصلأة ….
وانتهيا بعد دقائق شعرت جميلة أنهم أسرع عشر دقائق قد مروا عليها بحياتها !
انتفضت واقفة قبل أن ينهض لها واسرعت نحو الطعام المرتب على طاولة فاخرة، فسأل جاسر بعصبية مجددًا :
_ معلش أنا غبي …. ايه في ايه ؟!
رفعت رأسها نحوه وقالت ببساطة :
_ هتعشا … ايه ما اتعشاش ؟!
نظر لها صامتا ثم رد بموافقة :
_ نتعشا …ماشي …
وبدا الجو مملوء بالتوتر، ورغم عدم شهيتها للطعام ولكنها أرادت اضاعة الوقت عل خوفها يقل بعض الشيء ….
وكان عكسها تماما قد تناول طعامه بنهم …. وكتم ضحكته كلما راقبها توترها وقلقها الزائد والغير مبرر !
وقفت جميلة فجأة واستعدت للركض ولكن هذه المرة كان جاسر مستعدا لها ومنعها قبل أن تغلق باب الغرفة الأخرى عليها فصاحت :
_ عايز ايه بقا ؟! … أمشي .
هز جاسر رأسه ضاحكا وقال بمنتهى الاستفزاز :
_ المرادي لأ … مش ماشي ..

يتبع…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *